شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری - نسخه متنی

رسول جعفریان؛ مترجم: علی هاشم الأسدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


و عـندما تزوج احد الموالي امراة من بني سليم , ركب محمد بن بشير الخارجي الى المدينة و شكا ذلـك الـى والـيـهـا ابراهيم بن هشام بن اسماعيل ففرق بين المولى و زوجته , وامر بضربه مائتي
سوط, و حلق راسه و لحيته و حاجبيه فانشد محمد بن بشير قائلا:.

فاي الحق انصف للموالي ـــــ من اصهار العبيد الى العبيد ((203)) .

و انشدت قصائد كثيرة في هجا الموالي ((204)) .

و الـعـجـيب ان التمييز العنصري كان سائدا حتى في الامور المتعلقة بالحديث , فقد نقل ان المحدث
المعروف الزهري الذي كان مرتبطا بالامويين كان يابى نقل الحديث عن احدعلما الموالى مع وجود
العلما من العرب ((205)) .

بـل و اختلقوا احاديث في ذم العجم ايضا, و زعموا ان النبي ـ صلى اللّه عليه و آله ـ قال : ((ابغض
الكلام الى اللّه الفارسية و كلام الشيطان ((206)) )) و قال : ((اذا غضب اللّه ـتعالى ـانزل الوحي
بالفارسية و اذا رضي , انزله بالعربية ((207)) )).

كذلك افتروا احاديث في ذم الزنوج نحو: ((اياك والزنج فانه خلق مشوه ((208)) )) و ((اياكم و
الزنج في التزويج ((209)) )).

و اثرت احاديث مماثلة لهذين الحديثين في ذم السودانيين والاحباش ايضا ((210)) .

((211)) و لم يسمح الحجاج للموالي ان
يشغلوا منصب القضا ((212)) .

و الـعـجيب ان اعرابيا جا ذات يوم الى سوار بن عبداللّه بن القاضي و قال له : مات ابي و بقينا انا و
اخـي ثـم خـط خـطين في جانب , و خطا آخر في مقابلهما و قال : الهجين خلف والدي هجينا ايضا,
فكيف نقسم ارثه ؟ فقال له سوار : يقسم ارث ابيكم بينكم جميعا,فقال الاعرابي : و هل ياخذ الهجين
ما ناخذ انا و اخي ؟ فقال سوار : نعم , فتركه غاضباو انصرف .

و ذكـروا ان عقيل بن علطة كان غيورا فخطب اليه عبدالملك ابنته على احد بنيه , و كان لعقيل اليه
حـوائج , فـقـال : ان كـنـت لابـد فاعلا فجنبنى هجناك ((213)) , اي الذي كان ابوه عربي و امه
اعجمية .

هذه نماذج من التمييز العنصري الذي كان يمارس بحق الموالي منذ البداية .

و عـلـى الـرغم من ان الموالي آمنوا بالاسلام من خلال معرفتهم به , الا ان تاثير هذاالتمييز على
الـفـرس الـبعيدين عن العراق كان سلبيا لذلك كان اسلامهم يسير بطيئا في العهدالاموي كما نقل ان
اهالي كرمان لم يقروا بالاسلام في ذلك العصر نتيجة لسياسة الامويين ((214)) .

و يـعـود هذا غالبا الى ما كان يقوم به الولاة المنصوبون من قبل الامويين باخذ الجزية من المجوس
الـذيـن اسـلـمـوا, مـضافا الى الضرائب الاخرى , و ذلك طيلة الحكم الاموي , كماا نهم لم يحفلوا
باسلامهم ((215)) .

و هـذا الامـتهان لم يمارس بحق الفرس فحسب , بل طال غيرهم ايضا من وحي حساسيتهم حيال كل
عنصر غير عربي ((216)) .

فـكيف يمكن ان يكون انعكاس هذا الموقف على معنويات الفرس ؟ فشعب غلب على امره , وهو يرى
نفسه ذا ماض عريق في الحضارة والمدنية , و اذا هو ذليل امام قوم كان ينظر اليهم نظرة احتقار و
ازدرا, فـكـيـف يـكـون موقفه ؟ و ما هو رد الفعل الذي يمكن ان تتركه هذه الامور ؟ الاسلام من قبل هذا الشعب ـ حتى لو كان بنسبة مئوية ضئيلة ـ يمكن ان يعبر عن تغلغل الاسلام في
نـفوس ابنائه , الى درجة ان جرح كبريائهم القومي لم يقف عائقا دون اسلامهم , مع هذا كان الامتهان
متواصلا.

و عـلـى الـرغـم من ان الموالي كانوا يشاركون في الحروب و الفتوحات عادة , الا ان حصتهم من
الغنائم كانت اقل من حصة العرب و الانكى من ذلك ان العطا الذي كان يدفع للناس من بيت المال , ليس
لـهم حصة منه ((217)) و كان طبيعيا ا نهم لم يقفوا مكتوفي الايدي حيال الامتهان الذي يلقونه , بل
حـاولوا التحرك ضد المصالح الاموية باي شكل من الاشكال عبر اتخاذ المواقف السياسية المناسبة
فخرجوا على المغيرة بن شعبة والي معاوية في الكوفة .

و مـع ا نـهم شهدوا بالاسلام و كانوا يرون انفسهم في عداد المسلمين , لم يستسلمواامام معاوية , و
قالو ا نهم لن يعودوا الى حظيرة الشرك ابدا و ضحوا بارواحهم من اجل ذلك ((218)) .

و كـان هذا اول تحرك مهم للموالي , قاموا به وحدهم دون مشاركة العرب اياهم هـذا حـيـال الامـويـيـن فحسب , بل سجلوا قبله موقفا آخر تمثل في دعم حكومة اميرالمؤمنين ـ
عليه السلام ـ الذي عاملهم معاملة اسلامية بحتة و كانوا قد ذاقواعلقم الامتهان في عهد الخلفا الذين
سـبقوه , فبادروا الى دعمه ـ عليه السلام ـ اذ كان يهتم بتعويضهم و تطييب انفسهم و هذا الدعم لا
يعني ا نهم كانوا يؤمنون بالتشيع بمعناه العقيدي , بل لما كانوا موالي عرب العراق , فقد سايروهم في
دعـم خـلـيـفـة المسلمين ,و ليس هذا منطلقهم فحسب , بل كان منطلقهم ايضا ما راوا من بر علي ـ
عـلـيـه الـسـلام ـ بـهم و احسانه اليهم , مما ضاعف دعمهم اياه و قد ذكرنا في موضوع ((التشيع
الـعـقـيـدي والـسياسي )) ان الدعم السخي الذي قدمه الموالي للامام ـ عليه السلام ـ كان يصب في
قالب ((التشيع السياسي )) و لم ينطلق من عقيدة شيعية متبلورة على مستوى عقائدي مطلوب علما ان
التوجه المذكور ليس على هذه الوتيرة بشكل عام .

و نـقـل عن المغيرة ان عليا ـ عليه السلام ـ كان يميل الى رعاية الموالي كثيرا, بينما كان عمر على
نقيضه ((219)) .

و يـقـول اليعقوبي : كان علي ـ عليه السلام ـ يعطي الناس بالسوية لم يفضل احدا على احد, و اعطى
الـموالي كما اعطى العرب و كانت حجته ان اولاد اسماعيل لم يفضلوا على اولاد اسحاق في كتاب
اللّه ((220)) و كـان يقول مرارا ان آدم لم يلد عبدا و لا امة , و ان الناس كلهم احرار ولو كان لي
مال , ما فرقت بين اسود و ابيض في العطا ((221)) حتى قال ابن عباس : انما رغب الناس عن علي ـ
عليه السلام ـ لا نه لم يفضل العرب في العطا ((222)) .

فالظلم الذي لحق بالموالي في المجتمع الاسلامي دفعهم الى بث شكواهم عند علي ـعليه السلام ـ و
قال لهم الامام (يبدو ان هذا الكلام كان قبل خلافته ): ((يا معشر الموالي , ان هؤلا صيروكم بمنزلة
الـيـهـود والـنـصـارى , يتزوجون اليكم و لا يزوجونكم , و لا يعطونكم مثل ماياخذون فاتجروا
بـارك اللّه فيكم ((223)) )) و فسح الامام المجال للموالي بشكل ملحوظ حتى اعترض عليه بعض
الـعـرب من امثال الاشعث بن قيس , و خاطبوه قائلين : غلبتنا هذه الحمرا على قربك )) بيد ان الامام
كان يقول : ما كنت لاطردهم فاكون من الجاهلين ((224)) .

و هـذا لا يـعـنـي ان الامـام كـان يعتمد عليهم , بل ان هذا الاعتراض كان منطلقا من الروح القومية
لاشخاص كالاشعث ممن ادانوا التفاف الموالي حول الامام ـ عليه السلام ـ حتى لوكانوا قليلين نهم ربما شاركوا في الحروب الى جانبه ((225)) و هذا الموقف الذي ابداه الامام حيال الموالي لم
يـشـجعهم على دعمه فحسب , بل و رسخ في اذهانهم حقيقة تتمثل في ا نه لا يرتضي امتهانهم و في
ضـؤ ما ذكره عدد من الباحثين , فان هذا الموقف قد مهد الارضية ـ طبيعيا ـ لتنامي النزعة الشيعية
الخاصة بين الموالي بخاصة ان سلمان ـبوصفه شخصا فارسيا ـ قد اختار صحبة الامام و جند نفسه
لنصرته و دعمه بمعية الطليعة الاولى للتشيع و هذه حقيقة لا يمكن ان يكون الموالي بمعزل عنها.

و ينص السيد امير علي ان من عادة علي ـ عليه السلام ـ ان يخصص نصيبه ((النقدي ))في الانفال
لافـتـدا الاسرى الفرس و كثيرا ما اقنع الخليفة عمر بمشورته , فعمد الى تخفيف عب الرعية في
فارس ((226)) .

و يـقـول فان فلوتن : ان من اسباب ميل الخراسانيين و غيرهم من الفرس للعلويين هوانهم لم يعاملوا
معاملة حسنة , و ماراوا عدلا الا في حكومة الامام علي ـعليه السلام ((227)) .

و يـمـكـنـنـا هـنا ان نتوسع في الحديث نوعا ما عن النزعات الدينية للموالي فقد كانوايضطلعون
بالعب الاكبر في الحياة الاجتماعية بوصفهم شريحة كادحة .

و نظرا الى ا نهم كانوا واثقين من اسلامهم , لذلك لم يجدوا ما يسوغ الاجحاف بحقهم .

و عـنـدما تسلم الامويون مقاليد الحكم , لم يكن امامهم الا التمرد, مع ان زيادا ((228)) ,و الحجاج
الـوالـيـيـن الامويين المتشددين قد قمعاهم و شددا عليهم النكير و فرقاهم في البلاد و في بادئ
امـرهـم لـم يدخلوا حلبة الصراع بوصفهم تيارا مستقلا ضد الامويين ,بسبب الشبهة المثارة عليهم
والـقـائلة ان الاسلام لم يتمكن من نفوسهم بعد, فكانوا عرضة للاتهام و كان ينبغي لهم الانضمام الى
تـيار يحمل هوية عربية على اي حال , و يضمن لهم العدالة , و ذلك بهدف الكفاح ضد الامويين الكفاح
ضد من يتهمونهم بالاحتفاظ بافكارهم المجوسية , و هم الذين كانوا يتفوقون على العرب من الوجهة
العلمية على صعيد واسع وكان هذا الاتهام قائما ضدهم من قبل الامويين والعباسيين , بخاصة عند ما
كـانـوا يـرفـعون لوا المعارضة ضد حكوماتهم و قد مر بك ـ عزيزي القارئ ـ نموذج يحوم حول
توجيه سياسة الحجاج ضد الموالي على لسان احد الباحثين المصريين .

و يعتبر تحرك العلويين اللبنة الاولى لتيار اسلامي حقيقي مضاد للامويين في العراق بفضل الجهود
الـتـي بـذلـهـا اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ في تحديد الضوابط الدينية والسياسية الاسلامية ضد
الانـحـراف الداخلي و كان ذلك التيار يعضد الموالي منذ البد,مستهديا بسيرة الامام ـ عليه السلام ـ
فـي دعـمـهـم و حـينئذ فان التحرك الشيعي للعلويين يعتبر اول تيار يمكنه ان يضم الموالي اليه و
سنرى فيما بعد ان انشداد الموالي الى العلويين كيف اخذ بالتزايد و بينما كان اكثرهم يدين بالمذهب
السني , الا ا نهم لم يخفواانشدادهم و تعلقهم بالعلويين و كانوا مستعدين لتقديم كافة انواع المساعدة
لهم عبرايوائهم والترحيب بهم و شد ازرهم .

ثـمـة فـريـق آخـر كـان يـمـكـنـه ان يـسـتـمـيـل الـمـوالـي و يـضمهم اليه و هذا الفريق
يـتـمـثـل بـالـخـوارج ((229)) , كـمـا نـلـحـظ ان احدى فرقهم كانت تضم خمسة من العرب
لـيـس غـيـرهـم ((230)) و نـقـرا فـي الـتـاريخ ان الخوارج ظهروا في معركة صفين , مع ان
الارضـيـة كـانت ممهدة من قبل لظهورهم ثم حاربوا اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ في النهروان و
ظـلـوابعده عقودا من الزمن و هم يتمسكون برا متشددة متطرفة مع توجه مضاد للامويين غالبا, اذ
خـلـقـوا لهم متاعب كثيرة ردحا من الزمن حتى ان مواقفهم المعارضة لهم في العراق اعجزتهم عن
الـحؤول دون تقدم قوات ابي مسلم الخراساني في الفترة الاخيرة من حكمهم و نقرا ان الخوارج لم
يـقـروا بـراي الـشـيـعة في الامامة , كما لم يؤمنوا بنظرية اهل السنة فيها, اذ يرى اهل السنة ان
الخلافة منحصرة في قريش و يحتمل ا نهم كانوا يعتبرون العرب والعجم متساوين في الامامة .

و عـلـى الـرغـم مـن ان هذه الرؤية لا تبدو ا نها ظهرت في اول امرهم اذ كانوا يخوضون نشاطا
سـياسيا في الغالب , بيد ا ننا يمكن ان نقبل ان هذا التفكير ـ منذ ان ظهر ـ كان باستطاعته ان يستميل
القوى المعارضة للامويين نوعا ما ((231)) و ما تعاون الموالي مع الخوارج في احدى ثوراتهم ضد
معاوية ((232)) الا نموذج على هذه الاستمالة .

و لما كان الخوارج لا يؤمنون بالتقية في بادئ تحركهم , لذلك كانوا يصطدمون بالامويين دائما و من
هـذا الـمـنـطـلق , فان الفرس الذين كانوا يستطيعون التعاون في ما بينهم ,و كذلك التعاون مع سائر
الـمـوالـي , و لـهم رغبة في مثل هذه الاعمال , كان بمقدورهم اعدادالعدة للحرب و الانضمام الى
الـخوارج بكل سهولة لذلك تعتبر المناطق الجنوبية الشرقية من ايران , التي كانت بمعزل عن تغلغل
الاسلام آنذاك مسرحا لنشاطات الخوارج .

و يـنـبغي القول هنا : ان الشعبية التي حصل عليها الخوارج بين كثير من الموالي تنطلق من اتجاهات
سـيـاسـيـة غالبا ((233)) والنموذج الذي يدل على هذه الشعبية اشتراكهم في حرب من حروب
الخوارج التي خاضها الازارقة ضد المهلب بن ابي صفرة سنة 77 هـتقريبا و كان الموالي يتعاونون
مـع شتى الفرق والفئات التي تمارس نشاطا ضدالامويين ((234)) لذلك لا يمكن ان نحسب وجود
شريحة من الموالي الى جانب الشيعة باعثا على ظهور التشيع و بلورته و لو قدر ان ينسب هذا الشي
الـى الـشـيـعـة , فمن الضروري ان نعتبر الخوارج ـ قبل ذلك ـ تابعين للموالي بخاصة ا نهم كانوا
يمارسون نشاطا مكثفا في ايران خلال قرن او قرنين من الزمان , و حصلوا ايضا على قواعد لهم في
المناطق الجنوبية منها.

و لقد كان التحاق الموالي بهذه الحركات من اجل التحرر سياسيا, علما ان التوجه الديني كان يستتليه
ايـضـا ((235)) و فـي ضـؤ ذلك لابد من الاذعان ان هذه الرؤية ـ بعامة ـلا ترتكز على اساس
صحيح و مقبول .

و يـنـبـغـي ان نقول هنا : ان تشدد الخوارج في تعاملهم مع الشرائح الاجتماعية المختلفة ,و رايهم
الـمـتـطرف في تكفير مخالفيهم , و قتل الاطفال والشيوخ , والنسا , كل ذلك ادى الى استيا الناس و
تـذمرهم , فخسروا اكثر الناس , سوا من العرب ام الموالي و هذه التوجهات نفسها افضت بكثير من
الناس الى التعاون مع الخوارج خشية بطشهم .

امـا الـشـيعة , فكان بمقدورهم استمالة فرق و شرائح اخرى اليهم , لما عرفوا به من حركة متئدة ,
تـغلغلت في نفوس كثير من الوجوه العلمية المعروفة في العراق كسعيد بن جبير, و ابن ابي ليلى و
غيرهما ((236)) و كان بامكانهم ان ينقلوا اليها نوعا من التشيع السياسي الذي ينطوي على شي من
العقائد الشيعية ايضا و حينئذ فليس التشيع السياسي وحده يؤدي دوره .

و مـن الجدير ذكره ا ننا لا يمكن ان نقر بالنظرة القائلة ان الموالي كانوا اما شيعة او خوارج على ا
نـهـا قـاعـدة عامة , لان كثيرا منهم قد مالا الامويين كما نقل ا نهم تعاونوا مع ابن زياد ايضا حتى ان
الـمـرحـوم آل يـاسـيـن قـد ارتـاب فـي كـلام من قال ان الموالي كانوا حماة التشيع , و فند هذا
الراي ((237)) بيد ان الادلة التاريخية الوافية التي سنعرضها في سياق بحثنا عن مساهمة الموالي
في التيارات الشيعية سيدحض هذا الارتياب .

و من الخليق بالذكر هنا ايضا ان الضالة المنشودة للموالي في تلك الظروف يمكن ان تتجلى في العقائد
الـسـيـاسـية للشيعة , المرتكزة على الثقافة الاسلامية التي طرحها النبي الاكرم , و امير المؤمنين
صـلوات اللّه عليهما و كان الكفاح ضد الحاكم الظالم عقيدة من عقائد الشيعة , بينما كان السنة يرونه
بـغـيـا عـلـى الامـام , بـل و يـحـرمـونـه و قـد لـوحـظ هـذاالـتوجه حيال ثورة سيدالشهداـ
عليه السلام ((238)) و هذا الهدف الذي كان يطمح اليه الموالي هوالذي دفع المختار الى القول : ان
المغيرة اخبره ا نه اذا اراد جمع الناس حوله ,لا سيما العجم , فعليه ان يدعوهم الى نصرة آل محمد
و الطلب بثارهم ((239)) .

والحقيقة هي ان الفرس في تلك الظروف الاجتماعية والسياسية التي كانوا يعانون فيهامن الضغوط
الاجتماعية , كانوا يتلمسون غالبا رسالة تنقذهم عبر ما تطرحه من نظرية متزامنة مع التطبيق و لم
تـدر فـي خـلـدهـم الملكية الموروثة و موازنتها بالامامة الالهية و انمااستسلموا للعرب املا في
خلاصهم من الظلم الملكي لذلك ينبغي لنا هنا ان نعرض استنتاجنا من الظروف القائمة وقتذاك و نقول
: ان الـهـدف الـذي كـان يـطمح اليه الموالي , ويتمثل في دعمهم بالنظر الى الضغوط التي تمارس
ضـدهم , كان مامولا في فكر الشيعة وعملهم و قد ادى هذا الامر بفئات منهم الى مناصرة العلويين ,
بل و اعتنق بعضهم العقيدة الشيعية بصورة تامة لذلك فان النقطة التي تركز على ان دعمهم احدا كان
من اجل قضاياسياسية معينة ((240)) , لا يمكن قبولها بنحو مطلق مع هذا, كما مر بنا, فان الموالي
لـم يـمـيـلوا الى التشيع غالبا, و افضل دليل يعزز قولنا هو مادل عليه التاريخ اذ تحدث عن دعمهم
الـخوارج , و حركة عبداللّه بن جارود, و يزيد بن المهلب , والحارث بن سريج , وعبدالرحمن بن
الاشـعث ايضا, و ان كان اغلب هذه الميول والنزعات في القرن الاول الهجري يصب في قالب التشيع
السياسي او في قالب النزعة السياسية للخوارج .

العراق قاعدة التشيع والموالي .

العراق قاعدة التشيع
والموالي .


كـان الـعراق مركزا لتنامي الرؤية الشيعية منذ عصر الامام علي ـ عليه السلام و كان يعدمن افضل المراكز التي تمثل السيادة الاسلامية خلال اكثر من اربع سنين و تربى الناس عقيديا و سياسيا في
ظـل تـوجـيـهـات الامام ـ عليه السلام ـ المتواصلة التي جمعت اضمامة منها في نهج البلاغة و هذا
الوضع , الذي ارسى دعائم الفكر الشيعي , مهد الارضية لتنامي التشيع في المجتمع يضاف الى ذلك , ان
الـحـيـاة الاسـلامـيـة والنموذجية للامام اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ ضاعفت شعبيته بين الناس
والـتـجـربة الملموسة التي شهدهاالناس في حرب الناكثين , والقاسطين , والمارقين حددت الهوية
العقيدية للشيعة بشكل اصبح التشيع يحتل موقعه في مقابل الافكار والمواقف العثمانية والخارجية .

فـي ضـؤ ذلـك , و بعامة , فان انصار الامام ـ عليه السلام ـ هم الذين كانوا يتكتلون في مقابل الافكار
والعقائد العثمانية و الخارجية فكان عنوان التشيع يطلق عليهم تلقائيايضاف الى ذلك , ان تعليمات الامام
الـواسـعـة الـتـي يـزخـر بـهـا نهج البلاغة حول اهل البيت ـعليهم السلام , و عرض اهل البيت ـ
عـلـيـهم السلام ـ بوصفهم محور المجتمع الاسلامي و قوامه , و كذلك مؤاخذات الامام الصريحة
الـواضحة على اسلوب ادارة المجتمع , كل ذلك وطد قاعدة الامامة و هذا هو اهم باعث على تعزيز
التشيع العقيدي في الكوفة و حري بالذكر ان بين انصار الامام ـ عليه السلام ـ اشخاصا كانوا يميلون
الـى بـعـض الـخـلـفـا الـسـابـقـيـن , و مـا احـيـا بـيعة الغدير في رحبة مسجد الكوفة من قبل
امـيـرالمؤمنين ـعليه السلام ـ الا توجه يصب في هذا المسار و هذه كلها بواعث على اتساع دائرة
التشيع في العراق , و ان كانت قد ضاقت فيما بعد حتى اضحى الشيعة اقلية تعيش في الكوفة .

و كـان العراق , لا سيما الكوفة , يحسب لها حساب خاص بين امصار العالم الاسلامي و حواضره , اذ
كـانـت قاعدة الفتوحات التي خاضها المسلمون في شرق الارض و لذلك توافد عليها و على البصرة
كثير من الصحابة منذ الايام الاولى للفتوحات في العراق و بلادفارس و تم تمصير هاتين المدينتين
بـيـن عـامي 17 و 19 ه , و كان سكان الكوفة الاوائل من المهاجرين المسلمين , ثم من سائر قبائل
العرب فيما بعد.

و بلغت اهميتها ان عمر كان يسميها: ((سيد الامصار)) و ((جمجمة العرب ((241)) )).

كـمـا ان امـيـرالـمـؤمـنـيـن ـ عـلـيـه الـسـلام ـكـان يـخـاطـبـهـا ((بـكـنـز الايمان ))و
((جمجمة الاسلام ((242)) ))و كذلك كان يعتبرها ((قبة الاسلام ((243)) )).

و هـذا كله يدل على ان العراق كان يحظى باهمية كبيرة للاسلام حتى قبل حكومة اميرالمؤمنين ـ
عليه السلام .

و ازدادت اهـمـيتها عندما هاجر اليها الامام ـ عليه السلام ـ عام 36 ه , و اتخذها عاصمة لخلافته
بخاصة ان سبعين صحابيا هاجروا اليها ((244)) , و ان عددا كبيرا من الانصار الذين كانوا من اهم
اتـباع الامام ـ عليه السلام ـ استوطنوا فيها و هكذا اتسعت المدينة تبعا لاتساع القاعدة الشعبية التي
كـانـت تـدعـم الامـام ـ عـلـيـه الـسـلام و كـان ـ عـلـيـه الـسلام ـ يقول فيها: ((تربة تحبنا و
نحبها ((245)) )).

و فـي ضـؤ مـا مـر بـنا, فان خلافة اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ كان لها الدور الاكبر في تمهيد
الارضـيـة لـلتشيع في الكوفة و كان بين اصحاب الامام ـ عليه السلام ـ من يستوعب الخط العقيدي
والـسـياسي للتشيع , ويعيه وعيا تاما, حتى انهم لم يستعدوا للتنازل عن حب الامام و ولائه قط, ولو
كـلـفـهـم ذلـك الـصـعـود عـلـى اعواد المشانق او اخراج السنتهم من اقفائهم و نذكر من هؤلا:
رشيدالهجري , و ميثم التمار, و كميل بن زياد.

و كـان دعـم التشيع متواصلا بعد استشهاد اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ على امتدادالاشهر الستة
التي حكم فيها الامام الحسن ـ عليه السلام ((246)) و صحيح ان الكوفيين قد سئموا بسبب خوض
الـحـروب الـمـتـكررة , بيد ا نهم بايعوا الحسن ـ عليه السلام و عند ماطرحت قضية الحرب مع
الـشاميين من جديد, كان كثير من الكوفيين لم يرغب في الحرب , و رضوا من الامام ـ عليه السلام ـ
عدم الاشتباك مع معاوية , بينما لم يكن ذلك ممكنا قط و لذلك اعتزل الامام الخلافة .

فـهـب عـدد مـن شـيـعـة الامـام يـؤاخـذونـه عـلـى اعـتزاله الخلافة , و خاطبوه بقولهم : يا
مـذل الـمـؤمـنـيـن ((247)) فـقـال لـهـم : خـشـيـت ان تجتث الشيعة , و يزول ذكر اهل البيت
ـعـلـيـهم السلام ((248)) والحقيقة ان الامام وجد نفسه وحيدا في الميدان , و لم يامل في تحقيق
الـنـصـر على معاوية نظرا لقلة شيعته المخلصين , و اطمان ان الحرب لا تعني الا القضا التام على
الـشـيعة و امامهم و حينئذ لا يترك معاوية لهم اثرا بما عرف عنه من مكائددينية و سياسية و هذا
الموقف الذي اتخذه الامام اسفر عن بقا نسبة ملحوظة من اهل الكوفة على تشيعهم , حتى ان عبداللّه
بـن مطيع والي ابن الزبير عندما اراد ان يسير فيهم بسيرة عمر و عثمان , قالوا له : بل بسيرة علي
بن ابي طالب ـ عليه السلام ((249)) .

و في ضؤ ما نقله الحنبلي فان عدي بن ثابت الذي مات سنة 116 ه و هو((شيعي مفرط)) على لسان
ابـن مـعـيـن , و ((رافـضـي غال )) على حد تعبير الدارقطني , كان قاضي الشيعة و امام مسجدهم
في الكوفة ((250)) و هذا معلم من معالم تبلور خطهم يومذاك وفي الوقت نفسه فان هذه الشريحة
مـن الـشـيعة التي كان منها خمسون رجلا يعرفون عليا ـعليه السلام ـ حق معرفته و حق معرفته
امـامته ((251)) كما في الاثر عن الامام الباقر ـعليه السلام ـ واصلت نشاطها التنظيمي , و كانت
تـطالب الحسين ـ عليه السلام ـ ان يتصدى لقيادة الامة على الرغم مما كانت تعانيه من عجز وضعف
بيد ان الحسين ـ عليه السلام ـ لم يستجب لهم ((252)) فواصلوا معارضتهم لبني امية و لم يدخروا
وسـعـا فـي ذلـك و آيـة مـعـارضـتهم ان الحجاج قتل منهم مائة الف كانوا يشهدون جميعهم بكفر
يزيد ((253)) .

و ضـرب احـد الـشـيـعـة اربـعمائة سوط من قبل الحجاج على ان يشتم عليا ـ عليه السلام ـفلم
يفعل ((254)) و اشخص حجر بن عدي و صحبه الابرار الى الشام لمعارضتهم الوالي الاموي في
الكوفة , ثم قتلوا في ((مرج عذرا)) لعدم براتهم من اميرالمؤمنين ـعليه السلام ((255)) .

و نظرا الى مكانة حجر في المجتمع الكوفي , فقد كان لاستشهاده وقع في تعزيز موقع التشيع هناك
نـوعـا ما مما الجا زياد بن ابيه الى قمع هذا التحرك بابشع الاساليب , بيد ان جذوته كانت تتقد تحت
الـرمـاد فـي تلك المدينة و قد تجسد ذلك في حركة التوابين ,و بعدها بفترة حركة زيد بن علي و
دعم المجتمع الكوفي اياه .

و كتب هشام بن عبدالملك عن هذا المجتمع قائلا : ((اما بعد, فقد عرفت حال اهل الكوفة في حبهم
اهل البيت و وضعهم اياهم في غير مواضعهم , لافتراضهم على انفسهم طاعتهم ((256)) )) لقد كان
تـشـيـع الـمـجـتـمع الكوفي تشيعا علويا حقا و لذلك لم يخدع بمكرالعباسيين كما خدع المجتمع
الـخـراسـانـي و حينما اقام السفاح فيها فترة , طلب منه المنصور ان يتركها لان فيها شيعة آل ابي
طالب ((257)) .

و عـندما عد الخوارزمي الراي كوفيا, والاعتزال بصريا, و الخط انباريا, والحساب سواديا, فانه
عـد الـتـشـيع عراقيا ((258)) و قد اشرنا من قبل و قلنا ان هذا التشيع كان في اكثرالاحيان و
بالنسبة الى كثير من الناس سياسيا, كما نقل الخوانساري عن كتب العامة ان ((عامة اهل الكوفة كان
عـمـلـهم في عصر الامام الصادق ـ عليه السلام ـ على فتاوى ابي حنيفة , و سفيان الثوري , و رجل
آخر ((259)) )) و مع ذلك يقدمون احيانا عليا على الشيخين و يبغضون عثمان , في حين ان كثيرا
من الشيعة المعتقدين بامامة اهل البيت كانوافي الكوفة , حتى ان الصادق ـ عليه السلام ـ كان يقول : ان
اللّه عرض ولايتنا على اهل الامصار, فلم يقبلها الا اهل الكوفة ((260)) .

و فـي غـضـون هذه الظروف والملابسات , كان الموالي يعيشون على مسرح الحوادث و قد ازداد
عـددهـم بعد جلبهم الى العراق طائعين او كارهين , حتى اصبحوايشكلون نسبة كبيرة من المجتمع
الكوفي و عند ما نشبت حرب صفين كانوا الى جانب اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ ((261)) و تعاظم
دورهـم في النشاطات السياسية بعد ذلك ,فتوجهت الانظار اليهم لكفاتهم و معرفتهم بالامور و كان
وجـودهـم في العراق الى جانب الشيعة من قبيلتي همدان ((262)) , و ربيعة ((263)) باعثا على
تـغـلـغـل التشيع في نفوسهم بخاصة , ان الارضية كانت مساعدة على مثل هذا التغلغل بسبب الامتهان
الذي كانوا يلقونه من الامويين , و قد مر بنا ذكره .

من هذا المنطلق , ينبغي ان نقول : ان من الضروري ان نتلمس البواعث الاولى على ركون الموالي الى
الـتشيع في ثلاث نقاط هي : الاولى : العلاقات المقطوعة بين الحكام والموالي الثانية : موقف الشيعة
المضاد للامويين الثالثة : التقارب الجغرافي بين الشيعة والموالي .

فـهـذه الـعـوامل السياسية و الجغرافية ساعدت على تمهيد الارضية بين شريحة من الموالي لدعم
الـتشيع و ثمة عوامل اخرى سنعرضها في سياق البحث و من الثابت ـ على اي حال ـ ان اول من آمن
بالتشيع في الكوفة هم اشخاص من شتى القبائل العربية , ثم تبعهم الموالي .

و عـنـد مـا اسـتشهد الامام الحسين ـ عليه السلام ـ و اصحابه الابرار على يد الكوفيين في واقعة
الطف , فان شريحة من الشيعة كانت قد تقاعست عن نصرته بسبب مضايقات ابن زياد, و تقصيرها في
ادا الـواجـب , و نـظـرتـهـا الـضـيـقـة , فـنـدم افـرادهـا عـلـى ما فرطوا في جنب الحسين ـ
عـلـيه السلام ((264)) ثم عزموا على الثورة ضد الامويين و عبيداللّه بن زياد,و سموا انفسهم :
التوابين و ما كانت مبادرتهم هذه الا لتخلفهم عن ركب كربلا,و شعورهم بضرورة التدارك و قالوا
: ((ان ظهرنا رددنا هذا الامر الى اهل بيت نبينا ((265)) )).

بيد ان مبادرتهم كانت تفتقر الى تخطيط خاص و من المؤسف ا نهم لم يقوموا الا بتبديد الطاقات التي
كان من الممكن ان تشكل رصيدا لحركة شيعية منظمة ((266)) .

والـمهم هنا ان قادة التوابين كلهم كانوا من العرب , وهم : سليمان بن صرد الخزاعي ,و المسيب بن
نـجـبة الفزاري , و عبداللّه بن سعد بن نفيل الازدي , و عبداللّه بن وال التميمي ,و رفاعة بن شداد
الـبـجـلـي و كـان الاول من صحابة النبي ـ صلى اللّه عليه و آله ـو اميرالمؤمنين ـ عليه السلام اما
الباقون فكانوامن خاصة اصحاب اميرالمؤمنين ـعليه السلام ((267)) .

يـقول فلهاوزن : اجتمع اربعة آلاف شخص من التوابين في النخيلة و فيهم عرب من جميع القبائل و
كثير من القرى و ليس فيهم شخص واحد من الموالي ((268)) .

الموالي و مشاركتهم في ثورة المختار.

الموالي و مشاركتهم في ثورة
المختار.


لـم يـفكر احد قبل المختار باستثمار وجود الموالي و صحيح ان اميرالمؤمنين ـعليه السلام ـ كان يـلطف بهم تبعا لسياسته العامة , الا ان اكثر انصاره كانوا من العرب و كان المختار اول من بادر الى
تـلـك الـخطوة , و طرح ضرورة استثمارهم و اما ما قيل ان عليا ـعليه السلام ـ كان اول من ادرك
اهـمية الموالي , و قد جا الى الكوفة من اجل ذلك فانه كلام لا ينسجم مع ظروف الموالي آنذلك , اذ
كان من المتعذر استثمارهم و الاستفادة منهم في تلك الظروف و لا ينطبق هذا الموضوع ايضا على
الامام الحسين ـ عليه السلام ـ ,والدليل على ذلك حركة التوابين التي لم تضم الموالي في صفوفها و
فـي ضـؤ ذلك , فان ماقاله البعض في هذالمجال لا يبدو صحيحا ((269)) , و مله الجهل بالظروف
السائدة وقتذاك .

و كـان المختار بن ابي عبيدة الثقفي احد الاشخاص الذين بذلوا جهودهم عدد سنين لضعضعة اركان
الـسـلطة الاموية في الشرق و لذلك كان يبغضه الامويون و من سار في ركابهم من المؤرخين بغضا
شديدا, و كذلك كان يبغضه الزبيريون بشدة و عمل هؤلاكلهم على اتهامه بشتى التهم و كان تمسكه
بالتشيع باعثا على عدم تاييده من قبل الاخرين ايضا و لذلك نجد التقولات التي تقولها عليه الامويون
فـي ايـام ثـورتـه و بعدها, و بثوها في مختلف الارجا بوصفها اشاعات مغرضة مضادة , قد تلاقفتها
الايدي بلا نقد او تمحيص ,و تناقلتها الالسن على ا نها اخبار المختار بلا تريث , و انتشرت في كل
مـكـان و نـجد ان ((تاريخ الطبري )) و غيره من المؤرخين الذين كان تاريخهم خلاصة لتاريخه ,
مـشـحـون بالتهم الكاذبة ضده , و لا سيما التهمة المتمثلة بادعائه النبوة و نحن لا ننوي هنا دراسة
حـركـة الـمـختار و تقويمها, بيد اننا نجتزئ بالقول ان من كان يدعي ذلك , فليس بمقدوره البقافي
الـعـراق يـوما واحدا, فضلا عن توليه امر حكومته اكثر من سنة و نقرا ان المختار نفسه قال في
خـطبته بعد الانتصار : (( و تقولوا علي الاقاويل ((270)) )) و يبدو من هذا الكلام ان طعونا قد
وجهت اليه في حياته , و دحضها و لا يستبعد ا نه كان متطرفا نوعا ما, لذلك لم يحظ بدعم الامام زين
العابدين علي بن الحسين ـ عليه السلام ((271)) .

و لـعل الامام ـ عليه السلام ـ لم يرغب في اتخاذ موقف صريح من تحركه , بخاصة , ا نه لم يعبر عن
موقف سياسي معين علنا.

و لا يمكن القبول براي مقنع حول ادعائه النبوة ((272)) لان العناد الموجود ضده يكشف لنا ان هذه
الـتـهـمـة هـي مـن عـمـل الـمـرجـفـين والعجيب ان بعض المؤلفين الجدد قدنسبوا اليه التهمة
المذكورة ايضا ((273)) بينما نجد ان هذه التهمة التي نقلها المؤرخون لاتنسجم مع ما نقلوه انفسهم
حـول الـمـوضوع الاساس لثورته فقد نص هؤلا كلهم على ان المختار كان يعتبر نفسه ممثلا لابن
الـحـنفية و هذا هو سر انتصاره فكيف ينسجم مع ادعاالنبوة ايضا رفض وصف المختار بالكذب ((274)) وعند ما قالت زوجة المختار لمصعب بن الزبير بعد
مـقـتـل زوجـهـا: مـا عـلـمـته الا مسلما من عباداللّه الصالحين , تقولوا عليها ا نها تزعم ا نه نبي ,
((275)) و هذا افضل دليل على ان كثيرا من تلك التهم والطعون كانت مزيفة .
و عـنـدمـا ثار المختار, كان الشيعة في الكوفة يشعرون بتانيب الضمير لخذلانهم الامام الحسين ـ
عـليه السلام , لذلك كانوا يعبرون عن مواساتهم اهل البيت ـ عليهم السلام و امتلات صدورهم حقدا و
بـغضا للامويين مساعير واقعة الطف و كانوا لا يفرقون بين ابنا علي ـعليه السلام ـ سوا كانوا من
فـاطـمـة الـزهرا ـ عليهاالسلام ـ ام من غيرها, بيد ا نهم كانوايولون اهتماما اكبر بابنا الزهرا ـ
عليهاالسلام و عندما يمم المختار الامام علي بن الحسين ـ عليه السلام ـ و لم يلق منه دعما , زعم ان
مـحـمد بن الحنفية بوصفه مهدي اهل البيت ـ عليهم السلام ـ ارسله الى اهل العراق ((276)) و لم
يطمئن الناس اليه كثيرا و نقل ان محمد بن الحنفية لم يؤيد او يدحض هذا الادعا ((277)) .

عـلـى اي حال , ان الناس الذين كانوا تواقين الى تطبيق سيرة الامام علي ـ عليه السلام ـلم ترق لهم
حـكـومـة الـزبـيريين في العراق , لان هؤلا كانوا يريدون العمل بسيرة عمراو عثمان حتى انهم
عـبـروا لـهـم عـن مـوقـفـهـم قـائلـيـن , ان لا يـسـار فـيـنـا الا بـسيرة علي بن ابي طالب ـ
عليه السلام ((278)) )) و من هذا المنطلق , فرشوا صدورهم للمختار و طبيعيا ان الشرائح التي
كانت تدعم المختار لم تضم اشراف الكوفة و كبارها, لان هؤلا كانوا قادة الجيش الاموي ضد الامام
الحسين ـ عليه السلام .

و هـذه حـقيقة كان يؤمن بها التوابون ايضا, اذ كان قائدهم سليمان بن صرد يقول :((ان قتلة الحسين
هم اشراف اهل الكوفة و فرسان العرب ((279)) )).

و حينئذ كان على المختار ان يعبئ شرائح اخرى من المجتمع الكوفي , لم تشترك في حادثة الطف .

و كـان الموالي من المرشحين لهذه المهمة , لا سيما ا نهم ذاقوا طعم الحرمان , و راوارعاية الامام
امـيـرالـمـؤمـنين ـ عليه السلام ـ والعلويين لهم و من المحتمل ان بعضهم كان راغبا في التعاون مع
المختار لاقامة حكومة علوية , مضافا الى ما كان يحمله من دوافع سياسية ايضا و قد نصروا التشيع
على اي حال و كان المختار نفسه يقول : اني لاعرف كلمة لو قلتها, كثر تبعي والكلمة هي : من جانا
من عبد فهو حر ((280)) .

و احـتـفـظ اشراف الكوفة بمنزلتهم و شانهم في ظل بني امية , كما تكيفوا مع توجهات عبداللّه بن
مطيع والي عبداللّه بن الزبير ايضا فلا يطيقون ـ اذن ـ ان يطرد المختار ابن مطيع , ويتسلم مقاليد
الامور, و يسلط الموالي على اشراف العرب , لذلك كان يبدو عليهم الامتعاض والقلق بيد ان المختار
نـفـسـه كـان مهتما بهذا الموضوع نوعا ما, و لم يهمله و عندما فرغ من حرب ابن مطيع انبرى الى
التفاوض مع الاشراف فقال احد الموالي لرئيس حرسه (كيسان ): اقبل ابو اسحاق (كنية المختار)
على العرب ما ينظر الينا و سـكـت , ثـم قـرا قـوله تعالى : ((انا من المجرمين منتقمون )) فلما سمعوها, قال بعضهم لبعض :
((281)) .
طـبيعيا, كان ينبغي للمختار ان يعتمد على الموالي , ذلك ا نهم كانوا ذوي دوافع سياسية للتخلص من
ظـلـم الامويين , مضافا الى ا نهم لم يتهموا بقتل الحسين ـعليه السلام كما كانوا يودون اهل البيت ـ
عـليهم السلام لذلك عندما اراد الاشراف التشاورمع عبدالرحمن بن مخنف لحرب المختار, قال لهم :
مـعـه عبيدكم و مواليكم , و هم مقاتلوكم بشجاعة العرب و عداوة العجم ((282)) و كان اشراف
الـكـوفـة يقولون لشبث بن ربعي : ((واللّه ان المختار تامر علينا بغير رضى منا, و لقد ادنى موالينا
فـحـمـلـهـم على الدواب واعطاهم فيئنا ((283)) )) على اي حال , كان استثمار الموالي سياسة
مناسبة انتهجها المختار.

و مـن الـجـدير بالذكر ان الاطمئنان المفرط الى الموالي في ظروف كان يتعذر معهاالاستعانة بهم
لاقـامة حكومة ما, لم يكن صائبا لذلك كان يقول البعض : ان سبب هزيمة المختار هو وجود الموالي
بـيـن افراد جيشه ((284)) و كان عددهم كبيرا جدا, حتى ان المختار عندما ارسل شرحبيل بن
ورس الهمداني الى المدينة على راس جيش قوامه ثلاثة آلاف جندي , كان عدد العرب فيهم سبعمائة
فقط, والباقي من الموالي ((285)) ويرى الدينوري ان عددهم اربعون الفا ((286)) , و يبدو ان
فيه مبالغة و كان اشراف العرب ينظرون الى الموالي على ا نهم اراذل .

و عـنـدما اصطدم جيش المختار بجيش الشام , كان ربيعة بن مخارق يقول للشاميين :((انكم تقاتلون
الـعـبـيـد الابـاق و قـومـا قـد تـركـوا الاسـلام و خـرجـوا مـنـه لـيـسـت لـهـم تقية و لا
يـنـطـقـون بـالـعـربـية ((287)) )) ان اتهام الموالي بالكفر كان لتحريض الشاميين المشهورين
بالجهل فحسب , و الا فانهم كانوا مسلمين ((288)) .

و كـان اشـراف الـكـوفة يقولون ايضا: ان المختار استغل مواليهم (( و اطعم موالينا و اخذعبيدنا
فخرب بهم يتامانا و اراملنا ((289)) )).

و يقول الشعبي : كان اهل البصرة (انصار مصعب بن الزبير على المختار) يسمون الكوفيين مواليهم ,
والاخبار الماثورة في هذا المجال كثيرة
لـلـغـاية كما جا في خبر آخر ان عدد الموالي في جيش المختار كان كبيرا الى درجة ان التحدث
بـالـلـغـة الفارسية كان يسمع كثيرا بين افراد الجيش ((291)) و بعدقمع ثورة المختار من قبل
مـصعب بن الزبير الذي كان احد الاشراف , و قد كلف من قبل اخيه عبداللّه بقمع الثورة , قال مصعب
لاحـد افـراد جـيـشـه :((و اقـتـل هـؤلا الـمـوالي , فانه قد بداكفرهم , و عظم كبرهم , و قل
شكرهم ((292)) )).

و كانوا يرون ا نهم ان لم يبيدوا الموالي عاجلا, فلا قدرة لهم على الوقوف بوجوههم آجلا, ذلك ا
نهم عرفوا قدرتهم و عظم خطرهم في الاقل .

و يـذهـب الـديـنـوري الـى مـا ذهـب الـيـه الـطـبـري ان ((اكـثر اصحاب المختار العجم و
قبيلة همدان ((293)) )).

و يرى ايضا ان ((جل جندالمختار حين الحرب مع الشام ابنا فرس ((294)) )).

و عـنـدما فر محمد بن الاشعث من قبضة جيش المختار, و نزل عند مصعب بن الزبيرفي البصرة ,
ساله مصعب عما وراه , فقال : ((واللّه ايها الامير, الترك والديلم ((295)) )).

و مضافا الى ان هذه النصوص التاريخية تترجم دعم الموالي حركة من الحركات الشيعية , فانها تدل
عـلى كثرتهم في العراق الى درجة ا نهم استطاعوا المحافظة على حكومة تمكنت من الصمود ستة
عشر شهرا, مع ان العرب يشكلون قسما من عناصرها ((296)) .

/ 33