الاِمام العاشر - بحوث فی الملل والنحل جلد 8

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بحوث فی الملل والنحل - جلد 8

جعفر سبحانی تبریزی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید















الاِمام العاشر




العزيز باللّه




(344 - 386 هـ )
(1)




نزار بن معد، العزيز باللّه، ولي العهد بمصر يوم الخميس رابع شهر ربيع
الآخر سنة 365هـ، واستقل بالاَمر بعد وفاة أبيه، وكان يوم الجمعة حادي عشر
الشهرالمذكور وسُتِرتْ وفاة أبيه وسُلّم عليه بالخلافة، وكان شجاعاً، حسن العفو
عند المقدرة، ذكره أبو منصور الثعالبي في كتاب «يتيمة الدهر» وأورد له شعراً قاله
في بعض الاَعياد، وقد وافق موت بعض أولاده وعقد عليه المآتم وهو:








  • نحن بنو المصطفى ذوو محن
    عجيبة في الاَنام محنتنا
    يفرح هذا الورى بعيدهم
    طرّاً وأعيادنا مآتمنا



  • يجرعها في الحياة كاظمنا
    أوّلنا مبتلى وخاتمنا
    طرّاً وأعيادنا مآتمنا
    طرّاً وأعيادنا مآتمنا





و فتحت له حُمْص وحماة وشَيْزَر، وحلب، والموصل ، وخطب له باليمن ولم
يزل في سلطانه وعظم شأنه إلى أن خرج إلى بلبيس متوجهاً إلى الشام، فابتدأت به
العلّة في العشر الاَخير من رجب سنة ست وثمانين وثلاثمائة، ولم يزل مرضه
يزيد حتى توفي في مسلخ الحمّـام في الثلاثاء الثامن والعشرين من شهر رمضان




1. وقد أرّخ عارف تامر تاريخ وفاته 368 وهو خطأ.





سنة ست وثمانين و ثلاثمائة. (1)بمدينة بلبيس وحمل إلى القاهرة.




وذكر ابن خلكان انّ تاريخ وفاته في الثامن والعشرين من شهر رمضان، في
حين انّالمقريزي ذكره في الثامن والعشرين من رجب مع توافقهما في سنة وفاته.




قال ابن الاَثير: في هذه السنة توفي العزيز أبو منصور نزار ابن المعز أبي
تميم معد العلوي، صاحب مصر لليلتين بقيتا من رمضان وعمره اثنتان وأربعون
سنة وثمانية أشهر ونصف، بمدينة بلبيس، وكان برز إليها لغزو الروم، فلحقه عدة
أمراض، منها: النقرس، والحصا، والقولنج، فاتصلت به إلى الشامات.




وكانت خلافته إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر ونصفاً، ومولده
بالمهدية من إفريقية. (2)




قال الذهبي: وكان كريماً، شجاعاً، صفوحاً، أسمر، أصهب الشعر، أعين،
أشهل، بعيد ما بين المنكبين، حسن الاَخلاق، قريباً من الرعية، مغرى بالصيد،
ويكثر من صيد السباع، ولا يوَثر سفك الدماء.




وفي سنة 367هـ جرت وقعات بين المصريين وهفتكين الاَمير، وقتل
خلق، وضرب المثل بشجاعة هفتكين وهزم الجيوش، وفرّ منه جوهر القائد، فسار
لحربه صاحب مصر العزيز بنفسه، فالتقوا بالرملة، وكان «هفتكين» على فرس
أدهم يجول في الناس، فبعث إليه العزيز رسولاً يقول: أزعجتني وأحوجتني
لمباشرة الحرب، وأنا طالب للصلح، وأهب لك الشام كلّه.




قال: فات الاَمر، ووقعت الحرب، فحمل العزيز بنفسه عليه في الاَبطال،
فانهزم هفتكين ومن معه من القرامطة، واستحرَّ بهم القتل.




وفي سنة 377هـ تهيأ العزيز لغزو الروم فأُحرقت مراكبه، فغضب وقتل




1. ابن خلكان: وفيات الاَعيان:5|371ـ374.




2. ابن الاَثير: الكامل في التاريخ:9|116.





مائتي نفس اتهمهم، ثمّ وصلت رسل طاغية الروم بهديّة، تطلب الهدنة، فأجاب
بشرط أن لا يبقى في مملكتهم أسير، وبأن يخطبوا للعزيز بقسطنطينية في جامعها،
وعقدت سبعة أعوام. (1)
1. الذهبي: سير أعلام النبلاء: 15|167ـ172.





الاِمام الحادي عشر




الحاكم بأمر اللّه




(375ـ411هـ)




هو منصور بن نزار (1)ولد يوم الخميس لاَربع ليال بقين من شهر ربيع
الاَوّل سنة 375هـ، وبويع في اليوم الذي توفي فيه والده أي سنة 368هـ، وكان
عمره أحد عشر عاماً ونصف العام وهو من الشخصيات القليلة التي لم تتجلّ
شخصيته بوضوح، وقام بأعمال إصلاحية زعم مناوئوه انّها من البدع.




يقول الجزري: وبنى الجامع براشدة، وأخرج إلى الجوامع والمساجد، من
الآلات،والمصاحف، والستور والحصر ما لم ير الناس مثله، وحمل أهل الذمة
على الاِسلام، أو المسير إلى مأمنهم، أو لبس الغيار، فأسلم كثير منهم، ثمّ كان
الرجل منهم بعد ذلك يلقاه، ويقول له: إنّني أُريد العود إلى ديني، فيأذن له.




أظن انّ إدخال الحصر إلى المساجد، لاَجل أنّالمسجود عليه في مذهب
الشيعة يجب أن يكون إمّا أرضاً، أو ما أنبتته الاَرض، فبما أنّ المساجد كانت
مفروشة فحمل الحصر على ذلك.




و يقول أيضاً: ثمّ أمر في سنة 399هـ بترك صلاة التراويح، فاجتمع الناس
بالجامع العتيق، وصلّى بهم إمام جميع رمضان، فأخذه وقتله، ولم يصل أحد




1. وأسماه في «الاِمامة في الاِسلام» بـ «الحسن بن نزار» ولكن في الخطط،وتاريخ الدعوة
الاِسماعيلية حسب ما أثبتناه.





التراويح إلى سنة 408هـ. (1)




أقول: لقد قام الخليفةبمهمته، فإنّ صلاة التراويح كانت تقام في عصر النبي
- صلّى الله عليه وآله وسلّم - و الخليفة الاَوّل بغير جماعة، وإنّما أُقيمت جماعة في عصر الخليفة الثاني،
واصفاً إيّاهابالبدعة الحسنة، ولمّا تسلّم الاِمام أمير الموَمنين علي - عليه السّلام- زمام الخلافة
نهى الناس عن إقامتها جماعة، فلمّـا رأى إصرار الناس على إقامتها جماعة تركهم
وما يهوون.




وأمّا رميه بتهمة قتل الاِمام بعد انقضاء شهر رمضان، فما لا يقبله العقل، إذ
كان في وسع الخليفة منعه من إقامتها أوّل الشهر فأي مصلحة كانت تكمن في
استمهاله إلى آخر الشهر واكتسابه مكانة في القلوب ثمّ قتله؟!




يقول المقريزي: جامع الحاكم بني خارج باب الفتوح أحد أبواب القاهرة،
وأوّل من أسّسه أمير الموَمنين العزيز باللّه، نزار بن المعز لدين اللّه معد، وخطب
فيه وصلّى بالناس الجمعة، ثمّ أكمله ابنه الحاكم بأمر اللّه، فلمّا وسّع أمير الجيوش
بدر الجمالي القاهرة، وجعل أبوابها حيث هي اليوم صار جامعُ الحاكم داخل
القاهرة. (2)




و ينقل أيضاً انّ الحاكم بأمر اللّه أمر في سنة 393هـ أن يتم بناء الجامع الذي
كان الوزير يعقوب بن كاس بدأ في بنيانه عند باب الفتوح، فقدّر للنفقة عليه
أربعون ألف دينار، فابتدأ بالعمل فيه وفي صفر سنة إحدى وأربعمائة زيد في منارة
جامع باب الفتوح وعمل لها أركاناً، طول كلّ ركن مائة ذراع.




و في سنة 403هـ أمر الحاكم بأمر اللّه بعمل تقدير ما يحتاج إليه جامع باب
الفتوح من الحصر والقناديل والسلاسل، فكان تكسير ما ذرع للحصر 36 ألف
ذراع، فبلغت النفقة على ذلك خمسة آلاف دينار.




1. الجزري: الكامل في التاريخ:9|316ـ317.




2. المقريزي: الخطط: 2|277.





وتم بناء الجامع الجديد بباب الفتوح، وعلّق على سائر أبوابه ستور ديبقية
عملت له، وعلّق فيه تنانير فضة عدّتها أربع وكثير من قناديل فضة، وفرش جميعه
بالحصر التي عملت له، ونصب فيه المنبر، وتكامل فرشه وتعليقه، وأذن في ليلة
الجمعة سادس شهر رمضان سنة ثلاث وأربعمائة لمن بات في الجامع الاَزهر أن
يمضوا إليه،فمضوا وصار الناس طول ليلتهم يمشون من كلّواحد من الجامعين
إلى الآخر بغير مانع لهم ولا اعتراض من أحد من عسس القصر، ولا أصحاب
الطوف إلى الصبح، وصلّى فيه الحاكم بأمر اللّه بالناس صلاة الجمعة، وهي أوّل
صلاة أُقيمت فيه بعد فراغه. (1)




ما ذكرنا من محاسن أعماله قد أخفاها أعداوَه، وبدل ذلك فقد نالوا منه
وأكثروا في ذمّه وذكر مساوىَ أعماله، حتى تجد انّ الذهبي قد بالغ في ذمّه ووصفه
بقوله: «العبيدي، المصري، الرافضي بل الاِسماعيلي الزنديق المدّعي الربوبية».




ثمّ يقول في موضع آخر: وكان شيطاناً مريداً، جباراً عنيداً، كثير التلوّن،
سفاكاً للدماء، خبيث النحلة، عظيم المكر، جواداً ممدحاً، له شأن عجيب ونبأ
غريب، كان فرعون زمانه، يخترع كلّ وقت أحكاماً يلزم الرعية بها إلى آخر ما
ذكر.(2)




و على أيّ حال فهو من الشخصيات القلقة التي تجمع بين محاسن الاَعمال
ومساوئها.




ولولا انّ الحاكم كان من الشيعة لما وجد الذهبي السلفي في نفسه مبرراً
لصب هذه التقريعات.




وقد اكتفينا بذلك في ترجمته، لاَنّ فيها أُموراً متناقضة ومتضادة لا يمكن
الاِذعان بصحّة واحد منها.




1. المقريزي: الخطط:2|277، دار صادر.




2. الذهبي: سير أعلام النبلاء: 15|174.





انشقاق الاِسماعيلية




كانت الاِسماعيلية فرقة واحدة، غير انّه طرأ عليهم الانشقاق، فقال قوم
منهم: بإلوهية الحاكم وغيبته، وهم المعروفون اليوم بـ «الدروز»، يقطنون لبنان.




فالدروز إسماعيلية محرّفة، وسيوافيك البحث عن هذه الفرقة وعقائدها في
باب خاصّ، وهي أكثر غموضاً من سابقتها، فهم يمسكون بكتبهم ووثائقهم عن
الآخرين.




يقول الموَرخ المعاصر: وفي سنة 408 استدعى الحاكم كبير دعاته، وأحد
المقربين إليه الموثوق بهم سيدنا «الحمزة بن علي» الفارسي الملقب بـ «الدرزي»
وأمره أن يذهب إلى بلاد الشام ليتسلم رئاسة الدعوة الاِسماعيلية فيها، ويجعل
مقره «وادي التيم»، لاَنّ الاَخبار التي وردت إلى بيت الدعوة تفيد بأنّ إسماعيلية
وادي التيم تسيطر عليهم التفرقة والاختلافات الداخلية، حول تولّي رئاسة الدعوة
هناك ولقبه الاِمام بـ«السند الهادي».




تمكّن الدرزي في وقت قليل من السيطرة على الموقف في وادي التيم
وإعادة الهدوء والسكينة في البلاد، وعمل جاهداً لتوسيع وانتشار الدعوة
الاِسماعيلية في تلك البلاد.




لبث الدرزي رئيساً للدعوة الاِسماعيلية وكبيراً لدعاتها في بلاد الشام حتى
أُعلنت وفاة الاِمام الحاكم وولاية ابنه الطاهر.




لم يعترف الدرزي بوفاة الاِمام الحاكم، مدّعياً بأنّ وفاته لم تكن سوى نوع
من الغيبة لتخليص أنفس مريدي الاِمام من الاَدران، وبقي متمسكاً بإمامة الحاكم
ومنتظراً عودته من تلك الغيبة، وبذلك أعلن انفصاله عن الاِسماعيلية التي لا
تعتقد بالغيبة، وتقول بفناء الجسم وبقاء سر الاِمامة بالروح، فينتقل بموجب النص
إلى إمام آخر وهو المنصوص عليه من قبل الاِمام المتوفى، وسميت الفرقة





التي تبعت الدرزي بالدرزية نسبة إليه.




وهكذا يتبين للقارىَ الكريم بأنّ الدرزية والاِسماعيلية عقيدتان من أصل
واحد. (1)




وأمّا عن مصير الحاكم فمجمل القول فيه انّه فُقد في سنة 411هـ، ولم يعلم
مصيره، وحامت حول كيفية اغتياله أساطير لا تتلاءم مع الحاكم المقتدر .




يقول الذهبي: وثمّ اليوم طائفة من طغام الاِسماعيلية الذين يحلفون بغيبة
الحاكم، وما يعتقدون إلاّ بأنّه باق، وانّه سيظهر (2)




1. مصطفى غالب: تاريخ الدعوة الاِسماعيلية: 238ـ 239.




2. الذهبي: سير أعلام النبلاء:15|108، ابن الاَثير: الكامل في التاريخ : 9|11.





الاِمام الثاني عشر




الظاهر لاِعزاز دين اللّه




علي بن منصور
(1)






(395ـ427هـ)




هو علي بن منصور ، ولد ليلة الاَربعاء من شهر رمضان سنة ثلاثمائة
وخمس وتسعين، وبويع بالخلافة وعمره ستة عشر عاماً يقول ابن خلكان: كانت
ولايته بعد فقد أبيه بمدّة، لاَنّ أباه فقد في السابع والعشرين من شوال سنة 411هـ،
وكان الناس يرجون ظهورَه ويتبعون آثاره إلى أن تحقّقوا عدمه، فأقام ولده
المذكور في يوم النحر من السنة المذكورة. (2)




وقد أطنب المقريزي في سيرته وذكر حوادث حياته.




يقول المقريزي: مات الظاهر في النصف من شعبان سنة 427 هـ عن اثنين
وثلاثين سنة إلاّ أيّاماً، وكانت مدّة خلافته 15 سنة وثمانيةأشهر. (3)




وذكر الذهبي فتنة القرامطة عام 413 هـ فنقل عن محمد بن علي بن عبد
الرحمان العلوي الكوفي انّه قال: لما صليت الجمعة والركب بعدُبمنى، قام رجل،




1. سماه عارف تامر علي بن الحسن ، وفي المقريزي وتاريخ الدعوة كما أثبتناه.




2. ابن خلكان: وفيات الاَعيان: 3|407، دار صادر.




3. المقريزي: الخطط:1|355.





فضرب الحجر الاَسود بدبّوس ثلاثاً، وقال: إلى متى يُعبد الحجر فيمنعني محمد
ممّا أفعله؟ فإنّي اليوم أهدم هذا البيت، فاتقاه الناس، وكاد يفلت، وكان أشقر،
أحمر، جسيماً، تام القامة، وكان على باب المسجد عشرة فرسان على أن ينصروه،
فاحتسب رجل، فوجأه بخنجر، وتكاثروا عليه، فأُحرق، وقتل جماعة من أصحابه
وثارت الفتنة، فقتل نحو العشرين ونهب المصريون وقيل: أخذ أربعة من أصحابه،
فأقرّوا بأنّهم مائة تبايعوا على ذلك، فضربت أعناق الاَربعة، وتهشّم وجه الحجر،
وتساقط منه شظايا وخرج مُكْسَـرُه أسمر إلى صفرة. (1)




ويقال انّ الظاهر شنّ على الدروز حرباً محاولاً إرجاعهم إلى العقيدة
الفاطمية الاَصيلة، مدة خلافته كانت ستة عشر عاماً ... لم تنته هجمات الصليبيين
عن الاَراضي والثغور العائدة للدولة الفاطمية، وقّع هدنة مع الروم. (2)
1. الذهبي: سير أعلام النبلاء:15|185ـ186، موَسسة الرسالة.




2. عارف تامر: الاِمامة في الاِسلام:189.





الاِمام الثالث عشر




المستنصر باللّه




(420 - 487 هـ)(1)




هو معد بن علي، ولد يوم الثلاثاء في الثالث عشر من شهر جمادى الآخر
سنة 420هـ، وبويع بالخلافة يوم الاَحد في منتصف شهر شعبان سنة 427هـ،
وكان له من العمر سبعة أعوام، وقد ظل في الحكم ستين عاماً، وهي أطول مدّة في
تاريخ الخلافة الاِسلامية.




يقول ابن خلكان: وجرى على أيامه مالم يجر على أيام أحد من أهل بيته
ممّن تقدّمه ولا تأخره، منها:




1. قضية أبي الحارث أرسلان البساسيري، فإنّه لمّا عظم أمره وكبر شأنه
ببغداد، قطع خطبة الاِمام القائم وخطب للمستنصر المذكور، وذلك في سنة
خمسين وأربعمائة، ودعا له على منابرها مدّة سنة.




2. انّه ثار في أيّامه علي بن محمد الصليحي وملك بلاد اليمن، ودعا
للمستنصر على منابرها بعد الخطبة.




3. انّه أقام في الاَمر ستين سنة، وهذا أمر لم يبلغه أحد من أهل بيته ولا من
بني العباس.




1. أرّخ كل من الكاتبين عارف تامر ومصطفى غالب تاريخ ولادته420هـ .





4. انّه ولي العهد وهو ابن سبع سنين.




5. انّ دعوتهم لم تزل قائمة بالمغرب منذ قام جدهم المهدي إلى أيام
المعز، ولمّا توجه المعز إلى مصر واستخلف بلكين بن زيري كانت الخطبة في
تلك النواحي جارية على عادتها لهذا البيت إلى أن قطعها المعز بن باديس في أيام
المستنصر، وذلك في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة.




6. أنّه حدث في أيّامه الغلاء العظيم الذي ما عهد مثله منذ زمان يوسف - عليه السّلام-
حتى قيل انّه بيع رغيف واحد بخمسين ديناراً، وكان المستنصر في هذه الشدة
يركب وحده، وكلّمن معه من الخواص مترجّلون ليس لهم دواب يركبونها، و
كانوا إذا مشوا تساقطوا في الطرقات من الجوع، وكان المستنصر يستعير من ابن
هبة صاحب ديوان الانشاء بغلته ليركبها صاحب مظلته، وآخر الاَمر توجهت أُم
المستنصر وبناته إلى بغداد من فرط الجوع، وتفرّق أهل مصر في البلاد
وتشتتوا.(1)




وذكر الذهبي تفاصيل حياته بحسب السنين التي مرت عليه. (2)




و لقي المستنصر شدائداً وأهوالاً، وانفتقت عليه الفتوق بديار مصر أخرج
فيها أمواله وذخائره إلى أن بقي لا يملك غير سجادته التي يجلس عليها، وهو مع
هذا صابر غير خاشع. (3)




وقد توفي في الثامن عشر من ذي الحجة، ودامت خلافته ستين سنة وأربعة
أشهر.




إلى هنا تمت ترجمة الاَئمّة الثلاثة عشر الذين اتّفقت كلمة الاِسماعيلية
على إمامتهم وخلافتهم، ولم يشذ عنهم سوى الدروز الذين انشقوا عن




1. ابن خلكان: وفيات الاَعيان: 5|229ـ230، دار صادر.




2. الذهبي: سير أعلام النبلاء:1|186ـ 196.




3. الجزري: الكامل: 10|237.





الاِسماعيلية في عهد خلافة الحاكم بأمر اللّه، وصار وفاة المستنصر باللّه سبباً
لانشقاق آخر وظهور طائفتين من الاِسماعيلية بين: مستعلية تقول بإمامة أحمد
المستعلي ابن المستنصر باللّه، ونزارية تقول بإمامة نزار ابن المستنصر.




فالمستعلية هم المعروفون في هذه الاَيام بالبُهرة، وقد انقسموا إلى:
سليمانية وداودية؛ كما أنّ النزاريين هم القائلون بإمامة نزار ابن المستنصر ،
وانقسموا إلى: موَمنية وقاسمية. وقد اتّفقت الطائفتان الاَخيرتان في بعض الاَئمة،
واختلفت في البعض الآخر، وسيوافيك تفصيل الجميع.








الفصل السابع




في




أئمة المستعلية









الاِمام الاَوّل




المستعلي باللّه




(467ـ495هـ)




قد ذكرنا ـ فيما سبق ـ أنّالمستنصر قد عهد في حياته بالخلافة لابنه «نزار»
وقد بويع بعد وفاة أبيه، ولكن خلعه الاَفضل وبايع المستعلي باللّه، وسبب خلعه
أنّ الاَفضل ركب مرّة أيّام المستنصر، ودخل دهليز القصر من باب الذهب راكباً،
و«نزار» خارج، والمجاز مظلم، فلم يره الاَفضل، فصاح به نزار: انزلْ، يا أرمني،
كلب، عن الفرس، ما أقلَّ أدبَك. فحقدها عليه، فلما مات المستنصر خلعه خوفاً
منه على نفسه، وبايع المستعلي، فهرب نزار إلى الاسكندرية، وبها ناصر الدّولة
«افتكين»، فبايعه أهل الاسكندرية، وسمّوه المصطفي لدين اللّه، فخطب بالناس،
ولعن الاَفضل، وأعانه أيضاً القاضي جلال الدّولة ابن عمار، قاضي الاسكندرية،
فسار إليه الاَفضل، وحاصره بالاسكندرية، وأخذ«افتكين» فقتله، وتسلّم المستعلي
نزاراً فبنى عليه حائطاً فمات، وقتل القاضي جلال الدولة ابن عمار ومن أعانه. (1)




وحيث إنّه لم يتم الاتّفاق على إمامة هوَلاء فقد عقدنا لهم فصلاً مستقلاً.




يقول ابن خلكان: وكانت ولادة المستعلي (أحمد بن معد) لعشر ليال بقين
من محرم سنة تسع وستين وأربعمائة، بالقاهرة وبويع في يوم عيد غدير خم، وهو
الثامن عشر من ذي الحجة سنة سبع وثمانين وأربعمائة، وتوفي بمصر يوم الثلاثاء




1. ابن الاَثير: الكامل في التاريخ:10|237 ـ 238، دار صادر.





لثلاث عشرة ليلة بقيت من صفر سنة خمس وتسعين وأربعمائة، وله من العمر
ثمان وعشرون سنة وأيام (1) فكانت مدّة ولايته سبع سنين وكسراً، وتولّـى بعده
ولدُه أبو علي المنصور، الملقب بالآمر، وله من العمر خمس سنين وشهر وأربعة
أيام، ولم يكن في من تسمى بالخلافة قط أصغر منه، ومن المستنصر، وكان
المستنصر أكبر من هذا، ولم يقدر يركب وحده الفرس، وقام بتدبير دولته الاَفضل
ابن أمير الجيوش، أحسن قيام، إلى أن قتل. (2)




الاِمام الثاني




الآمر بأحكام اللّه




(490 ـ 524هـ)




هو منصور بن أحمد، ولد في القاهرة في الثالث عشر من محرم، وبويع
بالخلافة يوم وفاة والده في الثالث عشر من صفر سنة 495هـ، وكان له من العمر
خمس سنوات، وفي عهده سقطت مدينة «صور» بأيدي الصليبيين، وذلك بعد
سقوط انطاكية وبيت المقدس وقيصارية وعكا وبانياس وطرابلس، وأكثرها كانت
فاطميّة.




من آثاره العمرانية الجامع الاَقمر في القاهرة، وتجديد قصر القرافة، وفتح
مكتبة دار العلوم للمطالعة والتدريس، قتله النزاريون انتقاماً لاِمامهم نزار، وكان في
هودج يقوم بالنزهة بين الجزيرة والقاهرة، وقد حُمل إلى القصر، ولكنّه لم يلبث




1. لو كان له من العمر ثمان وعشرون عاماً عند الوفاة لكانت ولادته عام 467، لا ما ذكره من
انّولادته 469هـ.




2. ابن خلكان: وفيات الاَعيان: دار صادر:1|180.





أن فارق الحياة في الرابع عشر من ذي القعدة سنة 524هـ، وكان عمره 34 عاماً
وتسعة أشهر وعشرين يوماً. (1)




قال ابن خلكان: ولما انقضت أيّامه، خرج من القاهرة صبيحة يوم الثلاثاء
في الثالث من ذي القعدة سنة 524هـ ونزل إلى مصر، وعدى على الجسر إلى
الجزيرة التي قبالة مصر، فكمُن له قوم بالاَسلحة وتواعدوا على قتله في السّكة
التي يمر فيها، فلمّا مرّ بهم وثبوا عليه فلعبوا عليه بأسيافهم، وكان قد جاوز الجسر
وحده مع عدّة قليلة من غلمانه وبطانته وخاصته وشيعته، فحُمل في النيل في
زورق ولم يمت، وأُدخل القاهرة وهو حيٌّ، وجيء به إلى القصر من ليلته، فمات
ولم يعقب، وهو العاشر من أولاد المهدي عبيد اللّه القائم بسجلماسة، إلى أن
يقول: وكان ربعة، شديدَ الاَدمة، جاحظ العينين، حسن الخط والمعرفة والعقل. (2)




ومع هذا فيصفه بكونه «قبيح السيرة، ظلم الناس وأخذ أموالهم وسفك
دماءهم، وارتكب المحذورات واستحسن القبائح المحظورات، فابتهج الناس
بقتله». (3)




س




ولا يخفى وجود التضاد بين الوصفين، فلو كان حسن المعرفة والعقل لما
قبحت سيرته وما أخذ أموالَ الناس ولا أراق دماءهم. واللّه العالم.




وكان يطمـع إلى عرش العباسيين في العراق، ولكنَّ الاَحداث الداخليّة
حالت بينه وبين أُمنيته .




يقول المقريزي:و كانت نفسه تحدّثه بالسفر والغارة على بغداد، ومن شعره
في ذلك:




1. عارف تامر: الاِمامة في الاِسلام:190ـ191.




2. ابن خلكان: وفيات الاَعيان : 5|301 ـ 302، و لاحظ الخطط المقريزية: 1|357 و 2|290.




3. وفيات الاَعيان: 5|302.









  • دع اللوم عني لست مني بموثق
    وأسقى جيادي من فرات ودجلة
    وأجمع شمل الدين بعد التفرق



  • فلابدّ لي من صدمة المتحقق
    وأجمع شمل الدين بعد التفرق
    وأجمع شمل الدين بعد التفرق





وقال:








  • أما والذي حجّت إلى ركن بيته
    لاقتحمن الحرب حتى يقال لي
    و ينزل روح اللّه عيسى ابن مريم
    فيرضى بنا صحباً ونرضى به صحبا(1)



  • جراثيم ركبان مقلّدة شهبا
    ملكت زمام الحرب فاعتزل الحربا
    فيرضى بنا صحباً ونرضى به صحبا(1)
    فيرضى بنا صحباً ونرضى به صحبا(1)





والمهم في تاريخه، أنّه قتل الاَفضل الذي مَهّدَ الطريقَ لاَبيه المستعلي في زمانه،
ويقال أنّه قتل بأشارة أو موَامرة الآمر بأحكام اللّه.




يقول المقريزي: وفي يوم الثلاثاء، السابع عشر من صفر، سنة خمس
وتسعين، أحضره الاَفضل بن أمير الجيوش، وبايع له ونصبه مكان أبيه، ونعته
بالآمر بأحكام اللّه، وركب الاَفضل فرساً، وجعل في السّرج شيئاً، وأركبه عليه
لينمو شخص الآمر، وصار ظهره في حجر الاَفضل، فلم يَزلْ تحت حجره حتّى
قتل الاَفضل ليلة عيد الفطر سنة خمس عشرة وخمسمائة. (2)




وقد مرّ آنفاً قول ابن خلكان بأنّ الآمر بأحكام اللّه مات ولم يعقب، وربَّما
يقال أنّالآمر مات وامرأته حامل بالطّيب، وربّما يقال بأنّ امرأته ولدت أُنثى،
فلاَجل ذلك عهد الآمر بأحكام اللّه الخلافة إلى الحافظ، الظافر، الفائز، ثمّ إلى
العاضد.




و سنتطرق إلى حياة الاَئمة الاَربعة الذين لم يكونوا من صُلب الاِمام السابق،
بل كانوا من أبناء عمّه، ولاَجل ذلك لا تصح تسميتهم بالاَئمة ، وإنّما




1. المقريزي: الخطط: 2|191.




2. المقريزي: الخطط: 2|290.





هم دعاة، حيث لم يكن في الساحة إمام، ودخلت الدعوة المستعلية بعد اختفاء
الطيِّب بالستر، وما تزال تنتظر دعوته، وتوقفت عن السير وراء الركب الاِمامي،
واتبعت نظام الدعاة المطلقين. (1)




الاِمام الثالث




الحافظ لدين اللّه




(467 ـ 544هـ)




ولد بعسقلان سنة 467هـ، عندما مات الآمر، وتوفي في الخامس من
جمادى الاَُولى سنة 544هـ، فدامت دولته عشرين سنة سوى خمسة أشهر،
وعاش سبع وسبعين سنة، وقام بعده ولده الظاهر. (2)




عبد المجيد الملقب بالحافظ، ابن أبي القاسم محمد بن المستنصر، بويع
بالقاهرة يوم مقتل ابن عمّه الآمر، بولاية العهد وتدبير المملكة، حتى يظهر الحمل
المخلف عن الآمر، فغلب عليه أبو علي أحمد بن الاَفضل، في صبيحة يوم مبايعته،
وكان الآمر لمّا قتل الاَفضل اعتقل جميع أولاده وفيهم أبو علي المذكور، فأخرجه
الجند من الاعتقال لما قُتل الآمر، وبايعوه فسار إلى القصر، وقبض على الحافظ
المذكور، واستقلّ بالاَمر وقام به أحسن قيام، وردّ على المصادرين أموالهم، وأظهر
مذهب الاِماميّة وتمسك بالاَئمّة الاثني عشر، ورفض الحافظ وأهل بيته، ودعا على
المنابر للقائم في آخر الزمان المعروف بالاِمام المنتظر على زعمهم، وكتب اسمه
على السّكة، ونهى أن يوَذن (حي على خير العمل) وأقام كذلك، إلى أن وثب عليه




1. عارف تامر:الاِمامة في الاِسلام:191.




2. ابن خلكان، وفيات الاَعيان:3|236، دار صادر.





رجل من الخاصّة بالبستان الكبير بظاهر القاهرة، في النصف من المحرم سنة ست
وعشرين وخمسمائة فقتله، وكان ذلك بتدبير الحافظ، فبادر الاَجناد بإخراج
الحافظ، وبايعوه ولقبوه الحافظ، ودعي له على المنابر. (1)




الاِمام الرابع




الظافر بأمر اللّه




(527ـ 549هـ)




هو إسماعيل بن عبد المجيد ولد في القاهرة يوم الاَحد منتصف شهر ربيع
الآخر سنة سبع وعشرين وخمسمائة، واغتيل في منتصف محرم سنة 549هـ،
بويع الظافر يوم مات أبوه، بوصيّة أبيه، وكان أصغر أولاد أبيه سناً، ولي الاَمر بعد
أبيه وكان شاباً جميلاً.




وهو الذي انشأ الجامع المعروف بجامع الفاكهيين، قتله نصر بن عباس أحد
أبناء وزرائه، وقد ذكر الموَرخون سبب قتله وتفصيله، فمن أراد فليراجــع. (2)




وعاش الظافر 22 سنة.




1. وفيات الاَعيان: 3|235 ـ 236، و سير أعلام النبلاء:15|199.




2. المقريزي: الخطط:2|30 وذكره بايجاز ابن خلكان في وفيات الاَعيان:1|237،والذهبي في
سير أعلام النبلاء: 15|204.





الاِمام الخامس




الفائز بنصر اللّه




(544 ـ 555هـ)




هو عيسى بن إسماعيل ولد عام 544هـ، وتسلّم الخلافة وله خمس سنين،
وبقى على سدّة الخلافة ست سنين، ولَمّا اُغتيل أبوه، أقامه الوزير عباس مكان
والده، تغطية لِما ارتكبه ابنُه من قتل الاِمام الظافر، فلمّا قدم طلائع بن رزيك، والي
الاشمونين بمجموعة إلى القاهرة، فرّ عباس، واستولى طلائع على الوزارة، وتلقّب
بالصالح، وقام بأمر الدولة، إلى أن مات الفائز لثلاثة عشرة بقيت من رجب سنة
555هـ عن إحدى عشرة سنة وستة أشهر ويومين، منها في الخلافة ست سنين
وخمسة أشهر وأيام. (1)




الاِمام السادس




العاضد لدين اللّه




(546ـ567هـ)




هو عبد اللّه بن يوسف ولد عام 546هـ وتوفي عام 567هـ، وهو عبد اللّه
ابن يوسف بن عبد المجيد بن محمد بن المنتصر، أقامه طلائع بن رزيك، بعد
الفائز، ولي المملكة بعد وفاة ابن عمّه الفائز بنصر اللّه، وكان العاضد شديدَ التشيّع،
بويع وعمره آنذاك إحدى عشرة سنة، وقام الصالح بن رزيك، أخو طلائع بن
رزيك، بتدبير الاَُمور، إلى أن قتل في رمضان سنة 556هـ فقام من بعده




1. المقريزي: الخطط:1|357، لاحظ وفيات الاَعيان:3|291،رقم الترجمة 514،والذهبي: سير
اعلام النبلاء:15|207 رقم الترجمة 78، وقصد فصل الاَخيران الكلام في حياته.





ابنه رزيك بن طلائع، وحسنت سيرته.




يقول المقريزي: فلما قوى تمكّن الافرنج في القاهرة عام 564هـ، وجاروا
في حكمهم بها، وركبوا المسلمين بأنواع الاِهانة، فسار مري ملك الافرنج يريد
أخذ القاهرة، ونزل على مدينة بلبيس وأخذها عنوة، فكتب العاضد إلى نور الدين
محمود بن زنكي صاحب الشام يستصرخه ويحثّه على نجدة الاِسلام وإنقاذ
المسلمين من الافرنج، فجهّز أسد الدين شيركوه في عسكر كثير، وسيّرهم إلى
مصر، فلما اطّلع الافرنج على قدوم شيركوه، رحلوا عن القاهرة في السابع من
ربيع الآخر، ونزل شيركوه بالقاهرة، فخلع عليه العاضد وأكرمه، وتقلّد وزارة
العاضد وقام بالدولة شهرين وخمسة أيّام، ومات في الثاني والعشرين من جمادى
الآخرة، ففوض العاضد الوزارة لصلاح الدين يوسف بن أيوب، فساس الاَُمور
ودبّر لنفسه، فبذل الاَموال وأضعف العاضد باستنفاد ما عنده من المال، فلم يزل
أمرُهُ في ازدياد، وأمر العاضد في نقصان، واستبدَّ بالاَُمور ومنع العاضد من التصرّف
حتى تبيّـن للناس ما يريده من إزالة الدولة، إلى أن كان من واقعة العبيد ما كان
فأبادهم وأفناهم، و من حينئذٍ تلاشى العاضد وانحل أمره ولم يبق له سوى إقامة
ذكره في الخطبة، وتتبع صلاح الدين جُندَ العاضد، وأخذ دور الاَُمراء، وإقطاعاتهم،
فوهبها لاَصحابه، وبعث إلى أبيه وإخوته وأهله فقدموا من الشام عليه، وعزل قضاة
مصر الشيعة، واختفى مذهب الشيعة إلى أن نسي من مصر، وقد زاد المضايقات
على العاضد وأهل بيته، حتى مرض ومات، وعمره إحدى وعشرون سنة إلاّ عشرة
أيّام، وكان كريماً ليّـن الجانب مرّت به مخاوف وشدائد، وهو آخر الخلفاء
الفاطميين بمصر، وكانت مدّتهم بالمغرب، ومصر، منذ قام عبيد اللّه المهدي إلى
أن مات العاضد 272سنة، منها بالقاهرة 208 سنين فسبحان الباقي. (1)
1. المقريزي، الخطط: 1|358ـ 359 باختصار ، وابن خلكان: وفيات الاَعيان:3|109ـ 112،
والذهبي: سير اعلام النبلاء:15|207ـ215.





جناية التاريخ على الفاطميين




إنّ لكلّ دول ةأجلاً مسمّى، كما أنّ لطلوعها ونشوئها عللاً، كذلك لزوالها
وإبادتها أسباباً سنّة اللّه سبحانه الذي قد كتب على كلّأُمّة أمرَ زوالها وفنائها قال
سبحانه: "كُلّ مَنْ عَلَيْها فانٍ* وَ يَبْقى وَجْهُ رَبّكَ ذُو الجَلالِ وَ الاِِكْرام " (1)وقال
سبحانه: "ما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلد أفَإن متّ فَهُمُ الْخاِلدُون" . (2)




لا شكّ أنّكلَّ دولة يرأسها غيرُ معصوم لا تخلو من أخطاء وهفوات، بل من
جرائم وآثام، وربّما تنتابها بين آونة وأُخرى حوادث وفتن، تضعضع كيانها
وتشرفها على الانهيار.




ومع ذلك فالدولة الفاطميّة غير مستثناة عن هذا الخط السائد، فقد كانت
لديهم زلاّت وعثرات ومآثم وجرائم كسائر الدول.




إلاّ أنّهم قاموا بأعمال ومشاريع كبيرة لا تقوم بها إلاّالدولة الموَمنة باللّه
سبحانه وشريعته، كالجامع الاَزهر،ـ الذي ظل عبر الدهور يُنير الدرب لاَكثر من
ألف سنة ـ ، كما أنّهم أنشأوا جوامع كبيرة، ومدارس عظيمة مذكورة في تاريخهم،
وبذلك رفعوا الثقافة الاِسلامية إلى مرتبة عالية، وتلك الاَعمال جعلت لهم في
قلوب الناس مكانة عالية.




وممّا يدلّ على أنّ حكمهم لم يكن حكماً استبدادياً، ولم تكن سيرتهم على
سفك الدماء، أنّ البعضَ منهم تسلموا الخلافة وهم بين خمس سنين إلى عشر
سنين، فلوكانت حكومتهم حكومة ظالمة ومالكة للرقاب بالتعسف والظلم، لانهار
ملكهم منذ أوائل خلافتهم، ولم يدم ثلاثة قرون، وسط عدوّين شرسين، الخلافة
العباسيّة من جانب، والافرنج من جانب آخر.




غير أنّا نرى أنّ أكثر الموَرّخين يصوّرونهم كالفراعنة، وأنّهم فراعنة الاَعصار




1. الرحمن:26ـ27.




2. الاَنبياء:34.





الاِسلامية، كالقبطيين الذي كانوا فراعنة أعصارهم، لا لم يكونوا بهذه المثابة، كما
لم يكونوا نزيهين عن الآثام، خلطوا المحاسن بالمساوىَ، شأن كلّ ملك يحكم ،
وإن كانت محاسنهم أكثر من مساوئهم، فأظن أنّ ما كتبته أقلام السير والتاريخ كلّها
حدسيّات وتخمينات أخذوها من رماة القول على عواهنه، فيجب على القارىَ
دراسة سيرة الفاطميين من رأس وأخذها من معين صاف غير مشوب بالعداء.




والذي يدل على ذلك أنّ الفقيه عمارة اليمني كتب إلى صلاح الدين قصيدة
متضمنة شرح حاله وضرورته وسماها «شكاية المتظلم ونكاية المتألم» وهي
بديعة ورثى أصحاب القصر عند زوال ملكهم، بقصيدة لاميّة أجاد فيها. (1)




وعلى كلّ تقدير، فبعد وفاة الطيّب بن الآمر وخلافة الاَئمّة الاَربعة المتأخرة،
الحافظ، الظافر، الفائز ثمّ العاضد، دخلت الدعوة المستعلية بالستر وتوقفت عن
السير وراء الركب الاِمامي واتبعت نظام الدعاة مكان الاَئمّة.




إلى هنا تم بيان أئمة المستعلية، التي افترقت بعد المستنصر باللّه، وصارت
فرقة عظيمة معروفة بالبهرة، ولهم اليوم في الهند نشاطات، ومدارس ودعايات،
وهم يمسكون بكتبهم عن الغير ويبخلون بها.




إنّ الاِسماعيلية المستعلية انقسمت سنة 999هـ إلى فرقتين: داودية،
وسليمانية، وذلك بعد وفاة الداعي المطلق، داود بن عجب شاه، انتخبت مستعلية
كجرات داود بن قطب شاه خلفاً له، ولكن اليمانيين عارضوا ذلك وانتخبوا داعياً
آخراً، يدعى سليمان بن الحسن، ويقولون: إنّ داود قد أوصى له بموجب وثيقة ما
تزال محفوظة.




إنّ الداعي المطلق، للفرقة الاِسماعيلية المستعلية الداودية اليوم، هو طاهر
سيف الدين، ويقيم في بومباي ـ الهند ـ أمّا الداعي المطلق للفرقة المستعلية
السليمانية، فهو علي بن الحسين، ويقيم في مقاطعة نجران بالحجاز. (2)
1. ابن خلكان: وفيات الاَعيان:434.




2. عارف تامر: الاِمامة في الاِسلام:162.












/ 12