النزول ببليخ [ موضع في سوريا قرب الرقّة على جانب الفرات. - موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ جلد 6

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ - جلد 6

محمد محمدی ری شهری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




فقال لهم: إنّ هذه الصخرة على الماء فإن زالت عن موضعها وجدتم الماء.


فاجتهدوا في قلبها، فاجتمع القوم وراموا تحريكها فلم يجدوا إلى ذلك سبيلاً واستصعبت عليهم، فلمّا رآهم عليه السلام قد اجتمعوا وبذلوا الجهد في قلع الصخرة فاستصعبت عليهم، لوى عليه السلام رجله عن سرجه حتى صار على الأرض، ثمّ حسر عن ذراعيه ووضع أصابعه تحت جانب الصخرة فحرّكها، ثمّ قلعها بيده ودحا بها أذرعاً كثيرة، فلمّا زالت عن مكانها ظهر لهم بياض الماء، فتبادروا إليه فشربوا منه، فكان أعذب ماء شربوا منه في سفرهم وأبرده وأصفاه.


فقال لهم: تزوّدوا وارتووا.


ففعلوا ذلك. ثمّ جاء إلى الصخرة فتناولها بيده ووضعها حيث كانت.


[ الإرشاد: 335:1، إعلام الورى: 346:1 نحوه وراجع خصائص الأئمّة عليهم السلام: 50 والخرائج والجرائح: 67:222:1 والفضائل لابن شاذان: 89.]




2434- شرح نهج البلاغة- في صفة قوّة الإمام عليه السلام-: وهو الذي قلع باب خيبر واجتمع عليه عصبة من الناس ليقلبوه فلم يقلبوه، وهو الذي اقتلع هُبل من أعلى الكعبة، وكان عظيماً جدّاً وألقاه إلى الأرض، وهو الذي اقتلع الصخرة العظيمة في أيّام خلافته عليه السلام بيده بعد عجز الجيش كلّه عنها وأنبط الماء من تحتها.


[ شرح نهج البلاغة: 21:1.]




النزول ببليخ
[ موضع في سوريا قرب الرقّة على جانب الفرات.


]




2435- الفتوح: ونظر إليه |عليٍّ عليه السلام| راهبٌ قد كان هنالك في صومعة له، فنزل من


الصومعة وأقبل إلى عليّ رضى الله عنه، فأسلم على يده؛ ثمّ قال: يا أميرالمؤمنين! إنّ عندنا كتاباً توارثناه عن آبائنا، يذكرون أنّ عيسى بن مريم عليه السلام كتبه، أفأعرضه عليك؟


قال عليّ رضى الله عنه: نعم فهاته.


فرجع الراهب إلى الصومعة وأقبل بكتاب عتيق قد كاد أن يندرس، فأخذه عليّ وقبله ثمّ دفعه إلى الراهب، فقال: اقرأه عليَّ!


فقرأه الراهب على عليّ رضى الله عنه، فإذا فيه: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، الذي قضى فيما قضى وسطر فيما سطر، أنّه باعث في الاُمّيّين رسولاً منهم يعلّمهم الكتاب والحكمة، ويدلّهم على سبيل الرشاد، لا فَظّ


[ فظّ: سَيِّئ الخُلق "لسان العرب: 451:7".]


ولا غليظ ولاصَخّاب


[ الصَّخَب والسَّخَب: الضَّجَّة، واضطرابُ الأصواتِ للخِصَام "النهاية: 14:3".]


في الأسواق، لا يجزي السيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح، اُمّته الحامدون الذين يَحمدون اللَّه على كلّ حال في هبوط الأرض وصعود الجبال، ألسنتهم مذلّلة بالتسبيح والتقديس والتكبير والتهليل، ينصر اللَّه هذا النبيّ على من ناواه؛ فإذا توفّاه اللَّه اختلفت اُمّته من بعده، ثمّ يلبثون بذلك ما شاء اللَّه؛ فيمرّ رجل من اُمّته بشاطئ هذا النهر، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يقضي بالحقّ ولا يرتشي في الحكم، الدنيا عليه أهون من شرب الماء على الظمآن، يخاف اللَّه عزّ وجلّ في السِرّ وينصح اللَّه في العلانية، ولا يأخذه في اللَّه لومة لائم، فمن أدرك ذاك النبيّ فليؤمن به، فمن آمن به كان له رضوان اللَّه والجنّة، ومن أدرك ذلك العبد الصالح فلينصره فإنّه وصيّ خاتم الأنبياء، والقتل معه شهادة.


قال: ثمّ إنّه أقبل هذا الراهب على عليّ فقال: يا أميرالمؤمنين! إنّي صاحبك


لا اُفارقك أبداً حتى يصيبني ما أصابك.


قال: فبكى عليّ رضى الله عنه ثمّ قال: الحمد للَّه الذي ذكرني عنده في كتب الأبرار.


قال: ثمّ سار وهذا الراهب معه، فكان يتغدّى ويتعشّى مع عليّ؛ حتى صار إلى صفّين، فقاتل فقُتل، فقال عليّ لأصحابه: اطلبوه! فطلبوه فوجدوه، فصلّى عليه عليّ رضى الله عنه ودفنه واستغفر له، ثمّ قال: هذا منّا أهل البيت.


[ الفتوح: 556:2؛ وقعة صفّين: 147 نحوه.]




الوصول إلى الرقّة



2436- وقعة صفّين عن يزيد بن قيس الأرحبي: ثمّ سار أميرالمؤمنين حتى أتى الرقّة وجلّ أهلها العثمانيّة، الذين فرّوا من الكوفة برأيهم وأهوائهم إلى معاوية، فغلّقوا أبوابها وتحصّنوا فيها، وكان أميرهم سماك بن مخرمة الأسدي في طاعة معاوية، وقد كان فارق عليّاً في نحو من مائة رجل من بني أسد، ثمّ أخذ يكاتب قومه حتى لحق به منهم سبعمائة رجل.


[ وقعة صفّين: 146.]




2437- الفتوح: دعا |عليّ عليه السلام| على أهل الرقّة فقال: اعقدوا لي جسراً على هذا الفرات حتى أعبر عليه أنا وأصحابي إلى قتال معاوية. فأبوا ذلك؛ وعلم عليّ رضى الله عنه هوى أهل الرقّة في معاوية، فتركهم ونادى في أصحابه: نمضي لكي نعبر على جسر منبج.


[ مَنْبِج: مدينة كبيرة في ناحية الشام فوق الرقّة وحلب، بينها وبين الفرات ثلاثة فراسخ، وبينها وبين حلب عشرة فراسخ، بناها أنو شيروان "راجع معجم البلدان: 206:5".]




قال: فخرج الأشتر إلى أهل الرقّة مغضباً وقال: واللَّه يا أهل الرقّة! لئن لم تعقدوا لأمير المؤمنين جسراً لاُجرّدن فيكم السيف ولأقتلنّ الرجال ولأحوينّ الأموال. فلمّا سمع أهل الرقّة ذلك قال بعضهم لبعض: إنّ الأشتر واللَّه يوفي بما يقول؛ ثمّ إنّهم ركبوا خلف عليّ بن أبي طالب فردّوه وقالوا: ارجع يا أميرالمؤمنين! فإنّنا عاقدون لك جسراً.


قال: فرجع عليّ إلى الرقّة، وعقدوا له جسراً على الفرات، ونادى في أصحابه أن اركبوا! فركبت الناس وعبرت الأثقال كلّها، وعبر الناس بأجمعهم، وعليّ واقف في ألف فارس من أصحابه، ثمّ عبر آخر الناس.


[ الفتوح: 564:2، تاريخ الطبري: 565:4، شرح نهج البلاغة: 211:3؛ وقعة صفّين: 151 كلّها نحوه.]




كتاب الإمام إلى معاوية وجوابه



2438- وقعة صفّين عن أبي الوداك: إنّ طائفة من أصحاب عليّ قالوا له: اكتب إلى معاوية وإلى من قِبَله من قومك بكتاب تدعوهم فيه إليك وتأمرهم بترك ماهم فيه من الخطأ فإنّ الحجّة لن تزداد عليهم بذلك إلّا عظماً، فكتب إليهم:


بسم اللَّه الرحمن الرحيم


من عبد اللَّه عليّ أميرالمؤمنين إلى معاوية وإلى من قِبَله من قريش.


سلام عليكم فإنّي أحمد اللَّه إليكم اللَّه الذي لا إله إلّا هو.


أمّا بعد، فإنّ للَّه عباداً آمنوا بالتنزيل، وعرفوا التأويل، وفُقهوا في الدين، وبيّن اللَّه فضلهم في القرآن الحكيم، وأنتم في ذلك الزمان أعداء لرسول اللَّه صلّى اللَّه


عليه، تكذّبون بالكتاب، مجمعون على حرب المسلمين، من ثقفتم منهم حبستموه أو عذّبتموه أو قتلتموه، حتى أراد اللَّه إعزاز دينه وإظهار رسوله، ودخلت العرب في دينه أفواجاً، وأسلمت له هذه الاُمّة طوعاً وكرهاً، وكنتم ممّن دخل في هذا الدين إمّا رغبة وإمّا رهبة، على حين فاز أهل السبق بسبقهم وفاز المهاجرون الأولون بفضلهم. فلا ينبغي لمن ليست له مثل سوابقهم في الدين ولا فضائلهم في الإسلام، أن ينازعهم الأمر الذي هم أهله وأولى به، فيحوب


[ الحُوب: الإثم، وفلان يَتحوَّب من كذا؛ أي يتأثّم "لسان العرب: 340:1".]


بظلم. ولا ينبغي لمن كان له عقل أن يجهل قدره، ولا أن يعدو طوره، ولا أن يُشقي نفسه بالتماس ما ليس له. ثمّ إنّ أولى الناس بأمر هذه الاُمّة قديماً وحديثاً، أقربها من رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه، وأعلمها بالكتاب وأفقهها في الدين، وأوّلها إسلاماً وأفضلها جهاداً وأشدّها بما تحمله الرعية من أمورها اضطلاعاً. فاتقوا اللَّه الذي إليه ترجعون، 'وَ لَا تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَطِلِ وَ تَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَ أَنتُمْ تَعْلَمُونَ'.


[ البقرة: 42.]


واعلموا أنّ خيار عباد اللَّه الذين يعملون بما يعلمون، وأنّ شرارهم الجهال الذين ينازعون بالجهل أهل العلم، فإنّ للعالم بعلمه فضلاً، وإنّ الجاهل لن يزداد بمنازعة العالم إلّا جهلاً.


ألا وإنّي أدعوكم إلى كتاب اللَّه وسنّة نبيه صلّى اللَّه عليه، وحقن دماء هذه الاُمّة. فإن قبلتم أصبتم رشدكم، واهتديتم لحظّكم. وإن أبيتم إلّا الفرقة وشقّ عصا هذه الاُمّة فلن تزدادوا من اللَّه إلّا بعداً، ولن يزداد الربّ عليكم إلّا سُخطاً. والسلام.


فكتب إليه معاوية: أمّا بعد؛ فإنّه:




  • ليس بيني وبين قيس عتابٌ
    غير طعن الكلى وضرب الرقاب



  • غير طعن الكلى وضرب الرقاب
    غير طعن الكلى وضرب الرقاب




فقال علي: 'إِنَّكَ لَا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ'.


[ القصص: 56.]



[ وقعة صفّين: 149، الأمالي للطوسي: 308:183 عن جبر بن نوف نحوه وراجع أنساب الأشراف: 80:3 والإمامة والسياسة: 68:1.]




الاشتر على مقدّمة جيش الإمام



2439- تاريخ الطبري عن خالد بن قطن الحارثي: إنّ عليّاً لما قطع الفرات دعا زياد بن النضر وشريح بن هانئ فسرّحهما أمامه نحو معاوية على حالهما التي كانا خرجا عليها من الكوفة. قال: وقد كانا حيث سرّحهما من الكوفة أخذا على شاطئ الفرات من قبل البرّ ممّا يلي الكوفة حتى بلغا عانات،


[ عَانَات: عانة بلد في العراق مشهور بين الرَّقَة وهيت، وجاء في الشعر "عانات" كأنّه جمع لما حوله، وهي مشرفة على الفرات قرب حديثة "معجم البلدان: 72:4".]


فبلغهما أخذ عليّ على طريق الجزيرة، وبلغهما أنّ معاوية قد أقبل من دمشق في جنود أهل الشام لاستقبال عليّ فقالا: لا واللَّه، ما هذا لنا برأي أن نسير وبيننا وبين المسلمين وأميرالمؤمنين هذا البحر! وما لنا خير في أن نلقى جنود أهل الشام بقلّة من معنا منقطعين من العدد والمدد. فذهبوا ليعبروا من عانات، فمنعهم أهل عانات وحبسوا عنهم السفن، فأقبلوا راجعين حتى عبروا من هيت،


[ هِيْت: بلدة في العراق على الفرات من نواحي بغداد فوق الأنبار "معجم البلدان: 421:5".]


ثمّ لحقوا عليّاً


بقرية دون قرقيسياء


[ قَرْقِيسِياء: بلد على نهر الخابور قرب صفّين والرقّة وعندها مصبّ الخابور في الفرات، وهي الآن في العراق "راجع معجم البلدان: 328:4".]


وقد أرادوا أهل عانات فتحصّنوا وفرّوا، ولما لحقت المقدّمة عليّاً قال: مقدّمتي تأتيني من ورائي!


فتقدم إليه زياد بن النضر الحارثي وشريح بن هانئ فأخبراه بالذي رأيا حين بلغهما من الأمر ما بلغهما. فقال: سددتما. ثمّ مضى عليّ فلما عبر الفرات قدّمهما أمامه نحو معاوية، فلمّا انتهيا إلى سور الروم لقيهما أبوالأعور السلمي عمرو بن سفيان في جند من أهل الشام، فأرسلا إلى عليّ: إنّا قد لقينا أباالأعور السلمي في جند من أهل الشام وقد دعوناهم فلم يجبنا منهم أحد فمرنا بأمرك. فأرسل عليّ إلى الأشتر فقال:


يا مالك، إنّ زياداً وشريحاً أرسلا إليّ يعلماني أنّهما لقيا أباالأعور السلمي في جمع من أهل الشام، وأنبأني الرسول أنّه تركهم متواقفين، فالنجاء إلى أصحابك النجاء، فإذا قدمت عليهم فأنت عليهم وإيّاك أن تبدأ القوم بقتال إلّا أن يبدؤوك حتى تلقاهم فتدعوهم وتسمع، ولا يَجرمنّك شنآنهم على قتالهم قبل دعائهم والإعذار إليهم مرّة بعد مرّة، واجعل على ميمنتك زياداً وعلى ميسرتك شريحاً وقف من أصحابك وسطاً، ولا تدنُ منهم دنوّ من يريد أن يُنشب الحرب، ولا تباعد منهم بُعد من يهاب البأس حتى أقدم عليك، فإنّي حثيث السير في أثرك إن شاء اللَّه.


قال: وكان الرسول الحارث بن جمهان الجعفي فكتب عليّ إلى زياد وشريح: أمّا بعد، فإنّي قد أمّرت عليكما مالكاً فاسمعا له وأطيعا، فإنّه ممّن لا يخاف


رهقه ولا سقاطه ولا بطؤه عمّا الإسراع إليه أحزم، ولا الإسراع إلى ما الإبطاء عنه أمثل، وقد أمرته بمثل الذي كنت أمرتكما به ألّا يبدأ القوم حتى يلقاهم فيدعوهم ويُعذر إليهم.


[ تاريخ الطبري: 566:4؛ وقعة صفّين: 152 نحوه.]




مواجهة مقدّمة الجيشين



2440- تاريخ الطبري عن خالد بن قطن الحارثي: خرج الأشتر حتى قدم على القوم، فاتّبع ما أمره عليّ وكفّ عن القتال، فلم يزالوا متواقفين حتى إذا كان عند المساء حمل عليهم أبوالأعور السلمي، فثبتوا له واضطربوا ساعة، ثمّ إنّ أهل الشام انصرفوا.


ثمّ خرج إليهم من الغد هاشم بن عتبة الزهري في خيل ورجال حسن عددها وعُدّتها، وخرج إليه أبوالأعور فاقتتلوا يومهم ذلك، تحمل الخيل على الخيل والرجال على الرجال، وصبر القوم بعضهم لبعض ثمّ انصرفوا، وحمل عليهم الأشتر فقتل عبد اللَّه بن المنذر التنوخي قتله يومئذٍ ظبيان بن عمار التميمي وما هو إلّا فتى حدث وإن كان التنوخي لفارس أهل الشام، وأخذ الأشتر يقول: ويحكم! أروني أباالأعور. ثمّ إنّ أباالأعور دعا الناس فرجعوا نحوه، فوقف من وراء المكان الذي كان فيه أول مرّة، وجاء الأشتر حتى صفّ أصحابه في المكان الذي كان فيه أبوالأعور، فقال الأشتر لسنان بن مالك النخعي: انطلق إلى أبي الأعور فادعه إلى المبارزة، فقال: إلى مبارزتي أو مبارزتك؟ فقال له الأشتر: لو أمرتك بمبارزته فعلت؟ قال: نعم واللَّه، لو أمرتني أن أعترض صفّهم


بسيفي ما رجعت أبداً حتى أضرب بسيفي في صفّهم، قال له الأشتر: يابن أخي، أطال اللَّه بقاءك ! قد واللَّه، ازددت رغبة فيك لا أمرتك بمبارزته إنّما أمرتك أن تدعوه إلى مبارزتي، إنّه لا يبرز إن كان ذلك من شأنه إلّا لذوي الأسنان والكفاءة والشرف، وأنت- لربّك الحمد- من أهل الكفاءة والشرف غير أنّك فتىً حدث السن، فليس بمبارز الأحداث ولكن ادعه إلى مبارزتي. فأتاه فنادى: آمنوني فإنّي رسول فأومن، فجاء حتى انتهى إلى أبي الأعور. قال أبومخنف: فحدّثني النضر بن صالح أبوزهير العبسي قال: حدّثني سنان قال: فدنوت منه فقلت: إنّ الأشتر يدعوك إلى مبارزته. قال: فسكت عنّي طويلاً ثمّ قال: إنّ خفّة الأشتر وسوء رأيه هو حمله على إجلاء عمّال ابن عفان من العراق، وانتزاؤه عليه يقبّح محاسنه، ومن خفّة الأشتر وسوء رأيه أن سار إلى ابن عفّان في داره وقراره حتى قتله، فيمن قتله فأصبح متّبعاً بدمه، ألا لا حاجة لي في مبارزته. قال: قلت: إنّك قد تكلّمت فاسمع حتى اُجيبك، فقال: لا، لا حاجة لي في الاستماع منك ولا في جوابك، اذهب عنّي. فصاح بي أصحابه فانصرفت عنه، ولو سمع إليّ لأخبرته بعذر صاحبي وحجّته. فرجعت إلى الأشتر فأخبرته أنّه قد أبى المبارزة، فقال: لنفسه نظر.


فواقفناهم حتى حجز الليل بيننا وبينهم وبتنا متحارسين، فلمّا أصبحنا نظرنا فإذا القوم قد انصرفوا من تحت ليلتهم، ويصبّحنا عليّ بن أبي طالب غدوة. فقدم الأشتر فيمن كان معه في تلك المقدّمة حتى انتهى إلى معاوية فواقفه، وجاء عليّ في أثره فلحق بالأشتر سريعاً فوقف وتواقفوا طويلاً.


[ تاريخ الطبري: 567:4؛ وقعة صفّين: 154 نحوه.]




مواجهة الجيشين


المدخل



توجّه الإمام عليه السلام من الكوفة باتّجاه الشام في شهر شوّال من عام 36 ه، ولمّا كان الطريق المستقيم بينهما يمرّ عبر صحراء جرداء لا عشب فيها ولا ماء ولم تكن للإمام عليه السلام المعدّات الكافية لدعم جيشه الذي قوامه مائة ألف، اختار الطريق المحاذي للفرات "أي مسير الجزيرة". فمرّ على كربلاء وهيت و... حتى وصل إلى الرقّة قرب صفّين.


فالتقت مقدّمة جيش الإمام بقيادة مالك الأشتر مع مقدّمة جيش معاوية واضطرّتهم للفرار، وهي أوّل مواجهة بين الجيشين في صفّين، والذي شرع بهذه المواجهة جيش معاوية.


وفي أواخر ذي القعدة وصل جيش الإمام إلى صفّين، بعد وصول جيش معاوية إليها لقربها من الشام، واحتلال المناطق الحسّاسة من


/ 40