• عدد المراجعات :
  • 2639
  • 3/4/2007
  • تاريخ :

المقاهي التقليدية في ايران

ظهرت أولى المقاهي في ايران في العهد الصفوي ولربما بالتحديد في عهد الملك طهماسب (390 – 984هـ) في مدينة قزوين، لكنها نمت واتسعت في عهد الملك عباس الأول (996 ـ 1038هـ) في مدينة اصفهان.

والمقاهي كما هو واضح من أسمائها، كانت في البداية مجرد مكان لتناول القهوة، لكنه وبعد دخول الشاي إلى ايران والبدء بزراعته، أصبحت المقاهي تقدِّم الشاي بدل القهوة، وبهذا الشكل أصبحت المقاهي منذ منتصف القرن الثالث عشر الهجري القمري تقدِّم الشاي، لكن اسم المقهى بقي عليها.

لعبت المقاهي على مدى أربع مائة عاماً من حياتها أدواراً مختلفة بما يتناسب الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة في كل فترة.

عندما اتسعت المقاهي وتجذرت بين الناس أصبحوا يترددون إليها من كل فئاتهم وطبقاتهم وأصبحت بعض المقاهي ملتقىً للعمال والمهنيين والفنانين، وصار المقهى مؤسسة نشطة موسعة في المجتمع المدني لها وظائفها الاجتماعية – الثقافية.

وكان للمقاهي في المجتمع الايراني تأثير واسع على التطورات وتناقلها في المجتمع، فقد ملئت أوقات الفراغ وكان الناس يجتمعون في المقهى كل يوم بعد العمل وفي ساعات فراغهم ويتباحثون ويتكلمون حول نشاطاتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

كان بعض المهنيين قد حولوا المقهى إلى ملتقى لأصحاب مهنتهم، وعندما يجتمعون يتحدثون حول مشاكل العمل ويتشاورون في كيفيته.

كان الناس في المقاهي يحلّون الكثير من مشاكلهم العائلية والمحلية وكذلك المسائل المادية وليل المقهى في شهر رمضان المبارك يشهد جلسات واجتماعات خطابية وشعرية وقراءة الشاهنامة وبعض الألعاب. وفي الأعم كان الناس يشتركون في هذه المجالس الودية حيث كانت المقاهي مركزاً اجتماعياً وثقافياً وأصبحت مدرسة لتنمية الهوايات الأدبية والفنية وتعليم الثقافة والأدب التقليدي والفلوكلور العامة للناس.

إن المقاهي التي كانت مركزاً لنشر وترويج الثقافة التقليدية والأعمال الأدبية والفنية والتي كان عملها الأساسي المهم تنظيم العلاقات والقيم الاجتماعية والحفاظ على الثقافة والتراث الإيراني والإسلامي بين فئات المجتمع خاصة الشرائح المدنية، صارت مكاناً لشرب الشاي والإفطار والغداء والاستراحة.

والمقاهي في هذا العصر قطعت كل حبال ارتباطها الثقافي مع القديم وسننه وأبعدوا منها جميع أسباب انتقال الحضارة والفن القديم كقرّاء الشاهنامة والقصاصين والخطباء وكذلك الشعراء والرسامين فأصبح المقهى مركزاً يفتقد لهوية محددة وأخليت منه.

وبالنظر إلى القيم التقليدية، فالمقاهي ومكانتها في بقاء واستمرار التراث الوطني والديني الإيراني، ودورها المهم والحساس في ترويج وتعليم آداب وسنن حياة الأبطال وآداب الفتوة والشجاعة ودورها المؤثر في تسهيل العلاقات بين الفئات المختلفة، فيجب إحياء مكانة المقاهي للناس بما يتناسب مع متطلبات المرحلة واحتياجات الجمهور وخاصة الجيل الناشئ من الشباب والفتيان.

وهنا يجب تغيير أدوات وآليات الطرح التراثي واستخدام وسائل حديثة في نقل الموروث القديم الذي يحمل الكثير من القيم الاجتماعية السامية من خلال مؤثرات عديدة تتنوع ما بين البيئة والأجواء والصورة والصوت والمضامين، خاصة وأن التراث الثقافي الاسلامي والإيراني يحمل الكثير من العناصر التي نشاهد اتجاهاً شديداً تجاهها في العديد من بلدان العالم المتقدم، فظهور فلسفات ما بعد الحداثة وأمثالها في أوروبا والغرب بشكل عام لافت للنظر ونبذ العديد من مظاهر الحداثة التي تصورتها أوروبا في يوم من أيام نهاية تطور الفكر الانساني. ولعل الأجواء التي تمنحها المقاهي التقليدية لمرتاديها ترسخ لديهم الكثير من القيم وتعود بهم إلى الهوية الذاتي التي ضاعت في زحمة الدنيا وبين مختلف الثقافات المستوردة من هنا وهناك خاصة في عالم تطيح بقيمة العولمة.

الشعب الإيراني المسلم وكبعض الشعوب في الشرق والشرق الأوسط يمتد تاريخه الحضاري إلى آلاف السنين ولعل ما يميزه أيضاً من غيره أنه استطاع الجمع في شؤوناته الاجتماعية بين التقليد والحداثة، لا يزال النوروز يمثل رمزاً للثقافة الوطنية الإيرانية على اختلاف الأقوام والأجناس ولا تزال الحوزة تعتبر حاضرة علمية مهمة في هذا البلد إلى جانب الجامعات والمعاهد الحديثة المنتشرة في المدن والمحافظات الإيرانية.

في المقاهي التقليدية يجري تقديم المأكولات الإيرانية التقليدية الشهية ولعل أشهرها (الفسنجان) الذي تجد فيه الجوز مخلوطاً باللحم وعصير الرمّان.. والديزي الذي يحتاج إلى آداب خاصة في تناوله ودقّه قبل ذلك بالمدق. هذا اضافةً إلى المشروبات المستخلصة من أنواع الفواكه التي تزخر منها الأرض الإيرانية وبساتينها.

ملاحظة أخيرة يجب الإشارة إليها هنا وهي أنك عندما ترتاد مقهى تقليدياً تتصور أن رواده وزبائنه كلهم ممن أكل الدهر عليهم وشرب أو من الذين إذا فقدوا نظارتهم السميكة لا يستطيعون الحراك من مكانهم، لكنك ستفاجئ بعكس ذلك، فرواد المقاهي التقليدية معظمهم من الشباب التي لا يكاد عمرهم يزيد عن الثلاثين أو حتى العشرين، وفي ذلك بارقة أمل كبيرة بأن المجتمع أصبح يعي ذاته.

وفيما يلي أسماء بعض تلك المقاهي في طهران:

-        المقهى الآذري.

-        مقهى آقا بزرك.

-        مقهى أمير كبير.

-        مقهى بي بي.

-        مقهى دالون دراز.

-        مقهى سنكلج.

-        مقهى هفت خان.

-        مقهى عالي قابو.

-        مقهى الشاطر.

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)