أعلام الهدایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أعلام الهدایة - نسخه متنی

السید منذر حکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الفصل
الخامس

علي
(عليه
السلام) شهيد المحراب

[1]

تواطأت
زمر الشرّ على أن لا تبقي للحقّ راية
تخفق أو يداً تطول فتصلح أو صوتاً
يدوّي فيكشف زيغ وفساد الظالمين
والمنحرفين، فبالأمس كان أبو سفيان
يمكر ويغدر ويفجر ويخطّط لقتل النبيّ
الأكرم (صلى الله عليه وآله) لوأد
الرسالة الإلهية في مهدها، ولكنّ الله
أبى إلاّ أن يتمّ نوره.
وها
هو معاوية بن أبي سفيان يستفيد من
نتائج انحراف السقيفة، ويتمّم ما بدأه
أبوه سعياً للقضاء على الرسالة
الإسلامية، تعينه في ذلك قوى الجهل
والضلالة والعمى، فخطّطوا لقتل ضمير
الاُمّة الحيّ وصوت الحقّ والعدل
وحامل لواء الإسلام الخالد ومحيي
الشريعة المحمديّة السمحاء.
واجتمعت
ضلالتهم على أن يطفئوا نور الهدى ليبقى
الظلام يلفّ انحرافهم وفسادهم،
فامتدّت يد الشيطان لتصافح ابن ملجم في
عتمة الليل، وفي ختلة وغدرة هوت بالسيف
على هامة طالما استدبرت الدنيا
واستقبلت بيت الله وهي ساجدة،
وغادرتها منها في تلك الحال.
لقد
اجتمعت عصابة ضالّة على قتل أمير
المؤمنين (عليه السلام) لا يبعد أن كان
محرّكها معاوية، واتفقوا أن يداهموا
الإمام عند ذهابه لصلاة الفجر، فما
كان أحد يجرؤ على مواجهة الإمام (عليه
السلام).
ولمّا
كانت ليلة تسع عشرة من شهر رمضان; كان
الإمام (عليه السلام) يكثر التأمل في
السماء وهو يردّد «ما كذبت ولا كذّبت
إنّها الليلة التي وعدت بها»[2]
وأمضى (عليه السلام) ليلته بالدعاء
والمناجاة، ثمّ خرج الى بيت الله لصلاة
الصبح فجعل يوقظ الناس على عادته الى
عبادة الله فينادي: الصلاة... الصلاة.
ثمّ
شرع (عليه السلام) في صلاته، وبينما هو
منشغل يناجي ربّه إذ هوى المجرم اللعين
عبد الرحمن بن ملجم وهو يصرخ بشعار
الخوارج «الحكم لله لا لك» ووقع السيف
على رأسه المبارك فقدّ منه فهتف الإمام
(عليه السلام): «فزت وربّ الكعبة»[3].
ولمّا
علت الضجّة في المسجد; أقبل الناس
مسرعين فوجدوا الإمام (عليه السلام)
طريحاً في محرابه، فحملوه الى داره وهو
معصّب الرأس والناس يضجّون بالبكاء
والعويل، واُلقي القبض على المجرم ابن
ملجم، وأوصى الإمام (عليه السلام) ولده
الحسن وبنيه وأهل بيته أن يحسنوا الى
أسيرهم وقال: «النفس بالنفس، فإن أنا
مُتّ فاقتلوه كما قتلني، وإن أنا عشت
رأيت فيه رأيي»[4].وصيّة
الإمام (عليه
السلام) :
أوصى
الإمام (عليه السلام) ولديه الحسن
والحسين (عليهما السلام) وجميع أهل
البيت بوصايا عامّة فقال:
«اُوصيكما
بتقوى الله، وأن لا تبغيا الدنيا وإن
بغتكما، ولا تأسفا على شيء منها زوي
عنكما، وقولا بالحقّ واعملا للأجر،
وكونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً،
واعملا بما في الكتاب، ولا تأخذكما في
الله لومة لائم»[5].
ولم
يمهل الجرح أمير المؤمنين طويلاً
لشدّته وعظيم وقعته، فقد دنا الأجل
المحتوم، وكان آخر ما نطق به قوله
تعالى: (لمثل هذا فليعمل العاملون)ثمّ
فاضت روحه الطاهرة الى جنّة المأوى.دفن
وتأبين الإمام (عليه
السلام) :
نهض
الإمامان الحسن والحسين (عليهما
السلام) بتجهيز أمير المؤمنين وما
يترتّب عليهما من إجراءات الدفن من غسل
وتكفين، ثمّ صلى الإمام الحسن (عليه
السلام) على أبيه ومعه ثلّة من أهل بيته
وأصحابه، ثمّ حملوا الجثمان الطاهر
الى مثواه الأخير، فدفن في النجف
قريباً من الكوفة، وتمّت كلّ
الإجراءات ليلاً[6].
ثمّ وقف صعصعة بن صوحان يؤبّن الإمام (عليه
السلام) فقال:
هنيئاً
لك يا أبا الحسن! فلقد طاب مولدك، وقوي
صبرك، وعظم جهادك، وظفرت برأيك، وربحت
تجارتك، وقدمتَ على خالقك فتلقّاك
الله ببشارته وحفّتك ملائكته،
واستقررتَ في جوار المصطفى فأكرمك
الله بجواره، ولحقتَ بدرجة أخيك
المصطفى، وشربت بكأسه الأوفى، فأسأل
الله أن يمنَّ علينا بإقتفائنا أثرك،
والعمل بسيرتك، والموالاة لأوليائك،
والمعاداة لأعدائك، وأن يحشرنا في
زمرة أوليائك، فقد نلتَ ما لم ينله
أحد، وأدركت ما لم يُدركه أحد، وجاهدت
في سبيل ربّك بين يدي أخيك المصطفى حقّ
جهاده، وقمت بدين الله حقّ القيام، حتى
أقمتَ السنن وأبرتَ الفتن واستقام
الإسلام وانتظم الإيمان، فعليك منّي
أفضل الصلاة والسلام. ثمّ قال: لقد شرّف
الله مقامك، وكنت أقرب الناس إلى رسول
الله (صلى الله عليه وآله) نسباً،
وأوّلهم إسلاماً، وأوفاهم يقيناً،
وأشدّهم قلباً، وأبذلهم لنفسه
مجاهداً، وأعظمهم في الخير نصيباً،
فلا حرمنا أجرك، ولا أذلّنا بعدك،
فوالله لقد كانت حياتك مفاتح الخير
ومغالق الشر، وإنّ يومك هذا مفتاح كلّ
شر ومغلاق كلّ خير، ولو أنّ الناس
قبلوا منك; لأكلوا من فوقهم ومن تحت
أرجلهم، ولكنّهم آثروا الدنيا على
الآخرة[7].الفصل
السّادس
تراث
الإمام المرتضى عليّ بن أبي طالب (عليه
السلام)
إنّ
أوّل عمل اهتمّ به الإمام (عليه السلام)
بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) ـ
وقد كان بوصية منه (صلى الله عليه وآله)
ـ هو جمعه للقرآن الكريم، وامتاز
بترتيبه حسب النزول وتضمّن معلومات
فريدة عن شأن النزول والتفسير
والتأويل الذي تحتاجه اُمّة محمّد (صلى
الله عليه وآله)، وقد عرضه على الخليفة
الأوّل فقال: لا حاجة لنا به، فأشار(عليه
السلام) الى أنّهم سوف لا يحصلون عليه
بعد ذلك اليوم، وهكذا كان،
والمعروف أنّه يتوارثه الأئـمّة من
أبنائه (عليهم السلام).
واُثر
عن الإمام ما سمّي بالصحيفة التي
تضمّنت أحكام الدّيات، وقد روى عنها
البخاري ومسلم وابن حنبل، كما اُثر عنه
ما سمّي بالجامعة التي تضمّنت أو جمعت
كلّ ما يحتاج اليه الناس من حلال
وحرام، ووصفها الإمام الصادق بأنّ
طولها سبعون ذراعاً، وليس من قضية إلاّ
وهي فيها حتى أرش الخدش.
وتضمّن
كتاب الجفر ما يرتبط بحوادث المستقبل
وصحف الأنبياء السابقين، وقد يشبهه
مصحف فاطمة وهو ما أملته عليه فاطمة
الزهراء (عليها السلام) بعد وفاة أبيها
ممّا كانت تُلهم به من مفاهيم[8].
وكلّ هذه الكتب تعتبر من مواريث
الإمامة التي يتناقلها الأئـمّة(عليهم
السلام) إمّاماً بعد إمام.
وقد
تصدّى جمع من علماء الاُمّة الى جمع ما
اُثر عن الإمام (عليه السلام) من خطب
ورسائل وكلمات، وسمّيت بأسماء تتناسب
مع أغراض جامعيها، وأوّلها وأشهرها ما
سمّي بـ(نهج البلاغة) للشريف الرضي
المتوفى (404 هـ )، وقد انطوى على
روائع فكر الإمام في شتى المجالات
العقائدية والأخلاقية وأنظمة الحكم
والإدارة والتأريخ والاجتماع وعلم
النفس والدعاء والعبادة وسائر العلوم
الطبيعية والإنسانية، وهو ما اختاره
الشريف الرضي من خطبه ورسائله ووصاياه
وكلماته البليغة. ومن هنا فقد تصدّى
علماء آخرون لجمع ما لم يجمعه الشريف
الرضي وسمّي بمستدركات نهج البلاغة.
وجمع
النسائي المتوفى (303 هـ ) ما رواه
الإمام علي عن رسول الله (صلى الله
عليه وآله) وسمَّاه بــ (مسند الإمام
عليّ (عليه السلام).
وجمع
الآمدي ( المتوفّى بين 520 و 550 هـ ) قصار
كلماته الحكمية وسمّاها بــ (غرر
الحكم ودرر الكلم).
وجمع
أبو إسحاق الوطواط ( المتوفّى بين 553 و
583 هـ ) من كلامه ما سمّاه بـ (مطلوب
كلّ طالب من كلام عليّ بن أبي طالب).
واُثرت عن الجاحظ المتوفى ( 255 هـ ) (مائة
كلمة) للإمام عليّ (عليه السلام) و(نثر
اللئالي) جمع الطبرسي صاحب مجمع
البيان، وكتاب صفّين لنصر بن مزاحم
اشتمل على مجموعة من خطبه وكتبه. و(الصحيفة
العلوية) وهي مجموعة من الأدعية التي
اُثرت عنه (عليه السلام).في
رحاب نهج البلاغة :إذا
كان (القرآن الكريم) هو معجزة النبوة;
فإنّ (نهج البلاغة) معجزة الإمامة...
فليست هذه العقلية العظيمة المتجلّية
بذلك الاُسلوب العلوي الواضحة في كلّ
فقرة من فقرات (النهج) وفي كلّ شذرة من
تلك الشذور إلاّ غرس ذلك النبيّ العظيم
المستمدّ من وحي الله تعالى، فما من
موضوع يطرقه الإمام إلاّ وترى نور الله
يشعّ أمامه وهدي الرسول ينير له الطريق»[9].
وقال
الشريف الرضي (قدس سره): كان أمير
المؤمنين (عليه السلام) مشرّع الفصاحة
وموردها ومنشأ البلاغة ومولّدها، ومنه
(عليه السلام) ظهر مكنونها وعنه اُخذت
قوانينها، وعلى أمثلته حذا كلّ
قائل خطيب، وبكلامه استعان كلّ واعظ
بليغ، ومع ذلك فقد سبق وقصّروا، وقد
تقدّم وأخّروا، لأنّ كلامه (عليه
السلام) الكلام الذي عليه مسحة من
العلم الإلهي، وفيه عبقة من الكلام
النبويّ.في
رحاب العقل والعلم والمعرفة :1
ـ لا غنى كالعقل ولا فقر كالجهل،
والعقل ينبوع الخير وأشرف مزيّة،
وأجمل زينة.
2
ـ العقل رسول الحقّ. العقل أقوى أساس.
والإنسان بعقله. وبالعقل صلاح كلّ أمر.
3
ـ العلم غطاء وساتر والعقل حسام قاطع،
فاستُر خلل خُلقك بحلمك، وقاتل هواك
بعقلك. والفكر مرآة صافية.
4
ـ العقل صاحب جيش الرحمن، والهوى قائد
جيش الشيطان، والنفس متجاذبة بينهما
فأيّهما غلب كانت في حيّزه.
5
ـ أفضل حظّ الرجل عقله، إن ذلّ أعزّه،
وإن سقط رفعه، وإن ضلّ أرشده، وإن
تكلّم سدّده.
6
ـ إنّ أفضل الناس عند الله من أحيا عقله
وأمات شهوته وأتعب نفسه لإصلاح آخرته.
7
ـ على قدر العقل يكون الدين. ما آمن
المؤمن حتى عقل. قيمة كلّ امرئ عقله.
8
ـ وعرّف العقل بما يلي:
أ
ـ إنّما العقل التجنّب من الإثم والنظر
في العواقب والأخذ بالحزم.
ب
ـ العقل أصل العلم وداعية الفهم.
جــ
العقل غريزة تزيد بالعلم وبالتجارب.
د
ـ للقلوب خواطر سوء والعقول تزجر عنها.
هــ
غريزة العقل تأبى ذميم الفعل.
و
ـ العاقل من يعرف خير الشرّين.في
رحاب القرآن الكريم والسنّة النبويّة
المباركة :1
ـ قال (عليه السلام): وأنزل عليكم
الكتاب تبياناً لكلّ شيء وعَمَّر فيكم
نبيّه أزماناً حتى أكمل له ولكم ـ فيما
أنزل من كتابه ـ دينه الذي رضي لنفسه.
2
ـ ذلك القرآن فاستنطقوه ولن ينطق، ولكن
اُخبركم عنه، ألا إنّ فيه علم ما يأتي،
والحديث عن الماضي، ودواء دائكم، ونظم
ما بينكم، و ينطق بعضه ببعض، ويشهد
بعضه على بعض، ولا يختلف في الله ولا
يخالف بصاحبه عن الله، ولا يَعوَجُّ
فيقام ولا يزيغ فيستعتب... ولا تخلقه
كثرة الردّ وولوج السمع... لا تفنى
عجائبه، ولا تنقضي غرائبه، ولا تكشف
الظلمات إلاّ به.
وفيه
ربيع القلب... وما للقلب جلاء غيره.. فهو
معدن الإيمان وبحبوحته، وينابيع العلم
وبحوره ورياض العدل وغدرانه، وأثافيّ
الاسلام وبنيانه، وأودية الحق
وغيطانه، وبحر لا ينزفه المستنزفون،
وعيون لا ينضبها الماتحون، ومناهل لا
يغيضها الواردون.. جعله الله ريّاً
لعطش العلماء وربيعاً لقلوب الفقهاء،
ومحاجَّ لطرق الصلحاء... وعلماً لمن
وعى، وحديثاً لمن روى، وحكماً لمن قضى..
وشفاءً لا تخشى أسقامه.. ودواءً ليس
بعده داء... فاستشفوه من أدوائكم،
واستعينوا به على لأوائكم; فإنّ فيه
شفاءً من أكبر الداء. وهو الكفر
والنفاق والغيّ والضلال[10].
وأما
سُنَّةُ رسول الله (صلى الله عليه وآله)
فقد دعا الإمام الى العمل بها، وبيَّن
موقع الأئـمّة وموقفهم المشرّف في
إيصال السنّة الصحيحة الى الاُمّة
وإحياء ما أماته المبطلون من سنّة رسول
الله (صلى الله عليه وآله) وأسباب
انحراف من انحرف عن مدار السُّنة.
قال
(عليه السلام): اقتدوا بهدي نبيّكم
فإنّه أفضل الهدي، واستنّوا بسنّته
فإنّها أهدى السنن.
وقال
(عليه السلام):أحبّ العباد الى الله
المتأسّي بنبيّه (صلى الله عليه وآله)
والمقتصّ أثره. وقال (عليه السلام):
إرض بمحمّد (صلى الله عليه وآله)
رائداً والى النجاة قائداً.
وقال
(عليه السلام): إنّ في أيدي الناس حقّاً
وباطلاً وصدقاً وكذباً وناسخاً
ومنسوخاً وعامّاً وخاصّاً ومحكماً
ومتشابهاً وحفظاً ووهماً، ولقد كذب
على رسول الله (صلى الله عليه وآله) على
عهده حتى قام خطيباً فقال: من كذّب عليّ
متعمّداً فليتبوأ; مقعده من النار.
وقال
(عليه السلام): لا يُقاس بآل محمد (صلى
الله عليه وآله) من هذه الاُمّة أحد.. هم
عيش العلم وموت الجهل.. لا يخالفون
الحقّ ولا يختلفون فيه.. هم دعائم
الإسلام وولائج الاعتصام، بهم عاد
الحقّ في نصابه، وانزاح الباطل عن
مقامه، وانقطع لسانه عن منبته. عقلوا
الدين عقل وعاية ورعاية لا عقل سماع
ورواية. هم موضع سرّ رسول الله (صلى
الله عليه وآله) وحماة أمره وعيبة علمه
وموئل حكمه وكهوف كتبه وجبال دينه، هم
مصابيح الظلم وينابيع الحِكمَ ومعادن
العلم ومواطن الحلم.
وقال
(عليه السلام): وإنّي لعلى بيّنة من
ربّي ومنهاج من نبيّي، وإنّي لعلى
الطريق الواضح ألفظه لفظاً[11].في
رحاب التوحيد والعدل والمعاد:قال
(عليه السلام) في مجال إثبات وجوده
تعالى: الحمد لله الدالّ على وجوده
بخلقه وبمحدث خلقه على أزليته
وباشتباههم على أن لا شبه له. وقال:
عجبت لمن شكّ في الله وهو يرى خلق الله..
بل ظهر للعقول بما أرانا من علامات
التدبير المتقن والقضاء المبرم.
وحين
سُئل (عليه السلام): هل رأيت ربّك؟ أجاب:
وكيف أعبد ربّاً لم أره؟ ثمّ قال: لا
تدركه العيون بمشاهدة العيان ولكن
تدركه القلوب بحقائق الإيمان.. عظم عن
أن تثبت ربوبيّته بإحاطة قلب أو بَصَر.
وجاء
في دعائه المعروف بدعاء الصباح: يا من
دلّ على ذاته بذاته، وتنزّه عن مجانسة
مخلوقاته، وجلّ عن ملائمة كيفياته. يا
من قرب من خطرات الظنون وبَعُد عن
لحظات العيون، وعلم بما كان قبل أن
يكون...
لقد
شحن الإمام خطبه العلوية بآيات القدرة
الإلهية السماوية والأرضية، وأطنب
فيها إطناب الخبير البصير، ففصّل آيات
القدرة والعظمة تفصيلاً يعطي للمطالع
إيماناً وخشوعاً لله وخضوعاً لعظمته،
بحيث يلمس السامع لخطبه (عليه السلام)
أنّه كما قال: والله لو كشف لي الغطاء
ما ازددت يقيناً.
وقدّم
الإمام تصويراً دقيقاً لصفاته تعالى
بحيث صار معياراً للبحوث الفلسفية
الدقيقة ومفتاحاً للدخول الى مثل هذه
البحوث التي تضلّ فيها الأفكار لولا
الهداية الربّانية الموجّهة.
قال
(عليه السلام): وكمال توحيده الإخلاص له.
وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه،
لشهادة كلّ صفة أنّها غير الموصوف
وشهادة كلّ موصوف أنّه غير الصفة، فمن
وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه
فقد ثنّاه، ومن ثنّاه فقد جزّأه، ومن
جزّأه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار
اليه، ومَن أشار اليه فقد حدّه، ومن
حدّه فقد عدّه... كائن لا عن حدث، موجود
لا عن عدم، مع كلّ شيء لا بمقارنة وغير
كلّ شيء لا بمزايلة.
وقال
(عليه السلام): مستدلاً على وحدانيته:
واعلم يا بني، إنّه لو كان لربّك شريك
لأتتك رسله ولرأيت آثار ملكه وسلطانه،
واعلم يا بُني أنّ أحداً لم ينبئ عن
الله سبحانه كما أنبأ عنه الرسول (صلى
الله عليه وآله) فارض به رائداً.
وقال
عن عدله تعالى: وارتفع عن ظلم عباده
وقام بالقسط في خلقه وعدل عليهم في
حكمه وعدل في كلّ ما قضى. وقال: فإنّه لم
يأمرك إلاّ بحسن ولم ينهك إلاّ عن قبيح
وإنّ حكمه في أهل السماء والأرض لواحد.
وما كان الله ليدخل الجنّة بشراً بأمر
أخرج به منها ملكاً.


[1] استشهد أمير
المؤمنين في شهر رمضان عام (40) هـ.
[2] الصواعق المحرقة:
80 ، وبحار الانوار: 42 / 230.
[3] الامامة
والسياسة: 180 أو: 135 ط بيروت و 159 ط مصر،
وتأريخ دمشق: 3 / 367 ترجمة الإمام عليّ (عليه
السلام)
[4] مقاتل الطالبيين:
22، شرح النهج لابن أبي الحديد: 6 / 118،
وبحار الأنوار: 42 / 231.
[5] تأريخ الطبري : 4 /
114 ط مؤسسة الأعلمي، راجع أيضاً نهج
البلاغة : باب الكتب / 47 طبعة صبحي
الصالح .
[6] بحار الأنوار: 42 /
290.
[7] بحار الأنوار: 42 /
295.
[8] اُصول الكافي:
الجزء الأول باب ذكر الصحيفة والجفر
والجامعة ومصحف فاطمة. وراجع: سيرة
الأئمّة الاثني عشر: 1 / 96 ـ 99 و274 ـ 294.
[9] حياة أمير
المؤمنين في عهد النبي: 402، تأليف: محمد
صادق الصدر.
[10] راجع الخطبة 176
من نهج البلاغة ، طبعة صبحي الصالح .
[11] راجع المعجم
الموضوعي لنهج البلاغة: 42 ـ 53 و101
وتصنيف غرر الحكم: 109 ـ 117.

/ 29