أعلام الهدایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أعلام الهدایة - نسخه متنی

السید منذر حکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




10
ـ توالي الخيانات في جيش الإمام (عليه
السلام) :


وصلت
أنباء استسلام عبيد الله لعدوّه إلى
المدائن ، وشاع جوّ من المحنة في
النفوس ، وشعر الإمام (عليه السلام)
بالطعنة في الصميم تأتيه من أقرب الناس
اليه وأخصّهم به ، وتسرّبت اليه أنباء
عن مكاتبة بعض رؤساء الأجناد والقوّاد
لمعاوية وطلبهم الأمان لأنفسهم
وعشائرهم ، ومكاتبة معاوية لبعضهم
بالأمان والمواعيد[1]
.


وممّا
يذكر : « أنّ معاوية دسّ إلى عمرو بن
حريث والأشعث بن قيس وحجار بن أبجر
وشبث بن ربعي دسيساً أفرد كلّ واحد
منهم بعين من عيونه : أنّك إذا قتلت
الحسن فلك مائة ألف درهم ، وجندٌ من
أجناد الشام ، وبنتٌ من بناتي » .


فبلغ
الحسن (عليه السلام) ذلك فاستلأم ولبس
درعاً وسترها ، وكان يحترز ولا يتقدّم
للصلاة إلاّ كذلك ، فرماه أحدهم في
الصلاة بسهم فلم يثبت فيه لما عليه من
اللامة[2] .


وهكذا
توالت الخيانات في جيش الإمام، ومن ذلك
: « أنّ الحسن بعث إلى معاوية قائداً من
كندة في أربعة آلاف ، فلمّا نزل
الأنبار بعث اليه معاوية بخمسمائة ألف
درهم ، ووعده بولاية بعض كور الشام
والجزيرة ، فصار اليه في مائتين من
خاصّته ، ثم بعث رجلاً من مراد ففعل
كالأول بعدما حلف الأيمان التي لا تقوم
لها الجبال أنّه لا يفعل ، وأخبرهم
الحسن أنّه سيفعل كصاحبه »[3]
.


ويقف
الإمام الحسن (عليه السلام) أمام هذه
النكبات والمحن المتتالية ، متطامناً
على نفسه ناظراً في أمره ، وإلى أين
ستنتهي به هذه المسيرة .


والذي
يظهر لنا من بعض النصوص أنّ ابن عباس لم
يفرَّ وحده ، بل خرج معه عدد وفير من
الزعماء والقوّاد والجند ، وهو أمر
يمكن أن يساعد عليه الجوّ المشحون
بالتشاؤم واليأس من توقّع انتصار
الإمام (عليه السلام) على عدوّه.


وهكذا
أخذت الأنباء تتوارد على الإمام في
المدائن بفرار الخاصة من القواد
والزعماء ، وقدتبع انهزام هؤلاء فرار
كثير من الجند ، حيث كان انهزامهم
سبباً لحدوث تمرّد وفوضى شاملة في
الجيش .


وقد
ارتفعت أرقام الفارّين إلى معاوية بعد
فرار عبيد الله وخاصّته إلى ثمانية
آلاف ، كما يذكر اليعقوبي في تاريخه
فيقول : « إنّه ـ يعني معاوية ـ أرسل إلى
عبيد الله بن عباس ، وجعل له ألف ألف
درهم ، فصار اليه في ثمانية آلاف من
أصحابه ، وأقام قيس بن سعد على محاربته»[4]
.


واذا
أخذنا في اعتبارنا أنّ الجيش الذي كان
في « مسكن » إثنا عشر ألفاً فستكون نسبة
الفارّين منه إلى معاوية وهي ثلثا
الجيش نسبة كبيرة ، في حين كان الجيش
الذي يقوده معاوية لمواجهة الحسن (عليه
السلام) ستين ألفاً تضاف اليه آلاف
الفارّين من جيش الحسن (عليه السلام) .


وحقّاً
أنّها لصدمة رهيبة ومحنة حادّة تتداعى
أمامها القوى ، وتنفرج بها أنياب
الكارثة عن مأساة مرعبة يتحمّل جزءً
كبيراً من مسؤوليّتها عبيد الله بن
العباس أمام الله والتاريخ .


والشيء
الذي يمكن فهمه من هذا الفرار الجماعي
هو وجود تآمر على الخيانة في أوساط
جملة من الزعماء والوجوه ، وإلاّ فبأيّ
قاعدة منطقية يمكن تفسير فرار ثمانية
آلاف مقاتل من جيش يستعد للقتال في
فترة قصيرة ، وهل يكون ذلك إلاّ عن سابق
تفكير وإحكام لخطة خائنة ؟!.


ويقف
الإمام (عليه السلام) باحثاً عن المخرج
من هذا المأزق الذي تداعت به معنويات
جيشه في « مسكن » وتزلزلت منه قوى جيشه
في المدائن ، خاصة إذا نظر بعين
الموازنة بين جيشه وجيش عدوه من حيث
العدد .


فكان
جيشه يتألف من عشرين ألفاً فقط كما
أجمعت عليه المصادر التاريخية[5]
بينما يتألف جيش عدّوه من ستين ألفاً ،
وبعد لحاظ الآلاف الثمانية التي
التحقت بمعاوية في « مسكن » بعد خيانة
عبيد الله يصبح جيش الحسن (عليه السلام)
خمس جيش عدوه ، وهذا انهيار كبير حسب
الموازين والحسابات العسكرية ، هذا
فضلاً عمّا تقوله بعض المصادر بخصوص
فرار بعض أفراد الجيش في المدائن ممّن
استهوتهم المطامع بالاستيلاء على


المغانم وجاؤوا رغبة فيها إذا قدِّر
الانتصار لجيش الإمام الحسن (عليه
السلام) ، فواكبوا مسيرة الجيش ، ثم
فرّوا بعد أن أحسّوا تفوّق الطرف الآخر
عسكرياً في العدَّة والعدد .


وممّا
زاد في انهيار الموقف حرب الإشاعات
الكاذبة التي شنّها معاوية للقضاء على
البقية الباقية من معنويات الجيش في
مسكن والمدائن ، ونذكر هنا بعض هذه
الشائعات ومدى تأثيرها على المعنويات
العامة في جيش الإمام الحسن (عليه
السلام) بكلا شقّيه في المدائن ومسكن .


وقد
عمل معاوية بكلّ ما أمكنه من خبث ومكر
من أجل الوقيعة بالجيش الكوفي وتفتيت
قواه ، وكان اختياره للأكاذيب ينمّ عن
خبرة دقيقة في حبكها وانتقائها ، فأرسل
من يدسّ في معسكر المدائن : « . . . بأنّ
قيس ابن سعد وهو قائد مسكن بعد فرار ابن
عباس قد صالح معاوية وصار معه ... »[6].


«
ويوجّه إلى عسكر قيس في مسكن من يتحدّث
أنّ الحسن قد صالح معاوية وأجابه ... »[7]
.


ثم
ينشر في المدائن إشاعةً هي : « .. ألا إنّ
قيس بن سعد قد قتل فانفروا ،
فنفروا بسرادق الحسن فنهبوا متاعه
فنازعوه بساطاً تحته ، فازداد لهم
بغضاً ومنهم ذعراً ، ودخل المقصورة
البيضاء في المدائن ... »[8]
.


وهكذا
طوّقت موجة الشائعات المتدفّقة بمكر
معاوية وخبثة جناحي الجيش في المدائن
ومسكن ، وفَصَمَتْ ما تبقّى فيه من
تماسك ، وكانت سبباً في زلزلة فئات
كثيرة من غوغاء الناس المتأرجحين بين
الطاعة والعصيان ومحبّي الفتن
والاضطرابات .


وما
الذي ينتظر أن تفعله الشائعات في جيش
كجيش المدائن الذي سبق وأنّه علم
بخيانة قائد « مسكن » الذي لم يكن قيس
بمنزلته في نظره ، فلِمَ لا يصدق خيانة
قائدها الثاني أو خبر قتله ؟ وليس جيش
مسكن بأقلّ حظّـاً من تأثّره بهذه
الشائعات ، وقد سبق وأنّه اُصيب بخيانة
قائده من قبل .


وفي
غمرة هذه الأحداث جاء وفد يمثّل أهل
الشام مؤلّف من المغيرة ابن شعبة
وعبدالله بن كريز وعبد الرحمن بن الحكم
وهو يحمل كتب أهل العراق ليُطلع الإمام
الحسن (عليه السلام) عليها وما تكنّه
ضمائر بعض أصحابه من السوء ، وأنّهم
تطوّعوا في صفوف جيشه لإذكاء نار
الفتنة عندما يحين موعدها المرتقب ،
وتُنشر الكتب بين يدي الإمام (عليه
السلام) ولم تكن لتزيده يقيناً على ما
يعرف من أصحابها من دخيلة السوء وحبّ
الفتنة ، وكانت خطوطهم وتواقيعهم
واضحة لديه وصريحة .


وعُرض
الصلح على الإمام بالشروط التي يراها
مناسبة ، ولكنّ الإمام لم يشأ أن
يعطيهم من نفسه ما يرضي به طموح معاوية
، وكان دقيقاً في جوابه ، بحيث لم
يشعرهم فيه بقبول الصلح أو ما يشير إلى
ذلك ، بل اندفع يعظهم ويدعوهم إلى الله
عزوجل وما فيه نصح لهم وللاُ مّة
ويذكّرهم بما هم مسؤولون به أمام الله
ورسوله في حقّه .


وحين
رأى المغيرة ورفاقه أنّ الدور الأول من
الرواية التي حاولها مكر معاوية قد
فشلت في إقناع الإمام (عليه السلام)
بالصلح بل بقي موقفه صامداً أمام هذه
المؤثرات القوية انتقلوا لتنفيذ حلقة
ثانية من سلسلة المحاولات المعدّة من
قبل معاوية وإن آتت اُكلها لاحقاً ،
فلا أقل من أنّها ستترك أثراً سيّئاً
يزيد موقف الإمام حراجةً وإن لم يتحقّق
منها إقناع الإمام بالصُلح .


وغادر
الوفد مقصورة الإمام مستعرضاً مضارب
الجيش الذي كان يترقّب نتائج
المفاوضات ، فرفع أحد أفراد الوفد صوته
ليسمعه الناس : « إنّ الله قد حقن
بابن رسول الله الدماء وسكّن الفتنة
وأجاب إلى الصلح ... »[9]
.


وهكذا
مثّلوا دورهم أروع تمثيل ، وخلقوا
جوّاً لاهباً من المأساة تدهور على
أثرها الموقف ، وتفجّرت كوامن الفتنة
واضطرب تماسك الجيش ولاحت في الاُفق
بوادر المحنة ، فأيّ غائلة هذه التي
ألهب نارها المغيرة ورفاقه ؟.


11
ـ محاولات اغتيال الإمام (عليه
السلام) :


ولم
تقف محنة الإمام (عليه السلام) في جيشه
إلى هذا الحدّ ، فقد أقدم المرتشون
والخوارج على قتله ، وجرت ثلاث محاولات
لاغتياله (عليه السلام) وسلم منها ، وهي
كما يلي :


1
ـ إنّه (عليه السلام) كان يصلّي فرماه
شخص بسهم فلم يؤثّر شيئاً فيه[10]
.


2
ـ طعنه الجرّاح بن سنان في فخذه ، وقال
الشيخ المفيد : « إنّ الحسن أراد أن
يمتحن أصحابه ليرى طاعتهم له وليكون
على بصيرة من أمره ، فأمر أن ينادى
بالصلاة جامعة ، فلمّا اجتمع الناس قام
خطيباً فقال :


«
... أمّا بعد ، فإنّي والله لأرجو أن
أكون قد أصبحت بحمد الله ومنّه وأنا
أنصح خلق الله لخلقه ، وما أصبحت
محتملاً على مسلم ضغينة ، ولامريداً له
بسوء ولا غائلة ، وأنّ ما تكرهون في
الجماعة خير لكم ممّا تحبّون في الفرقة
، وأ نّي ناظر لكم خير من نظركم
لأنفسكم فلا تخالفوا أمري ، ولا تردّوا
عليّ رأيي ، غفر الله لي ولكم ، وأرشدني
وإيّاكم لما فيه المحبّة والرضا » .


ونظر
الناس بعضهم إلى بعض وهم يقولون ما
ترونه يريد ؟ واندفع بعضهم يقول : والله
يريد أن يصالح معاوية ويسلم الأمر اليه
، فقالوا : كفر والله الرجل .


ثم
شدّوا على فسطاطه وانتهبوه حتى أخذوا
مصلاّه من تحته ، ثم شدَّ عليه عبد
الرحمن بن عبدالله بن جعال الأزدي فنزع
مطرفه عن عاتقه فبقي جالساً متقلّداً
السيف بغير رداء ، ثم دعا بفرسه فركبه
وأحدق به طوائف من خاصّته وشيعته
ومنعوا منه من أراده ، فقال : ادعوا
إليّ ربيعة وهمدان ، فدعوا فأطافوا به
ودفعوا الناس عنه (عليه السلام) وسار
ومعه شعوب من غيرهم ، فلمّا مرّ في
مظالم ساباط بَدَرَ اليه رجل من بني
أسد يقال له « الجراح بن سنان » فأخذ
بلجام بغلته وبيده مغول وقال : الله
أكبر أشركت يا حسن كما أشرك أبوك من قبل
، ثم طعنه في فخذه فشقّه حتّى بلغ العظم
، ثم اعتنقه الحسن (عليه السلام) وخرّا
جميعاً إلى الأرض، فوثب اليه رجل من
شيعة الحسن (عليه السلام) يقال له «
عبدالله ابن خطل الطائي » فانتزع
المغول من يده وخضخض به جوفه فأكبّ
عليه آخر يقال له « ظبيان بن عمارة »
فقطع أنفه فهلك من ذلك ، واُخذ آخر كان
معه فقتل وحمل الحسن (عليه السلام) على
سرير إلى المدائن ... »[11]
.


3
ـ طعنه بخنجر في أثناء الصلاة[12]
.


12
ـ موقف الإمام الحسن (عليه السلام) :

قال
الشيخ المفيد : « .. ونظر ( الإمام الحسن (عليه
السلام) ) في اُمورهم ( أي في اُمور
الناس ) فازدادت بصيرة الحسن (عليه
السلام) بخذلان القوم له وفساد نيّات
المحكِّمة فيه بما أظهروه له من السبّ
والتكفير له واستحلال دمه ونهب أمواله
، ولم يبق معه من يأمن غوايله إلاّ
خاصّته من شيعة أبيه وشيعته وهم جماعة
لا تقوم لأجناد الشام ، فكتب اليه
معاوية في الهدنة والصلح ، وأنفذ اليه
بكتب أصحابه الذين ضمنوا له فيها الفتك
به وتسليمه اليه ، فاشترط له على نفسه
في إجابته إلى صلحه شروطاً كثيرة ،
وعقد له عقوداً كان في الوفاء بها
مصالح شاملة ، فلم يثق به الحسن (عليه
السلام) وعلم باحتياله بذلك واغتياله ،
غير أنّه لم يجد بدّاً من إجابته إلى ما
التمس من ترك الحرب وإنفاذ الهدنة لما
كان عليه أصحابه ممّا وصفناه من ضعف
البصائر في حقّه والفساد عليه والخلف
منهم له وما انطوى عليه كثير منهم في
استحلال دمه وتسليمه إلى خصمه وما كان
من خذلان ابن عمّه له ومصيره إلى عدوّه
وميل الجمهور منهم إلى العاجلة وزهدهم
في الآجلة ... »[13]
.



البحث
الثاني : في الصلح وأسبابه ونتائجه



تعتبر
المرحلة التي صالح فيها الإمام الحسن (عليه
السلام) معاوية بن أبي سفيان من أصعب
مراحل حياته (عليه السلام) وأكثرها
تعقيداً وحسّاسية وأشدها إيلاماً ، بل
إنّها كذلك وعلى مدى حياة أهل بيت رسول
الله (عليه السلام) ، وقد أصبح صلح
الإمام (عليه السلام) من أهم الأحداث
في التاريخ الإسلامي بما تستبطنه من
موقف بطولي للإمام المعصوم (عليه
السلام) ، وبما أدّى اليه من تطورات
واعتراضات وتفسيرات مختلفة طوال
القرون السالفة وحتى عصرنا الحاضر ،
وألّف الباحثون المسلمون في توضيح
وتحليل الصلح كتباً عديدة ، وأصدر
الأعداء والأصدقاء أحكامهم بشأنه .


وقد
انبرى باحثون معاصرون من الطراز
الممتاز مثل المرحوم الشيخ محمد حسين
كاشف الغطاء والشيخ راضي آل ياسين
والشيخ باقر شريف القرشي للكتابة عن
الإمام (عليه السلام) وصلحه الذي قام به
من أجل الإسلام .


وسنبدأ
بالحديث عمّا ورد عن هذا الصلح
تأريخياً ، ثم ننقل كلمات الإمام (عليه
السلام) في الأسباب الكامنة وراء قبوله
بالصلح ، وبعد ذلك نقوم بالتحليل.


إتمام
الحجّة :


ذكر
المؤرّخون : أنّ الإمام الحسن (عليه
السلام) بعد أن رأى خيانات جيشه
والمحيطين به ونفاقهم ، مع أنّه لم يبق
له ثمّة أمل في ثباتهم وصمودهم في
مواجهة العدو ، ومع انكشاف ما تنطوي
عليه تلك الضمائر من رغبات ، لكنّه (عليه
السلام) ولكي يتمّ الحجة ألقى فيهم
الخطاب الآتي :


«
ويلكم ! والله إنّ معاوية لا يفي لأحد
منكم بما ضمنه في قتلي ، وإنّي أظنّ إن
وضعتُ يدي في يده فأسلمه لم يتركني
أدين بدين جَدّي ، وإنّي اَقدِرُ أن
أعبدَ الله عزوجلّ وحدي ، ولكن كأنّي
أنظر إلى أبنائكم واقفين على أبواب
أبنائهم يستسقونهم ويطعمونهم بما جعل
الله لهم فلا يسقون ولا يطعمون ،
فبُعداً وسحقاً لما كسبته أيديهم ،
وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون
»[14].


ومرّةً
اُخرى ، وقبل أن يقبل باقتراح معاوية
للصلح قام الإمام (عليه السلام) بإتمام
الحجّة ، من خلال خطاب يتضمّن
استطلاعاً لآراء أصحابه ، واستخباراً
لنيّاتهم ، فقد قال (عليه السلام) بعد
أن حمد الله تعالى وأثنى عليه :


«
أما والله ما ثنانا عن قتال أهل الشام
ذلّة ولا قلّة ، ولكن كنّا نقاتلهم
بالسلامة والصبر ، فَشيب السلام
بالعداوة ، والصبر بالجزع ، وكنتم
تتوجَّهون معنا ودينُكم أمام دنياكم ،
وقد أصبحتم الآن ودنياكم أمام دينكم ،
وكنّا لكم وكنتم لنا ، وقد صرتم اليوم
علينا ، ثمّ أصبحتم تصدّون قتيلَين :
قتيلاً بصفّين تبكون عليهم ، وقتيلاً
بالنهروان تطلبون بثأرهم ، فأمّا
الباكي فخاذل ، وأمّا الطالب فثائر »[15] .


وبعد
ذلك عرض عليهم اقتراح معاوية الصلح ،
فقال (عليه السلام) :


«
وإنّ معاوية قد دعا إلى أمر ليس فيه
عزٌّ ولا نَصَفَةٌ ، فإن أردتم الحياة
قبلناه منه ، وأغضضنا على القذى ، وإن
أردتم الموت بذلناه في ذات الله ،
وحاكمناه إلى الله ؟ »[16]
.


وأضاف
الراوي : « فنادى القوم بأجمعهم : بل
البقيةُ والحياة »[17] .


[1] أعيان الشيعة : 4 /
22 .


[2] أعيان الشيعة : 4 /
22 .


[3] المصدر السابق .


[4] صلح الإمام الحسن(عليه
السلام) : 80 .


[5] صلح الإمام الحسن(عليه
السلام) : 81 .


[6] تأريخ اليعقوبي :
2 / 191 .


[7] تأريخ اليعقوبي :
2 / 191 .


[8] تأريخ ابن الأثير
: 3 / 203 .


[9] تأريخ اليعقوبي :
2 / 191 .


[10] حياة الإمام
الحسن : 2 / 106 .


[11] الإرشاد : 190 .


[12] ينابيع المودة
: 292 .


[13] الإرشاد : 190 ـ
191 .


[14] تاريخ الطبري :
4 / 122 ، وتذكرة الخواص لابن الجوزي : 112 .


[15] بحار الأنوار :
44 / 21 .


[16] بحار الأنوار :
44 / 21 .


[17] بحار الأنوار :
44 / 21 .

/ 31