أعلام الهدایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أعلام الهدایة - نسخه متنی

السید منذر حکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




الفصل
الثالث
الإمام
المجتبى(عليه السلام) في ظلّ جده
وأبيه(عليهم السلام)



الإمام
الحسن (عليه
السلام) في عهد الرسول الأعظم(صلى الله
عليه وآله)

ولد
الإمام الحسن(عليه السلام) في حياة
جدّه الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله)
وعاش في كنفه سبع سنوات وستّة أشهر من
عمره الشريف ، وكانت تلك السنوات على
قلّتها كافية لأن تجعل منه الصورة
المصغّرة عن شخصية الرسول حتى ليصبح
جديراً بذلك الوسام العظيم الذي حباه
به جدّه ، حينما قال له : « أشبهت خلقي
وخلقي »[1].


والرسول
الأعظم(صلى الله عليه وآله) هو الذي
تحمّل مسؤولية هداية ورعاية الاُ مّة،
ومسؤولية تبليغ الرسالة وتطبيقها
وحماية مستقبلها وذلك بوضع الضمانات
التي لا بدّ منها في هذا المجال ، وهو
المطّلع ـ عن طريق الوحي ـ على ما ينتظر
هذا الوليد الجديد من دور قيادي هامّ ،
والمأمور بالإعداد لهذا الدور ، وذلك
ببناء شخصية هذا الوليد بناءً فذّاً
يتناسب مع المهام الجسام التي تؤهله
للاضطلاع بها على صعيد هداية الاُ مّة
وقيادتها .


إن
كلمة الرسول(صلى الله عليه وآله)
للإمام الحسن(عليه السلام) : « أشبهت
خَلقي وخُلقي » تعدّ وسام
الجدارة والاستحقاق لذلك المنصب
الإلهي الذي هو وراثة الرسالة وخلافة
النبي(صلى الله عليه وآله) بعد خلافة
وصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) .


وإنّ
إحدى مهامّ الرسول(صلى الله عليه وآله)
خلق المناخ الملائم لدى الاُ مّة
التي يفترض فيها أن لا تستسلم لمحاولات
الابتزاز لحقّها المشروع في الاحتفاظ
بقيادتها الإلهية، وأن لا تتأثر
بعمليات التمويه والتشويه لطمس
الركائز التي تقوم عليها رؤيتها
العقائدية والسياسية التي حاول
الإسلام تعميقها وترسيخها في ضمير
الاُمّة .


ومن
هنا نعرف الهدف الذي كان يرمي اليه
النبىّ(صلى الله عليه وآله) في
تأكيداته المتكررة على ذلك الدور الذي
كان ينتظر الإمام الحسن وأخاه(عليهما
السلام) منها قوله(صلى الله عليه وآله) :
«إنّهما إمامان قاما أو قعدا»[2]
و« أنتما الإمامان ، ولاُمّكما
الشفاعة»[3].


وقوله
(صلى الله عليه وآله) للحسين (عليه
السلام) : « أنت سيّد ، ابن سيّد ، أخو
سيّد ، وأنت إمام ، ابن إمام ، أخو إمام
، وأنت حجة ، ابن حجة ، أخو حجة ، وأنت
أبو حجج تسعة ، تاسعهم قائمهم »[4] .


وقوله
(صلى الله عليه وآله) في الإمام الحسن (عليه
السلام) : « هو سيّد شباب أهل الجنة ،
وحجة الله على الاُ مّة ، أمره أمري
، وقوله قولي ، من تبعه فإنّه منّي ،
ومن عصاه فإنّه ليس منّي ... »[5].


ونلاحظ
حرصه على ربط قضاياهما بنفسه، إذ يقول :
« أنا سِلمٌ لِمَن سالمتم، وحرب لِمَن
حاربتم »[6]
.


وجاء
عن أنس بن مالك أنّه قال : دخل الحسن على
النبي(صلى الله عليه وآله) فأردت أن
اُميطه عنه ، فقال : « ويحك يا أنس! دع
ابني وثمرة فؤادي ، فإنّ من آذى هذا
آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله »[7]
.


وكان
الرسول(صلى الله عليه وآله) يُقَبّل
الإمام الحسن(عليه السلام) في فمه
ويُقَبّل الإمام الحسين(عليه السلام)
في نحره، وكأنّه يريد إثارة قضية مهمة
ترتبط بسبب استشهادهما(عليهما السلام)
وإعلاماً منه عن تعاطفه معهما ،
وتأييده لهما في مواقفهما وقضاياهما .


لقد
كان الإمام الحسن(عليه السلام) أحبّ
الناس الى النبىّ(صلى الله عليه وآله)[8]، بل لقد بلغ من
حبّه له ولأخيه أنّه كان يقطع خطبته في
المسجد وينزل عن المنبر ليحتضنهما .


والكلّ
يعلم أنّ الرسول(صلى الله عليه وآله) لم
ينطلق في مواقفه من منطلق الأهواء
الشخصية ، والنزعات والعواطف الذاتية
، وإنّما كان ينبّه الاُمّة الى عظمة
هذين الإمامين ومقامهما الرفيع.


وإنّ
ما ذكر هو الذي يفسّر لنا السرّ في كثرة
النصوص التي وردت عنه(صلى الله عليه
وآله) حول الحسنين(عليهما السلام)
مثل قوله (صلى الله عليه وآله)
بالنسبة للإمام الحسن (عليه السلام) : «اللّهمّ
إنّ هذا ابني وأنا أُحبّه فأحبّه وأحبّ
من يحبّه»[9]،
وقوله(صلى الله عليه وآله) : « أحبّ أهل
بيتي إليّ الحسن والحسين ... »[10]
.


يوم
المباهلة ومداليله :

وفد
بعض أساقفة نصارى نجران على النبىّ(صلى
الله عليه وآله) وناظروه في عيسى،
فأقام عليهم الحجة فلم يقبلوا، ثم
اتفقوا على المباهلة[11]
أمام الله على أن يجعلوا لعنة الله
الخالدة وعذابه المعجّل على الكاذبين .


ولقد
سجّل القرآن الكريم هذا الحادث العظيم
في تاريخ الرسالة الإسلامية بقوله
تعالى :


(إنّ
مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من
تراب ثمّ قال له كن فيكون * الحقّ من
ربِّك فلا تكن من الممترين* فمن حاجَّك
فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل
تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم
ونساءناونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل
فنجعل لّعنت الله على الكاذبين )[12] .


فلمّا
رجعوا الى منازلهم قال رؤساؤهم «السيّد
والعاقب والأهتم» : إن باهَلنا بقومه
باهلناه ، فإنه ليس نبيّاً، وإن
باهَلنا بأهل بيته خاصة لم نباهله ،
فإنه لا يُقدِم الى أهل بيته إلاّ وهو
صادق ، فخرج اليهم (صلى الله عليه وآله)
ومعه عليّ وفاطمة والحسنان(عليهم
السلام) فسألوا عنهم ، فقيل لهم : هذا
ابن عمّه ووصيّه وختنه علي بن أبي طالب
، وهذه ابنته فاطمة ، وهذان ابناه
الحسن والحسين ، ففرقوا فقالوا لرسول
الله (صلى الله عليه وآله) : نعطيك الرضا
فاعفنا من المباهلة، فصالحهم رسول
الله(صلى الله عليه وآله) على الجزية
وانصرفوا[13].


ولقد
أجمع المفسّرون على أنّ المراد
بأبنائنا : الحسن والحسين[14].


وقال
الزمخشري : وفيه دليل ـ لا شيء أقوى منه
ـ على فضل أصحاب الكساء[15].


ويمكننا
استخلاص جملة من الاُمور من يوم
المباهلة أهمها :


أوّلاً
: الاُنموذج الحيّ :


إنّ
إخراج الحسنين (عليهما السلام) في قضية
المباهلة لم يكن أمراً عادياً، وإنّما
كان مرتبطاً بمعاني ومداليل خطيرة،
أهمها: أنّ النبي(صلى الله عليه وآله)
حينما يكون على استعداد للتضحية بنفسه
وبهؤلاء الذين يعتبرهم القمّة في
النضج الرسالي، بالإضافة الى أنّهم
أقرب الناس اليه فإنّه لا يمكن أن يكون
كاذباً ـ والعياذ بالله ـ في
دعواه، كما لاحظه وأقرّه رؤساء
النصارى الذين جاءوا ليباهلوه ، وكذلك
يدل على تفانيه في رسالته الإلهيّة
وعلى ثقته بما يدعو اليه .


ثانياً
: في خدمة الرسالة :


إنّ
اعتبار الإمام الحسن وأخيه الحسين (عليهما
السلام) في صباهما المثل الأعلى
والاُنموذج المجسّد للإسلام وعي
عقائدي سليم فرضته الأدلة والبراهين
التي تؤكّد بشكل قاطع على أن الأئمة
الأطهار(عليهم السلام) كانوا في حال
طفولتهم في المستوى الرفيع الذي
يؤهّلهم لتحمّل الأمانة الإلهية
وقيادة الاُ مّة قيادة حكيمة وواعية
، كما سَجَّل التاريخ ذلك بالنسبة لكل
من الإمامين الجواد(عليه السلام)
والمهدي «عجّل الله تعالى فرجه الشريف»
حيث شاءت الإرادة الإلهية أن يتحمّلا
مسؤولياتهما القيادية في السنين
الاُولى من حياتهما ، وهذا ليس بالغريب
على من أرادهم الله حملة لدينه ورعاة
لبريته، فهذا عيسى بن مريم يتحدّث عنه
القرآن الكريم بقوله : (فأشارت
إليه قالوا كيف نكلّم من كان في المهد
صبيّاً * قال إنّي عبدالله آتاني
الكتاب وجعلني نبيّاً ... )[16]
.


وكذلك
كان يحيى (عليه السلام) الذي قال الله
سبحانه عنه : « يا يحيى خذ
الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيّا »[17]
.


لقد
كان الحسنان(عليهما السلام) في أيّام
طفولتهما الاُولى أيضاً في مستوىً من
النضج والكمال الإنساني بحيث كانا
يملكان كافة المؤهّلات التي تجعلهما
محلاً للعناية الإلهية ، وأهلاً
للأوسمة الكثيرة التي منحها إيّاهما
الإسلام على لسان نبيّه العظيم(صلى
الله عليه وآله) ممّا جعلهما قادرين
على تحمّل المسؤوليات الجسام، وحيث
إنّ الحاضرين للمباهلة شركاء في
الدعوى، إذن فعليّ وفاطمة والحسنان(عليهم
السلام) شركاء في الدعوى ، وفي الدعوة
الى المباهلة لإثباتها .


وهذا
من أفضل المناقب التي خصّ الله بها أهل
بيت نبيّه[18].


وقد
استنتج علماء المسلمين الفضل للحسن
والحسين(عليهما السلام) من المباهلة،
ومنهم ابن أبي علان ـ وهو أحد أئمة
المعتزلة ـ حيث يقول : هذا يدل على أنّ
الحسن والحسين كانا مكلّفين في تلك
الحال; لأنّ المباهلة لا تجوز إلاّ مع
البالغين[19].


ويؤيّد
ذلك أيضاً، اشراكهما(عليهما السلام) في
بيعة الرضوان ، ثم شهادتهما للزهراء(عليها
السلام) في قضية نزاعها مع أبي بكر حول
فدك، الى غير ذلك من أقوال ومواقف
للنبىّ(صلى الله عليه وآله) فيهما في
المناسبات المختلفة .


وهذا
كلّه يصبّ في المنهج الذي أراده النبىّ(صلى
الله عليه وآله) في إعداد الناس
نفسيّاً، وإفهامهم بأنّ أئمة أهل
البيت(عليهم السلام) يمكنهم أن
يتحمّلوا مهمة رسالية في قطعة زمنية من
أعمارهم .


ثالثاً
: سياسات لابدّ من مواجهتها :


هنالك
مجموعة من الغايات التربوية والسياسية
التي كانت تكمن وراء إشراك النبي(صلى
الله عليه وآله) أهل بيته في المباهلة ،
منها :


أ
ـ إنّ إخراج العنصر النسوي ممثّلاً
بفاطمة الزهراء ـ صلوات الله وسلامه
عليها ـ والتي تعتبر الاُنموذج
الأسمى للمرأة المسلمة في أمر ديني
ومصيري كهذا كان من أجل محو ذلك
المفهوم الجاهلي البغيض ، الذي كان لا
يرى للمرأة أيّةَ قيمة أو شأن يذكر ، بل
كانوا يرون فيها مصدر شقاء وبلاء
ومجلبة للعار ومظنّة للخيانة[20]، فلم يكن
يتصوّر أحد منهم أن يرى المرأة تشارك
في مسألة حساسة وفاصلة، بل ومقدّسة
كهذه المسألة ، فضلاً عن أن تعتبر
شريكة في الدعوى ، وفي الدعوة لإثباتها
.


ب
ـ إنّ إخراج الحسنين (عليهما السلام)
الى المباهلة بعنوان أنهما أبناء
الرسول الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله)
مع أنّهما ابنا ابنته الصدّيقة
الطاهرة فاطمة الزهراء(عليها السلام)
له دلالة هامة ومغزىً عميق، حيث إنّه «في
الآية دلالة على أنّ الحسن والحسين ـ وهما
ابنا البنت ـ يصح أن يقال : إنّهما ابنا
رسول الله(صلى الله عليه وآله) لأنّه
وعد أن يدعو أبناءه ، ثم جاء بهما»[21]،
وبالإضافة الى ما اُشير اليه آنفاً كان
يهدف الى إزالة المفهوم الجاهلي
القائل بأنّ أبناء الأبناء هم الأبناء
في الحقيقة دون أبناء البنات.


ومع
كلّ ما قام به النبىّ(صلى الله عليه
وآله) في يوم المباهلة لتصحيح هذا
المفهوم الجاهلي تجد البعض يبقى
متمسّكاً به، وقد ظهر هذا التمسّك في
بعض الآراء الفقهية حول تفسير قوله
تعالى : ( يوصيكم الله في
أولادكم للذكر مثل حظّ الاُنثيين)
حيث اعتبر الإرث مختصّاً بعقب الأبناء
دون من عقبته البنات[22].


وبالرغم
من كون المنهج المناوئ لأهل البيت قد
حظي بكثير من الدعم من قبل الحكام
مجنِّدين كلّ الطاقات من أجل تأكيده
وتثبيته ، إلاّ أنّه كانت ثمة عقبة
كَؤُود تواجههم وتعترض سبيل نجاحهم في
تشويه الحقيقة وتزوير التأريخ ، وهي
وجود أهل البيت(عليهم السلام) الذين
يملكون أقوى الحجج وأعظم الدلائل
والشواهد من القرآن ومن الحديث
المتواتر ومن المواقف النبويّة
المتضافرة التي عرفها ورآها وسمعها
عدد هائل من صحابة الرسول الأعظم(صلى
الله عليه وآله) ثم انتقلت منهم الى
الاُ مّة الإسلامية .


ولا
بأس أن نذكر شيئاً من محاولات نفي
بنوّة الحسنين(عليهما السلام) له(صلى
الله عليه وآله) :


1
ـ قال ذكوان مولى معاوية : قال معاوية :
لا أعلمنّ أحداً سمّى هذين الغلامين
ابني رسول الله(صلى الله عليه وآله)،
ولكن قولوا : ابني علي(عليه السلام)،
قال ذكوان : فلمّا كان بعد ذلك أمرني أن
أكتب بنيه في الشرف ، قال : فكتبت بنيه
وبني بنيه وتركت بني بناته ، ثم أتيته
بالكتاب فنظر فيه ، فقال: ويحك ، لقد
أغفلت كُبْر بنيّ! فقلت : من؟ فقال : أما
بنو فلانة ـ لابنته ـ بَنيَّ؟ قال :
قلت : الله!! أيكون بنو بناتك بنيك ، ولا
يكون بنو فاطمة بني رسول الله(صلى الله
عليه وآله)؟! قال : ما لك؟ قاتلك الله! لا
يسمعنّ هذا أحد منك[23]
.


2
ـ قال الإمام الحسن(عليه السلام)
محتجّاً على معاوية : « ... فأخرج رسول
الله(صلى الله عليه وآله) من الأنفس معه
أبي، ومن البنين أنا وأخي، ومن النساء
فاطمة اُمي من الناس جميعاً ، فنحن
أهله ولحمه ودمه ونفسه ، ونحن منه وهو
منّا»[24].


3
ـ وقال الرازي في تفسير قوله تعالى : (ومن
ذرّيته داود وسليمان وأيوب ويوسف ـ الى
قوله ـ وزكريا ويحيى وعيسى) بعد أن ذكر
دلالة الآية على بنوّة الحسنين للنبيّ(صلى
الله عليه وآله) قال : «ويقال : إنّ أبا
جعفر الباقر استدلّ بهذه الآية عند
الحجّاج بن يوسف»[25]
.


4
ـ وأرسل عمرو بن العاص الى أمير
المؤمنين(عليه السلام) يعيبه بأشياء
منها : أنّه يسمّي حسناً وحسيناً
وَلَدَي رسول الله(صلى الله عليه وآله)
فقال لرسوله : «قل للشانئ ابن الشانئ :
لو لم يكونا ولديه لكان أبتر ، كما زعم
أبوك»[26]
.


لقد
صدع الإمام الحسن(عليه السلام) في أكثر
من مناسبة وأكثر من موقف ، ولم يكن
يكتفي بإظهار وإثبات بنوّته لرسول
الله(صلى الله عليه وآله) فقط، وإنّما
كان يؤكّد من خلالها أنّ حقّ الإمامة
والخلافة له وحده ، ولا يمكن أن يصل الى
معاوية وأضرابه; لأنّ معاوية يفتقد
المواصفات المؤهّلة للخلافة ، بل
يتّصف بما ينافيها.


ومن
كلامه في جملة من المواقف وفي هذا
الشأن بالخصوص :


1
ـ أ نّه(عليه السلام) خطب فور وفاة
أبيه(عليه السلام) فقال : «أيّها الناس،
من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني
فأنا الحسن بن علي ، وأنا ابن النبيّ ،
وأنا ابن الوصيّ»[27].


2
ـ إنّ معاوية طلب منه(عليه السلام) أن
يصعد المنبر ويخطب ، فصعد المنبر وخطب
وصار يقول : أنا ابن ، أنا ابن ... الى أن
قال : «لو طلبتم إبناً لنبيّكم ما بين
لابتيها لم تجدوا غيري وغير أخي»[28]
.


شهادة
الحسنين (عليهما
السلام) على كتاب لثقيف :

لقد
أشهد النبي(صلى الله عليه وآله)
الحسنين (عليهما السلام) حينما كتب
كتاباً لثقيف ، وأثبت فيه شهادة عليّ
والحسنين صلوات الله وسلامه عليهم .


قال
أبو عبيد : وفي هذا الحديث من الفقه
إثباته شهادة الحسن والحسين ، وقد
كان يروي مثل هذا عن بعض التابعين: أنّ
شهادة الصبيان تكتب ويستنسبون ،
فيستحسن ذلك ، فهو الآن في سنّة النبىّ[29]
.


نقول
: ألم يجد النبيّ أحداً من الصحابة
يستشهده على ذلك الكتاب الخطير الذي
كان يرتبط بمصير جماعة كبيرة سوى هذين
الصبيّين؟! وهل كان وحيداً(صلى الله
عليه وآله) حينما جاءه وفد ثقيف ، وكتب
لهم ذلك الكتاب حتى احتاج الى استشهاده
ولَدَين صغيرين لم يبلغا الخمس سنوات؟.


إنّ
أدنى مراجعة للنصوص التاريخية لتبعد
هذا الاحتمال كلّ البعد ، حيث إنّها
صريحة في أنّ رسول الله(صلى الله عليه
وآله) قد ضرب لهم قبة في المسجد ليسمعوا
القرآن ، ويروا الناس إذا صلّوا، وكان
خالد بن سعيد بن العاص حاضراً، وكان
خالد بن الوليد هو الكاتب ، ومع ذلك لم
يشهدا على الكتاب[30].


إنّنا
نعي من ذلك ما أراد أن يشير اليه النبىّ(صلى
الله عليه وآله) من فضل الحسنين،
وأنّهما مؤهّلان لأن يتحمّلا
المسؤوليات الجسام حتى في المعاهدات
السياسية الخطيرة كهذه المعاهدة
بالذات، والتي كانت مع ثقيف المعروفة
بعدائها الشديد للإسلام والمسلمين .


حضور
الحسنين (عليهما
السلام) بيعة الرضوان :


لقد
حضر الحسنان (عليهما السلام) بيعة
الرضوان، واشتركا في البيعة مع رسول
الله (صلى الله عليه وآله)، وعرف ذلك
عند المؤرّخين .


قال
الشيخ المفيد (رحمه الله) : «وكان من
برهان كمالهما(عليهما السلام) وحجة
اختصاص الله تعالى لهما بيعة رسول الله
لهما ، ولم يبايع صبياً في ظاهر الحال
غيرهما»[31]
.


ومن
المعلوم أنّ البيعة تتضمّن إعطاء
التزام وتعهّد للطرف الآخر بتحمّل
مسؤوليات معينة ترتبط بمستقبل الدعوة
والمجتمع الإسلامي، وحمايتهما من كثير
من الأخطار التي ربّما يتعرّضان لها،
ومعنى ذلك أنّ النبىّ(صلى الله عليه
وآله) قد رأى في الحسنين(عليهما
السلام) ـ على صغر سنهما ـ أهلية
وقابلية لتحمّل تلك المسؤوليات
الجسام، والوفاء بالالتزامات التي
أخذا على عاتقهما الوفاء بها.


الحسن
والحسين إمامان :


روي
عن النبىّ(صلى الله عليه وآله) أنّه قال
: «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا»[32].
رغم أنّه لم يكن عمرهما حينئذ قد تجاوز
الخمس سنوات ، وبذا يكون للحديث أهميته
وعمق دلالته في معناه ، ونجد الإمام
الحسن(عليه السلام) يستدلّ بهذا القول
على من يعترض عليه في صلحه مع معاوية[33]
.


[1] حياة الإمام
الحسن: 1 / 67، وسيرة الأئمة الإثني عشر
للحسني: 1 / 513، وصلح الإمام الحسن لفضل
الله ـ 15 عن الغزالي في إحياء
العلوم . وحول شبهه(عليه السلام) بجدّه
راجع : تاريخ اليعقوبي: 2 / 226 ط .
صادر ، والبحار ج10، وأعيان الشيعة ج4،
وذكر ذلك العلاّمة المحقّق الأحمدي عن
كشف الغمة : 154، والفصول المهمة
للمالكي، والإصابة: 1 / 328، وكفاية
الطالب 267، وتهذيب تاريخ ابن عساكر: 4 / 202،
وينابيع المودة: 137، وتاريخ الخلفاء: 126
ـ 127، والتنبيه والاشراف: 261 .


[2] راجع كتاب أهل
البيت تأليف توفيق أبو علم: 307 ،
والارشاد للمفيد 220، وكشف الغمة
للأربلي:


2 / 159 ، وعلل الشرائع: 1 / 211،
والمناقب لابن شهر آشوب: 3 / 367 وعبر عنه
بالخبر المشهور.


[3] اثبات الهداة: 5 /
52 ، والإتحاف بحب الأشراف : 129 .


[4] ينابيع المودة: 168،
وإثبات الهداة : 5 / 129 .


[5] فرائد السمطين : 2
/ 35 ، وأمالي الصدوق : 101 . وحول ما يثبت
إمامة الإمام الحسن(عليه السلام) راجع :
ينابيع المودة : ص441 و442 و443 و487 عن
المناقب، وفرائد السمطين : 2 / 140 ـ 134 ـ153
ـ 259 وفي هوامشه عن المصادر التالية :
غاية المرام: 39، وكفاية الأثر المطبوع
في آخر الخرائج والجرائح: 289، وعيون
أخبار الرضا: باب 6 ص32، وبحار الأنوار : 3
/ 303 و 36 / 283 و43 / 248.


[6] راجع سنن الترمذي
: 5 / 699 ، وسنن ابن ماجة : 1 / 52 ، وينابيع
المودة: 165 و230 و261 و370 عن جامع الاصول
وغيره.


[7] أهل البيت تأليف
توفيق أبو علم : 274 ، وراجع سنن ابن ماجة
: 1 / 51 .


[8] نسب قريش لمصعب
الزبيري: ص23 ـ 25 .


[9] تهذيب تاريخ ابن
عساكر : 4 / 205 و206 و207 ، والغدير : 7 / 124 .


[10] راجع الكثير من
هذه النصوص في المصدرين السابقين،
وسيرتنا وسنتنا: 11 ـ 15 ، وفضائل الخمسة
من الصحاح الستة ، وفرائد السمطين ،
وترجمة الحسن وترجمة الحسين من تاريخ
ابن عساكر بتحقيق المحمودي، والفصول
المهمة للمالكي ، وترجمة الإمام الحسن
من أنساب الأشراف ، ونور الأبصار.


[11] من البهلة : وهي
اللعنة، ثم كثر استعمال الابتهال في
المسألة والدعاء إذا كان بإلحاح .


[12] آل عمران (3) : 59
ـ 61 .


[13] راجع تفسير
القمي: 1 / 104 ، والقرشي : 1 / 88 ـ 91 . وقد روى
قضية المباهلة بأهل الكساء ـ
بالاختصار تارة وبالتفصيل اُخرى ـ جم
غفير من الحفاظ والمفسّرين، راجع
الحياة السياسية للإمام الحسن: ص18 ـ 19،
وراجع الميزان في تفسير القرآن : 3 / 368
طبعة الأعلمي .


[14] مجمع البيان : 2
/ 452 ، وراجع التبيان : 2 / 485 ، وتفسير
الرازي : 8 / 80 ، وحقائق التأويل 114 وفيه :
أجمع العلماء ... الخ .


[15] الكشاف : 1 / 370 ،
وراجع الصواعق المحرقة : ص153 عنه ،
وراجع الإرشاد للمفيد : ص99، وتفسير
الميزان : 3 / 238 .


[16] مريم (19) : 29 ـ 30 .


[17] مريم (19) : 12 .


[18] راجع تفسير
الميزان : 3 / 224 ، ودلائل الصدق : 3 / قسم1 ص84
.


[19] نقله عنه أبو
حيّان في «البحر المحيط» في تفسير آية
المباهلة .


[20] راجع : الصحيح
من سيرة النبيّ الأعظم(صلى الله عليه
وآله) : 1 / 45 ـ 47 .


[21] تفسير الرازي :
8 / 81 ، وفتح القدير : 1 / 347 ، وتفسير
النيسابوري بهامش تفسير الطبري : 3 / 214 ،
والتبيان : 2 / 485 عن أبي بكر الرازي (وهو
غير الفخر الرازي)، ومجمع البيان : 2 / 452
، والغدير : 7 / 122 عنه وعن تفسير
القرطبي : 4 / 104 .


[22] راجع : الحياة
السياسية للإمام الحسن : 27 ـ 28 .


[23] كشف الغمة
للاربلي : 2 / 173، ط دار الأضواء .


[24] ينابيع المودة:
479 عن الزرندي المدني وص482 و52 ، وتفسير
البرهان : 1 / 286 .


[25] تفسير الرازي :
13 / 66 ، وفضائل الخمسة من الصحاح الستة :
1 / 247 عنه .


[26] شرح نهج
البلاغة لابن أبي الحديد : 20 / 334 .


[27] مستدرك الحاكم
: 3 / 172، وذخائر العقبى 138 عن الدولابي .


[28] المناقب لابن
شهر آشوب : 4 / 12 عن العقد الفريد
والمدائني .


[29] الأموال : ص279 ـ
280 ، وراجع التراتيب الادارية : 1 / 274 .


[30] الحياة
السياسية للإمام الحسن ، للعاملي: 44 .


[31] الإرشاد : 219 ،
وفدك للقزويني هامش : 16 عنه .


[32] راجع علل
الشرائع : 1 / 211 .


[33] راجع علل
الشرائع : 1 / 211 .

/ 31