شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری - نسخه متنی

رسول جعفریان؛ مترجم: علی هاشم الأسدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



تطرق المؤلف بعد ذلك الى قم و تاسيسها من قبل العرب , و دور العرب في نشر التشيع في ربوعها, و تـاثـيـرها على المدن الاخرى ثم انتقل الى مكيدة العباسيين في استغلال شعار اهل البيت من اجل
الـوصول الى الحكم , و انهم لم يفلحوا في القضا على الامويين الا من خلال شعار اهل البيت و واصل
حـديثه عن الامصار الشيعية في ايران مضافا الى قم و عرج على بعض الحركات الشيعية التي قامت
فـي ايـران , و هـجرة السادة الى ايران و استقرارهم فيها و ذكر بنقطة مهمة تتجسد في ان بعض
السادة كانوا منحرفين عن اهل البيت , ناكبين عن صراطهم , وا نهم ليسوا اولي تشيع عقيدي واع ثم
انـبـرى الـمـؤلـف الى الحديث عن التشيع في القرن الثالث الهجري و تكلم حول الدولة الطاهرية ,
والـعلوية بطبرستان ,والصفارية في شرق ايران و خصص كتابا مستقلا للحديث عن التشيع بالري ,
و قـدالـحـقناه بهذا الكتاب بديلا عن موضوع التشيع بالري و جانا الكتاب متاخرا بعداتمام ترجمة
كـتـابـنا هذا, فترجمناه و جعلناه مكان الموضوع المشار اليه بنا على طلب المؤلف الكريم و تحدث
المؤلف عن التشيع بسبزوار, ثم تطرق الى الاسماعيلية و اسهب في دراستها و من الخليق بالذكر ا
نه من غير الصحيح اضفاطابع التشيع على الاسماعيلية , لان الاسماعيلية ليست فرقة شيعية , بل هي
فرقة اسلامية كسائر الفرق و من المستحسن ان تذكر الاسماعيلية مجردة عن هوية التشيع وانتقل
الـمـؤلـف بـعـد ذلك الى الكلام عن الدولة البويهية و دور البويهيين في التشيع , و نشاطات الشيعة
فـي الـعـصر البويهي و ناقش التشيع في القرن الخامس و تحدث عن السلاجقة و معاداتهم للشيعة ثم
انتقل الى التشيع والحواضرالشيعية في القرن الخامس , والسادس و ذكر مراسيم الشيعة و تقاليدهم
فـي الـغـديـر,و عـاشـورا, والـجـمـعـة و بـعـد ذلـك تطرق الى التشيع بطبرستان , ثم تشكيل
الحكومة الاسماعيلية في ايران و ختم دراسته بالحديث عن الدولة الخوارزمية والنزعة الى التشيع
و خـصـص الصفحات الخمسين الاخيرة من كتابه لموضوع التشيع و سقوطبغداد بايدي المغول و
يـسـترعي انتباهنا في هذا الفصل براة العالم الكبيرنصيرالدين الطوسي من تهمة تحريضه المغول
عـلـى قـتل الحاكم العباسي و كذلك براة الوزيرالشيعي ابن العلقمي من تهمة ممالاة المغول والتعاون
معهم سراللانقضاض على الحكم العباسي و حديثه في هذا المجال مدعوم بالدليل والبرهان .


4 ـ يـلاحـظ عـدم الـدقـة فـي نقل بعض المعلومات والنصوص من مصادرهاالاصلية , مما ولد لنا
صعوبات ضاعفت من مشقة العمل , و لم تذلل الا بالرجوع الى المصادر المعنية والتدقيق في نصوصها
فـلـم اكتف في ترجمة هذاالكتاب بالكتاب نفسه , بل نظرت في مصادره ايضا حيثماتيسرت , حرصا
مني على اتقان العمل واحكامه , و حفاظا على مستوى جيد للترجمة .


نقرا في موضوع : تاثير التشيع في قم على المدن الاخرى ان الشيخ الطوسي روى ان امراة من اهالي
آبـه ارادت ايصال مبلغ 300 دينار الى ابي القاسم بن روح بينما كان المبلغ في المصدر الذي اشار اليه
المؤلف 400 دينار و هناك امثلة اخرى على عدم الدقة اشرت الى بعضها في الهوامش .


5 ـ رجع المؤلف الى نصوص فارسية مترجمة عن العربية , و ليس من الصحيح ترجمتها مرة اخرى
الى العربية لتضارب الاسلوبين بل يحسن الرجوع الى الاصل ,لكن قد يكون الرجوع شاقا لان النص
الفارسي قد شغل عدة اجزا من الكتب بينما نجد نصه العربي في كتاب واحد و اهم مثال هنا هو كتاب
احـسـن التقاسيم للمقدسي فالمؤلف اعتمد على ترجمته الفارسية في حين ان اصله عربي مماحداني
عـلـى الرجوع اليه و لم اجد الا نسخة واحدة مطبوعة طبعة حجرية في كلية الالهيات , فنظرت
فيها و نقلت النصوص منها مباشرة و قد تطلب مني هذا العمل جهدا كبيرا و وقتا كثيرا.


و هناك ملاحظات اخرى يطول بنا المجال اذا ذكرناها جميعا و منها ماثبتة في بعض هوامش الكتاب .


و في نهاية المطاف اود التذكير ان الدكتور اسداللهي عندما اقترح تعريب هذاالكتاب , فاتحت مجمع
الـبـحوث الاسلامية حول طبعه قبل ان يوافق اعضا قسم اللغة العربية على تعريبه كاطروحة في
مرحلة الماجستير فلقيت مفاتحتي ترحيبامن لدن السادة المسؤولين في المجمع و يحسن بي ان اقدم
جـزيل الشكر والتقديرلسماحة حجة الاسلام والمسلمين الشيخ علي اكبر الهي الخراساني رئيس
مجمع البحوث الاسلامية على اضطلاعه بمهمة ادارة المجمع , و جهوده المبذولة في هذا المجال .


كـمـا اقـدم بـالـغ الـشكر والثنا للاخ الفاضل محمد رضا مرواريد مساعد رئيس المجمع للبحوث
والـدراسات على استجابته المحمودة لاقتراحي طبع الكتاب ,و اختياره عنوان الكتاب فان عنوانه
بالفارسية : تاريخ تشيع در ايران از آغاز تا قرن هفتم هجري اما عنوانه العربي الذي عرضه الاخ
الـمـذكـور فـهو: الشيعة في ايران ـدراسة تاريخية , منذ البداية حتى القرن السابع الهجري وهو
عنوان رائع مناسب .


و لا يـفوتني ان اشكر الاستاذالكريم احمدي بيرجندي على ما تفضل به من توضيح بعض النصوص
والاشعار الفارسية المنقولة في هذا الكتاب , و له مني كل تقدير.


و اود ان احـيط القرا الكرام علما انني بعد فراغي من تعريب الكتاب وافاني ملحق او مستدرك على
الكتاب الفه الاستاذ جعفريان لمناسبة تعريب الكتاب و قدجا المستدرك المذكور ليسد ما في الكتاب
مـن خـلـل او يـزينه باضافات مفيدة و هاهو يلحق في آخر الكتاب مكملا له و هو آية على جهود
مـشـكـورة بـذلـها المؤلف المبجل , كما يحمل دلالة على متابعته الصادقة للعمل و تعاونه الجاد في
هذاالسبيل فله من اللّه الاجر والثواب , و من القرا حسن الثنا.


هذا الكتاب بين يديك عزيزي القارئ , ان اجدت فيه فذلك ما ارجوه , و ان قصرت فذلك مبلغي من العلم
و ما توفيقي الا باللّه عليه توكلت و اليه انيب .


الثامن من صفر1416.


علي هاشم .


مقدمة المؤلف .

مقدمة
المؤلف .



توطئة .


حـالـفني التوفيق في تاليف هذاالكتاب , اذ زاولت التدريس في احدى الجامعات لموضوع بهذا العنوان
كـنـت القي دروسه على الطلا ب يضاف الى ذلك ان الشعور بالحاجة الى مثله , الذي عبر عنه بعض
العلما, قد ترك بصماته على هذا الاثر المزجى .


و مـن الـمـؤسـف ان كـثـيـرا من دروسنا الجامعية تفتقر الى مادة محددة و على الرغم من ان هذا
الـمـوضـوع يـعتبر حسنة لاسيئة اذا ما اخذنا بعين الاعتبار وجودالاساتذة الباحثين على الصعيد
الـجـامـعي , بيد ان هذه الدروس تعرض ناقصة لفقدان الاستعداد في كثير من الحالات و قد تطرح
موضوعات لا تمت بصلة الى موضوع الدروس .


مـن وحـي ذلـك كله , اتوقع ان يكون هذا الكتاب مفيدا للاساتذة الكرام الراغبين في عرض بحوثهم
الـمتعلقة بتاريخ التشيع في ايران الى جانب البحوث التي يضمهاهذا الكتاب , كما ان مطالعته لا تخلو
من ثمرة يقطفها التواقون الى موضوعه .


ان اعـداد هـذا الـكـتاب لم يتحقق بالمستوى المطلوب من جرا المشاغل الفكرية , فلابد من وجود
الـنقائص فيه و احسب ان الباحث , في اي بحث كان ,ينبغي ان يجد بنحو يطمئن الى ا نه انجز افضل
عـمل في ظروفه الخاصة اما انافسف على ا ني لم استطع القيام بذلك العمل في كتابي هذا, بيد ان ما
لا يدرك كله لا يترك كله .


ثـمة موضوعات لها علاقة ثانوية بالمباحث الاساسية في هذا الكتاب , و يمكن ان تشكل وحدها بحثا
مستقلا, لم تاخذ نصيبها من البحث كما هي اهله و ليس هنامجالها ايضا.


و يـحـسـن بـي هنا ان اقدم شكري للاساتذة الذين اعانوني بتوجيهاتهم العامة في استيعاب كثير من
المسائل و اخص منهم استاذي الجليل العلا مة السيد جعفرمرتضى , و سماحة آية اللّه السيد مهدي
روحاني , فهما و ان لم يطالعا الكتاب , بيدا نهما ابديا توجيهاتهما الضرورية على صعيد الاستشارات
الفكرية في غير موطن .


و مـن الجدير ذكره في ختام هذا التوطئة ا ننا قد ناقشنا بعض الابعاد الفكرية القائمة بين التشيع و
ايـران فـي كـراس آخـر قد صدر سابقا, و هو بعنوان ((بحث موجز حول العلاقة بين التشيع و
ايران )) ((48)) اما في هذا الكتاب فاننا استعرضناالابعاد التاريخية للموضوع اكثر من غيرها مع
بـعض الاضافات المتعلقة به ـ و ان كان ذلك الكراس مستقلا و لم يرد في موضوعات هذا الكتاب ـ
علما ان الكراس المذكور طبع سنة 1407 ه من قبل القسم الثقافي للجهاد الجامعي في جامعة اصفهان .


رسول جعفريان .


1410 ه.


حول تغلغل التشيع في ايران .

حول تغلغل التشيع في
ايران .



ان الـقـا نظرة خاطفة على ماضي ايران يكشف لنا ان ((تغلغل التشيع )) في ايران لم يكن مباغتا, بل اتـخـذ مجراه التدريجي ببط على امتداد قرون من الزمان و عندما نتامل في الحوادث التي لها علاقة
بـتـنـامـي ((النزعات الشيعية )),نستطيع ان نسجل عددا من المراحل التي تدرج فيها التشيع عند
دخوله الى ايران ,بحيث يمثل كل منها مرحلة اشمل من سابقتها:.


المرحلة الاولى , بين الموالي الفرس في العراق .


المرحلة الثانية , تغلغل التشيع في بعض المناطق المركزية من ايران كـ((قم )).


المرحلة الثالثة , ازدياد حجم النزعات الشيعية بمجي العباسيين الى الحكم .


المرحلة الرابعة , فتح طبرستان على ايدي العلويين .


المرحلة الخامسة , قيام الحكومة البويهية .


المرحلة السادسة , بعد الغزو المغولي .


المرحلة السابعة , تسلم الصفويين لمقاليد الامور.


و اذا اخـذنـا بـعـيـن الاعتبار هذه المرحلية و اقررنا ان زمن المراحل المذكورة قدامتد عشرة
قرون , فلا يمكن ان نلخص البواعث على تغلغل التشيع بواحد اواثنين و هذا يعود الى ان كل عصر
كـانـت تسوده ظروف خاصة من الوجهة الثقافية ,والسياسية , و الاقتصادية و من الطبيعي ان موقف
الناس من المذاهب والفرق يتباين ايضا.


من هذا المنطلق , ينبغي ان ننظر الى كل مرحلة على ا نها مستقلة نسبيا عن المراحل الاخرى , و ان
نـضع في حسابنا الظروف الخاصة التي تتحكم في كل مرحلة من شتى الابعاد و انه لتفكير ساذج ان
يفسر المر تغلغل التشيع بالاشارة الى وجه واحد من الموضوع , لا يعلم مدى قربه من الصواب .


عـلـى سبيل المثال , لا يمكننا ان نعتبر الوضع الروحي والثقافي لاناس غلبواعلى امرهم في السنة
الـسادسة عشرة من الهجرة متكافئا مع الوضع الروحي والثقافي لاناس عاشوا بعدهم بمائة سنة , و
كذلك لا تتكافا قابلياتهم و استعداداتهم .


و لا جـرم ان الـناس الذين كانوا يعيشون في ايران ابان القرن الخامس الهجري يختلفون كثيرا عن
الذين كانوا عرضة لغزوات العرب المسلمين اذ ان البواعث العرقية والعنصرية عندهم كانت تشهد
عـدا تـنازليا, او ان حدتها خفت بفضل التعاليم الاسلامية و حينئذ لابد ان يتغير موقفهم حيال الفرق
المختلفة فاذاكانوا قد تعرضوا يوما الى هجمات الامويين , فانهم استطاعوا ان يجيئواببني العباس في
يوم آخر الى الحكم , و اسسوا في عصر من العصور حكومة مستقلة لهم , بل حكموا بغداد ردحا من
الزمن .


و مـن الـبـيـن ان هذه الظروف المختلفة اذا لم تؤخذ بنظر الاعتبار, فان اخطاكثيرة ستبرز في
الاستنتاج .


و قـد قـويـت نـزعـة الفرس الى التشيع عندما استولوا على بغداد (في العصرالبويهي ), و اتقدت
جذوتها عندهم سريعا بعد استيلا المغول عليهم .


و لـنـا ان نسال في هذه الحالة عن علاقة هذا الموضوع بالتفسير القائل انهم اختاروا التشيع بسبب
الـظـلـم الذي لحقهم من بني امية و حكامهم , و ما عاشوه من عنت و ظروف عصيبة , و لا نهم كانوا
يريدون النضال تحت راية الاسلام الحقيقي لا اسلام الحكام .


و في ضؤ هذا التوضيح , لا سبيل لنا الا ان نقول لهؤلا الدارسين السطحيين السذج , الذين استخلصوا
نـتائج كبيرة من خلال مقدمات واهية , ان يعيدوا النظرفي ((تتبع المجرى التدريجي لتغلغل التشيع
في ايران والعوامل المتعلقة به ((49)) )).


ان هـؤلا الاشـخـاص يـحـلـلون تغلغل التشيع في ايران من خلال عرض الارضية الثقافية للفرس
فـي الـقرن الاول الهجري , و كذلك عرض البواعث العرقية والقومية وفي الان ذاته اغفل كثير من
الـقـضـايا الجزئية التي كان لها تاثير عام في نفوذالتشيع , وقد تحقق هذاالتاثير في القرون التالية و
لابـد لاي بـحـث نـاصـع مـن ذكـر التاريخ الدقيق لدخول التشيع في المدن والمناطق المختلفة , و
استعراض القضايا الخاصة بكل عصر جهد المستطاع .


و من الطبيعي ان المسائل الثقافية والحضارية لاي شعب تستاثر الاهتمام اجمالا, و ان شعبا الف ثقافة
خـاصـة مـعـينة قرونا متواترة من الزمان لا يستطيع ان ينسلخ عنها بيسر و ديمومتها رهينة بدور
الثقافة الجديدة في المجتمع و موقفها من الثقافة القديمة و كان هذا الموقف قويا من منظار الاسلام و
فـي الـوقـت نـفـسـه كـانت اقامة بعض المناسبات والمراسيم الجاهلية الفارسية تعد معلما على بقا
الرواسب الثقافية من الماضي و كانت هذه المناسبات والمراسيم قائمة في القرون الاولى بين الفرس
السنة , والفرس الذين كانوا ذوي ميول شيعية يضاف الى ذلك ا نهاكانت ملحوظة عند العرب انفسهم ,
حتى ان الامويين احيوا اسطورة رستم و سهراب ((50)) , و ان الحكام الامويين والعباسيين كانوا
يقيمون المراسيم الخاصة بيوم النوروز, والمهرجان , والاداب والتقاليد الفارسية , كما رحبوا بكثير
من التقاليدالساسانية ((51)) .


ان الاهتمام بهذه المسائل الثقافية ـ بعامة ـ يمكن ان يحدد بعض الخطوط في تاريخ ايران برمته حتى
يتسنى له ان يشكل محورا لتقويم ((التطورات الفكرية والثقافية )) الى حدما بيد ا نه ينبغي مراعاة
الـدقـة فـي هـذا المجال , و توضيح التاثيرالذي تتركه هذه المسائل بنحو دقيق , لا ان تؤخذ نتائج
كبيرة تحت عناوين عامة ,او بسبب وجودها السطحي في ظواهر الاشيا.


و في مجال تحليل هذا الموضوع , استهديت بنصوص من الطراز الاول مااستطعت الى ذلك سبيلا, و
استنرت بكثير من المصادر الجديدة حيثما كانت قريبة المنال .


و لا جـرم ان كـتـابي ليس آخر محاولة في هذا المجال , الا ان الذي يبدو هو ا نه عرض بمجمله
موضوعات جديدة و نحيل الحكم عليه الى القرا الكرام .


و نـسـتهل حديثنا ببحث يرتبط بالاشكال التي ظهر فيها التشيع و بعض الاسباب الباعثة على تاثيره
في نفوس الناس , و ذلك قبل ان نشرع بشرح تغلغل التشيع في نفوس الموالي , ثم في ايران .


الاشكال التي ظهر فيها التشيع .

الاشكال التي ظهر فيها
التشيع .



ان اول الـبـواعث على استقلالية التيار الشيعي عن سائر المسلمين هو النظرة الخاصة التي يحملها الـشيعة حيال امامة اميرالمؤمنين ـ عليه السلام و يعتبر هذاالموضوع امرا الهيا من منظار التشيع و
هذا ما افضى به الى الخروج من الطابع السياسي المحض , ليعرض في اطار عقيدي .


و عندما ابدى الامام علي ـ عليه السلام ـ مرونته مع الخلفا شكليا, ظل هذاالموضوع يحوم في نطاق
حوارييه دون غيرهم و لما ايقظت الظروف السياسية الناس فشعروا ان علياـ عليه السلام ـ وحده
هـو الـخـلـيـق بـقيادة المجتمع , انثالوا عليه و بايعوه و كانت بيعتهم بيعة الخلافة , لا بيعة الامامة
بالمفهوم الشيعي بيد ان بينهم ثلة قد بايعوه بيعة خاصة في ضؤ وعيهم حديث الغدير, مضافا الى البيعة
العامة التي سايروا فيها جماهير الناس , و اعتبروا انفسهم اوليا من والى , و اعدا من عادى .


و ذكر الطبري هذا الموضوع بالمفهوم المشار اليه ((52)) الا ان القضية كانت اهم من ذلك .


و عـنـدما قدم الامام اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ الى الكوفة , فان قدومه كان من اجل اعداد الناس
الـذيـن قلما تلوثوا بالافكار الباطلة , و غرس بذرة التشيع الحقيقي في اعماق وجودهم فالامام كان
يـرى ان شـخصيته قد غمرت تلك الفترة , فعليه ان يعرف نفسه و يفرض شخصيته و يشعر الناس
بابعادها المجهولة وجد في ذلك و بذل حمادى جهده من اجله و اول خطوة قام بها هو ا نه اشهد عددا
مـن الـبـدريـيـن عـلـى حـديث الغدير في ((رحبة المسجد)) بالكوفة و شهد على ذلك اثناعشر
رجلاكانوا حاضرين و نقل المرحوم الاميني في كتاب ((الغدير)) تفصيل القصة ((53)) كمااراد
الامـام ان يـشعر الناس ان شخصيته تختلف عن شخصية الخلفا السابقين , وان لها ابعادا اخرى غير
البعد السياسي , و ذلك من خلال اخباره الصريح بالغيب ,الماثور عن الطرق المختلفة للفريقين و هذا
هـو مـا يـتمسك به الشيعة و من جهوده لتعزيز التيار الشيعي كلماته المفصلة في ((نهج البلاغة ))
حـول اهـل الـبـيـت ـعـلـيـهم السلام ـ و فضائلهم و علومهم , و تعابيره التي تعطينا مفهوما شيعيا
عن ((الامامة والولاية )) بشكل صريح ((54)) .


و هـذا كـلـه يـدلـنا على ان الامام ـ عليه السلام ـ انشا خطا فكريا مستقلا , مضافا الى قيامه بادارة
الشؤون المختلفة , و قتاله ((الفاسقين )), فقد ارسى دعائم ((الفكرالاسلامي الصحيح )) في قالب
الـتـشيع , و آتت جهوده اكلها, فقد تربت ثلة من اصحابه كانوا مستعدين للتمثيل بهم دون ان يتنازلوا
عـن خـطـه و نهجه و نلحظ ذلك في الشعر الذي ارتجز به المقاتلون في صفين , اذ انتهجوا ((دين
علي ))ـ عليه السلام ـفي مقابل ((دين عثمان )) ((55)) .


و هـكذا كان واضحا وجود خط فكري خاص للامام ـ عليه السلام ـوانصاره ذلك الخط الذي كانوا
قـد وطـنوا انفسهم على التضحية من اجله وكانوايشعرون ا نهم لو تبراوا من هذا الخط الصحيح ,
فانهم تبراوا من الاسلام حقا و هذاالموضوع نفسه مطروح في معرفة العلوم الاسلامية فان مسائل
مـن قـبـيـل ((الـجـبـر))و ((الاختيار)) لم تطرح في اواخر القرن الاول الهجري , بل كانت
مطروحة منذالبداية كما نلحظ ذلك في القرآن الكريم اذ عرضها في مجال موقف المشركين من النبي
ـ صلى اللّه عليه و آله ((56)) شانها في ذلك شان مسالة ((التوحيد)) و((التشبيه )) و كان للامام
عـلي ـ عليه السلام ـ موقف صريح منها, فخطبه الواردة في ((نهج البلاغة )) حول ((التوحيد)) و
صـفات اللّه , و نفي ((التشبيه )) و ((التجسيم )) تحمل اسمى المفاهيم الفلسفية , و تدل على عقيدة
الشيعة في مقابل ((التشبيه ))و ((التجسيم )) كما تشير الى ان لهم خطا عقيديا لا غبار عليه .


اما في حقل المسائل الفقهية , فعلى الرغم من عدم وجود مدرسة فقهية خاصة في القرن الاول , الا ان
آرا مـخـتـلفة كانت معروضة وقتذاك و نلحظ هنا ان الاراالفقهية للامام علي ـ عليه السلام ـ كانت
تـحظى بالاحترام عند من يؤمن بافضليته و كان ((العلويون )) و ((الشيعة )) يعولون على آرائه و
يؤثرون موقفه الفقهي على مواقف الاخرين .


و نـقـرا ان ابن عباس ـ و هو من مشاهير الصحابة ـ كان يقدم قول علي ـعليه السلام ـ على اقوال
الاخـريـن ((57)) حـتـى انه كان يجيزالمتعة و هذا يدل على ان بني هاشم كانوا يلتزمون بالارا
الفقهية للامام ـ عليه السلام .


بيد ان هذا الخط الفكري والعقيدي الذي يمكن ان نستشف من ثنايا التاريخ والفقه مواقف كثيرة لتاييده
و دعـمه في القرن الاول , كان مطروحا عند ((الشيعة ))و ((العلويين )) و ((الائمة الطاهرين ـ
عليهم السلام )) و ان كانت مسائل فقهية شيعية تلحظ نوعا ما عند من يقر بافضلية علي ـ عليه السلام
ـ (لا بامامته ) من اهل السنة .


و مـن الضروري في ضؤ التوضيح المتقدم ان نعرض شكل التشيع بعداميرالمؤمنين بنحو متميز و
يمكن الاشارة في هذا المجال الى الابعاد الثلاثة للتشيع .


ا ـ التشيع السياسي .

ا ـ التشيع
السياسي .



من المؤسف ان كثيرا من الباحثين قد خلط سهوا و تسرعا بين التشيع السياسي , والتشيع الحقيقي ان ((الـتشيع السياسي )) يعني وجود جماعة في التاريخ كانت لا تؤمن بالمبادئ الفكرية للشيعة , او لم
تـكـن على معرفة بها, الا ا نهااتجهت اتجاها سياسيا معينا يدعم قيادة اهل البيت ـ عليهم السلام ـ لا
بـوصفهم ((منصوبين من اللّه تعالى )), و نهضت معهم ضدالظلم الذي كان يمارسه الحكام او ا نها كانت
على الاقل منسجمة فكريا مع ذلك التوجه .


و خلاصة ما في هذا التشيع ان تلك الجماعة المنتمية الى البيت العلوي , والتي انتفضت ضد الامويين ,
كـانـت تـتمتع بالكفاة القيادية اكثر من الاخرين و لا ينطلق هذا التوجه من ايمانهم ان العلويين خلفا
النبي ـ صلى اللّه عليه و آله ـ والمنصوبون من اللّه تعالى , بل ينطلق من رؤيتهم ا نهم اهل للخلافة .


و كـان هـؤلا الاشـخـاص موجودين بين كثير من التابعين والمحدثين والفقهاو كثير منهم كان يقر
بالاحاديث الماثورة عن طريق السنة , و ربما نقلواروايات عن ائمة الشيعة ايضا بيد ا نهم لم يلزموا
انفسهم بالسماع عن طريق اهل البيت ـ عليهم السلام ـ فحسب , و لم يقروا بفقه آل محمد ـ صلى اللّه
عليه و عليهم ـتماما و في الوقت نفسه كانوا يتفقون في تفضيلهم على الاخرين , بخاصة في ما يرتب
ط بموقفهم ضد الحكام .


يضاف الى ذلك , ان ما يمكن ان يميزهم عن الاخرين هو تفضيلهم عليا ـعليه السلام ـ على غيره عند
تقويم المكانة المعنوية والعلمية للخلفا مما ادى الى ان يعرفوا بالشيعة في مقابل اهل السنة .


و قـد رسـخـت هـذه الـمسالة في كتب الجرح والتعديل لاهل السنة , اذ وصفواشخصيات القرون
الـثـلاثـة الاولـى بـالتشيع حسب المفهوم المشار اليه , و عرفوا كثيرامنهم بقولهم : ((فيه تشيع
يسير)) و حددت هذه الكتب الفارق بين هؤلا و بين اتباع التشيع الحقيقي الصريح , و غيرت الالفاظ
الـتـي تـعبر عن نزعاتهم المذهبية , نحو :((شيعي غال )), و ((رافضي )) و هنا يستبين ان تشيع
الـمعبر عنه هكذا اقوى , و يتوكاعلى مواقفه العقائدية المرتكزة على العقيدة الشيعية اما اصطلاح
الشيعة فانه كان يطلق عادة على من يقدم علياـ عليه السلام ـ على غيره من الخلفا, و لا سيماالخليفة
الثالث ((58)) .


و من الطبيعي ان هؤلا الاشخاص الذين كانوا يعتقدون بافضلية الامام علي ـعليه السلام ـ على الخلفا
ـ (كلهم او على عثمان بشكل خاص ) ـ كانوا يرجحون آراه الفقهية ايضا بطريق اولى , بيد ا نهم لم
يؤكدوا على ذلك , بخاصة ان طرق اهل السنة كانت ضعيفة لعرض فقه اميرالمؤمنين ـ عليه السلام و
يعود ذلك الى الحظر الذي مارسه الامويون و بعدهم العباسيون على امتداد قرن او قرنين حتى ان ما
كـان يـنـقل عن طريق اهل السنة , كان يعرض على ا نه موافق للشيخين و لذلك نجد احيانا تحريفا
مـتعمدا في اقوال الامام علي ـ عليه السلام ـ سوا كانت في الفقه , ام تفسير القرآن , او غيرهما كما
افتروا و تقولوا عليه جهرة و محصلة هذاالتوجه هو مناواة الشيعة والاصطدام بهم .


و عـند ما كانت هذه الطرق الضعيفة موجودة , و كان هناك اشخاص من هواة التشيع السياسي يثقون
بها و يعتمدون عليها, فان المسافة بينهم و بين التشيع العقيدي كانت تزداد يوما بعد آخر و يمكن ان
نـذكـر ((الـزيـديـة )) من بين الفرق الشيعية الاخرى في هذا المجال , فان فريقا من الزيدية كان
يتمسك بالنص الخفي في الامامة مقابل ((النص الجلي )) الذي كان يتمسك به الشيعة الاثنا عشرية ,
بـيـد ان مـحـاور افتراقهم عن الاخرين تتمثل في قضايا سياسية و فكرية في آن واحد ففي مجال
الامـامـة كـانـوا يقرون بامامة العلويين فحسب و كثير منهم لم يعتقد بنص في هذا المجال و كانوا
يدعمون ((القائم بالسيف )) من العلويين حيثما كان و يؤمنون بخلافة الشيخين مع اقرارهم بافضلية
الامـام عـلـي ـ عـلـيـه الـسلام ـ و من الواضح ان هذا التوجه كان نابعا من حركة ((زيدبن علي ـ
عليه السلام )) امام هذه الفرقة علما ان هذا لا يعني ان عقيدة زيد مماثلة لعقيدة الزيدية انفسهم .


و عـندما سئل من قبل الشيعة عن الخلفا, لم يبرا منهم , لا نه كان يرمي الى التفاف الشرائح المختلفة
بشتى نزعاتها المذهبية حوله .


و بـنـاا عـلـى ما نقل في هذا المجال , فقد بايعه اشخاص من الشيعة , والمعتزلة ,والمرجئة , و حتى
الـخوارج ((59)) يقول القاضي نوراللّه : ((لم يطالب زيد بالخلافة ,بل كان هدفه الثار لاهل البيت
و كـان يـطـمـح الـى التفاف الناس حوله باي اسلوب كان فكل من كان ممتعضا من فجور الامويين و
تصرفاتهم الشريرة وقتذاك , كان يصطحبه معه , سوا كان سنيا, او معتزليا.


(و لـهـذالسبب ) كان يحجم عن اظهار البراة من الشيخين ((60)) )) و هذا التوجه الذي كان عليه
زيد هو الذي اوهم الزيدية فجعلهم يعتقدون ان زيدا كان يقربالشيخين دون ان يلتفتوا الى ظروفه
و نواياه , بينما كان موقفه المذكور سياسيامحضا و لذلك عند ما كان يلفظ انفاسه الاخيرة , و راى ان
لا محيص من التسليم قال : ((اين سائلي عن ابي بكر و عمر؟ هما اقاماني هذا المقام ((61)) )).


تـتفق الزيدية مع الشيعة الامامية , كما نلحظ في بعض المسائل الفقهية التي احرز افتراقهم فيها عن
سـائر المسلمين حتى عصر زيد ـ مثل : حي على خيرالعمل في الاذان , و ذكر التكبيرات الخمس
فـي صـلاة الـميت ـ , بيد ان المسالة الرئيسة تكمن في الاتجاه ((السياسي الشيعي )) و عندما ثار
((ابـراهـيـم بن عبداللّه )) في البصرة ,كان يكبر اربعا في صلاة الميت تبعا لزيد و ذكر ان السبب
الـذي دعـاه الى ذلك هوطموحه في توحيد القوى المقاتلة ((62)) و اثبت بذلك , الاتجاه السياسي
لحركة ((الزيدية )).


و تمسك الزيدية بفقه ((ابي حنيفة )) لعدم ايمانهم بالتشيع العقيدي و لذلك يقترب علماؤهم من الفقه
الـحنفي كثيرا في كتبهم الفقهية و كانوا يؤلفون و يصنفون وفقا لهذا التوجه ((63)) و عرفوا في
المسائل الاعتقادية بميولهم المعتزلية ((64)) .


يـقول عبدالجليل الرازي : ((الزيدية طائفة من امة محمد ـ صلى اللّه عليه و آله ـيقرون بالتوحيد
والـعـدل و عـصمة الانبيا, و يرون ان الامام الحق بعد المصطفى ـصلى اللّه عليه و آله ـ هو الامام
علي المرتضى ـ عليه السلام و يقولون بالنص الخفي , و يعتقدون بعصمة علي , والحسن , والحسين و
يذهبون الى امامة زيد بن علي (الرضا) بعد ابيه زين العابدين ـ عليه السلام و ياخذون بفقه ابي حنيفة
و لـهـم اجـتـهـاد يـتـفـق مـع مذهب الفريقين , و يجيزون القياس في التفريعات على عكس مايرى
الـشـيعة ((65)) )) و جا في ((تبصرة العوام )) : ((اعلم ان عقيدة الزيدية في اصول الكلام هي
عـقـيدة المعتزلة و الادلة الشرعية عندهم هي القياس , والراي ,والاجتهاد, والاستحسان و اكثر
مـذهـبـهـم القياس والاستحسان ((66)) )) و من هذاالمنطلق كان الزيدية يتقبلون شتى التهم في
الكتب الرجالية و هذا صحيح عادة ((67)) .


مع هذا كله , فان اعتبار الزيدية في عداد الفرق الشيعية يعود الى ما اتسمت به من التشيع السياسي , و
ان كـانـت هـنـاك بـعـض مـواطـن الالتقا الجزئية مع الشيعة الامامية في عقائدها و كان كثير من
الـشخصيات السنية على امتداد القرن الاول الهجري و ماتلاه ذوي توجهات شيعية نوعا ما بيد ا نه
توجه شيعي في بعده السياسي .


و نـقل لنا التاريخ ان ابا حنيفة ـ و هو من كبار الشخصيات السنية ـ كان في موقفه السياسي يتعاطف
مـع الـعـلويين الذين ثاروا ضد الامويين بل ضد العباسيين و من هؤلا زيد بن علي الذي حظي بدعم
صريح من قبل ابي حنيفة ((68)) لكن اهل السنة لم يجراوا على اتهامه بالتشيع , لا نه كان في فقهه
بعيدا عنه للغاية اماالاخرون فقد اتهموا بالتشيع مع ا نهم ليسوا بعيدين عنه بهذا الحجم في فقههم حتى
نـال الاتهام كبار اهل السنة كابي بكر البيهقي ((69)) و كما ذكرنا سابقا,فان تعابير علما الجرح و
التعديل من السنة تدل على قوة التشيع و ضعفه في هؤلا الاشخاص .


يـقول الذهبي مثلا في نصربن مزاحم الذي كان شيعيا عقيديا :((رافضي جلد ((70)) ))و قيل في
يـونس بن خباب الاسيدي : ((فيه شيعية مفرطة ((71)) ))اماالاشخاص الذين ينقلون روايات اهل
الـبيت و فضائلهم , فانهم يتهمون بالتشيع كثيرا و لكن بلهجة خفيفة كما ان اشخاصا من المعتزلة قد
اتـهـموابالتشيع ((72)) , و ربما اتهم اشخاص من الشيعة بالاعتزال ايضا ((73)) علما ان الاتهام
بـالتشيع يعود الى احد الاسباب المشار اليها و لا ينبغي ان نخال ذلك بمعنى التشيع العقيدي ابدا اذ ان
آيـة الـتشيع العقيدي الواردة في هذه الكتب عادة , القدح في الصحابة ((74)) , او الايمان بالرجعة
والتقية , او ((البغي على ولاة الجور)).


و ثمة تعابير من قبيل : ((كان من غلاة الشيعة )) تدل على هذا المفهوم ((75)) .


و عـلـى الرغم من ان اصطلاح (الغلاة ) يطلق على الاشخاص الذين هم من الغلاة حقا اما في الكتب
الـرجـالـيـة الـسنية , فان هذا الاصطلاح يلصق غالبابالاشخاص الذين هم من ذوي التشيع العقيدي
المعتدل .


و الـطريف ان الطبري ـ المؤرخ و المفسر المشهور ـ لم يسلم ايضا من تهمة التشيع فقد قيل فيه :
((ثقة صادق فيه تشيع و موالاة لا تضر ((76)) )).


و سرت هذه التهمة الى ((عبدالرزاق بن همام )) مؤلف المصنف لا نه :((حدث باحاديث في الفضائل
لم يوافقه عليها احد ((77)) )).


و هـكـذا قـيـل فـي الـحـاكـم الـنـيـسـابـوري (مـؤلـف مـسـتـدرك الـصحيحين ), و ((ابي
نعيم الاصفهاني ((78)) )).


و هذا ما دعا كثيرا من الباحثين الشيعة الى اعتبار هؤلا في عداد الشيعة .


و نقل المرحوم السيد عبدالحسين شرف الدين في الموضوع المتعلق باسمارواة الشيعة في كتب اهل
السنة , اسما اشخاص ليسوا من الشيعة العقيديين بل وصفوا بالتشيع لنقلهم رواية في (( فضائل اهل
البيت )), او تاكيدهم على افضلية علي ـ عليه السلام ـ على الخلفا.


و لـذلك لا يمكن اعتبار هؤلا في عداد الشيعة مع ان عددا من الشيعة العقيديين وردت اسماؤهم في
مصاف رواة ((الصحاح )) كما قال ((الذهبي )) في ((عبادبن يعقوب )): ((من غلاة الشيعة و رؤس
البدع ((79)) )).


و يـضـيـف ان ((الـبـخـاري )), و ((الـتـرمـذي )), و ((ابـن ماجه )), و ((ابن خزيمة )),و
((ابن ابي داود)) نقلوا عنه الحديث .


يقول ((الذهبي )): حتى يقال للشيعي الغالي ايضا في زمن السلف : ((هو من تكلم في عثمان والزبير و
طلحة و معاوية و طائفة ممن حارب عليا رضي اللّه عنه و تعرض لسبهم ((80)) )).


و يـضـيـف قـائلا : ((والـغـالـي فـي زمـانـنـا و عـرفـنا, هوالذي يكفر هؤلا السادة و يتبرا
من الشيخين ((81)) )).


طـبـيـعـيا, لا دليل على قبول هذا الموضوع بالنسق المشار اليه علما ان اصطلاح ((الشيعي )) لم
يستعمل ليشمل كل شيعي امامي وقتذاك .


و ما جا في كتاب المراجعات ((82)) , ورد في بعض الكتب الاخرى ايضابشكل موجز ((83)) .


و من الضروري ان نشير هنا الى جهود عدد من العلما ((84)) في عرض بعض الشخصيات على ا
نهم من الشيعة .


و من المؤسف ان هذه المسالة لا تدر فائدة تذكر, لان هؤلا ليسوا شيعة حقاولو اتهموا بالتشيع فان
كلامهم (على الاقل ) لا يعد معولا عليه لاقناع الاخرين كماليس هناك ضرورة تدعو اليه .


ب ـ التشيع العقيدي .

ب ـ التشيع
العقيدي .



في ضؤ حديثنا عن التشيع السياسي , يتحدد موقع التشيع العقيدي ايضا.


و بـناا على ما ذكرنا سابقا, فان الحدالفاصل بين التشيع و بين التسنن كان متميزا منذ القرن الاول و
يـعـود ذلـك الـى بعده السياسي و كان اتجاهه العقيدي في قسم من المسائل الفقهية و بعض الاصول
الاعتقادية متبلورا.


و هذا الموضوع يخص اتباع الائمة الذين يعرفون في الكتب الرجالية باصحاب الائمة .


اما في القرن الثاني فقد اتسع نطاق الهوية العقيدية كثيرا الى الحد الذي كانت فيه الهوية الثقافية اهم
مسالة في نطاق ((الامامية )).


اما الزيدية فقد ظلت هويتهم السياسية في القرون التالية .


يقدم لنا ((ابان بن تغلب )) احد اصحاب الامامين : الباقر, والصادق ـ عليهماالسلام ـ (العصر الذي كان
فـيه الحد العقيدي والفقهي متميزا تماما((85))) تعريفا للتشيع العقيدي في غاية الروعة , فيقول :
((الـشيعة الذين اذا اختلف الناس عن رسول اللّه اخذوا بقول علي ـ عليه السلام ـ و اذا اختلف الناس
عن علي ـ عليه السلام ـ اخذوا بقول جعفربن محمدـ عليه السلام ـ ((86)) )).


يـبـين لنا هذا التعريف ان قول الامام علي ـ عليه السلام ـ وحده يعول عليه عندالشيعة و اذا ماطرا
خـلاف في هذا المجال , فان قول ((جعفر بن محمد ـ عليه السلام ـ )) هو المقبول فحسب و يعود
ذلك الى ان لاهل السنة ايضا طرقا لنقل روايات الامام علي ـ عليه السلام و هذه الطرق ـ كما مر بنا
ـ لا يـقـر بـهـا الـشيعة لاسباب مختلفة فالشيعي ـ اذن ـ هو من ياخذ الاحاديث النبوية عن طريق
الامام علي ـ عليه السلام ـ و بعده عن طريق الائمة ـ عليهم السلام ـ فحسب لذلك نجد في عصر ابان
ان الامـام جـعـفـر الصادق ـ عليه السلام ـ كان امامه و هكذا فان ائمة الشيعة ينقلون الاحاديث عن
آبائهم دون غيرهم .


و مـن هـذا المنطلق فان منهل المعارف و العلوم الشيعية هم الائمة ـعليهم السلام ـ ليس غيرهم , و
هم المتصلون بمعدن الوحي والرسالة .


وكـان هـنـاك مخطط عقيدي و فقهي للشيعة بنحو محدود منذالبداية اذ كان متميزا ان اتباع علي ـ
عليه السلام ـ هم وحدهم يتفاعلون مع افكاره و آرائه الفقهية و اتسع نطاق هذا المخطط سياسيا و
ديـنـيـا على مر العصور, بخاصة عندما استطاع ائمة الشيعة عرض فقههم المفصل في ظل الاجوا
الـمـسـاعدة و كان للامام علي ـعليه السلام ـ كيان تنظيمي مستقل منذ عصر الخلفا, بل منذ عصر
الـنـبي ـ صلى اللّه عليه و آله ـ و حاول الاخرون ضربه و هذه المفردة قد كبر حجمها في عصر
الـخـلـفـافي ضؤ ما كان يتمتع به الامام من تفوق علمي على سبيل المثال , عندما طرحت مسالة حول
((87))
و يـعـبـر هـذا الـموضوع عن وجود الخلاف في الرؤية والمنهج و من الطبيعي ان انصار علي ـ
عـلـيه السلام ـ كان لهم مخطط محدود يميزفقههم عن الاخرين , لا سيما عن الذين كانوا يصرون
على تطبيق فتاوى الخلفا واثبتنا في الاقسام التمهيدية لكراسنا المشار اليه ادناه ((88)) ان الايمان
بـامـامـة اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ كان مشهورا بين الصحابة منذ البداية و كثير منهم كانواعلى
هذاالخط و جئنا بادلة ايضا في المجال .


و فـيـمـا يلي ادلة شعرية اخرى , نذكرها هنا ليستبين لنا ان هذا الاستقلال الفكري والسياسي كان
مـتـمـيزا منذالبداية عبر عقائد اميرالمؤمنين ـ عليه السلام ,و لم يكن من مخترعات المتاخرين و
مصطنعاتهم فقد جا في شعر انشد في معركة صفين :.






  • وصي رسول اللّه من دون اهله
    و وارثه بعد العموم الاكابر ((89)) .



  • و وارثه بعد العموم الاكابر ((89)) .
    و وارثه بعد العموم الاكابر ((89)) .




و نـقرا في الشعر الذي انشده عمار بن ياسر في معركة صفين ايضا ان اصطدام التيارين المتحاربين
اصطدام فكري يحوم حول تاويل القرآن و احد هذين التيارين هو الاسلام الاموي , و الاخر اسلام
علي ـ عليه السلام ـ الذي يمثل التشيع .


كان هذا المقاتل الواعي يخاطب جيش الشام قائلا:.







  • نحن ضربناكم على تنزيله
    فاليوم نضربكم على تاويله ((90)) .



  • فاليوم نضربكم على تاويله ((90)) .
    فاليوم نضربكم على تاويله ((90)) .




و جا في بيت آخر يحوم حول مفهوم الوصية :.






  • فيكم وصي رسول اللّه قائدكم
    و اهله و كتاب اللّه قد نشرا ((91)) .



  • و اهله و كتاب اللّه قد نشرا ((91)) .
    و اهله و كتاب اللّه قد نشرا ((91)) .




و نقرا في واقعة كربلا ان احد اصحاب الحسين ـ عليه السلام ـ وهو نافع بن هلال كان يرتجز, و
يقول : انا الجملي انا على دين علي ((92)) .


و يدلنا هذا على ان دين علي ـ عليه السلام ـ كان خطا فكريا متميزا في واقعة كربلا.


و مـن الـطريف في تلك الفترة ان تعبير ((دين يزيد بن معاوية )) كان متداولاايضا ((93)) و قد
افـضت كربلا ايضا الى تميز الموقف الشيعي في الفروع تدريجا,لا نها رسمت للشيعة حدا سياسيا
يـفـصـل بـيـنـهم و بين الذين وقفوا امامهم بوصفهم مسلمين و هذا لا يعني ان الخلافات كانت غير
مـوجـودة , بل يعني ان الشيعة حتى تلك الفترة ـ بغض النظر عن خلافاتهم ـ كانوا لا يزالون يرون
وجـودهـم الـى جـانـب جـمهور المسلمين مشروعا, بيد ا نهم وجدوا فيما بعد ان من الضروري
تنظيم انفسهم للمحافظة على الاسلام و ثقافته الغنية الثرة .


و من ثم دخول الحلبة في كافة الابعاد لا سيما البعد الديني ((94)) و فشااصطلاح ((الترابية ))
معبرا عن الشيعة في عصر ابن الزبير ليجسد مواصلة خط ابي تراب , وهو الامام علي ـ عليه السلام
ـ مـن قـبـل اتـبـاعـه و جـا قـولـهـم فـي الـذين بايعواالمختار : ((فانما بايعه شرذمة من هؤلا
الترابية ((95)) )).


((96)) و
)) كان رفاعة بن شداد ـ وهو احد المقاتلين مع المختار ـ يقول مرتجزا:.






  • انا ابن شداد على دين علي
    لست لعثمان بن اروى بولي ((97)) .



  • لست لعثمان بن اروى بولي ((97)) .
    لست لعثمان بن اروى بولي ((97)) .




فهذا هو التشيع العقيدي الذي كان مطروحا في مقابل التيارات المناهضة له .


ثم تميز في ما بعد اكثر فاكثر.


ج ـ التشيع لاهل البيت ـ عليهم السلام ـ و مودتهم .

ج ـ التشيع لاهل البيت ـ عليهم السلام ـ و
مودتهم .



ثـمـة بـعد ثالث للشيعة ايضا ـ و قد اشير اليه في تضاعيف البحوث المتقدمة نوعا ما ـ و يتمثل هذا الـبـعد في ((مودة اهل البيت ـ عليهم السلام )) و نلحظ ان كثيرامن اهل السنة يحبون اهل البيت ـ
عليهم السلام ـ عملا بالاحاديث الماثورة عن النبي الاعظم ـ صلى اللّه عليه و آله ـ في فضائل اهل
الـبيت ـ عليهم السلام حتى يمكننا القول : ان ترحيب السنة بالعلويين ينطلق من انتما العلويين الى اهل
البيت ـ عليهم السلام , و لذلك كانوا يحظون بتاييد الفريقين .


و من توكا على فضائل اهل البيت من اهل السنة فقد اتهم بميول شيعية , و ان كان لا ينسجم مع الشيعة
فـقهيا و سياسيا و لعل اتهام ((ابن عبد ربه الاندلسي ))صاحب كتاب ((العقدالفريد)) بانه ذو ميول
شـيعية يعود الى ما ذكرنا و اتهم ((الشافعي )) كذلك , الا ان تهمته لم تنل نصيبها من الاهتمام كثيرا
عـلـى طـول الـتـاريـخ لا نـه كان احد ائمة المذاهب الفقهية عند السنة و عند ما كان يتحدث عن
افـضـلية الامام علي ـ عليه السلام , فان اهل السنة اتهموه بالتشيع بل بالرفض ايضا و في ضؤ مانقله
الـبيهقي , لما قيل له : ان فريقا لا يود اهل البيت , و كل من نقل شيئا من فضائلهم , فانه يدعى رافضيا,
انشد شعرا قال في احد ابياته :.







  • اذا نحن فضلنا عليا فاننا
    روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل ((98)) .



  • روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل ((98)) .
    روافض بالتفضيل عند ذوي الجهل ((98)) .




و قال في بيت آخر:.








  • ان كان حب الولي رفضا
    فانني ارفض العباد ((99)) .



  • فانني ارفض العباد ((99)) .
    فانني ارفض العباد ((99)) .




و حـينما كان مقيما في غزة , اتهم بميله الى العلويين و تعصبه لهم بسبب ما كان يبديه من آرا في هذا
المجال ((100)) .


بيد ا نه عندما طلبه الرشيد و عرف ان هذا الحب لا علاقة له بالقضاياالسياسية , لم يمسه بسؤ, بل
و انعم عليه بالف دينار مع خلع كثيرة ((101)) , فانشدقائلا:.





  • ما الرفض ديني و لا اعتقادي
    لكن توليت من غير شك ((102)) .



  • لكن توليت من غير شك ((102)) .
    لكن توليت من غير شك ((102)) .




/ 33