موسوعة التاریخ الإسلامی جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة التاریخ الإسلامی - جلد 2

محمد هادی الیوسفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




وانه ما كان بين اهل هذه الصحيفة من حدث او اشتجار يخاف فساده فان مرده الى اللّه عز وجل والى
محمد رسول اللّه , وان اللّه على اتقى ما في هذه الصحيفة وابره .


وانه لا تجار قريش ولا من نصرها.


وان بينهم النصر على من دهم يثرب .


واذا دعوا الى صلح يصالحونه ويلبسونه , فانهم يصالحونه ويلبسونه .


وانـهـم (اليهود) اذا دعوا الى مثل ذلك فانه لهم على المؤمنين الا من حارب في الدين على كل اناس
حصتهم من جانبهم الذي قبلهم .


وان يـهود الاوس ـ مواليهم وانفسهم ـ على مثل ما لاهل هذه الصحيفة مع البر المحض من اهل هذه
الصحيفة .


لا يكسب كاسب الا على نفسه .


وان اللّه على اصدق ما في هذه الصحيفة وابره .


وانه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم وآثم .


وانه من خرج (من المدينة ) آمن ومن قعد آمن , الا من ظلم او اثم .


وان اللّه جار لمن بر واتقى , ومحمد رسول اللّه «138» .


نقل المحقق الاحمدى هذه المعاهدة في كتابه القيم «مكاتيب الرسول » ثم علق عليها يقول : ان النبى
(ص ) كـان سـيـد الحكما قبل ان يكون سيد الانبيا ,فقد آتاه رشده من قبل ان يؤتيه الكتاب , وكفى
لـذلـك شاهدا هذه المعاهدة الخالدة الباقية ما بقي الدهر , قليل لفظها غزير معناها فعلى القرا الكرام
التدبر في شروطها ونتائجها , فارجعوا النظر وفكروا في تفاصيلها «139» .


ونـحن نفهم من مفهومها ومنطوقها : ان العرب يومئذ ومنهم الخزرج والاوس واليهود منهم بالمدينة
كـانـوا اذا تـحاربوا فاسر بعضهم بعضا , كانت تجتمع كل طائفة فتفتدي الاسير منها , واذا تقاتلوا
فقتل بعضهم بعضا كانت تجتمع كل طائفة فتؤدي العقل اي دية القتيل الى اهله .


ونـفهم ان الانصار من الاوس كانوا اقل من الخزرج , وان الانصار من الخزرج كانوا على طوائف :
بـنـي عـوف , وبـني ساعدة , وبني الحارث , وبني جشم ,وبني النجار ـ ومنهم آمنة بنت وهب ام
الرسول فهم اخواله ـ وبني عمرو بن عوف , وبني النبيت , وبني الاوس .


ونفهم ان الاوس كان منهم يهود , وان الخزرج كذلك كان منهم يهود من طوائف : بني النجار , وبني
عوف , وبني الحارث , وبني ساعدة , وبني جشم وبني ثعلبة ومنهم بنو جفنة , وبني الشطيبة .


ونـفهم ان هذه المعاهدة تركت المهاجرين من قريش على ربعتهم اي حالتهم التي جاهم الاسلام وهم
عـليها من فدا الاسرا وعقل القتلى اي ديتهم ,وكذلك تركت الانصار من الاوس والخزرج واليهود
منهم على ربعتهم ايضا , لم تغير من ذلك شيئا.


ونـفـهم ان القود اي القصاص كان مقررا واقرته هذه المعاهدة , الا ان يرضى ولى المقتول , الا انها
استثنت قتل المؤمن قصاصا بكافر وكذلك قررت المعاهدة قصاص الجراحة ايضا.


ونـفـهـم ان الـبـينة بمعنى الشهادة البينة كانت مفهومه واقرتها المعاهدة في القتل وطبيعى بعد هذه
الـمـعاهدة ان البينة تقام عند النبى او من اقره لذلك حاكما او قل قاضيا , او من تراضى به الخصمان
فترافعا اليه , مع سكوت المعاهدة عن ذلك .


ونـفـهم ان الغزو والقتال في سبيل اللّه كانا قائمين , وقررت المعاهدة انه اذاغزت جماعة غزوا
فـعليهم ان يعقب بعضهم بعضا في الغزو على العدل والتساوي ,فلا يسلم جمع من المؤمنين عن القتال
في سبيل اللّه دون جمع آخرين «140» .


وانه يجوز ان يجير مؤمن ـ ولو من ادنى المؤمنين ـ كافرا ولكن ليس له ان ينصر كافرا ـ ولو ولده
ـ على مؤمن , ولا ان ينصر محدثا ولا ان يؤويه .


امـا الـكـفـار المشركون في المدينة ومن حولها من الاعراب فلا يجوزلاحدهم ان يجير نفسا من
مشركي قريش ولا مالا له , فيحول دونه او دون ماله على مؤمن «141» .


واشترطت المعاهدة على اليهود :.


1ـ ان اذا حـارب احد اهل هذه الصحيفة او دهم يثرب فعلى اليهود النصح والنصر بنفقتهم على كل
اناس حصتهم التي من جانبهم .


2ـ وا نه اذا دعي المسلمون الى صلح فدعى المسلمون اليهود اليه كان عليهم ان يستجيبوا لذلك .


3ـ وان لا يجيروا قرشيا ولا من نصرها.


4ـ وان لا يجيروا حرمة من غير قريش والمحاربين الا باذن اهلها.


5ـ وانهم اذا اختلفوا في شي فمرده الى محمد رسول اللّه .


واشترطت المعاهدة لهم :.


1ـ ان مـن تـبـعـنا من اليهود فان له اسوة بغيره من المسلمين وله النصرعلى المسلمين بنفقتهم ولا
يتناصر عليه .


2ـ وان لـهـم ان يـجـيـروا غير قريش والمحاربين بشرط ان يكون الجوار باذن اهل الداخل في
الجوار.


3ـ وان لهم ان يصالحوا غير قريش والمحاربين ولهم ذلك على المؤمنين .


وتـوكـيـدا للامن بين المسلمين واليهود حرم الرسول في المعاهدة جوف يثرب على اهل الصحيفة
لصالحهم .


وبـذلك امن المسلمون ـ حسب المعاهدة ـ على اموالهم وذراريهم ودورهم وزروعهم , من ان يتحد
اليهود مع المشركين عليهم وبه وجدوا مجالا لقتال المشركين ولنشر الدين .


وتحريم النبى لمدينة «يثرب » اما ضمن هذه المعاهدة او مستقلا كان مكتوبافي اديم خولاني عند
رافع بن خديج جابه به مروان بن الحكم لما ذكرحرمة مكة «142» ولا يذكر ابن اسحاق سنده
الى المعاهدة , فلعله اكتتبها من رافع بن خديج هذا.


ونـلاحـظ ان اسم المدينة «يثرب » في هذه المعاهدة على ما كان عليه لم يغير ,وهذا يتفق مع ما
سـبـق عن ابي قتادة الانصاري وسهل بن سعد الساعدي : ان الرسول (ص ) لما قدم من غزوة تبوك
قال : هذه طيبة اسكننيها ربي «143» هذا , وامابين الاسمين :.


يثرب او المدينة ؟.


فـقـد روى ابن اسحاق بسنده عن عروة بن الزبير عن عائشة ـ وهذا يعني ان ذلك كان بعد قدومها
المدينة وزواجها بالرسول ـ قالت : قدم رسول اللّه المدينة وهي اوبا ارض اللّه من الحمى , فاصاب
اصـحـابـه مـنها بلا وسقم , منهم ابي ابوبكـر ومولياه : عامر بن فهيرة وبلال , وكان ذلك قبل ان
يضرب علينا الحجاب ,فدخلت عليهم اعودهم , فدنوت من ابي فقلت : كيف تجدك يا ابت ؟ قال :.









  • كل امري مصبح في اهله
    والموت ادنى من شراك نعله .



  • والموت ادنى من شراك نعله .
    والموت ادنى من شراك نعله .




فقلت في نفسي : واللّه ما يدري ابي ما يقول من شدة الوعك والم المرض .


ثم دنوت من عامر بن فهيرة فقلت له : كيف تجدك يا عامر ؟ قال :.





  • لقد وجدت الموت قبل ذوقه
    ان الجبان حتفه من فوقه .



  • ان الجبان حتفه من فوقه .
    ان الجبان حتفه من فوقه .




فقلت في نفسي : واللّه ما يدري عامر ما يقول وسمعت بلالا يقول :.


الا ليت شعري هل ابيتن ليلة بفخ وحولي اذخر وجليل ؟ فـرجعت وقلت لرسول اللّه : انهم ليهذون ومـا يعقلون من شدة الحمى ,وذكرت له ما سمعته منهم ,
فـقـال : «اللهم حبب الينا المدينة كمـا حببت الينا مكة اواشد , وبارك لنا في مدها وصاعها , وانقل
وباها الى مهيعة «144» فصرف اللّه تعالى ذلك عنهم وكانه استبدل بهذه المناسبة اسمها من يثرب
ـ بـمـعـنـى الـمتقطع اوالموبؤ ـ الى المدينة , تفاؤلا باستبعاد الوبا والحمى عنها , كما ابعد عنها
اسمهاالمتضمن لذلك المعنى المكروه .


راس المنافقين :.


راس المنافقين
:



ولـعـل مـمن اصابته هذه الحمى من اصحاب رسول اللّه من غير المهاجرين سعد بن عبادة , وقد مر خـبـر عـروة عن عائشة انها عادت اباها ومولييه ولم يـروعنها عيادة النبى لهم , ولكنه روى عن
اسـامـة بـن زيـد عـيادة الرسول لسعد بن عبادة قال : ركب رسول اللّه الى سعد بن عبادة يعوده من
شكوى اصابته ,على حمار مخطوم بخطام من الليف فوقه قطيفة فدكية , فركبه واردفني خلفه فمر
في طريقه الى سعد على عبد اللّه بن ابي ابن سلول وهو في ظل وحوله رجال من قومه منهم عبد اللّه
بن رواحة في رجال من المسلمين , فلما رآه رسول اللّه كره ان يتجاوزه ولا ينزل اليه فنزل وسلم
وجلس قليلا ثم تلا القرآن ودعا الى اللّه عزوجل وذكر اللّه وحذر وبشر وانذر ,وابن ابي ساكت
لا يتكلم , حتى اذا فرغ رسول اللّه من مقالته , قال : يا هذا انه لا احسن من حديثك هذا ـ ان كان حقا
ـ يكره منه فـقـال عبد اللّه بن رواحة : بلى فاغشنا به وائتنا في مجالسنا ودورنا وبيوتنا ومما اكرمنا اللّه به وهدانا له متى ما يكن مولاك خصمك لا تزل تذل ويصرعك الذين تصارع .


فقام رسول اللّه حتى دخل على سعد بن عبادة وفي وجهه الغضب .


فقال سعد : واللّه ـ يا رسول اللّه ـ اني لارى في وجهك شيئا , لكا نك سمعت شيئا تكرهه ؟ قال : اجل ثم اخبره بما قال ابن ابي .


فـقال سعد : يا رسول اللّه ارفق به , فواللّه لقد جانا اللّه بك , وانا لننظم له الخرز لنتوجه , فواللّه
انه ليرى ان قد سلبته ملكا «145» .


وروى ابـن اسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة : ان رسول اللّه لما قدم المدينة كان عبد اللّه بن ابي
بـن سـلول العوفي لا يختلف عليه في شرفه من قومه اثنان واذ كان معه من الاوس رجل مثله شريفا
مـطـاعا في قومه هو ابو حنظلة عبد عمرو بن صيفى , واذ كان هذا مع ابن ابى لذلك اجتمعت عليه
الاوس والخزرج لم تجتمع على رجل من احد الفريقين غيره قبله ولا بعده , فكان قومه قدنظموا له
الخرز ليتوجوه ثم يملكوه عليهم .


وبـيـنـمـا هم على ذلك اذ جاهم اللّه تعالى برسوله فانصرف قومه عنه الى الاسلام , فكان يرى ان
رسـول اللّه قد استلبه ملكا فضغن عليه , ولكنه لمـاراى ان قومه دخلوا في الاسلام مصرين عليه
دخل هو فيه كارهامصراعلى الضغن والنفاق .


وامــا ابـو حنظلة ـ غسيل الملائكة ـ المعروف بابي عامر فانه لما راى ان قومه الاوس اجتمعوا
على الاسلام , اتى رسول اللّه ـ كما حـدث جعفر بن عبد اللّه ـ فقال له :.


ما هذا الدين الذي جئت به ؟.


قال : جئت بالحنيفية دين ابراهيم .


وكان ابو حنظلة قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح حتى كان يقال له الراهب فقال : فانا عليها قال رسول اللّه : انك لست عليها.


قال : بلى قال رسول اللّه : ما فعلت , ولكني جئت بها بيضا نقية .


قال : الكاذب منا اماته اللّه طريدا غريبا وحيدا , يعرض برسول اللّه .


قال رسول اللّه : اجل من كذب فعل اللّه به ذلك .


فقام وانصرف .


ثـم خـرج مـن الـمدينة مع بضعة عشر رجلا من قومه من المدينة الى مكة «146» وقد عد ابن
اسحاق عددا من منافقي الاوس والخزرج :.


منافقو الاوس والخزرج :.


منافقو الاوس والخزرج
:



فمن الاوس : زوى بن الحارث , وجلاس بن سويد بن الصامت , واخوه الحارث بن سويد , وبجاد بن عـثمان , ونبتل بن الحارث وعبد اللّه بن نبتل , وابوحبيبة بن الازعر , وثعلبة بن حاطب , ومعتب
بن قشير , وعباد بن حنيف ـ اخوسهل بن حنيف ـ وعمرو بن خذام , ويخزج , وجارية بني عامر ,
وابـنـاه زيـدومجمع , ووديعة بن ثابت , وخذام بن خالد , وبشر ورافع ابنا زيد ومربع بن قيظي ,
واخـوه اوس بن قيظي , وحاطب بن امية , وبشير بن ابيرق , وحليفه قزمان , ويتهم معهم الضحاك
بن ثابت خمسة وعشرون رجلا.


ومن الخزرج : رافع بن وديعة , وزيد بن عمرو , وعمرو بن قيس وكان صاحب آلهة في الجاهلية ,
وقيس بن عمرو بن سهل , والجد بن قيس , ووديعة ,ومالك بن ابي قوقل , وسويد , وداعس , وهم
رهط عبد اللّه بن ابى بن سلول «147» وهؤلا عشرة , فهم اقل من الاوس وكان هؤلا المنافقون
يـحـضـرون الـمـسجدفيستمعون احاديث المسلمين ويسخرون ويستهزئون بدينهم فاجتمع يوما
نـاس منهم في المسجد , ورآهم رسول اللّه قد لصق بعضهم ببعض يتحدثون بينهم خافضي اصواتهم
فامر رسول اللّه من حضره من اصحابه باخراجهم من المسجد اخراجا عنيفا.


وكـانـوا سـتة , اربعة من بني النجار من الخـزرج (رهط النبى ) هم : عمرو بن قيس , ورافع بن
وديـعـة , وزيـد بـن عـمرو , وقيس بن عمرو بن سهل , وواحد من الاوس هو زوى بن الحارث
وآخر لم يذكر من ايهم : الحارث بن عمرو(ويرجح انه من الخزرج ).


فـامـا زوى بن الحارث , فقد قام اليه رجل من اخوانه الاوس فافف له وقال له : غلب عليك الشيطان
وامره , واخرجه من المسجد اخراجا عنيفا.


وامـا الـحـارث بـن عمرو فقد قام اليه عبد اللّه بن الحارث الخزرجي الخدري من رهط ابي سعيد
الخدري , فاخذ بجمة الرجل فسحبه بها سحبا عنيفا حتى اخرجه من المسجد , وقال له : لا تقربن
مسجد رسول اللّه فانك نجس .


وقام الى الاربعة من بني النجار ثلاثة منهم هم : مسعود بن اوس , وعمارة ابن حزم , وخالد بن يزيد
ابو ايوب الانصاري .


فـقــام ابو ايوب الى عمرو بن قيس ـ وهو صاحب آلهتهم في الجاهلية ـفاخذ برجله فسحبه حتى
اخرجه وهو يقول : اتخرجني ـ يا ابا ايوب ـ من مربدبني ثعلبة ثـم اقبل ابو ايوب الى رافع بن وديعة فلطم وجهه ثم لببه بردائه اجتذبه جذبا شديدا حتى اخرجه
من المسجد وهو يقول له : اف لك منافقا خبيثا ,ادراجك يا منافق من مسجد رسول اللّه .


وقـام عـمارة بن حزم الى زيد بن عمرو , وكانت له لحية طويلة , فاخذ عمارة بلحية زيد فقاده بها
قـودا عـنيفا حتى اخرجه من المسجد , ثم جمع يديه فدفعه في صدره دفعة خر منها الى الارض ,
وهـو يـقـول لـه : ابعدك اللّه يا منافق رسول اللّه .


وقام ابو محمد مسعود بن اوس الى قيس بن عمرو بن سهل , وكان غلاماشابا , فجعل ابو محمد يدفع
في قفاه حتى اخرجه من المسجد «148» .


المنافقون من اليهود :.


قـال ابن اسحاق : وممن اظهر الاسلام وهو منافق من احبار اليهود من بني قينقاع : سعد بن حنيف ,
وزيد بن اللصيت , ونعمان بن اوفى , واخوه عثمان بن اوفى , ورافع بن حريملة , ورفاعة بن زيد ,
وسلسلة بن برهام , وكنانة بن صوريا «149» .


نزول سورة البقرة :.


نزول سورة البقرة
:


قـال ابـن اسـحاق : بلغني ان صدر سورة البقرة الى المئة منها «150» نزل في هؤلا المنافقين من
احبار اليهود والاوس والخزرج .


( ومـن الـنـاس مـن يـقــول آمنا باللّه وباليوم الاخـر وما هم بمؤمنين ) يعني المنافقين من الاوس
والـخـرزج ومـن كـان عـلى امرهم ( يخادعون اللّه والذين آمنـواوما يخدعون الا انفسهم ومـا
يـشـعـرون في قلوبهم مرض ) اي شك ( فـزادهم اللّه مرضا ) شكا ( ولهم عـذاب اليم بما كانوا
يـكـذبـون واذا قيل لهـم لا تفسدوافي الارض قـالوا انما نحن مصلحون ) اي انما نريد الاصلاح
بين الفريقين من المؤمنين واهل الكتاب ( الا انهم هـم المفسدون ولكن لا يشعرون واذا قيل لهـم آمنوا كما آمن الناس قـالوا انؤمن كما آمن
الـسـفـهــا الا انهم هم السفهـا ولكن لا يعلمون واذالقـوا الذين آمنوا قـالوا آمنـا واذا خـلوا الى
شـياطينهم ) الذين يامرونهم بتكذيب الحق وخلاف ما جا به الرسول ( قـالوا انا معكم ) على مثل ما
انـتـم عـلـيـه ( انما نحن مستهزئون ) نستهزئ بالقوم ونلعب بهم ( اللّه يستهزئ بهم ويمدهم في
طـغـيانهم يعمهـون اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى ) اي الكفر بالايمان ( فما ربحت تجارتهم
وما كانوا مهتدين ).


ثم ضرب لهم مثلا فقال تعالى : ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلمااضات ما حوله ذهب اللّه بنورهم
وتركهم في ظلمات لا يبصرون ) اي لما خرجوامن ظلمة الكفـر بنور الحق اطفاوه بنفاقهم فيه ,
فـتـركـهم اللّه في ظلمات الكفر فهم لايبصرون هدى ولا يستقيمون عليه ( صم بكم عمي ) عن
الـخـير فهم لا يصيبون نجاة ولا يرجعون الى خير ما داموا على ما هم عليه ( او كصيب من السما
فـيـه ظـلـمـات ورعـد وبرق يجعلون اصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر المـوت واللّه محيط
بـالـكافرين ) اي انهم بالنظر الى ظلمة ما هم فيه من الكفر , والحذر من القتل لما هم عليه , كالذي
هو في ظلمة المطر الصيب يجعل اصابعه في اذنيه من الصواعق حذر الموت واللّه محيط بالكافرين
( يـكاد البرق يخطف ابصارهم ) لشدة ضؤ الحق ( كلما اضا لهم مشوا فيه واذا اظلم عليهم قاموا )
اي كـلـمـا عـرفـوا الـحق تكلموا به واذا ارتكسوا في الكفر قاموا متحيرين ( ولو شا اللّه لذهب
بسمعهم وابصارهم ) لما تركوا من الحق بعد معرفته ( ان اللّه على كـل شي قدير ).


ثـم قـال لـلـفريقين من الكفار والمنافقين جميعا : ( يا ا يها الناس اعبدوا ) اي وحدوا ( ربكم الذي
خـلقكـم والذين من قبلكم لعلكم تتقـون الذي جعل لكم الارض فراشا والسما بنا وانزل من السما ما
فـاخرج به من الثمرات رزقا لكـم فلا تجعلوا للّه اندادا وانتم تعلمون ) اي لا تشركوا باللّه غيره
مـن الانـداد الـتـي لاتـضر ولا تنفع وانتم تعلمون انه لا رب لكم يرزقكم غيره , وقد علمتم ان
الذي يدعوكم اليه الرسول من توحيده هو الحق لا شك فيه .


( وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فاتوا بسورة من مثله وادعواشهداكم من دون اللّه ان كنتـم
صـادقين فـان لم تفعلـوا ولـن تفعلـوا فاتقواالنار التي وقودها الناس والحجارة اعدت للكافرين )
اي لـمـن كـان عـلى مثل ما انتم عليه من الكفر ثم رغبهم وحذرهم نقض الميثـاق الذي اخذ عليهم
(الـيهود)لنبيه , وذكر لهم بد خلقهم حين خلقهم وشان ابيهم آدم (ع ) وكيف صنع به حين خالف عن
طاعته «151» .


ويفهم من سياق الايات ان هناك اسبابا لنزولها.


فـمنها : ما يفهم من سياق الاية : 26 : ( ان اللّه لا يستحي ان يضرب مثلا مابعوضة فمـا فوقها فاما
الـذين آمنوا فيعلمون ا نه الحـق من ربهـم واما الذين كفـروا فيقولون ماذا اراد اللّه بهذا مثـلا يضل
بـه كثيرا ويهـدي به كثيرا ) : ان الذين كفروا وجهروا بالكفر او نافقوا كانوا قد سمعوا الاية 41
من سورة العنكبوت المكية : ( مثل الذين اتخذوا من دون اللّه اوليا كمثل العنكبوت اتخذت بيتـا وان
اوهـن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ) فقالوا : ماذا اراد اللّه من ذكر هذا ؟ «152» او
ان اللّه اجل من ان يضرب مثلا «153» فرد اللّه عليهم بهذه الاية من سورة البقرة .


ومـنـهـا : ان اليهود كانوا يزعمون جهلا انهم اذا اقروا برسول اللّه لزمهم الاقرار , والا فان لهم
الانـكار , ولذلك كانوا يتواصون بالانكار وان لا يتحدثواالى المسلمين بما فتح اللّه للمسلمين على
اليهود برسول اللّه بعد ان كانوا هم (اليهود)يستفتحون به على غيرهم من العرب في يثرب وكانهم
اذا تـحـدثوا الى المسلمين بذلك قامت الحجة عليهم بذلك , وان لم يتحدثوا اليهم بذلك لم يكن علمهم
بـذلـك حـجة عليهم بـعضهم الى بعض قـالوا اتحدثونهم بمـا فتـح اللّه عليكم ليحاجوكم به عنـدربكـم افـلا تعقلـون
اولا يعلمون ان اللّه يعلم ما يسرون وما يعلنون ) «154» .


روى الطوسي في «التبيان » عن الباقر (ع ) قال : كان قوم من اليهود ليسوابالمعاندين المتواطئين
اذا لقوا المسلمين حدثوهم بمـا في التوراة من صفة محمد (ص ) فنهاهم كبراؤهم عن ذلك وقالوا :
لا تخبروهم بما (فتح اللّه عليكم ) في التوراة من صفة محمد (ص ) فيحاجوكم به عند ربكم فنزلت
الاية «155» .


وروى الـعياشي في تفسيره عن الصادق (ع ) قال : كانت اليهود تجـد في كتبها : ان مهاجر محمد ـ
عليه الصلاة والسلام ـ ما بين احد وعير (جبل بالمدينة )فخرجوا يطلبون الموضع , فمروا بجبل
يـسـمى حدادا (وحوله فدك وخيبر وتيما)فقالوا : حداد واحد سوا , فتفرقوا عنده فنزل بعضهم
بفدك , وبعضهم بخيبر ,وبعضهم بتيما (على عشر مراحل من المدينة ).


ثـم مـر اعرابي من قيس بالذين كانوا في تيما فقال لهم : امر بكم مـا بين احدوعير فاستاجروا منه
ابـله , فلما توسط بهم ارض المدينة قال لهم : ذاك عير وهذااحد فنزلوا عن ظهر ابله وقالوا له :
قد اصبنا بغيتنا فلا حاجة لنا في ابلك ,فاذهب حيث شئت .


ثم كتبوا الى اخوانهم الذين بفدك وخيبر : انا قد اصبنا الموضـع فهلمواالينا فكتبوا (جوابا) اليهم :
انا قد استقرت بنا الدار , واتخذنا الاموال , وما اقربنامنكم , فاذا كان ذلك فما اسرعنا اليكم .


ولما كثرت اموال هؤلا بارض المدينة وبلغ ذلك تبع الحميري غزاهم ,فتحصنوا منه , فحاصرهم ,
فكانوا يرقون لضعفا اصحاب تبع فيلقون اليهم بالليل التمر والشعير فبلغ ذلك تبع , فرق لهم وامنهم ,
فنزلوا اليه .


فخلف فيهم الحيين : الاوس والخزرج , فلما كثروا كانوا يتناولون اموال اليهود فكانت اليهود تقول
لهم : اما لو بعث محمد لنخرجنكم من ديارناواموالنا «156» .


وروى القمي في تفسيره بسنده عن الصادق (ع ) ايضا قال : كانت اليهودتقول للعرب قبل مجي النبى
: ايها العرب , هذا اوان نبى يخرج بمكة وتكون هجرته الى هذه المدينة (يثرب ) وهو آخر الانبيا
وافـضـلهم , في عينيه حمرة وبين كتفيه خاتم النبوة , يلبس الشملة ويجتزئ بالكسرة والتميرة ,
ويـركـب الـحـمـارالـعاري , وهو الضحوك القتال , يضـع سيفه على عاتقه ولا يبالي بمن لاقى ,
يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر , وليقتلنكم اللّه به يا معشر العرب قتل عاد فلما بعث اللّه نبيه بهذه الصفة حسدوه وكفروا به كما قال اللّه «157» .


ومـنها : ان اليهود ـ كما مر ـ كانوا فريقين : طائفة منهـم بنو قينقاع , وهم حلفا الخزرج , وطائفتا
النضير وقريظة وهم حلفا الاوس وكانوا اذا كانت بين الاوس والخزرج حرب خرجت بنو قينقاع
مع الخـزرج , وخرجت بنو النضيروقريظة مع الاوس , يظاهر كل فريق حلفاه على اخوانه حتى
يـتـسـافـكـوادمـاهم بينهم وبايديهم , فاذا وضعت الحـرب اوزارها افتدوا اسراهم تصديقالما في
الـتـوراة واخـذا بـه , يفتدي بنو قينقاع من كان من اسراهم في ايدي الاوس , ويفتدي بنو النضير
وقريظة ما كان في ايدي الخزرج , ويبطلون مااصابوا من الدما وما قتلوا منهم فيما بينهم , مظاهرة
لاهل الشرك عليهم , فانبهم اللّه بذلك فقال : ( واذ اخذنا ميثاقكـم لا تسفكون دمـاكم ولا تخرجون
انفسكم من دياركم ثم اقررتم وانتم تشهـدون ثم انتم هؤلا تقتلون انفسكم وتخرجون فريقا منكم من
ديارهم تظاهرون عليهم بالاثم والعـدوان وان ياتوكم اسارى تفادوهم وهو محرم عليكم اخراجهـم
افـتؤمنون ببعض الكتاب وتكفـرون ببعض فمـا جـزا من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيـا
ويـوم الـقـيـامـة يـردون الى اشد العـذاب وما اللّه بغافل عما تعملـون اولئك الذين اشتروا الحياة
الدنيـابالاخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون ) «158» .


ثـم كـر القرآن الكريم على استفتاح اليهود على الكفار بالنبى المختار فقال :( ولما جاهم كتاب من
عند اللّه مصدق لما معهـم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفـروا فلما جاهم ما عرفوا كفروا به
فلعنة اللّه على الكافرين فباؤوا بغضب على غضـب وللكافرين عذاب مهين ) «159» .


وروى الـطوسي في «التبيان » : عن ابن عباس قال : كان معـاذ بن جبل وبشر بن البرا بن معرور
قـد قـالا لـلـيـهـود : اتـقوا اللّه واسلموا , فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن اهل شرك ـ
وتخبرونا بانه مبعوث فقال لهما سلام بن مشكم من بني النضير : ما جا بشي نعرفه وما هو بالذي كنـا
نذكر لكم , فانزل اللّه ذلك «160» .


ومـنـهـا : ما في قوله سبحانه : ( قـل من كان عدوا لجبريل فانه نزله على قلبك ) فان السياق ـ قال
العلامة الطباطبائي ـ : يدل على ان الايـة نزلت جوابا عما قالته اليهود , وا نهم تابوا واستنكفوا عن
الايمان بمـا انزل على رسول اللّه (ص ) , وعللوه بانهم عدو لجبريل النازل بالوحي اليه «161» .


واختصر الخبر القمي في تفسيره قال : نزلت في اليهود الذين قالوا لرسول اللّه : ان لنا في الملائكة
اصدقا واعدا.


فقال رسول اللّه : من صديقكم ومن عدوكم ؟.


فقالوا : جبرئيل عدونا , لانه ياتي بالعذاب , ولو كان الذي ينزل عليك القرآن ميكائيل لامنا بك , فان
مـيـكـائيـل صـديـقـنـا , وجـبـرئيـل ملك الفضاضة والعذاب , وميكائيل ملك الرحمة فانزل اللّه
الاية «162» .


وفـي الايـة التاسعة والتسعين : ( ولقد انزلنا اليك آيـات بينات ومـا يكفر بهاالا الفاسقون ) روى
الطوسي في «التبيان » عن ابن عبـاس قال : ان ابن صورياالقطراني «163» قال لرسول اللّه :
يـا مـحـمـد مـا جـئتـنـا بـشـي نعرفه , وما انزل عليك من آية بينة فنتبعك لها فانزل اللّه في ذلك
الاية «164» .


وفي الاية المئة : ( او كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهـم بل اكثرهم لايؤمنون ) قال ابن اسحاق :
لـما بعث رسول اللّه وهاجر وذكر لليهود ما اخذ عليهم من الميثاق وما عهد اللّه اليهم فيه , قال مالك
بـن الـضـيـف : واللّه مـا عـهـد الـيـنا في محمدعهد , وما اخذ له علينا من ميثاق الاية «165» .


ومـنـهـا : ما يلوح من قوله سبحانه : ( واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان
ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ) «166» .


ولـم يعهد عن اليهود انهم كانوا يكفرون سليمان والكفر في الايـة حسب سياقها كفر السحر , كما
في الحديث : «الساحر كالكافر» واليهود كانوا ينسبون السحر الى سليمان .


والـسـبـب في ذلك ما رواه القمي في تفسيره بسنده عن الباقـر (ع ) قال : لماهلك سليمان بن داود
وضـع ابـلـيس السحر وكتبه في كتاب ثم طواه وكتب على ظهره :«هذا ما وضع آصف بن برخيا
لـلـمـلك سليمان بن داود من ذخائر كنـوزالعلم » (وفيه ) من اراد كذا وكذا فليفعل كذا وكذا ثم
دفـنـه تـحـت الـسـريـر , ثـم استثاره لهم فقراوه فقال الكافرون : ما كان سليمان يغلبنا الا بهذا ,
وقال المؤمنون : بل هو عبد اللّه ونبيه «167» .


فـكان اليهود لا يرون السحر كفرا بل حلالا كان يعمل به سليمان بن داود ,وان كانوا يرونه لذلك
ملكا ـ كما مر في الخبر ـ لا نبيا رسولا , بل ينكرون ذلك على من يقول به .


هذا «وقد استعظم اللّه قدر سليمان في مواضع من كلامه في عدة من السورالمكية النازلة قبل هذه
الـسورة : كسورة الانعام , والانبيا , والنمل , وص , وفيهاانه كان عبدا صالحا بل نبيا مرسلا آتاه
اللّه العلم والحكمة ووهب له من الملك ما لاينبغي لاحد من بعده , فلم يكن ساحرا» «168» ولم
يكن قد غلبهم بذلك السحر.


ولـذلـك قـال بـعض احبار اليهود ـ كما نقله الشيخ الطوسي عن ابن اسحاق ـالا تعجبون من محمد
يزعم ان سليمان كان نبيا ؟ «169» قال :وروي عن الربيع : ان اليهود
سـالـوه (ص ) عن السحر وخاصموه فيه , فانزل اللّه الاية «170» فقالت : ( وما كفر سليمان )
باتباعه السحر والعمل به ( ولكن الشياطين كفروا ) باتباعهم السحر وعملهم به «171» .


ومـنـهـا : ما يفهم من قوله سبحانه : ( يا ا يها الذين آمنوا لا تقولوا راعنـاوقولوا انظرنا واسمعوا
ولـلـكـافـرين عذاب اليم ) وكان في كلمة «راعنا» شي من النقيصة والوقيعة والفساد والسباب
والـشـتيمة , كما روى الطوسي في «التبيان » عن الباقر (ع ) قال : هذه الكلمة سب بالعبرانية ,
والـيـه كان (اليهود) يذهبون وقال المغربي : فبحثت عن ذلك فوجدتهم يقولون : راع رنا ـ بتفخيم
النون واشمامها ـبمعنى الفساد والبلا وكان المسلمون يقولون : يا رسول اللّه راعنا من المراعـاة اي
راعـنا سمعك حتى نفهمك وتفهم عنا فلما عوتب اليهود على ذلك قالوا : انانقول كما يقول المسلمون
فنهى اللّه المسلمين عن ذلك وقال : قولوا عوضها :انظرنا اي انظر الينا «172» .


ومنها : ما يفهم من قوله سبحانه : ( ما ننسخ من آية او ننسها نات بخيرمنهااو مثلهـا الم تعلم ان اللّه
عـلـى كـل شي قـدير الم تعلم ان اللّه له ملك السموات والارض ومـا لكم من دون اللّه من ولى ولا
نـصـير ) «173» وحسب السياق السابق كانه كان مما اعترض به اليهود على رسـول اللّه نسخ
بعض الايات .


والايـة الـسـابقة هي قوله سبحانه : ( ما يود الذين كفروا من اهل الكتـاب ولاالمشركين ان ينزل
عـلـيـكـم مـن خير من ربكـم واللّه يختص برحمته من يشـا واللّه ذو الفضل العظيم ) وقد روى
الطوسي في «التبيان » انه سبحانه اراد بالخيروالرحمة هنا النبوة «174» .


وقـد مـر ان الـيـهود جحدوا النبوة حسدا عليها ان يؤتيها اللّه العرب من ولداسماعيل على خلاف
الـمـعهود لديهم ان تكون النبوة في بني اسرائيل ذرية يعقوب ابن اسحاق بن ابراهيم وعليه فالايات
الـثلاث مترابطة تقول : ان الكافرين من اهل الكتاب (اليهود) لا يودون ان ينزل خيـر النبوة عليكم
(يـا بـنـي اسـماعيل دون بني اسرائيل ) بينما اللّه يختص برحمته ومنها النبوة من يشا , وا ية آية
نـنـسـخـها(بشان النبوة في بني اسرائيل ) نؤت بخير منها (في بني اسماعيل ) اذ له ملك السموات
والارض وهـو على كل شي (من التكوين والتشريع ) قدير «175» .


ومنها : ما يفهم من قوله سبحانه : ( ام تريدون ان تسالوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل
الكفر بالايمان فقد ضل سوا السبيل ) «176» .


وقد روى الطوسي في «التبيان » عن ابن عباس قال : قال رافع بن حريملة ووهب بن زيد لرسول
اللّه : ائتـنـا بكتاب تنزله علينا من السما نقراه , وفجر لناانهارا , نتبعك ونصدقك , فانزل اللّه في
ذلك الاية «177» .


ويـؤيده قوله سبحانه في سورة النسا : ( يسالك اهل الكتاب ان تنزل عليهم كتابا من السما فقد سالوا
موسى اكبر من ذلك فقالوا ارنا اللّه جهرة ) «178» .


ومـنـهـا : مـا يـفهم من قوله سبحانه : ( ود كثير من اهل الكتاب لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا
حسـدا من عند انفسهم من بعد ما تبين لهم الحـق فاعفـواواصفحوا حتى ياتي اللّه بامره ان اللّه على
كل شي قدير ) «179» .


وقـد روى الـطـوسـي فـي «الـتـبـيـان » عـن ابـن عـباس انهم حيى بن اخطب وابوياسر بن
اخطب «180» وفي الاية : ان الحق قد تبين لهم , ولذلك اكمل الخبر الطبرسي :انهما حينما قدم
النبى المدينة دخلا عليه , فلما خرجا قيل لحيى : اهو النبى ؟ قال :هو هو فقيل له : فما له عندك ؟
قال : العداوة الى الموت «181» .


وقد مر الخبر عن ابن اسحاق , وهنا ايضا قال ابن اسحاق بذلك واضاف :وكانا جاهدين في رد الناس
عن الاسلام بما استطاعا «182» .


ومـنـها : ما يفهم من الايتين من قوله سبحانه : ( ومن اظلم ممن منع مساجداللّه ان يذكر فيها اسمه
وسعى في خرابهـا اولئك ما كان لهم ان يدخلوها الا خـائفين لهم في الدنيـا خزي ولهـم في الاخـرة
عذاب عظيـم وللّه المشرق والمغرب فاينما تولوا فثم وجه اللّه ان اللّه واسع عليم ) «183» .


هـاتان الايتان الرابعة عشرة والخامسة عشرة بعد المئة من سورة البقرة ,وآيات تحويل القبلة هي
الايـات الـتسعة من 142 الى 150 , فبين هذه الاية هناوتلك الايات خمس وعشرون آية في معاني
اخرى .


وعليه : فمن المستبعد ان تكون هذه الاية ردا على اليهود لما انكروا تحويل القبلة الى الكعبة , كما
رواه الطوسي في «التبيان » عن ابن عباس «184» .


وابـعـد مـنـه ما نقله عن قتادة وابن زيد : انه كان للمسلمين التوجه بوجوههم في الصلاة الى حيث
شـاؤوا , ثـم نـسـخ ذلك بقوله : ( فول وجهك شطر المسجدالحرام ) «185» وانما كان النبى
اخـتـار الـتـوجـه الـى بيت المقدس «186» بينما اللّه يقول : ( وماجعلنا القبلة التي كنت عليها
) «187» .


بل الاوجه ما ذكره الطوسي ايضا : انها نزلت في قوم صلوا في ظلمة وقدخفيت عليهم جهة القبلة ,
فلما اصبحوا اذا هم صلوا الى غيرالقبلة «188» ورواه الطبرسى عن جابر قال : بعث رسول اللّه
سرية كنت فيها فاصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة , فقالت طائفة منا : قد عرفنا القبلة هي ها هنا , قبل
الشمال , فصلوا وقال بعضنا : بل القبلة ها هنا , قبل الجنوب , فلما اصبحوا وطلعت الشمس اصبحت
الـخـطـوط لـغـيـر الـقـبلة فلما قفلنا من سفرنا سالنا النبى عن ذلك فسكت ,فانزل اللّه تعالى هذه
الاية «189» فلعلها كانت في بعض السرايا السابقة ـ قبل تحويل القبلة من بيت المقدس في الشام ـ
في مشرق المدينة الى الكعبة في جنوبها , كما ياتي تفصيله .


ولو كانت الاية ـ كما روى الطوسي عن ابن عباس ـ ردا على اليهود ,فليس لانكارهم تحويل القبلة
الـى الـكـعبة , بل لانكارهم تحويل القبلة من الكعبة في بد البعثة الى بيت المقدس في الشام بعد ذلك
والـجـواب ( للّه الـمـشـرق والمغرب ) يتكرر عند تحويل القبلة الى الكعبة : ( قل للّه المشرق
والـمـغـرب ) «190» ولـكـنـه يـصلح في المقامين , فكانه كان هناك فاصل زمنى بين اعتراض
اليهودعلى ذلك وبين تحويل القبلة .


وكـان الاية السابقة تقول : انما منع مشركو مكة رسول اللّه من ان يذكر اللّه بالصلاة الى الكعبة في
المسجد الحـرام لاحتجاجهم على الرسول انه يصلي الى الاصنام المنصوبة في الكعبة وحولها وعليها
, وانـمـا كـان ذلـك ظلما منهم , فهل انتم اليهود تريدون ان تفعلوا مثل ذلك فتصدوا رسول اللّه عن
الـصـلاة الـى بـيـت الـمـقـدس ؟ لـلـدخـول الى المسجد الحرام في مكة الا خائفين بفعـل السرايا المرسلة على قوافلهم التجارية في
طـريـقهم الى مكة والطريف ان السرايا انما كانت تخوفهم حين توجههم للدخـول الى مكة , لا حين
خـروجـهـم منها الى الشام فالاية على هذاتضمنت امضـا بعث السرايا , قبل نزول قوله سبحانه : (
اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا ) «191» من سورة الحج المتاخرة النزول بغير قليل .


ومـنها : ما يفهم من قوله سبحانه : ( وقال الذين لا يعلمـون لولا يكلمنا اللّه او تاتينا آيـة كـذلك قال
الذين من قبلهم مثل قولهـم تشابهت قلوبهم قد بيناالايات لقوم يوقنون ) «192» .


وقال ابن اسحاق : قال رافع بن حريملة لرسول اللّه : يا محمد , ان كنت رسولا من اللّه ـ كما تقول ـ
فقل للّه فليكلمنا حتى نسمع كلامه , فانزل اللّه تعالى في ذلك الاية «193» .


وقد نقل الطوسي عن ابن عباس ان المعنى بهذه الاية هم اليهود «194» وقد سبق قوله سبحانه :
( وقد كان فريق منهم يسمعون كلام اللّه ثم يحرفونه من بعد ماعقلوه ) «195» .


ونـقـل الطوسي هناك عن ابن عباس ايضا : انهم الذين اختارهم موسى من قومه , فسمعوا كلام اللّه
فلم يمتثلوا امره , وحرفوا القول في اخبارهم لقومهم حين رجعوا اليهم «196» .


وعليه فالذين لا يعلمون والذين من قبلهم من اليهـود تشابهت قلوبهم وعقولهم في الجهل .


ومـنـهـا : مـا يفهم من قوله سبحانه : ( وقـالوا كونوا هودا او نصارى تهتدواقـل بـل ملة ابراهيم
حـنـيفـا وما كان من المشـركين قـولوا آمنـا باللّه وما انزل الينا وما انزل الى ابراهيم واسماعيل
واسحاق ويعقوب والاسبـاط وما اوتي موسى وعيسى وما اوتي النبيون من ربهـم لا نفـرق بين احد
مـنـهــم ونـحـن لـه مـسـلـمـون فان آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتـدوا وان تولوا فانما هم في
شـقــاق فـسـيـكـفيكهم اللّه وهـو السميع العليـم صبغـة اللّه ومن احسن من اللّه صبغة ونحن له
عـابدون قـل اتحاجوننـا في اللـه وهو ربنا وربكم ولنا اعمالنا ولكم اعمالكم ونحن لـه مخلصـون
ام تقولون ان ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط كانوا هـودا او نصـارى قـل انتم اعلم
ام الـلـه ومن اظلم ممن كتم شهادة عنـده من اللّه ومـا اللّه بغافل عم ا تعملـون تلك امة قد خلت لهاما
كسبت ولكم مـا كسبتم ولا تسالون عما كانوا يعملون ) «197» .


وروى الطوسى في «التبيان » عن ابن عباس انه قال : قال عبد اللّه بن صوريا الاعور لرسول اللّه
: مـا الـهدى الا ما نحن عليه , فاتبعنا يا محمدتهتد «198» وروى ابن اسحاق مثله وقال : فانزل
اللّه تعالى في ذلك : ( وقـالوا كونواهودا ) الى قوله سبحانه : ( تلك امة قد خلت لها ما كسبت ولكم
ما كسبتـم ولاتسالون عما كانوا يعملون ) «199» .



/ 31