شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری - نسخه متنی

رسول جعفریان؛ مترجم: علی هاشم الأسدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



و قال في خطبة له : لقد اذلنا بنو مروان و اعاننا اللّه عليهم اذ استاصل شافتهم و ما اتبعنابني العباس , فـنـظـل نشهد القتل و اراقة الدما ((589)) و
يقول النرشخي في شريك : رجل عربي , رحل الى بخارى و كان شيعيا موصوفا بالكفاح والنضال , دعا
الناس الى خلافة اميرالمؤمنين علي رضي اللّه عنه وكان يقول : تخلصنا من عذاب المروانيين , فلا
ينبغي لنا ان نعاني من عذاب آل العباس ولابد ان يكون ابنا النبي خلفاه ليس غيرهم و التف حوله اناس
كثيرون ((590)) و بعدذلك اشخص اليهم ابو مسلم زياد بن صالح و قضى عليهم و اتبعه ـ على ما
قال الطبري ـزها ثلاثين الفا ((591)) و انضم اليه حكام العرب الذين كانوا في بخارى و خوارزم
كـمـاالـتـحـق بـه اكـثـر سكان بخارى ((592)) و قال البلاذري ايضا: قال شريك لابي مسلم :
((انـابـايـعـنـاكـم عـلـى الـعـدل و لم نبايعكم على سفك الدما والعمل بغير الحق فاتبعه اكثر من
ثلاثين الفا ((593)) )).


و قـال الـنـرشـخـي فـي تـاريـخ بـخـارا: اكـثـر هـؤلا امـا قـتـل بـالـسـيـف , او صلب على
بوابات بخارى ((594)) .


و نـلـحظ هنا ان اقل ما في هذه الحادثة هو ان الفكر الشيعي ـ في مجال تصدي رجل من اهل البيت ـ
عـليهم السلام ـ كان موجودا بين الناس , على الرغم من ان انصاره قد لايكونون ذوي اخلاص ديني
يذكر في مناصرتهم اياه الا ان الموقف السياسي كان يقترن به .


و نـقرا بعد ذلك ان حاكما عربيا اعدم في بخارى بتهمة قيامه بنشاطات شيعية , و كان ذلك قد حدث
ايام حكومة شخص يدعى بنيات بين سنة 139 و 165 ه.


و كـان تـشـدد الـمـنصور ضد العلويين , بخاصة الحسنيين ((595)) منهم , باعثا على تمردهم و
تذمرهم و بدات التحركات ضد العباسيين منذ العقد الثاني لحكومتهم و كان اول من تحرك هو محمد
بن عبداللّه الذي كان له انصار في ايران مضافا الى انصاره في الحجاز, والعراق .


و عندما صمم على الثورة سنة 145 هـ, كان المنصور قد بذل جهودا كبيرة لالقاالقبض عليه بيد ا
نـه كلما تحرى عنه , لم يهتد الى ذلك و دعا غلامه ليتقصى له مخباه ,و امره ان يذهب الى خراسان ,
و يـدخل قرية فيها شيعة محمد بن عبداللّه الذين يرسلون اليه الاموال , و يتصل بهم , و يحصل على
معلومات منهم عنه ((596)) .


والطريف ان محمد بن عبداللّه عندما قتل , بعث المنصور راس احد المقتولين الى خراسان ليعلم اهلها
ان هذا هو راس محمد بن عبداللّه ((597)) فيستيقنوا قتله .


و تـدل هـذه الاخبار بوضوح على وجود التشيع السياسي او الزيدي ـ على حد تعبيرالبعض ـ في
خـراسان آنذاك علما ان المنصور لم يذكر اسم القرية بل اكتفى بقوله : قرية ,على نحو غامض و
مـن الواضح ان هذا التيار الشيعي كان موجودا في مناطق اخرى ايضا وكان محمد بن عبداللّه نفسه
يعقد الامل الكبير على خراسان , و قال مرة :((ان اهل خراسان على بيعتي ((598)) )) و يدل على
هذا الموضوع ـ نوعا ما ـ ارسال الراس المذكور الى خراسان على ا نه راسه و كان المنصور نفسه
يقول : ان محبة آل ابي طالب في قلوب اهل خراسان ممتزجة بمحبتنا ((599)) .


و مـن الـثـورات الزيدية الاخرى ((600)) , ثورة ابراهيم بن عبداللّه اخ محمد المتقدم ذكره , و
مـركـزهـا البصرة والمناطق القريبة من ايران و كان هذان الاخوان قد قررا ان يثوراحدهما في
المدينة , والاخر في البصرة و لم تكن نزعة شيعية كبيرة في هاتين المدينتين ,الا ان ارضية التشيع
فـيـهـما كانت ممهدة بحجم ضئيل و لذلك كان المنصور يقول لاحدالعلويين : ((ان الحجاز والعراق
مفسدة لكم ((601)) )).


و عـنـدما سيطر ابراهيم على البصرة , بعث ممثلين عنه الى مختلف المدن الواقعة في جنوب غرب
ايران و كان احد دعاته المغيرة بن مفرغ توجه الى الاهواز, و بعد ان استولى على المدينة اصطدم
بمبعوث المنصور حازم بن خزيمة و تغلب عليه , بيد ا نه انهزم بعدمدة , فعاد الى البصرة ((602))
و مـن دعـاتـه رجـل يـعرف بعمرو بن شداد, انفذه الى فارس ,فسيطر عليها ايضا, لكنه رجع الى
البصرة بعد مقتل ابراهيم ((603)) .


و كانت حركة ابراهيم حركة علوية والاجوا مهياة في بلاد فارس لانتصار مثل هذه الحركات و ان
كنا قد اشرنا مرارا الى ان تشيع هؤلا تغلب عليه الصبغة السياسية ,و رصيده حب الناس العلويين من
مـنـطلق ا نهم ابنا رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه و آله لكننانستطيع ان نعتبر هاتين الحركتين اجمالا
تـشـيـعـا عقيديا بنحو ضمني اذ ان نزعتهما لاتنسجم مع التسنن الحقيقي و عندما ثار ابراهيم في
البصرة , اتاه جماعة كانوا راغبين في تقديم مساعدة مالية له , و اخبروه ا نهم ليسوا عربا بيد ا نه لم
يـقـبـل و قـال لـهـم : من كان عنده مال , فليعن به اخاه ثم قال : هل هي الا سيرة علي بن ابي طالب ـ
عـلـيه السلام ـاو النار ((604)) فدعم هؤلا غير العرب ـ الذين كانوا اما من الموالي الفرس , او
الفرس غيرالموالي ـ يدل على تغلغل مثل هذا التشيع في صفوفهم .


حول تغلغل التشيع في ايران خلال القرن الثالث .


حول تغلغل التشيع في ايران خلال القرن
الثالث .



لا نملك معلومات خاصة عن مساهمة الفرس في التيارات الشيعية حتى اواخر القرن الثاني الهجري , الا مـا نـقل من وجود علاقة تربط عددا من الفرس الذين كانوا من اصحاب الائمة بتلك التيارات و
عـنـدمـا كـانـوا يذهبون لادا فريضة الحج , فانهم لم يمروا بالعراق فحسب , بل و يتصلون بائمتهم
مـبـاشـرة فـي الـمـدينة و خلال تلك الفترة تعامل العباسيون مع العلويين بعنف و قمعوا ثوراتهم و
شـخـصياتهم و بدا قتل العلويين منذ عهدالمنصورو قلما كان عامل او وزير من العباسيين لم تتلطخ
يـده بدم احد العلويين و شاع القتل الى درجة ان المهدي حينما اراد ان يقتل احدهم , قال له وزيره :
انك لم تقتل علوياحتى الان , و هذه مفخرة عظيمة لك ((605)) و عندما ثار الحسين بن علي شهيد
فـخ ايام موسى الهادي , ارسل العباسيون راسه من مكة الى خراسان و هذا معلم على تغلغل التشيع فيها
و طبيعيا ان ما قام به العباسيون كانت له نتائج معكوسة عليهم .


و كان الناس ينظرون الى هذه المقاتل و المذابح بوصفها اصطداما بابنا رسول اللّه ـصلى اللّه عليه و
آله لذلك اكسبت العلويين تاييدا شعبيا كبيرا بين الناس و كان هذا التاييدالشعبي ملموسا في الحجاز,
والعراق , و ايران و لهذا السبب كان العباسيون يخافون العلويين اكثر من غيرهم ((606)) .


و استمرت تلك الثورات والحركات المضادة طوال حكم المنصور, والمهدي ,والهادي , و هارون .


و كـان الـمـامون ـ بالنظر الى هذه الحقيقة ـ اول من حاول ان يزيل الفجوة الموجودة بين العلويين
والـعباسيين و بعبارة اخرى , او ل من فصل العلويين عن الناس , و ربطهم بالعباسيين ليتمكن من قطع
دابر هذه الثورات و الانتفاضات ((607)) فبعث ورا الامام الرضاـ عليه السلام ـ ليهيئ المناخ اجل
تحقيق هدفه عبر استمالة الامام و اجتذابه الى البلاط العباسي .


الامام الرضا (ع ) و التشيع في ايران .


الامام الرضا (ع ) و التشيع في
ايران .



عـنـدمـا انـتـصـر الـمامون على اخيه الامين , فانه اضفى على الحكم العباسي المتوكئ اساسا على الـخـراسـانيين طابعا خراسانيا اكثر من ذي قبل و كانت حكومة الامين تقوم على العناصر العربية
الـمـرغـوبـة عند البيت العباسي اما حكومة المامون فليست كذلك ,و هذا سر ضعفها, مما دفعها الى
الـتفكير بالحصول على قاعدة اخرى , تستطيع من خلالهاان تكسب ود الناس الذين كانوا يميلون الى
العلويين , و تستخدمها وسيلة لاخمادالصيحات التي تعالت من اناس ثاروا الى جانب العلويين .


يقول ابن خلدون : و كان سواد الشيعة موجبا لدعوة علي بن موسى الرضا لولاية العهد ((608)) من
هـذا المنطلق دعا المامون الامام الى خراسان و كان قدوم الامام و قبوله دعوة المامون الى الخلافة
او ولاية العهد يمثلان تاييدا للمامون و هذا احد الاهداف الخطيرة التي كان يتوخاها المامون من ورا
هذه الخطوة .


امـا الامـام ـ عـلـيه السلام ـ فقد رفض دعوة المامون لذلك تحول الحاح المامون الى تهديد و اخيرا
ارغـم الامـام عـلـى التوجه تلقا مرو بعد تهديدات كثيرة ((609)) تلا ذلك قبوله ولاية العهد بعد
شـروط اشـتـرطـهـا عـلـى المامون , اهمها ان لا يتحمل اي مسؤولية حيال الاعمال المختلفة في
الدولة ((610)) و قال في بعضها: ((اني داخل في ولاية العهد على ان لا آمر و لا انهى , و لا افتي
و لا اقضي , و لا اولي و لا اعزل , و لا اغير شيئا مما هو قائم وتعفيني من ذلك كله ((611)) )) و
هـذا الموقف الذي سجله الامام ـ عليه السلام ـ افضى الى بقا الانتفاضات العلوية في جذوتها و لذلك
صرح البعض ((ان ولاية العهد لم تثمر في اطفا لهيب الانتفاضات العلوية ((612)) )).


ان دعوة الامام الى مرو عاصمة الحكم العباسي آنذاك دليل على ميل تلك الحاضرة الى التشيع .


و اصـدر الـمـامون اوامره بجلب الامام عن طريق البصرة , فالاهواز, ففارس , و منها الى خراسان ,
لـئلا يـمر بالمناطق الشيعية فيتصل بشيعته فيها و تلقى رجا بن ابي الضحاك امراان لا يجلب الامام
عـن طـريق الكوفة ((613)) و جا في بعض المصادر ان الامام اتي به عن طريق قم ((614)) و
هـذا غير صحيح , اذ ورد في كتاب عيون اخبار الرضا ان المامون كتب الى الرجا بصراحة قائلا :
((لا تاخذ على طريق الكوفة و قم ((615)) )).


و اسـتطاع الامام ـ عليه السلام ـ ان يتصل بمحبي اهل البيت ـ عليهم السلام ـ في طريقه الى مرو و
كانت نيسابور اكثر المناطق ازدحاما اذ اجتمع فيها من الناس ما لم يجتمع في غيرها لاستقبال الامام
و كان بينهم عدد من علما السنة مثل ابي زرعة الرازي , و طلبوا من الامام ان يحدثهم و جا في ينابيع
المودة ان الامام اقام بنيسابور اياما, ثم خرج يريد بلدة مروشاهجان , فعرض له ابو زرعة الرازي ,
و محمد بن اسلم الطوسي و معهم من طلبة العلم والحديث ما لا يحصى فتضرعا اليه ان يريهم وجهه
الـشريف المكرم المبارك ويروي لهم حديثا عن آبائه الكرام فاستوقف البغلة , و امر غلمانه بكشف
الـمظلة فاقر عيون تلك الخلائق برؤية طلعته المباركة , والناس بين صارخ و باك , فصاحت العلما :
مـعاشرالناس , انصتوا فحدثهم عن آبائه قائلا ((كلمة لا اله الا اللّه حصني فمن دخل حصني امن
مـن عـذابـي )) فـشـرع الـنـاس كـلـهـم يـكـتبون , فقال لهم بعد هنيئة : ((الا بشروطها, و انا
من شروطها ((616)) )).


اي : ان الاقرار بامامتي من شروطها و هذا الموضوع هو قوام الفكر الشيعي فقبول امامته و الانقياد
الى ولايته بعد التوحيد شرطان للنجاح و الفلاح من منظار التشيع .


و كـانت غاية الامام ـ عليه السلام ـ من عمله هذا ان يجعل الحب الذي يبديه الناس للعلويين هادفا, و
يستبدل التشيع العقيدي بالتشيع الناتج عن حب اهل البيت حبا سطحيامجردا.


و بعد ذلك , كان وجود الامام في خراسان باعثا على معرفة الناس شخصيته اكثر فاكثربوصفه امام
الـشـيـعـة و لذلك كان عدد انصار التشيع يزداد على كرور الايام ((617)) و كانت منزلة الامام
العلمية اهم باعث على اتساع نطاق التشيع لا سيما ان الاسس الفكرية للشيعة قد تميزت عن غيرها
آنذاك و طبيعيا فان مرجعية الامام العلمية كانت تحمل في تضاعيفهااتساعا لدائرة الفكر الشيعي ينقل
رجا بن ابي الضحاك ـ الذي تولى اشخاص الامام ـ عماحدث لهم في الطريق فيقول في بعض كلامه
: ((و كان ـ عليه السلام ـ لا ينزل بلدا الا قصده الناس يستفتونه في معالم دينهم فيجيبهم و يحدثهم
الـكـثـيـر عـن ابـيـه , عـن آبـائه , عـن عـلي ـعليه السلام ـ عن رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه و
آله ((618)) )).


و كـل من كان عارفا بنقل الرواية عن طريق الائمة ـ عليهم السلام ـ يعلم ان تركيزهم على طريق
آبـائهـم افضل معلم لاتساع الفكر الشيعي اذ هو الطريق الذي تنقل فيه الاحاديث عبر اهل البيت ـ
عـليهم السلام ـ و لا يستعان باحد الرواة في سلسلة السند ((619)) و هذا السند مشهور بين رواة
الحديث بسلسلة الذهب .


و كـان الـمـامـون يظهر رغبته في المسائل العلمية , لذلك كان يعقد مجالس النظر بحضورالامام و
يـجـمـع المخالفين للبحث و المناظرة حول الامامة ((620)) , و كذلك حول النبوة ((621)) و لا
يستبعد ان يكون هدفه ادانة الامام ((622)) و لما كان الناس ينظرون الى اهل البيت ـ عليهم السلام
ـ بوصفهم العلما المتفوقين على غيرهم في العلم , و حتى انهم يعتقدون بعلمهم اللدني , لذلك يمكن ان
تـفـضـي ادانـة الامام الى الحط من شانهم عندالناس بيد ان تلك المجالس استطاعت ان تعرف الناس
الـشـخصية الحقيقية للامام الرضا ـعليه السلام و طالما ختمت لمصلحة الامام ((623)) و هذا ما
كـان يـسـبـب مـتاعب كثيرة للمامون ينقل عبدالسلام بن صالح الهروي قائلا : رفع الى المامون ان
ابـاالـحـسـن عـلي بن موسى الرضا ـ عليه السلام ـ يعقد مجالس الكلام , والناس يفتتنون بعلمه فامر
المامون محمد بن عمرو الطوسي ان يطردالناس من مجلسه , و لما سمع الامام ذلك , دعا عليه وقال :
(( و انتقم لي ممن ظلمني و استخف بي , و طرد الشيعة من بابي ((624)) )).


تـدل هـذه الـرواية على ان هؤلا الناس كانوا شيعة الامام ـ عليه السلام فحضوره في خراسان اذن
لـتـنـظيم الشيعة و توسيع نطاق الفكر الشيعي و كان الناس يسالونه عن مختلف المسائل الكلامية و
عـندما ترجمت الكتب اليونانية منذ اواخر عهد المنصور, فان شيئا من المذهب العقلي قد دخل نطاق
الافـكـار الاسـلامـيـة و كان ضروريا ـ طبعا ـ ان يحدد الشيعة افكارهم حيال الظروف الفكرية
الـجـديـدة و كـان ائمـة الـشيعة بخاصة الامام الصادق ,والامام الرضا ـ عليهما السلام ـ بمستوى
الـمـواجـهة في حل الرموز المستعصية للحقائق المعروضة و طرح مرة سؤال عن رؤية اللّه يوم
الـقـيامة , فرد الامام ذلك ((625)) و سئل عن الحديث : ((ان اللّه خلق آدم على صورته )) فذكر
الامام ان الرواة حذفوا قسما من هذاالحديث , و هذا القسم هو الذي يبين معناه الحقيقي ((626)) و
سـئل كذلك عن قول الامام الصادق ـ عليه السلام : (( امر بين الامرين ((627)) )) و غير ذلك من
الاسئلة .


و كـان الامام ـ عليه السلام ـ يهتم باحيا السنة النبوية في ادا العبادات , و عندما طلب منه المامون ان
يـقـيم صلاة العيد فانه عزم على ان يخرج اليها كما كان يفعل النبي ـصلى اللّه عليه و آله ـ لا كما
يفعل الملوك اذ يخرجون بابهة ملوكية و كان ما عزم عليه , فبلغ تاثير خروجه في الناس حدا ارغم
فـيه المامون ان يرجع الامام من منتصف الطريق ((628)) و لعل التشدد على الامام و شيعته بدا بعد
هذه الواقعة و كان المامون يحاول ان يقطع علاقات الامام بالشيعة او يخضعها لرقابته باساليب مختلفة
و اخيرا وجد نفسه مرغما على قتل الامام ليقضي بذلك على محور الشيعة ((629)) بيد ان طبيعة
الامـور كـانـت تفرض اتساع نطاق التشيع في خراسان , و حتى في اطرافها من خلال وجود الامام
ـعليه السلام ـ فيها.


ان الرسائل التي بعثها الامام الى مختلف الاشخاص و فيها توضيح الاسس والدعائم الشيعية تدلنا على
اتـسـاع قـاعـدة التشيع و تحوم هذه الرسائل حول منزلة اهل البيت ـعليهم السلام ـ في الكتاب و
الـسـنة ((630)) , و سائر المسائل الكلامية ((631)) , والمسائل الخلافية الاخرى بين الشيعة
والـسـنـة , مـثـل : ايمان ابي طالب ((632)) , توضيح مصداق الشيعة ((633)) , توضيح مصداق
الصحابي ((634)) , و اولي الامر ((635)) , و غيرها من هذه المسائل .


و تطرح هذه المسائل وفقا للعلوم و المعارف التي تقرها الشيعة و كان الامام يعرضهاللناس نقلا عن
آبائه و هكذا اتسعت قواعد التشيع العقيدي في خراسان والمناطق المتصلة بها.


هجرة السادة العلويين الى ايران و اتساع قاعدة التشيع .


هجرة السادة العلويين الى ايران و اتساع قاعدة
التشيع .



ان مـن الـبواعث الرئيسة على تغلغل التشيع في ايران هجرة السادة العلويين اليها و كان هؤلا شيعة غـالبا و قد يشاهد بينهم عدد من النواصب ((636)) طبيعيا, ان هؤلا لم يكونواشيعة اثني عشرية
كـلـهـم , بـل كان كثير منهم شيعة زيدية و من كان منهم محورا للانتفاضات المضادة للعباسيين فانه
يـحـسـب مـن الـشـيـعـة الـزيـدية عادة و سبب ذلك ا نهم لم يعتقدوابالتقية و كانوا يرون القيام
بالسيف ((637)) معلما على امامة زيد.


ثـمـة دوافـع حفزت هؤلا السادة على الهجرة و هذه الدوافع هي : اولا: الامن الذي كان سائدا في
المناطق الفارسية و هذا اهم دافع على الهجرة فقد كانت ايران بعيدة عن عاصمة الحكومة التي كان
مـقـرهـا اما في الشام او في العراق فهاجر السادة اليها بسبب الضغوط التي مارسها العباسيون , و من
قـبـلـهم الامويون بحقهم و كان بين العلويين من اشترك في الانتفاضات التي حدثت ضد الحكومات ,
كانتفاضة زيد, و محمد بن عبداللّه ,و ابراهيم بن عبداللّه , و الحسين بن علي شهيد فخ , فهؤلا كانوا
يشعرون بخطر اكبرو منهم من هاجر و اختفى في افريقيا مثل ادريس بن عبداللّه , و منهم من اتجه
شرقا, اي : الى ايران , مثل يحيى بن زيد, و يحيى بن عبداللّه .


ثـانيا: الرفاه الذي كانت تعيشه تلك المناطق , وهو الذي شجع سائر العرب على الهجرة ايضا و كان
هـذا الـرفـاه لافتا لنظر عدد منهم يضاف الى ذلك , ا نهم كانوا يرون انفسهم محبوبين عند اهلها, و
اهلها كانوا يحترمونهم ايضا لانهم ابنا رسول اللّه و هذا ما كان يجتذبهم الى تلك الديار ((638)) و
فـي غـضـون ذلـك , كانت المدن الشيعية ذات اهمية اكبر ـكما قلنا في قم سابقا و اهل السنة ايضا
يحترمون العلويين احتراما خاصا ((639)) .


بدات هذه الهجرة اكثر منذ القرن الثاني فما تلاه لذلك قلما نجد شخصا منهم فر الى ايران خوفا من
الـحـجاج بيد ان البعض ذهب الى ان اول مجموعة من السادة العلويين المهاجرين هم الذين اووا الى
ايران هربا من ظلم الامويين و بخاصة من بطش الحجاج ((640)) و تمهد طريق الهجرة بعد مجي
يـحـيـى بن زيد الى ايران لذلك فالاشخاص الذين كانوا ملاحقين من قبل المنصور العباسي لدعمهم
محمد بن عبداللّه , واخاه ابراهيم , يمموا ايران باسرع ما يمكن ثم اتسع نطاق الهجرة بعد ذلك .


ثـالـثا: التفكير بكسب الطاقات من اجل الثورة و ياتي هذا الدافع بعد الحادثة المشاراليها فان الفرس
الـذين اعربوا عن رغبتهم في تغيير السيادة العربية عند مجي العباسيين الى الحكم , ابلوا بلا حسنا
ايضا في موقفهم من الانتفاضات , و كان بمقدورهم ان يفعلواذلك مرة اخرى و هذا التصور هو الذي
كان يستقطب العلويين الى تلك المناطق و بينماكان الوعي العام للفرس ضعيفا حيال العلويين , و كذلك
كـان نشاط العلويون في تحريض الناس , نجد ان نشاط العباسيين قد اثمر بعد ثلاثين سنة فحسب و
كان العلويون يعتزمون القيام بمثل هذا العمل الكبير من خلال تحرك قليل ((641)) .


و كان يحيى بن عبداللّه بن الحسن بن الحسن ـ عليه السلام ـ ((642)) من الذين شاركوافي ثورة
الـحـسـين بن علي شهيد فخ و توجه الى ايران بعد فشل الثورة , و استقر في الديلم شمال ايران مع
عـدد مـن الـكـوفـيين و كان هارون العباسي قلقا من تصاعد هذه التحركات ,فامر الفضل بن يحيى
البرمكي بالقبض على يحيى المذكور باي شكل كان ((643)) .


و يـبـدو ان ثـورة يحيى اول ثورة شيعية في الديلم و كانت منطقة الديلم احدى المناطق التي قاومت
الـمـسـلمين بشدة و احتفظ الاسفهبدان بسلطتهم فيها و كانوا حكاما عليها من قبل و في تلك الفترة ,
كانت علاقاتهم بالسلاطين تتراوح بين الصلح حينا, والاصطدام حيناآخر.


و يـمـكـن ان يكون ذهاب هؤلا الاشخاص الى تلك المنطقة عاملا مساعدا على استثمار الخلافات
الـمذكورة لمصلحتهم و في ضؤ ما جا في كتاب الفخري فان عدداكبيرا من اهل الامصار اجتمعوا
الى يحيى ((644)) .


و نـقـل الـطـبـري ايـضـا عـن ابـي حـفـص الـكرماني ((ا نه ظهربالديلم و اشتدت شوكته و
قـوي امره ((645)) )) و يواصل كلامه بان كثيرا من اهل الامصار التفوا حوله ((646)) و بلغ
عددانصاره درجة ان الفضل بن يحيى تحرك نحوه بخمسين الف مقاتل ((647)) بيد ان اصطداما لم
يـقع بين الطرفين , اذ افلح هارون باجباره على قبول الصلح من خلال كتاب الامان الذي بعثه اليه من
جـهـة اخـرى , وعد الفضل صاحب الديلم بمال كثير ليسهل خروجه من المنطقة ((648)) و بعد
قدومه الى بغداد, تعاملوا معه معاملة طيبة الى حين , ثم قتلوه شهيدا ((649)) .


و كان بمقدور الديلم ان تحتضن انتفاضة شيعية من الوجهة الجغرافية والسياسية , كمانلحظ ان اول
حـكـومـة شـيعية كانت قد ظهرت فيها آنذاك و اصبحت حركة يحيى بن عبداللّه فاتحة لحركات
اخـرى تـلتها, مع ان الارضية كانت مساعدة فيها من قبل , و ان كانت يسيرة و عندما سئل يحيى عن
سبب اختيار الديلم , قال : ((ان للديلم معنا خرجة فطمعت ان تكون معي ((650)) )) و هذا معلم على
وجود مثل هذه الارضية و لعل قصده سماع خبر غيبي حول مستقبل المنطقة .


و توجهت مجموعات من السادة الى ايران بعد هذه الحادثة , و بعد قدوم الامام الرضا ـعليه السلام ـ
الـيـها و لعل تساهل المامون مع السادة في مقابل تشدد ابيه هارون عليهم كان له تاثيره الملحوظ في
تناميهم و رفعتهم و على الرغم من ا نه تعامل مع ثوراتهم بعنف ايضا, الا انه كان يحترمهم كثيرا في
الـظروف الاعتيادية , لايمانه بافضلية علي على سائرالخلفا و مع هذا كله , فان سياسته حيال هؤلا
الذين كانوا يشكلون خطرا على الحكومة العباسية تغيرت تماما في نهاية المطاف .


و كـان مجي فاطمة بنت الامام موسى الكاظم ـ عليهماالسلام ـ الى ايران معلما من معالم الهجرة اليها
اذ كانت له علاقة بمجي اخيها الرضا ـ عليه السلام ـ ((651)) .


يـقول المرعشي : و توجه السادة الى ايران بعد ولاية العهد التي فوضها المامون الى الامام و كان له
مـن الاخوة واحد و عشرون , فرحلوا مع بني اعمامهم من السادة الحسنيين والحسينيين الى الري ,
والعراق ((652)) و يقول عن رد فعل السادة ـ بعد تطرقه الى تغييرسياسة المامون من خلال قتل
الامـام الـرضا ـ عليه السلام : لما سمع السادة غدر المامون بالامام الرضا, التجاوا الى جبال الديلم و
طـبـرسـتـان و استشهد بعضهم هناك , و لهم مراقدمشهورة و معروفة في تلك المناطق و لما كان
اسفهبدان مازندران ـ الذين اعتنقوا الاسلام مبكرا ـ شيعة , و كان اعتقادهم حسنا باولاد الرسول ـ
عليهم السلام ـ لذلك سهلوا للسادة المقام في تلك المنطقة ((653)) .


و سنرى فيما بعد ان الهجرة كانت في تزايد بعد ظهور الانتفاضات الشيعية في مازندران , و جيلان .


و كـان الـعراق غير آمن آنذاك , على الرغم من كثرة الشيعة فيه و لم يستعد العلويون للثورة هناك
بـسبب سوابقه المتمثلة بخذلان اهله في الظروف الحساسة يقول فيه احدالعلويين , و هو موسى بن
عبداللّه بن الحسن :.








  • لا تتركيني بالعراق فانها
    بلاد بها اس الخيانة والغدر ((654)) .



  • بلاد بها اس الخيانة والغدر ((654)) .
    بلاد بها اس الخيانة والغدر ((654)) .




و كانت ايران افضل مكان للثورة بعد العراق .


و يـمـكن الاستهدا بالاماكن التي سكنها العلويون المهاجرون للتعرف على الوضع النسبي للتشيع في
ايران علما ان تحديد هذه الاماكن بوصفها مناطق شيعية لا يتيسربنحو قاطع ذلك ان اصفهان ـ على
سبيل المثال ـ كانت سنية متعصبة للغاية , حتى ا نها كانت ترفع معاوية الى درجة النبوة ((655)) , و
كـان اهـلـهـا يـصطدمون بالقميين كرارا لا نهم شيعة ((656)) , لكنها كانت ماوى للسادة ايضا اذ
هـاجـروا الـيها فوطدت هجرتهم بنية التشيع فيها تدريجا, حتى نقرا ان المقدسي عندما زارها في
الـقـرن الـرابـع وجدها تعيش صراعابين الشيعة و السنة ((657)) و هذا معلم على اتساع نطاق
التشيع هناك اذ كانت هجرة السادة العلويين اليها احد ممهداته و هكذا الامر في سائر المدن .


و قـيـل فـي ((تفرش )) : يستشف من وجود قبور ابنا الائمة العديدة في تفرش , و قربهامن قم و
الري ان اهلها كانوا يدينون بالمذهب الشيعي منذ عصر صدر الاسلام ((658)) .


و قـال كاتب آخر: وجد المذهب الشيعي الحق طريقه الى الري , ثم قصران خارج منذالقرن الاول
الهجري و يبدو ان السادة هم الذين نشروا مذهب التشيع في الري , و قصران عند ما هاجروا اليهما
هربا من جحيم الامويين ((659)) و قال في موضع آخر: ان وجود قبرحمزة بن موسى بن جعفر
في مدينة الري معلم على وجود التشيع فيها ((660)) .


و كانت هجرة السادة الى بيهق نموذجا من نماذج الهجرة الى المناطق الفارسية ((661)) اذن يتسنى
لنا نوعا ما ان نحدد خطوط اتساع التشيع في ايران من خلال مراقد السادة وابنا الائمة بيد ان القيام
بـهـذا الـعـمل ـ كما هو واضح ـ يتطلب دراسة مستقلة و يستلزم جهدا كبيرا, وهو ما يتعذر علينا
الاضطلاع به في هذه العجالة .


يـقول الرازي في بعض الاماكن التي تضم مراقد ابنا الائمة الاطهار ـ عليهم السلام :((يزور اهل
الـري قبر السيد عبدالعظيم الحسني , و ابي عبداللّه الابيض , و حمزة الموسوي و يزور القميون
قـبر السيدة فاطمة بنت الامام موسى بن جعفر ـ عليهاالسلام كما يزوره الملوك والامرا الحنفيون
والشافعيون تقربا الى اللّه ـ تعالى .


و يزور الكاشانيون مرقد علي بن الامام الباقر ـ عليه السلام ـ الموجود في ياركرسب ,والذي ظهر
هناك من خلال عدد من الحجج والبراهين .


و يزور اهل آوه مرقدي الفضل و سليمان ابني الامام موسى بن جعفر الكاظم ـعليه السلام و كذلك
يـذهـبـون الـى اوجان حيث مرقد عبداللّه بن موسى ـعليه السلام و يتقرب اهالي قزوين سنتهم و
شيعتهم الى اللّه بزيارة قبر ابي عبداللّه الحسين بن الامام الرضا ـ عليه السلام ((662)) )).


و يـمـكن تحديد نقاط اخرى استهدا بكتاب منتقلة الطالبية الذي يحوم حول هجرة بعض العلويين و
مناطق سكناهم و يتطلب البحث الطويل دراسة لكل واحد من هؤلاالاشخاص المعروفين و سلسلة
نـسـبـه الى الائمة ـ عليهم السلام فاذا كان احد السادة يصل نسبه الى الامام السجاد ـ عليه السلام
ـ ((663)) عـبـر خـمسة اجداد, و فرضنا ان كل واحد من هؤلا الاجداد عاش 35 سنة , فالحد
الفاصل بين هذا السيد و الامام السجاد 175 سنة اي : زها قرنين و هناك قرن واحد تقريبا يمتد من
بداية الهجرة الى استشهاد الامام السجاد ـعليه السلام لذلك نحتمل ان يكون استشهاد ذلك السيد او
وفاته قد وقع في اواسط القرن الثالث او اوائل القرن الرابع و حينئذ نستطيع ان نقف الى حد ما على
تغلغل التشيع , اوتمهيد الارضية له بواسطة هذا السيد من اولاد الائمة ـ عليهم السلام .


و مـن الـجـدير ذكره ان هؤلا الاشخاص الذين شيدت لهم مقابر كانوا من كبارشخصيات العلويين
لـذلـك بلغت مكانتهم حدا ان الناس كانوا يبجلونهم مثل هذا التبجيل منذ عصر استشهادهم , فلا تبقى
قبورهم خافية عن الانظار و كان لهؤلا تاثيرهم الديني والسياسي على الناس طبيعيا و لما كان هؤلا
مـن الـشـيعة عموما, فمن المحتمل احتمالاقويا جدا ا نهم نقلوا اليهم افكارهم و عقائدهم و عندما
اشتهرت مقبرة محمد بن جعفرالصادق ـ عليه السلام ـ في سرخس ((664)) , كان هذا معلما على
تغلغل مذهب اهل البيت ـ عليهم السلام ـ منذ العصور الاسلامية الاولى .


تـم تـاليف كتاب منتقلة الطالبية في القرن الخامس الهجري فالنتائج التي سننقلها قريباتتعلق بالقرون
الاولى حتى حدود هذا القرن بعبارة اخرى , ان المدن الفارسية التي كانت موطنا للعلويين المهاجرين
ـ و نـحن نريد ان نتابع تغلغل العقائد الشيعية فيها ـ استمرت حتى القرن الخامس و فيما يلي فهرس
باسما تلك المدن مع عدد السادة العلويين الذين سكنوا فيها و يتعذر علينا فعلا ان ناتي باستنتاج اكبر.


بروجرد 4 تستر 2 تفرش 2 جنديسابور 2 جيرفت 2 جيلان 4 جرجان 32 خراسان15 الديلم
6 رامهرمز 3 راوند 3 الري 66 رويان 2 سابور 3 سيرجان 2 سجستان 3سمرقند 15 شيراز
23 جـالـوس 14 طبرستان 76 الطالقان 2 طبس 2 طوس 6 فارس 6فسا 5 قزوين 27 قم
23 كازرون 2 كرمان 7 مرو 8 نيسابور 21 ورامين 3 همدان 11يزد 2 آذربايجان 3 ابهر 5 اردبيل
2 الاهواز 35 ارجان 8 اصفهان 33.


هذا العدد ـ كما قلناـ يمكن ان يكشف لنا النسبة المئوية لاتساع نطاق التشيع و نلحظان عددهم في
طبرستان 76 , و في الري 66, و في قم 23 (طبيعيا, بالنسبة الى عددالسكان ) مما يرشدنا الى ما
نحن فيه ـ اي : التعريف بالمساحة الواسعة للتشيع .


و ينبغي ان نلتفت الى ان مؤلف كتاب منتقلة الطالبية ذكر في كتابه اسما عدد من العلويين فحسب , و لم
يستقص النقاط المعنية .


و قويت شوكة السادة في القرن الرابع و الخامس على تواتر الايام و كانت كثافة الطالبيين في بغداد
تـتـطلب تعيين نقبا لهم من قبل الحكام العباسيين و نقرا ان الشريف الرضي و اباه تسلما منصب النقابة
ردحـا مـن الزمن في القرن الرابع الهجري , و هما من الشيعة الامامية و كانت للسادة في الحواضر
الـفارسية منزلة تفوق التصور, و احتفظوا بهذه المنزلة حتى في الحواضر التي كانت تعتبر ((دار
الـسـنـة )) و لدينا معلومات دقيقة عن وجودكبار السادة في شتى الحواضر الفارسية خلال القرن
الـخـامـس و قـد ذكـرهـا عبدالجليل الرازي ومن هذه الحواضر : اصفهان , و قزوين , والري , و
نيسابور, و حواضر اخرى غيرها.


والـطـريـف ان الـشـخص المشار اليه يصر على ان السادة كانوا شيعة بعامة و يقول :((والعلوي
الحقيقي لم يكن الا شيعيا اماميا, و لا يمكن ان يكون غير ذلك , و الا فلا و نقل ان زيديا كان ـ على ما
حـكـي ـ علويا سنيا, فاستاذن يوما للدخول على السلطان سعيدمسعود, و كان معه علوي شيعي فقال
السلطان : ائذنوا لاحدهما بالدخول , و لا تجد علوياسنيا الا منافقا لـلـعـلـوي الخالص و تحقق المقصود لتعلم ان العلوي لا يكون الا شيعيا قحا, اذ ان التبري من الاب
عقوق , و بيع المذهب ينم عن نفاق كثير ((665)) )).


التشيع في القرن الثالث الهجري .


التشيع في القرن الثالث
الهجري .



بـدات حـكـومـة الـمـامـون مع مستهل هذا القرن بغض النظر عن ان المامون اثبت احقية الائمة ـ عـلـيهم السلام ـ للخلافة من خلال تفويض ولاية العهد للامام الرضاـ عليه السلام ,فقد كانت له آرا
ايـضـا مهدت الارضية للنزعات الشيعية , اذ انه كان يرى راي المعتزلة ومن هذا المنطلق كانت له
عقائد مشتركة مع الشيعة في كثير من المسائل الكلامية و لما كان المعتزلة يعتقدون بافضلية علي ـ
عـليه السلام ـ على الخلفا, فهذه اول خطوة ينبغي ان يخطوها المر على طريق التشيع ((666)) و
نـقل ان المامون كان متشددا جدا في موقفه من معاوية , فقد اعلن بكل صراحة ان ((برئت الذمة ممن
ذكـر معاوية بخير ((667)) )) و كان يفضل عليا ـ عليه السلام ـ و يقول : ((هو افضل الناس بعد
رسول اللّه ((668)) )).


هذا تشيع ضعيف و على الرغم من ان اصحابه كانوا يقدمون راي علي ـ عليه السلام ـعلى غيره في
الـمـسائل الفقهية احيانا, بيد ا نهم لم يقروا بامامة الائمة ـعليهم السلام و هؤلا كانوا منبثين بين ابنا
الـسـنـة , و مـنـهـم الـمحدث الشهير عبدالرزاق صاحب المصنف و عبداللّه بن موسى احد مشايخ
بخارى ((669)) .


و يـنبغي ان نضع في حسابنا دائما ان العقائد الدينية التي كان يحملها كثير من الحكام والسلاطين قد
تـصـطـبـغ بصبغة سياسية تغطي على صبغتها الدينية ((670)) اي : ان طابعهاالسياسي يغلب على
طابعها الديني مرات .


على اي حال , كان للموقف العلني الذي اتخذه المامون تاثيره الخاص لا سيما ان جل اعتماده كان على
الشيعة في بادئ امره اي : على الذين كانوا يرون افضلية علي ـعليه السلام و بخاصة انهم يفكرون
تفكيرا اعتزاليا و نقل ((ان المامون لما قدم العراق حظر ان يقلد الاعمال الا الشيعة الذين قدموا معه
من خراسان )).


و عـندما اقتنع اخيرا ان يستعين بغير الشيعة , فانه صمم على ان يجعل مع كل واحد من هؤلا رجلا
شـيـعـيـا ((671)) بـيد ا نه نفسه كان يتشدد كثيرا على الشيعة الامامية الذين كانوايتطلعون الى
مستقبل افضل و في ضؤ ما نقله الفضل بن شاذان , فانه عندما بلغه ان محمدبن ابي عمير يعرف اسما
الـشـيـعـة فـي العراق , استدعاه ليخبره بها لكنه لم يقل شيئا على الرغم من تحمله اكثر من مائتي
سوط ((672)) .


الدولة الطاهرية والتشيع .


الدولة الطاهرية
والتشيع .



كان طاهر بن الحسين قائد قوات المامون وهو الذي هزم محمد الامين , فعزز بذلك موقع المامون ثم وجـهـه المامون الى خراسان حاكما عليها و تعتبر حكومته اول حكومة مستقلة تتمتع بدعم عاصمة
الحكم العباسي و امتدت الدولة الطاهرية من سنة 205 ه الى سنة 259 ه.


قـيـل : ان طـاهر بن الحسين بل الطاهرية كلها كانت تتشيع ((673)) و يبدو ان مصدر هذاالقول
روايـة تـحكي ان طاهرا اسقط اسم المامون من الخطبة في خراسان , و وضع مكانه اسم القاسم بن
عـلـي احد العلويين ((674)) و لعل السبب في ذلك ما اشيع ان سليمان بن عبداللّه بن طاهر عندما
تـقـابـل مـع الـحـسـن بـن زيـد الـعـلـوي فـي جرجان , انهزم له لعرق التشيع الذي كان في بني
طـاهـر ((675)) بيد ان هذا الموضوع لا يمكن قبوله و لو فرضنا وجودشي من التشيع عندهم ,
فانه من النوع الذي كان يحمله المامون , و نسبه اليه ابن الاثيرايضا ((676)) .


كـمـا ذكـر الـمـسـعودي ذلك قائلا : ((كان المامون يظهر التشيع ((677)) )) و نلحظ وجود
ادلة كثيرة تدحض نسبة التشيع الى طاهر و ابنائه .


و ينقل ابن الاثير نفسه ان المامون عندما سمع ان عبداللّه بن طاهر يميل الى ولدعلي بن ابي طالب ,
و كذا كان ابوه قبله , اشخص اليه رجلا ليدعوه الى القاسم بن ابراهيم بن طباطبا لكنه امتنع و اعلن
عن عدم استعداده لخيانة ولي نعمته المامون فاستبشر المامون عندما سمع بذلك ((678)) .


و ثمة دليل آخر يقول ان محمد بن عبداللّه بن طاهر عندما اخذ يحيى بن عمر العلوي ,و ارسل الى
عاصمة الحكومة العباسية , اعترض عليه اخوه عبيداللّه قائلا له : عملت خلاف عهد طاهر نـه كـان قد راى عليا ـ عليه السلام ـ في منامه وهو يقول له :((واحفظني في ولدي فانك لا تزال
محفوظا ما حفظتني في ولدي ((679)) )) و حينئذ قال محمدبن عبداللّه : انا ايضا سمعت البارحة
في المنام قائلا يقول : ((يا محمد ((680)) )).


و بينما نستشف من هذه الحادثة احترام العلويين , فانها تكشف لنا ايضا اساة الطاهرية .


و قال ابن الرومي بمناسبة قتل يحيى :.






  • بني طاهر غضوا الجفون و طاطئوا
    رؤوسكم مما جنت ام عامر.



  • رؤوسكم مما جنت ام عامر.
    رؤوسكم مما جنت ام عامر.




و قـال ابو هاشم الجعفري لمحمد بن عبداللّه بن طاهر : انك لتهنا بقتل رجل لو كان رسول اللّه حيا
لـعزي عليه ((681)) و نقرا انعكاس هذه الاساة التي لا صلة لها بمحبة علي ـعليه السلام ـ فضلا
عـن الـتـشـيع له في كلام ابن اسفنديار اذ يقول : ((كانت معاملة الطالبيين سيئة مع اولاد طاهر بن
الـحـسـيـن عـلـى طـول الخط, و ذلك بسبب قتل محمد بن عبداللّه بن طاهر, يحيى بن عمر في
الـكوفة )) ((682)) و لعل هذا هو الذي دفع الحسن بن زيد الى قتل عبداللّه بن عزيز احد اخوة
الطاهريين ((683)) .


يـقـول فراي في مذهب الطاهريين : كان الطاهرية على مذهب السنة و كانوا يهاجمون اتباع المذهب
الشيعي , والرافضة الاخرين في مناطق نفوذهم بدعم كانوا يتلقونه من الجهات المسؤولة في البلاط
العباسي ((684)) )).


و كـذلـك نـرى عـبـداللّه بـن طـاهـر يـضـيـق عـلـى الـفـضـل بن شاذان في نيسابور بسبب
عقائده الشيعية ((685)) .


و نـقـل ايضا ان المامون عندما قتل الامام الرضا ـ عليه السلام ـ و عاد الى بغداد فانه ((بدل اللباس
الاخـضـر الـذي كـان شـعـار الـعـلويين بالتماس طاهر بن الحسين ـ نتيجة اصرارالعباسيين و
تـاكـيـدهـم ((686)) )) و لـعـل منشا هذا الركون هو الاحترام الذي ابداه طاهر للامام الرضاـ
عليه السلام ـ عند لقائه اياه ((687)) علما ان هذا العمل لا يترجم لنا اتجاها شيعيا.


و عـلـى الـرغـم مـن عدم وجود النزعات الشيعية , فان الخراسانيين كانوا يحترمون اهل البيت ـ
عـلـيـهم السلام ـ كما مر بنا ذلك و ان كان الخوارج قد اتخذوا من خراسان قاعدة لبعض حركاتهم
الـمناهضة للحكومات ((688)) كما ان الميول السنية الاصيلة التي هي نفسها الميول الاموية كانت
موجودة في خراسان ابان عصر المامون ((689)) .


و فـي خـتام هذا البحث , نرى من الضروري التذكير بهذه النقطة , و هي ان البعض ارادان يوازن
تشيع الطاهريين باستقلالهم و فارسيتهم , بينما نجد سقم الاثنين من الوجهة التاريخية .


اما القسم الاول فقد تحدثنا عنه .


و اما القسم الثاني فنختمه بكلام لاحد المستشرقين يقول فيه : ((لا نجد في عهدالطاهريين شيئا من
الـنـزعـة الـقـومية الفارسية ((690)) )) و قيل : ((ان عبداللّه بن طاهر امرباحراق كل كتاب
عجمي ((691)) )).


و اشار فراي الى ان بعض المصادر تحدثت عن تعاطف آل سليمان بن عبداللّه بن طاهر مع العلويين ,
لـذلك لم يكن تسييره الجيش الى طبرستان جديا و قال المشار اليه :((يبدو ان هذه النسبة (وجود
الميول العلوية ) لا اساس لها من الصحة ابدا و اضاف ان شعرا الشيعة قد هجوا الطاهريين , مثل دعبل
بن علي ((692)) )).


ثورة محمد بن القاسم في خراسان .

/ 33