شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری - نسخه متنی

رسول جعفریان؛ مترجم: علی هاشم الأسدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



بينما يرى غيره ا نه لقب المختار ((368)) و يذهب الاشعري الى ان كيسان لقب محمد بن الحنفية نـفـسه ((369)) و يعتقد آخرون ا نه لقب المختار, و ماخوذ من عنوان ابي عمرة رئيس شرطة
المختار ((370)) و جملة القول : ان هويته غامضة .


يـقول البغدادي : الكيسانية اتباع المختار بن ابي عبيدة الثقفي ((371)) و اذا صح ذلك ,فالموضوع
يـرتـبـط بـالموالي و ينسب الشهرستاني الى الكيسانية عقائد مختلفة اما في مجال اصحاب المختار
الـمعروفين بالمختارية , فيعرض الشهرستاني معلومات ارى من الضروري ان اشير اليها فهو يذكر
ان المختار كان يؤمن بامامة محمد بن الحنفية , فيشترك مع الكيسانية في هذه العقيدة و من الطبيعي ان
القول بامامة محمد بن الحنفية لا يمكن ان يمثل عقيدة غالية مضافا الى ذلك عدم وجود الدليل على ان
المختار كان يرى له نوعا من الامامة كنص من اللّه .


و كـان الـمـختار يقول : جئت من قبل محمد بن الحنفية , و ذلك لجمع الشيعة و عرض نفسه بوصفه
شخصية سياسية و لما كان موضوع ثورته الثار من قتلة الامام الحسين ـعليه السلام ـ و اصحابه , و
صـاحـب هذا الثار هو محمد بن الحنفية , لذلك كان يعتزم ان يظهر نفسه محقا في توجهاته و الراي
الـقائل ان المختار كان مقرا بامامة ابن الحنفية مرفوض , لان محمد بن الحنفية لم يدع الامامة , فكيف
يمكن قوله بامامته ؟ والموضوع الاخر الذي يعرضه الشهرستاني هو ان المختار كان يجوز البدا على اللّه ـتعالى و يقول
: و انـمـا صار المختار الى اختيار القول بالبدا, لانه كان يدعي علم ما يحدث من الاحوال اما بوحي
يوحى اليه , و اما برسالة من قبل الامام ((372)) .


و يقول البغدادي : كان المختار قد وعد ابراهيم الاشتر بان الظفر يكون له فلما هزم ,قال : ان اللّه ـ
تعالى ـ كان قد وعدني ذلك , لكنه بدا له ((373)) بينما نقرا ان الطبري نقل القول بالبدا عن عبداللّه
بـن نـوف , و اضاف ا نه هو الذي اظهر هذه العقيدة ((374)) وعقيدة الشيعة ان البدا من المسائل
الجوهرية في مذهب اهل البيت ـ عليهم السلام ـ ومصدره القرآن و السنة ((375)) .


لـقـد اشرنا سابقا الى موضوع ادعا المختار النبوة , و قلنا انه لا نصيب له من الصحة و كان المختار
عـرضـة لطعون المؤرخين و تقولاتهم , بخاصة الامويين و الزبيريين ,حتى ان الادعا بالنبوة نسب
اليه في حياته و كان هدفهم من ورا ذلك الحط من شانه ,وهو الذي ثار من اجل الدفاع عن اهل البيت
ـ عـلـيهم السلام و هل يستطيع احد ان يحكم الناس , و هو يدعي النبوة , في تلك الظروف التي كانت
تعيشها الكوفة ؟ غـيـر صحيح , لان محمدبن الحنفية ـ كما مر بنا ـ لم يؤيد المختار ضمنيا فحسب , بل واستنصره
عندما تعرض لمضايقات عبداللّه بن الزبير في مكة ((376)) و هذه نقطة ذكرها كافة المؤرخين
الذين نقلوا تلك الوقائع و من الطريف ان الشهرستاني نفسه هنا يكشف لنا عن عقائده الغالية فيقول : و
انما حمل المختار على الانتساب الى محمد بن الحنفية حسن اعتقاد الناس فيه و كان محمدبن الحنفية
كثيرالعلم , وقاد الفكر, مصيب الخاطر في العواقب قد اخبره الامام علي ـ عليه السلام ـ عن احوال
((377)) فهذاهو تصريح الشهرستاني نفسه بعلم
امـيـرالـمؤمنين ـ عليه السلام ـ و نجله ابن الحنفية بالغيب و معرفة ما سيجري في المستقبل , فهل
ينسجم هذا التوجه مع نهج اهل السنة ؟.


و جـا فـي احدى المقالات ان الشهرستاني ـ كما يبدو من تفسيره ـ كان من الذين يعتقدون ان العلوم
الدينية الواقعية , بخاصة علم التفسير, ينبغي ان تؤخذ من اهل بيت النبوة فحسب ((378)) و حينئذ
لا نستبعد منه ان يصرح بمثل هذه الارا في الملل والنحل .


و ا لـف احـد الـبـاحـثين كتابا تنيف صفحاته على مائتي صفحة حول الفرقة الكيسانية ,و هل كانت
موجودة في التاريخ او لا؟ و عرض فيه ادلة وافية اثبت من خلالها ان هذه الفرقة مختلقة , و ا نها لم
تـرد فـي التاريخ بهذا الاسم و هذه المواصفات كفرقة مستقلة ((379)) و ذهب هذا الباحث الى ان
لـبـنـي العباس ضلعا في اختلاق هذه الفرقة , اذكانوا يطمحون الى انتقال الامر اليهم عبر الاعتقاد
بوصية محمدبن حنفية و وصية ابنه ابي هاشم بعده , زاعمين ان ابا هاشم جعل الوصية عند دنو اجله
في محمد بن علي بن عبداللّه بن عباس فانتقلت الامامة الى العباسيين عن هذا الطريق .


و مـا يـهمنا هنا هو ان نعرف هل كان للموالي دور في هذا الموضوع و نحن نرى ان مساهمتهم في
التحرك السياسي الذي قام به المختار كانت نابعة من حبهم اهل البيت ـعليهم السلام و ثمة دافع آخر
كان يعتمل في نفوسهم ـ سبق ان اشرنا اليه ـ و هو طموحهم الى رد الاعتبار و ليس لهم اي علاقة
تـذكـر مـن الـوجهة الفكرية بالعقائد التي عرضتها تلك الكتب المعنية بدراسة الفرق والمذاهب , و
ابتدعتها تكيفا مع الافكار السائدة في القرن الرابع و الخامس .


و نـسبت العقيدة المهدوية الى المختار ايضا و نقل ا نه كتب رسالة الى محمد بن الحنفية خاطبه فيها
بـالـمهدي مما حدا البعض على القول ا نه هو الذي طرح العقيدة المهدوية بيد ان هذا الموضوع واه
لاسباب مختلفة يضاف الى ذلك ا ننا نحتمل احتمالاكبيرا ان المختار نظر الى المعنى اللغوي للمهدي
و يمكننا ان نقول :.


ان الـعـقـيـدة الـمهدوية ـ جوهريا ـ لا تقتصر على الشيعة , بل يشاركهم فيها اهل السنة ايضا, اذ
يعتقدون بانتظار المهدي و ظهوره , و لكن بشكل آخر كما ان غير المسلمين لهم ارا خاصة في هذه
الـعقيدة , كالنصارى واليهود, و ليس هؤلا فحسب , بل غيرهم يؤمن ايضا بظهور منج ينقذ البشرية ,
كما جا ذلك في الثقافات الاسطورية ((380)) .


مـن هـذا المنطلق يمكننا ان نحصل على نتيجة قيمة للغاية تتمثل في ان العقيدة المهدوية عريقة في
التاريخ لا نها وردت في كافة الثقافات الاسطورية والدينية اواكثرهاو لابد ان ننتبه الى ان وجود
هـذه الـعـقـيدة عند اليهود ينبغي ان لا يدفعنا الى التصوران المسلمين اخذوها منهم بل ان اشتراك
الـثـقـافـات والـحضارات في هذه العقيدة دليل على عراقتها و اصالتها لذلك لا تنحصر هذه العقيدة
بـالـغـلاة , كـما يروق للبعض ان يعنى بهاباشكال مختلفة و من الطريف ان الخليفة الثاني هو اول من
طـرح مضمون العقيدة المهدوية عندما توفي النبي الاعظم ـ صلى اللّه عليه و آله ـ اذ لم يصدق , و
قال : انه لم يمت ثم اقتنع بعد ذلك , فسلم بموته ((381)) .


و يـبـدو مـن الضروري ان نعرض نبذة موجزة عن الفرق التي انشعبت من الكيسانية ,و نقلتها كتب
الفرق او ابتدعتها للتشويش بكثرة الاسما.


ان احدى الفرق التي كانت تقول بامامة ابي هاشم بعد موت محمد بن الحنفية تعتقدان وصي ابي هاشم
هـو عـبداللّه بن عمرو بن حرب الكندي و ترى هذه الفرقة ان روح الاله تناسخت في عبداللّه بن
عـمـرو بـن حـرب الـكندي ((382)) و مهما كان من امر هذا الشخص ,ان كان من اتباع بيان بن
سمعان , او كان صاحب فرقة مستقلة به , فما هي علاقته بالموالي ؟اذ كان عربيا من كندة مضافا الى
عدم وجود معلومات تدل على ارتباط الموالي به علما ان البيانية عدت من فرق الكيسانية ((383))
و يعتقد هؤلا بالهية الامام علي ـ عليه السلام ـ كمايعتقدون بالتناسخ ايضا.


و كـتب بيان بن سمعان رسالة الى الامام الباقرـ عليه السلام ـ يدعوه فيها الى نفسه و لماوصلت الى
الامام امر الرسول ان ياكلها, فاكلها, فمات في الحال ((384)) .


مـا هو موقف الموالي من دعوة بيان بن سمعان ؟ والجواب هو ان الكتب المعنية لم تتطرق الى ذلك و
يـضاف اليه ان هذا الشخص كان من قبيلة بني تميم , فهو ـ اذن ـ من العرب الخالصة , و قبيلته كانت
تـنـتـهـج سـبـيـلا غـيـر سبيل التشيع و للوقوف على عقائده , تنظرالمصادر المبينة في الهامش
ادناه ((385)) .


و نـسبت العقائد الغالية ايضا الى عبداللّه بن معاوية بن عبداللّه بن جعفر ((386)) كماعد مؤسسا
لـفرقة تدعى الجناحية و من المؤسف حقا ان تنسب اليه هذه العقائد التي لاتليق بشانه ((387)) و
لا يمكن التسليم بها على اساس ما نقله الشهرستاني و لو نظرنا انفسنافي هذه العقائد ايضا, فسوف لا
نـصـدق بما قيل عنه منها : ا نه كان يعتقد بتناسخ الارواح ((388)) و لو
فـرضنا ان هذه هي عقائده , و ا نه كان من اقطاب الغلاة , فمن الثابت ا ننا لا نستطيع ان نسجل دورا
للموالي في تكوين هذه العقائد.


و لـنـا ان نـقـول بـكل اطمئنان ا نه لما كان قد قتل على يد ابي مسلم داعية العباسيين , فلاجرم ان
العباسيين هم الذين قاموا بتشويه سمعته ((389)) .


و مـن الـطـريـف ان نعلم ان دعوى النبوة كما نسبت الى المختار, فقد نسبت الى عبداللّه بن معاوية
ايـضـا ((390)) عـلـى اي حال , لا يمكن ان نعثر على اثر للموالي في مانقله هؤلاالمؤرخون من
مـعـلومات عن الفرق و ما قيل فيهم هو كلام واه لا يقوم على دليل ((391)) ولما كان عبداللّه بن
معاوية قد ذهب الى المدائن , و منها اتجه شرقا, فقد حاول البعض ان يختلق صلة بين الغلاة والفرس
من جهة , و بين نصرته والتعاطف معه من جهة اخرى ((392)) .


بـيد ان حكم المؤلف العراقي المشهور الدكتور الشيبي في هذا الموضوع يزيل كل شبهة فهو يقول :
و يـزيـد الامـر وضـوحـا ان الـمدائن التي نزلها اولا, و اصطخر التي صارت عاصمة ملكه كانتا
مهجرين لقبيلة عبدالقيس الشيعية التي خرج الغلو من بطونها و تلك امارة على ان الغلو لم يكن فارسيا
فـي جوهره و انما كان للعرب من الشيعة المتعصبين الممتلئين بالغيظ والحقد على الامويين دورهم
الاساسي في تبنيه عقيدة ((393)) .


و يـذهـب الـبـلاذري ايـضـا الـى ان شـيـعـة الـمـدائن كـانـوا مـن الـناس الذين هاجروا اليها
من الكوفة ((394)) .


و اما ما قاله صاحب كتاب تاريخ الامامية و اسلافهم من الشيعة حول الفرس ا نهم كانوايرون ملوكهم
فـي جـو روحـي , و انـهم اعتقدوا بالائمة نفس الاعتقاد فينبغي ان نجيب عنه قائلين : ان الفرس لم
يعتقدوا يوما بالهية ملوكهم , او بحلول روح الاله فيهم , و انما كانوايرون ان حكومتهم تفويض الهي
لـذلـك لا يـمكن ان نقيم علاقة تذكر بين الغلاة وعقائدالفرس حتى اننا لو تصورنا هذا الموضوع
تـصـورا بـسـيطا, فلا نجد علاقة بين الحكومة حسب نظرية التفويض الالهي و بين الامامة عند
الشيعة .


و قد اثبتنا زيف هذه الا مور في احد كتبنا, و قلنا: هذه هي ايضا عقيدة المسلمين بالانبيا, و لو كانت
ثمة مؤاخذة على عقيدة الشيعة , فانها ستسجل ايضا على كافة المسلمين و عقيدتهم في نبيهم العظيم
ـ صلى اللّه عليه و آله ((395)) .


و اشـار الدكتور سامي النشار الى هذه النقطة , وهو الذي يرمي الى الكشف عن المصدر الذي انبثق
مـنه تيار الغلاة , و ذكر ان الكوفة شهدت امراتين كانتا تعتبران من رؤسا الغلاة و نقل عن الطبري
ان غلاة الشيعة كلهم كانوا يجتمعون في بيت هند بنت المتكلفة الناعطية , و يتباحثون و كذلك كانوا
في بيت ليلى بنت قمامة المزنية ((396)) .


و لو سلمنا ـ فرضا ـ ان هاتين المراتين كانتا من الغلاة ((397)) , فانهما عربيتان , و ليس للموالي
علاقة بهما.


و قـال الـجاحظ : ان الناعطيين كانوا من اصحاب علي ـ عليه السلام ـ في الكوفة , و من افراد جيشه
في اليمن ((398)) .


و حـيـنئذ يمكن ان يكون تشيع هؤلا فحسب باعثا على اتهامهم بالغلو و هذا الضرب من الحكم يكثر
في الكتب الرجالية لاهل السنة .


اقطاب الغلاة الاخرون و علاقتهم بالموالي .

اقطاب الغلاة الاخرون و علاقتهم
بالموالي .



و مـن هـؤلا: حمزة بن عمار البربري الذي ذكر في عداد اقطاب الغلاة و هذا الشخص مذموم في كتب الرجال الشيعية و اثرت روايات عن الائمة ـ عليهم السلام ـ في تكذيبه ((399)) كان يعيش
فـي الـمـدينة والتحق به عدد من اهل المدينة والكوفة كمانقل ((400)) و هذا الرجل كان يعرف
بـالـبربري , و حتى لو لم يكن له هذا اللقب البسيط ((401)) , و علمنا ا نه من بلاد المغرب , فليس
لـمـوضـوعـه عـلاقة بالموالي الفرس وفي الان ذاته , ان اقبال اهل المدينة عليه و هم من العرب
الـخـالـصة يدل نوعا ما على تنامي افكار الغلاة بين اناس سلموا من تهمة الامتزاج الثقافي بالمذاهب
الاخرى , لا كاهل الكوفة الذين وجهت لهم هذه التهمة .


و من اقطابهم : المغيرة بن سعيد البجلي و كان من الموالي يقول الدكتور سامي النشاربعد اشارته الى
ان الـمـغيرة كان من موالي قبيلة بجيلة : فهو اذن على الارجح فارسي الاصل ((402)) , بيد ا نه لم
يذكر دليلا على هذه الارجحية لذلك يحتمل ان يكون من الموالي غير الفرس , اذ كان عددهم كبيرا
آنـذاك , بـخـاصـة في اواخر القرن الاول و اوائل القرن الثاني و كان للمغيرة عقائد غالية , و على
الـرغـم من ا نه كان يزعم ا نه من محبي الامام الباقر ـ عليه السلام ـ الا ان الامام لعنه و دعا عليه
مرات ((403)) و مضافا الى ما ادعاه الدكتور سامي النشار بشانه , فان المصادر الشيعية تذهب الى ا
نه كان متاثرا باليهود ((404)) و هذا ما يثير الشك حول نسبه الفارسي , او يدل كحد ادنى على عدم
وجود علاقة بين افكاره و الافكار الفارسية .


و منهم : ابو منصور العجلي المتوفي سنة 121 ه يرى سامي النشار ان ابا منصوروالمغيرة بن سعيد
كانا من غلاة الامامية و هذا التعبير غير صحيح طبعا اذ ان اضفا صبغة الغلو على الفكر الامامي امر
لا يـمكن قبوله و انما نسميهم غلاة الشيعة فحسب و كان ابومنصور من قبيلة بني عجل , و هي من
العرب الخالصة يقول الاشعري : ((العجلي من اهل الكوفة من عبدالقيس و كان منشاه في البادية كان
اميا لا يقرا ((405)) )).


و لـما كان هذا الشخص احد الاركان المهمة للغلاة , فيمكننا ان ندرك جيدا ان الموالي برآ من الغلو
و كـان انصار هذا الشخص ايضا من قبيلة كندة , كما ذكر ذلك ابن قتيبة ((406)) و يضاف اليه ان
قـبـائل بني عجل , و بني بجيلة , و كندة كانت مشهورة بالغلو,كما قال سامي النشار ((407)) و لم
يرد في التاريخ ان الموالي كانوا من انصاره .


و مـن الطبيعي ان الموالي الساكنين في العراق يركنون الى الغلاة كغيرهم من العرب بيدان ركونهم
هذا لا يعني ان القسم الاعظم من انصار الغلاة كانوا من الموالي , او ان جميع الموالي ركنوا اليهم اذ
نقرا ان عددا كبيرا من الموالي التحق بالخوارج , و عددا اكبر منهم اختار المذهب السني و نـقرا ايضا ان ابا حنيفة كان محترما بين الموالي اذ كانوا يلتفون حوله ((408)) فكيف يمكننا ان
نـعـتـبـر ذكـر اسـم واحـد من الموالي دليلا على ركونهم الى الغلاة ؟ التاريخية التي تحكي دعم القبائل العربية لهذا التيار ؟ و بغض النظر عن الادلة المتقدمة التي تعتبر
براهين ساطعة على عربية تيار الغلاة من حيث مؤسسيه و انصاره ,فلابد ان نقف عند عقائدهم ايضا.


العلاقة بين عقائد الغلاة و عقائد الفرس .

العلاقة بين عقائد الغلاة و عقائد
الفرس .



زعم بعض المؤلفين و الكتاب ان ثمة صلة بين عقائد الغلاة والمجوسية فقد قال الاشعري : وهو اقدم الـمؤرخين في الفرق والمذاهب : ((و فرقة من الغلاة لعنهم اللّه اظهروادعوة التشيع واستبطنوا
الـمـجـوسية ((409)) )) و نلحظ بين الكتاب المعاصرين من يذهب الى هذا الراي ايضا, فقد كتب
الـدوري قـائلا: ((و فـي اواخـر الفترة الاموية نرى ازدياد نشاطالغلاة وهؤلا كانوا يتمسكون
بتراثهم الديني المجوسي ((410)) )) و اشار الفياض الى هذاالموضوع ايضا ((411)) .


و هـذه رؤيـة نـسبت الى الشيعة كلهم على امتداد القرون المنصرمة و جا في كتاب تاريخ ايران ـ
كـمـبريج : ((عندما ورد في كتاب فضائح الروافض ان الشيعة هم مجوس في الباطن , و مسلمون
فـي الـظـاهـر, فـان المؤلف يعيد تهمة قديمة (و لعل مبتدعها هو ابن حزم المتوفى سنة 457 ه )
اصـبـحـت الـيـوم مـصـدرا لـبـعـض الـدعـاوى الـجـوفا القائلة بوجود شبه بين التشيع والدين
المجوسي ((412)) )).


و لابد لنا هنا من القا نظرة ثانية , و لو كانت عابرة , على عقائد الغلاة لندحض الصلة المزعومة بين
عـقـائد الـغلاة و بين المجوسية , او نخفف منها على الاقل و اذا ما ثبت ذلك ,في فصل اساسي آخر
طـبعا, فان النتيجة التي سنتوصل اليها تتمثل في عقم و هرا ما قيل عن ركون الموالي الى الغلاة , او
دورهم في الغلو.


يـقـول الشهرستاني في الغلاة : ((الذين غلوا في حق ائمتهم حتى اخرجوهم من حدودالخليقية , و
حكموا فيهم باحكام الهية ((413)) )).


و يعرض في عبارته الاخرى اربع عقائد من عقائدهم بوصفها بدعا, وهي :.


1 ـ التشبيه 2 ـ البدا 3 ـ الرجعة 4 ـ التناسخ ((414)) .


و يشير على وجه الخصوص الى ان جميع فرق الغلاة تتفق في عقيدة التناسخ ((415)) ويذكر ان
التجسيم , والتشبيه من عقائدهم الثابتة , و يقول في عقيدة بيان بن سمعان : ((و زعم ان معبوده على
صورة انسان عضوا فعضوا, و جزا فجزا ((416)) )).


و من الجدير ذكره ان الذين يعرفون بالغلاة هم الذين يعتقدون بربوبية الائمة و اقل منهم درجة هم
الـمـفـوضـة الـذين لا يقولون بربوبيتهم بيد ا نهم يرون لهم اختيارات خاصة خارجة عن الحدود
المرسومة لهم .


و لـو انـعمنا النظر في العقائد السابقة , فاننا سنجد ان اشهرها هو الغلو في حق الائمة ,و قد كذبه
الائمـة انـفسهم ((417)) و هذا الغلو ناتج عن حب مفرط ظهر في البداية بين شيعة الكوفة الذين
كانوا عربا و اشار كثير من المؤلفين الى ان الغلو منبثق اساسا عن هذا الحب ,و ان جذوره تكمن في
عدا الامويين الشديد للعلويين و تضييق الخناق عليهم ((418)) يقول الدكتور الفياض : ((احتل علي
و آل بـيـتـه مركزا مرموقا بين الغالبية العظمى من المسلمين , فلا عجب ان نجد ان الغلو في بداية
ظـهـوره يـتـمـركـز فـي الـغـالـب حـول اشـخـاصـهـم ويظهر في بيئة شيعية هي الكوفة و
نواحيها ((419)) )).


و كـلـمـا ازدادت صـلافة الامويين وقاحتهم في سب اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ و ابنائه ,اشتد
تـمـسك الشيعة بحب اهل البيت , و تصلبوا في تعظيم منزلتهم , حتى اصبح هذاالحب نزعة مشهورة
في الكوفة , ثم شابته اوهام اخرى نتيجة لمرور الزمان و ابتعاد الائمة عن الكوفة .


و نقرا في التاريخ ان هشام بن عبدالملك كتب رسالة الى يوسف بن عمر قال فيها: امابعد, فقد علمت
بـحال اهل الكوفة في حبهم اهل هذا البيت و وضعهم اياهم في غير مواضعهم ,لا نهم افترضوا على
انفسهم طاعتهم , و وظفوا عليهم شرائع دينهم , و نحلوهم علم ما هوكائن ((420)) .


اذن , تكمن جذور هذا الغلو في الحب الذي كان يكنه الشيعة لاميرالمؤمنين ـعليه السلام ـ و ابنائه
و بغض النظر عن هذا الحب , ثمة نقطتان اخريان لهما اهميتهما:الاولى : الامامة , و كانت قد طرحت
ايـام الـنـبـي ـ صـلى اللّه عليه و آله ـ و مسك ختامها في عصره ببيعة الغدير و ظلت معروفة بين
شريحة من الصحابة بعد وفاته , ثم اتسعت دائرتهاعلى تواتر الايام و لما كانت هذه العقيدة تنطلق من
نص الهي , لذلك يمكن ان تولد نوعامن التصور الغالي عند ذوي النفوس الضعيفة و كان جزا الهيا قد
حـل فـي ارواح الائمـة و نـلاحـظ ا نـها نسبت الى عدد من الائمة و لم تقتصر على الامام علي ـ
عـلـيـه الـسـلام ـفحسب و ان عقيدة الامامة عقيدة اصيلة و صحيحة , بيد ا نها اتخذت طابع الغلو
عـنـدذوي الـنـفـوس الـضـعـيـفـة او المفرطة تدريجا كما ان هذه الرؤية تصدق على كثير من
الافكارالاخرى , اذ اضحت باعثا على تشويه هويتها, و قدح اصالتها على كرور الايام .


الـنـقـطـة الثانية : كان ائمة الشيعة ـ عليهم السلام ـ يقومون ببعض الاعمال الخارقة شيئا مالاثبات
امامتهم و ذكرت كتب اهل السنة كرارا ان اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ كان يخبرببعض المغيبات
و نـقـل عـن الامام الباقر, و الصادق ((421)) و الكاظم ـ عليهم السلام ـقصص و حكايات حول
اخـبـارهـم بالمغيبات ((422)) و كتب الشيعة ايضا مليئة بذكر هذه الخوارق التي نسبت الى كافة
الائمة ـ عليهم السلام ـ لاثبات امامتهم ((423)) .


اذن , بغض النظر عن الحب المفرط, فان هاتين النقطتين يمكن ان تؤديا دورا خطيرا في هذا المجال
و لـذلـك قـلـما نسبت هذه العقائد الى غيرهم و اذا ما نسبت , فان ذلك يعود الى الاواصر التي كانت
تربطهم بالائمة ـ عليهم السلام فيستبين من هذه المعلومات ان اصل الغلو هو العقائد الشيعية المعتدلة
التي اخرجها ذوو النفوس الضعيفة او المريضة من حدودها المنطقية من هذا المنطلق فندها الشيعة
و كـذبوها على مر التاريخ , و ابتعدوا عنهاتماما, و هذا هو الحق , لا ان تلك العقائد اخذت من عقائد
الغلاة .


ان مـسـالـة حـلـول الجز الالهي في الائمة التي تمثل الموضوع الاساس للغلاة لا علاقة لها بعقائد
الـفـرس من قريب او بعيد فاذا كان الفرس يعتقدون ان القدرة الالهية تدعم سلطة ملوكهم , فان هذه
العقيدة لم تصل الى حد الايمان بحلول الجز الالهي في الملوك الساسانيين حتى ان نموذجا و احدا من
هذه العقيدة لم ينقل في هذاالمجال اذن , لو قدر ان امر الفرس يفضي الى الغلو بسبب هذه العقيدة , فقد
كـان مـناسبا ان تظهر العقائد الغالية في حق الساسانيين قبلهم او ان العدد الكبير الذي سار على خ
ط الخلفا منهم كان يبث مثل هذه العقائد في حق الخلفا انفسهم .


و لـو تـقـرر ان يكون هناك تاثير من عقائد الاخرين في عقيدة الغلاة , فان هذا التوجه ينطبق على
عـقائد اهل الكتاب اكثر, لا سيما على عقائد النصارى ذلك ا نهم كانوا يرون لائمتهم منزلة تماثل ما
يـؤمن به الغلاة من نظرة حيال اقطابهم كما نلاحظ عقيدة اليهود في العزير, و عقيدة النصارى في
المسيح .


عـلـى اي حال , لو كان هناك تاثير من المجوس ايضا, فلا نستطيع ان نجده في هذالحقل من الغلو في
حـق الائمـة والـنظرة التي كان يعرضها ابوالخطاب في الامام الصادق ـعليه السلام ـ كانت نتيجة
لـتـشـبيه الامام بالمسيح ـ عليه السلام ((424)) يضاف الى ذلك ان المصادر الشيعية نصت على ان
الغلاة كانوا يتعلمون من اليهود اشيا كثيرة , كما مر بنا في موضوع المغيرة بن سعيد و روي ايضا ان
الامـام الـصـادق ـ عـلـيـه الـسلام ـ قال في بشارالشعيري و امثاله : قال هؤلا بما قالت اليهود, او
الـنـصارى , او المجوس ((425)) اذن , مادام لليهود والنصارى قصب السبق في هذه العقائد, و ان
عقائد الغلاة تماثل عقائدهم , فليس لنا ان نقول بدور للموالي في جذور الغلو, مع ا نهم كانوا كغيرهم
ايـضـا و ربـمـا وردت جـزئيـات مـن عـقائدهم في تضاعيف اقوال الغلاة , كما يدل كلام الامام ـ
عليه السلام ـ على ذلك .


و يمكننا ان نجزم ان ما ذكر من التجسيم والتشبيه جا الى المسلمين من اليهود ((426)) , و نلحظه
عند كثير من فرق المسلمين , بيد ان الشيعة منه برآ.


و امـا فـي مـجال التناسخ بوصفه من اشهر عقائدهم , فينبغي ان نقول : على الرغم من ان هذه العقيدة
كـانـت مـوجـودة عـنـد بـعـض الفرس , الا ان كثيرا من الامم والشعوب كان يؤمن بها ايضا يقول
الـشـهرستاني في هذا المجال : ((لقد كان التناسخ لفرقة في كل ملة تلقوها من المجوسية المزدكية
والـهـنـد الـبرهمية و من الفلاسفة والصابئة ((427)) )) اذن , لا يمكننا ان ننسب هذه العقائد الى
الفرس وحدهم .


الغلاة تيار ضئيل الحجم .

الغلاة تيار ضئيل
الحجم .



ان الـنـقـطة التي ينبغي ان نقولها في ختام هذا البحث هي ا ننا لا يمكن ان ننظر الى الغلاة في عصر الائمـة و بـعدهم على ا نهم فرقة بالمفهوم الذي يتبادر الى الاذهان , اذ لم يشكلوا جماعة كبيرة بل
كـان عددهم محدودا, و لم يتجاوز انصارهم عدد الاصابع و ان كان يمكننا القول : ان تيار المفوضة
كان يتمتع بقدرة بين الشيعة و قد ترك بصماته على الاخبار والعقائد الشيعية اما كتب الفرق التي الفها
اهـل الـسنة فقد اسهبت و فصلت في الحديث عن عقائد الغلاة ليكون ذريعة لادانة التشيع و انتقاص
الشيعة عادة و لم تشر هذه الكتب الى تفرعها عن التشيع المعتدل , بل نسبتها كلها الى مصدر واحد من
جـهـة اخرى نقرا ان ائمة الشيعة قد كذبوا الغلاة و فندوا مزاعمهم بخاصة , ان كثيرا منهم ـ كما
تـفيده تراجمهم المذكورة في كتب الرجال الشيعية ـ اسس تلك الفرق لمرب دنيوية , و زعم مهدوية
بعض الائمة و عدم وفاته طمعا في حطام الدنيا و زبرجها و يـمـكن القول بكل جراة : ان اكثر الانشقاقات التي اختلقتها كتب الفرق و نسبتها الى فرق الشيعة
كـانـت لاكـثـار الـعـدد, و تحقيق اغراض خاصة ايضا و لعل من الصحيح ان عددامنها قد استمر
برهة ((428)) , بيد ا نها كانت محدودة بحياة قادتها, او ربما ظلت بعدهم فترة قصيرة .


و يحدثنا التاريخ عن تشدد المهدي العباسي على اصحاب الاهوا والفرق و كتب له ابن المفضل ـ عن
قـول هشام ـ صنوف الفرق صنفا صنفا, ثم قرا الكتاب على الناس فقال يونس : قد سمعت الكتاب يقرا
عـلـى الـنـاس في المدينة ثم قال ايضا: ان ابن المفضل صنف لهم صنوف الفرق فرقة فرقة حتى قال
فـي كـتـابـه : و فـرقـة يـقال لهم الزرارية نسبة الى زرارة بن اعين احد اصحاب الامام الصادق ـ
عليه السلام , والعمارية نسبة الى عمارالساباطي , واليعفورية نسبة الى ابن ابي يعفور, والجواليقية ,
و اصحاب سليمان الاقطع ((429)) الخ و لعل اسم الفرقة الجعفرية من مبتدعات هؤلا الاشخاص ,
لا كـما هومشهور عنها, اذ اننا ندعى : جعفرية لان فقهنا ينسب الى جعفربن محمد ـ عليه السلام و
ان كان لا ضير من اطلاق مثل هذا الاسم نظرا الى النقطة المشار اليها.


انـنـا نـعلم من السياسة التي كان انتهجها المهدي العباسي ا نه كان يعذب المؤمنين بذريعة الزندقة و
ضـروب الـتـهـم الاخـرى , و كـان بـيـنـهـم عـدد من الزنادقة فعلا, وان الكتاب الذي الفه ابن
الـمـفضل ((430)) له كان يستهدف تلفيق هذه التهم لذلك يقول اليعقوبي فيه :((كان اول خليفة امر
المتكلمين ان يضعوا الكتب على اهل الالحاد ((431)) )) و يذهب المسعودي الى هذا الراي ايضا و
يـقـول : ((و كان المهدي اول من امر الجدليين من اهل البحث من المتكلمين بتصنيف الكتب في الرد
على الملحدين ((432)) )).


و تـسـتـبين الصلة المزعومة بين هذه الامور و بين الشيعة اكثر عندما نقرا ما قاله بدوي اذذكر
((ان الاتـهـام بـالـزنـدقـة فـي ذلـك الـعـصـر, كـان يـسـيـر جنبا الى جنب مع الانتساب الى
مـذهـب الـرافـضة ((433)) )) نلحظ في ضؤ ما تقدم ان المبالغة ترافق كثيرا من التهم المنسوبة
الـى هؤلا الافراد, و ان فرقا اخترعت باسما اشخاص لم يكونوا اصحاب فرق اصلا و هكذاالامر
بالنسبة الى الغلاة نوعا ما و لذلك ينبغي ان لا نتصور ان تيارهم كان على درجة من الضخامة فجرف
قـسـمـا مـن الـمـوالي , و من تعاطف معهم من العرب ان هؤلا ـ كما مر بنا ـكانوا افرادا معدودين
ينتسبون الى بعض القبائل العربية و نقرا ايضا اسما عدد من الموالي الذين كانوا ـ اعتمادا على اسما
آبائهم ـ مسلمين من قبل جيلين في الاقل و نستبعد ان يكونوا على درجة مرموقة من الفهم و العلم و
الوعي و التفكيرفيحتفظوا بافكارهم الفارسية بعد زها سبعين سنة من الحياة في المجتمع الاسلامي
كـمـاان وجود عدد كبير من الموالي بين علما السنة لا يعني تاثر المذهب السني بالموالي ونقل ان
اكثر الذين التفوا حول ابي حنيفة كانوا من الموالي ((434)) .


و لـو فـرضـنـا ان العقائد الفارسية كان لها تاثيرها المحدود في هذا التيار, فلا ضرورة لمشاركة
الموالي فيه , اذ ان عقائد الفرس كانت معروفة في العراق منذ القديم .


اذن , استبان ان ما اراده بعض المؤلفين من عقد صلة بين الغلاة والموالي لا يتوكا على دليل قاطع كما
لا يـمـكـن الـجزم بشي في هذا المجال و كذلك الزعم بركون الموالي الشيعة كلهم في البداية الى
الـغـلاة , فانه لا يقوم على دليل راسخ و لم يذكر هؤلا الزاعمون ـفي الاقل ـ مصدرا لمزاعمهم و
انـمـا كـل مـا نلحظه هو اصدار حكم قاطع اعتمادا على ماذكره الشهرستاني او البغدادي من اسم
الـمـزدكـيـة و لا يـهدف هؤلا الى عرض دراسة تحليلية علمية , بل ان هدفهم الاساس هو مناواة
الشيعة ((435)) .


و نـرى ان احـد اشـكال هذه المناواة هو ضرب الشيعة من خلال ضرب الغلاة الذين ادانهم الشيعة
انفسهم , و وقف ائمتهم منهم موقفا صلبا ((436)) يضاف الى ذلك ا نهم ينسبون الافكار الشيعية الى
اليهود او الفرس او غيرهما, من اجل تشويه هويتها بافقاداصالتها المعهودة .


و هـذه الـمـزاعـم التي كانت سائدة في القرن الرابع و الخامس غالبا لا تكفي وحدها, اذتحتاج الى
نـصـوص تعرض البعد التاريخي لاثبات هذه الاواصر كما توضحه تماما ليس من الوجهة التاريخية
فحسب , بل من الوجهة الفكرية ايضا و كذلك التشابه بين العقائد لايكفي , لانه ـ كما مر بناـ قد ثبت
هـذا الـيوم ان كثيرا من الثقافات تتشابه فيما بينها, و لايمكن ان نحتمل وجود آصرة كانت تربطها
في الماضي البعيد.


و لـو سلمنا ـ فرضا ـ ان للافكار الاجنبية تاثيرا على افكار الغلاة , فينبغي ان نفصل افكارالشيعة
المعتدلة منها فالغلاة ادينوا منذ عصر الائمة ـ عليهم السلام .


و في الاثر ان الامام الصادق ـ عليه السلام ـ فسقهم و كفرهم مرارا و نقل الكشي في كتابه روايات
كـثـيـرة فـي هـذا الـبـاب , و قد قام بعض الاشخاص بجمع قسم منها, بيد ان المؤسف هو ان نقرا
فـي الـتـاريخ اقحام افكار الغلاة في افكار الشيعة الامامية سهوا او عمداو كان هذا الاقحام ذريعة
لادانـة الافـكـار الشيعية الصحيحة , بينما نطالع ان علما الشيعة ادانوا تلك العقائد منذ البداية , كما
ادانها ائمتهم ـ عليهم السلام ـ من قبل .


يـقـول الـشـيـخ الـمـفـيـد: ((و هـم ضـلا ل كـفـار و قـضت الائمة عليهم بالكفر و الخروج
عن الاسلام ((437)) )) و يقول المجلسي ايضا بعد ذكر عقائد الغلاة : ((والقول بكل منها, الحاد
وكفر و خروج عن الدين ((438)) )).


و نقل عن الشيخ الصدوق ايضا قوله : ((اعتقادنا في الغلاة والمفوضة ا نهم كفار باللّه ـ جل جلاله ـ
و ا نهم شر من اليهود والنصارى والمجوس و جميع اهل البدع والاهواالمضلة ((439)) )).


و قـد التفت الكثيرون ايضا الى فصل الامامية عن غيرهم , و قالوا : ان الزيدية ,و الامامية من فرق
الاسلام , لا الكفر ((440)) .


و كتب سامي النشار قائلا : ((ان الافكار الفلسفية للشيعة الاثني عشرية هي في مجموعهااسلامية
بحتة ((441)) )).


و قـال ابـو زهـرة ايـضـا: ((لا شـك ان الـشـيـعة فرقة اسلامية و لا شك ا نها في كل ما تقول
تتعلق بنصوص قرآنية و احاديث منسوبة الى النبي ((442)) )).


و هذا معلم واضح على تمسك الشيعة الامامية بالثقافة الاسلامية الاصيلة المنبثقة عن القرآن والسنة .


التشيع في ايران .

التشيع في
ايران .



كـان بـحثنا الى الان يحوم حول تشيع الموالي , و هم الفرس الذين وفدوا الى العراق و تعرفوا على الـتـشيع في ربوعه و كان كثير منهم قد جا الى الكوفة , و زاول تدريس الحديث فيها اواخر القرن
الاول , و اكـثـرهم جا في القرن الثاني و استطاعت الكوفة ـ التي كانت مركز التشيع وقتذاك ـ ان
تنشر عقائدها في اوساطهم و عندما عاد عدد كبير منهم ,فانه حمل الى بلاده العقائد الشيعية .


اذن , كـان هـؤلا مـن الـبواعث الرئيسة على دخول التشيع الى ايران و يمكننا هنا ان نفيدمن بحثنا
الـمـتـقـدم حول صلة الفرس اوالعرب المتفرسين بالائمة و ان تحديد النسبة المئوية لتغلغل اولئك
الوافدين , والمناطق التي ذهبوا اليها رهين ببحث مفصل في كتب الرجال و الحديث التي انطوت على
اشارات في هذا المجال احيانا.


و بـغض النظر عن هذا التيار الذي عرف بنطاقه البعيد والدقيق في آن واحد, فقد كان هناك تياران
رئيسان لعرض الافكار الشيعية او التمهيد لها في ايران ابان القرن الاول والثاني , و هما:.


1 ـ التشيع في قم 2 ـ ارضية التشيع مع ظهور الحكومة العباسية , و سنتحدث عنهمابايجاز.


التشيع و قم .

التشيع
و قم .



يـمكن ان نقول بنحو جازم : ان مدينة قم كانت اول مركز للتشيع في ايران , اذ ان عهدهابه يعود الى الـربـع الاخـيـر من القرن الاول الهجري و كانت ايران لا تزال حتى تلك الفترة تعيش صراعا بين
الانـقـيـاد لـلدين الاسلامي , او البقا على دين آبائها الاولين اما قم فقداختارت طريقها باتجاه الدين
الجديد.


و ثـمة كلام كثير يحوم حول عراقة هذه المدينة فيما اذا تمصرت بعد الاسلام , او كانت موجودة
قـبل ذلك فالحموي يذهب الى ا نها مدينة اسلامية ((443)) و آخرون يرونها مدينة قديمة , و قد
ساقوا ادلتهم التي تعرضت لنقود الاخرين ((444)) , و ليس هنا مجال مناقشتها.


و يـسـتـشـف من مجموع الحوادث المتعلقة بدخول العرب الاشاعرة الى هذه المدينة ـو مصدرها
الاصـلـي مـؤلف كتاب تاريخ قم ـ ان جماعات من العجم كانت تعيش فيهاو عندما جا العرب اجلوهم
عنها, ثم قضوا عليهم ((445)) .


ان الـعرب الذين تقاطروا على قم كانوا من الاشاعرة الذين انحدروا من المناطق الواقعة في جنوب
الحجاز و بعد مجي ابي موسى الاشعري الى المدينة , وفد قوم آخرون على المدينة ايضا قادمين من
جنوب الجزيرة العربية ثم انتقلوا منها الى الكوفة و سكنوا فيهابعد دخول الاسلام الى العراق .


و فـي ضـؤ ما قاله اليعقوبي , فان اكثر العرب الذين سكنوا قم كانوا من قبيلة مذحج , ثم ياتي بعدهم
الاشاعرة ((446)) .


و نـطـالـع فـي هذا الحقل معلومات تدل على وجود العرب في قم قبل الاشاعرة و جافي بعضها ان
شريحة من موالي العباسيين قدمت الى قم في النصف الاول من القرن الاول الهجري , و توطنتها و نقل
ايضا ان رهطا من بني اسد هاجروا الى قم بعد ثورة المختارسنة 67 ه , و سكنوا هناك كما اشير
الى قدوم بني مذحج و قيس اليها قبل الاشاعرة ((447)) .


و كـان اول مـن جـا الـيها من اجداد الاشاعرة ((448)) هو السائب بن مالك الاشعري وكان هذا
الـرجل شيخ الشيعة في الكوفة , كما ذكر الكلبي و نزعته الشيعية كانت بمستوى التشيع العقيدي و
لـذلـك طـلـب مـن عبداللّه بن مطيع والي عبداللّه بن الزبير ان يسير فيهم بسيرة اميرالمؤمنين ـ
عـلـيـه الـسـلام ((449)) و نـقـل ا نه التحق بالمختار بعد خروجه للطلب بثار الامام الحسين ـ
عليه السلام ـ و ظل معه حتى اللحظة الاخيرة الى ان رزق الشهادة ((450)) .


و فـي ضؤ ما تقدم , نعلم ان التشيع كان خطا تنتهجه تلك الاسرة التي عرفت بعدائهاالشديد للامويين
و عـندما تمرد عبدالرحمن بن الاشعث على الحجاج ((451)) , فان الاحوص نجل السائب بن مالك
كان معه , و القي عليه القبض , فتوسط اخوه عبداللّه واطلق سراحه .


و لـما كان هناك احتمال لالقا القبض عليه و على اخيه ثانية , فقد عزما على ترك العراق , و الذهاب
الى مكان آخر بعيد عن بطش الحجاج .


و يـستشف من الاخبار التي نقلها لنا التاريخ ا نهما توجها تلقا اصفهان التي كانت قدفتحت على يد ابي
مـوسى الاشعري , بيد ا نهما سكنا قم و انسجما مع اهلها في بادئ الامر, و بعد مدة اصطدما معهم , و
كانت الغلبة لهما و هكذا تاسست قم من خلال وجود العرب الاشاعرة الذين كانوا ذوي نزعة شيعية
قوية و كان يعيش الى جانب هؤلابعض الفرس حتما, و هم اما كانوا معهم منذ البداية , او التحقوا بهم
في فترة متاخرة حتى ان لغتهم ـ كما نقل ابن حوقل ـ قد بدلت بالفارسية ((452)) بعد مدة .


يـقـول الـحـموي : و كان عبداللّه بن سعد اول من نزل قم من العرب و كان له ولد قد ربي بالكوفة ,
فانتقل منها الى قم و كان اماميا, فهو الذي نقل التشيع الى اهلها, فلم يوجد فيهاسني قط ((453)) .


و ذكـر ابـن سـعـد محدثين قميين من آل الاشعري هما: الاشعث بن اسحاق , و يعقوب ابن عبداللّه
الاشعري ((454)) و كانا سنيين .


و نـقل ابونعيم ان جرير بن عبداللّه كان عندما يرى يعقوب بن عبداللّه الاشعري ,يقول : هذا مؤمن
آل فرعون ((455)) و يستشف من الكلام المذكور ان معظم آل الاشعري كانوا شيعة .


و يقول مؤلف كتاب تاريخ قم في هذا المجال : كان هؤلا اول من صدع بالتشيع , بينمالم يجهر به احد
فـي منطقة اخرى حتى تلك الفترة ((456)) و يقول في موضع آخر من كتابه : ((و من مفاخرهم
(الاشـاعرة ) ان موسى بن عبداللّه بن سعد الاشعري ابتدا باظهارمذهب الشيعة في قم , فاقتدى به
الاخرون و اظهروا مذهبهم الشيعي ((457)) )).


/ 33