أعلام الهدایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أعلام الهدایة - نسخه متنی

السید منذر حکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



في
عهد عثمان :
1
ـ الإمام الحسن (عليه السلام) في وداع
أبي ذر :


«يا
عمّاه! لو لا أنّه لا ينبغي للمودّع أن
يسكت وللمشيّع أن ينصرف; لقصر الكلام
وإن طال الأسف، وقد أتى من القوم إليك
ما ترى ، فضع عنك الدنيا بتذكّر فراغها
، وشدّة ما اشتد منها برجاء ما بعدها ،
واصبر حتى تلقى نبيّك(صلى الله عليه
وآله) وهو عنك راض »[1]
.


تلك
هي كلمات الإمام الحسن المجتبى(عليه
السلام) وهو يودّع ـ مع أبيه وأخيه
وعمّه عقيل وابن عمّه عبدالله بن جعفر
وابن عبّاس ـ أبا ذرّ الصحابي الجليل
الذي جاهد وناضل في سبيل الدين والحقّ
وما لاقى من اضطهاد وإهانة وبلاء حتى
قضى غريباً وحيداً في «الربذة» منفاه .


وهي
كلمات ناطقة معبّرة عن موقف عميق تجاه
تصرّفات وأعمال الخط الحاكم، وهو
بكلماته هذه يساهم في تحقيق ما كان
يرمي اليه أبو ذرّ من أهداف، حيث كان لا
بدّ من إطلاق الصرخة لايقاظ الاُ مّة
من سباتها وتوعيتها على حقيقة ما يجري
وما يحدث ، وإفهامها أنّ الحاكم لا
يمكن أن يكون أبداً في منأىً عن
المؤاخذة ، ولا هو فوق القانون ،
وإنّما هو ذلك الحامي له والمدافع عنه
، فإذا ما سوّلت له نفسه أن يرتكب أيّة
مخالفة أو أن يستغلّ مركزه في خدمة
أهوائه ومصالحه الشخصيّة; فبإمكان كلّ
شخص من المسلمين بل من واجبه أن يعلن
كلمة الحقّ ، ويعمل على رفع الظلم
والانحراف .


ومن
جهة اُخرى فإنّه إذا كانت الظروف لا
تسمح لأمير المؤمنين وسبطيه(عليهم
السلام) وآخرين ممن ساروا على خطّهم
لأن يقفوا موقف أبي ذرّ; فإنّ عليهم ـ
على الأقل ـ أن يعلنوا رأيهم الذي هو
رأي الإسلام فيه وفي مواقفه ، فإنّ ذلك
من شأنه أن يعطي موقفه العظيم ذلك
بُعداً إعلاميّاً وعمقاً فكريّاً
وسياسيّاً يحمي تلك المعطيات والنتائج
التي ستنشأ عنه .


وإذا
تأمّلنا في كلمات الإمام الحسن(عليه
السلام) لأبي ذرّ في ذلك الموقف; فإنّنا
نجدها تتضمّن عميق أسفه لما فعله القوم
بأبي ذرّ ، ثم تشجيعه وشدّ أزره في
موقفه ، ويعتبر أنّ فيه رضى النبىّ(صلى
الله عليه وآله) ومن ثم رضى الله سبحانه
وتعالى .


كما
أنّه يحاول التخفيف عن أبي ذرّ ، بعد
إعطائه الرؤية الصحيحة التي من شأنها
أن تخفّف من وَقْعِ المحنة عليه ،
وتسهّل عليه مواجهة البلايا التي
تنتظره ، وذلك حينما يأمره(عليه السلام)
بأن يضع عنه الدنيا بتذكّر فراغها ،
وشدّة ما اشتدّ منها برجاء ما بعدها .


2
ـ هل اشترك الإمام الحسن(عليه
السلام) في الفتوح ؟ :


قال
بعض المؤرّخين : وفي سنة ثلاثين غزا
سعيد بن العاص «طبرستان»، وكان أهلها
في خلافة عمر قد صالحوا سويد بن مقرن
على مال بذلوه ، ثم نقضوا فغزاهم سعيد
بن العاص ومعه الحسن والحسين وابن
عبّاس!.


ولمّا
أراد المسلمون فتح أفريقية فإنّ عثمان
جهّز العساكر من المدينة ، وفيهم جماعة
من الصحابة ، منهم ابن عبّاس وابن عمر
وابن عمرو بن العاص وابن جعفر والحسن
والحسين وابن الزبير ، وساروا مع
عبدالله ابن أبي سرح سنة ستٍّ وعشرين[2].


وقد
نوقش هذا الزعم ـ وهو اشتراك الحسنين (عليهما
السلام) في الفتوحات ـ بمايلي :


أ
ـ إنّ تلك الفتوحات لم تكن عموماً من
أجل مصالح الإسلام العليا ، حيث إنّ
الحكام كانوا يستفيدون من تلك
الفتوحات في مجال إرضاء طموحاتهم
وإشباع غرورهم، فقد أسالت الفتوحات
لعابهم بما فيها من غنائم وبسط نفوذ ،
فصاروا يهتمّون بتقوية أمرهم وتثبيت
سلطانهم، وهناك من الحكّام من كان
الدين والإسلام بنظرهم مجرد شعار يخدم
ملكهم ويقوّيه .


ونستطيع
أن نورد كثيراً من الشواهد والأدلة على
مدى اهتمام الحكام وأعوانهم وكلّ من
ينتسب إليهم بجمع الأموال والحصول على
الغنائم بحقّ أو بغير حقّ، ويكفي أن
نذكر : أنّ زياداً بعث الحكم بن عمر
الغفاري على خراسان ، فأصابوا غنائم
كثيرة فكتب اليه زياد : أما بعد ، فإنّ
أمير المؤمنين كتب أن يصطفي له البيضاء
والصفراء ، ولا يقسّم بين المسلمين
ذهباً ولا فضّةً، فرفض الحكم ذلك ،
وقسّمه بين المسلمين ، فوجّه إليه
معاوية من قيّده وحبسه فمات في قيوده ،
ودفن فيها، وقال : إنّي مخاصم[3].


وقد
بدأ التعذيب بالجزية في زمن الخليفة
الثاني عمر بن الخطّاب[4]،
بل لقد رأيناهم يوجبون الجزية حتى على
من أسلم من أهل الذمة ، وذلك بحجة أنّ
الجزية بمنزلة الضريبة على العبد فلا
يسقط إسلام العبد ضريبته ، لكن عمر
ابن عبد العزيز شذّ عن هذه السياسة
وأسقطها عنهم ، كما يذكرون[5].


كما
أنّ عمر بن الخطاب حاول أخذ الجزية من
رجل أسلم على اعتبار أنّه : إنّما
أسلم متعوّذاً ،فقال له ذلك الشخص : إنّ
في الإسلام لمعاذاً، فقال عمر : صدقت ،
إنّ في الإسلام لمعاذاً[6].


وأمّا
مضاعفته الجزية على نصارى تغلب فهي
معروفة ومشهورة[7].


وقال
خالد بن الوليد يخاطب جنوده ويرغِّبهم
بأرض السواد : ألا ترون الى الطعام كرفغ[8] التراب؟ وبالله
لو لم يلزمنا الجهاد في الله ، والدعاء
الى الله عزوجل ، ولم يكن إلاّ المعاش;
لكان الرأي أن نقارع على هذا الريف ،
حتى نكون أولى به ، ونولي الجوع
والإقلال من تولّى ، ممن اثّاقل عمّا
أنتم عليه[9].


وفي
فتح «شاهرتا» يعطي بعض عبيد المسلمين
أماناً لأهل المدينة ، فلا يرضى
المسلمون ، وينتهي بهم الأمر الى أن
يرفعوا ذلك الى عمر بن الخطّاب ، فكتب :
«إنّ العبد المسلم من المسلمين أمانه
أمانهم ، قال : ففاتنا ما كنّا أشرفنا
عليه من غنائمهم ...»[10] .


ولكن
ما ذكره خالد بن الوليد آنفاً ليس هو
كلّ الحقيقة ، وذلك لأنّ ما كان يصل
الطبقة المستضعفة من الجند لم يكن إلاّ
أقلّ القليل ، ممّا لا يكفي لسدّ
خلّتهم ورفع خصاصتهم ، بل كان محدوداً
جداً ، لا يلبث أن ينتهي ويتلاشى، مع
أنّهم كانوا هم وقود تلك الحروب .


إذن
فالحرب من أجل الغنائم والأموال كانت
هي الصفة المميّزة لأكثر تلك الفتوحات
.


ب
ـ إنّ الحكام كانوا يستفيدون من تلك
الفتوحات في مجال إرضاء طموحات الشباب
وإشباع غرورهم ، إذ كانوا بصدد تأهيلهم
لمناصب عالية وإظهار شخصياتهم ، فقد
كان معاوية يجبر ولده يزيد على قيادة
جيش غازياً لبعض المناطق[11].


ج
ـ كان الحكام يستفيدون من الفتوحات في
إبعاد المعترضين على سياساتهم ،
والناقمين على أعمالهم وتصرفاتهم ،
وكشاهد على ذلك نذكر : أنّه لمّا تفاقت
النقمة على عثمان; استدعى بعض عماله
ومستشاريه ، وهم : معاوية وعمرو بن
العاص وعبدالله بن عامر[12].


واستشارهم
فيما ينبغي له عمله لمواجهة نقمة الناس
على سياساته ومطالبتهم له بعزل عمّاله[13] ، واستبدالهم
بمن هم خير منهم ، فأشار عليه عبدالله
بن عامر بقوله : «رأيي لك يا أمير
المؤمنين أن تأمرهم بجهاد يشغلهم عنك ،
وأن تجمرهم في المغازي ، حتى يذلّوا لك
، فلا يكون همة أحدهم إلاّ نفسه ، وما
هو فيه منه دَبَرة دابته ، وقَمَل فروه
».


وأضاف
في نصٍّ آخر قوله : «فردّ عثمان عمّاله
على أعمالهم ، وأمرهم بالتضييق على من
قبلهم ، وأمرهم بتجمير[14]
الناس في البعوث، وعزم على تحريم
اُعطياتهم ، ليطيعوه ويحتاجوا إليه ...»[15]
.


د
ـ إنّ الجهاد الابتدائي يحتاج الى إذن
الإمام العادل[16]،
وإنّ أئمة الحقّ كانوا لا يرون في
الاشتراك في هذه الحروب مصلحة ، بل لا
يرون تلك الحروب خيراً ، فقد روي : أنّ
أبا عبدالله الصادق(عليه السلام) قال
لعبدالملك بن عمرو : يا عبدالملك!
مالي لا أراك تخرج الى هذه المواضع
التي يخرج اليها أهل بلادك؟ قال : قلت :
وأين؟ قال : حدة ، وعبادان ، والمصيصة ،
وقزوين، فقلت : انتظاراً لأمركم ،
والاقتداء بكم ؟ فقال : إي والله ، لو
كان خيراً ما سبقونا إليه[17].


وثمّة
عدّة روايات تدلّ على أنّهم(عليهم
السلام) كانوا لا يشجعون شيعتهم ، بل
ويمنعونهم من الاشتراك في تلك الحروب ،
ولا يوافقون حتى على المرابطة في
الثغور أيضاً، ولا يقبلون منهم حتى
ببذل المال في هذا السبيل حتى ولو
نذروا ذلك[18].


أمّا
لو دهم العدو أرض الإسلام فإنّ عليهم
أن يقاتلوا دفاعاً عن بيضة الإسلام ،
لا عن اُولئك الحكّام[19].


بل
نجد روايةً عن علىّ(عليه السلام) تقول :
«لا يخرج المسلم في الجهاد مع من لا
يؤمن على الحكم ، ولا ينفذ في الفيء أمر
الله عزّوجل»[20]
.


ويؤيّد
ذلك : أنّ عثمان جمع يوماً أكابر
الصحابة ـ وكان بينهم الإمام علىّ(عليه
السلام) ـ في مسجد رسول الله(صلى الله
عليه وآله) واستشارهم في غزوة أفريقية،
فرأوا في الأكثر أنّ المصلحة في أن لا
تقع بأيدي أصحاب الأغراض والأهواء
والمنحرفين[21].


فالأئمة(عليهم
السلام) وإن كانوا ـ ولا شك ـ يرغبون في
توسعة رقعة الإسلام ونشره ليشمل
الدنيا بأسرها ولكنّ الطريقة
والاُسلوب الذي كان يتم به الفتح كان
خطأً ومضرّاً ولا يحقق الأهداف
المطلوبة[22].


وعلى
كلّ حال فإنّ جميع ما تقدّم ليكفي في أن
يلقي ظلالاً ثقيلةً من الشك والريب
فيما ينسب الى الإمامين الهمامين
الحسن والحسين(عليهما السلام) من
الاشتراك في فتح جرجان أو في فتح
أفريقية ، مع أنّ عدداً من كتب التاريخ
التي عدّدت أسماء كثيرة من الشخصيات
المشتركة في فتح أفريقية لم تذكرهما،
علماً بأنّهما من الشخصيات التي كان
يهم السياسة الزمنية للخلفاء التأكيد
على ذكرها في مقامات كهذه .


هـ
ـ ويؤيّد ذلك أيضاً: أنّ الإمام عليّاً(عليه
السلام) منع ولديه في صفين والجمل من
الخوض في المعركة، وقال ـ وقد رأى
الحسن يتسرّع الى الحرب ـ : «أملكوا
عنّي هذا الغلام لا يهدّني ، فإنّني
أنفّس بهذين الغلامين ـ يعني الحسنين(عليهما
السلام) ـ على الموت ، لئلاّ ينقطع
بهما نسل رسول الله(صلى الله عليه وآله)»[23]
.


وقد
كان هذا منه(عليه السلام) في وقت كان له
كثير من الأولاد ، فكيف يسمح بخروجهما
مع أمير اُموي أو غير اُموي، ولم يكن قد
ولد له غيرهما من الأولاد بعد ، أو كان
ولكنّهم قليلون ؟!.


إنّ
جميع ما تقدم يجعلنا نطمئنّ إلى عدم
صحة ما ينسب الى الحسنين(عليهما السلام)
من الاشتراك في الغزوات آنئذ .


3
ـ الإمام الحسن(عليه
السلام) وحصار عثمان :


نقل
بعض المؤرّخين: أنّه حينما حاصر
الثائرون عثمان; بعث الإمام أمير
المؤمنين(عليه السلام) بولديه الحسن
والحسين(عليهما السلام) للدفاع
عنه، بل قالوا : إنّ الإمام الحسن(عليه
السلام) قد جرح وخضّب بالدماء على باب
عثمان من جرّاء رمي الناس عثمان
بالسهام، ثم تسوّر الثائرون الدار على
عثمان وقتلوه، وجاء الإمام علي(عليه
السلام) كالواله الحزين ، فلطم الحسن
وضرب صدر الحسين(عليه السلام) وشتم
آخرين ، منكراً عليهم أن يُقتل عثمان
وهم على الباب[24].


وقد
استبعد مؤرّخون آخرون ذلك ; إستناداً
الى أنّ سيرة عثمان تبعد كلّ البعد
عمّا نسب الى عليّ وولديه(عليهم السلام)،
كما ويبعد منهم أن يتّخذوا موقفاً
يخالف موقف البقية الصالحة من الصحابة
، وينفصلوا عنهم. ويضيف هؤلاء
المؤرّخون بخصوص دفاع الحسن عن عثمان ،
ولو فرض صحة ذلك ، فإنّه لم يكن إلاّ
لتبرير موقفه وموقف أبيه من الاشتراك
في دمه ، وأن لا يتّهمه المغرضون بشيء[25].


ويشكّ
السيّد الشريف المرتضى في إرسال أمير
المؤمنين(عليه السلام) ولديه للدفاع عن
عثمان، إذ يقول : «فإنّما أنفذهما ـ إن
كان أنفذهما ـ ليمنعا من انتهاك حريمه
وتعمّد قتله ، ومنع حرمه ونسائه من
الطعام والشراب، ولم ينفذهما ليمنعا
من مطالبته بالخلع»[26]
.


وأما
العلاّمة الحسني(رحمه الله) فيقول : «
من المستبعد أن يزجّ بريحانتي رسول
الله(صلى الله عليه وآله) في تلك
المعركة للدفاع عن الظالمين ، وهو الذي
وهب نفسه وكلّ حياته للحقّ والعدالة
وإنصاف المظلومين»[27] .


في
حين يرى باحث آخر : «أنّ الخليفة كان
مستحقّاً للقتل بسوء فعله ، كما أنّ
قتلته أو الراضين بقتله هم جمهرة
الصحابة الأخيار، ولا يعقل أن يقف
الحسنان في وجه هؤلاء وصدهم»[28].


وهنا
نقدّم جملة من الملاحظات :


أ
ـ إنّ ما ذكره هؤلاء من أنّ الصحابة
الأخيار كانوا هم قتلة عثمان أو أنّهم
الراضون بقتله فهذا صحيح ، ولكن ممّا
لا شك فيه هو أنّه كان من بينهم أيضاً
من ثأر على عثمان، من أمثال: عائشة
والزبير وطلحة وغيرهم، لا لأجل
الانتصار للحقّ وإنّما من أجل المكاسب
الدنيوية، كما أثبتت ذلك مواقفهم من
حكومة الإمام عليّ (عليه السلام) بعد أن
بايعوه عقيب مقتل عثمان .


ب
ـ وأمّا ما ذكر من أنّ عليّاً قد ضرب
الحسن(عليه السلام) ودفع صدر الحسين
فهذا ما لا اتّفاقَ عليه ; لأنّ عليّاً(عليه
السلام) قد كرّر وأكّد أنّ قتل عثمان لم
يسره ولم يسؤه[29]،
كما أنّه لم يكن ليتّهم الحسنين(عليهما
السلام) بالتواني في تنفيذ الأوامر
التي يصدرها إليهما ، وهما من الذين
نصّ الله سبحانه وتعالى على تطهيرهم ،
وأكّد النبيّ(صلى الله عليه وآله) على
عظيم فضلهم وباسق مجدهم وعلى محبته
العظيمة لهم .


ج
ـ وأمّا بالنسبة للدفاع عن عثمان فإنّ
أمير المؤمنين(عليه السلام) وإن كان لا
يرى خلافة عثمان شرعية من الأساس ،
وكان على اطّلاع تامّ بالنسبة لجميع
المخالفات والانتهاكات التي كانت تصدر
عن الهيئة الحاكمة باستمرار إلاّ أنّه(عليه
السلام) لم يكن يرى أنّ علاج الأمر بهذا
الاُسلوب الانفعالي هو الطريقة المثلى
والفضلى ، وقد نقل عنه(عليه السلام)
قوله عن عثمان : «إنّه استأثر فأساء
الإثرة، وجزعوا فأساءوا الجزع »[30].


وما
ذلك إلاّ لأنّ هذا الاُسلوب بالذات
وقتل عثمان في تلك الظروف وعلى النحو
الذي كان لم يكن يخدم قضية الإسلام ، بل
كان من شأنه أن يلحق بها ضرراً فادحاً
وجسيماً ، إذ أنّه سوف يعطي الفرصة
لاُولئك المتربّصين من أصحاب المطامع
والأهواء لاستغلال جهل الناس ورفع
شعار الأخذ بثارات عثمان.


وإذا
كان علىّ(عليه السلام) لا يرغب في قتل
عثمان بالصورة التي حدثت; فإنّه لم يكن
يريد أن يكون الدفاع والذبّ عن عثمان
موجباً لفهم خاطىء لحقيقة رأيه في
عثمان وفي مخالفته ، فكان يذكر تلك
المخالفات تصريحاً تارةً وتلويحاً
اُخرى، كما أنّه كان يجيب سائليه عن
أمر عثمان بأجوبة صريحة أحياناً
ومبهمة اُخرى ، أو على الأقل بنحو لا
تسمح بالتشبّث بها واستغلالها من قبل
المغرضين والمستغلين[31].


ولم
يكن الإمام علىّ(عليه السلام) ليسكت عن
تلك المخالفات الشنيعة التي كانت تصدر
عن عثمان وأعوانه ، بل كان(عليه السلام)
وباستمرار يجهر بالحقيقة مرّةً بعد
اُخرى ، وقد حاول إسداء النصيحة لعثمان
في العديد من المناسبات حتى ضاق عثمان
به ذرعاً ، فأمره أن يخرج الى أرض ينبع[32].


كما
أنّ عثمان واجه الإمام الحسن(عليه
السلام) وبصريح القول بأنّه لا يرغب
بنصائح أبيه، وذلك لأنه «كان عليّ كلما
اشتكى الناس إليه أمر عثمان; أرسل ابنه
الحسن(عليه السلام) إليه ، فلمّا أكثر
عليه قال : إنّ أباك يرى أنّ أحداً لا
يعلم ما يعلم؟ ونحن أعلم بما نفعل ،
فكفّ عنّا ! فلم يبعث علي (عليه السلام)
ابنه في شيء بعد ذلك ...»[33].


وهكذا
يتّضح أنّ نصرة الحسنين(عليهما السلام)
لعثمان بأمر من أبيهما الإمام علي(عليه
السلام) وقد كانت منسجمة كلّ الانسجام
مع خطّهم(عليهم السلام) الذي هو خطّ
الإسلام الصافي والصحيح، وهو يدخل في
عداد تضحياتهما الجسام ـ وما أكثرها ـ
في سبيل هذا الدين! كما أنّه دليل واضح
على بُعد النظر والدقّة والعمق .


[1] شرح نهج البلاغة
لابن أبي الحديد : 8 / 253 ، والغدير : 8 / 301
، وروضة الكافي : 8 / 207 .


[2] العبر (تاريخ ابن
خلدون) : 1 / 128 .


[3] مستدرك الحاكم : 3
/ 442 ـ 443 .


[4] المصنف لعبد
الرزاق : 11 / 245 فما بعدها .


[5] تاريخ الدولة
العربية : 235 ، وتاريخ التمدن الإسلامي :
1 / 273 ـ 274 .


[6] المصنف : 6 / 94 .


[7] سنن البيهقي : 9 /
216 .


[8] الرفغ : الأرض
الكثيرة التراب .


[9] العراق في العصر
الاُموي 11 عن الطبري: 4 / 9 .


[10] المصنف : 5 / 222 و
223 .


[11] المحاسن
والمساوي : 2 / 222 .


[12] يلاحظ أنّ
هؤلاء قد كانوا عمّاله باستثناء عمرو
بن العاص ، فإنّه كان معزولاً آنئذ .


[13] من الطريف أن
يستشير عثمان نفس اُولئك الذين يطالب
الناس بعزلهم في أمر الغزو .


[14] التجمير : حبس
الجيش في أرض العدو .


[15] تاريخ الطبري :
3 / 373 ـ 374 .


[16] الوسائل 11 : 32
فصاعداً ، والكافي : 5 / 20 .


[17] التهذيب : 6 / 127
، والكافي : 5 / 19 ، والوسائل : 11 / 32 .


[18] الوسائل : 11 / 21
ـ 22 عن قرب الاسناد ص150 ، والتهذيب : 6 / 134
، والكافي : 5 / 21 .


[19] الوسائل : 11 / 22
، والكافي : 5 / 21 ، والتهذيب : 6 / 125 .


[20] الوسائل : 11 / 34 .


[21] الفتوح لابن
أعثم ، الترجمة الفارسية : 126 .


[22] والبحث يحتاج
الى تحقيق أعمق وأوسع لا يتناسب مع هذا
الكتاب .


[23] نهج البلاغة
بشرح محمد عبده : 2 / 212، وتاريخ الطبري:
حوادث سنة 37 : 4 / 44 .


[24] راجع الصواعق
المحرقة: 115 ـ 116 ، ومروج الذهب : 2 / 344 ـ 345
، والإمامة والسياسة : 1 / 44 و 42 و 43
، وأنساب الأشراف: 5 / 69 و 70 و 74 و93 و95 ،
والبدء والتاريخ : 5 / 206 ، وتاريخ مختصر
الدول 105.


[25] راجع : حياة
الإمام الحسن(عليه السلام) للقرشي : 1 /
115 ـ 116 .


[26] شرح نهج
البلاغة لابن أبي الحديد : 3 / 8 .


[27] سيرة الأئمة
الإثني عشر : 1 / 428 .


[28] صلح الإمام
الحسن لآل ياسين : 50 ـ 51 .


[29] الغدير : 9 / 69 ـ
77 عن مصادر كثيرة .


[30] نهج البلاغة : 1
/ 72 بشرح عبده، الخطبة رقم 29 .


[31] راجع هذه
الأجوبة في كتاب الغدير : 9 / 70 .


[32] نهج البلاغة
بشرح عبده : 2 / 261 ، والغدير : 9 / 60 .


[33] نهج البلاغة
بشرح عبده : 2 / 261 ، والغدير : 9 / 60 .

/ 31