شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری - نسخه متنی

رسول جعفریان؛ مترجم: علی هاشم الأسدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


و اشار الدكتور الشيبي الى هذا الموضوع ايضا, و قال : ان احتراق الشيعة و السنة بنارالمغول في واقـعة بغداد دحض التهمة بوجود اتفاق سابق بين الشيعة والمغول ((1653)) كما ان مرقد الامام
مـوسـى الكاظم ـ عليه السلام ـ قد احترق ايضا ((1654)) و لكن بعد مضي مدة اصبحت للخواجه
مكانة عند سلطان المغول تدريجا و فوضت اليه عدة اعمال , منها: ادارة شؤون الاوقاف ((1655)) ,
كـمـا انـيـطت به الشؤون المتعلقة بمدينة طوس ((1656)) و نصب من قبل هولاكو ايضا رئيسا
للمحكمة مدة , و كانت المحكمة الوحيدة في بلاد المغول ((1657)) و اشخصه هولاكو مرة مبعوثا
مـن قـبـله الى الحاكم العباسي في قضية غزو بغداد ((1658)) و بعد مدة , اصدر له امرا بتشييد
المرصد ((1659)) .

و اخـيـرا بـلـغ نفوذه درجة ان ابن شاكر قال عنه : ((و كان ذا حرمة وافرة , و منزلة عالية عند
هولاكو و كان يطيعه فيما يشير به عليه , والاموال في تصريفه ((1660)) )) و لما كان الخواجه
امينا, فقد زادت ثقة هولاكو به .

و قـال شـمـس الـدين بن مويد العرضي : ((و كان يعمل الوزارة لهولاكو من غير ان يدخل يده في
الاموال و احتوى على عقله حتى انه لا يركب و لا يسافر الا في وقت يامره به ((1661)) )).

بدا عمل الخواجه بعد ذلك و كانت اهم المسائل عنده : المكتبات , و احيا العلوم الاسلامية , و تربية
الـعـلـمـا و قد بلغت المستوى المطلوب بجهوده و مساعيه حتى ان احدالم يتوقع ذلك اذا نظر الى
الدمار الذي خلفه المغول .

و من الاعمال التي قام بها الخواجه ا نه جمع الكتب من المكتبات التي تعرضت للدماروالنهب في المدن
الكبيرة كبغداد, و مدن الشام و الجزيرة , و اسس مكتبة تضم اربعمائة الف كتاب ((1662)) .

و عندما كانت بيده اوقاف البلاد, كان يصرف عشرها على المرصد والعلما المقيمين هناك , مضافا الى
ان نفعها كان يصل الى جميع المسلمين بخاصة العلويين والشيعة ((1663)) .

و مـن اعـمـالـه الاخرى محافظته على العلما و المفكرين الذين كانوا يتعرضون الى غضب المغول
احيانا لاسباب مختلفة و من المناسب جدا ان ننقل هنا حادثتين بالشكل الذي ذكرهما المؤرخون .

الاولـى : عـن نـخـجواني الذي كان يعتبر في الدرجة الثانية بين المؤرخين الذين ارخواالحوادث
الـواقـعـة في تلك الفترة و الف كتابه سنة 724 ه , يقول هذا المؤرخ : ((اخرجواعزالدين [ابن
ابـي الحديد] و اخاه موفق الدين ,في واقعة بغداد ليقتلوهما و لما سمع [ابن العلقمي ] بخبر عزالدين ,
حـار فـي امـره , فجا من فوره الى الخواجه افضل العالم نصيرالدين الطوسي قدس اللّه روحه ـ و
تـوسـل الـيـه قائلا: لقد اخذوا اثنين من افاضل بغداد لهما علي حق عظيم , و هم يريدون قتلهما و
ارجو ان يعجل الخواجه الى الملك فتوجه الخواجه حالا و جثا الوزير على ركبتيه جريا على عادة
الـمـغـول , و قال :اخرجوا شخصين من المدينة لتنفيذ امر الملك في قتلهما و اقل ما ارجوه هو ان
يقتلني الملك مكانهما فضحك الملك , و قال : لو اردت قتلك لما ابقيتك الى هذا اليوم و عطف الملك على
الفور و عفا عنهما ((1664)) .

امـا الـثـانية : و هي اجلى من الاولى فتتجسد في الخطة التي رسمها الخواجه للمحافظة على احد
العلما و انقاذه من موت محقق .

يـقول ابن شاكر: ((بلغ الخواجه ان هولاكو امر بقتل علاالدين الجويني فقال الخواجه لاخيه : هذا
الـقان ان امر بامر لا يمكن رده فلابد من الحيلة في ذلك فتوجه الى هولاكوو بيده عكاز و مسبحة
ثم اصطرلاب و خلفه من يحمل مبخرة و بخورا و نارا فرآه خاصة هولاكو الذين على باب المخيم
فـلما وصل , اخذ يزيد في البخور و يرفع الاصطرلاب ناظرا فيه فلما راوه يفعل ذلك , دخلوا على
هـولاكو و اعلموه ثم خرجوا اليه , فقال لهم :القان طيب معافى موجود في صحة ؟ قالوا : نعم قال :
اريد ان ارى وجهه بعيني فدخلوافاعلموه , و كان في وقت لا يجتمع به احد فقال الخواجه : اقتضى
الـطـالع في هذا الوقت ان يكون على القان امر فظيع عظيم للغاية فقمت و عملت هذا, و بخرت بهذا
الـبخورو دعوت بادعية اعرفها اسال اللّه ـ تعالى ـ صرف ذلك عن القان و ينبغي الان ان يكتب القان
الـى سـائر ممالكه باطلاق من في الاعتقال , و العفو عمن له جناية فامر في تلك الساعة هولاكو بما
قال و انطلق علاالدين , و لم يذكره الخواجه نصيرالدين ((1665)) )).

هـذه الخطة التي قام بها الخواجه تبين حنكته و دقته في استثمار نفوذه , و كذلك تعكس قدرته على
اقـناع هولاكو لتنفيذ مطالبه و يقول ابن شاكر بعد نقل هذه الحادثة :((و هذا غاية في الدها بلغ به
مقصده و دفع عن الناس اذاهم فاطلاق كل من كان في سجن المغول في جميع البلاد الخاضعة لحكم
هولاكو امر لا يقاس به شي )).

و كـان الـخـواجـه يـغـتنم الفرص المناسبة فيحث هولاكو على مراعاة شؤون الرعية ,و يذكره
بـانـتهاكات جنود جلال الدين الخوارزمي حرمة الناس في شمال العراق بعدهزيمتهم , و يدعوه الى
تدبير شؤون البلاد فقال هولاكو: اننا بحمداللّه فاتحون للبلادو مدبرون لشؤونها نغزو الطغاة , و
نرعى شؤون المطيعين و لسنا مثل جلال الدين مبتلين بالعجز والضعف ((1666)) .

مـن جهة اخرى , كان الخواجه يسعى في انقاذ الناس من الموت والهلاك عبر دعوتهم الى التسليم و
في غضون ذلك كان يحث المغول على رعاية العدل من خلال موادعتهم .

والمقارنة بين المرحلة الاولى و الثانية من حياة هولاكو تثبت لنا ا نه قد لان و مرن بتاثيرالخواجه
و امثاله .

و عـندما ارسل هولاكو الشيخ شريف التبريزي للتجسس على جيش عدوه المغولي بوقاي و توجه
لادا مـهـمـته , قبض عليه جند بوقاي و حملوه اليه فساله بوقاي عن هولاكوقائلا : ماذا تعلم عن
هـولاكوخان ؟ هل ما زال يقتل اشرافنا و اعياننا و زهادنا و عبادناو تجارنا غيظا و غضبا ام لا ؟
فاجاب : ان الملك كان غاصبا قبل هذا, فكان يحرق الاخضرو اليابس بسبب خلاف الاخوة اما الان :.

فلا تحرق النار الحرير لعدله .

والغزالة ايضا ترضع اللبن من اللبوة .

والناس في راحة و طمانينة لانصافه و عدله .

و الظالمون اذلا مرهقون من قدرته و بطشه ((1667)) .

و لـعـل في هذا اغراقا و مبالغة , بيد ان الوضع كان كذلك اذ افضى الى بقا المغول في الحكومة و من
المؤكد انهم لو ارادوا ان يواصلوا نهجهم كما كانوا في اليوم الاول , لمااستمروا طويلا.

و بـعـد مـوت هولاكو في التاسع عشر من ربيع الاخر سنة 663 ه جلس اباقاآن على عرش ابيه
بجهود الخواجه و مساعيه و نلحظ هنا ايضا ان نفوذ الخواجه كان باعثا على حفظ العلما (( و انعم
ابـاقـاآن عـلى ما يقرب من مائة عالم معتبر من تلامذة استاذ البشرالخواجه نصيرالدين الطوسي ـ
رحمه اللّه ـ الذين كانوا ملازمين للبلاط ((1668)) )).

و عندما جلس اباقاآن على العرش , القى الخواجه خطبة ضمنها توجيهاته القيمة له ننقل شيئا منها فيما
ياتي :.

(( اولا يـرضـي ربه ـ تعالى و تقدس ـ فيجازى بالاحسان في الدارين ثانيا : يعدل بين الناس و يعد
عـمـلـه بسرعة و صدق حتى يسال اللّه مزيدا من الجاه و الحشمة ثالثا: لا يؤذي احدا, و لا يعذب
الابـرار والابريا خلال حكمه رابعا : يسعى في العمران كي يحصل على مال كثير من غير ان يظلم
الناس و يرهقهم ((1669)) )).

و ما زال تنامي الاسلام بين المغول حقيقا بالكتابة و البحث والتحقيق و من الثابت ان اكثر المغول بما
فيهم هولاكو كانوا لم يسلموا حتى ذلك الحين ـ على عكس ما اشيع من اسلامهم ـ فماذا نتوقع منهم
حـينئذ ؟ و حسبنا ان نتقدم قليلا, فسنرى ـ كما قال المستوفي ـان غازان خان بن ارغون خان بن
ابـاقـاآن بـن هـولاكـو عندما جلس على العرش سنة 694 ه ـبعد اربعين سنة مضت على الغزو
الـمـغولي لبغداد ـ قد بذل جهوده مع نائبه ((1670)) لتوطيد دعائم الاسلام , و دمر معابد الاصنام
والـكـنـائس و اسـلـم جميع المغول في ايران بفضل حكومته , و سطعت شمس الاسلام , و انجابت
ظلمات الكفروالضلال ((1671)) )).

و لعل الزام المغول بالاسلام كان الامر الاول الذي اصدره غازان خان ((1672)) .

دور ابن العلقمي في واقعة بغداد.

دور ابن العلقمي في واقعة
بغداد.


ذكـرت مـوضوعات جمة حول دور الوزير مؤيد الدين بن العلقمي الشيعي الامامي الذي كان وزيرا لاخر حاكم عباسي و هي اكثر مما قيل في دور الخواجه نصيرالدين في الواقعة المذكورة حتى ان
بعض الذين براوا الخواجه ـ بلا بحث و تحقيق ـ اقروا بدور ابن العلقمي ((1673)) .

و عـبـر اكـثـر الـمـؤرخـين عن آرائهم في دور ابن العلقمي و ذكروا معلومات متماثلة عن هذه
الـشـخـصـية بسبب تقليد بعضهم بعضا, مع ان قسما منهم قد اوغل في كذبه و طفق يسرد القصص
والحكايات لتضخيم دور الوزير المشار اليه .

ان ابن العلقمي وزير اثنى عليه حتى الذين اتهموه بضلوعه في تحريض هولاكو على غزو بغداد و
لذلك كان من نوادر الوزرا الذين نبغوا في العصر العباسي .

و كـان الـغـساني الذي رماه بهذه التهمة من الذين اثنوا عليه , فقال : ((دمث الاخلاق ,كريم الطباع ,
خيرالنفس , كارها للظلم , خبيرا بتدبير الملك لم يباشر قلع بيت و لا استئصال مال ((1674)) )).

و عـيـن ابـن العلقمي وزيرا في وقت كانت البلاد الاسلامية تعيش ازمات و مشاكل كثيرة , اهمها:
غارات المغول , اذ هاجموا مناطق العراق و اطراف بغداد في السنين الاولى من وزارته (643 ه)
فصمد امامهم بشدة , و صد هجماتهم بتدبيره العظيم , كما نص على ذلك ابن ابي الحديد ((1675)) .

و نحن لا ننوي هنا عرض ترجمة لابن العلقمي , بيد ان ما جا من ترجمة مفصلة له يدل على ا نه كان
رجلا عالما, محبا للادب , وقورا, منجزا لاعماله في احسن وجه مع علم و دراية ((1676)) .

ان ما ورد في اكثر كلمات المؤرخين هو انه كاتب هولاكو و حرضه على غزو بغداد.

امـا الـذيـن وصـمـوه بـهـذه الـتـهـمة فهم : الغساني ((1677)) , منهاج سراج ((1678)) ,ابن
كـثـيـر ((1679)) , ابـن خـلـدون ((1680)) , خـوانـدمير ((1681)) ,الذهبي ((1682)) ,
ابن الوردي ((1683)) , ابن شاكر ((1684)) ,اليافعي ((1685)) , الدياربكري ((1686)) , و
آخرون غيرهم ممن كرروا نفس الموضوعات غالبا.

و يـنبغي لنا ان نشير هنا الى عدد من الاسباب الكامنة ورا بث هذه الاشاعة و توسيع رقعتها الى هذا
الحد.

احـدهـا تشيع الوزير اذ كان رافضيا على حد تعبير المؤرخين , و كان يحب ان يسلم مقاليد الامور
لاحد العلويين بدل الحاكم العباسي ((1687)) .

و لـكـن على الرغم من ان الوزير كان شيعيا, الا ا نه لم يذكر دليل مقنع على ا نه كان يستهدف ذلك
طـوال الـفـتـرة التي كان فيها وزيرا, و لم تنكر عليه هذه التهمة بسبب تشيعه فحسب , بخاصة ان
الـسـلـطـان محمد خوارزم شاه الذي كان ينوي الهجوم على بغداد,قد تشبث بهذه التهمة (استبدال
العلوي بالعباسي ) فسوغ هجومه ((1688)) .

و ثـمـة ممهد آخر مهم جدا قد شدد هذه التهمة ضدالوزير و يتمثل هذا الممهدبحدوث كارثة في
بـغـداد قبل غارة المغول بسنة اذ تواصلت الاشتباكات و الاصطدامات بين الشيعة و السنة , و حدث
مرة ان قتل احد الاشخاص من جرا اشتباك حصل بين الطرفين , فقام الابن الاكبر للحاكم العباسي و
معه قائد القوات العسكرية العباسية مجاهدالدين دواتدار ((1689)) بالهجوم على محلة الكرخ التي
كان يسكنها الشيعة , و ارتكباجرائم شنيعة مروعة .

و قال صاحب العسجد المسبوك : ((فهجموا عليهم و قتلوا منهم جماعة و نهبوا محالهم و ارتكبوا من
الـشيعة العظائم ((1690)) )) و اشار كثير من المؤرخين المذكورين الى تاثيرهذه الجريمة على
نفسية ابن العلقمي , و اعتبروها باعثا على مراسلته هولاكو ((1691)) .

و اشـار ابـن الـوردي الـى ان ابابكر ـ الابن الاكبر للمستعصم و قد سمي بهذا الاسم للظلم الذي
ارتكبه بحق اهل الكرخ ـ امر العسكر بالهجوم على الشيعة , فنهبوا الكرخ ,و هتكوا النسا و ركبوا
مـنـهـن الـفواحش و طرح رد الفعل الذي ابداه ابن العلقمي ((1692)) و هذه قضية لا ينبغي لابن
العلقمي ان يتغاضى عنها, بخاصة ا نه كان يواسي الشيعة و يشاطرهم في مصائبهم كثيرا.

بيد ان هذه المعلومات المنقولة ايضا لا يمكن ان تثبت بذاتها تحريضه هولاكو على غزو بغداد, و هو
رجل داهية لبيب .

و يـبـدو ان الـقيام ببعض الاعمال كالهجوم على محلة الكرخ , الذي يمثل جريمة بحق نصف السكان
الـبغداديين في الاقل , يعتبر عملا طائشا للغاية في تلك الفترة التي كان الخطر فيها جديا وكان على
الـحاكم العباسي ان يفكر باقرار الوحدة بين السنة و الشيعة ,لا ان يكون العوبة بيد شخصين سنيين
متعصبين فيسبب في دمار الحكومة و ضياعها.

ان السبب الاخر الذي مهد لهذه التهمة هو ان الوزير كان واثقا بعقم العمل العسكري ضد المغول بعد
ان حصل على معلومات عن وضعهم , و بخاصة بعد سماعه بسقوطالموت التي قاومت مهاجميها مائة و
سبعين سنة , ثم سقطت بايديهم لذلك كان يقترح على الحاكم العباسي باستمرار ان يعجل بطرح قضية
الـصـلـح حتى يفعل المغول ما فعله السلاجقة و البويهيون فيبقوا اسم الحاكم العباسي ـ في الاقل ـ
متزامنا مع توليهم زمام الامور و قد نقل اكثر المؤرخين هذا الاقتراح ((1693)) .

والحق ا ننا ينبغي ان لا نتهم الوزير بالتواطؤ مع هولاكو في ضؤ الافتراض القائل بوجود مثل هذا
الاقتراح الذي كان بامكانه ان ينقذ الحاكم العباسي و دولته على نحوالاحتمال .

و كـانت نبؤة الوزير النابه صائبة تماما و جر الحاكم نفسه و حكومته الى الهلاك اذمنعوه من العمل
بنصيحة الوزير و ما استسلم الا بعد ان اغضب المغول بسبب تعنته و لم يصفح عنه هولاكو.

و ثمة سبب آخر لهذه التهمة هو بقا الوزير حيا, و احتفاظه بمنصب الوزارة في عهدهولاكو, و ان
كان هذا المنصب قد فقد هويته و حقيقته يومئذ.

و يـنـبـغي ان نقول في هذا المجال ايضا: اولا: من الثابت ان الوزير لم يرغب في الحرب ,لا نه كان
يراها عقيمة و هذه ميزة له عند المغول .

ثانيا: نحتمل ان بقاه حيا كان بشفاعة الخواجه نصيرالدين , ذلك ان الخواجه كان يشترك معه عقيديا.

ثالثا: لم يسلم ابن العلقمي وحده من مخالب المغول , بل ان كثيرا من الشخصيات السياسية والدينية في
بـغـداد قد سلموا ايضا, و منهم مبارك بن المستعصم نفسه , و جلال الدين نجل دويدار قائد الجيش
الـعـبـاسي , و نظام الدين عبدالمنعم قاضي القضاة في بغدادالذي ظل في منصبه بعد غزو بغداد, و
الامـيـر عـلي بهادر الذي كان شحنة بغداد, و احتفظبمنصبه ايضا, و فخر الدين الدامغاني رئيس
الـديـوان الذي استمر في منصبه بعد غزوبغداد, و نجم الدين عبدالغني درنوس من المقربين عند
الـمـستعصم , فهؤلا جميعا قدنجوا كما نجا تاج الدين علي بن الدوامي الذي تسنم منصب الحجابة بعد
غزوبغداد ((1694)) .

ان الـمـوارد المذكورة استحوذت على اذهان المؤرخين و افضت الى رسوخ هذه التهمة فيها, بينما
رفضها بعضهم و لم يحفل بها و من الطبيعي ان اسبابا اخرى موجودة ايضا منها: تعصب المؤرخين من
اهل السنة فينبغي للباحث ان يتحرى في مثل هذه الاحكام التي نحتمل احتمالا كبيرا ا نها صادرة عن
التعصب المذهبي .

يضاف الى ذلك , ان استسلام اهالي الحلة التي كانت القاعدة الاساسية للشيعة ـو عملهم نابع من تعقلهم
و كـيـاسـتـهـم , كما ان اهالي كثير من المدن الاخرى ـ كالبصرة ـقد ساروا سيرتهم ـ و وجود
الـخـواجـه الـى جـانب هولاكو, و الاهم من ذلك تعاظم شوكة التشيع في المناطق الاسلامية بعد
حضور المغول , كل ذلك افضى بالمؤرخين المتاخرين ان يكرروا هذه التهمة بكل اطمئنان .

اما الجذور الحقيقية لهذه التهمة .

اما الجذور الحقيقية لهذه
التهمة .


كـمـا ذكـرهـا بـعض المؤرخين الواقعيين , فتكمن في توزع القرار بين الحاكم العباسي و خطين آخرين كانا يمارسان السلطة في بغداد ايضا.

الاول يمثله دويدار قائد الجيش العباسي , و اهم مؤازر له هو ابوبكر الابن الاكبرللحاكم العباسي
و كان الدويدار متعصبا في مذهبه السني ((1695)) , لذلك انسجم مع ابي بكر, و تعاون الاثنان على
نهب محلة الكرخ تعاونا تاما.

اما الخط الثاني الذي يقف امام الدويدار و ابي بكر بن المستعصم , فيمثله الوزير ابن العلقمي الذي كان
يعد شيعيا ((1696)) .

و كـان الـخـطـان يـتصادمان في القضايا السياسية , مضافا الى ان الخلاف المذهبي كان يوسع نطاق
الاشتباكات بينهما و في هجوم المغول على بغداد كان الخط الاول يضغطعلى المستعصم كي يرفض
اقـتراح الوزير المتمثل بالاستسلام و الحصول على امتياز,و قد رفضه طبيعيا و هاجموا المغول
ففشلوا فشلا ذريعا ارغم الجميع ـ بما فيهم الدويدار وابوبكر ـ على الذهاب عند هولاكو وكانت
عاقبة الشخصين المذكورين القتل بسبب تعنتهما.

و سبق هذه الحادثة ان الدويدار ـ كما نقل الرشيدي ـ كان يزمع عزل المستعصم ,و تولية ابنه ابي
بكر مكانه , اذ ا نه لم يستجب لمطالبه , و ابقى الوزير في منصبه و انكشفت خطته من قبل الوزير مما
سـبـب احراجه , و اتساع نطاق الخلافات و اراد ان يتلافى ذلك ,فقال للمستعصم : ان الوزير كاتب
الـمغول و هذه الاشاعة ـ كما سنلاحظ ـ التي عدهاالمستعصم واهية لا اساس لها ادت بالمؤرخين
المتعصبين فيما بعد ان يصنعوا منها خبراصحيحا و مر بنا ان ممهدات كثيرة طرحت لها ايضا.

و ذهب رشيدالدين فضل اللّه الى ان هذه التهمة الموجهة الى ابن العلقمي ارجوفة لاصحة لها و كان
هذا الرجل من المؤرخين المهمين في العصر المغولي , و لم يكن له دافع على نفي هذه التهمة عن ابن
الـعلقمي و اشار الى الفيضان الذي حدث سنة 654 ه ق ,و تحدث عن الاوغاد الذين تطاولوا على
ارواح الناس و اموالهم , و قد دعاهم مجاهدالدين ايبك [دويدار] قائد الجيش العباسي للالتفاف حوله .

و كان يرمي من ورا ذلك عزل الحاكم العباسي و تولية نجله مكانه بيد ان الوزير اطلعه على نواياه ,
فـطـلـبـه و هـدده و عاتبه و لما شعر دويدار ان الحاكم لم يتعامل معه بعنف , اتهم الوزير بوجود
عـلاقات سرية بينه و بين المغول , و قال له : ان سعايته في حقي من اجل دفع هذه التهمة عن نفسه ,
(( و انه عدو الخليفة , فهو يتبادل مع هولاكو خان الجواسيس ((1697)) )).

و اشـار رشـيدالدين الى ان الدويدار كان قد حرض الاوغاد والسفلة و اثار فتنة ,و واصل كلامه
قـائلا: ((و عهد الخليفة الى فخرالدين الدامغاني باخماد تلك الفتنة , و كتب كتابا بخطه فحواه ان ما
قـيـل فـي حـق الدويدار انما هو محض افترا و بهتان , و نحن نثق به ثقة تامة و عندما ارسلت تلك
الـرسـالة على يد ابن درنوش الى الدويدار, حضر و مثل امام الخليفة , فاستماله هذا, و عاد معززا
مكرما ((1698)) )).

و يدل هذا الموضوع على ان الدويدار كان خائفا, و على الرغم من عفو المستعصم عنه في البداية ,
فـقـد اثـار تـلك الضجة , املا في دفعه الى ان يعلن ثقته به على رؤوس الاشهاد و بلغ نفوذه و حبه
الـسلطة ان المستعصم خاف فامر ان يذكر اسم الدويدار في الخطبة بعد اسمه , و ذلك لاقناعه بعدم
التمر عليه و عزله عن الحكومة .

و يـبـدو ان مـا قام به الدويدار يدل جيدا على ان شعوره بالخطر من جهة , و حبه المنصب من جهة
اخرى , قد دفعاه الى ان يتذرع بالتسنن من اجل تولية ابي بكر بن المستعصم , فتزداد قدرته و الصق
بـابـن العلقمي تلك التهمة ايضا من اجل تبكيته و الايقاع به , و لم يؤثر ذلك على المستعصم اذ ما اسا
ظنه بوزيره قيد انملة .

و قال رشيدالدين في موضع آخر: ((لما كان الدويدار في تلك الفترة ـ خصما للوزير,فان اتباعه من
اوغاد المدينة و طغامها كانوا يذيعون بين الناس ان الوزير متفق مع هولاكوخان و ا نه يريد نصرته
و خذلان الخليفة , فقوي هذا الظن ((1699)) )).

و اشـار رشيدالدين في مكان آخر من كتابه الى مشاورة المستعصم وزيره , و ذلك في سياق حديثه
عـن الانـذار الـذي بعثه هولاكو الى المستعصم و اعلن فيه الحرب و قال المستعصم للوزير: ماذا
نفعل ؟ فاجاب الوزير: ندفع هولاكو ببذل المال و ارسال الخزائن اليه , و نجعل السكة باسمه فوافق
الـمستعصم على هذا الاقتراح في اول الامر, بيد ان الدويدار صرفه عن ذلك , و ذكر له ان اقتراح
ابن العلقمي دليل على تجسسه لهولاكوو قال : انه يريد ان يكون محترما عند هولاكو و كذلك هدد
المستعصم با نه اذا ارسل الخزائن ,فسوف يبعث جنده للاستيلا عليها ((1700)) .

بـعـد ذلك اقترحت جماعة اخرى القيام بهجوم عسكري قوي و من هؤلا: سليمان شاه الذي عرض
الاقتراح على الوزير, و قال : على شرط ان يضع الامكانيات في تصرفه , حتى يستطيع ان يجمع قوة
كـافـيـة فوافق الوزير على ان يوصل هذا الاقتراح الى المستعصم و كان يعلم ان المستعصم ((لن
يمنح مالا)) على حد تعبير رشيدالدين و في نهاية المطاف لم يدفع شيئا, و تركت القضية على ما هي
عليه ((1701)) .

اذن , كان رشيدالدين يرى ان اتهام ابن العلقمي بالتجسس اشاعة بثهاالدويدارو يستشف مما كتبه ان
مـعـلوماته دقيقة للغاية و لافتة للنظر, بينما كان سائرالمؤرخين يجترون نفس التهمة و يسردون
عين المضمون و لا تقاس معلوماتهم من منظورتاريخي رصين بمعلومات رشيدالدين العالم و المؤرخ
الدقيق .

و يمكن ان يكون ابن الطقطقي ايضا (م 709 ه) مؤرخا موثوقا من حيث انتمائه الى الجهاز المغولي ـ
اذ كان ابوه موظفا عند المغول فقد نقل هذا المؤرخ معلومات رائعة عن التهم الملصقة بابن العلقمي و
الاراجـيـف المبثوثة عليه و قال مشيرا الى الاوضاع المضطربة في بغداد, و عجز المستعصم عن
ادراك الحقائق ادراكا صحيحا:.

((و كـان وزيـره مؤيد الدين بن العلقمي يعرف حقيقة الحال في ذلك و يكاتبه بالتحذيروالتنبيه , و
يـشير عليه بالتيقظ والاحتياط والاستعداد, و هو لا يزداد الا غفولا و كان خواصه يوهمونه ا نه
لـيـس في هذا كبير خطر و لا هناك محذور و ان الوزير انما يعظم هذا لينفق سوقه و لتبرز اليه
الاموال ليجند بها العساكر فيقتطع منها لنفسه ((1702)) )).

و مـن الـجـدير ذكره ان هذه المعلومات تدل على ان ابن العلقمي كان في البداية يحرض المستعصم
على تعبئة الجند و اعدادهم للحرب .

و قـال فـي مكان آخر من كتابه : ((و نسبه الناس ا نه خامر, و ليس ذلك بصحيح و من اقوى الادلة
عـلى عدم مخامرته سلامته في هذه الدولة , فان السلطان هولاكو لما فتح بغداد و قتل الخليفة , سلم
الـبـلـد الـى الـوزيـر, و احـسـن الـيـه و حكمه فلو كان قد خامر على الخليفة , لما وقع الوثوق
اليه ((1703)) )).

و هـذا الاستدلال الذي ذكره ابن الطقطقي صائب تماما, لان داب الملوك الماضين ,و منهم سلاطين
الـمـغول ان لا يولوا الخونة منصبا فمن خان مولاه السابق فسيخون مولاه الجديد مرة اخرى و لكن
نزاهة الوزير اثرت على سلطان المغول فابقاه في منصبه كماابقى كثيرين غيره .

و يبدو من الخبر الذي نقله ابن الطقطقي بنحو موثق , بعد ذلك ـ عن ابن اخت مؤيدالدين بن العلقمي ـ
ان الوزير ظل على وفائه للمستعصم حتى آخر لحظة و عندما امره بالتوجه الى هولاكو, فانه قال :
سمعا و طاعة .

و يقول ابن الطقطقي في سبب حظوته عند هولاكو: ((لما حضر بين يدي السلطان ,و سمع كلامه ,
وقـع بموقع الاستحسان و كان الذي تولى تربيته في الحضرة السلطانية الوزير السعيد نصيرالدين
محمد الطوسي قدس اللّه روحه ((1704)) )).

ان ابـن الـعـلـقمي لم يلبث طويلا بعد غزو بغداد, اذ نقل ابن الطقطقي ا نه مكث شهوراثم مات في
جـمـادى الاولـى سـنـة 656 ه ((1705)) و نقل المؤرخون المتعصبون ـ الذين افتروا على ابن
الـعـلـقـمـي كـثـيـرا ـ ا نـه قـتـل بـامر هولاكو, و ذكروا ذلك لتهدئة خواطرهم وخواطر
القرا ((1706)) و قال بعضهم ايضا : انه مات كمدا ((1707)) و كلا القولين غير صحيح .

و يـحـسن بنا ان ننقل معلومات اخرى من كتاب طبقات ناصري لمؤلفه منهاج سراج ,و ذلك لدعم ما
ذكره رشيدالدين , و ابن الطقطقي فان منهاج سراج تحدث عن الموضوع بتعصب اكثر من الاخرين ,
و اشـرك ابـن الـعلقمي في جرائم اخرى , لكنه نقل ايضامعلومات لافتة للنظر حول ثقة المستعصم
بـالـوزير و ذكر الخبر الذي جا في كتاب رشيدالدين حول اطلاع ابن العلقمي المستعصم بمؤامرة
الدويدار ضده و اتهم ابن العلقمي بعد ذلك بعلاقته السرية بالمغول و جا هذا القلب للحقائق لئلا يخال
احد ان الوزير قد ثار لنفسه , و انه اراد ان يلصق بالدويدار تلك التهمة بعد ان اتهم هو نفسه بعلاقته
بالمغول .

و قال منهاج سراج متهما ابن العلقمي : كانت بينه و بين هولاكو علاقات سرية و واصل حديثه فذكر
مـراسـلته سلطان المغول و قال : ان الدويدار اخذ احدى الرسائل الى الخليفة ,لكن الخليفة لم يقبلها
بـسـبب الجفوة بين الوزير والدويدار و عندما علم الوزير بما فعله الدويدار, ذهب عند الخليفة و
اوهمه كذبا ان الدويدار يريد عزله و تولية ابنه ابي بكرمكانه ((1708)) .

ان الـمـهـم في كلماته هو ان الدويدار و امثاله بلغ بهم الامر ا نهم اختلقوا رسائل و عرضوها على
الـحاكم العباسي متهمين الوزير بارسالها الى المغول , غير ان الحاكم العباسي لم يقبل ذلك , معللا هذا
العمل بالخصومة بين الاثنين .

و نص منهاج سراج بعد ذلك على ان المستعصم لم يلتفت الى كلام الاثنين بسبب تنازعهما و تعاندهما,
حـتـى ان بـطانته ـ كما قال منهاج سراج ـ عندما اخذوا رسائل الوزيراليه , فانه عد هذا العمل من
صنع الدويدار و لما يئسوا منه , ذهبوا عند الدويدار, فقال لهم :اني تحدثت مع الخليفة ما كان الى ذلك
سبيل , لكنه لم يصغ الى كلامي فتوجهوا الى المستعصم مرة اخرى , و طلبوا منه الحل لدفع المغول ,
فبعثهم الى الوزير ((1709)) .

هذه حقائق جالبة للانتباه , اذ تدل على ان المستعصم كان يرتاب فيمن يتهم الوزيربعلاقته بالمغول ,
و يـنـظـر الـى هذه التهمة على ا نها من صنع الدويدار و كانت اهمية هذاالموضوع على درجة ان
الحاكم العباسي لابد له ان يتخذ موقفا حيال الوزير, ان ارتاب في امره اقل الارتياب و لكنه لم يفعل
ذلك لثقته العالية به .

و اذا اثـبـتـنا سقم هذه التهمة , فلا يتسنى لنا ـ اذن ـ ان نقر بالتهم الاخرى التي الصقوهابالوزير,
كقولهم : انه بعد ان ذهب عند المغول و عاد الى المستعصم , فانه خدعه بقوله : ان هولاكو يرغب ان
يزوج بنته بابنك ابي بكر, و يحكم كالسلاجقة و يبقيك في منصب الخلافة ((1710)) و ذكروا انه
جمع الفقها كافة بحجة اجرا العقد, فقتلهم المغول ((1711)) .

و اتـسـع نطاق هذه التهم الكاذبة الى درجة ان بعض المتعصبين نسبوا الى ابن العلقمي خبرا يرتب
ط بـالناصر لدين اللّه كما في الاثر الصحيح ـ سننقله فيما بعد ـ و ذلك ا نه بعث الى المغول رسالة حتى
جـاؤوا الـى ايران , و مارسوا ضغوطهم على الخوارزمشاهيين بينما نقراان هذه المعلومات ترتب
ط بزمن سبق غزو بغداد بخمس و ثلاثين سنة في الاقل .

و اتـهـمـوه ايضا ا نه هو الذي امر الجنود في هجومهم على جيش هولاكو ان يتركوا الماوراهم ,
فغرق اكثرهم ((1712)) و ات هم كذلك انه هوالذي امرهم بالتفرق قبل تلك الحادثة ((1713)) .

و هـذه تـهمة باطلة كاذبة من اساسها, اذ ان الوزير لا علاقة له بالاعمال العسكرية , لا نهامن مهام
مجاهد الدين الدويدار الذي كان يتولى قيادة الجيش العباسي .

و ذكر الاتابكي المصري (م 874 ه) معلومات خاطئة عن غزو بغداد, نقلها عن المصادر المتعصبة
فهو لم يعد ابن العلقمي مرتبطا بالمغول تماما فحسب , بل ذهب الى ا نه ارسل اخاه اليهم ايضا و يضيف
ان شـيعة الكرخ كانوا عند الجيش المغولي ((1714)) و ثمة تهم تافهة واهية اخرى , يدل اسلوب
سردها على كذبها و انماصدرت عن التعصب المذهبي الذي قوى جذورها.

يـضـاف الى ما تقدم ا ننا ينبغي ان ننبه على ان الخواجه نصيرالدين الطوسي لم يشرادنى اشارة الى
دور لابـن الـعلقمي , فيما كتبه عن واقعة بغداد, و قد طبع في تاريخ جهانكشاى للجويني , بينما يعد
ذكره في غاية الاهمية للخواجه , لا نه كان الى جانب هولاكو.

و عـلـى الـرغـم من ان ابن العبري (م 685 ه) نقل في تاريخه اقتراح الوزير بارسال الهداياالى
هـولاكـو, بـيـد ا نـه لـم يشر ولو اشارة بسيطة الى مصالحته المغول , في وقت كانت هذه القضية
خطيرة ((1715)) .

و فـي خـتـام هـذا القسم ارى ان الاشارة الى هذه النقطة ضرورية , و هي ان كتاب دائرة المعارف
الـشـيـعـيـة قالوا: (( اما المصادر الشيعية , فتذهب الى ان سبب هزيمة الجيش العباسي هو انشغال
المستعصم باللهو و اللعب و هذا مع الاقرار بتردد المبعوثين بين هولاكو والوزير ((1716)) )) و
اذا كـان الـقصد من تردد المبعوثين نـقـول : ان الـمصادر الشيعية تخلو من ذلك و يبدوان المقصود من المصادر الشيعية كتاب الفخري
لابن الطقطقي ليس غيره .

دور الحكام العباسيين في جر المغول الى البلاد الاسلامية .

دور الحكام العباسيين في جر المغول الى البلاد
الاسلامية .


ان من اهم المشاكل التي واجهها الحكام العباسيون منذ القرن الثالث الهجري قوة روح الاستقلال عند الـحـكـام الذين تسلطوا على المناطق البعيدة عن عاصمة الحكم و كان هؤلاينصبون من قبل الحكام
الـعـبـاسـيـين في البداية , و ما ان تمضي فترة حتى ينادوا بالاستقلال محتفظين بذكر اسم الحاكم
العباسي في الخطبة و نقشه في السكة .

و ثـمـة حكام آخرون لا يعينون من قبل السلطان العباسي , بل كانوا يحكمون قبضتهم على المنطقة
الـمـعـنـية بقدرتهم و همتهم , ثم ياخذون من العباسيين حكما بتوليتهم و هذه مشكلة واجهها الحكام
العباسيون و بلغت ذروتها في تسلط البويهيين والسلاجقة و سيطرتهم حتى على العراق نفسه , و لم
يدعوا للسلاطين العباسيين الا النفوذ المعنوي و كـان الـخـوارزمـشاهيون على نفس الشاكلة ايضا, الا ا نهم لم يستطيعوا التغلغل في بغداد بسبب
بـعـدهـم عـن العراق , اذ كانوا في شرق ايران , و كذلك بسبب دها الناصر لدين اللّه و كياسته في
الـقـضـايا السياسية و لما حاول السلطان محمد ان يقوم بهذا العمل , و قررالاصطدام بالعباسيين من
خـلال مـوضـوع الـتـشـيـع ((1717)) , فـان الـثـلـج و الـبرد في همدان قد حالا دون تحقيق
امنيته ((1718)) .

و افـضت هذه الحادثة الى استعار الاضغان العباسية حيال الخوارزمشاهيين و حاول العباسيون اثارة
الـمـشـاكل ضدهم عبر الاساليب السياسية والدينية , و عبر تحريض بعض الحكومات المحلية في
الشرق .

و مـمـا نـلحظه في هذا المجال رسائل الناصر لدين اللّه الى سلاطين غور, اذ حثهم فيهاعلى قتال
السلطان محمد و هذا من اسباب الهجوم الفاشل الذي قام به الشخص المذكورعلى بغداد.

قـال الـجـويـني : (( كان الخليفة يرسل الرسائل الى سلاطين قراختاي خفية يطلب فيهامنهم صد
الـسلطان محمد و كاتب سلاطين غور بذلك مرارا و انكشفت تلك الاسرارعندما ذهب السلطان الى
غزنين و فتش الخزائن ((1719)) )).

ذكـرنـا هذه المقدمات لنبين سابقة الحاكم العباسي في تحضيض الحكومات المحلية في الشرق على
الـسـلـطـان مـحمد, بحيث اننا اذا سمعنا بعد ذلك ا نه حث المغول على قمع السلطان المذكور, فلا
نندهش و لا نستغرب , و ثمة ادلة تاريخية متعددة على هذاالموضوع :.

1 ـ ان ابـن الاثير الذي عاش في العصر العباسي الاخير و شهد غارات المغول , قد ثبت وجود دور
لـلـحاكم العباسي الناصر لدين اللّه في جر المغول الى البلدان الاسلامية باوضح تعبير و قال : ((و
كان سبب ما ينسبه العجم اليه صحيحا من ا نه هو الذي اطمع التتر في البلاد و راسلهم في ذلك , فهو
الطامة الكبرى التي يصغر عندها كل ذنب عظيم ((1720)) )).

2 ـ و ذهـب مؤرخ سني آخر, و هو ابوالفدا (م 729 ه), الى نفس الراي ايضا, و قال :((بسبب ما
كـان بـيـنـه (الـنـاصـر) و بـيـن خـوارزم شـاه مـن الـعـداوة ليشغل خوارزمشاه بهم عن قصد
العراق ((1721)) )).

3 ـ في ضؤ رواية احمد بن نصراللّه , وصلت رسالة من الحاكم العباسي الى المغول قبل قتل التجار
عـلى يدالحكومة الخوارزمية و كتبت هذه الرسالة على راس المبعوث بعدحلاقة شعره و لما طال
شعره , توجه اليهم كي لا يعلم الخوارزمشاهيون بها.

و فـحـوى هـذه الـرسـالة ((ان جنكيز مهما اهتم بالاستيلا على ماوراالنهر, فانه لو جد في قمع
خوارزم شاه الذي ضاقت الرعية ذرعا بظلمه و انتهاكه , لكان افضل ((1722)) )).

و مـن الـمـخـجـل ان ابـن شـاكـر الـقـى الـتـبـعـة عـلـى ابـن العلقمي ـ لاتهامه ـ و لم يذكر
الـحـاكم العباسي ((1723)) , كما نقل السبكي ذلك لاثبات التهمة الملصقة بابن العلقمي , بينماتحقق
هذا العمل من قبل الناصرلدين اللّه قبل وزارة ابن العلقمي بسنين ((1724)) .

4 ـ عندما كانت الغارات المغولية جارية على قدم وساق في جميع اقطار الشرق الاسلامي , و وجه
الحاكم العباسي مبعوثين من قبله الى المغول يتوعدهم و يتهددهم كماان سلطان المغول ـ كيوك خان
((1725)) .
و كـان قـاضـي الـقـضاة فخرالدين ممثل الحاكم العباسي حاضرا في مراسيم جلوس كيوك خان بن
جنكيز على العرش ((1726)) .

5 ـ و جا في خبر آخر على لسان روبروك الذي كان يعمل عندالمغول : (( وصل سفيرالخليفة الى
بـقـراقروم مرة اخرى و كانت مهمته عقدالصلح مع الامبراطور الجديد,و التعهد له بوضع عشرة
آلاف فارس تحت تصرف المغول من اجل مواصلة عمليات الغزو في ايران و طلب سلطان المغول من
المبعوث ان يدمر الخليفة جميع تحصيناته و قلاعه , فلم يوافق المبعوث على ذلك ((1727)) )).

6 ـ و يـرى شـبولر, نقلا عن مير خواند, ان الناصر استنجد بسلطان المغول للضغط على السلطان
الخوارزمي ((1728)) .

و يقول في صحة هذا الخبر: ((الان لا يمكن ان نقطع هل كان الخليفة نفسه مصمماعلى انزال اكبر
ضـربة بالعالم الاسلامي او لا ؟ بيد ان صدور مثل هذا العمل عن الناصرلدين اللّه , الذي كان شديد
الانـهـمـاك فـي الشؤون السياسية , لا يبدو مستحيلا, لا سيما اذااخذنا بنظر الاعتبار ان احدا لم
يـعرف القدرة الحقيقية لسلطان المغول يومئذ, و لم يتوقع نتائج ميله الى التطاول و الانتهاك و لما لم
يـشـك مـيرخواند في ارسال الحاكم العباسي هذه الرسالة الى سلطان المغول , لذلك يمكن القول : ان
اشخاصا آخرين كانوا يرون ذلك محتملا آنذاك و بقطع النظر عن هذا كله , فان من الصعوبة بمكان
ان نقبل بان احداقد اشاع هذا الخبر في القرن التاسع من اجل اهداف نفعية ((1729)) )).

و يـنـبغي ان نقول في هذا المجال : اولا : ان ابن الاثير ـ و هو من اكبر المؤرخين الاسلاميين في
القرن السابع ـ قد شهد بهذا الامر.

ثانيا: ان تثبيت هذا الموضوع من قبل احد السنة فيما يخص الخليفة ـ في وقت كان الجميع يحاولون
الدفاع عن الخلافة ـ ينبغي ان يحظى بالقبول اكثر.

ثـالثا: ان النقطة المهمة لا تكمن في عدم معرفة النتائج التي يتركها عمل المغول , و ميل سلطانهم الى
التطاول والانتهاك , بل تكمن في ان خليفة المسلمين يستنجد بالكفار من اجل محق البلدان الاسلامية
والقضا على سلطان مسلم , و هو ما يريد الاخرون ان يلقواتبعته على الشيعة .

7 ـ تحدث رشيدالدين في كتابه عن تعهد الحاكم العباسي بمساعدة سلطان المغول , وقال : ((ارسل
هـولاكـو فـي الـثاني عشر من رجب سنة 655 ه رسولا الى الخليفة يتهدده و يتوعده قائلا: لقد
ارسـلـنا اليك رسلنا وقت فتح قلاع الملاحدة , و طلبنا مددا من الجندو لكنك اظهرت الطاعة و لم
تـبـعث الجند و كانت آية الطاعة والاتحاد ان تمدنابالجيش عند مسيرنا الى الطغاة , فلم ترسل الينا
الجند, و التمست العذر ((1730)) )).

ان هذه الفقرة و ان كانت تنص على انه لم يساعده , لكن ذكر الاتحاد و قبول طاعة السلطان المغولي
فـي وقـت كـان مـنـهـمكا في غزو ايران امر مهم للغاية , اذ ان الحاكم العباسي كان تعهد له بتقديم
المساعدة .

8 ـ عندما اصبح تهديد المغول بغزو بغداد جديا, و طلب ابن العلقمي الوزير من المستعصم ان يتفاهم
مـع هـولاكـو بـنـحـو من الانحا لكي لا تزول الحكومة العباسية , و لاتفلت الامور من يده , قال له
بتحريض من اعدا الوزير: ((لا تخش القضا المقبل , و لا تقل خرافة , فان بيني و بين هولاكوخان و
اخـيه منكوقاآن صداقة و الفة , لا عداوة وقطيعة و حيث انني صديق لهما, فلابد انهما ايضا يكونان
صديقين و مواليين لي ((1731)) )).

و مـن الجدير ذكره ان المغول لم يثقوا بالحاكم العباسي بمقدار ما كان واثقا بصداقته معهم الى مدى
بعيد والمهم هنا تاكيد الحاكم العباسي الصداقة و هذا دليل على صحة اتصاله بالمغول .

/ 33