شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری - نسخه متنی

رسول جعفریان؛ مترجم: علی هاشم الأسدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



فرفضه ـ اذن ـ ليس رفضا عقيديا و كان طبيعيا ـ على اي حال ـ ان المحدث المعتقد عندما يرى تلك الـفضائل كلها, فانه يعبر عن وده و من يقرا ما جا في الماثور : ((ما من رجل مسلم من بني هاشم الا
و لـه شـفـاعة يوم القيامة ((103)) )), فلابدان يبدي حبه لهم كما نقل عن الحسن بن الصباح ا نه
عندما كان شافعيا و قرا في كتب الحديث روايات كثيرة تتحدث عن فضائل اهل البيت ـ عليهم السلام
ـ اصبح اسماعيليا ((104)) .


و امثال هؤلا كثيرون جدا اذ تقبلوا عنوان الرفض بسبب حبهم اهل البيت ـعليهم السلام .


و نـقـل عـبدالجليل الرازي عن بديع الزمان الهمداني ا نه قال عند قبر الامام علي بن موسى الرضاـ
عليه السلام :.





  • انـا مـع اعـتـقـادي فـي الـتـسـنـن رافضي في ولائك
    و ان اشتغلت بهؤلا فلست اغفل عناولئك ((105)) .



  • و ان اشتغلت بهؤلا فلست اغفل عناولئك ((105)) .
    و ان اشتغلت بهؤلا فلست اغفل عناولئك ((105)) .




و يـمكن ان يجد بعدا رابعا في مجال حب اهل البيت ـ عليهم السلام ـ ما عداالابعاد التي ذكرناها في
التشيع و يتجسد هذالبعد في الاشخاص الذين يرون ان العلوم الدينية , و لا سيما علم التفسير, ينبغي
ان تـؤخـذ مـن مصدرها الرئيس المتمثل باهل البيت ـ عليهم السلام ـ بيد ا نهم يعتبرون انفسهم في
عـداد اهـل الـسـنـة عـلى صعيد العقائد العامة و لعل الشهرستاني صاحب كتاب الملل و النحل كان
من هؤلا, كما ذهب الى ذلك احد المحققين الذي قام بتحقيق تفسيره المخطوط, عبرمقالته التي ذكر
فيها ادلة مقنعة تدعم رايه بنحو واف و نحيل القرا الكرام الى تلك المقالة ((106)) .


بعض البواعث على تغلغل التشيع في صفوف الناس .

بعض البواعث على تغلغل التشيع في صفوف
الناس .



فـي ضؤ الضرب الثالث من ضروب التشيع ـ الذي مر بنا في الفصل السابق ـتستبين لنا حقيقة تتمثل في سر الشعبية التي كان يتمتع بها العلويون بين الناس طبيعيا ان هذه القضية ـ في العراق ـ كانت ذات
بعد سياسي مضافا الى بعدهاالمتمثل في حب اهل البيت ـ عليهم السلام فقد كان اهل الكوفة يرون في
الـعـلويين كفاة قيادية لما سمعوه عن حكومة الامام علي ـ عليه السلام اما في المناطق الاخرى , فقد
كانت شعبية اهل البيت ـ عليهم السلام ـ رهينة بالاحاديث الماثورة في فضائلهم و انه لامر طبيعي ان
الـنـاس الذين لم يروا النبي ـ صلى اللّه عليه و آله ـو يسمعون ان شخصا من اهل بيته قد ام المكان
الـفـلانـي , فـانـهـم يعبرون له عن حبهم و ولائهم اياه و لم تنقص شعبية العلويين على مر التاريخ
الاسلامي مثقال ذرة و اذا ما سمع الناس ان علويا قد ثار في منطقة ما, فانهم كانوا يلتفون حوله وكان
الـعـلـويـون الـذيـن تـغلي في نفوسهم فكرة الثورة كابي السرايا يستثمرون هذه الشعبية حتى ان
((صـاحـب الـزنـج )) دعـا نـفـسـه عـلـويـا لـيـتمكن من التغلغل في نفوس الموالي السودانيين
والزنوج ((107)) و ما يدرينا لعله كان علويا حقا و كان عبداللّه المحض يقول : الناس كلهم يتمنون
ان يـكـونـوا مـن الـعـلـويين , و لا يتمنى العلويون ان يكونوا من احد ((108)) لذلك كان كثير من
الاشـخـاص يـنسبون انفسهم الى العلويين كذبا, مما افضى ذلك الى ظهور النسابين بين العلويين منذ
القرون الاولى لتمييزالعلويين عن غيرهم .


من هذا المنطلق نقرا في الكتابات التي دونت في معرفة انساب العلويين ان انتما بعض الاشخاص الى
العلويين لم يثبت , و هو ما نجده في مواطن كثيرة على اي حال يمكن القول :.


ان احـد الـبـواعث الرئيسة على تغلغل التشيع في اقطار العالم الاسلامي قاطبة ,و منها ايران , هو
الـشـعـبـيـة الـتي كان يتمتع بها العلويون و تعود هذه الشعبية بصورة رئيسة الى الفضائل الخاصة
الماثورة عن النبي ـ صلى اللّه عليه و آله ـ في اهل البيت ـ عليهم السلام كما ان قسطا منها يؤول الى
ما كان يتمتع به العلويون انفسهم من سجايا علمية و اخلاقية و سياسية .


و يـنـبـغي ان لا نغفل ايضا حب الناس و انشدادهم الطبيعي الى اهل بيت النبوة وهو ما ادى الى تغلغل
الـتشيع على امتداد القرون والاعصار, حتى نجد, في المناطق السنية التي كان يقطنها العلويون , ان
الـعـلـوي اذا مـات او اسـتـشهد, فان الناس يشيدون له ضريحا و هكذا غرست بذرة الشيع و حب
اهـل الـبـيـت ـعـلـيـهم السلام ـ في تلك الارجا و كان الاهتمام الذي يوليه اهل السنة باهل البيت
ـعليهم السلام ـ كبيرا للغاية .


و نـقـل الشبلنجي نماذج رائعة في هذاالمجال و كانوا يصطلحون على السيد:الشريف , الذي كانوا
يوقرونه عظيم التوقير ((109)) .


و من الضروري ان نشير هنا الى ان التشيع العقيدي ينطوي على التشيع السياسي , و حب اهل البيت
ـ عليهم السلام ـ في آن واحد.


اما التشيع السياسي , فقد يخلو من القسمين الاخرين كما ان وضع التشيع بالنسبة الى مودة اهل البيت ـ
عـلـيهم السلام ـ على هذه الوتيرة و كان ابو حنيفة مصرا على حبه اهل البيت الى حد ما, مضافا الى
تعاطفه مع العلويين سياسياو لذلك كان محمد نجل الامام الصادق ـ عليه السلام ـ يقول فيه : رحم اللّه
ابـاحـنيفة لقد تحققت مودته لنا في نصرته زيد بن علي و فعل بابن مبارك في كتمانه فضائلنا و دعا
عليه ((110)) .


ان وعـي هـذه الـنقطة المتمثلة بمعرفة البواعث على تمتع العلويين , والشيعة مبدئيا, بمكانتهم بين
سـائر الـفرق الدينية والناس يمكن ان يساعدنا على فهم الاسباب التي دعت الى اتساع نطاق التشيع
ذلك ان العلويين كانوا هم المبلغين لحركة التشيع تقريبا, مع ان هذا التشيع كان ذا توجهات متنوعة :
زيدية , و امامية ,و غيرهما.


و تعتبر الركيزة الاولى للتشيع ـ في الحقيقة ـ المودة التي كانت مشتركة بين اولئك جميعا.


و لـو ان هـذه المودة سارت في اتجاهها المنطقي , فانها ستبلغ حد الولاية والطاعة و لعلها تؤول الى
الافراط ايضا و تنتهي الى الغلو الذي انتحله الغلاة في الائمة الطاهرين ـ عليهم السلام و قد اشرنا
فـيما تقدم الى عدد من البواعث على نفوذ العلويين في الناس و في ما ياتي مسائل اخرى ايضا ترتب
ط بهذاالموضوع :.


يـعـتبر تدين هؤلا الاشخاص باعثا آخر على نفوذ التشيع فقد كانوا هم و احبتهم متمسكين تمسكا
دقـيقا واعيا في ادا الواجبات الدينية و كانوا يعرضون الاسلام للناس باعمالهم و سلوكياتهم والناس
انـفـسـهـم يـلحظون الفارق بين اسلام الامويين جيدا, و يميزون الشيعة بنزعتهم الدينية القوية و
تـمـسـكـهـم بـمـراعـاة الـمـوازين الشرعية و عند ما كان الناس يلتفون حولهم , و هم يدركون
مـعـارضتهم الامويين , كانوا يعرفون فضائلهم و من هذا المنطلق فان آصرتهم السياسية تتخذطابعا
عـقيديا خاصا, ثم تجد لها تلاحما عميقا بينما نقرا ان الخوارج ـ و على الرغم مما قيل في تدينهم ـ
لـم يـكونوا ذوي توجهات رزينة متزنة و لذلك كان واضحا ان تقواهم ليست ذات طابع اسلامي فقد
كـانـت تصرفاتهم الوحشية المتطرفة تؤذي الناس كثيرا, بحيث ان البصريين ـ على سبيل المثال ـ
كـانـوا يـهـابـونهم تماما ((111)) اما توجهات الشيعة الرزينة المتزنة و تقواهم العلمية و العملية
فـقـدكانت باعثة على انشداد الناس اليهم و على راس الشيعة كان العلويون يتمتعون بهذه المواصفات
يقول سفيان الثوري : ((هل ادركت خير الناس الا الشيعة ؟ ((112)) )).


فـهـو يرى ان الناس الصالحين دينيا هم الشيعة و ليس غيرهم ثم يذكر عددا من الشيعة كامثلة على
قوله .


و كانت المدائن من المهاجر التي امها العرب , و احدى الامصار الشيعية يومئذ.


يـقـول الـقـزويـنـي في سكانها: ((اهلها فلا حون شيعة امامية و من عادتهم ان نساهم لا يخرجن
نهارا ((113)) )).


و هذا يدل على الروح الدينية التي كان يتسم بها اهل المدائن .


و يقول هذا الكاتب نفسه : و كان اهل سجستان , الذين امتنعوا عن سب الامام علي ـ عليه السلام ـ على
المنابر, يتصفون بهذه الصفة ((114)) و كذلك كانت النساالشيعيات في الديلم ((115)) .


و قيل في ((حجربن عدي )) و اصحابه الذين وقفوا بوجه معاوية , و صمدواو استقاموا في تشيعهم
: ((ا نـهـم يـتـشددون في الدين ((116)) )) و تميز الشيعة بمراعاة اوقات الصلاة ((117)) و
الـنـموذج الذي يدل على هذه الميزة بنحو رائع للغاية يتمثل في القضية التي نقلت حول العثور على
مـخبا ((مسلم بن عقيل )) فحينما ارادعبيداللّه بن زياد العثور على مخباه امر احد غلمانه بالذهاب
الـى المسجد و تقصي خبر مسلم و قال له : ((ان هؤلا الشيعة يكثرون الصلاة )), فمن وجدته على
هـذا الحال هناك , فقص منه اثر مسلم فذهب الى المسجد و راى ((مسلم بن عوسجة )) يصلي اكثر
من غيره , فقصده , و تعرف منه على مخبا مسلم بن عقيل بطريقة ماكرة ((118)) .


و كـان سـلـمـان الفارسي في طليعة انصار التشيع وهو الذي عرف عند الصحابة بالتقوى والعلم و
اشـتـهـر بتقواه حتى اعتبره الصوفية احد اقطابهم و كذلك كان ابوذر النصير الاخر للتشيع , فقد
عـرف باعراضه عن الدنيا, و عدم رغبته فيها,و التزامه برعاية حقوق الناس حتى اصطدم بمعاوية
و عـثـمـان فـي هـذاالـمجال ((119)) و قيل في عمار بن ياسر: ((و قد كان عمار اشد حراس
الاسلام مراسا واكثرهم عنادا في الحفاظ على مثله و مبادئه ((120)) )).


و كان اويس القرني احد زهاد الشيعة المعروفين و رزق الشهادة بين يدي الامام علي ـ عليه السلام
ـ بصفين و كانت له منزلة رفيعة في العرفان ((121)) و يقول الشيبي فيه : كان اويس القرني شيعيا
وهـو الذي اعتبره الاسفراييني احد النساك المشهورين ((122)) و قيل في كميل بن زياد: ((كان
زاهدا شيعيا قديما ((123)) )) و قيل في خباب بن الارت : ((كان خباب بن الارت ناسكا شيعيا من
الـنـواحـيـن الـبـكـائيـن ((124)) )) و قـيـل في الراوي الشيعي محمد بن مسلم : ((من العباد
فـي زمانه ((125)) )) و قيل في سعيد بن جبير: ((كان سعيدبن جبير زاهدا شيعيا ((126)) ))
ثم يضيف الدكتور الشيبي قائلا : ((و هكذا يتضح لنا منشا التشيع في الزهد ((127)) )).


و كـان الـشـيـعـة عـلـى درجـة عـالية من الزهد جعلت حديثهم مقبولا عند السنة , مع شدتهم في
تشيعهم ((128)) .


و يـعتبر هؤلا الزهاد المشهورون من البواعث على اتساع نطاق التشيع كمايقول الدكتور الوردي :
نضج التشيع في ثلاث مدن : الاولى : الكوفة لوجودعمار بن ياسر فيها والاخرى : المدائن لوجود
سلمان الفارسي فيها والثالثة جبل عامل لجهود ابي ذر الغفاري ((129)) .


و كـان اشتراك عدد كبير من الفقها في ثورة محمدبن عبداللّه التي نشبت في المدينة سنة 145 ه ـ
بغض النظر عن بعدها السياسي ـ يعود الى ان الشخص المذكور المعروف بالنفس الزكية كان افضل
من شخص المنصور العباسي و كانوايعرفونه , لذلك لم يجيزوا التخلف عنه مع ا نهم ليسوا في عداد
الـشـيـعـة ((130)) وكـان هـذا الـدعـم عـلى درجة قلما تخلف فيها فقيه من فقها السنة عنه و
ماالتعابيرالتي استعملها ابوالفرج الاصفهاني او التي نقلها عن اشخاص آخرين في مختلف العلويين الا
دلـيـل على شخصيتهم الرفيعة و قيل في المختار على لسان زوجته : كان من عباد اللّه الصالحين و
كانت هذه الكلمة قد قيلت في وقت كان المختار يتاهب للقتل على يد مصعب بن الزبير ((131)) .


ان اجـلى تعبير يترجم لنا الجوانب الاخلاقية المتفوقة للشيعة في العصرالاول هو ما اثر عن الامام
الـبـاقر ـ عليه السلام ـ قوله : ((اولياؤنا و شيعتنا فيما مضى خير من كانوا فيه ان كان امام مسجد
فـي الـحـي كان منهم و ان كان مؤذن في القبيلة كان منهم و ان كان صاحب وديعة كان منهم و ان كان
صـاحـب امـانـة كـان مـنـهـم و ان كـان عـالـم فـي الناس يقصدونه لدينهم و مصالح امورهم كان
منهم ((132)) )).


و من البواعث الرئيسة الاخرى على نفوذ العلويين في الناس ظلامة العلويين انفسهم فالعلويون كانوا
رمز المظلومية لما نالهم من حيف و عسف و ما تعرضوا له من ظلم و اضطهاد, مع ا نهم كانوا من اهل
بيت النبوة , و كان المسلمون قاطبة يودونهم و يتمنون زيارتهم .


و عندما كان الناس يشاهدون ضروب الظلم النازل بهم , يركنون اليهم , بخاصة و ا نهم كانوا يلمسون
مقاومتهم .


و انـتـشـرت ثورات العلويين في القرون الاولى بشكل مستمر, و كانت ذات طابع زيدي غالبا بعد
استشهاد زيد بن علي و ثمة نماذج جمة من هذه الثورات في اقطار العالم الاسلامي , و منها ـ باستثنا
الشام ـ الحجاز, و العراق ,و ايران .


يـقـول الـيـعقوبي في سياق اشارته الى حركة زيد بن علي التي جسدت ظلامة اخرى من ظلامات
الـعـلـويـيـن بـعـد واقـعة الطف : انتشر التشيع في خراسان بعدها,و بثت الدعايات ضد الحكومة
الاموية ((133)) .


و كـان لـهذه القضية خلفية عند اهل البيت , اذ نقرا ان الامام زين العابدين ـعليه السلام ـ كان يذرف
الـدموع عدد سنين حزنا على ابيه و احبته الذين استشهدوا في كربلا, علما ان هذا التوجه كان ذا
طابع سياسي ايضا.


و كان حجم هذه الظلامة على درجة استمد منها العباسيون قوتهم الرئيسة ,و اقاموا حكومتهم على
الدموع التي ذرفت حزنا لاستشهاد يحيى بن زيد.


و لما كانت هذه التحركات جارية في العراق و ايران , فقد كان الموالي الفرس على اتصال بها بخاصة
ا نـهـم راوا فـيـهـا امـتـدادا لحكومة اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـفمنوا ان اتجاه هذه العمليات
الاسـتـشهادية يقوم على قاعدة لحكومة قد تعدل من ((السيادة العربية )) الى حد ما, و تشركهم في
الحكم .


و تجلت هذه الظلامات على افضل وجه في الشعر الذي انشده شعرا الشيعة ,و سار بالادب الشيعي
نحو الدم والبكا, بحيث ان اكثره كان يؤثر في نفوس الناس و يدفعهم الى البكا و من الطريف ان ائمة
الشيعة انفسهم كانوا يجهدون في توسيع دائرة هذا الشعر و كانت الكوفة محط انظار المؤمنين كافة
بوصفها محفلاصغيرا للشيعة , و قد شهدت مختلف المذابح الدموية التي قام بها زياد, و ابنه ,والحجاج
ضدهم , حتى انهم كانوا يشعرون بعلاقة عاطفية تشدهم اليها و قد قال اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ
من قبل ((لياتين على الكوفة زمان , ما من مؤمن ولا مؤمنة الا بها او قلبه يحن اليها ((134)) )).


لـقـد بـدات هـذه الـظـلامات منذ العهد الاموي , و اتسع حجمها على تواتر الايام اذان الامويين لم
يـمارسوا ضغوطهم القاسية بحق العلويين فحسب , بل مارسوهابحق الشيعة قاطبة بيد ان الشيعة لم
يسكتوا, بل صمدوا امامهم بكل صلابة .


يـقـول ابـن ابي الحديد:بعد عقد الصلح ((لم يبق احد من المؤمنين الا خائف على دمه , او مشرد في
الارض يطلب الامن فلا يجده ((135)) )).


و قـد امـر معاوية راس الحكم الاموي بصراحة ان لا يجيزوا لاحد من شيعة علي و اهل بيته (ع )
شهادة ((136)) .


و كـتـب الـيـه الامام الحسين ـ عليه السلام ـا نك سلطت زيادا على العراق يقطع ايدي المسلمين و
ارجلهم , و يسمل عيونهم , و يصلبهم على جذوع النخل , وامرته ان يقتل كل من كان على دين علي و قتلهم و مثل بهم كماامرته ((137)) .


كـذلـك نـقـل الـمؤرخون ا نه ((امر بحرمان كل من عرف منه موالاة علي من العطاو اسقاطه من
الديوان والتنكيل به و هدم داره ((138)) )).


و بـلغ التشدد في تعاملهم مع اهل البيت ـ عليهم السلام ـ درجة ا نهم اعلنوابصراحة ان ((لا صلاة
الا بلعن ابي تراب ((139)) )) و ذلك لتصعيد العدا ضدهم .


يـقول الدكتورالشيبي في ظلامة الشيعة على مر التاريخ : ((و نجد تاريخ الشيعة منذ كارثة كربلا
عـبـارة عن سلسلة لا تنقطع من التعذيب والاضطهاد ((140)) )) والحقيقة ان كارثة كربلا اساس
هـذه الـظلامة و قد حاول الامام الحسين ـ عليه السلام ـ نفسه تصعيد هذه الظلامة عبر اخذه اهل
بـيـتـه معه و سبق ذلك مقتل حجر بن عدي و اصحابه , اذ بذر في قلوب العراقيين بذرة الشنن ضد
الامـويـين و رسخ ظلامة الشيعة ايضا مقتل عمرو بن الحمق الخزاعي , و ميثم التمار, و غيرهما
على يدزياد بن ابيه و كان الامام الباقر ـ عليه السلام ـ يقول في ظلامة اهل البيت ـعليهم السلام : لم
نـزل ـ اهـل الـبيت ـ نستذل و نستضام , و نقصى و نمتهن , و نحرم ونقتل , و نخاف و لا نامن على
دمـائنـا و دمـا اوليائنا (في عصر معاوية ) و قتلت شيعتنا بكل بلدة , و قطعت الايدي والارجل على
الظنة و كان من يذكر بحبناوالانقطاع الينا سجن , او نهب ماله , او هدمت داره ثم لم يزل البلا يشتد
و يزدادالى زمان عبيداللّه بن زياد, ثم جا الحجاج فقتل خلقا كثيرا من شيعتنا, و اخذهم بكل ظنة و
تـهـمـة , حـتـى ان الـرجـل لـيـقـال لـه : زنـديـق او كـافر, احب اليه من ان يقال :شيعة علي ـ
عليه السلام ((141)) .


و نقل ايضا ان الحجاج كان يصوم و يفطر على خبز عجن بدما الفاطميين و امربنبش ثلاثة آلاف من
قـبـور النجف الاشرف في طلب جثة اميرالمؤمنين ـعليه السلام , فلم يظفر بذلك و كان يتحسر و
يظهر الاسف على ا نه لم يحضر وقعة الطف ((142)) 0.


و كـان السائب بن مالك الاشعري ينادي لتحريض جيش المختار ضد والي الكوفة المنصوب من قبل
عبداللّه بن الزبير : ((كنتم بالامس تقتلون , و تقطع ايديكم و ارجلكم , و تسمل اعينكم , و تصلبون
على جذوع النخل ((143)) .


و قد رسم الخوارزمي افضل صورة لهذه الظلامة في رسالته الى شيعة نيسابورفقال :.


((و و بـحـسـبـكم ا نه ليست في بيضة الاسلام بلدة الا و فيها لقتيل طالبي ترة , تشارك في قتلهم
الاموي والعباسي , و اطبق عليهم العدناني و القحطاني قتل معاوية حجربن عدي الكندي و عمروبن
الـحـمـق الـخزاعي بعد الايمان المؤكدة والمواثيق المغلظة و قتل زياد بن سمية الالوف من شيعة
الـبصرة صبرا و اوسعهم حبسا و اسرا)) و اشار بعد ذلك الى ما قام به الحجاج , و قال : (( فتلعب
بـالهاشميين , و اخاف الفاطميين , و قتل شيعة علي ـ عليه السلام ـ و محى آثار بيت النبي ـ صلى اللّه
عليه و آله )).


و واصل كلامه فاشار الى جرائم ابي مسلم الخراساني , و ذكر ا نه ينبغي ان يسمى : ((ابامجرم )),
و قـال فيه : (( و افتتح بقتل معاوية بن عبداللّه بن جعفر بن ابي طالب و سلط طواغيت خراسان و
خوارج سجستان و اكراد اصفهان , على آل ابي طالب يقتلهم تحت كل حجر و مدر, و يطلبهم في كل
سهل و جبل )).


و اخـيـرا, حام الحديث حول جرائم المنصور العباسي , فقال في هذالمجال :((مات المنصور و قد
ملئت سجونه باهل بيت الرسالة و معدن الطيب والطهارة , قد تتبع غائبهم و تلفظ حاضرهم هذا قليل
في جنب ما قتله هارون منهم و فعله موسى قبله بهم الى ان مات هارون و قد حصد شجرة النبوة , و
اقـتـلع غرس الامامة و يقتلون من عرفوه شيعيا, و يسفكون دم من سمى ابنه عليا و كانا (هارون و
الـمـتـوكـل عـلى الشيطان ) لايعطيان مالا, و لا يبذلان نوالا, الا لمن شتم آل ابي طالب , و نصر
مذهب النواصب ((144)) )).


فـهـذه نماذج من جرائم الامويين والعباسيين بحق اهل البيت و شيعتهم و كان لها تاثيرها في اتساع
حجم التحرك الشيعي بنحو متواصل .


و من هذا المنطلق حاول المامون احباط تلك التحركات باستغلال موقع الامام الرضا ـ عليه السلام ـ
بيد ا نه فطن الى ان شيئا لن يبقى للعباسيين اذا هو واصل تلك السياسة .


و نقل الخوارزمي عن منصور بن الزبرقان احد شعرا اهل البيت ـعليهم السلام ـ ا نه انشد قائلا:.


آل النبي و من يحبهم ـــــ يتطامنون مخافة القتل .


امنوا النصارى واليهود و هم ـــــ من امة التوحيد في ازلم ((145)) .


و قيل :.


نحن بنو المصطفى ذو محن ـــــ يجرعها في الحياة كاظمنا.


عجيبة في الانام محنتنا ـــــ اولنا مبتلى و آخرنا.


يفرح هذ الورى بعيدهم ـــــ طرا و اعيادنا متمنا ((146)) .


و يـقول اليعقوبي في تعامل الهادي العباسي مع العلويين : ((فقد اخاف الطالبيين خوفا شديدا و الح في
طلبهم و قطع ارزاقهم و اعطياتهم و كتب الى الافاق بطلبهم ((147)) )).


و يـقـول ابـن اسـفـنديار في المتوكل : كان المتوكل يهوى قتل السادات من آل الرسول , كما يهوى
الانسان الصيد و سائر ضروب اللهو ((148)) .


و كان تاثير هذه الظلامات على المؤمنين كبيرا, حتى ان سفيان الثوري كان يقول لعيسى نجل الشهيد
زيـد مـا مضمونه : كل من كان عنده ادنى ايمان , يبكي على ما حل ببني فاطمة من ظلم و اضطهاد و
قتل و تهديد.


و اصـبـح القتل مالوفا عند العلويين الى درجة ان احدهم يرتاب في نسبه ان لم يتعرض له مـرة في اواخر القرن الخامس ان احد العلويين الاثريا قداستدعي من قبل احد ملوك ماورا النهر و
بـعد مدة حدث خلاف بينهما فاودع السجن و صودرت جميع امواله و املاكه فكان يقول : ما تحققت
صحة نسبي الا في هذه المصادرة , فاني ربيت في النعيم و كنت اقول : ان مثلي لابد ان يبتلى ثم منعوه
.
اذن , كـانـت ظلامة العلويين احد البواعث الواضحة على تغلغل التشيع في قلوب الناس , مضافا الى ما
كـانـوا عـلـيه من سيما المتقين و بلغت تلك الظلامة درجة ان انتفاضة زيد و ابنه يحيى قد كهربت
خـراسـان برمتها فتوجهت تلقا بني هاشم , بيد ان المؤسف هو ان ابا مسلم داعية العباسيين قد حرف
هذا التيار عن مساره الصحيح , و لم يدع الخلافة تصل الى اصحابها الحقيقيين , و هم العلويون .


و كـان الاتـجـاه الاسـلامي الايجابي للانتفاضات الشيعية , مع ما كانت تتسم به من مرونة و اعتدال
(عـلى عكس التحركات المتطرفة للخوارج ) باعثا على اجتذاب الجماهير و اول نقطة تبدو للعيان
فـي هـذه الانـتـفـاضات هي ان الشيعة كانوا ذوي تحرك ضد الظلم والطغيان على الصعيد العقيدي
والـعـمـلي و هذه الظاهرة ظلت متالقة على امتداد العصر الاموي والعباسي (ما عدا فترات قصيرة
لـلـغـايـة ) مـمـاتـمـخـضـت بـكهربة الاجوا ضدها و لما كان الرصيد الفكري للشيعة هو جهاد
الامـام اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ ضدالطغيان والتمردات الداخلية (ارسى هذا الجهادفي الحقيقة
دعائم الكفاح ضد المفسدين من المسلمين ), لذلك انطلقوا منه في كفاحهم ضد المنافقين باشكال شتى و
لابد في الوهلة الاولى من توجيه الضربة الى الحكام انفسهم .


و يرى اهل السنة في كتبهم الرجالية ان الايمان بالحرب ضد الحاكم , و ان كان فاسدا, آية من آيات
التشيع ((150)) .


و قـيـل في بعض المواطن ايضا ان واليا سنيا لم يستعد ان يتنازل للاتفاق مع القميين في مجال طاعة
السلطان ((151)) .


و هـؤلا القميون انفسهم هم الذين كانوا يحولون دون دخول الولاة الى مدينتهم مما ارغمهم على بنا
قصورهم خارج المدينة ليحكموا الناس منها و نـقل عن بعضهم قوله : ((كنا ولاة و عمالا سنين عديدة , و لكنا لم نر امراة عربية واحدة , و لم
يقع نظرنا على امراة قط ((152)) )) ذلك ا نهم لم يدخلوا المدينة .


يقول ايوب بن المتوكل : ((كان احد الملوك يعبر, فقام له الناس كلهم الا ابان بن تغلب الشيعي ما سئل عن سبب ذلك , قال : كرهت ان اذل القرآن ((153)) )).


و كان هذا الكفاح ضد الظلم والجور رائعا جدا بالنسبة الى الموالي الفرس الذين كانوا يعيشون تحت
مـطـرقـة الارهاب والاضطهاد, و كانوا يتحملون بشكل خاص ظلما مضاعفا من الوجهة العنصرية
والـعـرقية و كان زيد بن علي يقول في سبب انتفاضته : ((ايهاالناس سنة نبيه , و ندعوكم الى جهاد الظالمين , و الدفع عن المستضعفين , و اعطا المحرومين , و قسم هذا
الـفـي بـيـن اهـلـه بـالـسـوا, و نـصـرنـا اهـل الـبـيـت ـ عـلـيهم السلام ـ على من نصب لنا و
جهل حقنا ((154)) )).


و هذا التوجه ضد الظلم هو الذي دعا الناس جميعهم , و ليس الشيعة وحدهم الى المشاركة فيه , مع
عـقـائدهـم الـمـخـتلفة التي كانوا يؤمنون بها اذ هم بين معتزلة ,و مرجئة , و خوارج , و غيرهم
((فكانت بيئة مشتملة على فرق الامة مع اختلافها ((155)) )).


و يـقـول الـمـسـعـودي ايـضا في تحليل حركة يحيى بن زيد : (( منكرا للظلم و ما عم الناس من
الجور ((156)) )).


و كان المختار يدعو الناس الى مثل هذه الامور ايضا و يقول : ((ادعوكم الى كتاب اللّه و سنة نبيه
والطلب بدما اهل البيت ـ عليهم السلام ـ والدفع عن الضعفة , و جهادالمحلين ((157)) )) و قال في
موضع آخر ان هدفه قتل الظالمين , و ان حركته لتثبيت دعائم الدين ((158)) .


فـلـم تـكن مناهضة تلك الحركات للظلم قوية فحسب , بل و ان من سماتهاالبارزة توكؤها على سنة
النبي ـ صلى اللّه عليه و آله ـ و احيا القرآن و هو ما نجده في ثورة كربلا, و حركة زيد بن علي ,
و سـائر الحركات التي استطاعت ان تعكس الوجه الناصع المشرق لهذه الانتفاضات في مقابل الحكام
الـذيـن كان هدفهم طمس معالم القرآن والسنة النبوية , كما تمكنت من اجتذاب المؤمنين و قد راينا
((ان خيرالناس هم الشيعة )) على حد تعبير سفيان الثوري .


الموالي والنزعات الدينية .

الموالي والنزعات
الدينية .



عـنـدما نشبت معركة القادسية , التحق اربعة آلاف من الفرس بالجيش العربي و تاهبوا للحرب تحت قيادة ((زهرة بن حوية )) و كانوا يدعون الحمرا ((159)) بيد ا نهم اشترطوا لالتحاقهم بالجيش
الـمـذكـور ان يـنـزلوا حيث احبوا, و يحالفوا من احبوا, و يستاثروا بحصة من الغنائم ((160))
فوافقوا على شروطهم , و اشتركوا في الحرب و بعد تحالفهم مع بعض القبائل العربية , اطلق عليهم :
((الـموالي )), اي : موالي تلك القبائل كما ان ((الحمرا)) اسم آخر عرفوا به ولعل الفرس الذين
اخذهم العرب الى العراق والمناطق العربية فيما بعد كانوايعرفون بالحمرا ايضا.


امـا اصـطـلاح الـمـوالـي فكان يطلق عليهم لا محالة يقول ابن منظور: ((والعرب تسمي الموالي
الحمرا)).


و قد اعتنق اكثر هؤلا الدين الاسلامي على الرغم من ضروب الامتهان الذي كانوا يتعرضون له من
قبل الامويين و كان العرب يشعرون بالاستعلا على العجم بينما لم يكن اوانهم للسيطرة على الفرس ,
اقـحـمـوا الحس العربي في السيادة والحكم و كان ينبغي لهم ان يصروا على نظرتهم الاستعلائية
اكثر من السابق ,فيمتهنوا الفرس اكثر فاكثر و كان الموالي في العراق يعتبرون مواطنين من الدرجة الثانية و لذلك كانوايكلفون ـ كما سترى ـ
بمزاولة الاعمال الشاقة منذ البداية كاقامة السوق و عمارة الطريق ((161)) .


و كان هذا الامتهان قائما من اول الامر و من خال ا نه كان موجودا في العصرالاموي و بعده فحسب ,
اذ طـرحت القضايا العنصرية والعرقية في المجتمع الاسلامي , فهو ظن واه لا يقوم على اساس , و
انما راجت سوقه اكثر في تلك الفترة .


ان عدم السماح للعجم بدخول مدينة الرسول , اذ كان مالوفا في عصر الخليفة الثاني ((162)) , يمكن
ان يـعـتـبـر نوعا من الامتهان للعنصر الفارسي و عند ما راى الخليفة ان الناس احرار في استرقاق
الـعـجم , لم يستحسن استرقاق العرب حينئذ ((163)) حتى انه كان قلقا بسبب استخدام العجم في
ادارة الـشـؤون الـمـخـتلفة ((164)) و قيل ان سبب اغتياله من قبل ذلك الشخص الفارسي يعود
الى تشدد صاحبه و معاملته الفظة معه ذلك ا نه طلب من الخليفة مساعدته , فلم يجبه ,و لم يوافق على
تغييرعمله ((165)) .


و روى ابـن جـريـح ان الـخليفة كان يطوف فراى شخصين يتكلمان بالفارسية ,فطلب منهما التكلم
بالعربية و اضاف ان من تعلم الفارسية , تموت مرؤته ((166)) .


و نـقـل ايـضـا ان الـعـرب كـانـوا يتزوجون من العجم و لا يزوجونهم عملا بسنة سنها الخليفة
الثاني ((167)) .


و هـذا الـتـمييز العنصري يماثل التمييز الذي كان ينتهجه الفرس بحق العرب ((168)) قديما و
كـانت سياسة التمييز العنصري و تفضيل العرب على الموالي تمارس ايضا من قبل ولاة عمر, كابي
مـوسـى الاشعري ((169)) مثلا ونشطت السياسة المذكورة في عهد عثمان و ادى هذا كله الى
شعور الموالي بعقدة خاصة حيال الوضع القائم , و السخط على السياسة الحكومية .


و اصاعدت نبرة القضايا العنصرية والعرقية في العصر الاموي ((170)) اذ كانت حكومتهم ترتكز
عـلى العنصر العربي (باسم الاسلام طبعا((171))), و لذلك لم يالوا جهدا في التمييز بين العرب
والعجم و لم يتمتع الموالي في عهدهم باي حق من الحقوق التي كان يتمتع بها العرب ((172)) .


و كان هذا التعامل في وقت استطاع فيه الموالي ان يحتلوا موقعا خاصا بهم في المناطق العربية ابان
الـربـع الاخـير من القرن الاول بفضل جهودهم المتواصلة و كان لهم اليد الطولى في الحقل العلمي
والفقهي ((173)) و من المؤسف ان بعض الجهال لم يابهوا بدور الموالي في تاريخ الحديث و موقعهم
بين المحدثين في اواخرالقرن الاول فما بعده و ذكروا ان العرب في العصر الاموي كانوا يرون ان
ايـمان الموالي بالاسلام ليس حقيقيا, و ذلك تسويغا منهم لسياسة التمييز التي كان يمارسها الامويون
بـغير حق و من وحي هذا التوجه لم يروا اسلامهم مساويالاسلام العرب ثم قالوا: كان الحجاج من
هؤلا العرب .


و لـعـلـهم ارادوا بذلك الدفاع عنه من حيث ان عربيته كانت من اجل الاسلام الجزية حتى على الذين اسلموا كان لهذا السبب ((174)) و اشاع الامويون جو التمييز ((175))
و اضـطـهـدوا الموالي كثيرا و اثقلوا كواهلهم بالاعمال الصعبة العسيرة بينما استاثروا بالشؤون
السياسية والعسكرية ((176)) .


بسم اللّه الرحمن الرحيم .


الموالي والنزعات الدينية .

الموالي والنزعات
الدينية .



عـنـدما نشبت معركة القادسية , التحق اربعة آلاف من الفرس بالجيش القربي وتاهبواللحرب تحت قـيادة ((زهرة بن حوية )) و كانوا يدعون الحمرا بيد انهم اشترطوالالتحاقهم بالجيش المذكور
ان ينزلوا حيث احبوا, و يحالفوا من احبوا, و يستاثروا بحصة من الغنائم فوافقوا على شروطهم , و
اشتركوا في الحرب و بعد تحالفهم مع بعض القبائل العربية , اطلق عليهم : ((الموالي )) , اي , موالي
تـلك القبائل كما ان ((الحمرا)) اسم آخرعرفوا به و لعل الفرس الذين اخذهم العرب الى العراق
والـمـناطق العربية العربية فيما بعدكانوا يعرفون بالحمرا ايضا اما الصطلاح الموالي فكان يطلق
عليهم لا محالة يقول ابن منظور: ((والعرب تسمي الموالي الحمرا)).


و قـد اعتنق اكثر هؤلا الدين الاسلامي عل الرغم من ضروب الامتهان الذي كانوايتعرضون له من
قبل الامويين و كان العرب يشعرون بالستعلا على العجم بينما لم يكن لهم حظ من الحضارة والمدنية
قـبـل الاسـلام , كما لم تكن له حكومة مستقلة فلما آن اوانهم للسيطرة على الفرس , ــــ اقحموا
الـحـس العربي في السيادة والحكم و كان ينبغي لهم ان يصروا على نظرتهم الاستعلائية اكثر من
السابق ,ــــ فيمتهنوا الفرس اكثر فاكثر و كان الموالي في العراق يعتبرون مواطنين من الدرجة الثانية و لذلك كانوا يكلفون ـكما سترى ـ
بمزاولة الاعمال الشاقة منذ البداية كاقامة السوق و عمارة الطريق .


و كان هذا الامتهان قائما من اول الامر و من خال انه كان موجودا في العصر الاموي وبعده فحسب ,
اذ طـرحـت العضايا العنصرية والعرقية في المجتمع الاسلامي , فهو ظن واه لا يقوم على اساس و
انما راجت سوقه اكثر في تلك الفترة .


ان عدم السماح للعجم بدخول مدينة الرسول , اذ كان مالوفا في عصر الخليفة الثاني ,يمكن ان يعتبر
نـوعا من الامتهان للعنصر الفارسي و عند ما رطى الخليفة ـــ ان الناس احرار في استرقاق العجم ,
لـم يـسـتـحـسن استرقاق العرب حينئذ حتى انه كان قلقا بسبب استخدام العجم في ادارة الشؤون
المختلفة و قيل ان سبب اغتياله من قبل ذلك الشخص الفارسي يعود الى تشدد صاحبه و معاملة الفظة
معه ذلك انه طلب من الخليفة مساعدته ,فلم يجبه , و لم يوافق على تغيير عمله .


و روى ابـن جـريـح ان الـخليفة كان يطوف فراى شخصين يتكلمان بالفارسية , فطلب منهما التكلم
بـالـعـربـيـة و اضـاف ان مـن تعلم الفارسية , تموت مرؤته ((177)) و نقل ايضا ان العرب كانوا
يـتـزوجـون مـن العجم و لا يزوجونهم عملا بسنة سنها الخليفة الثاني ((178)) وهذا التمييز
الـعـنـصـري يـماثل التمييز الذي كان ينتهجه الفرس بحق العرب ((179)) قديما وكانت سياسة
الـتـمـيـيـز الـعنصري و تفضيل العرب على الموالي تمارس ايضا من قبل ولاة عمر, كابي موسى
الاشعري ((180)) مثلا و.


نـشـطـت الـسياسة المذكورة في عهد عثمان و ادى هذا كله الى شعور الموالي بعقدة خاصة حيال
الوضع القائم , و السخط على السياسة الحكومية .


و اصاعدت نبرة القضايا العنصرية والعرقية في العصر الاموي ((181)) اذ كانت حكومتهم ترتكز
عـلـى الـعنصر العربي (باسم الاسلام طبعا((182))), و لذلك لم يالوا جهدافي التمييز ـــ بين
الـعـرب والـعـجـم و لـم يـتـمـتـع الـمـوالـي في عهدهم باي حق من الحقوق التي كان يتمتع بها
العرب ((183)) .


و كان هذا التعامل في وقت استطاع فيه الموالي ان يحتلوا موقعا خاصا بهم في المناطق العربية ابان
الـربـع الاخـير من القرن الاول بفضل جهودهم المتواصلة و كان لهم اليد الطولى في الحقل العلمي
والفقهي ((184)) و من المؤسف ان بعض الجهال لم يابهوا بدور الموالي في تاريخ الحديث و موقعهم
بين المحدثين في اواخر القرن الاول فما بعده و ذكروا ان العرب في العصر الاموي كانوا يرون ان
ايـمان الموالي بالاسلام ليس حقيقيا, و ذلك تسويغا منهم لسياسة التمييز التي كان يمارسها الامويون
بـغير حق و من وحي هذا التوجه لم يروا اسلامهم مساويا لاسلام العرب ثم قالوا: كان الحجاج من
هؤلا العرب و لعلهم ارادوا بذلك الدفاع عنه من حيث ان عربيته كانت من اجل الاسلام ان فـرض الـجـزيـة حـتـى عـلـى الـذيـن اسـلموا كان لهذا السبب ((185)) و اشاع الامويون
جـوالـتـمـيـيز ((186)) و اضطهدوا الموالي كثيرا و اثقلوا كواهلهم بالاعمال الصعبة العسيرة
بينمااستاثروا بالشؤون السياسية والعسكرية ((187)) .


از پائين درست است .


و لـعـلـهم ارادوا بذلك الدفاع عنه من حيث ان عربيته كانت من اجل الاسلام الجزية حتى على الذين اسلموا كان لهذا السبب ((188)) و اشاع الامويون جوالتمييز ((189))
و اضـطـهـدوا الموالي كثيرا و اثقلوا كواهلهم بالاعمال الصعبة العسيرة بينمااستاثروا بالشؤون
السياسية والعسكرية ((190)) .


يقول عبدالمجيد العبادي في هذا المجال : كان العرب يرون انفسهم سادة و ينظرون الى الموالي على
ا نـهـم طـبقة ضعيفة و تعاملوا معهم بشكل ياباه الشرع والعقل و يقول بعدذكر عدد من التصرفات
الـمشينة : و كانوا يعتبرون تزويج الموالي عارا على القبيلة التي تزوجهم , و لذلك ادانوا قبيلة بني
عبدالقيس ((191)) .


و كـان مـعـاويـة يـقـول : ارى الموالي قد كثروا, و قد رايت ان اقتل شطرا و ادع شطرالعمارة
الـطـرق ((192)) الا ان الاحـنف بن قيس ردعه عن قصده و كتب الى زياد يامره بمعاملة الموالي
فـي الـعراق على سنة الخليفة الثاني ذلك ا نهم سيذلون و يستضامون بهذه السياسة , لان سنة الخليفة
الـثاني تقول : ان للعرب ان يتزوجوا من الموالي , و ليس لهم ان يزوجوهم فيتسنى للعرب ـ في ضؤ
هـذه الـسنة ـ ان يرثوهم , و اما هم فلا يرثون العرب عـنـد نـشـوب الـحرب الصلاة , و لا ان يكونوا في الصف الاول من صلاة الجماعة و واصل كلامه قائلا : اذا وصلك كتابي
((فاذل العجم و اهنهم , و اقصهم ,و لا تستعن باحد منهم ((193)) )).


يـقـول الاصـفهاني : كانت العرب في زمن بني امية اذا اقبل العربي من السوق و معه شي فراى مولى
دفعه اليه ليحمله عنه , فلا يمتنع ((194)) .


و كـان العرب يرون ان الموالي خلقوا لاعمال من قبيل : كسح الطرق , و خياطة الثياب ((195)) و
كان لا يسمح لاحد من ابنا الحكام الامويين ان يخلف اباه في الحكم اذاكانت امه فارسية ((196)) .


و عـنـدمـا ذهـب بسر بن ارطاة الى اليمن من قبل معاوية سنة 39 , فانه قتل في احدى حروبه مع
انـصار الامام علي ـ عليه السلام ـ مائة شخص من ابنا فارس الذين اخفوا ولدي عبيداللّه بن العباس
في بيت احدى نسائهم ((197)) .


و كان الحجاج من اشد الحكام الامويين قسوة , و قال مرة : ليس لاي اعجمي في الكوفة ان يؤم الناس
في الصلاة ((198)) و كان ياخذ الموالي الى الحرب قسرا ((199)) وفرق الحمرا قاطبة على
الامصار, و نقش على يد كل واحد منهم اسم المدينة التي يلزمه الذهاب اليها ((200)) و لوحظ في
احـد اشـعـارهـم ان زواج الـمـراة الـعـربية للفارسي كزواجهاللبغل ((201)) و وضعوا بعض
الاصطلاحات الخاصة للابنا الذين يولدون من اب او ام فارسية , كاصطلاح ((الهجين )) للابن الذي
يولد من اب عربي و ام فارسية ((202)) .


/ 33