الفصل الثاني وجوب المعرفة والنظر - عقائد الإسلامیة جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

عقائد الإسلامیة - جلد 1

علی الکورانی؛ مصحح: السید علی السیستانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید






الفصل الثاني

وجوب المعرفة والنظر


وجوب معرفة الله تعالى ومنشؤها



وجوب معرفة الله تعالى وأنها أساس الدين



ـ نهج البلاغة ج 1 ص 14



أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده،
وكمال توحيده الاِخلاص له، وكمال الاِخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل
صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة....



ـ الهداية للصدوق ص 1



يجب أن يعتقد أن الله تعالى واحد ليس كمثله شيء لا يحد ولا يحس ولا يجس،
ولا يدرك بالاَوهام والاَبصار، ولا تأخذه سنة ولا نوم، شاهد كل نجوى، ومحيط
بكل شيء، لا يوصف بجسم ولا صورة ولا جوهر ولا عرض ولا سكون ولا حركة

ولا صعود ولا هبوط ولا قيام ولا قعود ولا ثقل ولا خفة ولا جيئة ولا ذهاب ولا مكان
ولا زمان ولا طول ولا عرض ولا عمق ولا فوق ولا أسفل ولا يمين ولا شمال ولا وراء
ولا أمام، وأنه لم يزل ولا يزال سميعاً بصيراً حكيماً عليماً حياً قيوماً قدوساً عزيزاً
أحداً فرداً صمداً لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، وأنه شيء ليس كمثله شيء
وخارج من الحدين حد الاِبطال وحد التشبيه، خالق كل شيء، لا إله إلا هو، لا
تدركه الاَبصار وهو يدرك الاَبصار، وهو اللطيف الخبير.



وقال عليه السلام: من زعم أن الله تعالى من شيء أو في شيء أو على شيء فقد أشرك،
ثم قال عليه السلام: من زعم أن الله تعالى من شيء فقد جعله محدثاً، ومن زعم أنه في شيء
فقد زعم أنه محصور ومن زعم أنه على شيء فقد جعله محمولاً.



وقال في هامشه:



قال الصدوق في رسالة الاِعتقادات بعد أن ذكر نحواً مما ذكر ما نصه: من قال
بالتشبيه فهو مشرك، ومن نسب إلى الاِمامية غير ما وصف في التوحيد فهو كاذب،
وكل خبر يخالف ما ذكرت في التوحيد فهو موضوع مخترع، وكل حديث لا يوافق
كتاب الله فهو باطل، وإن وجد في كتب علمائنا فهو مدلس، والاَخبار التي يتوسمها
الجهال تشبيهاً لله تعالى بخلقه فمعانيها محمولة على ما في القرآن من نظائرها....



ـ الاِقتصاد للشيخ الطوسي ص 4



الذي يلزم المكلف أمران: علم، وعمل. فالعمل تابع للعلم ومبني عليه. والذي
يلزم العلم به أمران: التوحيد، والعدل.



فالعلم بالتوحيد لا يتكامل إلا بمعرفة خمسة أشياء: أحدها معرفة ما يتوصل به
إلى معرفة الله تعالى، والثاني معرفة الله على جميع صفاته، والثالث معرفة كيفية
استحقاقه لتلك الصفات، الرابع معرفة ما يجوز عليه وما لا يجوز، الخامس معرفته
بأنه واحد لا ثاني له في القدم.




معرفة الله تعالى وتوحيده نصف الدين



ـ التوحيد للصدوق ص 68



حدثنا أبوعبدالله الحسين بن محمد الاَشناني الرازي العدل ببلخ، قال: حدثنا
علي بن مهرويه القزويني، عن داود بن سليمان الفراء عن علي بن موسى الرضا، عن
أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: التوحيد نصف الدين،
واستنزلوا الرزق بالصدقة. انتهى. ورواه في دعائم الاِسلام ج 1 ص 13



لا تتحقق العبادة إلا بالمعرفة



ـ علل الشرائع ج 1 ص 9



ـ حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن الحسين بن عبيدالله، عن
الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن عبدالكريم بن عبدالله، عن سلمة ابن عطاء، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج الحسين بن علي عليهما السلام على أصحابه فقال: أيها الناس إن
الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه استغنوا
بعبادته عن عبادة من سواه....



ـ علل الشرائع ج 1 ص 13



ــ حدثنا محمد بن الشيباني رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال:
حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي بن
سالم، عن أبيه بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز وجل: وما خلقت
الجن والاِنس إلا ليعبدون، قال: خلقهم ليأمرهم بالعبادة، قال: وسألته عن قول الله
عز وجل: ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم ؟ قال: ليفعلوا ما
يستوجبون به رحمته فيرحمهم.



ـ جواهر الكلام ج 29 ص 30



نعم ربما قيل بالتفصيل بين من كانت عبادته من الاَعمال فالتزويج أفضل منها،

لاِطلاق ما دل على ذلك، وبين من كانت عبادته تحصيل العلوم الدينية فهي أفضل
منه، لاَن كمال الاِنسان العلم الذي هو الغرض الاَصلي من خلقته، قال الله تعالى:
وما خلقت الجن والاِنس إلا ليعبدون، والمراد بها كما في الحديث المعرفة.



ـ شرح الاَسماء الحسنى ج 2 ص 23



قوله عليه السلام: يا من دل على ذاته بذاته.



وهو مجمع عليه للعرفاء الشامخين والعقلاء والمتكلمين، بل جميع إرسال
الرسل وإنزال الكتب وإرشاد الكاملين المكملين إنما هو للاِيصال إلى هذه البغية
العظمى والغبطة الكبرى، كما قال تعالى وما خلقت الجن والاِنس إلا ليعبدون، وفي
القدسي: خلقت الخلق لكي أعرف....



فانظر إلى جعلهم غاية العمل هي المعرفة والشهود، ولذا فسر المفسرون
ليعبدون بقولهم ليعرفون.



ـ شرح الاَسماء الحسنى ج 1 ص 189



... ولا يجوز للمؤمن إنكار ذلك الشهود لاَن انكاره إنكار الكتب السماوية والسنن
النبوية والآثار الولوية، بل هو غاية إرسال المرسلين وإرشاد الاَئمة الهادين وسير
السائرين وسلوك السالكين، ولولاه لم يكن سماء ولا أرض ولا بسيط ولا مركب، كما
قال تعالى: وما خلقت الجن والاِنس إلا ليعبدون أي ليعرفون. وفي الحديث
القدسي فخلقت الخلق لاَعرف....



ـ الرواشح السماوية ص 21



... لاَن المعرفة غاية وجودهم وغرض خلقهم كما في قوله تعالى: وما خلقت
الجن والاِنس إلا ليعبدون، أي ليعرفون، ومعرفتهم بالله وباليوم الآخر لا تحصل إلا
من طريق النبوة والرسالة لاَن عقولهم غير كافية فيها، سيما ما يتعلق منها بأحوال
المعاد وحشر العباد فيحتاجون إلى معلم بشري....




فضل معرفة الله تعالى



ـ الكافي ج 8 ص 247



محمد بن سالم بن أبي سلمة، عن أحمد بن الريان، عن أبيه عن جميل بن دراج،
عن عبدالله عليه السلام قال: لو يعلم الناس ما في فضل معرفة الله عز وجل ما مدوا أعينهم
إلى ما متع الله به الاَعداء من زهرة الحياة الدنيا ونعيمها، وكانت دنياهم أقل عندهم
مما يطوونه بأرجلهم، ولنعموا بمعرفة الله عز وجل وتلذذوا بها تلذذ من لم يزل في
روضات الجنان مع أولياء الله.



إن معرفة الله عز وجل أنس من كل وحشة، وصاحب من كل وحدة، ونور من كل
ظلمة، وقوة من كل ضعف، وشفاء من كل سقم.



ثم قال عليه السلام: وقد كان قبلكم قوم يقتلون ويحرقون وينشرون بالمناشير وتضيق
عليهم الاَرض برحبها، فما يردهم عما هم عليه شيء مما هم فيه، من غير ترة وتروا
من فعل ذلك بهم ولا أذى، بل ما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد،
فاسألوا ربكم درجاتهم واصبروا على نوائب دهركم تدركوا سعيهم.



ـ مستدرك الوسائل ج 11 ص 236



وقال عليه السلام: أكثر الناس معرفة أخوفهم لربه.



الحث على مجالسة أهل المعرفة



ـ مستدرك الوسائل ج 8 ص 328



الكشي في الرجال: روى علي بن جعفر عن أبيه، عن جده، عن علي بن
الحسين عليهم السلام أنه كان يقول لبنيه: جالسوا أهل الدين والمعرفة، فإن لم تقدروا عليهم
فالوحدة آنس وأسلم، فإن أبيتم مجالسة الناس، فجالسوا أهل المروات، فإنهم لا
يرفثون في مجالسهم. انتهى. ورواه في مسائل علي بن جعفر ص 338




فضل من مات على المعرفة



ـ نهج البلاغة ج 2 ص 133



... ولا تستعجلوا بما لم يعجله الله لكم. فإنه من مات منكم على فراشه وهو على
معرفة حق ربه وحق رسوله وأهل بيته، مات شهيداً ووقع أجره على الله،
واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله. وقامت النية مقام إصلاته لسيفه. وإن لكل
شيء مدة وأجلاً.



نعمة معرفة حمد الله وشكره



ـ الصحيفة السجادية ج 1 ص 22



والحمد لله الذي لو حبس عن عباده معرفة حمده على ماأبلاهم من مننه المتتابعة
، وأسبغ عليهم من نعمه المتظاهرة، لتصرفوا في مننه فلم يحمدوه، وتوسعوا في
رزقه فلم يشكروه، ولو كانوا كذلك لخرجوا من حدود الاِنسانية إلى حد البهيمة،
فكانوا كما وصف في محكم كتابه: إن هم إلا كالاَنعام بل هم أضل سبيلا. والحمد لله
على ما عرَّفنا من نفسه.



ـ الكافي ج 8 ص 394



علي بن محمد، عن بعض أصحابه رفعه قال: كان علي بن الحسين عليه السلام إذا قرأ
هذه الآية: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها، يقول: سبحان من لم يجعل في أحد من
معرفه نعمه إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها، كما لم يجعل في أحد من معرفة إدراكه
أكثر من العلم أنه لا يدركه، فشكر عز وجل معرفة العارفين بالتقصير عن معرفة
شكره، فجعل معرفتهم بالتقصير شكراً، كما جعل علم العالمين أنهم لا يدركونه
إيماناً. علماً منه أنه قدر وسع العباد فلا يجاوزون ذلك.



نعمة معرفة كرم الله وآلائه



ـ الصحيفة السجادية ج 2 ص 407



وإن أنامتني الغفلة عن الاِستعداد للقائك، فقد نبهتني المعرفة بكرمك وآلائك،

وإن أوحش ما بيني وبينك فرط العصيان والطغيان، فقد آنسني بشرى الغفران
والرضوان.



ـ الصحيفة السجادية ج 2 ص 225



فوعزتك لو انتهرتني ما برحت عن بابك، ولا كففت عن تملقك، لما أُلهم قلبي
من المعرفة بكرمك، وسعة رحمتك، إلى من يذهب العبد إلا إلى مولاه، وإلى من
يلتجيء المخلوق إلا إلى خالقه.



معرفة الله لا تكون إلا بالله ومن الله



ـ مصباح المتهجد ص 582



روى أبوحمزة الثمالي قال: كان علي بن الحسين سيدالعابدين صلوات الله عليهما
يصلي عامة الليل في شهر رمضان، فإذا كان السحر دعا بهذا الدعاء: إلَهي لا تؤدبني
بعقوبتك ولا تمكر بي في حيلتك، من أين لي الخير يا رب ولا يوجد إلا من عندك،
ومن أين لي النجاة ولا تستطاع إلا بك، لا الذي أحسن استغنى عن عونك ورحمتك،
ولا الذي أساء واجترأ عليك ولم يرضك خرج عن قدرتك، يا رب يا رب يا رب، بك
عرفتك وأنت دللتني عليك ودعوتني إليك، ولولا أنت لم أدر ما أنت.... إلخ.



ـ الكافي ج 1 ص 851



علي بن محمد، عمن ذكره، عن أحمد بن عيسى، عن محمد بن حمران، عن
الفضل بن السكن، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إعرفوا الله بالله،
والرسول بالرسالة، وأولي الاَمر بالمعروف والعدل والاِحسان.



ومعنى قوله عليه السلام: إعرفوا الله بالله، يعني أن الله خلق الاَشخاص والاَنوار والجواهر
والاَعيان، فالاَعيان الاَبدان، والجواهر الاَرواح، وهو عز وجل لا يشبه جسماً ولا
روحاً، وليس لاَحد في خلق الروح الحساس الدراك أمر ولا سبب، هو المتفرد بخلق
الاَرواح والاَجسام فإذا نفى عنه الشبهين: شبه الاَبدان وشبه الاَرواح فقد عرف الله
بالله، وإذا شبهه بالروح أو البدن أو النور، فلم يعرف الله بالله.




لا يفوز الاِنسان بالمعرفة إلا بإذن الله تعالى



ـ أمالي المرتضى ج 1 ص 30



إن قال قائل ما تأويل قوله تعالى: وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل
الرجس على الذين لا يعقلون.



... فأما ظن السائل دخول الاِرادة في محتمل اللفظ فباطل، لاَن الاِذن لا يحتمل
الاِرادة في اللغة، ولو احتملها أيضاً لم يجب ما توهمه لاَنه إذا قال إن الاِيمان لا يقع
إلا وأنا مريد له لم ينف أن يكون مريداً لما لم يقع، وليس في صريح الكلام ولا دلالته
شيء من ذلك.



وأما قوله تعالى: ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون، فلم يعن بذلك الناقصي
العقول، وإنما أراد الذين لم يعقلوا ولم يعلموا ما وجب عليهم علمه من معرفة الله
خالقهم، والاِعتراف بنبوة رسله والاِنقياد إلى طاعتهم. ووصفهم تعالى بأنهم لا
يعقلون تشبيهاً، كما قال تعالى صمٌٌّ بكمٌ عميٌ، وكما يصف أحدنا من لم يفطن
لبعض الاَمور أو لم يعلم ما هو مأمور بعمله بالجنون وفقد العقل.



الهداية والاِضلال من الله تعالى لكن الاِضلال باستحقاق العبد



ـ الكافي ج 1 ص 162



محمد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي
عمير، عن محمد بن حكيم قال: قلت لاَبي عبدالله عليه السلام: المعرفة من صنع من هي ؟
قال: من صنع الله، ليس للعباد فيها صنع.



ـ محمد بن أبي عبدالله، عن سهل بن زياد، عن علي بن إسباط، عن الحسين بن
زيد، عن درست بن أبي منصور، عمن حدثه، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ستة أشياء
ليس للعباد فيها صنع: المعرفة والجهل والرضا والغضب والنوم واليقظة.




ـ الكافي ج 1 ص 165



باب الهداية أنها من الله عز وجل: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن
عيسى، عن محمد بن إسماعيل، عن إسماعيل السراج، عن ابن مسكان، عن ثابت
بن سعيد قال: قال أبوعبدالله: يا ثابت ما لكم وللناس، كفوا عن الناس ولا تدعوا
أحداً إلى أمركم، فوالله لو أن أهل السماوات وأهل الاَرضين اجتمعوا على أن يهدوا
عبداً يريد الله ضلالته ما استطاعوا أن يهدوه، ولو أن أهل السماوات وأهل الاَرضين
اجتمعوا على أن يضلوا عبداً يريد الله هدايته ما استطاعوا أن يضلوه، كفوا عن الناس
ولا يقول أحد: عمي وأخي وابن عمي وجاري، فإن الله إذا أراد بعبد خيراً طيب
روحه فلا يسمع معروفاً إلا عرفه ولا منكراً إلا أنكره، ثم يقذف الله في قلبه كلمة
يجمع بها أمره.



ـ علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران،
عن سليمان بن خالد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال: إن الله عز وجل إذا أراد بعبد
خيراً نكت في قلبه نكتة من نور وفتح مسامع قلبه ووكل به ملكاً يسدده، وإذا أراد
بعبد سوءاً نكت في قلبه نكتة سوداء وسد مسامع قلبه ووكل به شيطاناً يضله، ثم تلا
هذه الآية: فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاِسلام ومن يرد أن يضله يجعل
صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء.



ـ دعائم الاِسلام ج 1 ص 13



وروينا عن أمير المؤمنين علي بن أبى طالب صلوات الله عليه أنه سئل ما الاِيمان
وما الاِسلام ؟



فقال: الاِسلام الاِقرار والاِيمان الاِقرار والمعرفة فمن عرفه الله نفسه ونبيه وإمامه
ثم أقر بذلك فهو مؤمن.



قيل له: فالمعرفة من الله والاِقرار من العبد ؟




قال: المعرفة من الله حجة ومنة ونعمة والاِقرار من يمن الله به على من يشاء،
والمعرفة صنع الله في القلب والاِقرار فعل القلب بمن من الله وعصمه ورحمه، فمن
لم يجعله الله عارفاً فلا حجة عليه وعليه أن يقف ويكف عما لا يعلم، ولا يعذبه الله
على جهله ويثيبه على عمله بالطاعة ويعذبه على عمله بالمعصية، ولا يكون شيء
من ذلك إلا بقضاء الله وقدره وبعلمه وبكتابه بغير جبر، لاَنهم لو كانوا مجبورين لكانوا
معذورين وغير محمودين، ومن جهل فعليه أن يرد إلينا ما أشكل عليه، قال الله عز
وجل: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. انتهى.



وقد عقد البخاري باباً في ج 1 ص 10 تحت عنوان (باب قول النبي صلى الله
عليه وسلم أنا أعلمكم بالله وإن المعرفة فعل القلب لقول الله تعالى ولكن يؤاخذكم
بما كسبت قلوبكم) ولكنه لم يرو حديثاً على أن المعرفة فعل القلب، ومثل هذه
الظاهرة متكررة في البخاري، حيث تجد عنواناً ولا معنون له.



دعاء طلب المعرفة من الله تعالى



ـ مصباح المتهجد ص 411



وما روى عن أبي عمرو بن سعيد العمري رضي الله عنه قال: أخبرنا جماعة، عن محمد
بن هرون بن موسى التلعكبري أن أبا علي محمد بن همام أخبره بهذا الدعاء، وذكر أن
الشيخ أبا عمرو العمري قدس الله روحه أملاه عليه وأمره أن يدعو به، وهو الدعاء
في غيبة القائم من آل محمد عليه وعليهم السلام:



اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف رسولك.



اللهم عرفني رسولك، فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك.



اللهم عرفني حجتك، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني.



ـ الكافي ج 1 ص 337



علي بن إبراهيم، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عبدالله بن موسى عن

عبدالله بن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن للغلام غيبة قبل أن
يقوم، قال: قلت ولم ؟ قال: يخاف ــ وأومأ بيده إلى بطنه ــ ثم قال: يا زرارة وهو
المنتظر، وهو الذي يشك في ولادته، منهم من يقول مات أبوه بلا خلف، ومنهم من
يقول حمل ومنهم من يقول إنه ولد قبل موت أبيه بسنتين، وهو المنتظر غير أن الله
عز وجل يحب أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة.



قال قلت: جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أي شيء أعمل ؟ قال: يا زرارة إذا
أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء:



اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني
رسولك، فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك،
فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني.



ثم قال: يا زرارة لابد من قتل غلام بالمدينة، قلت: جعلت فداك أليس يقتله
جيش السفياني ؟ قال: لا ولكن يقتله جيش آل بني فلان، يجيء حتى يدخل المدينة
فيأخذ الغلام فيقتله، فإذا قتله بغياً وعدواناً وظلماً لا يمهلون، فعند ذلك توقع الفرج
إن شاء الله.



وسائل معرفة الله



أداة معرفة الله تعالى: العقل



ـ الكافي ج 1 ص 48



عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن نوح بن شعيب النيسابوري، عن
عبيد الله بن عبدالله الدهقان، عن درست بن أبي منصور، عن عروة بن أخي شعيب
العقرقوفي عن شعيب، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: كان أمير
المؤمنين عليه السلام يقول: يا طالب العلم إن العلم ذو فضائل كثيرة: فرأسه التواضع، وعينه

البراءة من الحسد، وأذنه الفهم، ولسانه الصدق، وحفظه الفحص، وقلبه حسن النية
وعقله معرفة الاَشياء والاَمور، ويده الرحمة، ورجله زيارة العلماء.



ـ الكافي ج 1 ص 13



أبوعبدالله الاَشعري، عن بعض أصحابنا، رفعه عن هشام بن الحكم قال: قال لي
أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: يا هشام إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم
في كتابه فقال: فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين
هداهم الله وأولئك هم أولوا الاَلباب.



يا هشام، إن الله تبارك وتعالى أكمل للناس الحجج بالعقول، ونصر النبيين بالبيان،
ودلهم على ربوبيته بالاَدلة فقال: وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم. إن
في خلق السموات والاَرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر
بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الاَرض بعد موتها وبث فيها
من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والاَرض، لآيات
لقوم يعقلون.



يا هشام، قد جعل الله ذلك دليلاً على معرفته بأن لهم مدبراً فقال: وسخر لكم
الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، إن في ذلك لآيات لقوم
يعقلون. وقال: هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلاً
ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخاً ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلاً مسمى
ولعلكم تعقلون. وقال: إن في إختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من
رزق فأحيا به الاَرض بعد موتها وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء
والاَرض لآيات لقوم يعقلون. وقال: يحيي الاَرض بعد موتها، قد بينا لكم الآيات
لعلكم تعقلون.



وقال: وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد
ونفضل بعضها على بعض في الاَكل، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون.




وقال: ومن آياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينزل من السماء ماء فيحيي به
الاَرض بعد موتها، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون.



وقال: قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً
ولا تقتلوا أولادكم من إملاق، نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها
وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون.



وقال: هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء
تخافونهم كخيفتكم أنفسكم، كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون.



يا هشام، ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله، فأحسنهم
استجابة أحسنهم معرفة، وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلاً، وأكملهم عقلاً أرفعهم
درجة في الدنيا والآخرة.



يا هشام، إن لله على الناس حجتين: حجة ظاهرة وحجة باطنة، فأما الظاهرة
فالرسل والاَنبياء والاَئمة عليهم السلام وأما الباطنة فالعقول.



يا هشام، إن العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره، ولا يغلب الحرام صبره.



يا هشام، الصبر على الوحدة علامة قوة العقل، فمن عقل عن الله اعتزل أهل
الدنيا والراغبين فيها، ورغب فيما عند الله، وكان الله أنسه في الوحشة، وصاحبه في
الوحدة، وغناه في العيلة، ومعزه من غير عشيرة.



يا هشام، إن الله حكى عن قوم صالحين أنهم قالوا: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا
وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى
عماها ورداها. إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله، ومن لم يعقل عن الله لم يعقد
قلبه على معرفة ثابتة يبصرها ويجد حقيقتها في قلبه، ولا يكون أحد كذلك إلا من
كان قوله لفعله مصدقاً، وسره لعلانيته موافقاً، لاَن الله تبارك اسمه لم يدل على
الباطن الخفي من العقل إلا بظاهر منه وناطق عنه.




ـ رسائل الشريف المرتضى ج 1 ص 127



المسألة التاسعة قد سئل رحمه الله عن الطريق إلى معرفة الله بمجرد العقل أو من
طريق السمع.



الجواب: إن الطريق إلى معرفة الله تعالى هو العقل، ولا يجوز أن يكون السمع،
لاَن السمع لا يكون دليلاً على الشيء إلا بعد معرفة الله وحكمته، وإنه لا يفعل القبيح
ولا يصدق الكذابين، فكيف يدل السمع على المعرفة. ووجه دلالته مبني على
حصول المعارف بالله حتى يصح أن يوجب عليه النظر. ورددنا على من يذهب من
أصحابنا إلى أن معرفة الله تستفاد من قول الاِمام، لاَن معرفة كون الاِمام إماماً مبنية
على المعرفة بالله تعالى....



وبينا أن العاقل إذا نشأ بين الناس، وسمع اختلافهم في الديانات، وقول كثير
منهم أن للعالم صانعاً خلق العقلاء ليعرفوه، ويستحقوا الثواب على طاعاتهم وأن من
فرط في المعرفة استحق العقاب: لابد من كونه خائفاً من ترك النظر وإهماله، لاَن
خوف الضرر وجهه على وجوب كل نظر في دين أو دنيا، وأنه متى خاف الضرر
وجب عليه النظر وقبح منه إهماله والاِخلال به.



ـ الرسالة السعدية للعلامة الحلي ص 54



وخامسها: أن معرفة الله تعالى واجبة، وليس مدرك الوجوب السمع، لاَن معرفة
الاِيمان يتوقف على معرفة الموجب، فيستحيل معرفة الاِيجاب قبل معرفة
الموجب، فلو أسندت معرفة الموجب به، دار.



ـ نهج الحق للعلامة الحلي ص 51



الحق أن وجوب معرفة الله تعالى مستفاد من العقل وإن كان السمع قد دل عليه
بقوله: فاعلم أنه لا إله إلا الله، لاَن شكر المنعم واجب بالضرورة وآثار النعمة علينا
ظاهرة، فيجب أن نشكر فاعلها، وإنما يحصل بمعرفته، ولاَن معرفة الله تعالى واقعة
للخوف الحاصل من الاِختلاف، ودفع الخوف واجب بالضرورة.




وقالت الاَشعرية: إن معرفة الله تعالى واجبة بالسمع لا بالعقل فلزمهم ارتكاب
الدور المعلوم بالضرورة بطلانه، لاَن معرفة الاِيجاب تتوقف على معرفة الموجب
فإن من لا نعرفه بشيء من الاِعتبارات البتة نعلم بالضرورة أنا لا نعرف أنه أوجب، فلو
استفيدت معرفة الموجب من معرفة الاِيجاب لزم الدور المحال !



وأيضاً لو كانت المعرفة إنما تجب بالاَمر لكان الاَمر بها إما أن يتوجه إلى العارف
بالله تعالى أو إلى غير العارف والقسمان باطلان، فتعليل الاِيجاب بالاَمر محال. أما
بطلان الاَول فلاَنه يلزم منه تحصيل الحاصل وهو محال. وأما بطلان الثاني: فلاَن
غير العارف بالله تعالى يستحيل أن يعرف أن الله قد أمره وأن امتثال أمره واجب،
وإذا استحال أن يعرف أن الله تعالى قد أمره وأن امتثال أمره واجب استحال أمره وإلا
لزم تكليف ما لا يطاق. وسيأتي بطلانه إن شاء الله تعالى.



لا يحاسب الله الناس إلا على قدر معرفتهم، وما بيَّن لهم، وما آتاهم



ـ الكافي ج 1 ص 162 ـ 164



عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن الله لم ينعم على عبد نعمة إلا وقد ألزمه فيها الحجة
من الله، فمن منَّ الله عليه فجعله قوياً فحجته عليه القيام بما كلفه، واحتمال من هو
دونه ممن هو أضعف منه، فمن منَّ الله عليه فجعله موسعاً عليه فحجته عليه ماله،
ثم تعاهده الفقراء بعد بنوافله، ومن منَّ الله عليه فجعله شريفاً في بيته، جميلاً في
صورته، فحجته عليه أن يحمد الله تعالى على ذلك وأن لا يتطاول على غيره، فيمنع
حقوق الضعفاء لحال شرفه وجماله.



ـ عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحجال، عن ثعلبة بن
ميمون، عن عبدالاَعلى بن أعين قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام من لم يعرف شيئاً هل
عليه شيء ؟ قال: لا.



ـ محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن داود بن

فرقد عن أبي الحسن زكريا بن يحيى، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ما حجب الله عن
العباد فهو موضوع عنهم.



ـ محمد بن يحيى وغيره، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد
عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن ابن الطيار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن
الله احتج على الناس بما آتاهم وعرفهم.



ـ وبهذا الاِسناد، عن يونس، عن حماد، عن عبدالاَعلى قال: قلت لاَبي
عبدالله عليه السلام: أصلحك الله هل جعل في الناس أداة ينالون بها المعرفة ؟ قال: فقال: لا،
قلت: فهل كلفوا المعرفة ؟ قال: لا، على الله البيان: لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولا
يكلف الله نفساً ما آتاها، قال: وسألته عن قوله: وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم
حتى يبين لهم ما يتقون، قال: حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه.



ـ عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن
ميمون، عن حمزة بن محمد الطيار، عن أبي عبدالله عليه السلام في قول الله عز وجل: وما
كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون. قال: حتى يعرفهم ما
يرضيه وما يسخطه. وقال: فألهمها فجورها وتقويها، قال: بين لها ما تأتي وما تترك،
وقال: إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً، قال: عرفناه، إما آخذ وإما تارك. وعن
قوله: وإما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى، قال: عرفناهم فاستحبوا
العمى على الهدى وهم يعرفون ؟ وفي رواية: بينا لهم.



ـ عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن علي بن الحكم، عن أبان
الاَحمر عن حمزة بن الطيار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: أكتب فأملى علي: إن من قولنا أن
الله يحتج على العباد بما آتاهم وعرفهم، ثم أرسل إليهم رسولاً وأنزل عليهم الكتاب
فأمر فيه ونهى، أمر فيه بالصلاة والصيام فنام رسول الله صلى الله عليه وآله عن الصلاة فقال: أنا أنيمك
وأنا أوقظك فإذا قمت فصل ليعلموا إذا أصابهم ذلك كيف يصنعون، ليس كما يقولون
إذا نام عنها هلك، وكذلك الصيام أنا أمرضك وأنا أصحك، فإذا شفيتك فأقضه.




ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: وكذلك إذا نظرت في جميع الاَشياء لم تجد أحداً في
ضيق، ولم تجد أحداً إلا ولله عليه الحجة ولله فيه المشيئة، ولا أقول: إنهم ما شاؤوا
صنعوا، ثم قال: إن الله يهدي ويضل، وقال: وما أمروا إلا بدون سعتهم، وكل شيء
أمر الناس به فهم يسعون له، وكل شيء لا يسعون له فهو موضوع عنهم، ولكن الناس
لا خير فيهم، ثم تلا عليه السلام: ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا
يجدون ما ينفقون حرج ــ فوضع عنهم ــ ما على المحسنين من سبيل والله غفور
رحيم. ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم ــ قال: فوضع عنهم لاَنهم لا يجدون.



ـ الاِعتقادات للصدوق ص 168



قال الشيخ أبوجعفر رحمه الله: إعتقادنا في ذلك أن الله تعالى فطر جميع الخلق على
التوحيد وذلك قوله عز وجل: فطرة الله التي فطر الناس عليها. وقال الصادق عليه السلام في
قوله تعالى: وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون. وقال عليه السلام:
حتى يعرفهم ما يرضيه وما يسخطه.



وقال في قوله تعالى: فألهمها فجورها وتقويها، قال: بين لها ما تأتي وما تترك من
المعاصي.



وقال في قوله تعالى: إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً، قال: عرفناه إما
آخذاً وإما تاركاً.



وفي قوله تعالى: وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى، قال: وهم
يعرفون.



وسئل عن قول الله عز وجل: وهديناه النجدين، قال: نجد الخير ونجد الشر.



وقال عليه السلام: ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم.



وقال عليه السلام: إن الله تعالى احتج على الناس بما آتاهم وعرفهم.




من أسباب المعرفة وآثارها



ما يورث المعرفة



ـ مستدرك الوسائل ج 7 ص 500



الحسن بن أبي الحسن الديلمي في إرشاد القلوب: عن أمير المؤمنين عليه السلام عن
النبي صلى الله عليه وآله أنه قال في ليلة المعراج:



يا رب ما أول العبادة ؟ قال: أول العبادة الصمت والصوم، قال: يا رب وما ميراث
الصوم ؟ قال: يورث الحكمة، والحكمة تورث المعرفة، والمعرفة تورث اليقين،
فإذا استيقن العبد لا يبالي كيف أصبح بعسر أم بيسر.



ما تورثه المعرفة



ـ مستدرك الوسائل ج 11 ص 185



... قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فكر ساعة خير من عبادة سنة، ولا ينال منزلة التفكر إلا
من خصه الله بنور المعرفة والتوحيد.



ما يفسد المعرفة ويطفيء نورها



ـ مستدرك الوسائل ج 16 ص 218



الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الاَخلاق: عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: لا
تشبعوا فيطفأ نور المعرفة من قلوبكم.



ـ مستدرك الوسائل ج 16 ص 213



القطب الراوندي في لب اللباب: عن جعفر بن محمد عليهما السلام أنه قال: فساد الجسد
في كثرة الطعام، وفساد الزرع في كسب الاَثام، وفساد المعرفة في ترك الصلاة على
خير الاَنام.




خطر ضلال الاَمم بعد المعرفة



كان نبينا يخاف على أمته الضلال بعد المعرفة



ـ الكافي ج 2 ص 79



قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاث أخافهن على أمتي من بعدي: الضلالة بعد المعرفة،
ومضلات الفتن، وشهوة البطن والفرج. انتهى. ورواه في وسائل الشيعة ج 11 ص 198
وفي مستدرك الوسائل ج 11 ص 276 وفي مسند الاِمام زيد ص 494



ـ أمالي المفيد ص 111



قال: أخبرني أبوحفص عمر بن محمد الصيرفي قال: حدثنا علي بن مهرويه
القزويني قال: حدثنا داود بن سليمان الغاري قال: حدثنا الرضا علي بن موسى قال:
حدثني موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد قال: حدثني أبي محمد
بن علي قال: حدثني علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال:
حدثني أبي أمير المؤمنين علي بن طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ثلاثة أخافهن
على أمتي: الضلالة بعد المعرفة، ومضلات الفتن، وشهوة الفرج والبطن.



وقد روت هذا المعنى مصادر إخواننا السنة، ففي مسند أحمد ج 4 ص 420



عن أبي برزة الاَسلمي قال أبو الاَشهب لا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: إن مما أخشى عليكم شهوات الغي في بطونكم وفروجكم ومضلات
الفتن. وفي رواية ومضلات الهوى. انتهى. ورواه في مجمع الزوائد ج 7 ص 305 وقال:
رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. ورواه في كنز العمال ج 16 ص 45



وضع المعرفة في بني اسرائيل بعد موسى



ـ العهد القديم ج 2 ص 282



الاِصحاح الرابع 1 إسمعوا قول الرب يا بني اسرائيل. إن للرب محاكمة مع سكان

الاَرض لاَنه لا أمانة ولا إحسان ولا معرفة الله في الاَرض. 2 لعنٌ وكذبٌ وقتل وسرقة
وفسق. يعتنفون ودماء تلحق دماء....



قد هلك شعبي من عدم المعرفة. لاَنك أنت رفضت المعرفة أرفضك أنا حتى
لاتكهن لي. ولاَنك نسيت شريعة إلهك أنسى أنا أيضاً بنيك.



ـ العهد القديم ص 254



الاِصحاح الخامس والعشرون 1 وأقام إسرائيل في شطيم وابتدأ الشعب يزنون
مع بنات موآب. 2 فدعون الشعب إلى ذبائح آلهتهن فأكل الشعب وسجدوا لآلهتهن.
3 وتعلق إسرائيل ببعل فغور. فحمي غضب الرب على إسرائيل.



ـ العهد القديم ص 296



الاِصحاح الحادي عشر 1 فأحبب الرب إلَهك واحفظ حقوقه وفرائضه وأحكامه
ووصاياه كل الاَيام. 2 واعلموا اليوم أني لست أريد بنيكم الذين لم يعرفوا ولا رأوا
تأديب الرب إلَهكم عظمته ويده الشديدة وذراعه الرفيعة. 3 وآياته وصنائعه التي
عملها في مصر بفرعون ملك مصر وبكل أرضه. 4 والتي عملها بجيش مصر بخيلهم
ومراكبهم حيث أطاف مياه بحر سوف على وجوههم حين سعوا وراءكم فأبادهم
الرب إلى هذا اليوم. 5 والتي عملها لكم في البرية حتى جئتم إلى هذا المكان. 6
والتي عملها بداثان وأبيرام ابني الياب ابن راوبين اللذين فتحت الاَرض فاها
وابتلعتهما مع بيوتهما وخيامهما وكل الموجودات التابعة لهما في وسط كل إسرائيل
.... 27 البركة إذا سمعتم لوصايا الرب إلهكم التي أنا أوصيكم بها اليوم. 28 واللعنة
إذا لم تسمعوا لوصايا الرب إلهكم وزغتم عن الطريق التي أنا أوصيكم بها اليوم،
لتذهبوا وراء آلهة أخرى لم تعرفوها.



ـ العهد القديم ص 300



الاِصحاح الثالث عشر 1 إذا قام في وسطك نبي أو حالم حلماً وأعطاك آية أو

أعجوبة 2 ولو حدثت الآية أو الاَعجوبة التي كلمك عنها قائلاً لنذهب وراء آلهة
أخرى لم نعرفها ونعبدها 3 فلا تسمع لكلام ذلك النبي أو الحالم ذلك الحلم، لاَن
الرب إلهكم يمتحنكم لكي يعلم هل تحبون الرب إلهكم من كل قلوبكم ومن كل
أنفسكم....



وإذا أغواك سراً أخوك ابن أمك أو ابنك أو ابنتك أو امرأة حضنك أو صاحبك
الذي مثل نفسك قائلاً: نذهب ونعبد آلهة أخرى لم تعرفها أنت ولا آباؤك 7 من آلهة
الشعوب الذين حولك القريبين منك أو البعيدين عنك من أقصاء الاَرض إلى أقصائها
8 فلا ترض منه ولا تسمع لا ولا تشفق عينك عليه ولا ترق له ولا تستره....



قد خرج أناس بنو لئيم من وسطك وطوحوا سكان مدينتهم قائلين: نذهب ونعبد
آلهة أخرى لم تعرفوها.



ـ العهد القديم ص 196



وقال الرب من أجل أن بنات صهيون يتشامخن ويمشين ممدودات الاَعناق
وغامزات بعيونهن وخاطرات في مشيهن ويخشخشن بأرجلهن. 17 يصلع السيد
هامة بنات صهيون ويعرى الرب عورتهن. 18 ينزع السيد في ذلك اليوم زينة
الخلاخيل والضفائر والاَهلة. 19 والحلق والاَساور والبراقع. 20 والعصائب
والسلاسل والمناطق وحناجر الشمامات والاَحراز. 21 والخواتم وخزائم الاَنف. 22
والثياب المزخرفة والعطف والاَردية والاَكياس. 23 والمرائي والقمصان والعمائم
والاَزر. 24 فيكون عوض الطيب عفونة، وعوض المنطقة حبل، وعوض الجدائل
قرعة، وعوض الديباج زنار مسح، وعوض الجمال كي.



إتهامهم نبيهم موسى بأنه لم يعرف الله تعالى



ـ العهد القديم 142



وقال موسى للرب أنظر، أنت قائل لي أصعد هذا الشعب، وأنت لم تعرفني من

ترسل معي، وأنت قد قلت عرفتك باسمك، ووجدت أيضاً نعمة في عيني، 13
فالآن إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فعلمني طريقك حتى أعرفك لكي أجد
نعمة في عينيك.



بولس يصف فساد الناس في عصره وبعدهم عن المعرفة



ـ العهد الجديد ص 246



الاِصحاح الاَول 21 لاَنهم لما عرفوا الله لم يمجدوه أو يشكروه كإلَه بل حمقوا في
أفكارهم وأظلم قلبهم الغبي. 22 وبينما هم يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء. 23
وأبدلوا مجد الله الذي لا يفنى بشبه صورة الاِنسان الذي يفنى والطيور والدواب
والزحافات....



وكذلك الذكور أيضاً تاركين استعمال الاَنثى الطبيعي اشتعلوا بشهوتهم بعضهم
لبعض فاعلين الفحشاء ذكوراً بذكور ونائلين في أنفسهم جزاء ضلالهم المحق. 28
وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا ما
لا يليق. 29 مملوئين من كل إثم وزناً وشر وطمع وخبث، مشحونين حسداً وقتلاً
وخصاماً ومكراً وسوءاً. 30 نمامين مفترين مبغضين لله، ثالبين متعظمين مدعين
مبتدعين شروراً، غير طائعين للوالدين. 31 بلا فهم ولا عهد ولا حنو ولا رضى ولا
رحمة. 32 الذين إذ عرفوا حكم الله أن الذين يعملون مثل هذه يستوجبون الموت لا
يفعلونها فقط، بل أيضاً يسرون بالذين يعملون.



المعرفة التي دعا إليها بولس الذي نَصَّر النصارى



ـ العهد الجديد ص 381



رسالة بطرس الرسول الثانية الاِصحاح الاَول. 1 سمعان بطرس عبد يسوع
المسيح ورسوله إلى الذين نالوا معنا إيماناً ثميناً مساوياً لنا ببر إلَهنا والمخلص يسوع
المسيح. 2 لتكثر لكم النعمة والسلام بمعرفة الله ويسوع ربنا. 3 كما أن قدرته الاِلَهية

قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة. 4
اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة، لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة
الاِلَهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة.... لاَن هذه إذا كانت فيكم
وكثرت تُصَيِّركم لا متكاسلين ولا غير مثمرين لمعرفة ربنا يسوع المسيح....



ـ العهد الجديد ص 389



الاِصحاح الرابع 1 أيها الاَحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الاَرواح هل هي من
الله لاَن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم. 2 بهذا تعرفون روح الله. كل روح
يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله. 3 وكل روح لا يعترف
بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فليس من الله.... نحن من الله فمن يعرف الله
يسمع لنا ومن ليس من الله لا يسمع لنا. من هذا نعرف روح الحق وروح الضلال.



ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التي لله فينا. الله محبة ومن يثبت في المحبة
يثبت في الله والله فيه.



ـ العهد الجديد ص 390



الاِصحاح الخامس 1 كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح فقد ولد من الله، وكل من
يحب الوالد يحب المولود منه أيضاً. 2 بهذا نعرف إننا نحب أولاد الله إذا أحببنا الله
وحفظنا وصاياه.... ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق، ونحن
في الحق في ابنه يسوع المسيح، هذا هو الاِلَه الحق والحياة الاَبدية. 21 أيها الاَولاد
إحفظوا أنفسكم من الاَصنام.



متى اخترع المسيحيون التثليث بعد التوحيد



ـ قاموس الكتاب المقدس ص 232



الثالوث الاَقدس (تثليث) عرف قانون الاِيمان هذه العقيدة بالقول (نؤمن بإلَه واحد
الاَب والاِبن والروح القدس إلَه واحد جوهر واحد متساوين في القدرة والمجد).

في طبيعة هذا الاِلَه الواحد تظهر ثلاثة خواص أزلية، يعلنها الكتاب في صورة
شخصيات (أقانيم) متساوية. ومعرفتنا بهذه الشخصية المثلثة الاَقانيم ليست إلا
حقاً سماوياً أعلنه لنا الكتاب في العهد القديم بصورة غير واضحة المعالم، لكنه
قدمه في العهد الجديد واضحاً، ويمكن أن نلخص العقيدة في هذه النقاط الست
التالية:



1 ـ الكتاب المقدس يقدم لنا ثلاث شخصيات يعتبرهم شخص الله.



2 ـ هؤلاء الثلاثة يصفهم الكتاب بطريقة تجعلهم شخصيات متميزة الواحدة عن
الاَخرى.



3 ـ هذا التثليث في طبيعة الله ليس موقتاً أو ظاهرياً بل أبدي وحقيقي.



4 ـ هذا التثليث لا يعني ثلاثة آلهة بل إن هذه الشخصيات الثلاث جوهر واحد.



5 ـ الشخصيات الثلاث الاَب والاِبن والروح القدس متساوون.



6 ـ ولا يوجد تناقض في هذه العقيدة، بل بالاَحرى أنها تقدم لنا المفتاح لفهم
باقي العقائد المسيحية. ولقد كانت هذه الحقيقة متضمنة في تعليم المسيح
(يو: 9 ـ 141: 1 ويو 14: 26 ويو 15: 26).



وقد تمسكت الكنيسة بما جاء واضحاً في مت 28: 19، وتحدث الرسل مقدمين
هذه الحقيقة في 2 كو 13: 14 و 1 بط 1: 2 و 1 يو 5: 7



ولا نستطيع أن نغفل منظر معمودية المسيح وفيه يسمع صوت الاَب واضحاً
موجهاً إلى المسيح، ويستقر الروح القدس على رأس المسيح الاِبن في شكل حمامة
(مت 3: 16 و 17 ومر 1: 10 و 11 ولو 3: 21 و 22 ويو 1: 32 و 33).



ولقد كان يقين الكنيسة وإيمانها بلاهوت المسيح هو الدافع الحتمي لها لتصوغ
حقيقة التثليث في قالب يجعلها المحور الذي تدور حوله كل معرفة المسيحيين بالله
في تلك البيئة اليهودية أو الوثنية وتقوم عليه.



والكلمة نفسها (التثليث أو الثالوث) لم ترد في الكتاب المقدس، ويظن أن أول

من صاغها واخترعها واستعملها هو ترتليان في القرن الثاني للميلاد. ثم ظهر
سبيليوس ببدعته في منتصف القرن الثالث وحاول أن يفسر العقيدة بالقول: إن
التثليث ليس أمراً حقيقياً لله لكنه مجرد إعلان خارجي، فهو حادث موقت وليس
أبدياً. ثم ظهرت بدعة إريوس الذي نادى بأن الاَب وحده هو الاَزلي بينما الاِبن
والروح القدس مخلوقان متميزان عن سائر الخليقة.



وأخيراً ظهر إثناسيوس داحضاً هذه النظريات وواضعاً أساس العقيدة السليمة
التي قبلها واعتمدها مجمع نيقية في عام 325 ميلادية.



ولقد تبلور قانون الاِيمان الاِثناسيوسي على يد اغسطينوس في القرن الخامس،
وصار القانون عقيدة الكنيسة الفعلية من ذلك التاريخ إلى يومنا هذا.



متى تجب المعرفة على الاِنسان



في أي سن يجب التفكير والمعرفة



ـ رسائل الشهيد الثاني ج 2 ص 135



إعلم أن المتكلمين حددوا وقت التكليف بالمعرفة بالتمكن من العلم بالمسائل
الاَصولية، حيث قالوا في باب التكليف أن المكلف يشترط كونه قادراً على ما كلف
به مميزاً بينه وبين غيره مما لم يكلف به متمكناً من العلم بما كلف به، إذ التكليف
بدون ذلك محال. وظاهر أن هذا لا يتوقف على تحقق البلوغ الشرعي بإحدى
العلامات المذكورة في كتب الفروع، بل قد يكون قبل ذلك بسنتين أو بعده كذلك،
بحسب مراتب الاِدراك قوة وضعفاً. وذكر بعض فقهائنا أن وقت التكليف بالمعارف
الاِلَهية هو وقت التكليف بالاَعمال الشرعية، إلا أنه يجب أولاً بعد تحقق البلوغ
والعقل المسارعة إلى تحصيل المعارف قبل الاِتيان بالاَعمال.




أقول: هذا غير جيد، لاَنه يلزم منه أن يكون الاِناث أكمل من الذكور، لاَن الاَنثى
تخاطب بالعبادات عند كمال التسع إذا كانت عاقلة، فتخاطب بالمعرفة أيضاً عند
ذلك، والصبي لا يبلغ عند كمال التسع بالاِحتلام ولابالاِنبات على ما جرت به العادة،
فلا يخاطب بالمعرفة وإن كان مميزاً عاقلاً لعدم خطابه بالعبادات، فتكون أكمل منه
استعداداً للمعارف، وهو بعيد عن مدارك العقل والنقل. ومن ثم ذهب بعض
العلماء إلى وجوب المعرفة على من بلغ عشراً عاقلاً، ونسب ذلك إلى الشيخ أبي
جعفر الطوسي قدس سره وأيضاً هذا لا يوافق ما هو الحق من أن معرفة الله تعالى واجبة عقلاً
لا سمعاً، لاَنا لو قلنا إن المعرفة لا تجب إلا بعد تحقق البلوغ الشرعي الذي هو مناط
وجوب العبادات الشرعية، لكنا قد أوجبنا المعرفة بالشرع لا بالعقل، لاَن البلوغ
المذكور إنما علم من الشرع، وليس في العقل ما يدل على أن وجوب المعرفة إنما يكون
عند البلوغ المذكور، فلو وجبت عنده لكان الوجوب معلوماً من الشرع، لا من العقل.



لا يقال: العقل إنما دل على وجوب المعرفة في الجملة دون تحديد وقته،
والشرع إنما دل على تحديد وقت الوجوب وهو غير الوجوب، فلا يلزم كون
الوجوب شرعياً.



لاَنا نقول: لا نسلم أن في الشرع ما يدل على تحديد وقت وجوب المعرفة أيضاً،
بل إنما دل على تحديد وقت العبادات فقط، نعم دل الشرع على تقدم المعرفة على
العبادات في الجملة، وهو أعم من تعيين وقت التقدم، فلا يدل عليه.



وأيضاً لامعنى لكون العقل يدل على وجوب المعرفة في الجملة من دون اطلاعه على
وقت الوجوب، إذ لا ريب أنه يلزم من الحكم بوجوبها كونها واجبة في وقت الحكم.



والحاصل: أنه لا يمكن العلم بوجوبها إلا بعد العلم بوقت وجوبها، فالوقت كما
أنه ظرف لها فهو ظرف للوجوب أيضاً. وتوضيحه: أن العبد متى لاحظ هذه النعم
عليه وعلم أن هناك منعماً أنعم بها عليه، أوجب على نفسه شكره عليها في ذلك
الوقت، خوفاً من أن يسلبه إياها لو لم يشكره، وحيث أنه لم يعرفه بعد يوجب على



/ 18