أعلام الهدایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أعلام الهدایة - نسخه متنی

السید منذر حکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


الباب
الثالث


الفصل
الأول


البعثة
النبوية المباركة وإرهاصاتها


تمثل
نصوص القرآن الكريم أقدم النصوص
التأريخية التي تتمتع بالصحة والدقة
والمعاصرة لأحداث عصر الرسالة
الاسلامية، والمنهج العلمي يفرض علينا
أن لا نتجاوز نصوص القرآن الكريم فيما
يخص عصر النبي (صلى الله عليه وآله)
الذي نزلت فيه الآيات حين بعثته
واستمرت بالنزول حتى وفاته.

واذا
عرفنا أن الروايات التأريخية المتمثلة
في كتب الحديث والسيرة قد تأخّر
تدوينها عن عصر وقوع الحوادث أوّلاً،
كما أنّها قريبة من الدس وتطرق التزوير
اليها ثانياً; كان من الطبيعي والمنطقي
أن نعرضها على محكمات الكتاب والسنة
والعقل لنأخذ ما يوافقها ونرفض ما
يخالفها.

وينبغي
أن لا يغيب عنا أن النبوة سفارة
ربّانية ومهمة إلهية تتعيّن من قبله
سبحانه وتعالى لغرض رفد البشرية
بالهداية اللازمة لها على مدى الحياة.
وأن الله إنما يصطفي من عباده مَن
يتمتّع بخصائص فذة تجعله قادراً على
أداء المهامّ الكبرى المرادة منه
وتحقيقها بالنحو اللائق.

اذن
لابدّ أن يكون المرسَل من قبله تعالى
مستوعباً للرسالة وأهدافها وقادراً
على أداء الدور المطلوب منه على مستوى
التلقيّ والتبليغ والتبيين والتطبيق
والدفاع والصيانة وكل هذه المستويات
من المسؤولية تتطلب العلم والبصيرة (
والمعرفة ) وسلامة النفس وصلاح الضمير
والصبر والاستقامة والشجاعة والحلم
والانابة والعبوديّة لله والخشية منه
والاخلاص له والعصمة (والتسديد
الرباني ) على طول الخط. ولم يكن خاتم
المرسلين بدعاً من الرسل بل هو أكملهم
وأعظمهم فهو أجمع لصفات كمالهم والله
أعلم حيث يجعل رسالته.

ومن
أبده القضايا ومن مقتضيات طبائع
الاشياء أن يكون المرشَّح لمهمّة
ربانيّة كبرى على استعداد تام
لتقبّلها وتنفيذها قبل أن يتولّى تلك
المهمة أو يرشّح لأدائها. إذن لابد
للنبي الخاتم أن يكون قد أحرز كل
متطلّبات حمل هذه المسؤولية الإلهية
وتوفّر على كل الخصائص اللازمة لتحقيق
هذه المهمة الربانية قبل البعثة
المباركة. وهذا هو الّذي تؤيده نصوص
القرآن الكريم.

1
ـ قال تعالى: (كذلك يوحي
إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز
الحكيم)
[1]
.

2
ـ وقال أيضاً: (وما أرسلنا
من قبلك إلاّ رجالاً نوحي إليهم من أهل
القرى)
[2]
.

3
ـ وقال أيضاً: (وما أرسلنا
من قبلك من رسول إلاّ نوحي اليه أنه لا
إله إلاّ أنا فاعبدون)
[3]
.

4
ـ وقال أيضاً: (وجعلناهم
أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا اليهم فعل
الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة
وكانوا لنا عابدين)
[4]
.

اذن
مصدر الوحي هو الله العزيز الحكيم.
والمرسَلون رجالٌ يُوحي اليهم الله
سبحانه معالم توحيده وعبادته ويجعلهم
أئمةً يهدون بأمره كما يوحي إليهم
تفاصيل الشريعة من فعل الخيرات وإقام
الصلاة وإيتاء الزكاة وهم القدوة
لغيرهم في العبادة والتجسيد الحي
للاسلام الحقيقي لله سبحانه.

وفيما
يخص خاتم النبيين يقول سبحانه وتعالى :

1
ـ (وكذلك أوحينا اليك
قرآناً عربيّاً لتنذر اُمّ القرى ومن
حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه...)
[5]
.

2
ـ (شرع لكم من الدين ما
وصّى به نوحاً والذي أوحينا اليك وما
وصيّنا به ابراهيم وموسى وعيسى أن
أقيموا الدين ولا تتفرّقوا فيه كبر على
المشركين ما تدعوهم اليه الله يجتبي
اليه من يشاء ويهدي إليه من يُنيب * . . . .
فلذلك فادع واستقم كما اُمرت ولا
تَتّبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل الله
من كتاب واُمرت لأعدل بينكم الله ربنا
وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة
بيننا وبينكم الله يجمع بيننا واليه
المصير)
[6]
.

3
ـ (الله الذي انزل الكتاب
بالحق والميزان)
[7]
.

4
ـ (أَمْ يقولون افترى على
الله كذباً فإن يشإِ الله يختم على
قلبك ويمح الله الباطل ويحقّ الحق
بكلماته انه عليم بذات الصدور)
[8]
.

5
ـ (وما كان لبشر أن يكلّمه
الله إلاّ وحياً أو من وراءى حجاب أو
يرسل رسولاً فيوحي باذنه ما يشاء إنّه
عليّ حكيم * وكذلك أوحينا اليك روحاً من
أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا
الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من
نشاء من عبادنا وانّك لتهدي الى صراط
مستقيم)
[9]
.

إنّ
الذين عاصروا الرسول الكريم قبل بعثته
وحتى وفاته لم يقدّموا لنا تصويراً
صحيحاً وواضحاً عن الرسول قبل بعثته بل
وحين البعثة. ولعلّ أقدم النصوص
وأتقنها هو ما جاء عن ربيب الرسول وابن
عمه ووصيّه الذي لم يفارقه قبل بعثته
وعاشره طيلة حياته، إلى جانب أمانته في
النقل ودقته في تصوير هذه الشخصية
الفذة. فقد قال عن الفترة التي سبقت
البعثة النبوية وهو يتحدّث عن الرسول (صلى
الله عليه وآله):

«ولقد
قرن الله به (صلى الله عليه وآله) من لدن
أن كان فطيماً اعظم ملك من ملائكته
يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق
العالم. ليله ونهاره. ولقد كنت أتّبعه
اتّباع الفصيل أثَر اُمّه. يرفع لي في
كل يوم من أخلاقه علماً. وقد كان يجاور
كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري»
[10]
.

ويتوافق
هذا النص مع قوله تعالى: (وإنك لعلى خلق
عظيم)
[11]
. فقد نزل هذا النص في بداية البعثة.
والخُلق ملكة نفسية متجذرة في النفس لا
تستحدث خلال أيام، فوصفه بعظمة خُلُقه
يكشف عن سبق اتصافه بهذه الصفة قبل
البعثة المباركة.

وتتضح
بجلاء بعض معالم شخصيته(صلى الله عليه
وآله) قبل البعثة من خلال نص حفيده
الإمام الصادق(عليه السلام) : ان الله
عزّ وجلّ أدّب نبيّه فأحسن أدبه فلمّا
أكمل له الأدب قال: (وإنّك لعلى خلق
عظيم) ثم فوّض اليه أمر الدين والاُمّة
ليسوسَ عباده
[12]
.

على
أنّ الخلق العظيم جامع لتمام المكارم
التي فسّرها النص الوارد عن النبيّ (صلى
الله عليه وآله) حيث يقول: «إنما بُعثت
لاُتمم مكارم الاخلاق». فكيف يراد له
تتميم مكارم الاخلاق وهو لم يتصف بها
بعدُ؟! اذن لابدّ من القول بأنّ النبيّ(صلى
الله عليه وآله) كان قبل البعثة قد أحرز
جميع المكارم ليكون وصفه بالخلق
العظيم وصفاً صحيحاً ومنطقياً.

فالرسول
قبل بعثته كان مثال الشخصية المتّزنة
المتعادلة والواعية المتكاملة
والجامعة لمكارم الأخلاق ومعالي
الصفات وحميد الأفعال.

والنصوص
القرآنية التي تشير الى ظاهرة الوحي
الرسالي وكيفية تلقي الرسول (صلى الله
عليه وآله) له تصرّح بشكل لايقبل
الترديد بما كان عليه الرسول من
الطمأنينة والثبات والاستجابة التامة
لأوامر الله تعالى ونواهيه التي كان
يتلقّاها قلبه الكريم.

لاحظ
ما سقناه اليك من نصوص سورة الشورى،
واقرأ أيضاً ما جاء في غيرها مثل قوله
تعالى:

1
ـ (والنجم إذا هوى * ما ضلّ
صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن
هو إلاّ وحي يوحى * علّمه شديد القوى *
ذومرّة فاستوى * وهو بالاُفق الأعلى *
ثمّ دنا فتدلّى * فكان قاب قوسين أو
أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كذب
الفؤاد ما رأى)
[13]
.

2
ـ (قل إنّي على بيّنة من
ربي)
[14]
.

3
ـ (قل إنّما أنا بشر مثلكم
يوحى إليّ)
[15]
.

4
ـ (قل إنّما أنذركم بالوحي)
[16]
.

5
ـ (قل إنّما يوحى إليَّ
إنّما إلهكم إله واحد)
[17]
.

6
ـ (ولا تعجل بالقرآن من قبل
أن يقضى إليك وحيه وقل ربّ زدني علماً)
[18]
.

7
ـ (وان اهتديت فبما يوحي
اليّ ربي)
[19]
.

8
ـ (قل هذه سبيلي أدعوا الى
الله على بصيرة انا ومن اتبعني)
[20]
.

واذا
عرفت ما جاء في هذه النصوص القرآنية
المباركة تستطيع أن تولّي وجهك شطر
المصادر الحديثية والتأريخية لتقف على
محكماتها ومتشابهاتها.

قال
الامام أحمد: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا
معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة أنّها
قالت: «أول ما بدئ به رسول الله (صلى
الله عليه وآله) من الوحي الرؤيا
الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا
إلاّ جاءت مثل فلق الصبح. ثم حبّب اليه
الخلاء. وكان يخلو بغار حراء فيتحنث
فيه... ثم يرجع الى خديجة فيتزود
لمثلها، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء.

وليس
في بداية هذا النص ما يدعو للاستغراب
سوى أن عائشة لم تكن حين بدء الوحي،
والنص لا يفصح أنّها عمّن استقت هذه
المعلومات؟ وهي لم تروه عن رسول الله (صلى
الله عليه وآله) مباشرة. ولكن في ذيل
النص ما هو مدعاة للاستغراب طبعاً.

قالت:
«ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن
نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي، وهو
ابن عم خديجة أخي أبيها، وكان امرءاً
قد تنصّر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب
العربي فكتب بالعربيّة من الانجيل ـ ما
شاء الله أن يكتب ـ وكان شيخاً كبيراً
قد عمي، فقالت خديجة: أي ابن عم اسمع من
ابن أخيك، فقال ورقة: ابن أخي! ما ترى؟
فأخبره رسول الله (صلى الله عليه وآله)
ما رأى. فقال ورقة: هذا الناموس الذي
اُنزل على موسى(عليه السلام)، يا ليتني
فيها جذعاً، ليتني أكون حيّاً حين
يخرجك قومك، فقال رسول الله: «أَو
َمُخرِجيّ هم؟ فقال ورقة: نعم. لم يأت
رجل قط بما جئت به إلاّ عودي، وإن
يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً، ثم لم
ينشب ورقة أن توفي»
[21]
.

إن
ورقة الذي لم يُسلِم بعد هو عارفٌ بما
سيجري على النبي فضلاً عن علمه بنبوته!
بينما صاحب الدعوة والرسالة نفسه لم
يتضح له الامر بعد! وكأنّ ورقة هو الذي
يفيض عليه الطمأنينة! والقرآن قد صرّح
بأنّ النبي(صلى الله عليه وآله) على
بيّنة من ربّه، كما عرفت ذلك في أكثر من
آية تنصّ على أن الرسل هم مصدر الهداية
للناس وهم أصحاب البيّنات وليس العكس
هو الصحيح، بينما يشير هذا الحديث الى
أن ورقة هو الذي عرف رسالة النبي قبله
فبعث فيه الطمأنينة.

وهذا
هو الذي فتح الطريق لأهل الكتاب للغمز
في رسالة النبي محمد(صلى الله عليه
وآله) إذ قالوا بأن نبيّكم ـ بموجب
نصوصكم هذه ـ لم يطمئن الى أنه رسول من
الله إلاّ بعد تطمين ورقة المسيحي له،
وقد تجرأ البعض حتى ادعى أن محمداً(صلى
الله عليه وآله) قسيس من القساوسة
الذين ربّاهم ورقة استناداً الى هذا
النص الذي نقلته كتب الحديث وتداوله
المؤرخون! وهذه ثغرة حصلت من الابتعاد
عن محكمات العقل والكتاب والسنة
جميعاً.

وهل
يصدّق بهذا عاقل عرف المنطق القرآني
وتعرّف على شخصية الأنبياء في القرآن
الكريم؟ وكيف يمكن له أن يؤمن بمضمون
هذا النص على أنه حقيقة; لمجرد زعم
انتسابه الى عائشة زوجة النبيّ (صلى
الله عليه وآله)؟!

وثمة
نصّ آخر في تاريخ الطبري هو أكثر فظاعة
من هذا وأدعى للريب في محتواه حيث يذكر
أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان
نائماً وجاءه الملك وعلّمه مطلع سورة
العلق.. يقول النص بعد ذلك: «وهببت من
نومي وكأنما كتب في قلبي كتاباً. قال:
ولم يكن من خلق الله أحدٌ أبغض إليّ من
شاعر أو مجنون، كنت لا أطيق أن أنظر
اليهما، قال: قلت: إن الأبعد ـ يعنى
نفسه ـ لشاعر أو مجنون! لا تحدّث بها
عني قريش أبداً! لأعمدنّ الى حالق من
الجبل فلأطرحنّ نفسي منه فلأقتلنّها
فلأستريحن. قال: فخرجت أريد ذلك حتى إذا
كنت في وسط الجبل سمعت صوتاً من السماء
يقول: يا محمد أنت رسول الله وأنا جبريل»
[22]
.

إن
اضطراب النبي وخوفه يبلغ به النهاية
حتى يريد الانتحار بينما يريد الله
اختياره للنبوة وهداية الناس ودعوتهم
الى الحق، فهل يتناسب ما في الرواية مع
هذا الافق الذي هو من الوضوح بمكان ؟ !

وهكذا
نستطيع أن نعرض نصوص التاريخ على
محكمات العقل والكتاب والسنّة لنخرج
بنتائج واضحة تاركين ما لا يصمد أمام
النقد العلمي البنّاء.

وبعد
ملاحظة النصوص الصريحة من الكتاب
العزيز إذا لاحظنا ما ورد في بعض مصادر
الحديث والسيرة مما يرتبط باللقاء
الأول للرسول (صلى الله عليه وآله) مع
الوحي الإلهي وما رافقه من غرائب
تأباها النصوص القرآنية، جاز لنا أن
نطمئن الى تَسرّب الاسرائيليات اليها.

ويحسن
بنا أن نقارن بين هذا النص الروائي
وبين نص آخر ورد في بحار الأنوار
للعلاّمة المجلسي (رضوان الله تعالى
عليه ) فيما يخصّ ارهاصات الوحي
الرسالي وماتبعه من نتائج لوحظت على
نفس الرسول (صلى الله عليه وآله)
وشخصيته وسلوكه.

فعن
الإمام علي بن محمد الهادي (عليهما
السلام): أنّ رسول الله (صلى الله عليه
وآله) لمّا ترك التجارة الى الشام
وتصدّق بكل ما رزقه الله تعالى من تلك
التجارات كان يغدو كل يوم الى حراء
يصعده وينظر من قلله الى آثار رحمة
الله، وإلى أنواع عجائب رحمته وبدائع
حكمته وينظر إلى أكناف السماء وأقطار
الأرض والبحار والمفاوز والفيافي،
فيعتبر بتلك الآثار، ويتذكّر بتلك
الآيات، ويعبد الله حقّ عبادته.

فلمّا
استكمل أربعين سنة ونظر الله عزّ وجلّ
إلى قلبه فوجده أفضل القلوب وأجلّها
وأطوعها وأخشعها وأخضعها أذن لأبواب
السماء ففتحت ومحمّد ينظر إليها، وأذن
للملائكة فنزلوا ومحمّد ينظر إليهم،
وأمر بالرحمة فاُنزلت عليه من لدن ساق
العرش إلى رأس محمد وغرّته، ونظر إلى
جبرئيل الروح الأمين المطوّق بالنور
طاووس الملائكة هبط إليه وأخذ بضبعه
[23]
وهزّه وقال:

يا
محمد اقرأ، قال: وما اقرأ ؟ قال يا
محمّد (اقرأ باسم ربّك
الّذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ
وربّك الأكرم * الّذي علّم بالقلم *
علّم الإنسان ما لم يعلم)
[24]
.

ثمّ
أوحى إليه ما أوحى إليه ربّه عزّ وجلّ
ثمّ صعد إلى العلو.

ونزل
محمّد (صلى الله عليه وآله) من الجبل
وقد غشيه من تعظيم جلال الله وورد عليه
من كبير شأنه ما ركبه الحمّى والنافض ...
وقد اشتدّ عليه ما يخافه من تكذيب قريش
في خبره ونسبتهم إيّاه إلى الجنون،
وإنّه يعتريه شياطين، وكان من أوّل
أمره أعقل خلق الله، وأكرم براياه،
وأبغض الأشياء إليه الشيطان وأفعال
المجانين وأقوالهم، فأراد الله عزّ
وجلّ أن يشرح صدره; ويشجّع قلبه، فأنطق
الله الجبال والصخور والمدر، وكلّما
وصل إلى شيء منها ناداه: السلام عليك يا
محمّد، السلام عليك يا وليّ الله،
السلام عليك يا رسول الله أبشر، فإنّ
الله عزّ وجلّ قد فضّلك وجمّلك وزيّنك
وأكرمك فوق الخلائق أجمعين من
الأوّلين والآخرين، لا يحزنك أن تقول
قريش إنّك مجنون، وعن الدين مفتون،
فإنّ الفاضل من فضّله ربّ العالمين،
والكريم من كرّمه خالق الخلق أجمعين،
فلا يضيقنّ صدرك من تكذيب قريش وعتاة
العرب لك، فسوف يبلغك ربّك أقصى منتهى
الكرامات، ويرفعك إلى أرفع الدرجات،
وسوف ينعّم ويفرّح أولياءك بوصيّك
عليّ بن أبي طالب، وسوف يبثّ علومك في
العباد والبلاد بمفتاحك وباب مدينة
حكمتك: علي بن أبي طالب، وسوف يقر عينك
ببنتك فاطمة، وسوف يخرج منها ومن عليّ :
الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة،
وسوف ينشر في البلاد دينك وسوف يعظّم
اُجور المحبّين لك ولأخيك، وسوف يضع في
يدك لواء الحمد فتضعه في يد أخيك عليّ،
فيكون تحته كلّ نبيّ وصدّيق وشهيد،
يكون قائدهم أجمعين إلى جنّات النعيم
[25]
.

وحين
نقارن بين هذا النص الروائي وما سبقه
مما رواه الطبري نلاحظ البون الشاسع
والفرق الكبير بين الصورتين عن بداية
البعثة وشخصية الرسول(صلى الله عليه
وآله). فبينما كانت تصوّره الرواية
الاُولى : شاكّاً ومضطرباً ـ اضطراباً
ناشئاً عن الجهل بحقيقة ما يجري له! ـ
تصوّره الرواية الأخيرة : عالماً
مطمئناً متفائلاً بمستقبل رسالته منذ
بداية الطريق . وهذه الصورة هي التي
تنسجم مع محكمات الكتاب والسنّة
والتاريخ .



[1]

الشورى (42): 3.


[2]

يوسف (12) : 109.


[3]

الأنبياء (21) : 25.


[4]

الأنبياء (21): 73.

[5]
الشورى (42): 7.

[6]
الشورى (42): 13 و15.

[7]
الشورى (42): 17.

[8]
الشورى (42): 24.

[9]
الشورى (42): 51 و 52.


[10]

نهج البلاغة ، الخطبة القاصعة: 292.


[11]

القلم (68) : 4 .


[12]

الكافي : 1 / 66 / الحديث 4.


[13]

النجم (53) : 1 ـ 11.


[14]

الأنعام (6): 57.


[15]

الكهف (18): 110.


[16]

الأنبياء (21): 45.


[17]

الأنبياء (21): 108.


[18]

طه (20) : 114.


[19]

سبأ (34): 50.


[20]

يوسف (12): 108.


[21]

مسند أحمد، الحديث رقم : 24681.


[22]

تاريخ الطبري : 2 / 201 تحقيق محمد ابو
الفضل ابراهيم. ط دار سويدان. بيروت .


[23]

الضبع: وسط العضد وفي المصدر: بضبعيه.
وهزه: حركه.


[24]

العلق (96): 1 ـ 5.


[25]

بحار الأنوار : 18 / 207 ـ 208 .

/ 26