الإمام الحاضر كريم شاه الحسيني (آغا خان الرابع) - بحوث فی الملل والنحل جلد 8

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بحوث فی الملل والنحل - جلد 8

جعفر سبحانی تبریزی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید










الإمام الحاضر كريم شاه الحسيني (آغا خان الرابع)







الفصل الثاني
الاِسماعيلية
في
معاجم الملل والنحل





إنّ للاِسماعيلية ذكراً في كتب الملل والنحل لا يتجاوز عن ذكر تاريخ
إمامهم الاَوّل، إسماعيل بن جعفر الصادق، وشيء يسير عن عقيدتهم فيه، دون
تبيين عقائدهم وأُصولهم التي يعتقدون بها، والاَحكام والفروع التي يصدرون
عنها، وكلّ أخذ عن الآخر، وربما زاد شيئاً، لا يُسمن ولا يغني من جوع، وإليك
نصوصهم:



1. قال النوبختي :فلمّـا توفي أبو عبد اللّه جعفر بن محمد - عليه السّلام- افترقت
شيعته بعده إلى ست فـرق ـ إلى أن قـال: ـ وفرقة زعمت أنّ الاِمام بعد جعفر بن
محمد، ابنه إسماعيل بن جعفر، وأنكرت موت إسماعيل في حياة أبيه، وقالوا كان
ذلك على جهة التلبيس من أبيه على الناس، لاَنّه خاف فغيّبه عنهم، وزعموا أنّ
إسماعيل لا يموت حتى يملك الاَرض، ويقوم بأمر الناس، وأنّه هو القائم، لاَنّ أباه
أشار إليه بالاِمامة بعده، وقلّدهم ذلك له، وأخبرهم أنّه صاحبه؛ والاِمام لا يقول إلاّ
الحقّ، فلما ظهر موته علمنا انّه قد صدَق، وانّه القائم، وانّه لم يمت، وهذه الفرقة
هي «الاِسماعيلية» الخالصة. وأُمّ إسماعيل وعبد اللّه ابني جعفر بن محمد - عليه السّلام-
فاطمة بنت الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب - عليه السّلام- و أُمّها أُمُّ حبيب
بنت عمر بن علي بن أبي طالب - عليه السّلام- ، وأُمّها أسماء بنت عقيل بن أبي طالب - عليهم السّلام- .



وفرقة ثالثة زعمت أنّ الاِمام بعد جعفر بن محمد، محمد بن إسماعيل بن
جعفر، وأُمّه أُمّ ولد، وقالوا: إنّ الاَمر كان لاِسماعيل في حياة أبيه فلمّـا توفي قبل
أبيه جعل جعفر بن محمد الاَمرَ لمحمد بن إسماعيل، وكان الحقّ له، ولا يجوز غير
ذلك لاَنّها لا تنتقل من أخ إلى أخ بعد الحسن والحسين عليمها السّلام ، ولا تكون




إلاّ في الاَعقاب، ولم يكن لاَخوي إسماعيل عبد اللّه وموسى في الاِمامة حق، كما
لم يكن لمحمد بن الحنفية حقّمع علي بن الحسين؛ وأصحاب هذا القول يسمّون
«المباركية» برئيس لهم كان يسمى (المبارك) مولى إسماعيل بن جعفر. (1)



2. قال الاَشعري: والصنف السابع عشر من الرافضة يزعمون أنّ جعفر بن
محمد مات وأنّ الاِمام بعد جعفر، ابنه (إسماعيل)، وأنكروا أن يكون إسماعيل
ماتَ في حياة أبيه، وقالوا: لا يموت حتى يملك، لاَنّ أباه قدكان يخبر أنّه وصيّه
والاِمام بعده.



والصنف الثامن عشر من الرافضة وهم «القرامطة» يزعمون أنّ النبي - صلّى الله عليه وآله وسلّم -
نص على علي بن أبي طالب، وأنّعلياً نصّعلى إمامة ابنه (الحسن)، وانّالحسنَ
ابن علي نصَّ على إمامة أخيه الحسين بن علي ، وأنّالحسين بن علي نصّعلى
إمامة ابنه علي بن الحسين، وأنّ علي بن الحسين نصّعلى إمامة ابنه محمد بن
علي، ونصَّ محمد بن علي ، على إمامة ابنه جعفر، ونصّجعفر على إمامة ابن
ابنه«محمد بن إسماعيل»، وزعموا أنّ «محمد بن إسماعيل» حيّ إلى اليوم لم يمت
ولا يموت حتى يملك الاَرض، وأنّه هو المهدي الذي تقدمت البشارة به،
واحتجوا في ذلك بأخبار رووها عن أسلافهم، يخبرون فيها أنّ سابع الاَئمّة
قائمهم.



والصنف التاسع عشر من الرافضة يسوقون الاِمامة من علي بن أبي طالب
على سبيل ما حكينا عن «القرامطة» حتى ينتهوا (بها) إلى جعفر بن محمد،
ويزعمون أنّجعفر بن محمد جعلها لاِسماعيل ابنه، دون سائر ولده، فلما مات
إسماعيل في حياة أبيه صارت في ابنه محمد بن إسماعيل، وهذا الصنف يُدعون ،
«المباركية» نُسِبوا إلى رئيس لهم يقال له (المبارك) وزعموا أنّمحمد بن إسماعيل



1. النوبختي: فرق الشيعة:66ـ 69، ولكلام النوبختي صلة سيوافيك عند التعرض لجذور
المذهب الاِسماعيلي.




قد مات، وأنّها في ولده من بعده. (1)



3. وقال البغدادي: الاِسماعيلية وهوَلاء ساقوا الاِمامة إلى جعفر، وزعموا أنّ
الاِمام بعده ابنه إسماعيل، وافترق هوَلاء فرقتين:



فرقة: منتظرة لاِسماعيل بن جعفر؛ مع اتّفاق أصحاب التواريخ على موت
إسماعيل في حياة أبيه.



وفرقة قالت: كان الاِمام بعد جعفر، سبطه محمد بن إسماعيل بن جعفر،
حيث إنّ جعفراً نصب ابنه إسماعيل للاِمامة بعده، فلما مات إسماعيل في حياة
أبيه، علمنا أنّه إنّما نصبَ ابنه إسماعيل للدلالة على إمامة ابنه محمد بن
إسماعيل.(2)



4. وقال الاسفرائيني: وهم يزعمون أنّ الاِمامة صارت من جعفر إلى ابنه
إسماعيل، وكذّبهم في هذه المقالة جميعُ أهل التواريخ، لِما صح عندهم من موت
إسماعيل قبل أبيه جعفر؛ وقوم من هذه الطائفة يقولون بإمامة محمد بن إسماعيل.
وهذا مذهب الاِسماعيلية من الباطنية. (3)



5. وقال الشهرستاني: الاِسماعيلية الواقفية قالوا: إنّ الاِمام بعد جعفر
إسماعيل، نصّاً عليه باتّفاق من أولاده، إلاّ أنّهم اختلفوا في موته في حال حياة أبيه.
فمنهم من قال: لم يمت، إلاّ أنّه أظهر موته تقية من خلفاء بني العباس، وعقد
محضراً وأشهد عليه عامل المنصور بالمدينة.



ومنهم من قال: الموت صحيح، والنصّ لا يَرجعُ قهقرى، والفائدة في النص
بقاء الاِمامة في أولاد المنصوص عليه دون غيره. فالاِمام بعد إسماعيل، محمد بن
إسماعيل؛ وهوَلاء يقال لهم«المباركيّة». ثمّ منهم من وقف على محمد بن



1. الاَشعري: مقالات الاِسلاميين:22ـ27، ولكلام الاَشعري صلة سيوافيك بيانها في محلّه.



2. البغدادي: الفرق بين الفرق:62.



3. الاسفراييني: التبصير:38.




إسماعيل وقال برجعته بعد غيبته.



و منهم من ساق الاِمامة في المستورين منهم، ثمّ في الظاهرين القائمين من
بعدهم، وهم «الباطنية».



وسنذكر مذاهبهم على الانفراد. وإنّما مذهب هذه الفرقة الوقف على
إسماعيل بن جعفر، ومحمد بن إسماعيل. والاِسماعيلية المشهورة في الفرق منهم
هم «الباطنية التعليمية» الذين لهم مقالة مفردة. (1)



6. وقال المفيد: ولما مات إسماعيلرحمه الله انصرف القول عن إمامته من
كان يظن ذلك، فيعتقده من أصحاب أبيه، وأقام على حياته شرذمة لم تكن من
خاصة أبيه، ولا من الرواة عنه، وكانوا من الاَباعد والاَطراف.



فلما مات الصادق - عليه السّلام- انتقل فريق منهم إلى القولِ بإمامة موسى بن
جعفر عليمها السّلام ، وافترق الباقون فريقين، فريق منهم رجعوا عن حياة
إسماعيل، وقالوا: بإمامة ابنه محمد بن إسماعيل، لظنهم أنّ الاِمامة كانت في أبيه،
وأنّ الابن أحقّ بمقام الاِمامة من الاَخ.



وفريق ثبتوا على حياة إسماعيل، وهم اليوم شُذّاذ لا يعرف منهم أحد يومى
إليه، وهذان الفريقان يسميان بالاِسماعيلية، والمعروف منهم الآن مَنْ يزعم أنّ
الاِمامة بعد إسماعيل في ولده وولد ولده إلى آخر الزمان. (2)



7. وقال صاحب الاَعيان: الاِسماعيلية هم القائلون بإمامة إسماعيل هذا،
ويدل كلام المفيد (الماضي) على أنّ هذا القول كان موجوداً من عصر الصادق - عليه السّلام- ،
وأنّ شِرذمة اعتقدوا حياته، أو بعد موت أبيه بقى بعضهم على القول بحياة
إسماعيل، وبعضهم قال: بإمامة ابنه محمد بن إسماعيل، ولقب الاِسماعيلية يعم
الفريقين، وأنّ الموجود منهم في عصر المفيد من يزعم أنّ الاِمامة بعد إسماعيل



1. الشهرستاني: الملل والنحل:1|167ـ 168.



2. المفيد: الاِرشاد: 285.




في ولده وولد ولده إلى آخر الزمان.



و يقال الاِسماعيلية «السبعية» أيضاً باعتبار مخالفتهم للاثني عشرية في
الاِمام السابع. وفرقة من الاِسماعيلية تدعى الباطنية وكان لها ذكر مستفيض في
التاريخ وصارت لها قوة، وشدّة، ووقائع عدّة مع الملوك والاَُمراء، كما فصلته كتب
التاريخ.



وفي أنساب السمعاني: «الفرقة الاِسماعيلية جماعة من الباطنية ينتسبون
إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق، لانتساب زعيمهم المغربي إلى محمد
بن إسماعيل. وفي كتاب الشجرة انّه لم يعقب (انتهى).



و «الاِسماعيلية » اليوم فرقتان: إحداهما:



الآغاخانية




يسوقون الاِمامة في ذرية إسماعيل، ويعدّون فيهم جملة من خلفاء مصر،
حتى ينتهوا إلى محمد شاه (الآغاخان الثالث) الموجود اليوم في بمبيَ، ويبعثون
إليه بخمس أموالهم، ومنهم الذين بسلْمية من بلاد حَماة.



والفرقة الثانية: البُهْرَة




بضم الباء وسكون الهاء وفتح الراء، لفظ هندي، معناه الجدّ والعمل، وهم
يسوقون الاِمامة في ولد إسماعيل، حتى ينتهوا إلى شخص يقولون: إنّه المهدي
المنتظر، وإنّه غائب. (1)
1. الاَولى أن يقال: هم يسوقون الاِمامة بعد المستنصر، إلى المستعلي، فالآمر بأحكام اللّه،
فالحافظ لدين اللّه، فالظافر لدين اللّه، فالظاهر بأمر اللّه، فالفائز، فالعاضد، عند ذلك دخلت
الدعوة المستعلية في كهف الاستتار بل دخلت بعد وفاة الآمر بأحكام اللّه، وهوَلاء الاَئمة الاَربعة
كانت دعاة، لاَنّ الاَمر بأحكام اللّه مات بلا عقب وربما يقال ولد له باسم الطيب،و ثالثة بأنّ
المولود كان أُنثى.




أمّا الذي يطلقون عليه اسم سلطان البهرة فالظاهر أنّه من قبيل النائب عن
الاِمام الغائب، ويبلغ عدد البهرة في الهند واليمن وغيرها نحو أربعمائة ألف، وهم
أهل جدّ وكسب، ولا يوجد بينهم فقير، والفقير منهم يُوجِدون له عملاً من تجارة
أو غيرها يكتفي به، ولهم ملاجىَ وتكايا عامة في البلاد التي يقصدونها للحج
والزيارة، في مكّة، والمدينة، والنجف، وكربلاء، وغيرها.وهي مبانٍ تامة المرافق
يَنزلونها ولا يحتاجون إلى النزول في فندق أو خلافه، وهم متمسكون بشرائع
الدين. وكان خلفاء مصر الفاطميون على مذهب الاِسماعيلية، القائلين بانتقال
الاِمامة من الصادق - عليه السّلام- إلى ولده إسماعيل، ثمّ في أولاده، وكانوا يقيمون شعائر
الاِسلام، ويحافظون على أحكامه، وما كان يذمهم أو بعضهم بعض الموَرّخين إلاّ
للعداوة المذهبية، ولا يمكن التصديق بما ينسبه بعض الموَرّخين إلى بعضهم،
بعد تأصّل العداوة المذهبية في النفوس، كما أنّ جماعة من أهل هذا العصر
يخلطون بين الفريقين جهلاً أو تجاهلاً. (1)



***
هذه الاَقوال والآراء فيهم، توقفنا على أنّالقومَ لم يكن لهم موقف واحد
تجاه سوق الاِمامة بعد وفاة الاِمام الصادق - عليه السّلام- .



فمنهم من أنكر الواضحات، وقال: بأنّ إسماعيل لم يمت، وإنّه القائم، وهذه
هي الاِسماعيلية الخالصة. (2)



وأمّا اشهاد الاِمام على موته فلم يكن إلاّ إظهاراً لموته تقيةً من خلفاء بني
العباس، وأنّه عقد محضراً، وأشهدَعليه عامل المنصور بالمدينة. (3)



وهذه الطائفة لا تسوق الاِمامة بعد إسماعيل إلى غيره، وإنّما تنتظر خروج



1. السيد الاَمين: أعيان الشيعة:3|316.



2. النوبختي: فرق الشيعة: 60.



3. الشهرستاني: الملل والنحل: 1|167.




قائمهم.



ومنهم من قال: إنّ موته صحيح، وإنّ الاِمام الصادق لَمّا نصّ على إمامته،
والنص لا يرجع قهقرى، ففائدة النص بقاء الاِمامة في أولاد المنصـوص عليه دون
غيرهم، فالاِمام بعد إسماعيل، محمد بن إسماعيل، ثمّ إنّ هذه الطائفــة على رأيين:



فمنهم: من وقف على محمد بن إسماعيل، وقال: برجعته بعد غيبته؛
وهوَلاء القرامطة.



ومنهم: من ساق الاِمامة في المستورين منهم، ثمّ في الظاهرين القائمين من
بعدهم.



وقد سبقت الاِشارة إلى نص الشيخ المفيد،و أنّه لا يعرف من الواقفين على
إسماعيل، أو ابنه محمد المنتظرين لرجعته أحداً؛ والمعروف هو سوق الاِمامة في
ولد إسماعيل إلى آخر الزمان.



و سيوافيك الكلام في الاَئمة المستورين والظاهرين إن شاء اللّه.



هذا ما وقفنا عليه في معاجم الملل والنحل وهو ـ كما ترى ـ لا يغني الباحث
، فليس فيها شيء من أُصولهم وعقائدهم، ولا من فروعهم، وثوراتهم، ودولهم،
وحضارتهم، وكتبهم وآثارهم العلمية.



والمهم في المقام هو دراسة جذور المذهب وانّه كيف نشأ وهذا ما
سنبحث عنه في الفصل القادم إن شاء اللّه.







الفصل الثالث
الحركات الباطنية
في
عصر الاِمام الصادق - عليه السّلام-






من المشاكل التي واجهت أئمّة أهل البيت - عليهم السّلام- هي الحركات الباطنية التي
تزعّمها الموالي والعناصر المستسلمة، المندسَّة بين أصحاب أئمة أهل البيت - عليهم السّلام-
في عصر الصادقين عليمها السّلام .



فقد سنحت الظروف للاِمام الباقر والصادقعليمها السّلام أن يوَسّسا جامعة
إسلامية كبيرة دامت نصف قرن كان لها صدى كبير في العالم الاِسلامي، فقاما
بتربية نخبة من الفقهاء والمحدّثين والمفسّرين البارزين، وحفظا بذلك السنّة
النبوية من الاندثار بعدما كان التحدّث بها وكتابتها أمراً محظوراً أو مكروهاً إلى
عهد الخليفة العباسي المنصور الدوانيقي.



فأضحت تلك الجامعة شوكة في أعين خصومها،فقامت ثلة من العناصر
الدخيلة بالانخراط في صفوف أصحاب الاَئمّة بغية التخريب والتضليل، وتشويه
سمعة أئمّة أهل البيت - عليهم السّلام- أوّلاً، وهدم كيان الاِسلام ثانياً. وقد شكَّلت تلك العناصر
فيما بعد اللبنة الاَُولى للحركات الباطنية التي جرّت الويلات على الاِسلام
والمسلمين، فاتخذ الاِمام الصادق - عليه السّلام- موقفاً حازماً أمامها تجنباً لاَخطارها، فأعلن
للملاَ الاِسلامي براءته من تلك الفئات المنحرفة عن الدين والاِسلام وتكفيرها
وانّ عاقبتها النار.



و من جملة الذين أبدعوا الحركات الباطنية وأغروا جماعة من شيعة أئمّة
أهل البيت - عليهم السّلام- هو محمد بن مقلاص المعروف بأبي الخطاب الاَسدي، وزملاوَه،
نظير: المغيرة بن سعيد، وبشار الشعيري وغيرهم، فقد تبرّأ منهم الاِمام - عليه السّلام- على
روَوس الاَشهاد. ونركز البحث هنا على رئيس الفرقة الباطنية ، أعني: أبا زينب
محمد بن مقلاص الاَسدي.




ولعرض صورة صحيحة عن عقائد الخطابية، نأتي بنصوص علماء
الفريقين ليتبين من خلالها جذور الدعوة الاِسماعيلية ، وانّها ليست سوى
استمراراً لتلك الحركة الباطنية التي تزعّمها أبو زينب:



1. الكشي والخطابية




إنّ الكشي أحد الرجاليين الذي عاش في أواخر القرن الثالث وأوائل القرن
الرابع، ووضع كتابه في الرجال على أساس الروايات المروية عن أئمة أهل البيت
في حقّ الرواة، فقال ما هذا نصّه:



1. روى أبو أُسامة قال: قال رجل لاَبي عبد اللّه - عليه السّلام- :أُوَخر المغرب
حتى تستبين النجوم؟ فقال: «خطابية؟! انّ جبرئيل أنزلها على رسول اللّه - صلّى الله عليه وآله وسلّم -
حين سقط القرص».



2. كتب أبو عبد اللّه إلى أبي الخطاب: «بلغني أنّك تزعم أنّالزنا رجل، وأنّ
الخمر رجل، وأنّ الصلاة رجل، والصيام رجل، والفواحش رجل، وليس هو كما
تقول، أنا أصل الحقّ وفروع الحقّ طاعة اللّه، وعدونا أصل الشر وفروعهم
الفواحش، وكيف يطاع من لا يعرف وكيف يعرف من لا يطاع؟»



3. قيل للاِمام الصادق - عليه السّلام- روي عنكم أنّ الخمر والميسر والاَنصاب
والاَزلام رجال، فقال: «ما كان اللّه عزّ وجلّ ليخاطب خلقه بمالا يعلمون».



4. روى أبو بصير قال: قال لي أبو عبد اللّه - عليه السّلام- :«يا أبا محمد: أبرأ
ممّن يزعم انّا أرباب» قلت: برىَ اللّه منه، فقال: «أبرأ ممّن زعم أنّا أنبياء» قلت: برىَ
اللّه منه.



5. روى عبد الصمد بن بشير عن مصادف قال: ما لبّى القوم الذين لبّوا
بالكوفة ـ أي قالوا: لبيك جعفر، وهوَلاء هم الغلاة فيه ـ دخلت علي أبي عبد اللّه - عليه السّلام-
فأخبرته بذلك، فخرّ ساجداً ودق جوَجوَه بالاَرض وبكى ـ إلى أن قال:ـ فندمت
على إخباري إيّاه، فقلت: جعلت فداك وما عليك أنت من ذا، فقـال:




«إنّ عيسى لو سكت عمّا قالت النصارى فيه لكان حقاً على اللّه أن يصم سمعه
ويعمي بصره، ولو سكت عمّا قال فيّ أبو الخطاب لكان حقاً على اللّه أن يصم
سمعي ويعمي بصري».



6.روى علي بن حسان عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد اللّه، قال: ذكر
عنده جعفر بن واقد ونفر من أصحاب أبي الخطاب فقيل انّه صار إلى ببروذ، وقال
فيهم وهو الذي في السماء إله وفي الاَرض إله قال هو الاِمام، فقال أبو عبد اللّه - عليه السّلام-
:«لا واللّه لا يأويني وإياه سقف بيت أبداً، هم شر من اليهود والنصارى والمجوس
والذين أشركوا ، واللّه ما صغر عظمة اللّه تصغيرهم شيئاً قط، وانّ عزيراً جال في
صدره ما قالت اليهود فمحا اللّه اسمه من النبوة».



7. روى الحسن الوشاء عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه - عليه السّلام- قال: «من
قال بأنّنا أنبياء اللّه، فعليه لعنة اللّه».



8. روى ابن مسكان عمّن حدّثه عن أبي عبد اللّه - عليه السّلام- قال: سمعته يقول:
«لعن اللّه من قال فينا مالا نقوله في أنفسنا، ولعن اللّه من أزالنا عن العبودية للّه
الذي خلقنا وإليه مآبنا ومعادنا».



9. عن حنان بن سدير، عن أبيه قال: قلت لاَبي عبد اللّه: إنّ قوماً يزعمون
انّكم آلهة يتلون علينا بذلك قرآناً: يا أيّها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً
إنّي بما تعملون عليم، قال: «يا سدير سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي
ودمي من هوَلاء براء، برىَ اللّه منهم ورسوله ما هوَلاء على ديني ودين آبائي». (1)



فلما نهض أبو الخطاب بدعوته الفاسدة، ووصلت إلى مسامع عامل الخليفة
دعا عيسى بن موسى للقضاء عليها واجتثاث جذورها.



1. الروايات مأخوذة من رجال الكشي: 246ـ260، موَسسة الاَعلمي، بيروت. ولاحظ
الوسائل، الجزء 3 الباب 18 من أبواب المواقيت، فقد جاءت فيه روايات تذم عمل أبي الخطاب
وتحذر الشيعة من اتباعه.




10. كان سالم من أصحاب أبي الخطاب، وكان في المسجد يوم بعث عيسى
ابن موسى بن علي بن عبد اللّه بن العباس ـ وكان عامل المنصور على الكوفة ـ إلى
أبي الخطاب لمّا بلغه انّهم أظهروا الاِباحات، ودعوا الناس إلى نبوة أبي الخطاب،
وانّهم يجتمعون في المسجد ولزموا الاَساطين يرون الناس انّهم قد لزموها
للعبادة، وبعث إليهم رجلاً فقتلهم جميعاً لم يفلت منهم إلاّ رجل واحد أصابته
جراحات فسقط بين القتلى يعدّ فيهم، فلمّا جنّه الليل خرج من بينهم فتخلص،
وهو أبو سلمة سالم بن مكرم الجمال الملقب بأبي خديجة. (1)



هذه نصوص عشرة توقفك على جلية الحال، وانّ الحركة الباطنية أُسست
بيد الخطابية، وسيظهر انّ أتباع أبي زينب تحولوا فيما بعد إلى جانب محمد بن
إسماعيل ووجدوه مرتعاً خصباً، عندها تألّق نجم ابن إسماعيل بعد انتمائهم له.



هذه الروايات التي رواها الكشي تعرب عن وجود القول بالاِلوهية
والمقامات الغيبية للاَئمّة حتى انّ الحلول في الاَئمّة كان من نتاج أفكار أبي زينب
وأصحابه في أواسط القرن الثاني،حتّى طردهم الاِمام الصادق ولعنهم وتبرّأ منهم،
ونهى أصحابه عن مخالطتهم.



2. الاَشعري والخطابية




وليس الكشي ممّن انفرد في نقل تلك العقائد، فقد نسبها إليهم الاَشعري
أيضاً في «مقالات الاِسلاميين» وذكر ما هذا نصه:



الخطابية على خمس فرق: كلّهم يزعمون انّ الاَئمة أنبياء محدَّثون، ورسل
اللّه وحججه على خلقه لا يزال منهم رسولان: واحد ناطق والآخر صامت،
فالناطق محمد - صلّى الله عليه وآله وسلّم - ، والصامت علي بن أبي طالب، فهم في الاَرض اليوم طاعتهم
مفترضة على جميع الخلق، يعلمون ما كان، و ما هو كائن، وزعموا أنّ أبا الخطاب



1. رجال الكشي:301.وقد اقتصرنا من الكثير بالقليل، ومن أراد التفصيل فليرجع إليه.




نبي، وانّ أُولئك الرسل فرضوا عليهم طاعة أبي الخطاب، وقالوا: الاَئمة آلهة،
وقالوا في أنفسهم مثل ذلك، وقالوا: ولد الحسين أبناء اللّه وأحباوَه، ثمّ قالوا ذلك
في أنفسهم، وتأوّلوا قول اللّه تعالى: (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ
ساجِدينَ" (1) قالوا: فهو آدم ونحن ولده، وعبدوا أبا الخطاب وزعموا أنّه إله،
وزعموا أنّ جعفر بن محمد إلههم أيضاً إلاّ أنّ أبا الخطاب أعظم منه، وأعظم من
عليّ، وخرج أبو الخطاب على أبي جعفر فقتله عيسى بن موسى في سبخة الكوفة،
وهم يتديّنون بشهادة الزور لموافقيهم.



والفرقة الثانية من «الخطابية»: وهي الفرقة السابعة من الغالية يزعمون أنّ
الاِمام بعد أبي الخطاب رجل يقال له«معمر» وعبدوه كما عبدوا أبا الخطاب،
وزعموا أنّ الدنيا لا تفنى، وانّ الجنّة ما يصيب الناس من الخير والنعمة والعافية،
وانّ النار ما يصيب الناس من خلاف ذلك، وقالوا بالتناسخ، وانّهم لا يموتون،
ولكن يرفعون بأبدانهم إلى الملكوت، وتوضع للناس أجساد شبه أجسادهم،
واستحلوا الخمر والزنا واستحلوا سائر المحرمات، ودانوا بترك الصلاة، وهم
يُسمّون «المعمرية» ويقال انّهم يسمّون «العمومية».



والفرقة الثالثة من «الخطابية»: وهي الثامنة من الغالية يقال لهم«البزيغية»
أصحاب «بزيغ بن موسى» يزعمون أنّ جعفر بن محمد هو اللّه، وأنّه ليس بالذي
يرون، وأنّه تشبّه للناس بهذه الصورة، وزعموا أنّ كلّ ما يحدث في قلوبهم وحي،
وأنّ كلّ موَمن يوحى إليه وتأوّلوا في ذلك قوله تعالى:"وَ ما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ
إِلاّبِإِذْنِ اللّهِ" (2) أي بوحي من اللّه، وقوله:"وَ أَوحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ" . (3) "إِذْ
أَوْحَيْتُ إِلَى الحَوارِيّين" (4) وزعموا أنّ منهم من هو خير من جبريل وميكائيل



1. ص:72.



2. آل عمران:145.



3. النحل:68.



4. المائدة:111.




ومحمد، وزعموا أنّه لا يموتُ منهم أحد، وأنّ أحدهم إذا بلغت عبادَته رُفع إلى
الملكوت، وادّعوا معاينة أمواتهم، وزعموا أنّهم يرونَهم بكرة وعشية.



والفرقة الرابعة من «الخطابية»: وهي التاسعة من الغالية يقال لهم«العميرية»
أصحاب «عمير بن بيان العجلي» وهذه الفرقة تكذِّب من قال منهم انّهم لا
يموتون، ويزعمون أنّهم يموتون، ولا يزال خلف منهم في الاَرض أئمّة أنبياء،
وعبدوا جعفراً كما عبده «اليعمريون»، وزعموا أنّه ربهم، وقد كانوا ضربوا خيمة
في كناسة الكوفة، ثم اجتمعوا إلى عبادة جعفر، فأخذ يزيد بن عمر ابن هبيرة ،
«عمير بن البيان» فقتله في الكناسة، وحبس بعضهم.



والفرقة الخامسة من «الخطابية»: وهي العاشرة من الغالية يقال لهم
«المفضلية» لاَنّ رئيسهم كان صيرفياً يقال له «المفضّل» يقولون بربوبية جعفر، كما
قال غيرهم من أصناف الخطابية، وانتحلوا النبوة والرسالة وإنّما خالفوا في البراءة
من «أبي الخطاب» لاَنّ جعفراً أظهر البراءة منه. (1)



3. النوبختي والخطابية




وقد ذكر النوبختي فرقهم، وأضاف: إنّ الخطابية هم الذين خرجوا في حياة
أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليمها السّلام فحاربوا عيسى بن موسى بن محمد بن عبد اللّه
بن العباس، وكان عاملاً على الكوفة، فبلغه عنهم أنّهم أظهروا الاِباحات، ودعوا إلى
نبوة أبي الخطاب، وأنّهم مجتمعون في مسجد الكوفة، فبعث إليه فحاربوه وامتنعوا
عليه، وكانوا سبعين رجلاً، فقتلهم جميعاً، فلم يفلت منهم إلاّ رجل واحد أصابته
جراحات فعدّ في القتلى، فتخلّص، وهو أبو سلمة سالم بن مكرم الجمال الملقّب
بأبي خديجة وكان يزعم أنّه مات فرجع، فحاربوا عيسى محاربة شديدة بالحجارة
والقصب والسكاكين، لاَنّهم جعلوا القصب مكان الرماح.



1. الاَشعري: مقالات الاِسلاميين:10ـ 13.




وقد كان أبو الخطاب قال لهم: قاتلوهم فإنّ قصبكم يعمل فيهم عمل الرماح
والسيوف، ورماحهم وسيوفهم وسلاحهم لا تضرّكم ولا تخلّ فيكم، فقدّمهم
عشرة عشرة للمحاربة، فلمّا قتل منهم نحو ثلاثين رجلاً، قالوا له: ما ترى ما يحل
بنا من القوم وما نرى قصبنا يعمل فيهم ولا يُوَثر، وقد عمل سلاحهم فينا وقُتل من
ترى منهم، فذكر لهم ما رواه العامة أنّه قال لهم: إن كان قد بدا للّه فيكم فما ذنبي،
وقال لهم ما رواه الشيعة: يا قوم قد بُليتم وامتحنتم وأُذن في قتلكم، فقاتلوا على
دينكم وأحسابكم، ولا تعطوا بلدتكم، فتذلّوا مع أنّكم لا تتخلصون من القتل
فموتوا كراماً، فقاتلوا حتى قُتلوا عن آخرهم، وأُسر أبوالخطاب فأُتي به عيسى بن
موسى فقتله في دار الرزق على شاطىَ الفرات، وصلب مع جماعة منهم، ثمّ أمر
بإحراقه فأُحرقوا، وبعث بروَوسهم إلى المنصور فصلبها على باب مدينة بغداد
ثلاثة أيام، ثمّ أُحرقت. (1)



4. الطبري والحركات الباطنية




يظهر ممّا رواه الطبري في تاريخه وابن الجوزي في منتظمه تفشّي هذا
النوع من الاِلحاد عند غير الخطابية أيضاً، وإليك نص ابن الجوزي في هذا المقام:



خروج الراوندية، وهم قوم من أهل خراسان كانوا على رأي أبي مسلم، إلاّ
أنّهم يقولون بتناسخ الاَرواح، ويدّعون أنّ روح آدم - عليه السّلام- في عثمان بن نهيك، وأنّ
ربهم الذي يطعمهم ويسقيهم هو أبو جعفر المنصور، وأنّالهيثم بن معاوية
جبرائيل.



وهوَلاء طائفة من الباطنية يسمّون السبعية يقولون: الاَرضون سبع،
والسماوات سبع، والاَُسبوع سبعة يدل على أنّ دور الاَئمّة يتم بسبعة. فعدوا:
العباس، ثمّ ابنه عبد اللّه، ثمّابنه علي، ثمّمحمد بن علي، ثمّإبراهيم، ثمّالسفاح،



1. النوبختي:فرق الشيعة:69ـ70.




ثمّالمنصور، فقالوا: هو السابع. وكانوا يطوفون حول قصر المنصور ويقولون: هذا
قصر ربنا.



فأرسل المنصور، فحبس منهم مائتين ـ وكانوا ستمائة ـ فغضب أصحابهم
الباقون ودخلوا السجن، فأخرجوهم وقصدوا نحو المنصور، فتنادى الناس،
وغلقت أبواب المدينة، وخرج المنصور ماشياً ولم يكن عنده دابة، فمن ذلك
الوقت ارتبط فرساً، فسمى: فرس النوبة، يكون معه في قصره، فأتى بدابة فركبها
وجاء معن بن زائدة فرمى بنفسه وقال: أُنشدك اللّه يا أمير الموَمنين إلاّ رجعت،
فإنّي أخاف عليك. فلم يقبل وخرج، فاجتمع إليه الناس، وجاء عثمان بن نهيك
فكلّمهم، فرموه بنشابة وكانت سبب هلاكه، ثمّ حمل الناس عليهم فقتلوهم، وكان
ذلك في المدينة الهاشمية بالكوفة في سنة إحدى وأربعين. (1)



تحول الخطابية إلى الاِسماعيلية




إنّ الخطابية بعد قتل زعيمهم توجهوا إلى محمد بن إسماعيل، وقد كان
بعض الضالين يوَم والده إسماعيل بن جعفر، ولكن الاِمام الصادق - عليه السّلام- آيسه من
إضلاله.



روى الكشي عن حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد اللّه يقول للمفضل
بن عمر الجعفي:«يا كافر، يا مشرك مالك ولاِبني» ـ يعني : إسماعيل بن جعفر ـ
وكان منقطعاً إليه يقول فيه مع الخطابية، ثمّ رجع عنه. (2)



والذي يدل على أنّ المذهب الاِسماعيلي نشأ وترعرع في أحضان
الخطابية، وإن لم يتبنى كل ما تبنّته الخطابية، هي النصوص التاريخية التي سنتلوها
عليك واحداً تلو الآخر:



1. ابن الجوزي: المنتظم: 8|29ـ30، تاريخ الطبري: 6|147ـ 148.



2. الكشي: الرجال: 321 برقم 581، في ترجمة المفضل بن عمر .




1. قال النوبختي: ثمّخرج ـ بعد قتل أبي الخطاب ـ من قال بمقالته من أهل
الكوفةو غيرهم إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر بعد قتل أبي الخطاب، فقالوا
بإمامته وأقاموا عليها.



و صنوف الغالية افترقوا بعده على مقالات كثيرة، إلى أن قال: فقالت فرقة
منهم إنّ روح جعفر بن محمد جعلت في أبي الخطاب، ثمّ تحوّلت بعد غيبة أبي
الخطاب في محمد بن إسماعيل بن جعفر وتشعبت منهم فرقة من المباركية ممّن
قال بهذه المقالة تسمّى القرامطة. (1)



2. إنّ تقسيم الاِمام إلى صامت وناطق من صميم عقائد الاِسماعيلية، ونرى
نفس ذلك التقسيم لدى الخطابية، وقد مر تصريح الاَشعري بذلك حينما قال:



منهم رسولان: واحد ناطق، والآخر صامت؛ فالناطق محمد، والصامت علي
ابن أبي طالب. (2)



و يذكر ذلك التقسيم أيضاً البغدادي عند ذكره للخطابية حيث قال:



وأتباعه كانوا يقولون ينبغي أن يكون في كلّ وقت إمام ناطق وآخر ساكت،
والاَئمّة يكونون آلهة، ويعرفون الغيب، ويقولون انّ علياً في وقت النبي صامتاً،
وكان النبي - صلّى الله عليه وآله وسلّم - ناطقاً، ثمّ صار علي بعده ناطقاً. وهكذا يقولون في الاَئمة بعد أن
انتهى الاَمر إلى جعفر ، وكان أبو الخطاب في وقته إماماً صامتاً وصار بعده ناطقاً.(3)



3. قال المقريزي: إنّ أتباع أبي الخطاب متفقون على أنّ الاَئمّة مثل علي
وأولاده كلّهم أنبياء، وإنّه لابدّ من رسولين لكلّ أُمّة أحدهما ناطق والآخر صامت،



1. النوبختي: فرق الشيعة: 71.



2. مقالات الاِسلاميين:10.



3. البغدادي: الفرق بين الفرق:247ـ 248.




فكان محمد ناطقاً وعلي صامتاً، وإنّ جعفر بن محمد الصادق - عليه السّلام- كان نبياً، ثمّ
انتقلت النبوة إلى أبي الخطاب. (1)



4. قد وقفت على ما نقلناه عن الكشي من أنّ الخطابية كانت توَوّل الآيات
إلى مفاهيم غير مفهومة من ظواهر الآيات، حتى أنّه أوّل الخمر والميسر والاَنصاب
والاَزلام بأنّها رجال، فلما بلغ التأويل إلى الاِمام الصادق - عليه السّلام- فقال رداً
عليه:«ما كان اللّه عزّوجلّ ليخاطب خلقه بمالا يعلمون». (2)



ومن الواضح أنّ الاِسماعيلية وضعت لكلّ ظاهر باطناً، واتخذت من
التأويل ركناً أساسياً لها.



كما وذكر الشهرستاني والمقريزي شيئاً من تأويلات الخطابية. (3)



قال الشهرستاني: زعم أبو الخطاب أنّ الاَئمّة أنبياء ثمّ آلهة، وقال بإلهية
جعفر بن محمد وإلهية آبائه وهم أبناء اللّه وأحباوَه. وا لاِلهية نور في النبوة، والنبوة
نور في الاِمامة، ولا يخلو العالم من هذه الآثار والاَنوار. وزعم أنّ جعفراً هو الاِله
في زمانه، وليس هو المحسوس الذي يرونه، ولكن لما نزل إلى هذا العالم لبس
تلك الصورة فرآه الناس فيها، ولما وقف عيسى بن موسى صاحب المنصور على
خبث دعوته، قتله بسبخة الكوفة. (4)



وقد عرفت أيضاً شيئاً من تأويلاتهم في كلام الكشي.



و من خلال استعراض تلك النصوص نخرج بهذه النتيجة انّ حقيقة
التطرّف المشاهد في المذهب الاِسماعيلي طرأت عليه من قبل أصحاب أبي
الخطاب الذين استغلوا إمامة محمد بن إسماعيل لبث آرائهم.



1. المقريزي: الخطط:2|352.



2. الكشي: ترجمة ابن الخطاب، برقم 135.



3. الشهرستاني: الملل والنحل:1|159؛ المقريزي: الخطط:2|252.



4. الشهرستاني: الملل والنحل:1|159؛ المقريزي: الخطط:2|252.




إنّ للمذهب الاِسماعيلي دعائم ثلاث:



الاَوّل: التمسك بالتأويل، والقول بأنّ لكلّ ظاهر باطناً.



الثاني: أخذ الفلسفة اليونانية، بأبعادها المختلفة في الاِلهيات والطبيعيات
والفلكيات سناداً وعماداً للمذهب كما سيظهر.



الثالث: الغلو في حقّ أئمّتهم وتزويدهم بصلاحيات واختصاصات واسعة
لا دليل عليها من العقل ولا الشرع . (1)



فخرجنا بهذه النتيجة: انّ الاِسماعيلية كانت فرقة واحدة، فانشقت إلى:
قرامطة ودروز، وبهرة، ونزارية وسيوافيك تفصيلها في الفصول الآتية.



1. تقدّم الكلام في ذلك تفصيلاً في الفصل الاَوّل.









/ 12