الدعاء
التاسع
و كان من دعائِهِ(عليه السلام) في الاشتياقِ إلى طَلَبِ
المغفرةِ من الله جلّ جلالُهُأللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد
وَآلِهِ، وَصَيِّرْنَـا إلَى مَحْبُوبِكَ مِنَ التَّوْبَةِ، وَأَزِلْنَا عَنْ
مَكْرُوهِكَ مِنَ الإصْرَارِ. أللَّهُمَّ وَمَتَى وَقَفْنَا بَيْنَ نَقْصَيْنِ فِي
دِين أَوْ دُنْيَا، فَأَوْقِعِ النَّقْصَ بِأَسْرَعِهِمَا فَنَاءً ، وَاجْعَلِ
التّوْبَةَ فِي أَطْوَلِهِمَا بَقَاءً، وَإذَا هَمَمْنَا بِهَمَّيْنِ يُرْضِيكَ
أَحَدُهُمَا عَنَّا وَيُسْخِطُكَ الآخَرُ عَلَيْنَا ، فَمِلْ بِنَا إلَى مَا
يُرْضِيْكَ عَنَّا ، وَأَوْهِنْ قُوَّتَنَا عَمَّا يُسْخِطُكَ عَلَيْنَا ، وَلاَ
تُخَلِّ فِي ذلِكَ بَيْنَ نُفُوسِنَا وَاخْتِيَارِهَا; فَإنَّهَا مُخْتَارَةٌ
لِلْبَاطِلِ إلاَّ مَا وَفَّقْتَ، أَمَّارَةٌ بالسُّوءِ إلاّ مَا رَحِمْتَ.
اللَّهمَّ وَإنَّكَ مِنَ الضَّعْفِ خَلَقْتَنَا ، وَعَلَى الْوَهْنِ بَنَيْتَنَا ،
وَمِنْ ماء مَهِين ابْتَدَأتَنَا ، فَلاَ حَوْلَ لَنَا إلاّ بِقُوَّتِكَ وَلا
قُوَّةَ لَنَا إلاّ بِعِزَّتِكَ [بِعَفْوِكَ] ،
فَأيِّدْنَا بِتَوْفِيقِكَ، وَسَدِّدْنَا بِتَسْدِيدِكَ، وَأعْمِ أَبْصَارَ
قُلُوبِنَا عَمَّا خَالَفَ مَحَبَّتَكَ، وَلا تَجْعَلْ لِشَيْء مِنْ جَوَارِحِنَا
نُفُوذاً فِي مَعْصِيَتِكَ. اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاجْعَلْ
هَمَسَاتِ قُلُوبِنَا ، وَحَرَكَاتِ أَعْضَائِنَا ، وَلَمَحَاتِ أَعْيُنِنَا ،
وَلَهَجَاتِ ألسِنَتِنَا فِيْ مُوجِبَاتِ ثَوَابِكَ ، حَتَّى لاَ تَفُوتَنَا
حَسَنَةٌ نَسْتَحِقُّ بِهَا جَزَآءَكَ ، وَلا تَبْقَى لَنَا سَيِّئـةٌ نَسْتَوْجِبُ
بِهَا عِقَابَكَ.
الدعاء
العاشِرُ
وكان من دعائه(عليه السلام) في اللّجأ إلى اللهاللّهُمَّ إن تَشَأْ تعفُ عَنّا
فَبِفضْلِكَ ، وَإنْ تَشَأْ تُعَذِّبْنا فَبِعدْلِكَ، فَسَهِّلْ لَنَا عَفْوَكَ
بِمنِّكَ ، وَأَجِرْنَا مِنْ عَذَابِكَ بِتَجاوُزِكَ; فَإنَّهُ لاَطاقَةَ لَنَا
بِعَدْلِكَ ، وَلاَنجاةَ لأحَد مِنّا دُوْنَ عَفْوِكَ. يا غَنِيَّ الأغْنياءِ ، هَا
نَحَنُ عِبادُكَ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَأنا أفْقَرُ الفُقَراء إليْكَ، فَاجْبُرْ
فاقَتَنا بِوُسْعِكَ ، ولاتَقْطَعْ رَجَاءنا بِمَنْعِكَ; فَتَكُوْنَ قد أَشْقَيْتَ
مَنِ اسْتَسْعَدَ بِكَ ، وَحَرَمْتَ مَنِ اسْتَرْفَدَ فَضْلَكَ. فَإلى مَنْ حِيْنَئذ مُنْقَلَبُنَا عَنْكَ ، وإلى
أيْنَ مَذهَبُنَا عن بَابِكَ؟ سُبْحَانَكَ نَحْنُ المضْطرُّون الذّينَ أَوْجَبْتَ
إجابَتَهُمْ ، وَأهْلُ السُّوْء الذّيْنَ وَعَدْتَ الْكَشْفَ عَنْهُمْ. وَأَشْبَـهُ
الأَشْياءِ بِمَشِيَّتِـكَ ، وَأَوْلَى الأمُورِ بِكَ فِيْ عَظَمَتِكَ رَحْمَةُ
مَنِ اسْتَرْحَمَكَ، وَغَوْثُ مَنِ اسْتَغَاثَ بِكَ، فَارْحَمْ تَضَرُّعَنَا
إلَيْكَ، وَأَغْنِنَا إذْ طَرَحْنَـا أَنْفُسَنَا بَيْنَ يَـدَيْكَ. أللَّهُمَّ
إنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ شمِتَ بِنَا إذْ شَايَعْنَاهُ عَلَى مَعْصِيَتِكَ، فَصَلِّ
عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَلا تُشْمِتْهُ بِنَا بَعْدَ تَرْكِنَا إيَّاهُ لَكَ،
وَرَغْبَتِنَا عَنْهُ إلَيْكَ.
الدعاء
الحادي عشر
وكان من دعائه(عليه السلام) بِخَواتِمِ الخَيْرِيا مَنْ ذِكْرُهُ شَرَفٌ لِلذَّاكِرِينَ،
وَيَا مَنْ شُكْرُهُ فَوْزٌ لِلشَّاكِرِينَ، وَيَا مَنْ طَاعَتُهُ نَجَاةٌ
لِلْمُطِيعِينَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاشْغَلْ قُلُوبَنَا بِذِكْرِكَ
عَنْ كُلِّ ذِكْر، وَأَلْسِنَتَنَا بِشُكْرِكَ عَنْ كُلِّ شُكْر، وَجَوَارِحَنَا
بِطَاعَتِكَ عَنْ كُلِّ طَاعَة، فَإنْ قَدَّرْتَ لَنَا فَرَاغاً مِنْ شُغُل
فَاجْعَلْهُ فَرَاغَ سَلاَمَة لا تُدْرِكُنَا فِيهِ تَبِعَةٌ، وَلاَ تَلْحَقُنَا
فِيهِ سَاَمَةٌ، حَتَّى يَنْصَرِفَ عَنَّا كُتَّابُ السَّيِّئَاتِ بِصَحِيفَة
خَالِيَة مِنْ ذِكْرِ سَيِّئاتِنَا، وَيَتَوَلّى كُتَّابُ
الْحَسَنَاتِ عَنَّا مَسْرُورِينَ بِمَا كَتَبُوا مِنْ حَسَنَاتِنَا، وَإذَا
انْقَضَتْ أَيَّامُ حَيَاتِنَـا وَتَصَرَّمَتْ مُـدَدُ أَعْمَارِنَـا،
وَاسْتَحْضَرَتْنَا دَعْوَتُكَ الَّتِي لاَ بُدَّ مِنْهَا وَمِنْ إجَابَتِهَا ،
فَصَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِهِ، وَاجْعَلْ خِتَامَ مَا تُحْصِي عَلَيْنَا كَتَبَةُ
أَعْمَالِنَا تَوْبَةً مَقْبُولَةً، لا تُوقِفُنَا بَعْدَهَا عَلَى ذَنْب
اجْتَرَحْنَاهُ، وَلاَ مَعْصِيَة اقْتَرَفْنَاهَا، وَلاَ تَكْشِفْ عَنَّا سِتْراً
سَتَرْتَهُ عَلَى رُؤُوسِ الأشْهَادِ، يَوْمَ تَبْلُو أَخْبَارَ عِبَادِكَ، إنَّكَ
رَحِيمٌ بِمَنْ دَعَاكَ، وَمُسْتَجيبٌ لِمَنْ نَادَاكَ .
الدعاء
الثاني عشر
وكان من دعائه(عليه السلام) في الاعتراف وطلب التوبة إلى
الله تعالىأَللَّهُمَّ إنَّهُ يَحْجُبُنِي
عَنْ مَسْأَلَتِكَ خِلاَلٌ ثَلاثٌ، وَتَحْدُونِي عَلَيْهَا خَلَّةٌ وَاحِدَةٌ ،
يَحْجُبُنِي أَمْرٌ أَمَرْتَ بِهِ فَأَبْطَأتُ عَنْهُ، وَنَهْيٌ نَهَيْتَنِي عَنْهُ
فَأَسْرَعْتُ إلَيْهِ، وَنِعْمَةٌ أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيَّ فَقَصَّـرْتُ فِي
شُكْرِهَـا، وَيَحْدُونِي عَلَى مَسْأَلَتِكَ تَفَضُّلُكَ عَلَى مَنْ أَقْبَلَ
بِوَجْهِهِ إلَيْكَ، وَوَفَدَ بِحُسْنِ ظَنِّـهِ إلَيْكَ ، إذْ جَمِيعُ إحْسَانِكَ
تَفَضُّلٌ، وَإذْ كُلُّ نِعَمِكَ ابْتِدَاءٌ. فَهَا أَنَا ذَا يَا إلهِيْ وَاقِفٌ
بِبَابِ عِزِّكَ وُقُوفَ المُسْتَسْلِمِ الذَّلِيْل، وَسَائِلُكَ عَلَى
الْحَيَاءِ مِنّي سُؤَالَ الْبَائِسِ الْمُعِيْلِ، مُقـرٌّ لَكَ بأَنّي لَمْ
أَسْتَسْلِمْ وَقْتَ إحْسَانِـكَ إلاَّ بِالإِقْلاَعِ عَنْ عِصْيَانِكَ، وَلَمْ
أَخْلُ فِي الْحَالاتِ كُلِّهَا مِنِ امْتِنَانِكَ، فَهَلْ يَنْفَعُنِي يَا إلهِي
إقْرَارِي عِنْدَكَ بِسُوءِ مَا اكْتَسَبْتُ؟ وَهَلْ يُنْجِيْنِي مِنْكَ
اعْتِرَافِي لَكَ بِقَبِيْحِ مَا ارْتَكَبْتُ؟ أَمْ أَوْجَبْتَ لِي فِي مَقَامِي
هَذَا سُخْطَكَ؟ أَمْ لَزِمَنِي فِي وَقْتِ دُعَائِي مَقْتُكَ؟سُبْحَانَكَ! لاَ
أَيْأَسُ مِنْكَ وَقَدْ فَتَحْتَ لِي بَابَ التَّوْبَةِ إلَيْكَ، بَلْ أَقُولُ
مَقَالَ الْعَبْدِ الذَّلِيلِ الظَّالِمِ لِنَفْسِهِ الْمُسْتَخِفِّ بِحُرْمَةِ
رَبِّهِ، الَّذِي عَظُمَتْ ذُنُوبُهُ فَجَلَّتْ وَأَدْبَرَتْ أَيّامُهُ فَوَلَّتْ،
حَتَّى إذَا رَأى مُدَّةَ الْعَمَلِ قَدِ انْقَضَتْ، وَغَايَةَ الْعُمُرِ قَدِ
انْتَهَتْ ، وَأَيْقَنَ أَنَّهُ لا مَحيصَ لَهُ مِنْكَ ، وَلاَ مَهْرَبَ لَهُ
عَنْكَ تَلَقَّاكَ بِالإنَابَةِ ، وَأَخْلَصَ لَكَ التَّوْبَةَ ، فَقَامَ إلَيْكَ
بِقَلْبِ طَاهِر نَقِيٍّ، ثُمَّ دَعَاكَ بِصَوْت حَائِل خَفِيٍّ ، قَدْ تَطَأْطَأَ
لَكَ فَانْحَنى، وَنَكَّسَ رَأسَهُ فَانْثَنَى ، قَدْ أَرْعَشَتْ خَشْيَتُهُ رِجْلَيْهِ، وَغَرَّقَتْ دُمُوعُهُ
خَدَّيْهِ ، يَدْعُوكَ بِيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَيَا أَرْحَمَ مَنِ
انْتَابَهُ الْمُسْتَرْحِمُونَ، وَيَا أَعْطَفَ مَنْ أَطَافَ بِهِ
الْمُسْتَغْفِرُونَ ، وَيَا مَنْ عَفْوُهُ أكْثَرُ مِنْ نِقْمَتِهِ، وَيَا مَنْ
رِضَاهُ أَوْفَرُ مِنْ سَخَطِهِ، وَيَا مَنْ تَحَمَّدَ إلَى خَلْقِهِ بِحُسْنِ
التَّجاوُزِ ، وَيَا مَنْ عَوَّدَ عِبادَهُ قَبُولَ الإنَابَةِ ، وَيَا مَنِ
اسْتَصْلَحَ فَاسِدَهُمْ بِالتَّوْبَةِ ، وَيَا مَنْ رَضِيَ مِنْ فِعْلِهِمْ
بِالْيَسيرِ،وَيَا مَنْ كَافى قَلِيْلَهُمْ بِالْكَثِيرِ، وَيَا مَنْ ضَمِنَ
لَهُمْ إجَابَةَ الدُّعاءِ، وَيَا مَنْ وَعَدَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ بِتَفَضُّلِهِ
حُسْنَ الْجَزاءِ، مَا أَنَا بِأَعْصَى مَنْ عَصَاكَ فَغَفَرْتَ لَهُ ، وَمَا أَنَا
بِأَلْوَمِ مَنِ اعْتَذَرَ إلَيْكَ فَقَبِلْتَ مِنْهُ، وَمَا أَنَا بِأَظْلَمِ مَنْ
تَابَ إلَيْكَ فَعُدْتَ عَلَيْهِ ، أَتُوبُ إلَيْكَ فِي مَقَامِي هَذَا تَوْبَةَ
نَادِم عَلَى مَا فَرَطَ مِنْهُ، مُشْفِق مِمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ خَالِصِ
الْحَيَاءِ مِمَّا وَقَعَ فِيْهِ ، عَالِم بِأَنَّ الْعَفْوَ عَنِ الذَّنْبِ
الْعَظِيمِ لاَ يَتَعـاظَمُكَ، وَأَنَّ التَّجَـاوُزَ عَنِ الإثْمِ الْجَلِيْلِ لا
يَسْتَصْعِبُكَ ، وَأَنَّ احْتِمَالَ الْجنَايَاتِ الْفَـاحِشَةِ لا يَتَكَأَّدُكَ، وَأَنَّ
أَحَبَّ عِبَادِكَ إلَيْكَ مَنْ تَرَكَ الاسْتِكْبَارَ عَلَيْكَ، وَجَانَبَ
الإِصْرَارَ، وَلَزِمَ الاسْتِغْفَارَ. وَأَنَا أَبْرَأُ إلَيْكَ مِنْ أَنْ
أَسْتَكْبِرَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أصِـرَّ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا قَصَّرْتُ
فِيهِ ، وَأَسْتَعِينُ بِكَ عَلَى مَا عَجَزْتُ عَنْهُ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى
مُحَمَّد وَآلِهِ، وَهَبْ لِي مَا يَجبُ عَلَيَّ لَكَ ، وَعَافِنِي مِمَّا
أَسْتَوْجِبُهُ مِنْكَ، وَأجِرْنِي مِمَّا يَخَافُهُ أَهْلُ الإساءَةِ، فَإنَّكَ
مَلِيءٌ بِالْعَفْوِ، مَرْجُوٌّ لِلْمَغْفِرَةِ، مَعْرُوفٌ بِالتَّجَاوُزِ ، لَيْسَ
لِحَاجَتِي مَطْلَبٌ سِوَاكَ ، وَلا لِذَنْبِي غَافِرٌ غَيْرُكَ، حَاشَاكَ، وَلاَ
أَخَافُ عَلَى نَفْسِي إلاّ إيَّاكَ إنَّكَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ
الْمَغْفِرَةِ . صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَاقْضِ حَاجَتِي،
وَأَنْجِحْ طَلِبَتِي، وَاغْفِرْ ذَنْبِي، وَآمِنْ خَوْفَ نَفْسِيْ، إنَّكَ عَلَى
كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ، وَذلِكَ عَلَيْكَ يَسِيرٌ آمِينَ رَبَّ الْعَالَمِينَ .
الدعاء
الثالث عشر
وكان من دعائه(عليه السلام) في طلب الحوائج إلى الله
تعالىأللَّهُمَّ يَا مُنْتَهَى مَطْلَبِ
الْحَاجَاتِ، وَيَا مَنْ عِنْدَه نَيْلُ الطَّلِبَاتِ، وَيَا مَنْ لا يَبِيْعُ
نِعَمَهُ بالأثْمَانِ ، وَيَا مَنْ لا يُكَدِّرُ عَطَايَاهُ بِالامْتِنَانِ، وَيَا
مَنْ يُسْتَغْنَى بِهِ وَلاَ يُسْتَغْنَى عَنْهُ، وَيَا مَنْ يُرْغَبُ إلَيْهِ وَلا
يُرْغَبُ عَنْهُ، وَيَا مَنْ لا تُفني خَزَآئِنَهُ الْمَسَائِلُ، وَيَا مَنْ لاَ
تُبَدِّلُ حِكْمَتَهُ الْوَسَائِلُ. وَيَا مَنْ لاَ تَنْقَطِعُ عَنْهُ حَوَائِجُ
الْمُحْتَاجِينَ، وَيَا مَنْ لاَ يُعَنِّيهِ دُعَاءُ الدَّاعِينَ، تَمَدَّحْتَ
بِالْغَنَاءِ عَنْ خَلْقِكَ وَأَنْتَ أَهْلُ الْغِنَى عَنْهُمْ، وَنَسَبْتَهُمْ إلَى
الفَقْرِ وَهُمْ أَهْلُ الْفَقْرِ إلَيْكَ، فَمَنْ حَاوَلَ سَدَّ خَلَّتِهِ مِنْ
عِنْدِكَ، وَرَامَ صَرْفَ الْفَقْر عَنْ نَفْسِهِ بِكَ، فَقَدْ طَلَبَ حَاجَتَهُ
فِي مَظَانِّها، وَأَتَى طَلِبَتَهُ مِنْ وَجْهِهَا، وَمَنْ تَوَجَّهَ بِحَاجَتِهِ
إلَى أَحَد مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ جَعَلَهُ سَبَبَ نُجْحِهَا دُونَكَ، فَقَدْ
تَعَرَّضَ لِلْحِرْمَانِ، وَاسْتَحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَوْتَ الإِحْسَانِ.
أللَّهُمَّ وَلِي إلَيْكَ حَاجَةٌ قَـدْ قَصَّرَ عَنْهَـا جُهْدِي،وَتَقَطَّعَتْ
دُونَهَا حِيَلِي، وَسَوَّلَتْ لِيْ نَفْسِي رَفْعَهَا إلَى مَنْ يَرْفَعُ
حَوَائِجَهُ إلَيْكَ، وَلاَ يَسْتَغْنِي فِي طَلِبَاتِهِ عَنْكَ، وَهِيَ زَلَّةٌ
مِنْ زَلَلِ الْخَاطِئِينَ، وَعَثْرَةٌ مِنْ عَثَراتِ الْمُذْنِبِينَ، ثُمَّ
انْتَبَهْتُ بِتَذْكِيرِكَ لِي مِنْ غَفْلَتِي، وَنَهَضْتُ بِتَوْفِيقِكَ مِنْ
زَلَّتِي، وَنَكَصْتُ بِتَسْـدِيدِكَ عَنْ عَثْـرَتِي، وَقُلْتُ: سُبْحَانَ رَبّي
كَيْفَ يَسْأَلُ مُحْتَاجٌ مُحْتَاجـاً، وَأَنَّى يَرْغَبُ مُعْدِمٌ إلَى مُعْدِم؟!
فَقَصَدْتُكَ يا إلهِي بِالرَّغْبَةِ، وَأَوْفَدْتُ عَلَيْكَ رَجَائِي بِالثِّقَةِ
بِكَ، وَعَلِمْتُ أَنَّ كَثِيرَ مَا أَسْأَلُكَ يَسِيرٌ فِي