موسوعة التاریخ الإسلامی جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة التاریخ الإسلامی - جلد 2

محمد هادی الیوسفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


سـبحانه : ( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل اللّه اموات بل احيا ولكن لا تشعرون ولنبلونكم بشي من
الـخـوف والـجـوع ونـقـص مـن الاموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين الذين اذا اصابتهم
مـصـيبة قالوا انا للّه وانا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون
) «390» فقد نقل الطبرسي في « مجمع البيان » عن ابن عباس انها نزلت في قتلى بدر , كانوا
يـقـولون : مات فلان فانزل اللّه تعالى هذه الاية , وقدقتل يومئذ من المسلمين اربعة عشر رجلا :
سـتة من المهاجرين , وثمانية من الانصار «391» وعليه فهذا اول بيان بهذه الفكرة : فكرة حياة
الـشـهـدا , مـع اول عـددمـن الـشـهـدا في اول غزوة مصيرية بينهم وبين مشركي مكة عاصمة
الشرك والوثنية ولعلهم لذلك سموا شهدا اي هم شهود حضور.

امـا الايـة التالية : ( ان الصفـا والمروة من شعائر اللّه فمن حج البيت او اعتمرفلا جناح عليه ان
يطوف بهما ومن تطوع خيرا فان اللّه شاكر عليم ) «392» .

فـقـد روى العياشي في تفسيره عن بعض اصحابنا قال : سالت ابا عبد اللّه الصادق (ع ) قلت : اليس
اللّه يقول : ( فلا جناح عليه ان يطوف بهما ) ؟.

قـال : ان رسول اللّه كان شرط عليهم ان يرفعوا الاصنام ( عن الصفاوالمروة ) في عمرة القضا ؟
فتشاغل رجل من اصحابه حتى اعيدت الاصنام ,فجاؤوا الى رسول اللّه وقيل له : ان فلانا لم يطف
وقد اعيدت الاصنام ؟ فانزل اللّه الاية «393» .

ونـقل القمي معناه وقال : فلما كان عمرة القضا في سنة سبع من الهجرة «394» وعليه فالاية في
غير محلها من حيث ترتيب النزول في السورة .

ولـكن روى الطبرسي في «مجمع البيان » خبرا آخر عن الصادق (ع )ايضاقال : كان المسلمون
يرون ان الصفا والمروة مما ابتدع اهل الجاهلية , فانزل اللّه هذه الاية «395» وقد مر ان بعض
المسلمين كانوا يحجون او يعتمرون قبل عمرة القضا ومنهم سعد بن النعمان بن اكال الانصاري بعد
بـدر, الـذي حبسه ابو سفيان رهينة لابنه الاسير عمرو بن ابي سفيان حتى اطلقه المسلمون بامر
رسول اللّه (ص ) كما اعتمر قبله قبل بدر سعد بن معاذ ايضا «396» .

فلعل هذا الظن من المسلمين كان اذ ذاك , فنزلت الاية في سياق آيات سورة البقرة بعد بدر لتدفع ذلك
الوهم لديهم .

وكما ان الاية السابقة غير متحدة السياق مع ما قبلها من آيات القبلة «397» كذلك هي غير متحدة
الـسياق مع ما بعدها, فهي في الذين يكتمون الهدى والبينات من كتاب اللّه السابق , وهو التوراة حسب
ابتلا المسلمين بهم في المدينة : ( ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس
فـي الـكـتـاب اولئك يلعنهم اللّه ويلعنهم اللاعنـون الا الـذين تابوا واصلحوا وبينوا فاولئك اتوب
عليهم وانا التواب الرحيم ) «398» .

وروى ابـن اسـحاق بسنده الى ابن عباس قال : سال معاذ بن جبل , وسعدابن معاذ , وخارجة بن زيد
نفرا من احبار اليهود عن بعض ما في التوراة فكتموهم اياه وابوا ان يخبروهم عنه فانزل اللّه تعالى
فيهم الايات «399» .

وروى الطوسي عنه ايضا : انهم اليهود مثل كعب بن الاشرف , وكعب بن اسيد, وابن صوريا, وزيد
بـن تـابـوه , الذين كتموا امر محمد ونبوته وهم يجدونه مكتوبا في التوراة او علما النصارى وهم
يجدونه مكتوبـا في الانجيـل مبينافيهما «400» والايات متسقة الى الاية 169.

والايـة : 170 : ( واذا قـيـل لهم اتبعوا ما انـزل اللّه قـالوا بـل نتبـع ما الفيناعليه آبانـا اولو كان
آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) الى الايـة 177 متسقة السياق موصولة في المعنى .

وروى ابـن اسـحـاق بـسنده عن ابن عباس : ان رسول اللّه دعا اليهود من اهـل الكتاب الى الاسلام
ورغـبهم فيه وحذرهم عذاب اللّه ونقمته , فقال رافع بن خارجة ومالك بن عوف : بل نتبع ما وجدنا
عليه آبانا, فهم كانوا اعلم وخيرامنا فانزل اللّه في ذلك : ( واذا قيل لهم ) «401» .

بـل ان الايـة 177 : ( ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب )وما نقله الطوسي في
«الـتـبيان » قال : قيل : لما حولت القبلة وكثر الخوض في ذلك ,فصار كانه لا يراعى بطاعة اللّه
الا التوجه للصلاة , انزل اللّه تعالى هذه الاية , وبين فيها : ان البر ما ذكره فيها ودلت على ان الصلاة
انـما يحتاج اليها لما فيها من المصلحة الدينية , وانه انما يامر بها لما في علمه انها تدعو الى الصلاح
وتصرف عن الفساد, وان ذلك يختلف بحسب الازمان والاوقات «402» .

ونـقـل الطبرسي عن قتادة انها نزلت في اليهود, وعن ابي القاسم البلخي : ان القبلة لما حولت وكثر
الـخوض في نسخ القبلة السابقة واكثر اليهود ذكرها كانه لايراعى بطاعة اللّه الا التوجه للصلاة
انزل اللّه هذه الاية «403» .

فـالاية وهذا الشان في النزول يدلا ن او يشيران الى اتحاد سياق الايات من الاية الاولى في القبلة :
142 حتى هذه الاية , ولا مانع من ذلك مع سبق الاسباب المذكورة .

وهنا آيتان في القصاص : 178 و 179 ثم ثلاث آيات في الوصية : 180 ـ182 لم اجد بشانها سببا
خاصا للنزول .

ثم تاتي اربع آيات 183 ـ 186 في صيام شهر رمضان والدعا, لا يذكربشانها سوى انها نزلت لصيام
شـهـر رمـضـان لـلسنة الثانية من الهجرة , ولا نجدتحديدا لنزولها قبل شهر رمضان او قبل سفر
الرسول فيه للتعرض لعير قريش ,ولا نجد تصريحا بان تشريع صيام شهر رمضان كان بها لا بسنة
الرسول وحيث نجدها في المصحف بعد آيات تحويل القبلة , وقد مرت النصوص المصرحة بكون ذلك
بـعـد بـدر, فلا مانع من ان يكون صيام شهر رمضان شرع بسنة الرسول قبل نزول الايات , وكذلك
افـطـار الصيام في الاسفار بعد حد الترخص كما مر, وبعدرجوع الرسول من بدر وتحويل القبلة
ونزول الايات , نزلت معها آيات الصيام .

او نـزلـت مع ما يذكر من شان نزول للاخيرة من آيات الصيام الخمس :187 : ففي تفسير العياشي
عن الصادق (ع ) قال : كانوا من قبـل ان تنزل هذه الاية اذا نام احدهم حرم عليه الطعام , وكان خوات
بـن جبير مع رسول اللّه في الخندق وهو صائم , فامسى على ذلك , فرجع الى اهله فقال : هل عندكم
طـعـام ؟فـقالوا : لاتنم حتى نصنع لك طعامك فاتكا فنام فقالوا : قد فعلت ؟ قال : نعم ,فبات على ذلك
واصـبـح , فـغدا الى الخندق , فجعل يغشى عليه فمر به رسول اللّه (ص ) , فلما راى الذي به ساله
فاخبره كيف كان امره فنزلت الاية «404» .

ورواه الـقـمـي فـي تـفسيره عن ابيه ابراهيم بن هاشم مرفوعا عن الصادق (ع ) قال : كان النكاح
والاكـل مـحـرمين في شهر رمضان بالليل بعد النوم ,وكان النكاح حراما في الليل والنهار في شهر
رمضان (كذا) وكان رجـل من اصحاب رسول اللّه يقال له : خوات بن جبير الانصاري اخو عبد اللّه
بـن جـبير :شيخا كبيرا ضعيفا, وكان صائما, فابطات اهله بالطعام فنام قبل ان يفطر, فلما انتبه قال
لاهـلـه : قد حرم اللّه على الاكل في هذه الليلة فلما اصبح حضر حفر الخندق ,فاغمي عليه , فرآه
رسـول اللّه فــرق لـه , وكان قوم من الشباب ينكحون بالليل سرا في شهر رمضان , فانزل اللّه عز
وجل : ( احل لكم ليلة الصيام الرفث الى نسائكم ) «405» .

والخبران يذكران ان ابن جبير كانه كان مجبورا على الصيام وهو في حفرالخندق مع رسول اللّه ,
والـخـندق قيل : كان في شوال او ذي القعدة من السنة الخامسة «406» وليس في شهر رمضان
فـلماذا الصوم مـع ذلك وبتلك الكلفة على من لا يطيقه وهو في غير شهر رمضان , ولا في رجب او
شـعبان كي يحتمل ان كان عليه واجب مضيق , فلماذا هذا التضييق ؟ ولم لم يامره الرسول بالافطار
اذرق له ؟.

امـا مـا نـقله الطوسي في «التبيان » فهو سليم عن كل هذا, ومنسجم مع اوائل تشريع صيام شهر
رمـضـان : قـال : قيل : ان هذه الاية نزلت في شان ابي قيس بن حرمة كان يعمل في ارض له , فاراد
الاكـل , فـقالت امراته : نصلح لك شيئا, فغلبته عيناه , ثم قدمت اليه الطعام فلم ياكل , فلما اصبح لاقى
جهدا, فاخبر رسول اللّه بذلك , فنزلت الاية .

ثم قال : وروي عن ابي جعفر الباقر (ع ) حديث ابي قيس , سوا «407» .

وروي : ان عـمـر اراد ان يواقع زوجته ليلا, فقالت : اني نمت فظن انهاتعتل عليه فوقع عليها, ثم
اخبر النبى (ص ) بذلك من الغد, فنزلت الاية فيهما «408» .

ورواه الطبرسي عن السدي عن ابن عباس : جا الى رسول اللّه فقال : يارسول اللّه , عملت في النخل
نـهـاري اجمع حتى اذا امسيت اتيت اهلي لتطعمني ,فابطات , فنمت , فايقظوني وقد حرم على الاكل
واصبحت وقد جهدني الصوم ؟.

فقال عمر : يا رسول اللّه , اعتذر اليك من مثله : رجعت الى اهلي بعدماصليت العشا, فاتيت امراتي .

وقام رجال فاعترفوا بمثل الذي سمعوا فنزلت الاية «409» .

واذ قال اللّه سبحانه : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) فلعل ذلك استدعى بعضهم ليسال عن وجه
الحكمة في زيادة الاهلة ونقصانها «410» وحيث كان بعضهم قد يحجون او يعتمرون كما فعل في
تلك الفترة سعد بن النعمان بن اكال كما مر,وكان قوم في الجاهلية اذا احرموا ـ او رجعوا من الحج
ـ يـنـقبون في ظهر بيوتهم نقبايدخلون منه ويخرجون «411» , ولا يدخلـون بيوتهم من ابوابها,
نـزل قـولـه سـبحانه :( يسـالونك عن الاهلة قـل هي مواقيت للناس والحـج وليس البر بان تاتوا
البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى واتوا البيوت من ابوابها واتقوا اللّه لعلكم تفلحون ) «412»
.

واذا كـان تـالـيف الايات ضمن كل سورة وفق ترتيب نزولها , فتكتب واحدة تلو الاخرى تدريجيا
حسب النزول حتى تنزل بسملة اخرى فيعرف ان السورة قد انتهت وابتدات سورة اخرى , حسب ما
رواه الـعـيـاشـي في تفسيره عن الصادق (ع ) قال : وانما كان يعرف انقضا سورة بنزول بسم اللّه
الرحمن الرحيم ابتدا للاخرى «413» وكما رواه اليعقوبي في تاريخه عن ابن عباس قال :.

كـان يـعـرف فصل ما بين السورة والسورة بنزول بسم اللّه الرحمن الرحيم فيعلمون ان الاولى قد
انقضت وابتدئ بسورة اخرى «414» .

فـالايات التالية في القتال نزلت في اجوا ما بعد بدر, وبعد سرية النخلة في آخر يوم من شهر رجب
الـحـرام : ( وقـاتلوا في سبيل اللّه الذين يقاتلونكم ولاتعتدوا ان اللّه لا يحب المعتدين واقتلوهم
حـيـث ثـقفتموهم واخرجوهم من حيث اخرجوكم والفتنة اشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد
الـحـرام حـتـى يقاتلوكم فيه فان قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزا الكافرين فان انتهوا فان اللّه غفور
رحيم وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين للّه فان انتهوا فلا عدوان الا على الظالمين الشهر
الـحـرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم
واتقوا اللّه واعلموا ان اللّه مع المتقين ) «415» .

فـالايـات امـرت بالقتال في سبيل اللّه , ولكنها نهت عن الاعتدا وعن القتال عند المسجد الحرام (او
الحرم ) «416» الا دفاعا, وعن القتال في الشهر الحرام الا قصاصا.

وكـان بـعـض الانـصار قال لبعضهم سرا دون رسول اللّه : ان اموالنا قدضاعت , وان اللّه قد اعز
الاسلام وكثر ناصروه , فلو اقمنا في اموالنا فاصلحنا ماضاع منها فانزل اللّه على نبيه يرد عليهم ما
قـالـوه : ( وانـفـقوا في سبيل اللّه ولا تلقوابايديكـم الى التهلكة واحسنوا ان اللّه يحب المحسنين
) «417» قـال ابـو ايـوب الانـصـاري : فكانت التهلكة : الاقامة في الاموال واصلاحها وتركنا
الغزو «418» .

ثم تعود الايات التالية الى فهرسة بعض احكام الحج في ثماني آيات من الاية : 196 الى الاية : 203
ولم اجد فيما بايدينا سببا خاصا لنزولها, فهي عودعلى الاية : 189 بمناسبة اعتمار بعض المسلمين
مـن الانصار مثل سعد بن النعمان بن اكال كما مر, اضف الى ذلك ان وقوع القتال في سرية النخلة في
آخـر شـهـر رجـب الـحـرام مـن جـانـب الـمـسـلـمين واستتباعه لاثارة غـزوة بدر من جانب
الـمـشـركـيـن ,اسـتتبع ان قالت قريش : استحل محمد الشهر الحرام «419» وقاتل اهل البلد
الـحـرام ولا سـيـمـا بـجـوار الحـرم في النخلة , وكانه لا يعتد بالبلد الحرام ولا بالشهر الحرام
فـاسـتدعى ذلك وبمناسبة السؤال عن وجه الحكمة في زيادة الاهلة ونقصانها : ان تعنى هذه الايات
بالحج والعمرة واحكامها, ردا على ما قالوه واشاعوه على الاسلام والمسلمين .

ونـسـخـت الايـات : ( وليس البر بان تاتوا البيوت من ظهورها ) «420» ( ثم افيضوا من حيث
«421» وكانوا
حيث كانت قريش تقول : نحن اولى الناس بالبيت لا يفيضون الا من المزدلفة فامرهم اللّه ان يفيضوا من عرفة كما عن الصادق (ع ) «422» .

وفي خبر آخر عنه (ع ) ايضا قال : كانت قريش في الجاهلية تفيض من المزدلفة وتقول : نحن اولى
بالبيت من الناس «423» .

وفي آخر : ان اهل الحرم كانوا يقفون على المشعر الحرام , ويقف سائرالناس بعرفة «424» .

وفي آخر : ان قريشا كانت تفيض من جمع (المزدلفة ) وربيعة ومضر من عرفات «425» .

وفـي آخـر : ان ابـراهـيـم (ع ) اخرج اسماعيل الى الموقف (بعرفات ) فافاضامنه , وكان الناس
يفيضون منه فلما كثرت قريش قالوا : لا نفيض من حيث افاض الناس ومنعوا الناس ان يفيضوا معهم , الامن عرفات فلما بعث اللّه محمدا ـ عليه الصلاة والسلام ـ امره ان
يفيض من حيث افاض الناس «426» .

والـخـرافة الثالثة المردودة : ( فاذا قضيتم مناسككم فـاذكروا اللّه كذكركم اباكم او اشد ذكرا
) «427» حـيـث روى العياشي في تفسيره عن الحسين بن سعيد, عن فضالة بن ايوب , عن العلا
الـحـضـرمي , عن محمد بن مسلم قال : سالت ابا جعفر الباقر (ع ) عن قول اللّه : ( فـاذكروا اللّه
كذكركم اباكم ) قال : كان الرجال في الجاهلية اذا قاموا بمنى بعد النحر يفتخرون ببائهم يقولون :
ابي الذي حمل الديات والذي قاتل كذا وكذا, وكانوا يحلفون ببائهم : لا وابي لا وابي «428» .

ومـن هـنـا تبدا آيات ثلاث تصف بعض الناس ممن تاخذه العـزة بالاثم فهومن المفسدين في الارض
وشـديـد الـخصومة على الدنيـا ولكنه شديد القـول في ذمها, فهو منافق في ذلك : ( ومن الناس من
يـعـجـبـك قـوله في الحياة الدنيا ويشهداللّه على ما في قلبه وهو الد الخصام واذا تولى سعى في
الارض لـيـفـسـد فـيـهـاويهلك الحرث والنسل واللّه لا يحب الفساد واذا قيل له اتق اللّه اخذته
العزة بالاثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد ) «429» .

وقــد نـقل الطوسي في «التبيان » عن السدي : انها نزلت في الاخنس بن شريق الثقفي حليف بني
زهرة «430» وكان يظهر الرغبة في دين النبى ويبطن خلاف ذلك «431» .

ويـتبادر الى الذهن من هذا انه كان من منافقي المسلمين بالمدينة , بينماالرجل كان معدودا في رجال
قـريـش مـن مكة يوم خروجهم لحرب بدر, حتى فتح مكة , فلم يكن من منافقي المدينة يومئذ ولعله
لـذلـك نـقل عن قوم غير السدي منهم ابن عباس والحسن البصري : ان المعنى بهذه الاية كل منافق
ومـرا «432» ونـقـلـه الـطـبـرسي في «مجمع البيان » واضاف : وهو المروى عن الصادق
(ع ) «433» .

ثم تنفرد الاية : 207 فى وصف بعض عباد اللّه ممن باعوا انفسهم للّه طلبالرضاه : ( ومن الناس من
يـشـري نفسه ابتغا مرضات اللّه واللّه رؤوف بالعباد )وقال القمي : ومعنى يشري نفسه اي : يبذل
نفسه , وذلك امير المؤمنين (ع ) «434» .

وروى العياشي في تفسيره عن ابن عباس قال : شرى على نفسه اذ لبس ثوب النبى (ص ) ونام مكانه ,
فـكـان الـمـشـركـون يـرون رسـول اللّه وجعل يرمى بالحجارة كما كان يرمى رسول اللّه وهو
يتضور «435» ورواه الطبرسي عن السدي عن ابن عباس «436» .

وروى الـعيـاشي في تفسيره عن البـاقر (ع ) قال : انها انزلت في علي بن ابي طالب (ع ) حيث بذل
نفسه للّه ولرسوله ليلة اضطجع على فراش رسول اللّه لماطلبته قريش «437» .

وروى الـطـوسـي في «التبيان » عن الباقر (ع ) ايضا قال : نزلت في علي حيث بات على فراش
رسول اللّه لما ارادت قريش قتله , حتى خرج رسول اللّه وفات المشركين اغراضهم «438» .

وعـلـيه وعلى القول بالترتيب الطبيعى للايات , فالايات هذه نزلت بعدبدر تذكر باختلاف الناس في
مراتب الايمان والتفاني فيه , ومنهم المثل الاعلى على (ع ).

وعـلى القول بالترتيب الطبيعى للايات , فالايات هذه نزلت بعد بدر, بعد مازل بعض المؤمنين فاتبعوا
خـطوات الشيطان فتنازعوا في الغنائم والاسرى , ولم يستسلموا للّه ولرسوله مطلقا, بعد ما جاتهم
الـبينات بنزول الملائكة مددا لهم اللّه والـمـلائكـة فـي ظـلـل مـن الغمام ؟ خـطــوات الشيطـان انه لكم عدو مبين فان زللتم من بعد مـا جاتكم البينات فاعلموا ان اللّه عـزيز
حـكـيم هل ينظرون الا ان ياتيهم اللّه في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الامر والى اللّه ترجع
الامور ) «439» .

ثم تذكرهم الاية التالية بمصير بني اسرائيل اذ لم يقدروا نعمة اللّه عليهم :( سل بني اسرائيل كم
آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة اللّه من بعد ما جاته فان اللّه شديد العقاب ) «440» .

ثـم عـرجـت الايـة التالية على مقارنة بين حال المؤمنين ورؤوس المشركين :( زين للذين كفروا
الـحـيـاة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة واللّه يرزق من يشا بغير
حساب ) «441» .

فعن مقاتل : نزلت في عبد اللّه بن ابى واصحابه كانوا يسخرون من ضعفاالمؤمنين .

وعن عطا : نزلت في رؤسا اليهود من بني قريظة والنضير وقينقاع ,سخروا من فقرا المهاجرين .

وعـن ابـن عـباس : نزلت الاية في ابي جهل وغيره من رؤسا قريش حيث بسطت لهم الدنيا فكانوا
يسخرون من قوم من المؤمنين فقرا مثل عبداللّه بن مسعود «442» .

وعلى الترتيب الطبيعى للايات فالمناسب هو الاخير من النقول الثـلاث ,ولا ننسى ان ابن مسعود هو
الذي سعد في بدر بان صعد على صدر ابي جهل فكان فوق صدره يفري نحره والايـة التالية انتقلت تذكر بان هذا الاختلاف في الحق قديم قدم البشرمنذ عهد نوح وآدم (ع ) : (
كــان الـنـاس امـة واحدة فبعث اللّه النبيين مبشرين ومنذرين وانزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين
الناس فيما اختلفوا فيـه ومـااختلف فيه الا الذين اوتـوه من بعد ما جـاتهم البينات بغيـا بينهـم فهـدى
اللّه الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنـه واللـه يهدي من يشا الى صراطمستقيم ) «443» .

روى الـعـيـاشي عن الصادق (ع ) قال : لما انقرض آدم وصالح ذريته بقي شيث وصيه لا يقدر على
اظـهـار ديـن اللّه الذي كان عليه آدم وصالح ذريته , ذلك ان قابيل توعده بالقتل كما قتل اخاه هابيل
فـسـار فـيهم بالتقية والكتمان , فازدادواكل يوم ضلالا, حتى لم يبق على الارض معهم الا مـن هو
سلف فبدا للّه تبارك وتعالى ان يبعث الرسل .

قلت : افضلا لا كانوا قبل النبيين ؟ ام على هدى ؟.

قـال : لم يكونوا على هدى كانوا على فطرة اللّه التي فطرهم عليها لا تبديل لخلق اللّه , ولم يكونوا
ليهتدوا حتى يهديهم اللّه , اما تسمع ابراهيم يقول : ( لئن لم يهدني ربى لاكونن من القوم الضالين ) اي
ناسيا للميثاق «444» .

وروى الطوسي في «التبيان » عن الباقر (ع ) قال : كانوا قبل نوح امة واحدة على فطرة اللّه , لا
مهتدين ولا ضلا لا, فبعث اللّه النبيين «445» .

والايـة الـتالية عادت تذكر المؤمنين بحالهم قبل هذا النصر في بدر : ( ام حسبتم ان تدخلوا الجنة
ولمـا ياتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم الباساوالضرا وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا
معه متى نصر اللّه الا ان نصر اللّه قريب ) «446» .

ونـقل الطبرسي في « مجمع البيان » عن عطا قال : نزلت في المهاجرين من اصحاب النبي (ص )
الى المدينة , اذ تركوا ديارهم واموالهم ومسهم الضر «447» .

امـا ما نقله الطوسي في « التبيان » عن السدي وقتادة : ا نها نزلت في يوم الخندق «448» فلا
ينسجم مع الترتيب الطبيعي للايات , الا ان لا نتقيد بذلك .

وقد قال العلا مة الطباطبائي في « الميزان » : ان هذه الايات الى آخر هذه الاية ذات سياق واحد
يربط بعضها ببعض «449» .

واذا كـانـت الايـات الى آخر الاية السابقة ذات سياق واحد يربط بعضهاببعض , فالظاهر ان الاية
الـتـالـية منفردة ليست في السياق ولا ترتبط بما قبلها ولابما بعدها , اذ هي تبدا بقوله سبحانه : (
يـسالونك ماذا ينفقون ) والجواب : ( قل ماانفقتم من خير فللوالدين والاقربين واليتامى والمساكين
وابن السبيل وما تفعلوامن خير فان اللّه به عليم ) «450» .

وقـال الـطـبرسي في « مجمع البيان » : نزلت في عمرو بن الجموح , وكان شيخاكبيرا ذا مال
كثير, فقال : يا رسول اللّه بماذا اتصدق ؟ وعلى من اتصدق ؟ فنزلت الاية «451» .

وطـبـيعى ان لا علاقة لهذا السؤال والجواب بوقائع بدر اللهم الا ان نعطف النظر الى الاية ما قبـل
عشر آيات , وهي : ( وانفقوا في سبيل اللّه ولا تلقوابايديكم الى التهلكة ) «452» وما روي عن
ابـي ايـوب الانـصـاري سـبـبـا لـنـزولها, اذكان عمـرو بن الجموح سيدا من سادات بني سلمة
واشرافهم «453» ولم يكن ممن حضر بدرا, وحضر بدرا ابناه معاذ وخلا د, وضرب معاذ رجل
ابـي جـهل فقطعها,فضرب عكرمة بن ابي جهل على يد معاذ فقطعها «454» فلعل اباه عمرا سال
النبى عن الصدقة شكرا على حيـاة ابنه معاذ وكفارة عن عدم حضوره هو في بدرفاجيب .

وتعود الاية التالية على موضوع القتال فتقول : ( كتب عليكم القتال وهوكره لكـم وعسى ان تكرهوا
شـيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكـم واللّه يعلم وانتم لا تعلمون ) «455»
والاية تقرير لعمل الرسول لا ابتدا تشريع للقتال .

ثم تنتقل الايتان التاليتان الى الاجابة على السؤال عن القتال في الشهرالحرام حيث وقع ذلك قبل بدر
فـي سرية النخلة في آخر يوم من شهر رجب ,فتقول : ( يسالونك عن الشهر الحرام قتـال فيه قـل
قـتـال فيه كبير وصد عن سبيل اللّه وكفر به والمسجد الحـرام واخراج اهله منه اكبـر عند اللّه
والـفـتـنة اكبر من القتـل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطـاعوا ومن يرتدد
منكم عن دينه فيمت وهو كافـر فاولئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخرة واولئك اصحاب النار هم
فـيـها خـالدون ان الذين آمنوا والذين هاجروا وجـاهدوا في سبيل اللّه اولئك يرجون رحمة اللّه
واللّه غفور رحيم ) «456» .

قـال القمي في تفسيره : كان سبب نزولها ان رسول اللّه (ص ) بعث السرايا الى الطرقات التي تدخل
مـكـة تتعرض لعير قريش , حتى بعث عبد اللّه بن جحش في نفر من اصحابه الى نخلة وساق الخبر
الـى ان قال : واخذوا العير بمافيها وساقوها الى المدينة فعزلوا العير وما كان عليها ولم ينالوا منها
شيئا.

وكـتبت قريش الى رسول اللّه : انك استحللت الشهر الحرام وسفكت فيه الدم واخذت المال القول في هذا.

وجا اصحاب رسول اللّه فقالوا : يا رسول اللّه ايحل القتل في الشهر الحرام ؟.

فانزل اللّه : ( يسالونك عن الشهر الحرام قتال فيه ) «457» .

وقال الطبرسي في «اعلام الورى » : واستاقوا العير فقدموا بها على رسول اللّه ـ وكان ذلك قبل
بـدر بـشهرين (ونصف ) ـ فقال لهم النبى (ص ) : واللّه ماامرتكم بالقتال في الشهر الحرام واوقف
الاسيرين والعير ولـم ياخذ منها شيئا.

وقالت قريش : استحل محمد الشهر الحرام .

واسقط في ايدي القوم وظنوا انهم قد هلكوا.

فانزل اللّه سبحانه : ( يسالونك عن الشهر الحرام قتال فيه ).

فلما نزل ذلك اخذ رسول اللّه المال وفدا الاسيرين «458» .

اما في تفسيره « مجمع البيان » فقد نقل القول عن المفسرين الى ان قال :.

فـركـب وفد كفار قريش حتى قدموا على النبى فقالوا : ايحل القتال في الشهرالحرام ؟ فانزل اللّه
هذه الاية وانما سالوا ذلك على جهة العيب للمسلمين باستحلالهم القتال في الشهر الحرام «459»
وعـلـيـه فالسائل هو وفد مشركي قريش من مكة , وقبله نقله الطوسي في «التبيان » عن الحسن
البصري «460» فلعله هو الوفدالذي وفد عليه لفدا اسرا بدر بعد بدر, وهم اربعة عشر رجلا
, وفـدوا عـلـيه بعدرجوعه من بدر باربعة ايام او خمسة , اي في شهر رمضان قبل انقضائه وهذا
هوالمنسجم مع الترتيب الطبيعى للايات .

وروى الـواقـدي بسنده عن ابي بردة بن نيار قال : ان النبى (ص ) وقف غنائم اهل نخلة ومضى الى
بدر, فلما رجع من بدر قالوا : ونزل القرآن وفيه :( يسالونك عن الشهر الحرام ) قسمها مع غنائم
اهـل بــدر واعطى كل قوم حقهم قالوا : وكان فداؤهم اربعين اوقية لكل واحد, والاوقية اربعون
درهما.

وروى بـسـنده عن محمد بن عبد اللّه بن جحش قال : كان لاهل الجاهلية المرباع (اي ربع الغنيمة
لـلـرئيـس ) فـلما رجع عبد اللّه بن جحش من نخلة خمس ماغنم للنبى , فكان اول خمس خمس في
الاسلام , ثم نزل بعد : ( واعلموا ان ما غنمتم من شي فان للّه خمسه وللرسول ) «461» .

وروى ابن اسحاق عن الزهري عن عروة قال : اما عثمان بن عبـد اللّه الذي استؤسر فافتدي فلحق
بـمـكة حتى مات بها كافرا, واما الحكم بن كيسان الذي استؤسر هو ايضا فقد اسلم وحسن اسلامه
واقام عند رسول اللّه حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا «462» .

وروى الـواقدي بسنده عن كريمة ابنـة المقداد بن عمرو عن ابيها المقـدادقال : انا اسرت الحكم
بـن كيسان فقدمنا به على رسول اللّه , فجعل رسول اللّه يدعوه الى الاسلام واطال كلامه فقال عمر
بـن الخطاب : تكل م هذا يا رسول اللّه ؟ واللّه لا يسلم هذا آخر الابد الى امه الهاوية وروى عـن الزهري قال : قال الحكم : وما الاسلام ؟ قال : تعبد اللّه وحده لا شريك له , وتشهد ان
محمدا عبده ورسوله قال : قد اسلمت .

فالتفت النبى الى اصحابه فقال : لو اطعتكم فيه آنفا فقتلته دخل النار فاسلم , وحسن اسلامه , وجاهد في اللّه حتى قتل شهيدا يوم بئر معونة «463» .

والايتان التاليتان قوله سبحانه : ( يسـالونك عن الخمر والميسر قـل فيهمااثم كبير ومنافع للنـاس
واثـمـهـمـا اكـبر من نفعهمـا ويسالونـك ماذا ينفقـون قـل العفـو كذلك يبين اللّه لكم الايات لعلكم
تـتـفـكــرون فـي الدنيـا والاخـرة ويسالونك عن اليتـامى قـل اصـلاح لهم خير وان تخالطوهم
فاخوانكم واللّه يعلم المفسـد من المصلـح ولو شـا اللّه لاعنتكم ان اللّه عزيز حكيم ) «464» .

قـال الـطـبـرسـي فـي «مـجمع البيان » : آيتان في الكوفي , وآية واحدة فيما عداه ,عد الكوفي
«تتفكرون » آية , وتركها غيره «465» .

وقـد الـتـزم بـعـض الـمفسرين بذكر وجه انتظام الايات في السورة , بل والسورفي المصحف ,
والطبرسي من هؤلا كما في تفسيره وفي مقدمته : ثم اقدم في كل آية ذكر الاختلاف في القراات ,
ثـم ذكـر انـتظام الايات «466» وقد ذكر وجها لاتصال الايات السابقة بما قبلها , امـا في هاتين
الايـتين فكا نه استبدل عن ذلك بذكر سبب النزول فقال : نزلت في جمـاعة من الصحابة اتوا رسول
اللّه (ص ) فقالوا : افتنا في الخمر والميسر فانها مذهبة للعقـل مسلبة للمال فنزلت الاية «467» .

وقـد روى الـكـلـيـني في «الكافي » عن علي بن يقطين قال : سال المهدي (العباسي ) ابا الحسن
(الـكاظم ) (ع ) عن الخمر : هل هي محرمة في كتاب اللّه عزوجل ؟ فان الناس انما يعرفون النهي
عنها ولا يعرفون تحريمها فقال له ابو الحسن (ع ) : بل هي محرمة .

فقال : في اي موضع هي محرمة في كتاب اللّه عزوجل يا ابا الحسن ؟.

فـقـال : قـول اللّه تعالى : ( انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق
) «468» فاما الاثم فهي الخمر بعينها وقد قال اللّه تعالى في موضع آخر : ( يسالونك عن الخمـر
والميسر قـل فيهما اثـم كبير ومنافع للنـاس واثمهما اكبر من نفعهما ).

فقال المهدي : يا علي بن يقطين , هذه فتوى هاشمية .

فـقـلـت له : صدقت يا امير المؤمنين , الحمد للّه الذي لم يخرج هذا العلم منكم اهـل البيت فواللّه ما
صبر المهدي ان قال لي : صدقت يا رافضي «469» .

وقـد نـقل الطوسي في «التبيان » هذا المعنى عن العامة منهم الحسن البصري قال : هذه الاية تدل
عـلـى تـحـريـم الـخمر, لا نه ذكر ان فيها اثما, وقد حرم اللّه الاثم بقوله : ( قل انما حرم ربى
الـفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم ) على انه قدوصفها بان فيها اثما كبيرا, والكبير يحرم بلا
خلاف «470» .

وقـال الطبرسي في «مجمع البيان » : قال الحسن : في الاية تحريم الخمر من وجهين : احدهما :
قوله : ( واثمهما اكبر من نفعهما ) فانه اذا زادت مضرة الشي على منفعته اقتضى العقل الامتناع عنه
.

والـثاني : انه بين ان فيهما الاثم , وقد حرم في آية اخرى الاثم فقال : ( قل انما حرم ربى الفواحش
ما ظهر منها وما بطن والاثم ) «471» .

ولا ارتباط بين هذا السؤال والجواب وبين بدر وما تلاها.

اما المقطع الاخر من الاية : ( ويسالونك ماذا ينفقون ) ؟.

وقد سبقت الاية المماثلة : ( يسالونك ماذا ينفقون ) ؟ قبل اربع آيات ,واختلف الجواب : فهناك ( قل
مـا انـفـقتم من خير ) وهنا : ( قل العفو ) وقد مرهناك ان السائل كان عمرو بن الجموح , وقد مر
هناك احتمال ان يكون الباعث على السؤال الاية التي تسبقها بعشر آيات : ( وانفقوا في سبيل اللّه ولا
تـلـقـوا بـايـديكم الى التهلكة ) «472» وهنا يكرر الطبرسي : ان السائل عمرو بن الجموح ,
ويـصـرح بـا نـه : سـال عـن النفقة في الجهاد «473» فلعله قد تكـرر السؤال مرة اخرى عن
حدالانفاق فاجيب ( قل العفو ).

وروى الطوسي في «التبيان » عن الباقر (ع ) قال : العفو : ما فضل عن قوت السنة .

وروى عن الصادق (ع ) قال : العفو هاهنا : الوسط «474» .

وروى الـعـياشي في تفسيره عنه (ع ) اربع روايات بذلك عن يوسف , وابي بصير, وعبد الرحمان ,
وجـمـيـل بن دراج , وتـلا قوله سبحانه : ( والذين اذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك
قواما ) وقال : هذه هي الوسط «475» .

امـا الايـة الـتـالية : ( ويسالونك عن اليتامى قل اصلاح لهم خير ) فهي مناسبة مع توالي وقعة بدر
وسـقـوط شـهـدا فـيها وبقا يتامى لهم بين المسلمين لاول مرة , فيسالون عن تكليفهم بالنسبة اليهم
فاجيبوا بانهم اخوانهم فليخالطوهم وليصلحوا امرهم وشانهم .

زكاة الفطرة وعيد الفطر :.

زكاة الفطرة وعيد
الفطر :


وكـانه لما تكرر السؤال عن الانفاق لما حصل المسلمون على ما يعتد به من المال من غنائم بدر وفدا الاسـرا, نـاسـب ان يـامـر رسـول اللّه (ص ) بـاخـراج زكـاة الـفـطـر في هذه السنة , كما قال
الـمـسعودي «476» وخرج بالناس الى المصلى في العيد ولم يخرج قبل ذلك , وذبح في المصلى
شاة او شاتين بيده , ووضعت العنزة ـ وهي الرمح الصغيرة ـ بين يديه , كما قال اليعقوبي «477» .

وروى الواقدي في العنزة عن الزبير بن العـوام قال : كانت في يدي يوم بدر عنزة , اذ لقيت عبيدة بن
سعيد بن العاص على فرس وعليه لامة كاملة لايرى منه الا عيناه , فطعنت بالعنزة في عينه , فوقع ,
فـوطـات بـرجـلـي عـلـى خده حتى اخرجت العنزة من حدقته فاخرجت حدقته فاخذ رسول اللّه
العنزة فكانت تحمل بين يديه «478» .

وروى في «الجعفريات » بسنده عن الصادق عن علي (ع ) قال : كانت لرسول اللّه عنزة في اسفلها
عكاز يخرجها في العيدين يصلي اليها ويتوكاعليها «479» .

بـينما روى بسنده عن علي (ع ) ايضا قال : ان رسول اللّه (ص ) نهى ان يخرج السلاح الى العيدين ,
الا ان يكون عدوا حاضرا «480» ولا منافاة بينهما ووجه الجمع ظاهر.

وفسر الرسول (ص ) في هذا اليوم ما جا في آيات الصيام : ( ولتكبروا اللّه على ما هـداكم ولعلكم
تشكرون ) :.

فـقد روى الكليني في « اصول الكافي » عن الريان بن الصلت وياسر خادم الرضا (ع ) ان المامون
العباسى لمـا حضر العيد سال الرضا (ع ) ان يصلي العيدويخطب , فاستعفاه الرضا (ع ) وقال : ان لم
تعفني خرجت كما خرج رسول اللّه وامير المؤمنين (ع ) فقال المامون : اخرج كيف شئت فلما طلعت
الـشـمس قام فاغتسل , وتعمم بعمامة بيضا من قطن القى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفيه ثم
اخـذ بيده عكازا ثم خرج فلما مشى كبر اربع تكبيرات قال : اللّه اكبر,اللّه اكبر, اللّه اكبر, اللّه
اكبر على ما هدانا, واللّه اكبر على ما اولانا «481» .

وروى الـكـلـيني في « فروع الكافي » بسنده عن الصادق (ع ) قال : اما ان في الفطـر تكبيرا ,
ولـكـنه مسنون قلت : كيف اقول ؟ قال : تقول : اللّه اكبر اللّه اكبراللّه اكبر , لا اله الا اللّه واللّه
اكبر , اللّه اكبر وللّه الحمد , اللّه اكبر على ما هدانا ثم قال : وهو قول اللّه : ( ولتكبروا اللّه على
ما هداكم ) «482» .

غزوة بني سليم :.

غزوة بني
سليم :


قال الطبرسي في «اعلام الورى » : ولم يقم رسول اللّه بالمدينة لما رجع اليهامن بدر الا سبع ليال حـتى غزا بنفسه يريد بني سليم , حتى بلغ ما من مياههم يقال له : الكدر «483» , فاقام عليه ثلاث
ليال ولم يلق كيدا فرجع الى المدينة «484» .

واخـتصر الخبر ابن شهر آشوب في «مناقب آل ابي طالب » «485» واظن ان الطبرسي نقله
عن نص ابن اسحاق في السيرة «486» , ولم يعين فيها يوم خروجه ,ولكن الطبري بعد نقله لنص
ابـن اسـحاق نقل عن بعضهم قال : خرج من المدينة يوم الجمعة غرة شوال اي يوم عيد الفطر بعد ما
ارتفعت الشمس من السنة الثانية للهجرة «487» .

ونـقـل الطبري عن بعضهم قال : لم يلق النبي كيدا في غزوة الكدر وساق الرعا والنعم فغنم وسلم ,
وكان قدومه منها لعشر خلون من شوال «488» .

سرية بني سليم :.

سرية بني
سليم :


قـال : ويـوم الاحد ولعشر ليال مضين من شوال بعث غالب بن عبد اللّه الليثي في سرية الى بني سليم وغـطـفـان , فـقتلوا فيهم وقتل منهم ثلاثة واخذوا النعم وانصرفوا بالغنيمة الى المدينة يوم السبت
لاربع عشرة ليلة بقيت من شوال «489» .

وعـن سبب الغزوة والسرية الى بني سليم وغطفان قال : بلغه اجتماعهم عليه «490» اذ كان البد
بحصار بني قينقاع يوم السبت للنصف من شوال في قـول الواقدي «491» وعليه فمقدمات الغزوة
وقعت في هذه الفترة (ثلاثة ايام ) بين عودة الرسول من بني سليم وحصـر بني قينقاع وحيث يستمر
حصارهم الى هلال ذي القعدة فقبل نقل خبرهم هناك خبران آخران مما وقع في شوال هـذه السنة ,
ولعل الخبر الاول يرتبط بالايات التالية من سورة البقرة في :.

تزويج المشركين والزواج بالمشركات :.

تزويج المشركين والزواج بالمشركات
:


قوله سبحانه : ( ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولامة مؤمنة خير من مشركة ولو اعجبتكم ولا تـنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبـد مؤمن خير من مشرك ولو اعجبكـم اولئك يدعون الى النار
واللّه يدعو الى الجنة والمغفرة باذنه ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون ) «492» وقد رووا في
شان نزولها اخبارا مختلفة منها ما لا علاقة لها باحداث ما بعد بدر, كما :.

روى الـسـيوطي في « الدر المنثور » عن مقاتل قال : بلغنا : انها كانت امة ( لحذيفة بن اليمان )
فاعتقها وتزوجها فطعن عليه ناس وقالوا : نكح امة «493» .

وروى الواحدي في «اسباب النزول » عن السدي عن ابن عباس قال : ان عبد اللّه بن رواحة كانت
له امة سودا , وانه غضب عليها فلطمها , ثم فزع ,فاتى النبى (ص ) واخبره خبرها , فساله النبى :
مـا هي يا عبد اللّه ؟ قال : تشهد ان لا اله الا اللّه وانك رسول اللّه , وتحسن الوضؤ وتصلي وتصوم
فـقـال : يا عبد اللّه هذه مؤمنة فقال عبد اللّه : فوالذي بعثك بالحق لاعتقنها ولاتزوجنها ففعل فطعن
عليه ناس وقالوا : نكح امة «494» .

ومـن الاخبار ما لعله يرتبط بما حدث بعد بدر : فقد قال الطبرسي في «مجمع البيان » : نزلت في
مرثد بن ابي مرثد الغنوي , بعثه رسول اللّه الى مكة ليخرج منهاناسا من المسلمين وكان قويا شجاعا
, وكـانـت بـينه وبين امراة يقال لها عناق خلة في الجاهلية , فدعته الى نفسها فابى فقالت : هل لك ان
تـتـزوج بـي ؟ فـقـال :حـتـى اسـتـاذن رسـول اللّه (ص ) فـلـما رجع استاذن في التزويج بها ,
فنزلت الاية «495» .

ونقله الطباطبائي في « الميزان » وقال : رواه السيوطي عن ابن عباس ايضا.

ثـم قـال : ولا تنافي بين هذه الروايات الواردة في اسباب النزول , لجوازوقوع عدة حوادث تنزل
بعدها آية تشتمل على حكم جميعها «496» .

/ 31