• عدد المراجعات :
  • 1980
  • 2/20/2007
  • تاريخ :

ليكن لك رد فعل معقول

لكي تكتسب احترام الآخرين ، فليس من المطلوب أن ترقص على انغامهم، بل المطلوب أن يكون لك موقفك الخاص ، النابع من التفكير العميق السابق . و أن ترفض ما تريد رفضه بأدب، و أن تقبل ما تريد قبوله بقناعة ، و هذا يتطلب أن يكون لك رد فعل معقول تجاه مواقف الآخرين، سلباً و إيجاباً.

إن البعض يظن أنّ اكتساب الاحترام يتطلب أن لا يكون لنا رد فعل ، إذا كان ذلك لا يرضي الآخرين. و حتى إذا ما تعرض لسوء أدب ، أو إهانة فهو يعتقد أن تجاوزه هو الوسيلة السليمة لمجابهته ، غير أن الحطيث الشريف يقول : " لا خير في من لا يبالي بما قال و ما قيل فيه ".

صحيح أن علينا أن نمرّ على اللغو مرور الكرام كما يصف ربّناعباده بقوله : ﴿ وَ إٍذَا مَرٌّوا باللَّغْوِ مَرٌّوا كِرَاماً﴾(سورة الفرقان، الآية ۷۲). إلا أن "اللغو" شيءٌ و تقبل التهم و الإهانات شيء آخر.

إن بعض الخسائر لعلاقاتنا مع الآخرين يتطلبه فرض احترامنا عليهم. إذ لا شيء يستأهل أن يحبّنا امرؤ على حساب احترامنا الشخصي ..

إن علينا أن نعلّم الآخرين كيف يتجاوبون معنا من خلال ردود فعلنا على تصرفاتهم لأنك أنت المسؤول ، في النهاية ، عن نوعية علاقاتك بالآخرين .

 و إذا كان هنالك من يشتكي من سوء معاملة الناس له ، أو إهانته ، أو تجاهله ، أو فرض آرائهم عليه ، أو إعطائه أدواراَ تافهة ، فإن المسؤول عن ذلك هو نفسه دون

غيره ، ذلك أنك تعلّم الناس كيف يتعاملون معك . فأنت في أحيان كثيرة تغري الآخرين إلى هضم حقوقك ، و التنكر لها .

ينبغي على المرء أن يعلّم الناس كيف يتعاملون معه ليس بالكلام بل بالسلوك . فإذا حاول المرء تبليغ آرائه عن رفضه لتعاملهم معه كغبيّ من خلال مناقشات مسهبة مستفيضة ، كانت النتائج الوحيدة الكلام الذي يدور بينه و بين من يغبنونه هو إعطائهم الحق لا نعنهم في ذلك . و قد يكون هناك اتصال بين الشخص و كل شخص آخر . و لكن إلى أن يتعلم كيف يتصرف بطريقة مجدية ، فإنه سيبقى رهن الاستغلال . و الطريقة التي يتصرف بها المرء ليبيّن تصميمه و عزمه تساوي أكثر من مليون كلمة ، مهما قويت بلاغتها و فصاحة بيانها .

و يفترض كثيرون أن يكون الشخص شديد الإصرار و الإلحاح يعني كونه غير مستحب أو أنه يتعمد الإساءة . لكن ذلك ليس الواقع ، و إنما يعني إعلانه جهراَ لحقوقه أو لموقفه غير المغبون .

وهنا بعض النصائح العملية في هذا الأمر :

أولاً – ابدأ رد الفعل بالسلوك لا بالكلام .

فإذا تخلى أحد من أفراد عائلتك عن مسؤولياته ، و كان جوابك التذمر المألوف الذي يتبعه قيامك أنت بالعمل بدلاً منه ، فإن عليك اتخاذ إجراء ما في المرة المقبلة . فإذا كان المفروض أن يتولى ابنك تفريغ سلة القمامة ، ولكنه ينسي أو يتناسي باستمرار ، فما عليك إلاّ تذكيره بمسؤوليته مرة واحدة فقط. و إذا أغفل ذلك فحدّد له موعداً نهائياً . و إذا تجاهل الموعد النهائي ، فإن تفريغ القمامة على سريره بكل تؤدة و هدوئ مرة واحدة سيؤدي ، أكثر من أي كلمات ، ألى تعليمه أنك تقصد ما تقول .

ثانياً- ارفض تنفيذ أمور تكرهها ، خصوصاَ عندما لا تشكل جزءاَ من مسؤولياتك .

توقف عن الأعمال المنزلية مدة أسبوعين و راقب ما يحدث بعدئذِ. استأجر شخصاً ليقوم بالعمل إذا استطعت إلى ذلك سبيلاّ، أو درّب أفراد العائلة على الاعتناء بأنفسهم. و الحقيقة أن المرء ينجز أعمالاً مهينة لأنه يكون قد عوّد الآخرين على أنه سينجزها من دون أي تذمر.

ثالثاً-صرّح بما يضايقك وافرض إرادتك إيجابياً.

ما من شخص طبيعي لا يستبد به الغضب حين يتعرض للإهانة. إنما، مهما حدث، لا تدع كلمات الغضب والتقريع تصدر عنك في موقفك العدواني. فإذا كان غريمك شخصاً لن تحتاج إلى التعامل معه لاحقاً، فابتعد عنه.

وإذا كان ممن لا يمكنك تحاشيهم فحاول بكل هدوء، بعيداً عن الحقد والضغينة، أن تبيّن له ما يضايقك في سلوكه. فهذا المنحنى التوجُّهي يتيح للشخص الآخر فرصة لتغيير موقفه من غير أن يشعر بالإساءة.

رابعاً-اتبع السلوك الذي يتسم بالإلحاح وكثرة الإصرار لأخذ حقك حتى في الأماكن التي يبدو فيها سلوك من هذا القبيل سخيفاً.

ناقش الخدم والباعة والغرباء والكتبة وسائقي سيارات الأجرة، ورد على ثقيلي الظل.

خامساً-عوّد الآخرين على أن يحترموا وقتك وراحتك، وأن يدركوا أن لك الحق في الحفاظ على وقت تفعل فيه ما يروقك من أعمال أو هوايات.

فإذا كنت بحاجة إلى فترة استراحة من العمل في مكتب أو مطبخ كثير الشغل، اعتبر استرخاءك واستجمامك غاية في الاهمية، ولا تسمح للآخرين مطلقاً المساس بمثل هذا الوقت.

ثم إنه لابد وأن لا تسمح لأحد أن يحملك على تغيير طريقتك الجديدة في احترامك لنفسك، وقاوم اللجوء إلى الشعور بالارتباك إذا نظر أحدهم إليك نظرة جارحة، أو التمس منك أمراً أو ردَّ عليك بغضب.

والناس الذين عوّدتهم هضم حقك سابقاً ليسوا في وضع يمكّنهم عموماً من معرفة طريقة التصرف تجاه شخصيتك الجديدة التي لو يألفوها، إلاّ أنه ينبغي عليك أن تقف حازماً في مثل هذا الظرف.

وتذكّر أنك تلاقي معاملة بالطريقة التي أنت تعلّم الناس أن يعاملوك بها. فإذا اتخذت من هذه العبارة «ليكن لك ردّ فعل معقول» دليلاً في حياتك، فإنك ستكون في الطريق نحو البدء بتوجيه الأمور على النحو الذي تشاء.

هادي المدرسي

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)