التجارب اللاحقه - لمحات فی تاریخ التشیع نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لمحات فی تاریخ التشیع - نسخه متنی

حسن امین

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




وبهذه الروح استطاع ان ينفذ الى اعماق المسلمين، فينجح
كل النجاح.
وظل الائمه بعد الصادق يقودون الركب بقدر ما يسمح لهم
الظرف،وظلت حركه التدريس والتاليف مستمره حتى بلغ ما
الفه علماءالشيعه فى عهد الائمه، اى حتى سنه 260ه ما يزيد
على سته آلاف وستمائه كتاب.


وامتاز من بين هذه الكتب
اربعمائه كتاب عرفت بالاصول الاربعمائه.


الشيعه فى الحكم name="link23">
تولى الشيعه الحكم فى فترات معينه، وقامت لهم دول فى
المغرب والمشرق، فاذا بدنيا الاسلام تستقبل فى الحكم شيئا
جديدا.


فالناس الذين عرفوا الحاكمين طغاه سفاكين سلابين، فظلوا
فى ثورات متصله ونقمات متواليه عليهم، هولاء الناس تطلع
عليهم فى المغرب، فى شمال افريقيا دوله جديده مستمده
اصولها من جوهرالاسلام ومن مثل على ومناهجه، فلا يستطيع
الناس الا ان يسارعوااليها طائعين.


فحين نجا ادريس بن عبداللّه بن الحسن المثنى بن الحسن بن
على بن ابى طالب، حين نجا من مجزره فخ ومضى الى
المغرب، كان المغرب لا يزال منذ العهد الاموى يعانى شر انواع
الحكم، فظل فى ثوره دائمه، وتوقف انتشار الاسلام فيه،
واضطرمن به من المسلمين الى التمذهب بمذهب الخوارج
غضبا على الحكم.
ويصل ادريس حفيد على، المتخلق بخلقه الاخذ بسبيله،
فينجح فى اقامه حكم يرى فيه الشعب لونا جديدا لم يالفوه من
قبل..


فيهرع الناس اليه ويقبلون عليه، وتذوب المعارضه الخوارجيه.
والبربر الذين رفضوا الاسلام الممثل بالامويين والعباسيين
اقبلواعلى الاسلام ممثلا بالعلويين وبعد عدائهم الشديد له
عادوا على يدالادارسه حماته وذاده عنه.
وكما يقول الدكتور حسين مونس: فان الدوله الادريسيه
العلويه لاتزال تنتظر من يكتب تاريخها.


ويقول: يفوت
المورخين ان يتبينوامكانها كحجر الزاويه فى بناء اسلام
المغرب وما قامت به من دورعظيم فى مد رقعه الاسلام فى
شمال المغرب الاقصى وغربى المغرب الاوسط، والقضاء على
نزعات الخوارج، وما بذله امراوهامن جهد فى ارساء اسس
الاسلام الصحيح فى بلد اصبح بفضل الادارسه الدرع الواقى
للجناح العربى من مملكه الاسلام.
ومن نسل هولاء الادارسه جاء الشريف الادريسى صاحب
(نزهه المشتاق فى اختراق الافاق) الذى يعد من امتع ما الفه
البلدانيون المسلمون فى علم الجغرافيا.


وله فوق ذلك كتاب
علمى فى النبات، سماه (جامع اشتات النبات) يورد فيه اسماء
النباتات فى لغات عده شرقيه وغربيه.


والكتاب - كما يقول
الشبيبى -: يدل على علم واسع وتحقيق بالغ، ومنه يستنتج ان
الادريسى حاذق فى علم النبات وعلوم الطبيعه والطب اكثر
من حذقه فى ناحيه الجغرافياوالبلدانيات.


وهو من
المخطوطات النادره.
ومما يلفت النظر فى تاريخ الادارسه ما رواه المورخون من انه
حين انتظم امر ادريس بن ادريس وبنى مدينه فاس، وفد عليه
جماعه من الفرس فانزلهم بضيعه هناك كانت على العين
المعروفه بعين علوان.


كما يقول صاحب (الاستقصاء).


التجارب اللاحقه



التجربه الاولى للحكم الشيعى تجربه الادارسه دلت على ما
يمكن ان يعطيه هذا الحكم.


فقد كان عهد الادارسه عهد نشر الاسلام، واقامه العمران وبث
العلم والايمان كما كان كذلك عهد العلويين فى بلاد الديلم.
ولم يات القرن الرابع الهجرى حتى كان جل العالم
الاسلامى محكوما من قبل الشيعه.


فالفاطميون، والبويهيون، والحمدانيون كانوا هم ساده معظم
الاقطارالاسلاميه.


فماذا حدث خلال هذا الحكم الشيعى العريض؟
حدث ان القرن الرابع الهجرى اعتبر عصر النهضه
الفكريه الاسلاميه، واعتبرت حضارته الحضاره الاسلاميه
الجديره بالعنايه والدرس.
ولم يكن ذلك الا لان الحكم الشيعى كان يتميز بظاهرتين
فذتين، هما:
1 - اطلاق الحريات العامه للمواطنين.


2 - تبنى الدوله للحركات العلميه والفكريه والفنيه والادبيه.


الفاطميون



ففى ظلال الحكم الشيعى عرفت الشعوب حريه العقيده
وحريه الاعراب عن هذه العقيده.


عند ما نزل ابو عبداللّه الشيعى ارض المغرب وسيطر عليها
باسم الفاطميين، اراده اخوه ابو العباس ان ينفى عن القيروان
من يخالف مذهبه، فقال له ابو عبداللّه: (ان دولتنا دوله حجه
وبيان، وليست دوله قهر، واستطاله، فاترك الناس على
مذاهبهم).
ولما امتدت هذه الدوله واصله الى مصر، وانشات الجامع
الازهرمقرا لدعوتها، دعت المذاهب الاسلاميه كلها الى ان
تتولى تدريس مبادئها فى الجامع الازهر.


فكان للمالكيه خمس
عشره حلقه،وللشافعيه مثلها ولاصحاب ابى حنيفه ثلاث
حلقات.


ثم اصبحت القاهره ملجا للعلماء والمفكرين يفرون اليها
من الاضطهاد والفقر.


هذا القاضى ابو الفضل محمد بن احمد بن عيسى البغدادى،
امام الشافعيه يفد الى مصر الفاطميه فيملى من مذهبه فيها ما
شاء ان يملى، ويظل كذلك حتى يموت سنه 441ه ، وابو الفتح
سلطان بن ابراهيم الفلسطينى (518ه) يفد كذلك بين العلماء
الوافدين.
وابو الحجاج يوسف الميورقى (523).
ومجلى بن جيع المخزومى (550).
والقاضى ابو الحسن الموصلى الخلعى (448).
وعبداللّه بن رفاعه السعدى (561).
والقاضى القضاعى.


هولاء الخمسه ممن وفد الى مصر وولى
القضاءللفاطميين بالرغم من انهم كانوا شافعيى المذهب.
ولقد حرصنا على ان نختار واحدا من كل فتره لنبين ان الامر
قداستمر ولم ينقطع، ولو اردنا ان ندلى بعشرات الشواهد
لكانت الاسماء تحت ايدينا.
وعدا عن هولاء الشوافع، فمن فقهاء المالكيه لجا الى
مصرالفاطميه، امثال محمد بن سليمان المعروف بابى بكر
النعال، الذى كانت اليه امامه المالكيه واليه كانت الرحله بمصر،
وكانت حلقته فى الازهر الفاطمى تدور على سبعه عشر عمودا
لكثره الطلاب الذين كانوا يقصدونه (380).
وهناك قصه الفقيه المالكى عبدالوهاب بن على، الذى
وصفه الخطيب فى تاريخ بغداد بانه لم ير فى المالكيه افقه منه.


هذا العالم تضيق به دنيا الاسلام فيكاد يموت من الجوع فى
بغداد ويتطلع الى البلد الذى يحفظ عليه رمقه ويقيه بوس
العيش فلا يجد الا مصرالفاطميه، فما ان يصل الى مصر حتى
تتلقاه الدوله بالترحاب،وتغدق عليه المال، وتامره بالانصراف
الى عمله.


ولكن الامر لايطول به فيمرض بالفالج، فيقول: لا اله
الا اللّه عندما عشنا متنا(422).
وعبدالجليل مخلوف الصقلى (499) وابو بكر الطرطوشى
محمدبن الوليد الاندلسى نزيل الاسكندريه (525) وغيرهم.
ويقول ابن ابى اصيبعه: انه لما وصل المهذب بن النقاش -
وكان فاضلا فى صناعه الطب - الى الشام من بغداد، اقام
بدمشق مده ولم يحصل له بها ما يقوم بكفايته، وسمع بالديار
المصريه انعام الخلفاءفيها وكرمهم واحسانهم الى من يقصدهم
ولا سيما ارباب العلم والفضل، فتوجه الى مصر، فوهبت له
الاموال واقام فيهامكرما.
وبلغ الامر الى ان الغزالى الذى هاجم الشيعه بعامه
والفاطميين بخاصه، والذى شحن كتبه بالتحامل عليهم
والطعن فيهم، لم يجدآخر الامر الا مصر الفاطميه بلدا يوويه
ويشجعه على مواصله البحث والدرس.


وتناسى الفاطميون
تعصب الغزالى واعتداءه عليهم ولم يذكروا الا انه عالم، وحق
العالم عليهم حق كبير،وتجاهلوا ما نالهم منه فى كتبه
(القسطاس) و (المنقذ من الضلال) و(المستظهر) وغيرها،
فاحلوه فى دولتهم على الرحب والسعه، والف بعض كتبه
ككتاب (مشكاه الانوار) فى رعايتهم وبين ظهرانيهم.


الشيعه هم هم على اختلاف آرائهم



واننا ونحن نتحدث عن حريه الفكر والقول، التى اباحها
الفاطميون لكل المواطنين، لا يفوتنا ان نشير الى ان التشيع ايا
كانت آراوه قداتخذ من الحريه والتحرير وتشجيع العلم
واحترامه طريقا لم يحدعنها ابدا، فهولاء الائمه الزيود (الزيديه)
وقد استقوا من المنابع الشيعيه الاولى، لم يخرجوا عن هذا
الطريق حين كانت لهم السلطه المطلقه على اليمن.


لقد حدث ان آل يعفر سجنوا الحسن بن احمد الهمدانى
الشهير،صاحب كتاب (الاكليل) فتوهم الهمدانى ان ذلك كان
براى الامام الناصر احمد بن الامام يحيى الهادى.


فانتقم الهمدانى لهذا السجن بان ملا كتبه بالهجوم لا على من
يتهمه بسجنه وحده، بل على الائمه الزيود كلهم، وعلى قومهم.
ومع ذلك فان هولاء الائمه احترموا هذه الكتب وما فيها من
علم،متغاضين عن نزوات الهمدانى متجاهلين انفسهم
وقومهم.


فحفظوا تلك الكتب ولم يمدوا اليها يدا بسوء فلم توجد الا
فى خزائنهم وكان بعضها مستنسخا بخط الائمه انفسهم
ومحفوظا فى مكاتبهم الخاصه، على حين كانوا يستطيعون
احراقها.
وحسبنا من ذلك كتاب (الدامغه) وشرحها، الذى الف للطعن
بهم والانتقام منهم، ومع ذلك صانوه حتى وصل الينا من
مكتباتهم وحدها!

الحمدانيون



وفى بلاد الشام حكم الحمدانيون، وتلالا بطلهم سيف الدوله
على بن حمدان المتوفى سنه 356ه ، فاذا بحلب عاصمتهم
تصبح قطب النهضه العلميه الفلسفيه الشعريه الادبيه، واذا
بالعلماء والشعراءوالمولفين يفدون الى حلب، منتجعين سيف
الدوله، فيجدون فى ظله الحمايه والرعايه والتشجيع، فيلتقى
فى بلاطه امثال: الفارابى،وابى الفرج والمتنبى، وابن خالويه،
وكل من حمل قلما واذكى فكرا الى معرفه.


يقول شلمبوكر فى كتابه عن القائد البيزنط ى نيكفورفوكاس
متحدثاعن سيف الدوله: (هذا القائد المجاهد - سيف الدوله -
لم تصرفه المعارك عن ان يجعل من حلب بيئه خصبه للاداب
والفنون والعلوم، فقد فتح قصره لكل فنان موهوب واديب فذ
فتوافدوا عليه من جميع الاطراف: من العراق وايران والشام
وبيزنطه وفينيسياوجنوى.


وكان يستمع الى الشعراء ويتحبب
الى الكتاب والمصورين، ويمنح المورخين الشى ء الكثير من
عطاياه فيعودهولاء الى بلادهم حاملين الى شعوبهم صوره
رائعه من خلق الرجل العلمى وشخصيته العجيبه).
وفى الواقع فان كل شى ء كان يصرف سيف الدوله الحمدانى
عن التفكير بالعلم والفكر والادب، فان الخطر البيزنط ى كان
خطرا مرعبايهدد الديار الاسلاميه بالاكتساح فتصدى له سيف
الدوله وحده بدولته الناشئه وجيشه الصغير وقوته القليله.


لقد كان سيف الدوله يحكم رقعه ضيقه الحدود منكمشه
الاطراف،هى جزء من شمال سوريا، ولكنه بوطنيته الشماء
استطاع ان يولف من هذا النطاق المحدود جيشا شجاعا صمد
للسيول البيزنطيه المتحدره صمود الابطال، فخاض به سيف
الدوله اكثر من اربعين معركه، واستطاع ان ينقل الحرب الى
الارض البيزنطيه نفسها، فحمى بذلك العالم الاسلامى الذى
كان يحلم البيزنطيون باستعاده سيطرتهم على الارض التى
اخرجهم منها.


كان لسيف الدوله شاغل بهمومه الحربيه ومتاعبه العسكريه
عن التفكير بالعلم والشعر والفلسفه والادب.


ولكن لم يشغله
عن ذلك شى ء فشهدت البلاد ازهى نهضه عرفتها فى تاريخها،
وجمعت مجد القلم الى مجد السيف.


بنو عمار



وحكم بنو عمار دوله على الساحل السورى اللبنانى،
عاصمتهامدينه طرابلس.
وقد قالت عنها دائره المعارف الاسلاميه: كما كانت حلب فى
عهدسيف الدوله مركزا للشعر، كذلك كانت طرابلس فى عهد
الحسن بن عمار، وقد ازدهرت المدينه فى عهده واصبحت
مركزا للحياه الفكريه فى بلاد الشام، وانشا مدرسه كبيره
ومكتبه.
وقالت مجله الثقافه: ومن هذه المكتبه انتشر العلم فى
انحاءالمدينه، حتى قال المورخون: ان طرابلس صارت جميعها
دار علم.
وكان فى هذه المكتبه مائه وثمانون رجلا لا عمل لهم الا
نسخ الكتب، وشراوها لجمعها فى هذه المكتبه، والفضل الاعظم
فى هذالابى طالب الحسن بن عمار.


البويهيون



وفى البويهيين يقول الغناوى: امتاز عهد آل بويه بالخصب
العلمى بتاثيرهم الخاص وتاثير وزرائهم، ذلك انهم استوزروا
ابرع الكتاب واعتمدوا عليهم فى تدبير شوون الحرب وامور
السياسه والاداره والمال جميعا.


فلمعت اسماوهم وعظمت هيبتهم وطار صيتهم فى
الافاق،فقصدهم اهل العلم والادب فافادوا منهم كثيرا، وانتجوا
كثيرا فى ميدان الادب والفلسفه والعلم، فكان اثرهم فى الحياه
الفكريه قوياجدا.
وقال المورخ الهندى السيد مير على: لقد شجع البويهيون
الروح الادبيه، وعضدوا مدرسه بغداد التى كان قد اضمحل
شانها فى اثناءتدهور الخلافه.
ويقول آدم متز فى كتاب (الحضاره الاسلاميه فى القرن
الرابع الهجرى) عن عضد الدوله: كان يحب العلم والعلماء،
ويجرى الارزاق على الفقهاء والمحدثين والمتكلمين
والمفسرين والنحاه والشعراء والنسابين والاطباء والحساب
والمهندسين، وافرد لاهل الاختصاص من العلماء والحكماء
موضعا يقرب من مجلسه، وانشامكتبه تحتوى على كل كتاب
صنف الى وقته من جميع انواع العلوم.
وقال عنه فى كتاب (الكنى والالقاب): كان عضد الدوله يعظم
الشيخ المفيد، وقد الف له العلماء العديد من الكتب،
وقصده فحول الشعراء ومدحوه باحسن المدائح، ومنهم شاعر
العرب الاكبرابو الطيب المتنبى الذى قال فيه:
وقد رايت ملوك الارض قاطبه
وسرت حتى رايت مولاها
ويقول طه الراوى فى رسالته عن بغداد: فى عهد بنى بويه
وصل العلم والادب فى بغداد الى القمه العليا، فنشا اكابر
المفسرين والمحدثين والفقهاء والمتكلمين والمورخين
والكتاب والشعراءواساطين العلوم العربيه والحذاق فى المعارف
الكونيه.


دول اخرى



وقامت دول شيعيه اخرى، لم تبلغ فى اتساع الرقعه وقوه
السلطان مابلغت هذه الدول، ولكن كان شانها فى نشر العلم
والادب وتشجيع العلماء والادباء والمفكرين نفس الشان.


كالدوله المزيديه فى العراق، والدوله المرداسيه فى سوريه..


نصير الدين الطوسى



وجاء وقت عاد فيه العالم الاسلامى شلوا ممزقا، وبدا للناس
ان الجذوه الاسلاميه قد انطفات، وذلك حين تدفقت جحافل
المغول بقياده هولاكو حامله الدمار والفناء، ومضت متجاوزه من
قطر الى قطر، تستهدف اول ما تستهدف قتل العلماء وحرق
الكتب وهدم المدارس، حتى خيل للناس ان الوثنيه قد طغت
والشرك قد تركزوالجهل قد عم.
ومن بين هذا الهلع المريع والياس القاتل والخيبه
الشامله والاستسلام الكامل، من بين كل ذلك يبرز نصير الدين
الطوسى فيكون بطل الاسلام فى عصره، البطل الذى يقاتل
بالعقل والعلم حين يعز عليه ان يقاتل بغيرهما.


يبرز نصير الدين فيدرك ان النصر العسكرى على المغول امل
لايتحقق، ويعلم انه اذا كتبت على الاسلام الهزيمه الفكريه
بعدالهزيمه الحربيه كان فى ذلك القضاء المبرم على الاسلام.


فيتجرد للمعركه الحاسمه بكل ما اوتى من ايمان
واخلاص وتضحيه، وبكل ما تفرد به من ذكاء ومرونه ومعرفه
فيخطط وينظم،فيكون اول ما يفعل ان يحفظ الكتب ويحفظ
العلماء، ثم يستولى على عقل الطاغيه ويروض شارب الدماء،
ويسوقه دون ان يدرك الى تحقيق اهدافه، فيقيم فى مراغه
اعظم جامعه علميه عرفها العالم الاسلامى، وينشى ء فيها اكبر
مكتبه، ويحشد لها العلماء و المفكرين و الحكماء من كل مكان،
ويستحضرهم من الشرق الاسلامى ومن الغرب الاسلامى،
فيلتقى فى مراغه ابن الشام مويد الدين العرضى،مع ابن افريقيا
يحيى بن محمد بن ابى الشكر المغربى، مع ابناءالموصل وبغداد
والجزيره وقزوين وتفليس وكل بلد اسلامى.


يلتقون بدعوه من نصير الدين الطوسى ويجتمعون برعايته
فيخططلهم للمعركه الكبرى، معركه حمايه الاسلام، المعركه
التى لا سلاح فيها الا القلم والفكر والكتاب، ولا ميدان لها الا
المدرسه والمسجدوالبيت.


فيمضون بقيادته الحكيمه الباسله ويمشون من نصر الى نصر،
حتى تكون قمه النصر اسلام الدوله المغوليه التى جاءت لهدم
الاسلام.


كانت مخططات نصير الدين فريده فى التاريخ، وكان نصير
الدين واحدا من عمالقه الكون فكرا وعلما واخلاصا.


والامم
فى محنها الطاغيه اذا لم يقيض اللّه لها رجلا مثل نصير الدين
فانها هالكه فى الهالكين.


تطلع الطوسى فاذا المسلمون قد مزقتهم العصبيات
الحمقاءوخدرهم الجهل، ولم يبق فى ايديهم من العلم الا قشور
لا لباب فيها.


كانوا والمغول على ابوابهم يسفكون دماءهم
بايديهم، فيهاجم ابن الخليفه المستعصم بجنوده محله الكرخ
البغداديه، فيذبح فيهارجال الشيعه ويسبى نساءهم ويعتبر ان
ذلك هو النصر الاكبر.
والشوافع والاحناف يتذابحون فى اصفهان والمغول
يحاصرونها، ويستنصر الشوافع بالمغول ويفتحون لهم ابواب
المدينه فيقضى المغول على الفريقين.
والقاضى شمس الدين القزوينى لم يرعه ان المغول بقياده
جنكيزقد اجتاحوا بلاد المسلمين حرقا وقتلا ونهبا، ولم يسره
ان قلاع الاسماعيليين فى آلموت وغيرها قد صمدت لجنكيز
فلم يقو على اجتياحها.


بل كان كل هم هذا القاضى الاسف على
ان سلمت تلك القلاع ومن فيها! فراح يحرض حفيد جنكيز على
تحطيمها وقتل الاسماعيليين لانهم يخالفونه فى المذهب.
ومضى يشجعه حتى مشى هولاكو، وشعار حملته: محو
الاسماعيليين وقلاعهم! فكان منه الذى كان ولم يقض على
الاسماعيليين وحدهم، بل قضى معهم على الخلافه القائمه.


تطلع الطوسى الى هذا الماضى المثقل بالرزايا، والحاضر
المشلول بالنكبات، فاذا بالطوسى اكبر من عصره واكبر من
الرزايا والنكبات،واذا به يرتفع الى القمه التى تليق برجل الساعه
فما زال حتى استخلص اوقف المسلمين من ايدى الباغى العاتى
وتفرد بادارتها،فاجتمع له المال الوفير الى العقل الكبير
والاخلاص الغزير، فاستنقذالكتب، وفتح معاهد العلم، وبذل
المال للطلاب، وحمى العلماء من القتل باساليب غايه فى
البراعه وحسن التدبير.
وارسل تلميذه فخر الدين المراغى الى اقصى البلاد يومن
المروع الشارد من العلماء ليعود الى بلاده، ويغرى علماء البلاد
الاخرى بالقدوم اليه، غير ناظر الى مذهب او مشرب او
نحله،مترفعاعماكان قداجتاح اهل عصره من ادواء مذهبيه
وعلل طائفيه،واضعا نصب عينيه الاسلام ونجاه هذا الاسلام،
وفاز بما اراد.


ان نصير الدين الطوسى واحد من انضر وجوه التشيع فى
التاريخ،ومثل على ما كانت عليه تلك الوجوه من تناسى
الاحقاد، والصفح عن الجرائر حين تدلهم الخطوب وينزل البلاء.


جمال الدين الافغانى الاسد آبادى



ويقظه العالم الاسلامى فى هذه العصور الاخيره مدينه الى
شيعى من هذه البلاد، وهو جمال الدين الحسينى، الذى اشتهر
بالافغانى.


هذا الرجل الذى خرج من بلدته (اسد آباد) فطوف فى
البلاد،واستقر حينا فى مصر داعيا الى الاصلاح والنهوض،
فكانت دعوته النداء الاول الذى استفاق اليه المسلمون بعامه،
والعرب منهم بخاصه، بعد طول رقاد.


الشيعه يتولون نشر
الاسلام



راينا ان الادارسه هم الذين نشروا الاسلام فى شمال افريقيا
وادخلوافيه القبائل البربريه العظيمه التى قدر لها بعد ذلك ان
تكون من اكبرالدعائم الاسلاميه.


فى الديلم



وكما حال الحكم الغاشم دون انتشار الاسلام فى المغرب فقد
حال كذلك دون انتشاره فى المشرق ففى كل العهود الامويه
والعباسيه لم يستطع الاسلام ان ينفذ الى قلوب الشعوب.


يقول فاضل الخالدى متحدثا عن الديلم: (ان الديلم قاوموا
الفتح الاسلامى، وعلى الرغم من ان قسما من بلادهم قد فتح
عنوه من قبل الجيوش الاسلاميه، الا انهم لم يدخلوا الاسلام،
كما اخفقت كل المحاولات العسكريه التى بذلها الامويون
والعباسيون لحملهم على اعتناق الاسلام).


اجل، لقد اخفق القواد واخفق الحكام فى ادخال الديلم
فى الاسلام، لان اوليك القواد واولئك الحكام كانوا آخر من
يحق له التكلم باسم الاسلام ويدعو اليه.


ثم يفر بعد ذلك الى بلاد الديلم ثائر علوى، فيصل اليهم
شريداطريدا خائفا، ذلك هو يحيى بن عبداللّه بن الحسن
المثنى بن الحسن السبط بن على بن ابى طالب الذى لاذ
بالديلم فرارا من هارون الرشيد.


فلم يشغله الذعر والخوف
والحرمان عن واجبه،ولم ينسه ذلك انه سبط محمد وحفيد
على، وان من كان كذلك فهومسوول عن الاسلام مهما كانت
الظروف، فعمل على نشر الاسلام فى الديلم فبدووا يدخلون
فيه، ثم تتابع لجوء العلويين اليهم وتتابعت دعوتهم لهم الى
الاسلام، حتى توج ذلك كله بقدوم الحسين بن على الاطروش،
هذا الثائر العلوى الذى دخل بلادالديلم سنه 301ه واقام بينهم
ثلاث عشره سنه يدعوهم الى الاسلام حتى لبوا دعوته واسلموا
بمجموعهم.


فى اندونيسيا



واذا كان الشيعه قد حملوا الاسلام الى المغرب الاقصى
والادنى، ثم حملوه الى المشرق الادنى، فانهم كذلك حملوه
الى المشرق الاقصى، والذين حملوه الى هناك هذه المره كان
الكثير منهم من الايرانيين، فانتشر فى اندونيسيا وعم الاكثريه
من سكانها.


يقول العالم الاندونيسى حسين جاجاد ننغراث: نعتقد بان
الاسلام بصورته التى كان معروفا بها فى جاوه جاء عن
طريق فارس، ومن هناك عبر الهند الغربيه وسومطرا.
وعلى سبيل المثال - يقول العالم الاندونيسى - نذكر انه فى
اليوم العاشر من المحرم - وهو الذى يحتفل فيه الشيعه بذكرى
استشهادالحسين - تقوم عائلات عديده باعداد طعام خاص،
يدعونه ب (برسورا) وهى كلمه ماخوذه من عاشوراء التى تعنى
العاشر من المحرم وكذلك يدعى شهر المحرم بالجاويه (سورا)،
ونجد ايضاآثار نفوذ الشيعه فى (اتجه) شمالى سومطرا، اذ
يدعى شهر المحرم باسم (شهر الحسن والحسين).


وفى (مينانج
كابو) على الساحل الغربى لسومطرا يدعى شهر المحرم (شهر
النعش) اشاره لعاده الشيعه واحتفالها بذكرى وفاه الحسين
عندما يحملون نعشا رمزيايسيرون به فى الشوارع، ثم يلقونه
فى نهر او مجرى مائى.
وثمه دليل آخر على ان الاسلام جاء الى اندونيسيا عن
طريق فارس، وهو العاده المتبعه فى استعمال الاسماء الفارسيه
لا العربيه لتسميه حروف العله فى اللغه الغربيه عند تعلم
الطريقه الصحيحه فى تلاوه القرآن.
وهناك ادله اخرى من السهل تمييزها تثبت التاثير الفارسى فى
لغه الكتابه المستعمله فى الدراسات الاسلاميه.
ويقول الكاتب الاندونيسى محمد اسد شهاب: ان الاضطهاد
المتوالى للعلويين حملهم على الهجره البعيده، فهاجر احمد
بن عيسى بن محمد بن على بن جعفر الصادق الى جنوب
الجزيره العربيه عام 313 واستقر هناك، ثم واصل ابناوه واحفاده
الهجره للدعوه الى الاسلام، فكانت الهند اولى وجهاتهم، فمنهم
من استقرفى مدينه ملبار، ومنهم من واصل الهجره الى هذه
الجزر المعروفه اليوم باسم مالايا، واندونيسيا، والفلپين، وسائر
جزر سليمان.


ولاتزال سلالاتهم معروفه فيها الى اليوم، ومن
احمد هذا تحدر سلطان موزمبيق محمد الذى حاربه
البرتغاليون وتغلبوا عليه.


ثم يقول: ان اول الدعاه المسلمين الذين وصلوا لنشر الاسلام
الى هذه الديار هم من الشيعه، وهذا امر معروف مسلم به، فهذه
الاثارمن شواهد القبور والكتابات عليها والوثائق تدل دلاله
صريحه على ذلك، كما ان عادات الشيعه لا تزال معمولا بها الى
اليوم فى كثير من البلدان، على الرغم مما طرا على هذه
العادات والطقوس من تغييرات بمرور الزمن وانقطاع الصلات
بين مسلمى هذه الدياروالعالم الخارجى عده قرون، لا سيما
ايام الاستعمار الهولندى الذى استمر ثلاثه قرون ونصف قرن
فى اندونيسيا.
وحتى اليوم لا يزال شهر المحرم وشهر صفر محترمين
عندالكثيرين من الاندونيسيين، فلا يقيمون فيهما افراحا ولا
يعقدون زواجا ولا يجرون زفافا.
ويوجد حتى اليوم مدفع قديم فى مدينه بانتن القديمه بجاوا
الغربيه مكتوب عليه (لا فتى الا على ولا سيف الا ذو الفقار).


كما ان كل السيوف القديمه المحفوظه تحمل تلك العباره،
وعلى كثير من القبور القديمه منقوش كلمات: (اللّه، محمد،
على).


وعلى بعضها:(لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه على ولى
اللّه).
ويزيد البحاثه الاندونيسى قائلا: وحل الاستعمار الهولندى
فاذاق الشيعه انواعا من التعذيب واهوالا من التنكيل بسبب
مقاومتهم لهذاالاستعمار.


وبلغ التنكيل اوجه عام 1642
ميلاديه، ففى هذا العام شردت هولندا الشيعه تشريدا بعد ان
عذبتهم تعذيبا.


وابادالاستعمار الهولندى الكتب والوثائق
التاريخيه، بل كل ما له علاقه بالشيعه.


وقد امتدت هذه المرحله
ثلاثه قرون ونصف القرن.
ويقول المورخ الاندونيسى محمد تمين ابراهيم فى محاضره
له: ان اول مملكه اسلاميه هنا يراسها شخص بلقب (شيخ) كانت
بايدى العرب من الهاشميين، فهم روساء الدين والدنيا.
وعدا هذا فقد ذكر هجره العلويين الى جزر الشرق الاقصى كل
من:فن دن بيرخ الهولندى، وفرين ميس فى كتاب (سيجاره
تانه جاوا)،وبيخمان، ونور الدين محمود عوفى.
ويقول فن دن بيرخ فى كتابه (حضرموت
والمستوطنات العربيه فى الجزائر الهنديه) الصادر باللغه
الفرنسيه: ان نجاح الدعوه الاسلاميه فى جاوا كان لان الدعاه
من ذريه النبى.
ويقول المورخ الهولندى سبات فى كتابه (الاسلام فى
الهندالهولنديه): ان حمله الاسلام الى هذه البلاد هم (الاسره
العلويه) آل على.


فى الصين وكامبوجا وسيام



يقول نور الدين عوفى عن انتشار الاسلام فى الصين: ان
الاشراف العلويين هربوا من الامويين الى بلاد الصين ونشروا
الاسلام فيها.
ويذكر محمد تمين فى محاضرته : ان الاشراف العلويين
انتشروا فى كامبوجا والصين وسيام وغيرها، ومن الواصلين الى
كامبوجا:الحسين، الملقب بجمال الدين الاكبر.
وكان للحسين هذا ولدان، احدهما ابراهيم، وتقول
الروايات الجاويه: ان ابراهيم هذا قد وصل مع ابيه الحسين الى
سيام وجاوا،وانه تزوج اميره من جامبا اسمها بالد، او ولاق،
فولدت له ابنين:عليا واسحاق، كانا من انجح العاملين على نشر
الاسلام، وان اعظم نجاح لاسحاق كان فى بانيو، وانغى.
ومما يذكر ان سلالات الدعاه العلويين امتزجوا بالشعب
واندمجوابه وتسموا باسمائه، وبقيت منهم بقيه محتفظه
بانسابها، فنرى مثلا اسم كياهى احمد بن كياهى ماس مجيد
وهكذا الى ان تنتهى السلسله الى السيد الشريف على بن السيد
الشريف عبداللّهابن السيد الشريف احمد بن عيسى المهاجر.


فى الفلپين



وقدم العلويون الى الفيليپين التى كانت تعرف باسم
(صولو)فاستوطنوا بها ونشرو الاسلام وتناسلوا، ثم اقاموا بها
ملكا.


واستمرحكم العلويين حتى سنه 885ه - 1465م، وقيل
الى عام 1521م حين هاجم الاسبان المسلمين وفشل السلطان
عبدالقاهر فى صدهجومهم.
وفى تاريخ الفيليپين ذكر مجى ء اولياء بسفينه طافت فى تلك
الجزرلنشر الاسلام.
وجاء فى كتاب (دراسات عن المسلمين المورو
وتاريخهم)المطبوع بمانيلا سنه 1905: ان مجى ء الاسلام الى
الفيلپين كان بواسطه شريف اسمه حسن بن على، من ذريه
احمد بن عيسى المهاجر، وقد عمل هذا الشريف العلوى على
نشر الاسلام اول الامر فى جزائر (بوايان) الفلپينيه فاسلم ملكها
على يديه.
وانتشر الاسلام فى مينداناو، ومافيندانا، وسبيو، وسولو،
وكوتابارو،وتمبارا، وليبونغان، وباكمبايان.
وجاء فى ذلك الكتاب: ان هولاء الاشراف كانوا اول من
علم الاهلين الكتابه العربيه.


فى افريقيا الشرقيه



ومن آسيا الى افريقيه مره ثانيه، فالشيعه هم الذى نشروا
الاسلام فى مشرق افريقيا بالذات، ويرى السيد سعيد اختر، فى
بحث له نشرباللغه الانكليزيه، ان التشيع وصل الى افريقيا
الشرقيه فى القرن الاول للهجره حين فشا الظلم وسفك الدماء
فى البلاد الاسلاميه على يد الحجاج بن يوسف فاضطر فريق من
الشيعه الى الهجره البعيده، فكان من الاماكن التى وصلوا اليها:
افريقيا الشرقيه.
ويذكر ان زعيمين: احدهما يسمى سليمان، والاخر سعيد، كانا
هماطلائع هذه الهجره، ولكن التفاصيل عنهما وعن رحلتهما
مجهوله.
ويستند السيد سعيد، فيما يستند، الى ما جاء فى كتاب
(المتكلمون بالسواحليه من اهل زنجبار وساحل افريقيا
الشرقى) الذى نص على ان هذين الزعيمين جاءا مصحوبين
باتباعهما فى السنه السابعه والسبعين من الهجره 695م.
ويقول المستر پرنس، مولف الكتاب المذكور: (ومن الممكن
ان هجرات مماثله حدثت، ولكننا لم نسمع عنها).
ويقول ايضا: (وهكذا نجد اعتقادا فى جزيره كيوايو بان الاسلام
دخل الى تلك الديار على يد رجل يسمى حمزه، ورجل يسمى
جعفر) ثم يقول: انه يظن ان الاول هو ابن عبدالملك بن مروان،
والثانى اخو عبدالملك، ولكن المولف پرنس يعود فيردعلى هذا
الظن قائلا: (ولكن ذلك يشير الى تقليد شيعى بقدر مايوحى
هذان الاسمان).
ويضيف السيد سعيد اختر الى ذلك قائلا: (لم يكن لعبدالملك
ابن يسمى حمزه، ولا اخ يسمى جعفر، ويمكن ان يكون صاحبا
هذين الاسمين من الشيعه اللاجئين الى تلك البلاد).
ويتاكد وصول الشيعه الى افريقيا الشرقيه فى وقت مبكر
وتاثيرهم التاثير العميق فى الحياه الافريقيه بما ورد فى
الملحمه السواحليه المسماه (النظم فى احوال سيدنا الحسين
بن على) التى نشرها سنه 1960 الاديب الافريقى (بورو) مع
تعليقات وترجمه (الن).
وهذه الملحمه كتبها فى القرن التاسع عشر محمد عبداللّه
البحرى،ويظهر انها اعاده لكتاب سابق، وتحتوى هذه الملحمه
على الف ومائتى بيت وتسع مقطوعات شعريه.
ويشير برنس بعد ذلك الى تاثير وصول الشيرازيين الاقدمين
الى السواحل الافريقيه الشرقيه، وكيف انطبع الشعب بالطابع
الشيعى حتى الان فهو يقول: (اثر هولاء لا يزال ظاهرا فى قالب
من الموده العميقه لاهل البيت التى تعد من مميزات
المسلمين الافريقيين).
ويضيف الى ذلك: (ان هولاء الافريقيين يضيفون الى
اسماءسلالات الرسول كلمه (شريف) التى انقلبت فى اللغه
السواحليه الى كلمه (شريفو) كما انهم يكرمون الصالحين من
اموات هولاءالاشراف.
ويقول: (على طول هذه الشواط ى ء تقوم مزارات هولاء
الاشراف الصالحين.


وفى لامو اهم مركز للزياره، حيث يومها فى
اسبوع الزياره عشرات الالوف كل عام.


وتعتبر زياره الشريف
صالح بن عبداللّه العيدروس فى لامو افخم الزيارات واهمها).
ويقول السيد سعيد اختر: (وهذه الدرجه من الاكرام لاهل
بيت الرسول لايوجد لها مثيل فى بلد من البلاد الاخرى).


الى ان يقول: (واننى اعرف كثيرا من الشيوخ فى لاموا وزنجبار
ممن يصرحون باعتقادات تعتبر فى البلاد الاخرى من
اعتقادات الشيعه).


واللغات
التشيع
الاسلاميه



اغنى التشيع اللغه العربيه بالشعر والنثر وحمى ملوكه
آدابهاوعلماءها وشعراءها، ونهضوا بهم الى حيث ينبغى لهم ان
ينهضوا.
وكان فحول شعراء اللغه العربيه من الشيعه، منذ الفرزدق، الى
ابى تمام، والبحترى والمتنبى، وابى فراس، والرضى، وابن
هانى الاندلسى، ولايشذ عن ذلك المعرى، القائل:
اليس قريشكم قتلت حسينا
وصار على خلافتكم يزيد
والقائل:
وعلى الدهر من دماء الشهي
دين على ونجله شاهدان
ثم ان الشعراء الشيعه اوجدوا الشعر الملحمى والشعر القصصى
فى الادب العربى.


ولا يزال مورخو هذا الادب ومدرسوه
يتجاهلون ذلك، وياسفون ان لا ملاحم فى الشعر العربى ولا
قصص، فى حين انهم لو رجعوا الى الشعر الشيعى لوجدوا
فيه القصه والملحمه.


فشعر السيد الحميرى هو الشعر
القصصى العربى، وقصيدته البائيه هى القصه بعينها.
وشعر كاظم الازرى هو الشعر الملحمى العربى، وقصيدته
الهائيه المعروفه بالازريه هى كذلك الملحمه بعينها.
وفى ايران نشا فى اصفهان شاعر باللغه العربيه، هو احمد بن
علويه الاصفهانى المتوفى سنه 320ه، نظم باللغه العربيه فى
سيره اميرالمومنين ملحمه شعريه فى الف بيت.
واذا كنا نحتاج لدراسه هذا الموضوع الى الكثير من البحث
والكثيرمن الوقت فاننا نجتزى ء ذلك الى ظاهره اخرى فى
تاريخ التشيع،هى تاثيره فى آداب الامم الاسلاميه غير العربيه،
وما خلقه فيها من تيارات لم تكن لتعرفها لولا التشيع.
وقد كان من اثر ذلك ان نهض بتلك اللغات ومشى بها فى
اساليب وفنون رفيعه، بل لقد كان التشيع سببا فى تدوين لغات
ما كانت لتدون لولا التشيع وكان مقدورا لها ان تظل لغه
تخاطب فقط.
ومن امثله ذلك: اللغه الارديه، لغه الباكستان الرسميه، واللغه
التى تتكلمها مئات الملايين فى غير الباكستان.


فقد تجمعت
هذه اللغه من لغات المعسكر (اوردى) الذى اقامه الامبراطور
محمد اكبرلجيوشه المولفه من الترك والفرس والهنود، مضافا
الى لغه الدين العربيه.


اذ كان من اثر اختلاط تلك العناصر ان
تكلمت لغه كانت مزيجا من مجموع لغاتها.


وظلت هذه اللغه لغه
تخاطب لا لغه تدوين، شانها فى ذلك شان الكثير من اللغات
الافريقيه.


ولكن لطول العهد اخذ الموهوبون من الشيعه
ينظمون الشعر بتلك اللغه فتتداوله الاسماع دون تدوين، وما
كان ذلك ليستمر طويلا اذ كان لابد من بروز من يفكر بتدوين
هذا الشعر الذى صار مدار اعجاب الناس وزينه محافلهم.


وهكذا
دون اول كتاب فى اللغه الارديه،وكان هذا الكتاب كتاب (ده
مجلس) فى مدح امير المومنين على(ع)، ثم تتابع التدوين
ومشى من جيل الى جيل فاذا باللغه الارديه تصبح لغه ادب حى
وشعر خالد.


واذا بهاتنجب من الشعراء امثال: غالب، وانيس،
ودبير، ممن سموا بها الى اعلى منزله بمنظوماتهم الحسينيه
والعلويه.
وما يقال فى اللغه الارديه يقال مثله فى غيرها من اللغات
الباكستانيه التى تزيد على عشر لغات، كاللغه المولتانيه مثلا،
التى يتكلم بهاالملايين، والتى كان اول ما دون فيها مدائح
على(ع) ومراثى الحسين(ع).


ومن اعلام شعرائها: غلام حيدر
فدا، صاحب ملحمه(ذو الفقار) المولفه من خمسمائه وخمسين
بيتا، والشاعران الاخوان: فداء حسين جهندير ونذر حسين
جهندير، والثانى منهمانظم باللغه الملتانيه خطبه زينب
بدمشق فى مائه وعشرين بيتا.
ويعتبر الشاعر سيد على شاه مجددا للشعر الحسينى فى هذه
اللغه،ومن اشهر شعرائها.
ومن مدينه سركودها الى ديره اسماعيل خان الى ما قبل
مدينه مولتان بعشرين ميلا على ضفه نهر السند تسكن جموع
من المتكلمين باللغه المولتانيه ومنهم خرج كبار شعراء
المراثى الحسينيه والمدائح العلويه الذين يبلغ شعرهم المدون
ما يقرب من ثلثى شعر اللغه المولتانيه عدا الشعر غير المدون.
وقد كان هولاءالشعراء السبب فى تدوين هذه اللغه وجعلها لغه
ادب حى.


وشعرهم فى على والحسين وآل البيت عامه يجعل
الادب المولتانى فى مصاف الاداب العالميه بما فيه من روعه
التعبير وعمق المعنى وتدفق العاطفه وسرد القصص.
وكذلك القول عن بقيه اللغات الباكستانيه كاللغه السنديه
وغيرها.


الخاتمه



ولعل خير ما يختتم به حديثنا هذا هو السوال التالى:
اذا كانت هذه حقيقه التاريخ الاسلامى وتاريخ التشيع، فهل
هى كذلك فى اذهان الناس، العامه منهم والخاصه؟
وهل دونت واوضح واقعها فى سجلات الحضاره كما هى فعلا؟
وهل تقيم، حركه واشخاصا، على اسس صحيحه مستمده
من الحقيقه بالذات؟
ولا يحتاج المرء الى كبير جهد وعظيم معرفه للتاكيد بان ما
كتب ويكتب عن الشيعه باقلام غير شيعيه، وحتى فى
بعض الاحيان ببعض اقلامها، وما يزعم انه تاريخهم وانه
عقيدتهم وانه سير رجالاتهم واعلامهم، ان كل ذلك لايعدو
كونه بابسط التعابيرتشويها وطمسا للحقيقه وصرفا للاذهان
والفكر عنها الى ما لا يمت بصله اليها.
ونحن نجزم ان التصميم القديم الذى اعتمده الذين انحرفوا
عن الاسلام فى مطلع الاسلام للنيل من التشيع وتشويهه لما
يزل هوهو، وتكاد اكاذيبه تصبح من المسلمات!
ذكرت الانسكلوبيديا الاميركيه فى طبعتها الاخيره تحت
عنوان(شيعه) ما ترجمته حرفيا: (انقسم المسلمون بعد موت
محمد الى فرقتين: الاولى، وهى المسماه الشيعه، تضع عليا
على مستوى واحدمع محمد...).


هذا نموذج مما يكتب عن الشيعه، ولست اغالى مطلقا اذا قلت
ان الغالبيه الساحقه لما يكتب عن المسلمين والاسلام وفيما
يتعلق منهم بشكل خاص بالشيعه، انما هو مجرد تحريف
وتشويه وطمس للحقائق.
وامام هذا الواقع لابد من اعاده كتابه التاريخ الاسلامى بشكل
عام،والتاريخ الشيعى بشكل خاص، لكى يستطاع جلو الصدا
الذى تراكم على الحقائق حتى كاد يقضى عليها.


لقد آن الاوان لكى تقال الحقائق وتعرف على مستوى عالمى
وانسانى، ولابد من عمل طويل وشاق، باساليب جديه
وحديثه،بايد امينه وضليعه، للكشف عن وجه الحقيقه
واظهارها للعالم لكى تقيم على اساسه، ولا يسوغ فى اى حال
من الاحوال ان يترك الظلام يسطو على الحقيقه فى وضح
النهار..




/ 3