موسوعة التاریخ الإسلامی جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة التاریخ الإسلامی - جلد 2

محمد هادی الیوسفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


عـن قـتـادة «1477» والـطـبـرسي عنه وعن جماعة من المفسرين «1478» وعن مجمع
بن جارية الانصاري مرسلا «1479» ونقله الواقدي مسندا «1480» .

وقـد مـر الخبر عن القمي قال : كان رسول اللّه يستنفر بالاعراب في طريقه معه , فلم يتبعه منهم
احد , وكانوا يقولون : ايطمع محمد واصحابه ان يدخلوا الحرم وقد غزتهم قريش في عقر ديارهم
فـقتلوهم ؟ «1481» فلما قصد المسلمون قريشا
في عقر دارهم وسلموامنهم وانصرفوا عنهم بصلح وامان فكان ذلك كان ( فتحا مبينا ) بالنسبة الى
مـاكـان يـظن بهم المشركون والمنافقون ونجد في الايات الاوائل من السورة اشارة الى ذلك اذ قال
تـعـالى : ( هو الذي انزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا ايمانامع ايمانهم ... ليدخل المؤمنين
والمؤمنات جنات تجري من تحتها الانهارخالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند اللّه فوزا
عـظـيـمـا ويـعـذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين باللّه ظن السؤ عليهم
دائرة السؤ ... سيقول لك المخلفون من الاعراب شغلتنا اموالنا واهلونا فاستغفر لنايقولون بالسنتهم ما
لـيس في قلوبهم قل ... بل كان اللّه بما تعملون خبيرا بل ظننتم ان لن ينقلب الرسول والمؤمنون الى
اهليهم ابدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السؤ وكنتم قوما بورا ) «1482» وهنا قال القمي
: اي : قوم سؤ , وهم الذين استنفرهم في الحديبية .

ثم قال : ولما رجع رسول اللّه من الحديبية الى المدينة غزا خيبر ,فاستاذنه المخلفون من الاعراب
ان يـخـرجـوا مـعـه , فقال اللّه : ( سيقول المخلفون اذاانطلقتم الى مغانم لتاخذوها ذرونا نتبعكم
يريدون ان يبدلوا كلام اللّه قل لن تتبعوناكذلكم قال اللّه من قبل فسيقولون بل تحسدوننا بل كانوا لا
يفقهون الا قليلا ) «1483» وهذا بظاهره يفيد نزول هذه الاية ـ فما بعدها ـ بعد دخول الرسول
الى المدينة وخروجه منها الى خيبر بعد الحديبية , بينما لم يقل به القمي في نزول السورة , وهناقال
: ( فقال اللّه ) وليس : فانزل اللّه .

والايـة من دون تعبير تفسير القمي غير ظاهرة في ذلك , بل تحتمل ان تكون اخبارا عما سيكون ,
وكذلك في تفسير الطوسي «1484» والطبرسي «1485» وقول الواقدي «1486» .

وبـيعة الرضوان تحت الشجرة كانت قبل عقد الصلح , فلو كان الفتح المبين هو الفتح بالصلح , فليس
مـن الغريب ان يكون الفتح القريب في قوله سبحانه : ( لقد رضى اللّه عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت
الشجرة فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحا قريبا ) «1487» هو نفس ذلك «
الـفـتح المبين »ايضا كما قال الواقدي «1488» , لا فتح مكة كما عن الجبائي , ولا فتح خيبر
كـمـا عـن قتادة «1489» ولكن هي من المغانم الكثيرة التي ياخذونها فيما ياتي , والتي وعدهم
اللّه بـهـا في الاية التالية وعليه فالاشارة في قوله سبحانه : ( فعجل لكم هذه ) اشارة الى نفس ذلك
الـفتح المبين القريب , وكذلك قال الشيخ الطوسي : يعني الصلح وعليه فالصلح ليس فتحا مبينا قريبا
فـحـسب بل هو ـ مع بيعة الرضوان ـ غنيمة معجلة لهم , وهذا ما رآه الطوسي بحاجة الى التفسير
فـقـال : وسـمـيـت بـيـعـة الـرضـوان ( غنيمة ) لقول اللّه تعالى : ( لقد رضى اللّه عن المؤمنين
) «1490» والايـة بينت ما عجل اللّه لهم من الفتح بعطف بيان : ( وكف ايدي الناس ) الذين كانوا
طـافـوا بالنبي من المشركين رجا ان يصيبوا من المسلمين غرة فاسرهم اصحاب رسول اللّه اسرا
,كما نقل الواقدي عن الزهري عن سعيد بن المسيب «1491» وعاد فقال ـ تعالى ـ بعداربع آيات
: ( وهو الذي كف ايديهم عنكم وايديكم عنهم ببطن مكة من بعد ان اظفركم عليهم ... ) «1492»
وفي معناه نقل الطوسي عن ابن عباس قال : كان المشركون بعثوا اربعين رجلا من المسلمين , فاتوا
بـهم الى رسول اللّه فخلى سبيلهم «1493» فكف اللّه ايدي المسلمين عن قتلهم «1494» بان
حجز بين الفريقين فلم يقتتلا حتى اتفق بينهم الصلح , فكان اعظم من الفتح «1495» .

ورد اللّه عـلـى تـرديـد بـعض المسلمين في صدق رؤيا النبي في دخول المسجد الحرام مقصرين
ومـحـلقين الرؤوس فقال : ( لقد صدق اللّه رسوله الرؤيابالحق لتدخلن المسجد الحرام ان شا اللّه
آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لاتخافون ... ) ثم اوعز الى تاخيره والعلة في ذلك فقال : ( فعلم
مـا لم تعلموا ) انتم من المصلحة في المقاضاة ( المصالحة ) واجابتهم الى ذلك ( فجعل من دون ذلك
فـتـحـاقـريبا ) هو فتح الحديبية , كما عن الزهري «1496» وعليه فالفتح القريب في سورة
الفتح في الموضعين هو نفس الفتح المبين في مفتتح السورة في صلح الحديبية فحسب , لافتح خيبر ,
ولا فتح مكة .

واين ابو سفيان وعمرو بن العاص ؟.

واين ابو سفيان وعمرو بن العاص
؟


ولا نـجد في اخبار الحديبية اثرا او ذكرا لعمرو بن العاص السهمي , ذلك لما رواه الواقدي بسنده عـنه قال : حضرت بدرا مع المشركين فنجوت , ثم حضرت احدا فنجوت , ثم حضرت الخندق (
فنجوت ) «1497» .

ورواه قبله ابن اسحاق بسنده عنه ـ ايضا ـ قال : لما انصرفنا عن الخندق مع الاحزاب «1498»
قـلـت فـي نـفسي : واللّه ليظهرن محمد على قريش بـمـالـي بـالـرهط واقللت من الناس , فلم احضر الحديبية وصلحها , وانصرف رسول اللّه بالصلح
ورجعت قريش الى مكة «1499» .

هـذا عن عمرو بن العاص , واما عن ابي سفيان فقد مر الخبر عن « روضة الكافي » عن الصادق
(ع ) : ان قـريـشـا لما ارسلوا الرسل الى رسول اللّه يستفسرونه عن قصده , وفيهم الحليس سيد
الاحـابـيـش , ورجع الحليس يقول لابي سفيان : اما واللّه لتخلين عن محمد وما اراد , او لانفردن
بالاحابيش «1500» .

وعـليه فان ابا سفيان كان يريد ان يعاهد محمدا (ص ) لمصلحته في « رحلة الشتا والصيف » فلم
يـكـن يـريـد النفير , لرعاية العير , وقد وصل بعهدالصلح الى ما كان يؤمل , وكانه من ابي سفيان
خطوة نحو الائتلاف فماذا عن ردالنبي على ذلك ؟.

كـان الرد كان بزواجه (ص ) بابنته رملة الشهيرة بام حبيبة , التي كانت قد اسلمت مع زوجها عبيد
اللّه بن جحش الاسدي القرشي حليف بني امية , وامه اميمة بنت عبد المطلب , فهو من اقربا النبي ,
اسـلـم واسلمت معه زوجه بنت ابي سفيان , وهاجر وهاجرت معه الى الحبشة النصرانية فتاثر بها
وتـنصر حتى مات عليها «1501» , وبقيت زوجه رملة ارملة مسلمة , فارسل الرسول عمرو بن
امـية الضمري القرشي لخطبتها , وتقدم الرسول بذلك الى النجاشي اصحمة والظاهر ان ذلك كان مع
كتابه (ص ) اليه بدعوته اياه الى الاسلام , بعد الحديبية .

قصة ابي بصير الثقفي :.

قصة ابي بصير الثقفي
:


كان من المسلمين المستضعفين المحبوسين في مكة رجل من ثقيف يدعى ابو بصير بن اسيد.

قـال الـطـبرسي : لما رجع رسول اللّه الى المدينة ( وقبل غزوة خيبر )انفلت ابو بصير بن اسيد
الثقفي , من يد المشركين , ومعه خمسة آخرون مسلمين مهاجرين الى المدينة .

وبـعـث الاخـنس بن شريق الثقفي في اثره رجلين يردانه , فقتل احدهماوانفلت الاخر واقدم على
رسول اللّه وحكى له قصته , فقال فيه رسول اللّه :مسعر حرب لو كان معه احد , ثم قال له : شانك
بسلب صاحبك , واذهب حيث شئت فـخـرج ابو بصير ومعه اصحابه الخمسة الى طريق عيرات قريش ممايلي سيف البحر في ارض
جهينة بين العيص وذي المروة .

وانفلت بعده ابو جندل بن سهيل بن عمرو ومعه سبعون رجلا من مكة قد اسلموا , فلحقوا بابي بصير
.

واجـتـمـع اليهم ناس من جهينة وغفار واسلم حتى بلغوا ثلاثمئة مقاتل وهم مسلمون ( ؟ ) لا تمر
عير لقريش الا قاتلوا اصحابها واخذوها ومنها العير التي كان فيها ابو العاص بن الربيع صهر رسول اللّه زوج زينب ابنة النبي , وكان حينما
خـرج من مكة الى الشام قد اذن لها ان تهاجر الى ابيها في المدينة فلما رجع مع اصحابه من قريش من
الـشـام , اسروهم واخذوااموالهم ولم يقتلوا منهم احدا وخلوا سبيل ابي العاص , فقدم المدينة على
زينب .

وارسلت قريش ابا سفيان بن حرب الى رسول اللّه يتضرعون اليه ان يبعث الى ابي بصير وابي جندل
ومن معهم فيقدموا عليه في المدينة , وكل من يخرج من مكة اليه فلا حرج عليه ان يمسكه ولا يرده
اليهم حسب الصلح «1502» .

وعلم الصحابة ان طاعة رسول اللّه كانت خيرا لهم فيما كرهوا من قرارالصلح .

نزول آيتين من الممتحنة :.

نزول آيتين من الممتحنة
:


( يـا ايـهـا الـذين آمنوا اذا جاكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن اللّه اعلم بايمانهن فان علمتموهن مـؤمـنـات فـلا ترجعوهن الى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وآتوهم ما انفقوا ولا جناح
عليكم ان تنكحوهن اذا آتيتموهن اجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسالوا ما انفقتم وليسالوا ما
انـفقوا ذلكم حكم اللّه يحكم بينكم واللّه عليم حكيم وان فاتكم شي من ازواجكم الى الكفار فعاقبتم
فتواالذين ذهبت ازواجهم مثل ما انفقوا واتقوا اللّه الذي انتم به مؤمنون ) «1503» .

واختصر خبرهما الشيخ الطوسي فذكر عن عروة بن الزبير في سبب نزول الاية : ان النبي (ص )
كـان قد صالح قريشا يوم الحديبية على ان يرد عليهم من جا بغير اذن وليه , فلما هاجرت اليه كلثم
بنت ابي معيط ( كذا ) جا اخواهافسالا رسول اللّه ان يردها عليهم , فنزلت الاية فنهى اللّه ان ترد
الى المشركين «1504» .

بـيـنـما نقل الطبرسي عن الجبائي : ان ام كلثوم بنت عقبة بن ابي معيط( وهو الصحيح في الاسم )
كانت مسلمة فهاجرت من مكة الى المدينة بعدالحديبية , فجا اخواها الى المدينة يسالان رسول اللّه
ان يردها عليهما فلم يردهاعليهما وقال : ان الشرط بيننا في الرجال لا في النسا.

وروى عن ابن عباس : ان سبيعة بنت الحرث الاسلمية كانت مسلمة وزوجها مسافر من بني مخزوم
كـافـر , فلحقت بالمسلمين وهم في الحديبية بعدالفراغ من الصلح , فاقبل زوجها يقول : يا محمد ,
اردد عـلـي امراتي , فانك قدشرطت لنا ان ترد علينا منا , وهذه طينة الكتاب لم تجف بعد , فنزلت
الاية .

فـاحـضـرهـا رسول اللّه فحلفها باللّه الذي لا اله الا هو انها خرجت من بغض زوج ولا رغبة عن
ارض الـى ارض , ولا التماس دنيا , الا حبا للّه ولرسوله والا رغبة في الاسلام فحلفت فلم يردها
على زوجها واعطاه مهرها وما انفق عليها.

وامـيـمـة بـنـت بشر كانت مسلمة وزوجها ثابت بن الدحداحة كافرا ,ففرت منه الى رسول اللّه ,
فزوجها رسول اللّه سهل بن حنيف «1505» .

وقـال الـقمي في الاية الثانية ( 11 ـ الممتحنة ) : كان سبب نزول ذلك : ان عمر ابن الخطاب كانت
عـنـده فـاطـمـة «1506» بنت ابي امية بن المغيرة المخزومي ( اخت ام سلمة ) وكانت كافرة
فكرهت الهجرة معه واقامت بمكة ( حتى نزلت هذه الاية )فنكحها معاوية بن ابي سفيان , فامر اللّه
رسـولـه ان يعطي عمر مثل صداقها «1507» من غنائم الحرب وتزوج عمر بن الخطاب سبيعة
الاسلمية .

ثـم نـقل الطبرسي عن الزهري قال : كان جميع من رجع من نساالمؤمنين المهاجرين , كافرات الى
الـمشركين ( بحكم الاية ) ست نسوة : فاطمة بنت ابي امية المخزومي اخت ام سلمة , كانت لعمر
بـن الخطاب فابت ان تهاجر معه وكلثوم بنت جرول الخزاعية كانت لعمر ايضا وهند بنت ابي جهل
بن هشام المخزومي كانت لهشام بن العاص بن وائل السهمي اخي عمرو بن العاص وام الحكم بنت ابي
سـفـيـان كـانت لعياض بن شداد الفهري وعبدة بنت عبد العزى وزوجها عمرو بن عبدود ( كذا )
وبرذع بنت عقبة كانت لشماس بن عثمان «1508» .

وقـد حـكى الواقدي في مغازيه قصة هجرة ام كلثوم بنت عقبة بن ابي معيطالمخزومي مع رجل من
خزاعة ـ خلال ثمانية ايام ـ ودخولها على ام سلمة المخزومية , وتتضمن ان ذلك كان بعد قصة ابي
بـصير وابي جندل , وان النبي قال لها : ان اللّه قد نقض العهد في النسا فقد انزل فيهم « الممتحنة
» وحكم في ذلك بحكم رضوه كلهم .

وقدم اخواها عمارة والوليد من الغد , فقال لهما : قد نقض اللّه ذلك وهـذا يـؤيـد نـزول الممتحنة قبل ذلك كما في خبر ابن عباس في سبيعة الاسلمية زوجة مسافر
المخزومي , كما مر.

ولـكـنه يروي بعده عن الزهري عن عروة قال : فرجعا الى مكة فاخبراقريشا بذلك , فرضوا بان
تـحـبـس الـنسا , فلم يبعثوا في ذلك احدا «1509» فهذا بظاهره يدل على ان الامر والخبر كان
حادثا غير مسبوق .

رسل الرسول الى الملوك :.

رسل الرسول الى الملوك
:


نـقـل ابن اسحاق عن كتاب وجده يزيد بن ابي حبيب المصري فيه : ان رسول اللّه [ بعد الحديبية ] خرج على اصحابه [ يوما ] فقال لهم :.

ان اللّه بـعـثني رحمة , وكافة , فادوا عني يرحمكم اللّه , ولا تختلفوا علي كمااختلف الحواريون
على عيسى بن مريم .

قالوا : يا رسول اللّه , وكيف كان اختلافهم ؟.

قـال : دعـاهم لمثل ما دعوتكم له , فاما من قرب به فاحب وسلم , وامامن بعد به فكره وابى , فشكا
ذلك عيسى منهم الى اللّه , فاصبحوا وكل رجل منهم يتكلم بلغة القوم الذين وجه اليهم «1510» .

اما ابن هشام فقد روى عن ابي بكر الهذلي : ان رسول اللّه خرج [ يوما ] بعد يوم الحديبية فقال :.

ايـهـا الـناس , ان اللّه بعثني رحمة وكافة , فلا تختلفوا علي كما اختلف الحواريون على عيسى بن
مريم .

فقال اصحابه : وكيف اختلف الحواريون يا رسول اللّه ؟.

قال : دعاهم الى الذي دعوتكم اليه , واما من بعثه مبعثا قريبا فرضى وسلم , واما من بعثه مبعثا بعيدا
فكره وجهه وتثاقل , فشكا ذلك عيسى الى اللّه ,فاصبح المتثاقلون وكل واحد منهم يتكلم بلغة الامة
التي بعث اليها «1511» .

قالوا : ولما اراد ان يكتب الكتب الى الملوك قيل له : يا رسول اللّه , انهم لا يقرؤون كتابا غير مختوم
بخاتم .

فـيـومـئذ اتخذ رسول اللّه خاتما , روى الكليني في كتاب الزي والتجمل من « فروع الكافي »
بسنده عن الصادق (ع ) : ان خاتم رسول اللّه كان من فضة ونقشه محمد رسول اللّه في سطرين من
اسفل الى اعلى «1512» .

قال الطبرسي في « مكارم الاخلاق » اهداه له معاذ بن جبل «1513» .

وفـي « امـالي الطوسي » بسنده عن زيد بن علي عن ابيه : ان رسول اللّه اعطى خاتما لعلي (ع )
وقـال له : يا علي , خذ هذا الخاتم وانقش عليه : محمد بن عبداللّه فاعطاه علي (ع ) للنقاش لينقش
عـلـيه ذلك , فاخطا النقاش ونقش عليه : محمدرسول اللّه فاخذه النبي وتختم به وقال انا محمد بن
عبد اللّه وانا رسول اللّه «1514» .

تاريخ الكتب :.

تاريخ
الكتب :


اقـدم ما بايدينا ممن عين تاريخ الكتب ما نقله الطبري عن الواقدي ـ عن غير مغازيه ـ ان رسول اللّه بعث في ذي الحجة سنة ست ثلاثة رسل مرة واحدة مصطحبين في خروجهم :.

شجاع بن وهب الاسدي القرشي ممن شهد بدرا الى الحارث بن ابي شمرالغساني من غساسنة الشام
عمالا للروم .

ودحية بن خليفة الكلبي الانصاري الى قيصر الروم ( وكان في الشام ).

وحاطب بن ابي بلتعة القرشي ـ ايضا ـ الى المقوقس في الاسكندرية عاملا للروم .

وبعث سليط بن عمرو العامري الى هوذة بن علي الحنفي في اليمامة .

وعمرو بن امية الضمري الى النجاشي في الحبشة عاملا للروم .

وعبد اللّه بن حذافة السهمي الى كسرى .

ثـم نـقـل عـن ابن اسحاق ـ وليس في السيرة ـ ان رسول اللّه قد فرق رجالا من اصحابه الى ملوك
العرب والعجم دعاة الى اللّه ـ عز وجل ـ في ما بين الحديبية ووفاته «1515» .

بـدا ابن هشام في رسل الرسول بدحية بن خليفة الكلبي الى قيصر ملك الروم , وعبد اللّه بن حذافة
السهمي الى كسرى ملك فارس , وعمرو بن امية الضمري الى النجاشي ملك الحبشة «1516» .

وبدا اليعقوبي بعبد اللّه بن حذافة السهمي الى كسرى , ودحية بن خليفة الكلبي الى قيصر , وعمرو
بن امية الضمري الى النجاشي «1517» .

هذا وقد ذكر الواقدي سرية في جمادى الاخرة سنة ست روى فيها : ان دحية الكلبي اقبل من عند
قـيصر وقد اجازه بمال وكساه كسوة , فلما كان في حسمى لقيه ناس من جذام فقطعوا عليه الطريق
واصـابـوا كـل شـي مـعـه فلماوصل المدينة استخبره رسول اللّه عما كان من هرقل «1518»
فالراجح ان ذلك كان سنة سبع لا ست .

ومـن الرسل عمرو بن امية الضمري الى النجاشي في الحبشة , واولى ان يكون النبي (ص ) قد بدا
به , لسوابقه الحسنة , ولخطبة ابنة ابي سفيان لما مر آنفا ,فنبدا به :.

الى النجاشي في الحبشة :.

الى النجاشي في الحبشة
:


روى الـطـبـري بـسنده عن ابن اسحاق ـ وليس في السيرة ـ قال : بعث رسول اللّه عمرو بن امية الضمري الى النجاشي وكتب معه كتابا :.

« بسم اللّه الرحمن الرحيم , من محمد رسول اللّه , الى النجاشي الاصحم ملك الحبشة , سلم انت ,
فـانـي احـمـد اليك اللّه الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن واشهد ان عيسى بن مريم روح اللّه
وكلمته , القاها الى مريم البتول الطيبة الحصينة فحملت بعيسى , فخلقه اللّه من روحه ونفخه , كما
خلق آدم بيده ونفخه .

واني ادعوك الى اللّه وحده لا شريك له والموالاة على طاعته , وان تتبعني و ( توقن ) بالذي جاني
, فـانـي رسـول اللّه , وانـي ادعوك وجنودك الى اللّه ,فقد بلغت ونصحت , فاقبلوا ( نصيحتي )
والسلام على من اتبع الهدى » «1519» .

فـلـمـا وصـل الكتاب اليه اخذه ووضعه على عينيه ونزل عن سريره وجلس على الارض اجلالا
واعظاما , ودعا بحق من عاج «1520» وجعل الكتاب فيه «1521» .

وروي عـن عـمـرو بن امية ان قال له : يا اصحمة , ان علي القول وعليك الاستماع , انك كا نك في
الـرقة علينا منا , وكانا في الثقة بك منك , لانا لم نظن بك خيرا قط الا نلناه , ولم نحفظك على شر
قـط الا امـنـاه وقد اخذت الحجة عليك من قبل آدم , والانجيل بيننا وبينك شاهد لا يرد وقاض لا
يـجوز , وفي ذلك موقع الخيرواصابة الفضل , والا فانت في هذا النبي الامي كاليهود في عيسى بن
مـريم , وقدفرق رسله الى الناس «1522» فرجاك لما لم يرجهم له , وامنك على ما خافهم عليه
,لخير سالف , واجر ينتظر.

فـقـال الـنـجـاشـي : اشـهـد بـاللّه انه النبي الذي ينتظره اهل الكتاب , وان بشارة موسى براكب
الـحـمـار «1523» كـبـشارة عيسى براكب الجمل «1524» وانه ليس الخبركالعيان ولكن
اعواني من الحبشة قليل , فانظرني حتى اكثر الاعوان , والين القلوب وفي رواية : لو كنت استطيع
ان آتيه لاتيته .

ثم احضر النجاشي جعفرا واصحابه واسلم على يدي جعفر للّه رب العالمين .

وعـن الـواقـدي قـال : كتب رسول اللّه الى النجاشي كتابين : في احدهمايدعوه الى الاسلام وفي
الكتاب الاخر يامره ان يزوجه بام حبيبة بنت ابي سفيان «1525» .

هـي رملة , وقد تزوجها قبل الاسلام عبيد اللّه بن جحش الاسدي حليف بني امية , وامه اميمة بنت
عبد المطلب , ادركته حنيفية جده لامه عبد المطلب , فاجتمع في يوم اجتماع في عيد لهم عند صنم
مـن اصنامهم مع ثلاثة آخرين هم : زيد بن عمرو بن نفيل العدوي , وعثمان بن الحويرث , وورقة
بـن نـوفـل , ولعله هو الذي جمعهم , فقال بعضهم لبعض : واللّه ما قومكم على شي لقد اخطاوا دين
ابيهم ابراهيم , ما حجر نطيف به لا يسمع ولا يبصر ولا يضر ولا ينفع ؟ دينا , فانكم واللّه ما انتم على شي .

ثم تفرقوا في البلدان يلتمسون الحنيفية .

حـتـى اسـلم عبيد اللّه بن جحش , ثم هاجر مع المسلمين الى الحبشة وتبعته امراته رملة بنت ابي
سفيان وهاجرت معه , فلما قدم الحبشة فارق الاسلام وتنصر «1526» فكان حين يمر باصحاب
رسول اللّه وهم بارض الحبشة يقول لهم :فقحنا وصاصاتم اي : ابصرنا وانتم تلتمسون البصر ولم
تبصروا بعد «1527» حتى هلك نصرانيا «1528» .

وروى ابن اسحاق في سيرته بسنده عن الامام الباقر (ع ) قال : ان رسول اللّه صلى اللّه عليه [ وآله
] وسلم بعث الى النجاشي عمرو بن امية الضمري في [ ام حبيبة ] فخطبها له النجاشي «1529» .

وروى الـطـبـري عـن الـواقدي قال : فارسل النجاشي الى ام حبيبة جارية يقال لها ابرهة ( كذا )
تـخـبرها بخطبة رسول اللّه اياها , وامرها ان توكل عنها من يزوجها , فسرت رملة بذلك واعطت
الجارية بعض حليها من الفضة ,واوكلت خالد بن سعيدابن العاص ان يزوجها.

فخطب النجاشي لرسول اللّه , وخطب خالد عن ام حبيبة , ودعاالنجاشي باربعمئة دينار ودفعها الى
خالد صداقا لها «1530» , وحملتها لها ابرهة , فلماجاتها بالدنانير اعطتها ام حبيبة خمسين مثقالا
مـنـهـا فـقالت لها ابرهة : قد امرني الملك ان لا آخذ منك شيئا , وان ارد اليك الذي اخذت منك وانا
صـاحبة دهن الملك وثيابه وقد امر الملك نساه ان يبعثن اليك بما عندهن من عود وقد صدقت محمدا
وآمنت به , وحاجتي اليك ان تقرئيه مني السلام .

قـالـت ام حبيبة : فخرجنا في سفينتين حتى قدمنا الجاز , ثم ركبنا الظهرالى المدينة , وكان رسول
اللّه بخيبر , فخرج اليه من خرج منا , واقمت بالمدينة حتى قدم رسول اللّه «1531» .

وقال القمي في تفسيره : وجهزها وبعثها الى رسول اللّه (ص ) وبعث اليه بثياب وطيب وفرس .

وبـعـث ثـلاثـيـن رجـلا من القسيسين وقال لهم : انظروا الى كلامه والى مقعده ومشربه ومصلا
ه «1532» .

ابن العاص عند النجاشي :.

ابن العاص عند النجاشي
:


روى ابـن اسـحـاق بـسـنـده عـن عـمـرو بـن الـعـاص قـال : لـمـا انصرفنا مع الاحزاب عن «1533» فخلفت مالي بالرهط وافلت ,
قلت في نفسي : واللّه ليظهرن محمد على قريش او قـال : فـلحقت بمالي بالرهط واقللت من الناس , فلم احضر الحديبية وصلحها , وانصرف رسول
اللّه بالصلح ورجعت قريش الى مكة .

فـقـدمت مكة , فجمعت رجالا من قومي يقدمونني فيما نابهم ويسمعون مني ويرون رايي فقلت لهم :
واللّه انـي لارى امـر مـحمد يعلو الامور علوا منكرا نـلحق بالنجاشي فنكون عنده , فان كان يظهر محمد كنا عند النجاشي فنكون تحت يد النجاشي احب
الـينا من ان نكون تحت يد محمد فاجمعوا ما تهدونه له .

وكان احب ما يهدى اليه من ارضنا الادم ( الجلود ).

فجمعنا ادما كثيرا , ثم خرجنا حتى قدمنا على النجاشي ( الحبشة ).

وكـان رسـول اللّه قـد بعث عمرو بن امية الضمري بكتاب الى النجاشي كتب فيه اليه ان يزوجه ام
حـبـيـبـة بـنت ابي سفيان «1534» فواللّه انا لعند النجاشي اذجا عمرو الضمري فدخل على
النجاشي ثم خرج من عنده .

فـدخـلت على النجاشي , فسجدت له , كما كنت اصنع , فقال : مرحبابصديقي شـيـئا ؟ قـلـت : نعم ايها الملك , اهديت لك ادماكثيرا ثم قربته اليه فاعجبه , وفرق منه اشيا بين
بطارقته , ثم امر بسائره فادخل في موضع ليحتفظ به وامر ان يكتب .

فـلـمـا رايت طيب نفسه قلت له : ايها الملك اني قد رايت رجلا خرج من عندك , وهو رسول رجل
عدو لنا قد وترنا وقتل اشرافنا وخيارنا فـرفع يده فضرب بها انفي ضربة ظننت انه كسره , وابتدر منخري بالدم , فجعلت اتلقى الدم بثيابي
فـقلت له : ايها الملك لو ظننت انك تكره ما فعلت ما سالتك فقال : يا عمرو , تسالني ان اعطيك رسول
رسول اللّه الذي ياتيه الناموس الاكبر الذي كان ياتي موسى , والذي كان ياتي عيسى بن مريم لتقتله ؟
فـقـلـت له : ايها الملك اتشهد بهذا ؟ قال : نعم , اشهد به عند اللّه , فاطعني واتبعه , واللّه انه لعلى
الحق , وليظهرن على من خالفه , كما ظهر موسى على فرعون وجنوده فقلت له : افتبايعني على الاسلام ؟ قال : نعم وبسط يده فبايعته على الاسلام وكانت ثيابي قد امتلات
مـن الـدم فـدعـا لـي بـطست , فالقيت ثيابي وغسلت عن نفسي الدم وكساني ثيابا , فخرجت بها الى
اصحابي «1535» .

قال ابن اسحاق : وكتب النجاشي الى رسول اللّه : بسم اللّه الرحمن الرحيم الى محمد رسول اللّه من
النجاشي الاصحم بن ابجر سلام عليك يا نبي اللّه ورحمته وبركاته من اللّه الذي لا اله الا هو الذي
هداني الى الاسلام .

امـا بـعـد , فقد بلغني كتابك ـ يا رسول اللّه ـ فيما ذكرت من امر عيسى فورب السما والارض ان
عـيـسى ما يزيد على ما ذكرت ثفروقا «1536» انه كما قلت وقد عرفت ما بعثت به الينا , وقد
قـريـنـا ابـن عـمك واصحابه , فاشهد انك رسول اللّه صادقامصدقا , وقد بايعتك وبايعت ابن عمك
واسلمت على يده للّه رب العالمين .

وقـد بـعثت اليك بابني ارها بن الاصحم بن ابجر , فاني لا املك الا نفسي وان شئت ان آتيك فعلت يا
رسول اللّه , فاني اشهد ان ما تقول حق والسلام عليك يا رسول اللّه «1537» .

وكـان قـد بـعـث ابـنه ارها مع ستين من الحبشة في سفينة , ولكنهم غرقت بهم سفينتهم في وسط
البحر «1538» .

ونـقـل ابـن عـبـد الباقي : ان النبي كان قد كتب الى النجاشي كتابا في تزويج ام حبيبة , فكتب اليه
النجاشي جوابا :.

بـسـم اللّه الـرحمن الرحيم , الى محمد , من النجاشي اصحمة , سلام عليك يا رسول اللّه من اللّه
ورحمة اللّه وبركاته .

امـا بـعـد , فـانـي قـد زوجتك امراة من قومك وعلى دينك , وهي السيدة ام حبيبة بنت ابي سفيان ,
واهـديـتـك هدية جامعة : قميصا وسراويل , وعطافا وخفين ساذجين والسلام عليك ورحمة اللّه
وبركاته .

ونقل ـ ايضا ـ ان النبي كان قد كتب الى النجاشي ان يجهز اليه المسلمين الى المدينة , فكتب النجاشي
اليه جوابا :.

بسم اللّه الرحمن الرحيم , الى محمد (ص ) من النجاشي اصحمة , سلام عليك يا رسول اللّه من اللّه
ورحمة اللّه وبركاته لا اله الا الذي هداني للاسلام .

اما بعد : فقد ارسلت اليك ـ يا رسول اللّه ـ من كان عندي من اصحابك المهاجرين من مكة الى بلادي ,
وهـا انا ارسلت اليك ابني اريحا ( كذا ) في ستين رجلا من اهل الحبشة , وان شئت ان آتيك بنفسي
فـعـلـت يـا رسـول اللّه , فـانـي اشـهـدان ما تقول حق والسلام عليك يا رسول اللّه ورحمة اللّه
وبركاته «1539» .

والى المقوقس في الاسكندرية :.

والى المقوقس في
الاسكندرية :

«1540» وقـد مـر عـن الـواقـدي خـبـر وفـد ثقيف معهم المغيرة بن شعبة على المقوقس في
الاسـكـنـدريـة , وكـانوا ثلاثة عشر رجلا , فلما انصرفوا وكانوا في تبيان بين خيبر والمدينة
سـكـروا , فـغـدر بـهـم الـمـغيرة وقتلهم ونهب اموالهم ولحق بالنبي (ص ) واسلم فكان معه في
الحديبية «1541» .

ولـم يـذكـر الواقدي في الخبر شيئا عن امر النبي (ص ) , وذكر ابن حجر في الاصابة : انهم لما
دخـلـوا عـلـى الـمقوقس قال لهم : كيف خلصتم الي وبيني وبينكم محمد واصحابه ؟ قالوا : لصقنا
بالبحر , قال : فكيف صنعتم فيما دعاكم اليه ؟ قالوا :ما تبعه منا رجل واحد قال : فالى ماذا يدعو ؟.

قـالوا : الى ان نعبد اللّه وحده ونخلع ما كان يعبد آباؤنا , ويدعو الى الصلاة والزكاة , ويامر بصلة
الرحم , ووفا العهد , وتحريم الزنا والربا والخمر.

فـقال المقوقس : هذا نبي م رسل الى الناس كافة , ولو اصاب القبطوالروم لاتبعوه وقد امرهم بذلك
عـيـسـى وهـذا الـذي تصفون منه بعث به الانبيامن قبله , وستكون له العاقبة حتى لا ينازعه احد
ويظهر دينه الى منتهى الخف والحافر فقال وفد ثقيف : لو دخل الناس كلهم ما دخلناه معه .

فانغض المقوقس راسه وقال : انتم في اللعب «1542» .

فلعل المغيرة حين اغار على الرجال من بني مالك من وفد ثقيف وقتلهم ولحق بالنبي اسلم مندفعا بمثل
هـذا , ولـمـا عوتب على ذلك اعتذر بمضمون الخبر , ولذلك جعل الرسول المقوقس ممن دعاه من
الملوك يومئذ.

ارسل الكتاب اليه مع حاطب بن ابي بلتعة القرشي , وفيه :.

بـسـم اللّه الرحمن الرحيم , من محمد بن عبد اللّه , الى المقوقس عظيم القبط , سلام على من اتبع
الهدى .

امـا بـعـد فاني ادعوك بدعاية الاسلام , اسلم تسلم [ و ] يؤتك اللّه اجرك مرتين , فان توليت فانما
عليك اثم القبط ( ... يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سوابيننا وبينكم ان لا نعبد الا اللّه ولا نشرك به
شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون اللّه فان تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون ) «1543» .

فـجـا به حاطب حتى دخل الاسكندرية فلم يجده واخبر انه في مجلس مشرف على البحر , فركب
حاطب سفينة وحاذى مجلسه واشار بالكتاب اليه فلمارآه المقوقس امر باحضاره بين يديه فلما جي
بـه نـظـر الـى الـكتاب وفضه وقراه ,ثم قال لحاطب : ان كان نبيا فما منعه ان يدعو على من خالفه
واخرجه من بلده الى غيرها ان يسلط عليهم ؟.

فـقال حاطب : الست تشهد ان عيسى بن مريم رسول اللّه ؟ فماله حيث اخذه قومه فارادوا ان يقتلوه
ان لا يكون دعا عليهم ان يهلكهم اللّه ـ تعالى ـحتى رفعه اللّه اليه ؟.

فقال المقوقس : احسنت , انت حكيم من عند حكيم «1544» .

ثم قال له حاطب : انه كان قبلك من يزعم انه الرب الاعلى فاخذه اللّه نكال الاخرة والاولى , فانتقم
بـه ثـم انـتـقم منه , فاعتبر بغيرك ولا يعتبر غيرك بك ان هذا النبي دعا الناس فكان اشدهم عليه
قريش واعداهم له يهود واقربهم منه النصارى , ولعمري ما بشارة موسى بعيسى الا كبشارة عيسى
بـمـحـمـد , وما دعاؤنااياك الى القرآن الا كدعائك اهل التوراة الى الانجيل وكل نبي ادرك قوما
فهم امته فالحق عليهم ان يطيعوه , وانت ممن ادرك هذا النبي , ولسنا ننهاك عن دين المسيح بل نامرك
به «1545» .

فـقال المقوقس : اني نظرت في امر هذا النبي فوجدته لا يامر بمزهود عنه ولا ينهي عن مرغوب
فـيـه , ولـم اجـده بـالـساحر الضال ولا الكاهن الكذاب ,ووجدت معه آلة النبوة باخراج الخبا (
المستور ) والاخبار بالنجوى وسانظر.

ثم اخذ الكتاب وجعله في حق وختم عليه ودفعه الى جاريته «1546» .

وروى ابـن سـعـد عـن حـاطـب قـال : مـا لـبـثـت بباب المقوقس الا قليلا ,واقمت عنده خمسة
ايام «1547» .

وفي يوم من هذه الايام ارسل الى حاطب فقال : اسالك عن ثلاث فقال : لا تسالني عن شي الا صدقتك
قال : الام يدعو محمد ؟ قلت : الى ان نعبداللّه وحده ويامر بالصلاة خمس صلوات في اليوم والليلة ,
ويامر بصيام رمضان ,وحج البيت , والوفا بالعهد , وينهى عن اكل الميتة والدم .

قال حاطب : فقال المقوقس : صفه لي فوصفت فاوجزت , فقال المقوقس قد بقيت اشيا لم تذكرها : في
عـيـنـيـه حمرة قلما تفارقه , وبين كتفيه خاتم النبوة , يركب الحمار , ويلبس الشملة , ويجتزئ
بـالـتمرات والكسر , ولا يبالي من لاقى من عم او ابن عم وكنت اعلم ان نبيا قد بقى , ولكنني كنت
اظـن ان مـخـرجـه بـالشام , فهناك كانت تخرج الانبيا قبله , واراه قد خرج في ارض العرب في
ارض جـهـد وبـؤس , والقبط لا تطاوعني في اتباعه , وسيظهر على البلاد وينزل اصحابه من بعد
بـساحتنا هذه حتى يظهروا على ما هاهنا وانا لا اذكر للقبط من هذا حرفاواحدا , ولا احب ان تعلم
بمحادثتي اياك «1548» .

واحـضره المرة الاخرة فقال له : ان القبط لا تطاوعني في اتباعه , ولااحب ان تعلم بمحاورتي اى
اك , وانا اظن بملكي ان افارقه الى صاحبك وارحل من عندي ,ولا تسمع منك القبط حرفا واحدا «1549» .

جواب المقوقس وهداياه :.

جواب المقوقس
وهداياه :

«1550» ثم دعى كاتبه بالعربية فكتب الى النبي (ص ) :.

« بسم اللّه الرحمن الرحيم , لمحمد بن عبد اللّه , من المقوقس عظيم القبط سلام عليك اما بعد ,
فقد قرات كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو اليه , وقدعلمت ان نبيا قد بقى وقد كنت اظن انه
يـخـرج بـالشام , وقد اكرمت رسولك ,وبعثت اليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم , وبثياب ,
واهديت اليك بغلة لتركبها والسلام عليك » «1551» .

احـدى الـجـاريـتـيـن هـي مـاريـة الـقبطية ا م ابراهيم «1552» وكان لها اخت معهايقال لها :
سيرين «1553» .

ولم يذكر في نص جواب المقوقس في الهدايا ما عدا هاتين الجاريتين سوى البغلة , وهي التي سمـاها
الشهبا , كما في الخبر عن الباقر (ع ) عن « قرب الاسناد » «1554» .

وروى الاصـفـهـانـي عـن محمد بن الحنفية : ان المقوقس كان قد اهدى مع الجاريتين خصيا اسمه
مـابـور «1555» وروى فـي خبر آخر عن محمد بن اسحاق ـ وليس السيرة ـ انه كان ابن عم
مارية «1556» وعن الكازروني انه مايوشنج وانه كان اخاها «1557» وفي تفسير القمي عن
الباقر (ع ) ان اسمه جريح «1558» .

وعد الحلبي في « المناقب » من هدايا المقوقس : فرسا سمى باللزاز «1559» .

وحماره اليعفور «1560» .

وقالوا : اهدى اليه الف مثقال ذهبا , وقدحا من قوارير , وعمائم وقباطي , وعودا ومسكا وقارورة
دهن , ومربعة فيها مكحلة ومشط ومقص ومرآة ومسواك .

واكرم الرسول بخمسة اثواب ومئة دينار , وبعث معه جيشا اوصلوه الى جزيرة العرب حتى وجدوا
قافلة من الشام تريد المدينة , فرافقهاوردالجيش «1561» .

والى الحارث الغساني في الشام :.

والى الحارث الغساني في الشام
:


نـقلنا عن الواقدي : ان رسول اللّه بعث في ذي الحجة سنة ست , ثلاثة رسل مرة واحدة مصطحبين فـي خـروجـهم «1562» , وذكرنا واحدا منهم هو حاطب الى المقوقس في الاسكندرية عاملا
للروم , وننتقل الان الى ذكر آخر منهم : شجاع بن وهب الاسدي القرشي الى الحارث بن ابي شمر
الغساني من غساسنة الشام عاملاللروم ايضا «1563» .

ورووا تـفـصيل الخبر عن ابن وهب نفسه قال : اتيت اليه , وهو بغوطة دمشق «1564» مشغول
بتهيئة مستلزمات النزول لقيصر ( وكان قادما الى دمشق لينزل الى ايليا القدس ).

وكان حاجبه روميا يدعى ( مري ) فقال لي : لا تصل اليه حتى يخرج يوم كذا فاقمت على بابه يومين
او ثـلاثـة , واخـذ الحاجب يسالني عن رسول اللّه وما يدعو اليه , فاجيبه , فيرق حتى يغلبه البكا
ويـقـول : اني قد قرات الانجيل ,واجد صفة هذا النبي بعينه , فانا اؤمن به واصدقه فكان الحاجب
يكرمني ويحسن ضيافتي ويقول عن الحارث : انه يخاف قيصر , وهو يخاف من الحارث .

حـتـى كان يوم خروج الحارث ( وكان ينزل هضبة الجولان ) فجلس والتاج على راسه , واذن لي
عليه , فدفعت اليه كتاب رسول اللّه «1565» .

فـروى الـطـبري عن الواقدي قال : كان قد كتب اليه : « سلام على من اتبع الهدى وآمن به , اني
ادعوك الى ان تؤمن باللّه وحده لا شريك له , يبقى لك ملكك » «1566» .

قـال : فدفعت اليه كتاب رسول اللّه فقراه ثم رمى به وقال : من ينتزع ملكي ؟ كان باليمن .

ثم قال : اخبر صاحبك بما ترى من الجيوش والخيول , واني سائر اليه .

وكـتب الى قيصر يخبره الخبر فلما راى قيصر كتاب الحارث اليه كتب اليه : ان لا تسر اليه واله
عنه , ووافني بايليا لتهيئة قصر لنزول الملك .

قال : فلما جاه كتاب قيصر دعاني وقال : متى تريد ان تخرج الى صاحبك ؟ قلت : غدا فامر لي بمئة
مثقال ذهب ( كذا ) ووصلني حاجبه بكسوة ونفقة وقال : اقرئ رسول اللّه مني السلام , واعلمه اني
متبع دينه «1567» .

والى قبائل غطفان :.

والى قبائل غطفان
:


فيه :.

بسم اللّه الرحمن الرحيم , هذا كتاب من محمد رسول اللّه لرفاعة بن زيد اني بعثته الى قومه عامة
, ومـن دخل فيهم , يدعوهم الى اللّه والى رسوله , فمن اقبل منهم ففي حزب اللّه وحزب رسوله ,
ومن ادبر فله امان شهرين .

وقـال : وكانت غطفان من جذام ووائل ومن كان معهم من سلامان وسعد بن هذيم , حين جاهم رفاعة
بـن زيد بكتاب رسول اللّه , قد توجهوا الى حرة الرجلا فنزلوها , وكان رفاعة بن زيد في ناس من
ولـم يعين الشهران للامان , ولعلهما شهرا محرم وصفر من اول السنة السابعة ولعل توقيته هذا كان
لحين انتهائه من خيبر ليحسبوا حسابهم ليومئذ.

وسـيـاتي في اخبار خيبر : ان اليهود حاولوا ان يكتسبوا نصرة غطفان اليهم , فلعل هذه الدعوة من
الرسول (ص ) كانت مبادرة منه اليهم قبل اليهود.



/ 31