أعلام الهدایة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

أعلام الهدایة - نسخه متنی

السید منذر حکیم

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




الباب
الخامس


الفصل
الأول
مرحلة
الفتح

1
ـ صلح الحديبية :




كادت
تنقضي السنة السادسة للهجرة وكانت تلك
السّنة سنة جهاد مستمر ودفاع مستميت
بالنسبة للمسلمين. واهتم المسلمون
بنشر الرسالة الإسلامية وبناء الانسان
والمجتمع الإسلامي وتكوين الحضارة
الاسلامية. وقد ادرك كل من كان في
الجزيرة العربية عظمة هذا الدين وعرف
أن من المستحيل استئصاله والقضاء
عليه، فالصراع مع قريش ـ وهي أكبر قوة
سياسية وعسكرية آنذاك ـ ومع اليهود
وباقي القوى المشركة لم يمنع من انتشار
الإسلام وسطوع معانيه وبلوغ أهدافه.


ولم
يكن البيت الحرام ملكاً لأحد أوحكراً
لمذهب أو أصحاب معتقد معيّن، فقد كانت
هنالك أصنام وأوثان متعددة يحج اليها
من يعتقد بها، إلاّ أن طغيان قريش
وعتوّها صدّ النبي (صلى الله عليه وآله)
والمسلمين عن زيارة البيت الحرام.


وفي
هذه الفترة أدرك النبي (صلى الله عليه
وآله) حرج قريش في موقفها تجاه الإسلام
فقرر أن ينطلق بالمسلمين في رحلة
عبادية مؤدياً العمرة، ليعلن من
خلالها مواصلته للدعوة الإسلامية
ويوضح ما يمكنه من مفاهيم العقيدة
الاسلامية ومعالمها واحترامها
وتقديسها للبيت الحرام، وتكون حركته
هذه مرحلة انفتاح رسالي جديد وعهد
انتقال من مرحلة الدفاع الى مرحلة
الانتشار والهجوم.


سلك
الرسول (صلى الله عليه وآله) وأصحابه
طريقاً وعراً ثم هبطوا إلى منطقة سهلة
تدعى بـ«الحديبية» فبركت ناقة رسول
الله فقال (صلى الله عليه وآله): «ما هذا
لها عادة ولكن حبسها حابس الفيل بمكة»[1]،
فأمر (صلى الله عليه وآله) المسلمين
بالنزول فيها ـ وقال (صلى الله عليه
وآله): «لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة
يسألونني فيها صلة الرحم إلاّ أعطيتهم
إياها»[2]،
ولكنّ قريشاً بقيت تترصد المسلمين
ووقف فرسانها في طريقهم، ثم بعثت إلى
النبي (صلى الله عليه وآله) بديل بن
ورقاء في وفد من خزاعة لتستعلم هدف
النبي (صلى الله عليه وآله) وتصده عن
دخول مكة، وعاد الوفد ليقنع قريشاً أن
السلم والعمرة هدف النبي (صلى الله
عليه وآله). واستكبرت قريش وبعثت بوفد
آخر يرأسه الحليس ـ سيد الأحابيش ـ
فلما رآه النبي (صلى الله عليه وآله)
مقبلاً قال: «إن هذا من قوم يتألهون» (أي
يعظمون الله). فلما رأى الحليس الهدي
رجع الى قريش من دون أن يلتقي بالنبي (صلى
الله عليه وآله) ليقنع قريشاً ان النبي
(صلى الله عليه وآله) والمسلمين جاءوا
معتمرين . ولكن لم تقتنع قريش فأرسلت
مسعود بن عروة الثقفي الذي انبهر من
مشهد المسلمين وهم يتسابقون لالتقاط
القطرات المتناثرة من وضوئه(صلى الله
عليه وآله) فعاد الى قريش قائلاً: يا
معشر قريش إني قد جئت كسرى في ملكه
وقيصر في ملكه والنجاشي في ملكه، وإني
والله ما رأيت ملكاً في قوم قط مثل «محمد»
في أصحابه، ولقد رأيت قوماً لا يسلمونه
لشيء قط فروا رأيكم[3].


وقد
أعرب النبي (صلى الله عليه وآله) عن
احترامه للأشهر الحرم من خلال رحلة
المسلمين العباديّة حيث لم يحملوا
معهم سوى سلاح المسافر، كما دعا
القبائل المجاورة أن يكونوا الى جانب
المسلمين في هذه الرحلة رغم أنهم لم
يكونوا مسلمين مؤكداً أن العلاقة بين
الاسلام وباقي القوى غير قائمة على
أساس الحرب.واستنفر النبيّ (صلى الله
عليه وآله) ألفاً وأربعمائة مسلم ـ على
أقل التقادير ـ وساق الهدي أمامه (سبعين
بعيراً). وبلغ قريشاً نبأ خروج النبي (صلى
الله عليه وآله) والمسلمين لأداء
العمرة فأصبحت قريش في ضيق من أمرها
وكان أمامها طريقان: إما أن تسمح
للمسلمين بأداء العمرة وبذلك يتحقق
للمسلمين أملهم في زيارة البيت الحرام
ويحظى المهاجرون بالاتصال بأهلهم
وذويهم وربما دعوتهم الى الاسلام، أو
أن تمنع قريش المسلمين عن دخول مكة
وبذلك ستتعرض مكانة قريش للاهتزاز
وتكون محطّاً للوم القبائل الاُخرى
بسبب سوء معاملتها لقوم مسالمين
يبتغون أداء مناسك العمرة وتعظيم
الكعبة المشرفة لا غير.


لقد
أبت قريش إلاّ العتو والمعاندة فأخرجت
مجموعة من فرسانها تقدّر بمئتي فارس
بقيادة خالد بن الوليد لمواجهة النبي(صلى
الله عليه وآله) والمسلمين. ولما كان
النبي(صلى الله عليه وآله) قد خرج
محرماً لا غازياً قال (صلى الله عليه
وآله): ياويح قريش لقد أكلتهم الحرب
ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر
العرب فإن هم أصابوني كان الذي أرادوا،
وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في
الإسلام وافرين، وإن لم يفعلوا قاتلوا
وبهم قوة، فما تظن قريش؟ فوالله لا
أزال أجاهد على الذي بعثني الله به حتى
يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة.


ثمّ
أمر بالعدول عن طريق فرسان قريش تجنباً
لوقوع قتال تتخذه قريش ذريعة لصحة
موقفها وفخراً لها. وأرسل النبي (صلى
الله عليه وآله) خراش بن اُمية الخزاعي
ليفاوض قريشاً في الأمر، فعقروا ناقته
وكادوا أن يقتلوه. ولم ترع قريش حرمة
ولاذمة للأعراف والتقاليد. ولم تلبث
قريش أن كلفت خمسين رجلاً للتحرش
بالمسلمين عسى أن يبدر منهم ما ينفي
صفة السلم عنهم. وفشلت خطتهم وتمكن
المسلمون من أسرهم فعفا رسول الله (صلى
الله عليه وآله) عنهم مؤكداً بذلك هدفه
السلمي[4].


وأراد
النبي (صلى الله عليه وآله) أن يبعث الى
قريش رسولاً آخر ـ ولم يتمكن من إرسال
علي بن أبي طالب ممثلاً عنه; لأنّ علياً
كان قد وتر قريش بقتل صناديدها في
معارك الدفاع عن الإسلام، فانتدب عمر
بن الخطاب ولكن عمر خاف من قريش على
نفسه رغم أنه لم يقتل فرداً من أفرادها
واقترح على النبي (صلى الله عليه وآله)
أن يرسل عثمان بن عفان[5]
; لكونه أموياً وذا قرابة مع أبي سفيان.
وتأخر عثمان في العودة من قريش واُشيع
خبر مقتله، فكان هذا إنذاراً بفشل كل
المساعي السلمية لدخول مكة. ولم يجد
الرسول (صلى الله عليه وآله) بدّاً من
التهيّؤ للقتال، وهنا كانت بيعة
الرضوان إذ جلس النبي (صلى الله عليه
وآله) تحت شجرة وأخذ أصحابه يبايعونه
على الاستقامة والثبات مهما كلف
الأمر، وهدأ استنفار المسلمين بعودة
عثمان. وارسلت قريش سهيل بن عمرو
لمفاوضة النبي (صلى الله عليه وآله).


شروط
الصلح :


وبسبب
تشدد «سهيل» في شروط الصلح كادت
المفاوضات أن تفشل، وأخيراً تمّ
الاتفاق على عدّة شروط للصلح، هي:


1
ـ تعهّد الطرفين بترك الحرب عشر سنين ،
يأمن فيها الناس ويكفّ بعضهم عن بعض.


2
ـ من أتى محمّداً من قريش بغير إذن
وليّه ردّه عليهم، ومن جاء قريشاً ممّن
مع « محمّد » لم يردّوه عليه.


3
ـ من أحب أن يدخل في عقد «محمّد» وعهده
دخل فيه ومن أحبّ أن يدخل في عقد قريش
وعهدهم دخل فيه.


4
ـ يرجع « محمّد » بأصحابه إلى المدينة
عامه هذا فلا يدخل مكة، وإنما يدخل مكة
في العام القادم فيقيم فيها ثلاثة أيام
ليس معه سوى سلاح الراكب، والسيوف في
القِرَب[6].


5
ـ لا يُستكره أحد على ترك دينه ويعبد
المسلمون الله بمكة علانية وبحرية وأن
يكون الاسلام ظاهراً بمكة وأن لا يؤذى
أحد ولا يعيّر[7].


6
ـ لا إسلال (سرقة) ولا إغلال (خيانة) بل
يحترم الطرفان أموال الطرف الآخر[8].


7
ـ لا تعين قريش على « محمّد » وأصحابه
أحداً بنفس ولا سلاح[9].


ولم
يرضَ نفر من المسلمين ببنود الصلح،
فاعترضوا على النبي (صلى الله عليه
وآله) متصوّرين أنّ النبيّ(صلى الله
عليه وآله) قد تراجع أمام قريش ولم
يدركوا أن النبي (صلى الله عليه وآله)
مسدد من الله وأنه ينظر بعين متطلّعة
الى مستقبل الرسالة الإسلامية
ومصالحها العليا. وردّ النبي(صلى الله
عليه وآله) على المعترضين بقوله: «أنا
عبد الله ورسوله لن أخالف أمره ولن
يضيّعني». وأقرّ النبي ما كرهه بعض
المسلمين، وجاءت قضية تسليم أبي جندل
لقريش[10]إثارة
جديدة في ظرف توتّر فيه الوضع النفسي
عند بعضهم.


ولكن
هذا الصلح كان في الواقع فتحاً مبيناً
وكبيراً للمسلمين على خلاف ما كان يبدو
للبعض من ظاهر بنود الصلح ; إذ انقلبت
شروط المعاهدة لصالح المسلمين بعد
قليل.


وفي
طريق الرجوع الى المدينة نزلت آيات
القرآن الكريم[11]
لتؤكد البعد الحقيقي للصلح مع زعيمة
الوثنية، وتبشّر المسلمين بدخول مكة
قريباً.


نتائج
صلح الحديبية :


1
ـ اعترفت قريش بكيان المسلمين كقوة
عسكرية وسياسية منظمة، وكدولة حقيقية
جديدة.


2
ـ دخلت المهابة في قلوب المشركين
والمنافقين وتصاغر دورهم، وظهر ضعفهم
عند المواجهة.


3
ـ أعطت الهدنة فرصة لنشر الاسلام ودخلت
قبائل كثيرة في الاسلام. وقد كان
رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتوقّع
منذ بدء حركته الرسالية الإسلامية أن
تترك قريش له فرصة يعبّر فيها بحرّية
عن موقفه، ويشرح الإسلام للناس بأمان.


4
ـ أمن المسلمون جانب قريش فحوّلوا
ثقلهم وجهودهم لمواجهة اليهود وسائر
المناوئين.


5
ـ جعلت مفاوضات الصلح حلفاء قريش
يفقهون موقف المسلمين ويميلون إليهم.


6
ـ مكّن الصلح النبيّ(صلى الله عليه
وآله) من أن يراسل الملوك ورؤساء الدول
خارج الجزيرة لدعوتهم إلى الاسلام،
وأن يستعدّ لغزوة مؤتة، كخطوة لنقل
الإسلام خارج منطقة الجزيرة العربية.


7
ـ مهّد الصلح لفتح مكة ـ الّتي كانت أهم
قلاع الوثنية حين ذاك ـ في مراحل لاحقة.


2
ـ انطلاقة الرسالة الاسلامية الى خارج
المدينة :




لقد
كانت محاولات قريش للقضاء على الاسلام
فيما مضى عاملاً لانشغال النبي (صلى
الله عليه وآله) والمسلمين في معارك
الدفاع والتحصين وتثبيت أركان الدولة
والمجتمع الإسلامي عدة سنين فلم يستطع
خلالها أن يبلّغ بحريّة تامّة رسالته
السماوية العالمية والخاتمة لكل
الأديان. ولكن بتوقيع معاهدة صلح
الحديبية أمن الرسول جانب قريش وأتاحت
هذه العملية فرصة مناسبة لأن يبعث
الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله)
سفراءه الى زعماء القوى الكبرى
المحيطة بالجزيرة العربية والى كل
رؤساء المجاميع في الجزيرة وخارجها
يدعوهم الى الاسلام بعد بيان التعاليم
الإلهية لهم.


فقد
روي أنه (صلى الله عليه وآله) قال في
أصحابه: «أيها الناس إن الله قد بعثني
رحمة وكافّة فلا تختلفوا عليّ كما
اختلف الحواريون على عيسى بن مريم».


فقال
أصحابه: وكيف اختلف الحواريون يا رسول
الله؟ قال (صلى الله عليه وآله): «دعاهم
الى الذي دعوتكم إليه فأما من بعثه
مبعثاً قريباً فرضي وسلّم وأما من بعثه
مبعثاً بعيداً فكره وجهه وتثاقل»[12].


وانطلقت
رسل الدعوة والهداية تنقل أمر رسول
الله (صلى الله عليه وآله) الى نقاط
العالم المختلفة[13].


3
ـ غزوة خيبر


[14]
:


بجهود
صادقة وبحنكة كبرى وشجاعة فائقة
وتسديد إلهي ارتقى النبي (صلى الله
عليه وآله) بالمسلمين سُلّم الوعي
الرسالي والثبات والخير وزرع فيهم روح
الصبر والتواصل.. وانطلق (صلى الله عليه
وآله) برسالته السماوية إلى العالم
الإنساني خارج الجزيرة العربية من
خلال كتبه ورسله الى زعماء القوى
المجاورة.


وتوقع
النبي (صلى الله عليه وآله) أن تكون
ردود الفعل مختلفة فقد يكون بعضها
هجوماً عسكرياً يقصد المدينة مستعيناً
بما فيها من بقية جيوب المنافقين
واليهود وهم الذين حفل تأريخهم بالغدر
والخيانة .


وكانت
خيبر تمثّل حصناً قوياً ومركزاً
كبيراً لليهود ولهذا قرر النبي (صلى
الله عليه وآله) أن يقضي على هذه القوة
المتبقّية، فلم يلبث بعد عودته من
الحديبية إلاّ أياماً قلائل حتى جهّز
جيشاً بلغ تعداده ألفاً وستمائة من
المسلمين مؤكداً لهم أن لا يخرجوا في
ابتغاء الغنيمة وقال (صلى الله عليه
وآله): «لا يخرجنّ معنا إلاّ راغب في
الجهاد»[15].


واتّبع
النبي(صلى الله عليه وآله) اسلوباً
يوهم حلفاء اليهود ويمنعهم عن
المبادرة لنصرتهم; تجنباً لمزيد من
القتال.


فباغتت
قوات المسلمين حصون اليهود يتقدمها
علي بن أبي طالب(عليه السلام) حاملاً
راية رسول الله (صلى الله عليه وآله).


وامتنعت
اليهود في حصونهم المنيعة بخطة محكمة
كانوا قد اتّبعوها، ثم دارت مناوشات
متعددة تمكّن المسلمون خلالها من
احتلال عدة مواقع مهمة. على أن القتال
اشتدّ وطالت مدّة الحصار وعانى
المسلمون من قسوة الجوع حتى أنهم أكلوا
طعاماً غير مستساغ.


وأعطى
رسول الله (صلى الله عليه وآله) رايته
الى عدد من الصحابة ليتم الفتح على
أيديهم فلم يأتوا إلاّ بالفرار والفشل.
ولمّا بلغ الجهد بالمسلمين قال النبي (صلى
الله عليه وآله): «لأعطين الراية غداً
رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله
ورسوله كرّار غير فرّار لا يرجع حتى
يفتح الله على يديه»[16].


ودعا
في اليوم التالي علياً وأعطاه الراية
فتمّ الفتح على يديه وسرّ المسلمون
والنبي (صلى الله عليه وآله) جميعاً،
وصالح رسول الله (صلى الله عليه وآله)
البقية الباقية من اليهود بعد
استسلامهم على نصف ثمار مزارعهم التي
أصبحت ملكاً للمسلمين، ولم يعاملهم
كما عامل بني النضير وبني القينقاع
وبني قريظة; إذ لم تعد قوة اليهود
الباقية ذات أثر مهم في المدينة.


4
ـ محاولة اغتيال النبي (صلى الله عليه
وآله) :




لقد
قررت جماعة في الخفاء قتل النبي (صلى
الله عليه وآله) غيلةً شفاءاً لحقدهم
الدفين وإرضاءاً لنزعاتهم العدوانية
ولهذا أهدت زينب بنت الحارث ـ زوجة
سلام بن مشكم اليهودي ـ الى النبي (صلى
الله عليه وآله) شاة مشوية ودسّت السمّ
فيها وأكثرت منه في ذراعها إذ كانت
تعلم أن النبي (صلى الله عليه وآله) يحب
الذراع من الشاة.


فلمّا
وضعتها بين يديه أخذ (صلى الله عليه
وآله) الذراع فلاك منها مضغة فلم يسغها
ولفظها، بينما مات بشر بن البراء بن
معرور بعد أن ابتلع مضغة اُخرى منها .


وعفا
النبي (صلى الله عليه وآله) عنها
بعدما اعترفت له بذلك زاعمة أنها كانت
تريد اختبار نبوّته، ولم يلاحق النبي(صلى
الله عليه وآله) الذين تواطأوا معها[17].


5
ـ استسلام أهالي فدك :




وتهاوت
أوكار الخيانة أمام صولات الحق
والعدل، فما أن تم نصر الله في خيبر حتى
قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك فبعثوا
إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
يصالحونه على نصف محاصيل فدك وأن
يعيشوا تحت راية الحكم الإسلامي،
مطيعين مسالمين فوافق رسول الله (صلى
الله عليه وآله) على ذلك.


وبهذا
أصبحت فدك ملكاً لرسول الله (صلى الله
عليه وآله) خاصة بحكم القرآن لأنها مما
لم يوجف عليه بخيل ولا سلاح إذ أعلنت
استسلامها للنبي (صلى الله عليه وآله)
من دون تهديد أو قتال. وقد وهب رسول
الله (صلى الله عليه وآله) فدكاً لابنته
فاطمة الزهراء (عليها السلام)[18].


وبهذا
تمّ تطهير أرض الجزيرة العربية من جيوب
الخيانة وتخلّصت من فتن اليهود الذين
جُرّدوا من أسلحتهم ووضعوا تحت حماية
القانون والدولة الاسلامية.


وفي
يوم فتح خيبر أقبل جعفر بن أبي طالب من
الحبشة، فاستقبله رسول الله وقبّل ما
بين عينيه وقال: بأيهما اُسرّ بفتح
خيبر أم بقدوم جعفر[19].


6
ـ عمرة القضاء :




انقضت
أيام الهدنة والنبي (صلى الله عليه
وآله) والمسلمون في عمل دؤوب متواصل
لتركيز دعائم الحكم الإسلامي، ولم
تحدث تحركات عسكرية مهمة بعد فتح خيبر
سوى خروج سرايا تبليغية أو تأديبية
لبعض العناصر التي كانت تظهر الشغب.


ومضى
عام على صلح الحديبية إلتزم خلاله
الطرفان ببنود الاتفاق وحلّ الوقت
الذي أصبح النبي والمسلمون في حلٍّ من
عهدهم لزيارة بيت الله الحرام، فنادى
منادي الرسول (صلى الله عليه وآله) أن
يتجهز المسلمون لأداء عمرة القضاء.
وخرج مع النبي (صلى الله عليه وآله)
ألفان من المسلمين لا يحملون سلاحاً
إلاّ السيوف في القِرب، وكان من حيطة
النبي وحذره من احتمال الغدر أن جهّز
مجموعة مسلحة عند (مرّ الظهران)
ليكونوا القوّة المستعدة للدفاع عند
الطوارئ.


ولما
وصل النبي (صلى الله عليه وآله) ذا
الحليفة أحرم هو وأصحابه وساق معه ستين
بدنة، وقدّم الخيل أمامه، وكانت نحواً
من مائة بقيادة محمد بن مسلمة. وخرج
زعماء مكة ومن تبعهم الى رؤوس الجبال
والتلال المجاورة المطلة على مكة
زاعمين أنهم لا يريدون النظر الى وجه
النبي(صلى الله عليه وآله) ولا إلى
اصحابه، ولكن جلالة الرسول(صلى الله
عليه وآله) وهيبة منظر المسلمين الذين
كانوا قد احتفّوا بالرسول وهم يردّدون
التلبية بهرت عيونهم وتركتهم مذهولين
ينظرون إلى النبي(صلى الله عليه وآله)
والمسلمين وهم يؤدون مناسكهم.


وطاف
النبي (صلى الله عليه وآله) حول البيت
على راحلته التي كان يقودها عبدالله بن
رواحة وأمر أن ينادي المسلمون بصوت عال:
«لا إله إلاّ الله وحده، صدق وعده،
ونصر عبده، وأعَزَّ جنده وهزم الأحزاب
وحده».


فدوّى
النداء في مكة وشعابها فانصدعت قلوب
المشركين رعباً وتملّكهم الغيظ والحقد
من مظاهر النصر الإلهي للنبي (صلى الله
عليه وآله) الذي خرج منهم طريداً قبل
سبع سنين.


وأتم
النبي (صلى الله عليه وآله) والمسلمون
مناسك العمرة، وأيقنت قريش بقوة
الإسلام والمسلمين وأيقنت بكذب من
أخبرها أن النبي (صلى الله عليه وآله)
ومن معه في جهد وتعب وضيق وحرج بسبب
الهجرة إلى المدينة.


وصعد
بلال على ظهر الكعبة وأعلن نداء
التوحيد مؤذّناً لصلاة الظهر بمظهر
روحاني بهيج أغاظ رؤوس الكفر من قريش...
وقد كانت مكة كلّها تحت تصرف المسلمين.


وتفرق
المهاجرون فيها وهم يصحبون إخوتهم
الأنصار يزورون دورهم التي غادروها في
سبيل الله ويلتقون بأهليهم وذويهم بعد
فراق طويل.


وأمضى
المسلمون ثلاثة أيام في مكة ثم غادروها
بموجب الاتفاق الذي كان بينهم وبين
قريش بعد أن رفضت طلب النبي (صلى الله
عليه وآله) بأن يتم مراسم زواجه من «ميمونة»
خائفين من ازدياد قوة النبي(صلى الله
عليه وآله) واختراق الإسلام لمجتمع مكة
من خلال طول مكث النبي(صلى الله عليه
وآله) فيها.


وخلّف
النبي (صلى الله عليه وآله) أبا رافع
ليحمل إليه زوجته «ميمونة» حين يمسي،
إذ خرج المسلمون قبل صلاة الظهر من
مكّة[20].




[1]
بحار الأنوار : 20 / 229.


[2]
الطبري: 3 / 216.


[3]
المغازي: 2 / 598.


[4]
تأريخ الطبري: 3 / 223.


[5]
السيرة النبوية: 2 / 315.


[6]
السيرة الحلبية: 3 / 21.


[7]
بحار الأنوار: 20 / 352.


[8]
مجمع البيان: 9 / 117.


[9]
بحار الأنوار: 20 / 352.


[10]
السيرة الحلبية: 3 / 21، السيرة النبوية: 2
/ 218، بحار الأنوار: 20 / 252.


[11]
راجع سورة الفتح (48): 1 ـ 7 و 18 ـ 28 .


[12]
السيرة النبوية : 2 / 606 ، والطبقات
الكبرى : 1 / 264 .


[13]
قد عدّ علماء الاسلام ما يقارب من ( 185 )
كتاباً ورسالة بعثها رسول الله (صلى
الله عليه وآله) إلى كل القوى يدعوها
إلى الإسلام. راجع : مكاتيب الرسول لعلي
بن حسين علي الأحمدي .


[14]
وقعت هذه الغزوة في شهر جمادى الآخرة
من السنة السابعة للهجرة، راجع
الطبقات الكبرى : 2 / 77.


[15]
الطبقات الكبرى: 2 / 106.


[16]
السيرة النبوية : 2/337 . صحيح مسلم 15/176 ـ
177 وفضائل الصحابة : 2/603 ومسند الإمام
أحمد : 3/384 والمواهب اللدنيّة : 1/284 ،
والاستيعاب : 3/203، كنز العمال: 13/123.


[17]
السيرة النبوية: 2 / 337، المغازي: 2 / 677.


[18]
مجمع البيان: 3 / 411، شرح ابن أبي الحديد:
16 / 268، الدر المنثور: 4 / 177.


[19]
الطبقات الكبرى: 2 / 108، والسنن الكبرى
للبيهقي: 7 / 101، والسيرة النبوية لابن
كثير: 3 / 398.


[20]
السيرة النبوية: 2 / 372.

/ 26