احتفال بذکری مولد النبی (صلی الله علیه و آله) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

احتفال بذکری مولد النبی (صلی الله علیه و آله) - نسخه متنی

مجمع العالمی لاهل البیت

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الأمر السادس: مناقشة القائلين
بحرمة الاحتفال بالمولد النبوي



رغم وضوح شرعية الاحتفال بمولد
النبي(صلى الله عليه وآله) وارتباطه بأصل
الدين، إلاّ أن المتسمّين بالسلفية
مازالت تصرّ على أن الاحتفال يندرج ضمن
دائرة الابتداع.


يقول ابن تيمية: وكذلك ما يحدثه
بعض الناس، إما مضاهاةً للنصارى في ميلاد
عيسى(عليه السلام) ، وإما محبة للنبي(صلى
الله عليه وآله)، والله قد يثيبهم على هذه
المحبة والاجتهاد، لا على البدع من إتّخاذ
مولد رسول الله(صلى الله عليه وآله)
عيداً، مع اختلاف الناس في مولده، فإنّ
هذا لم يفعله السلف، مع قيام المقتضي له،
وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيراً محضاً
أو راجحاً لكان السلف أحقّ به منّا، فإنهم
كانوا أشد محبة لرسول الله وتعظيماً له
منّا...


ويضيف القول:


كما أن ابن الحاج رغم اعترافه
ليوم مولد النبي(صلى الله عليه وآله) من
الفضل، لا يوافق على الاحتفال بالمولد لما
فيه من المنكرات، ولأن النبي أراد التخفيف
عن اُمّته، ولم يرد في ذلك شيء بخصوصه
فيكون بدعة [38] .


فالذي نلاحظه من خلال كل هذه
المقولة المتقدمة، أنّ الذين حظروا على
الناس الاحتفال بيوم المولد والمناسبات
الإسلامية الاُخرى، وعدّوا هذا الأمر
عملاً محرّماً، قد بنوا استدلالهم هذا على
فهم مغلوط لمعنى (الابتداع)، فقد تصوّروا
أن معنى عدم الارتباط بالدين، هو عدم وجود
الأمر في الصدر الأول للتشريع، أو عدم
ورود الدليل الخاص، الذي يذكره بشخصه
وعنوانه، ومعنى الارتباط بالدين هو وجود
ذلك الأمر في عصر التشريع الأول، أو
ورود أمر فيه بخصوصه.


والمدار في الابتداع ليس هو
ورود الدليل الخاص، أو عدم وروده فحسب;
وإنّما يجب النظر في عموميات التشريع
والأدلة الكلية التي تخرج العمل عن حيّز (الابتداع)،
كما أنّ عدم وجود العمل في العصر الأول
للتشريع لا يساوق عدم مطلوبية الشريعة له،
ووجوده لا يساوق مطلوبيته، لأنّ المدار في
الابتداع ليس هو وجود العمل أو عدم وجوده
في عصر التشريع.


وقد حاول البعض أن يضيف دليلاً
آخر لتحريم الاحتفال بالمولد النبوي، وهو
اشتمال هذه الاحتفالات على الاُمور
المحرّمة غالباً كالموسيقى، والغناء،
واختلاط النساء بالرجال... وغير ذلك.


ونحن في الوقت الذي نرفض فيه
وجود هذا النمط المدّعى من السلوك المحرّم
في احتفالات المولد التي يقيمها أتباع
مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) رفضاً
قاطعاً، ونعتبر ذلك تهمة لا أساس لها..
نؤكد على أنّ الاقتران بحدِّ ذاته لا يشكل
إلغاءً لأصل العمل، ولا يؤدي إلى القول
بتحريمه، إذ أنّ القول بذلك يستلزم القول
ببطلان اُصول العبادات المسلّمة فيما لو
اقترنت بأي عنوان تحريمي، وهذا ما لا
يتفوه به أحد، فلو اقترنت الصلاة الواجبة
بالنظر إلى المرأة الأجنبية مثلاً الذي هو
عمل محرّم قطعاً ; فهل يُقال هنا بأنّ
الصلاة الواجبة أصبحت (بدعة) يحرم الإتيان
بها ـ والعياذ باللهـ ؟ وهل يسري التحريم
بطريقة تصاعدية إلى أصل تشريعها وإيجابها
بمجرد هذا الاقتران؟


والذي يهمنا ذكره هنا هو أنّ
النصوص الشرعية العامة الواردة في مقام
التأكيد على ضرورة احترام شخصية الرسول
الأكرم(صلى الله عليه وآله)، وتبجيله،
وتوقيره، حياً وميتاً، مما لا يسع أحد
انكارها، أو التشكيك فيها لكثرتها
وتواترها، وهي كافية لأن تصحح عمل المولد،
وتضفي عليه طابع الشرعية، وتجعله من
مظاهرها البارزة، ومصاديقها الواضحة
والجلية.


من هنا فقد أدرك بعض علماء
الجمهور، عمق انتساب هذا الأمر إلى
الشريعة، عن طريق الأدلّة الكلية
المتسالمة، فعبّر البعض عنه بـ (البدعة
الحسنة)، فيقول (ابن حجر) بهذا الشأن: عمل
المولد بدعة، لم تُنقل عن أحد من السلف
الصالح من القرون الثلاثة، ولكنّها مع ذلك
قد اشتملت على محاسن وضدّها، فمن تحرّى في
عملها المحاسن، وتجنّب ضدها كان بدعةً
حسنةً، وإلاّ فلا [39] .


ويقول الإمام (أبو شامة): ومن
أحسن ما اُبتدع في زماننا، ما يُفعل كلّ
عام في اليوم الموافق ليوم مولده(صلى الله
عليه وآله) من الصدقات، والمعروف، وإظهار
الزينة، والسرور، فإنّ ذلك مع ما فيه من
الإحسان للفقراء مشعر بمحبته(صلى الله
عليه وآله) وتعظيمه في قلب فاعل ذلك، وشكر
الله على ما منّ به من إيجاد رسوله(صلى
الله عليه وآله) الذي أرسله رحمةً
للعالمين [40] .


ويقول السيوطي في رسالته (حسن
المقصد في عمل المولد): عندي أنّ أصل عمل
المولد، الذي هو اجتماع الناس، وقراءة ما
تيسّر من القرآن، ورواية الأخبار الواردة
في مبدأ أمر النبي(صلى الله عليه وآله)،
وما وقع في مولده من الآيات، ثم يمدّ لهم
سماطاً يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على
ذلك، هو من البدع الحسنة التي يُثاب عليها
صاحبها، لما فيه من تعظيم قدر النبي(صلى
الله عليه وآله)، وإظهار الفرح والاستبشار
بمولده الشريف [41] .


وينقل (ابن تيمية) أقوالاً
عديدة تدل على مشروعية الاجتماع
والاحتفال بيوم المولد النبوي الشريف،
على الرغم من أنّه من المتشددين على مَن
يتخذه عيداً كما يزعم.


ويقول: قال المروزي: سألت أبا
عبدالله عن القوم يبيتون، فيقرأ قارئ
ويدعون حتّى يصبحوا؟ قال: أرجوا أن لا يكون
به بأس... وقال أبو السري الحربي: قال أبو
عبدالله: وأي شيء أحسن من أن يجتمع الناس
يصلّون ويذكرون ما أنعم الله عليهم، كما
قالت الأنصار؟.


وأضاف: وهذا إشارة إلى ما رواه
أحمد: حدّثنا اسماعيل، أنبأنا أيوب، عن
محمد بن سيرين، قال: نبئت أنّ الأنصار قبل
قدوم رسول الله(صلى الله عليه وآله)
المدينة، قالوا: لو نظرنا يوماً فاجتمعنا
فيه، فذكرنا هذا الأمر الذي أنعم الله به
علينا، فقالوا يوم السبت، ثم قالوا لا
نجامع اليهود في يومهم، قالوا فيوم الأحد،
قالوا لا نجامع النصارى في يومهم، قالوا
فيوم العروبة، وكانوا يسمّون يوم الجمعة
يوم العروبة، فاجتمعوا في بيت أبي اُمامة
أسعد بن زرارة، فذُبحت لهم شاة فكفتهم [42] .


إذاً فمشروعية الاجتماع
للاحتفال والابتهاج، بالذكريات الدينية
المهمة نزعة إنسانية، تسير جنباً إلى جنب
مع الفطرة البشرية، وتنبعث طبيعياً ما دام
الإنسان يحيا في جوِّ الجماعة الإنسانية،
ولذا نرى أنَّ المسلمين لم يتخلفوا عن
مجاراة هذا السلوك الإنساني في مناسباتهم
الدينية المختلفة، وهذا الذي ينقله لنا (ابن
تيمية) واحد من عشرات المظاهر التي كانت
تعبّر عن هذا الواقع، وتعكسه في حياة
المسلمين، بما يتناسب وينسجم مع طبيعة
الأعراف والتقاليد والاهتمامات التي كانت
تحكم المجتمع آنذاك، الأمر الذي يدلل على
أنّ جذور إقامة الاحتفال، والاجتماع
لإحياء الذكريات الإسلامية كانت ممتدة
إلى بدايات عصر ظهور الدعوة الإسلامية
المباركة.


ولقد كان رأي (سعيد حوّى) أكثر
تحرراً واعتدالاً من آراء الآخرين في هذه
المسألة، حين دعم القول بجواز إحياء
الذكريات الإسلامية عموماً، وذكرى مولد
النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) على نحو
الخصوص، بالأدلة المقنعة، وحمل على
المتشددين الذين لم يحسنوا فهم معنى (الابتداع)،
على الرغم من أ نّه لم يبرح عاكفاً على
الإيمان بأنّ (البدعة) تنقسم إلى مذمومة
وممدوحة.


فيقول: والذي نقوله أن يعتمد
شهر المولد، كمناسبة يُذكّر بها المسلمون
بسيرة رسول الله(صلى الله عليه وآله)وشمائله
فذلك لا حرج، وأن يعتمد شهر المولد، كشهر
تهيج فيه عواطف المحبة نحو رسول الله(صلى
الله عليه وآله)فذلك لا حرج فيه، وأن يعتمد
شهر المولد، كشهر يكثر فيه الحديث عن
شريعة رسول الله(صلى الله عليه وآله) فذلك
لا حرج فيه، وأنّ مما اُلف في بعض الجهات،
أن يكون الاجتماع على محاضرة وشعر، أو
إنشاد في مسجد، أو في بيت بمناسبة شهر
المولد، فذلك مما لا أرى حرجاً فيه، على
شرط أن يكون المعنى الذي يُقال صحيحاً.


إنّ أصل الاجتماع على صفحة من
السيرة، أو على قصيدة في مدح رسول الله(صلى
الله عليه وآله) جائز، ونرجو أن يكون أهله
مأجورين، فإن يُخصص للسيرة شهر يُتحدث
عنها فيه بلغة الشعر والحب فلا حرج.


ألا ترى لو أنّ مدرسة فيها
طلاّب، خصصت لكل نوع من أنواع الثقافة
شهراً بعينه، فهل هي آثمة؟ ما نظن أن الأمر
يخرج عن ذلك.


ويضيف إلى ذلك القول:


لقد كان الاُستاذ حسن البنّا
رجل صدق، وثاقب نظر، وإماماً في العلم،
وكان يرى إحياء المناسبات الإسلامية في
عصر مضطرب مظلم، قد غفل فيه المسلمون
وجهلوا فيه كثيراً من اُمور دينهم. ومن
كلامه(رحمه الله) في مذكراته: إحياء جميع
الليالي الواجب الاحتفال بها بين
المسلمين، سواء بتلاوة الذكر الحكيم،
وبالخطب، والمحاضرات المناسبة...


ثم يحمل على المتشددين قائلاً:


والمتشددون في مثل هذه الشؤون
تشددهم في غير محلّه، فليس الأصل في
الأشياء الحرمة، بل الأصل فيها الإباحة،
حتّى يرد النص بالتحريم، وفهمهم لحديث: «كل
ما ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ» فهم خاطئ... [43]


ففي الحقيقة أنّ التعبير
الاجتماعي عن المشاعر والعواطف الدينية،
التي تختزن في نفوس المسلمين أمر متروك
لأعراف الناس، وطرقهم المختلفة، وعاداتهم
الاجتماعية الخاصة، ونظير هذا الأمر ما
تفعله أغلب الدول، أو كلها بالاحتفال في
يوم استقلالها، إلاّ أنّ الفرق بين هذه
الاحتفالات العامة، وبين الاحتفال بذكرى
يوم المولد النبوي الشريف، أو بقية
المناسبات الإسلامية المهمة، هو أنّ تلك
الاحتفالات العامة خاضعة إلى الرسوم
والآداب، والأعراف التي تحكم حياة الناس،
من دون أن تكون مشمولة بعموميات التشريع
التي تُدخلها في دائرة الندب والمطلوبية،
وأمّا الاحتفال بالذكريات الإسلامية، ولا
سيما بمولد النبي الأكرم(صلى الله عليه
وآله) فهو مشمول بأوامر الشريعة
الإسلامية، ومأثور عنها كما تقدم الكلام
فيه.


وختاماً، لابدّ من القول بأ نّا
إذا نظرنا إلى دوافع ومنطلقات هذا اللون
من السلوك الذي يتمسك به أتباع مدرسة أهل
البيت(عليهم السلام)، ويصرّون على
ممارسته، والمواظبة عليه في مختلف
الذكريات الإسلامية المفرحة، والمحزنة،
ولا سيما إصرارهم على الاحتفال بيوم
المولد النبوي الشريف، فإنّا نجد الحرص
الأكيد من قبل هؤلاء على إبقاء معالم
شخصية الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله)متألقةً،
وحيّةً في ضمائر المسلمين حيناً بعد حين،
والاعتزاز بتعاليم الرسالة الإسلامية،
وتجديد الانبعاث نحوها، والتمسك بها، إذ
أنّ المطّلع على برامج هذه الاحتفالات،
يلاحظ أنّها تستهدف أول ما تستهدف تجلية
مكانة الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله)،
وإبراز آثارها ومعطياتها الخالدة، من
خلال الكلمات، والقصائد، والخطب
والخواطر، والمقالات الإسلامية الهادفة،
بل وقد يتضمن البعض منها تقديم الدراسات
المتنوعة، حول الجوانب المختلفة من حياته
الكريمة، وجهاده الكبير، في إعلاء كلمة
الله على وجه الأرض، وغير ذلك من الاُمور
التي ترتبط به(صلى الله عليه وآله)، وتشد
المسلمين نحو سيرته، وتحثّهم على
الاقتداء به، والسير على هداه.


ولمزيد من توضيح القول نطالع
قول السيد محسن الأمين العاملي :


وأما جعل التذكار لمواليد
الأنبياء والأولياء الذي يسمّيه الوهابية
بالأعياد والمواسم بإظهار الفرح والزينة
في مثل يوم ولادتهم التي كانت نعمة من الله
على خلقه. وقراءة حديث ولادتهم كما يتعارف
قراءة حديث مولد النبي(صلى الله عليه وآله)،
وطلب المنزلة والرفعة من الله لهم وتكرار
الصلوات والتسليم على الأنبياء، والترحّم
على الصلحاء، فليس فيه مانع عقلي ولا
شرعي، إذا لم يشتمل على محرم خارجي، كغناء
أو فساد أو استعمال آلات اللهو أو غير ذلك،
كما يفعل جميع العقلاء وأهل الملل في مثل
أيام ولادة عظمائهم وأنبيائهم، وتبوئ
ملوكهم عروش الملك وكل ذلك نوع من
التعظيم، فإن كان صاحبه أهلاً للتعظيم;
كان طاعة وعبادة لله تعالى، ولكن ليس كل
تعظيم عبادة للمعظم. فقياس ذلك بفعل
المشركين مع أصنامهم قياس فاسد [44] .



/ 14