اصل الشیعة و اصولها نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

اصل الشیعة و اصولها - نسخه متنی

محمد حسین آل کاشف الغطاء

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


ت ـ أصل الشِّيعة واُصولها ( وهو الكتاب الماثل بين يدي القارئ الكريم ) .

ث ـ الفردوس الأعلى .

ج ـ الآيات البينات .

ح ـ جنة الماوى.

خ ـ التوضيح ( جزءان ، وقد تقدَمت الاشارة اليه ) .

د ـ مبادئ الايمان في الدروس الدينية .

ذ ـ نبذة من السياسة الحسينية .

ر ـ حاشية على كتاب الأسفار لملا صدر الدين رحمه الله تعالى
( مخطوط ).

ز ـ حاشية على العرشية ورسالة الوجود لملا صدر الدين رحمه الله
تعالى أيضاً ( مخطوط ) .

ص ـ حاشية على رسالة الوجود لصدر المتالّهين رحمه الله تعالى أيضاً
( مخطوط ).
2 ـ في السياسة والموعظة :

أ ـ المُثل العليا في الاسلام لا في بحمدون ( اشرنا اليه سابقاً،
فراجع ).

ب ـ المحاورة بين سفيرين .

ت ـ الميثاق العربي الوطني .

ث ـ خطبة الاتحاد والاقتصاد في الكوفة .

ج ـ الخطبة التاريخية في القدس .

ح ـ الخطب الأربع .


( 102 )


خ ـ خطبته في باكستان .
3 ـ في الفقه وأصوله :

أ ـ حاشية على كتاب التبصرة للعلاّمة الحلّي رحمه الله تعالى.

ب ـ المسائل القندهارية ( فارسي تُرجم إلى العربية وأُلحق بكتاب
الفردوس الاعلى ) .

ت ـ سؤال وجواب .

ث ـ وجيزة الأحكام .

ج ـ زاد المقلِّدين ( فارسي ) .

ح ـ الأرض والتربة الحسينية .

خ ـ حاشية على سفينة النجاة لأخيه الشيخ الفقيه أحمد كاشف الغطاء
رحمه الله تعالى .

د ـ حاشية على كتاب العروة الوثقى للسيِّد محمَّد كاظم اليزدي رحمه
اللهّ تعالى .

ذ ـ مناسك الحج ( عربي وفارسي ) .

س ـ تحرير المجلة ( خمسة أجزاء ، فقه مقارن ) .

ش ـ حاشية على مجمع الرسائل ( فارسي مطبوع مع حواشي السيِّد
البروجردي رحمه الله تعالى ) .

ر ـ شرح العروة الوثقى ( خمسة مجلدات ، مخطوط ) .

ز ـ تنقيح الأصول ( مخطوط ) .

س ـ رسالة في الجمع بين الأحكام الظاهرية والواقعية ( مخطوط ).

ش ـ حاشية على مكاسب الشَّيخ مرتضى ـ الأنصاري رحمه الله تعالى
( مخطوط ).


( 103 )

ص ـ حاشية على القوانين ( مخطوط ) .

ض ـ مجموعة الفتاوى ( مخطوط ) .

ط ـ حاشية على الكفاية للآخوند الخراساني رحمه تعالى ( مخطوط ) .

ظ ـ رسالة في الاجتهاد والتقليد ( مخطوط ) .

ع ـ حاشية على رسائل الشَّيخ الأنصاري رحمه الله تعالى ( مخطوط ) .
4 ـ في الأدب والتفسير وغيرهما ( وأكثرها لا زال مخطوطاً ) :

أ ـ مغني الغواني عن الأغاني ( مختصر كتاب الأغاني ).

ب ـ نزهة السمر ونهزة السفر ( عن رحلته الأولى إلى سوريا ومصر ) .

ت ـ ديوان شعره الذي أسماه : الشعر الحسن من شعر الحسين .

ث ـ تعليقات على أمالي السيِّد المرتضى رحمه الله تعالى .

ج ـ تعليقات على كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة .

ح ـ مجموعتان من المنتخبات الشِّعرية .

خ ـ منتخبات من الشعر القديم .

د ـ عقود حياتي ( ترجمة حياة المؤلِّف بقلمه ) .

ذ ـ صحائف الأبرار في وظائف الأسحار.

ر ـ جنَّة الماوى .

ز ـ رسالة عن الاجتهاد عند الشِّيعة .

س ـ تعليقات على كتاب الوجيز في تفسير القرآن العزيز.

ش ـ تعليقات على نهج البلاغة ، ونقود على بعض شروحات الشَّيخ
محمَّد عبده له .

ص ـ تعليق على كتاب الفتنة الكبرى للدكتور طه حسين .

ض ـ تعريب كتاب فارسي هيئة .


( 104 )

ط ـ تعريب كتاب حجة الشهادة .

ظ ـ تعريب وتلخيص رحلة ناصر خسرو المشهورة .

ع ـ كتاب في استشهاد الامام الحسين عليه السلام .

غ ـ العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ، في تاريخ عائلة ال
كاشف الغطاء ، وعلماء النجف ، وتاريخها الحديث.

هذا عدا ما كان ينشره في الصحف والمجلات من المقالات
والمباحث المختلفة التي يصعب حصرها .


( 105 )

وفاته :

اُصيب الشَّيخ كاشف الغطاء رحمه الله تعالى في أواخر سني عمره
الشَّريف بمرض عجز انذاك الأطباء عن ايجاد العلاج له ، وخصوصاً في عمره
الذي تجاوز السبعين عاماً ، وهو التهاب المجاري البولية ، فانتقل إلى مدينة بغداد
للمعالجة في مستشفى الكرخ الذي يشرف فيه على علاجه حذّاق الأطباء ،
وكبار المتخصِّصين ، بيد أنَّ ادنى تحسُّن لم يطرأ على حالته الصحية التي
بدت وكأنَّها تسوء يوماً بعد يوم .

وبعد اقامة قاربت من الشهر الواحد في تلك المستشفى ، شد الشَّيخ
رحاله للاستجمام في قرية كرندا الجبلية الواقعة في الأراضي الايرانية
الحدودية ، بين خانقين وكرمانشاه ـ وكان رحمه الله تعالى قد حلَّ فيها مصطافاً
في صيف عام (1366هـ ) ـ ولكن المنية عاجلته فيها ، فتوفي بعد صلاة
الفجر من يوم الاثنين الثامن عشر من شهر ذي القعدة عام (1373 هـ)
الموافق لليوم التاسع عشر من شهر تموز عام (1954 م ) .

وكان يوم وفاته رحمه الله تعالى يوماً مشهوداً ، حيثما ما أنْ اُشيع خبر
وفاته ـ الذي تناقلته محطات الاذاعة في معظم انحاء العالم ـ حتى انهالت
جموع الناس المفجوعين من انحاء ايران نحو تلك القرية الصغيرة التي
غصت بجموع المعزِّين الوافدين اليها على حين غرة .

ولم يلبث الجثمان الطاهر للشَّيخ كاشف الغطاء أنْ حُمل صوب
الأراض العراقية عبر حدودها التي تقاطر عليها الكثير من الناس بشتى
طبقاتهم ، يتقدمهم العديد من كبار رجال الدولة آنذاك .

فحُمل جثمانه رحمه الله تعالى نحو مدينة بغداد ، ومنها إلى مدينة
الكاظمية المقدسة ، فمدينة كربلاء المقدسة ، لينتهى به في مدينة النجف


( 106 )

الأشرف ، وبالتحديد في بقعة وادي السلام ، حيث مقبرته الخاصة التي
أعدها بنفسه لأن تكون محطته الأخيرة في هذه الدنيا الفانية . . . رحمه الله
تعالى برحمته الواسعة ، وأسكنه فسيح جنّاته ، وجزاه عن جميع المسلمين
أفضل وأحسن الجزاء ، انه نعم المولى ونعم النصير(1).

____________


(1) اعتمدنا في اعداد هذه الترجمة الخاصة بحياة الشيخ كاشف الغطاء على جملة من المراجع
أهمها : مقدمة جامع ومرتَب كتاب ( جنة المأوى ) للشيخ كاشف الغطاء ، وهو السيّد محمد
علي الطباطبائي . مقدمة جامع وناشر كتاب الشَيخ الموسوم بـ ( في السياسة والحكمة ) وهو
ولده عبدالحليم آل كاشف الغطاء . مقدمة الطبعة الثامنة لكتابنا ـ نشر المطبعة الحيدرية
في النجف الاشرف ( 1389هـ ـ 1969م ) ـ بقلم كاظم المظفر. كتاب ( محاورة مع
السفيرين البريطاني والأمريكي ) نشر المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف (1373هـ ـ
1954 م).


( 107 )

عملنا في هذا الكتاب :

لم تكن تجاربي السّابقة في الكتابة والتحقيق ـ رغم بساطتها وقلَّة
شأنها ـ لتمنحني ذلك الشعور باللذة والتفاعل والاندفاع والحرص على
تقديم الأفضل ـ شغفاً بالكتاب ، واعتزازاً وتقديراً له ولمؤلِّفه ، لا بحثاً عن
الاشادة والتقدير ـ قدر ما كان يرافقني ذلك طيلة الأشهر المتواصلة التي امتد
على طولها عملي في تحقيق هذا الكتاب .

وحقاً أقول : إنَّ المرء لتنتابه الغبطة العارمة ، والسعادة البالغة وهو يجد
عياناً جهوده التي أنفقها في انجاز عمل ما تتجسد بشكل واضح على أرض
الواقع والحقيقة ، بعد فترة طويلة من الترقُّب والانتظار ، والمتابعة والسعي ،
وهو سمة ثابتة يتفق في تحسسها جميع المؤلِّفين والمحققين في كلَ مكان
وزمان ، بيد أنَ تلك الغبطة والمسرة تكون أشد وأكثر حدة وتصاعداً في
الأعمال التي يتفاعل معها المرء تفاعلاً روحياً ، وينشد اليها انشداداً نفسياً ،
فتبدو في ناظره أمنية عزيزة ، ورغبة غالية ، وذلك هو عين تعاملي مع هذا
السفر الجليل الماثل بين يدي القارئ الكريم .

نعم ، فعندما شرعت بتحقيق هذا الكتاب حاولت قدر الامكان ـ بعد
التّوكُّل على الله تعالى والاستعانة به ـ اخراج هذا الكتاب بالحلَّة التي ينبغي
أنْ يتشح بها ، والتي ينبغي أنْ تتناسب وأهميته ، وشهرته التي طبق صيتها
الآفاق ، لادراكي بأنَّ هذا الكتاب لا يصنَّف قطعاً ضمن المؤلَفات التي تُقتنى
لتزيَّن بها المكتبات من قِبل البعض فحسب ، بل إنَّ له وجوداً يفرض على
الجميع مطالعته وقراءته ، من شيعي مستزيد وهبه الله تعالى حرصاً على
البحث والمطالعة ، الى آخر لا يدري ما التشيُّع وما الشِّيعة ، وبين الاثنين
تندرج جماعات متفاوتة المذاهب والمشارب .


( 108 )

ولا اُخفي على القارئ الكريم بأنَّ النسخ المطبوعة المتداولة لهذا
الكتاب ، والتي بلغت طبعاتها العشرات ـ وأخص منها العربية التي أمكنني
مطالعتها ، ونتيجة سعي الكثير من دور النشر للحصول على الربح المادي
دون الاعتناء بمادة الكتاب ، وذلك أمر شائع ومعروف ـ وجدتها مليئة
بالأخطاء والتصحيفات والسقوطات المخلَّة بشكل بيَّن بمادة الكتاب ،
وبأهميته ، والتي كان يزيدها سوءاً اعتماد بعض الدور في اعادة طبعها لهذا
الكتاب على تلك النسخ المغلوطة ، فتتكرر الأخطاء وتتضاعف ، وتتعاظم
الحاجة وتتأكَّد في وجوب تحقيق هذا الكتاب وضبط متنه .

ومن هنا فقد كان همي الأوَّل اخراج متن صحيح وسالم لهذا الكتاب ،
وأنْ يكون قدر الأمكان قريب من النموذج الأصلي الذي كتبه مؤلِّفه رحمه الله
تعالى ، فكان لا بُدَّ لي من الحصول على جملة من النسخ المطبوعة التي
تبدو أقرب من غيرها الى ، الصحة ، ولأماكن مختلفة ، فوفَّقني الله تبارك وتعالى
في الحصول ثلاثة نسخ مطبوعة في العراق وإيران ولبنان ، ولدور نشر متفرقة ،
تبين لي بعد المطالعة والاستقراء أنَّ أصحهنَّ هي نسخة المطبعة الحيدرية
في النجف الأشرف ، والمطبوعة في عام ( 1389هـ ـ 1969م ) فاعتبرتها
النسخة الأم ، رغم عدم خلوها من الأخطاء المطبعية التي لا تخفى المطالع
المتفحِّص ، والقارئ المتمرِّس ، وذلك أمر يكاد لا يخلو منه أي كتاب .

ومن هنا فانِّي بعد مقابلتي لتلك النسخة الأم مع النسختين الأخريتين
اللتين اعتمدتهما كمساعدتين لتلك النسخة ـ والتي طبعت احداهما في
ايران ، وهي طبعة دار القرآن الكريم ( الطبعة الثالثة ، عام 1410 هـ )
والأخرى في بيروت ، وهي طبعة دار الأعلمي ( الطبعة الرابعة ، عام 1402
هـ ) ـ عمدت إلى ضبط النص قدر الامكان ، باعتماد النسخ المذكورة ، أو
باجتهاد مني عند قناعتي بعدم صحة ما جاء في تلك النسخ ، مع اشارتي إلى


( 109 )

ذلك في الهامش ، أو وضع ما ارتأيت اضافته في المتن لتصحيح السياق بين
معقوفين .

ثم اني وبعد انتهائي من تصحيح النص وضبطه شرعت بانجاز
الأعمال الأخرى المكمِّلة للتحقيق ، كالتخريج ، والتعليق ، والشرح وغيرها ،
وبالقدر الذي مكنني الله تعالى عليه ، ووجدت أنَّه من ضروريات التحقيق .

كما انَي وأثناء عملي في هذا الكتاب وجدت أنَّ الشَّيخ رحمه الله
تعالى قد أورد جملة واسعة من الأعلام ، لعلَّ العديد منهم غير معروفين لدى
الكثير من القرّاء ، رغم كونهم كانوا يُعدون من فضلاء العلماء ، وفطاحل
الشُعراء ، وكبار الأدباء ، وعظماء رجال السياسة والدولة في تلك الأزمنة
الغابرة والمطوية ، فابتغيت تقديم خدمة اضافية للقرّاء الكرام من خلال
ترجمتي المختصرة المعرِّفة بشكل ما لاولئك الأعلام ، والذين أورد الشيخ
اكثرهم على اعتبارهم من رجال الشِّيعة ووجهائهم ، وألحقت ذلك في آخر
الكتاب .

ثم لم أجد بُداً من أن أُلحق الكتاب بجملة من الفهارس الفنية التي
أصبحت في وقتنا الحاضر من الضروريات التي لا ينبغي ان تخلو منها
الكتب المحققة ، وبشتى تصانيفها ، واختلاف أبوابها .

وأخيراً أقول : لقد حرصت في عملي هذا على أنْ اُقدم للمكتبة
الاسلامية كتاباً محققاً صحيحاً لأحد أعلام الطائفة الكبار ، وبذلت في سبيل
ذلك جهداً كبيراً ، وزمناً طويلاً ـ مبتغياً الأجر من الله تعالى والمثوبة على
عمل قصدت فيه خدمة هذا الدين المبارك العظيم الذي جاء به نبينا الكريم ،
ورحمة الله تعالى المهداة إلى العالمين ، الرسول المصطفى محمد بن
عبدالله صلى الله عليه وآله وسلّم ـ ولكن ذلك لا يحول دون سهو القلم ،
وشطحات الأفكار ، ولذا فاني أستميح سادتي العلماء ، وأساتذتي الكرام ،


( 110)

وزملائي المحققين العذر عند الكبوات والعثرات ، والأخطاء والزلات ، عسى
البارئ جلَّ اسمه أنْ يوفِّقنا لتقديم ما هوأكمل وأصح ، إنَّه الموفِّق لكلِّ خير.
شكر وتقدير :

لم يسعني وأنا أُقدِّم هذا الكتاب النفيس بين يدي القارئ الكريم إلا
أنْ اُشيد بمن مد لي يد العون وبأي شكل ما في اخراجه بهذه الحلَّة الجديدة
القشيبة.

نعم ، فإذا كان الفضل أوَّلاً وآخراً لله تبارك وتعالى ، فإنَّه جل اسمه
يوفَق البعض من عباده إلى مد يد العون والمساعدة للآخرين ، فتطوق
أفضالهم تلك الأعناق بالجميل والمنة التي لا يسع أحد إلا الاشادة بها
وشكرها ، ولعلَّ لمؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث اليد الطولى ،
والفضل الأكبر في انجازي لهذا العمل ، وأخص بالذات عميدها سماحة
السيِّد جواد الشهرستاني حفظه اللهّ تعالى ، الذي أتاح لي بكرمه المعهود
الاستفادة من الخدمات المتيسرة في مؤسسته العامرة التي أتشرَّف بالانتساب
اليها .

كما واخص بجزيل الشكر والامتنان مؤسسة الامام علي عليه السّلام
لتفضلها بنشر هذا الكتاب الذي جعلته باكورة أعمالها المباركة في هذا
المضمار المقدس .

ثم لا يسعني أخيراً تجاوز الاشارة إلى مدى الفضل الكبير والمتواصل
لزوجتي الطيبة الوفية التي كانت نعم العون لي في انجاز جميع أعمالي ،
ومنها هذا العمل .


( 111)

وفَّقنا الله تعالى وإياهم لما فيه رضاه ، انه نعم المولى ونعم النصير ،
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين ، وصلّى الله على محمَّد وعلى أهل
بيته الطيبين الطاهرين .

عـلاء آل جـعـفـر

ربـيـع الأول 1415 هـ



( 112)


( 113)






تأليف

الامام المصلح

الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء

المتوفى سنة 1373 هـ



تحقيق

عَـلاء آل جَـعـفـر



مؤسسة الامام علي عليه السلام




( 114)


( 115)



« مقدمة الطبعة الثانية »

بقلم المؤلَف




كيف يتحد المسلمون؟


أو كلمة في الاصلاح لا بد منها



( وَاعْتَصمُوا بِحَبْلِ الله جَميعاً وَلا تَفَرَقُوا )
(1)


لم يبق ذو حس وشعور في شرق الارض وغربها ، إلا وقد احسَّ
وشعر بضرورة الاتحاد والاتفاق ، ومضرَّة الفرقة والاختلاف ، حتى أ صبح
هذا الحس والشعور أمراً وجدانياً محسوساً يحسُّ به كلُّ فرد من المسلمين ،
كما يحسُّ بعوارضه الشخصية مِنْ صحته وسقمه ، وجوعه وعطشه ، وذلك
بفضل الجهود التي قام بها جملة من أفذاذ الرجال المصلحين في هذه
العصور الأخيرة ، الذين أهابوا بالمجتمع الاسلامي ، وصرخوا فيه صرخة
المعلِّم الماهر ، وتمثَّلوا للمسلمين بمثال الطبيب النطاسي (2) الذي شخص
الداء وحصر الدواء ، واصاب الهدف بما عيَّن ووصف ، وبعث النفوس بعثاً

____________


(1) آل عمران 3 : 103.

(2) النطاس : للعالم الحاذق بالطب والخبير به .


اُنظر : القامرس المحيط 2 : 254 .


( 116)

حثيثاً ، وشوَّقها إلى استعمال الدواء لقطع مادة ذلك الداء الخبيث ، والعلل
والأمراض المهلكة ، قبل أنْ تقضي على هذا الجسد الحي ، فيدخل في خبر
كان ، ويعود كأمس الدابر.

صرخ المصلحون فسمع المسلمون كلّهم عظيم صرخاتهم بأنَّ داء
المسلمين تفرُّقهم وتضارب بعضهم ببعض ، ودواؤهم ـ الذي لا يصلح
آخرهم إلا به كما لا يصلح إلا عليه أولهم ـ ألا وهو الاتفاق والوحدة ، ومؤازرة
بعضهم لبعض ، ونبذ التشاحن ، وطرح بواعث البغضاء والأحن والاحقاد
تحت اقدامهم ، ولم يزل السعي لهذا المقصد السامي ، والغرض الشريف
إلى اليوم دأب رجالات أنار الله بصائرهم ، وشحذ عزائمهم ، وأشعل جذوة
الاخلاص لصالح هذه الاُمَّة من وراء شغاف افئدتهم ، فما انفكُّوا يدعون إلى
تلك الوحدة المقدسة « وحدة أبناء التوحيد » وانضمام جميع المسلمين تحت
راية « لا إله إلا الله محمَّد رسول الله » من غير فرق بين عناصرهم ، ولا بين
مذاهبهم .

يدعون إلى هذه الجامعة السامية ، والعروة الوثقى ، والسبب المتين
الذي أمر الله تعالى بالاعتصام به ، والحبل القوي الذي امر الله عزَّ وجلَّ به
أنْ يُوصل ، يدعون اليها لأنَّها هي الحياة ، وبها النجاة للامَّة الاسلامية ، وإلا
فالهلاك المؤبَّد ، والموت المخلَّد .

اُولئك دعاة الوحدة ، وحملة مشعل التوحيد ، اُولئك دعاة الحقِّ ،
وأنبياء الحقيقة ، ورسل الله إلى عباده في هذا العصر ، يجدِّدون من معالم
الاسلام ما درس ، ويرفعون من منار المحمَّدية ما طمس ، وكان بفضل تلك
المساعي الدائبة ، والجهود المستمرة من اُولئك الرجال ( وقليلٌ ما هم ) قد
بدت بشائر الخير ، وظهرت طلائع النجاح ، ودبَّت وتسرَّبت في نفوس
المسلمين تلك الروح الطاهرة ، وصار يتقارب بعضهم من بعض ، ويتعرَّض


( 117 )

فريق لفريق ، وكان أول بزوغ تلك الحقيقة ، ونمو لبذر تلك الفكرة ، ما حدث
بين المسلمين قبل بضعة أعوام في المؤتمر الاسلامي العام في القدس
الشريف (1)، من اجتماع ثلة من كبار المسلمين ، وتداولهم في الشؤون
الاسلامية ، وتبادل الثقة والاخاء فيما بينهم ، على اختلافهم في المذاهب
والقومية ، وتباعد اقطارهم وديارهم ، ذلك الاجتماع الذي هو الأول من نوعه
والوحيد في بابه ، الذي علق عليه سائر المسلمين الأمال الجسام ، فكان قرة
عين المسلمين ، كما كان قذى عيون المستعمرين ، والذي حسبوا له الف
حساب ، واوصدوا دونه ـ حسب امكانهم ـ كلَّ باب ....

ولكن على رغم كلِّ ما ا قام به اُولئك الاعلام من التمهيدات لتلك
الغاية ، وما بذلوه من التضحيات والمفادات في غرس تلك البذرة ، وتعاهدها
بالعناية والرعاية ، حتى تثمر الثمر الجني ، وتأخذ حظَّها من الرسوخ والقوة ،

____________


(1) كان ذلك في عام 1350هـ ، وللقارئ الكريم أنْ يرى الحالة التي آلت اليها أوضاع
المسلمين في أيامنا هذه ، وكيف أمسى ما كان يخجل البعض أو يخشى حتى من مجرد
الهمس به في أضيق الحدود قضية تتناقلها العديد من وسائل الاعلام الاسلامية ، وتطبِّل لها
دون أي خجل أوحياء ، بل وتجدها عبارات فضفاضة تتردد على شفاه العديد من الرموز التي
طالما تبجحت بصلف ، وادعت زوراً بانها أولى من غيرها في التصدي لرفع راية الجهاد
والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المظلوم ، وأن هذا الحق المنصوب لا بد وأنْ يُستعاد
يوماً وبايديهم وبنادقهم ، هم لا أحد سواهم ، وأنَ القدس لا بد وأنْ تعود للمسلمين كما
كانت ، طاهرة مطهرة ، لا وصاية لليهود عليها ، ولا تدوس أرضها الطيبة أقدامهم القذرة
النجسة . . . فاين هذه العبارات القاطعة والحدية ممّا نراه ونسمعه هذه الأيام من مظاهر الذلة
والاستكانة والخضوع ، والتسابق المحموم في مد جسور العلاقة مع الصهاينة المغتصبين
الذين لم تجف أيديهم بعد من دماء المسلمين ، ولم ولن تنتهي أحلامهم المريضة ببناء
دولتهم المزعومة من النيل الى الفرات . . . ! ! فلا يعدوهذا الجريان نحو
السَّلام الموعود قبال الأرض إلا وهم محض ، واسترخاء كاذب ، واستسلام عجيب أمام
استشراء داء السرطان الخبيث في جسد هذه الاُمة المبتلاة بالعديد من الرموز الخائنة ، ورحم
الله تعالى شيخنا كاشف الغطاء ، فما تراه قائلاً لو سمع ما نسمع ، ورأى ما نرى ؟


( 118 )

لا نزال نحن ـ معاشر المسلمين ـ بالنظر العام نتعلَّق بحبال الامال ، ونكتفي
بالأقوال عن الاعمال ، وندور على دوائر الظواهر والمظاهر ، دون الحقائق
والجواهر ، ندور على القشور ولا نعرف كيف نصل إلى اللب ، على العكس
مما كان عليه أسلافنا ، أهل الجدِّ والنشاط ، أهل الصدق في العمل قبل
القول ، وفي العزائم قبل الحديث ، تلك السجايا الجبارةِ التي اخذها عنهم
الاغيار فسبقونا ، وكان السبق لنا ، وكانت لنا الدائرة عليهم فأصبحت علينا
تلك ( سُنَّةَ الله في الَّذينَ خَلَوا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً ) (1).

نحن نحسب أنَّنا إذا قلنا : قد اتحدنا وَاتفقنا ، وملأَنا بتلك الكلمات
لهواتنا وأشداقنا ، وشحنا بها صحفنا وأوراقنا ، نحسب بهذا ومثله يحصل
الغرض المهم من الاتحاد ، ونكون كاُمة من الأُمم الحيَّة التي نالت بوحدتها
عزَّها وشرفها ، وأخذت المستوى الذي يحقُّ لها . ولذلك تجدنا لا نزداد إلا
هبوطاً ، ولا تنال مساعينا إلا إخفاقأً وحبوطاً ، لا تجد لأَقوالنا واعمالنا اثراً ، إلا
اننا نأنس بها ساعة سماعنا لها وما هي بعد ذلك إلا ( كَسَراب بَقيعَةٍ يَحْسَبهُ
الظَمآنُ ماءً حتى إذا جَاءَ ه لَمْ يَجدْه شَيْئاً
)(2).

ويستحيل لو بقي المسلمَون على هذا الحال أنْ تقوم لهم قائمة ، أو
تجتمع لهم كلمة ، أو تثبت لهم في المجتمع البشري دعامة ، ولو ملئوا
الصحف والطوامير ، وشحنوا أرجاء الارض وآفاق السماء بألفاظ الاتحاد
والوحدة ، وكلّ ما يُشتق منها ويرادفها ، بل ولو صاغوا سبائك الخطب منها
باساليب البلاغة ، ونظموا فيها عقود جواهر الابداع والبراعة ، كلُّ ذلك لا
يجدي إذا لم يندفعوا إلى العمل الجدي ، والحركة الجوهرية ، ويحرِّروا

____________


(1) الاحزاب 33 : 62 .

(2) النور 24 : 39 .



( 119 )

أخلاقهم وملكاتهم ، ويكبحوا جماح أهوائهم ونفوسهم ، بارسان (1) العقل
والروية ، والحنكة والحكمة ، فيجد كلُ مسلم أنَّ مصلحة أخيه المسلم هي
مصلحة نفسه ، فيسعى لها كما يسعى لمصالح ذاته ، ذلك حيث ينزع الغل
من صدره ، والحقد من قلبه ، وينظر كلٌّ من المسلمين الى الآخر ـ مهما
كان ـ نظر الاخاء لا نظر العداء ، وبعين الرضا لا بعين السخط ، وبلحاظ
الرحمة لا الغضب والنقمة .

ذاك حيث يحس بوجدانه ، ويجد بضرورة حسه ، أنَّ عزَّه بعزِّ اخوانه ،
وقوَّته بقوَّة أعوانه ، وأنَّ كلَّ واحد منهم عون للآخر . . فهل يتقاعس عن تقوية
عونه ، وتعزيز عزِّه وصونه . . ؟

كلا ، ثم إذا كان التخلُّق بهذا الخلق الشريف عسيراً لا يُنال ، وشأواً
متعالياً لا يُدرك ، ولا يستطيع المسلم أنْ يُواسي أخاه ألمسلم ، وأنْ يُحب لأخيه
المسلم ما يُحب لنفسه ، وأنْ يجد أنَّ صلاحه بصلاح اُمَّته ، وعزه بعزَّة قومه ،
فلا أقل من التناصف والتعادل ، والمشاطرة والتوازن ، فلا يجحد المسلم
لأخيه حقَّاً ، ولا يبخسه كيلاً ، ولا يطفِّف له وزناً . .. والاصل والملاك في
كلِّ ذلك : اقتلاع رذيلة الحرص ، والجشع ، والغلبة ، والاستئثار ، والحسد ،
والتنافس . فإنَّ هذه الرذائل سلسلة شقاء ، وحلقات بلاء ، يتصل بعضها
ببعض ، ويجر بعضها إلى بعض ، حتى تنتهي إلى هلاك الاُمة التي تتغلغل
فيها ، ثم تهوي بها إلى أحط مهاوي الشقاء والتعاسة .

والبذرة الأولى لكلٍ من تلك الثمار الموبوءة هو : حب الاثرة . وقد
قيل : الاستئثار يُوجب الحسد ، والحسد يُوجب البغضاء ، والبغضاء تُوجب

____________


(1) مفردها الرسن ، وهو الحبل .


أنظر : الصحاح ـ رسن ـ 5 : 2123 .

( 120 )

الاختلاف ، والاختلاف يُوجب الفرقة ، والفرقة تُوجب الضعف ، والضعف
يُوجب الذل ، والذلًّ يوجب زوال الدولة ، وزاول النعمة ، وهلاك الاُمة . . .
والتأريخ يحدِّثنا ، والعيان والوجدان يشهدان لنا شهادة حقٍ : أنَّه حيث تكون
تلك السخائم والمآثم ، فهناك : فناء الأمم ، وموت الهمم ، وفشل العزائم ،
وتلاشي العناصر . هناك : الاستعباد والاستعمار ، والهلكة والبوار ، وتغلُّب
الاجانب ، وسيطرة العدو . . .

أمّا حيث تكون الآراء مجتمعة ، والاهواء مؤتلفة ، والقلوب متآلفة ،
والايدي مترادفة ، والبصائر متناصرة ، والعزائم متوازرة ، فلا القلوب
متضاغنة ، ولا الصدور متشاحنة ، ولا النفوس متدابرة ، ولا الأيدي متخاذلة ،
فهناك : العزُّ والبقاء ، والعافية والنعماء ، والقهر والقوة ، والملك والثروة ،
والكرامة والسطوة ، هناك يجعل الله لهم من مضائق البلاء فرجاً ، ومن حلقات
السوء مخرجاً ، ويبدلهم العزَّ مكان الذلِّ ، والأمن مكان الخوف . فيصبحوا
ملوكاً حكّاماً ، وأئمة أعلاماً .

وليعتبر المسلمون اليوم بحال آبائهم بالامس ، كيف كانوا قبل الاسلام
إخوان وبر ودبر ، وأبناء حل وترحال ، أذل الاُمم داراً ، واشقاهم قراراً ، لا جناح
دعوة يأوون إلى كنفها ، ولا ظل وحدة يستظلّون بفيئها ، في أطواق بلاء ،
وإطباق جهل ، من نيران حرب مشبوبة ، وغارات مشنونة ، إلى بنات موؤدة ،
وأصنام معبودة ، وأرحام مقطوعة ، ودماء مهدورة(1) .

____________


(1) لعلَ أبلغ الوصف وأروعه في رسم الصورة الحياتية التي كان عليها العرب قبل مبعث
رسول الله صلّى الله عليه وآله ، ما نُقل عن سيد البلغاء والمتكلَمين علي بن أبي طالب
عليه السَلام ، حيث قال : إنْ الله تعالى بعثَ محمداً صلّى الله عليه وآله نذيراً َللعالمين ،
وأميناً على التنزيل ، وأنتم معشرَ العرب على شر دين ، وفي شر دارٍ ، مُنيخونَ بين حجارةً
خُشنِ ، وحياتٍ صُمٍّ ، تشربونَ الكَدِرَ ، وتأكلونَ الجشبَ ، وتسفكونَ دماءكم ، وتقطعون
أرحامَكم . الاصنامُ فيكم منصوبة ، والأثام بكم معصوبة . . . الخ ( الخطبة 26 ) .


( 121 )

ثم كيف أصبحوا بعد أنْ جمع الله بالإسلام كلمتهم ، وعقد بدين
التوحيد وحدتهم ، ونشر على دعوة الحقِّ رايتهم . هنالك نشرت الرحمة
عليهم جناح كرامتها ، وأسالت لهم جداول نعيمها ، حتى تربَّعت الايام بهم
في ظل سلطان قاهر ، واوتهم الوحدة إلى كنف عزِّ غالب ، وتعطَفت الاُمور
عليهم في ذرى ملك ثابت . فما عتموا أنْ أصبحوا ـ بعد ذلك الذلِّ وتلك
الهنّات ـ حكاماً على العالمين ، وملوكاً في أطراف الارضين ، يملكون الاُمور
على من كان يملكها عليهم ، ويُمضون الاحكام فيمن كان يُمضيها فيهم . لا
تُغمز لهم قناة ، ولا تُقرع لهم صفات . . . ذاك يوم كان للمسلمين وحدة
جامعة ، واُخوة صادقة . يوم كانوا متحدين بحقيقة الوحدة وصحيح الاخاء .
يوم كانت مصالح المسلمين مشتركة ، ومنافعهم متبادلة ، وعزائمهم متكافلة ،
ولا يجد المسلم من أخيه فيما يهمه إلا كلَّ نصر ومعونة ، ورعاية وكفاية .

ثم دارت الدوائر ، ودالت الايام والايام دول ، وأصبح المسلم لا يجد
من أخيه القريب ـ فضلاً عن البعيد ـ إلا القطيعة ـ بل الوقيعة ـ ولا يرتقب منه
إلا المخاوف ـ بل المتالف ـ ولا يحذر من عدوه الكافر أكثر من حذره من
أخيه المسلم ، فكيف يُرجى ـ وحال المسلمين هذه ـ أنْ تقوم لهم قائمة ، أو
تُشاد لهم دعامة .

وهيهات أنْ يسعدوا ما لم يتحدوا ، وهيهات أنْ يتحدوا ما لم
يتساعدوا . . . فيا أيُّها المسلمون لا تبلغون الاتحاد الذي بلغ به اباؤكم ما
بلغوا بتزويق الالفاظ ، وتنميق العبارات ، أو نشر الخطب والمقالات ،
وضجيج الصحف وعجيج الاقلام . . . ليس الاتحاد الفاظاً فارغة ، واقوالاً
بليغة وحِكَماً بالغة مهما بلغت من أوج البلاغة ، وشأو الفصاحة . . . ملاك
الاتحاد ، وحقيقة التوحيد هنا : صفاء نية ، واخلاص طوية ، واعمال جد
ونشاط .


( 122 )

الاتحاد سجايا وصفات ، وأعمال وملكات ، ملكات راسخة ، وأخلاق
فاضلة ، وحقائق راهنة ، ونفوس متضامنة ، وسجايا شريفة ، وعواطف كريمة .
الاتحاد أنْ يتبادل المسلمون المنافع ، ويشتركوا في الفوائد ، ويأخذوا
بموازين القسط ، وقوانين العدل ، ونواميس النصف . فإذا كان في قطر من
الاقطار كسوريا والعراق طائفتان من المسلمين أو أكثر فالواجب أنْ يفترضوا
جميعاً أنفسهم كأخوين شقيقين قد ورثا من أبيهما داراً أو عقاراً فهم يقتسمونه
عدلاً ، ويوزعونه قسطاً ، ولا يستأثر فريق على آخر فيستبد عليه بحظه ، ويشح
عليه بحقه ( وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأولئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ )(1) فتكون المنافع
عامَّة ، والمصالح في الكلَ مشاعة ، والاعمال على الجميع موزَّعة .

وليس معنى الوحدة في الاُمة أنْ يهضم أحد الفريقين حقوق الاخر
فيصمت ، ويتغلَب عليه فيسكت . ولا من العدل أنْ يُقال للمهضوم إذا طالب
بحقِ ، أو دعا إلى عدل : انَك مُفرِّق أو مشاغب ، بل ينظر الاخرون إلى
طلبه ، فإنْ كان حقاً نصروه ، وإنْ كان حيفاً ارشدوه وأقنعوه ، وإلا جادلوه
بالتي هي أحسن ، مجادلة الحميم لحميمه ، والشقيق لشقيقه ، لا بالشتائمِ
والسباب ، والمنابزة بالألقاب ، فتحتدم نار البغضاء بينهما حتى يكونا لها معاً
حطباً ويصبحا معاً للأجنبي لقمة سائغة ، وغنيمة باردة .

وقد عرف اليوم حتى الأبكم والاصم من المسلمين أنَّ لكلِّ قطر من
الاقطار الاسلامية حوتاً من حيتان الغرب ، وأفعى من أفاعي الاستعمار فاغراً
فاه لالتهام ذلك القطر وما فيه . . . أفلا يكفي هذا جامعاً للمسلمين ،
ومؤجِّجاً لنار الغيرة والحماس في عزائمهم ، أفلا تكون شدة تلك الآلام وآلام
تلك الشدة باعثة لهم على الاتحاد وإماتة ما بينهم من الاضغان والاحقاد ،

____________


(1) الحشر 59 : 9 ، والتغابن 64 : 16 .



/ 18