شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شیعة فی ایران دراسة تاریخیة منذالبدایة حتی القرن السابع الهجری - نسخه متنی

رسول جعفریان؛ مترجم: علی هاشم الأسدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


, فانه جا من طبرستان الى الري ولابد ان تكون ((775)) و في ضؤ ما نقله صاحب منتقلة الطالبية سـفـرته تلك قد وقعت في العقد الخامس من القرن الثالث اي : في وقت لم تكن للعلويين سلطة في تلك
الـمـنـاطـق , و كـان ولاة الدولة الطاهرية يضطهدون الناس و يسومونهم الخسف يومذاك و ذكر
الـصـاحـب ا نه سكن في ساربانان و كانت ساربانان في سكة الموالي كما دلت عليه دراسة الدكتور
كـريـمـان و هـي نـقـطـة الـتـقـا الـمـنـاطـق الجغرافية الخاضعة للمذهب الحنفي , والشافعي ,
والـشـيـعـي ((776)) و كان السيد عبدالعظيم من الصحابة الكبار للامام الرضا والجواد والهادي
عـلـيـهـم السلام , و يحتمل ا نه توفي في حدود سنة 250 ه و ورد عدد من الروايات في فضيلة
زيارته , و لا جرم ا نها استهدفت لفت انظار الشيعة الى الري , بل الى السكن فيها.

ان احـد الـبواعث المهمة على اتصال الائمة بشيعة الري , و كذلك كثرة الشيعة فيها هووجود احد
وكلا الامام المهدي ـ عليه السلام ـ في الري و من الطبيعي ان وكالته كانت غيرمباشرة , فقد اضطلع
بـهـا مـن قبل احد النواب الاربعة و هذا الرجل هو ابو الحسين محمدبن جعفر الاسدي (م 312)
يـقول صالح بن ابي صالح : سالني بعض الناس في سنة تسعين و مائتين قبض شي [للامام ] فامتنعت من
ذلك , و كتبت استطلع الراي , فاتاني الجواب :بالري محمد بن جعفر, فليدفع اليه [الاموال ], فانه من
ثقاتنا ((777)) .

و جا التاكيد على وكالته و عدالته و وثوقه في روايات اخرى ايضا ((778)) .

بـيـد ان الـنجاشي ذكر ا نه ينقل عن الضعفا, و ا نه يعتقد بالجبر و التشبيه [و هذا مايخالف عقائد
الائمـة الـمـعـصومين عليهم السلام ((779)) ] و قد ذب عنه في هذا المجال ,بخاصة ا نه كان من
مشايخ الكليني ايضا ((780)) .

ذكـرنـا قبل قليل عددا من اصحاب الائمة عليهم السلام من الذين كانوا يلقبون بلقب الرازي و ننقل
فيما ياتي اسما خمسة و عشرين راويا آخر من رواة اخبار الائمة المذكورين في الكتب الاربعة :.

الجاموراني الرازي , محمد بن اسماعيل الرازي , ابو القاسم بن مخلد الرازي ,ابو عبداللّه الرازي ,
ابـواسـحـاق ابـراهـيـم بن محمد بن عبداللّه الرازي ,محمد بن عبداللّه الرازي , موسى بن حسين
الـرازي , موسى بن حسن الرازي , محمد بن حسن الرازي ,علي بن سليمان الرازي , علي بن نعمان
الـرازي , عـلـي بـن عـثمان الرازي , ابو يحيى الرازي ,ابن ابي يحيى الرازي , يحيى بن ابي العلا
الـرازي , عـبـداللّه بن احمد الرازي , قاسم بن محمد الرازي , حسين بن محمد الرازي , ابو محمد
الـرازي , جعفربن محمد بن ابي زيدالرازي , محمد بن ابي زيد الرازي , احمد بن اسحاق الرازي ,
ابو اسماعيل صيقل الرازي ,ابو هلال الرازي , محمد بن حسان الرازي ((781)) .

و يـنبغي ان تضاف الى هذه القائمة اسما الرواة الذين لم ترد احاديثهم في الكتب الاربعة , او ا نهم لم
يتلقبوا بلقب الرازي , لكنهم كانوا من اهل الري .

تغلغل التشيع في الري .

تغلغل التشيع في
الري .


يرى ياقوت الحموي ان التشيع في الري بدا في ايام حكومة ابي الحسن مادراني [مادرائي ] و في ضؤ مـا نذهب اليه نحن , و ما مر بنا, فان ذلك العصر كان عصر امتدادالتشيع في الري , لا عصر بدايته
فحسب .

يـقـول يـاقـوت : و كـان اهـل الـري اهـل سنة و جماعة الى ان تغلب احمد بن الحسن المادراني
[الـمادرائي ] عليها, فاظهر التشيع و اكرم اهله , و قربهم فتقرب اليه الناس بتصنيف الكتب في ذلك
فصنف له عبدالرحمن بن ابي حاتم كتابا في فضائل اهل البيت ,و غيره و كان ذلك في ايام المعتمد و
تـغـلـبـه عليها في سنة 275 ه , و كان قبل ذلك في خدمة كوتكين بن ساتكين التركي و تغلب على
الري و اظهر التشيع بها و استمر الى الان ((782)) .

و جـمـع الـمرحوم المحدث ارموي الاخبار المتعلقة بكوتكين والمادراني ((783)) وتحوم هذه
الاخبار حول ساتكين و ابنه كوتكين , و اتصال المادراني به في حوادث سنة255 الى سنة 276 ه
, و فـي ضـؤ مـا ورد في بعض هذه الاخبار, و ما اشار اليه ياقوت ايضا, فان المادراني انفصل عن
كوتكين سنة 275 , و استقل بالري لنفسه .

كـان كـوتـكـين رجلا ظالما, هاجم قم , و قزوين , والري , و ارتكب فيها المذابح و كان المادراني
شـريـكه في هذه الحوادث ايضا ((784)) و لما انفصل عنه , طلب من الموفق العباسي ان ياتي الى
الجبال , فجا سنة 276 ((785)) , و كان قد وعده باموال كثيرة له في تلك المناطق .

و لـعـله كان يقصد الاموال العائدة لكوتكين و ان مشاركة المادراني كوتكين في هجومه على قم , و
كـذلك في قتاله محمدبن زيدالعلوي سنة 272 ه ـ و كان قد قدم من جرجان لمهاجمة الري ـ تثير
علامات استفهام حول عقائده الشيعية .

و يمكننا ان نشير في جواب ذلك الى ما قاله المحدث ارموي في هذا الحقل , اذ ذكرا نه انفصل عنه
بـسـبب اختلافهما مذهبيا, و كذلك بسبب ظلم كوتكين و جوره ((786)) يضاف الى ذلك ان كلام
يـاقوت الذي نقله من كتاب تاريخ ري لابي سعيد آبي او لمنتجب الدين ينص على تشيعه فتعاونه مع
كوتكين اما كان تقية او معلما على تغيير عقيدته .

و ثمة ادلة اخرى ايضا على تشيع المادراني تنبئ عن اتصاله بالشيعة و دعمه اياهم في منطقة الجبال
كلها.

و روى ثقة الاسلام الكليني نقلا عن بدر غلام احمد بن حسن [المادراني ] قال : وردت الجبل و انا
لا اقـول بالامامة , لكني احب اهل البيت ـ عليهم السلام ـ جملة , الى ان مات يزيد بن عبداللّه فاوصى
في علته ان يدفع سيفه و منطقته الى مولاه [يريد الامام المهدي عجل اللّه تعالى فرجه ] فخفت ان انا
لم ادفع الحصان و غيره الى كوتكين , نالني منه استخفاف فقومت الدابة و السيف و المنطقة بسبعمائة
دينار في نفسي و لم اطلع عليه احدا فاذا الكتاب قد ورد علي من العراق : وجه السبعمائة دينار التي
لنا قبلك ((787)) .

ان سـنـد الرواية يدل على ان هذا الامر قد حدث لبدر غلام المادراني , بيد ا ننا نستشف من رواية
مماثلة نقلها ابن طاووس ان بدرا هو الذي روى هذه الحادثة التي وقعت للمادراني .

و نقل ابن طاووس الرواية المذكورة مع بعض التغييرات مما يدل على ان هذه الرواية اصح و جرى
الكلام في هذه الرواية عن ارسال مال من قبل المادراني الى احد و كلاالامام المهدي عليه السلام ثم
ورد فـيـها ان المادراني عزم بعد حرب كوتكين مع يزيد بن عبداللّه في ((شهرزور)) و قتله ان
يـدفع حصانه و سيفه الى مولاه , الا ان كوتكين طالبه بهافارغم على دفعها اليه مع اشيا اخرى تعود
لـيزيد, و بعد ذلك يرسل ثمنها الى الامام و مضت مدة فاستدعاه ابوالحسن الاسدي [الذي كان وكيلا
بـالـري ] و سـلـمه رسالة الامام التي دعاه فيها الى دفع الالف دينار الى الاسدي و يقول المادراني :
فشكرت اللّه لا ني كنت اعلم ان احدا لم يطلع على ذلك غيري ((788)) .

تذهب هذه الرواية و ما نقل بعدها الى ان تشيع المادراني بدا منذ تعاونه مع كوتكين .

و لـديـنـا دلـيـل آخر على تشيع المادراني و هو قول احمد بن محمد بن خالد البرقي (م274 او
280) ((789)) احد علما الشيعة الكبار في القرن الثالث , اذ نقل تشيعه لاهل البيت ـ عليهم السلام
ـ بـعد لقائه اياه فقد ذهب عنده شافعا لشيخ اتهم بالوشاية بكوتكين الى الخليفة , فشفعه فيه كما طلب
احمد منه ان يرجع اليه ملكا في كاشان كان كوتكين قدصادره , فلبى حاجته و جا في هذه الرواية ان
الاجرا المذكور الذي اتخذه المادراني كان بسبب اشتراك الشيخ , و احمد, والمادراني في حب اهل
البيت و يشير هذا النقل ايضا الى تردد احمد على الري .

ان النقطة الاخرى التي تخص المادراني تتمثل في ما قاله ياقوت ان العلما والمحدثين كانوا يتقربون
الـيـه مـن خـلال تـاليف الكتب في فضائل اهل البيت عليهم السلام و ذكر اسم ابن ابي حاتم الرازي
(240 ـ 327) و مـن المؤكد ان هذا الرجل كان من اهل السنة , و في وضؤ ما نقل , فانه ا لف كتابا
فـي فضائل اهل البيت ايضا ((790)) وهو صاحب كتاب الجرح والتعديل الذي يشبه التاريخ الكبير
للبخاري شبها تاما نوعا ما
العلويون والتشيع في الري .

العلويون والتشيع في
الري .


كانت الري , و طبرستان مركزين مهمين لاستقرار العلويين في ايران و قد بدات هجرة العلويين الى طـبـرستان منذ اواخر القرن الثاني الهجري , بيد ان نطاقها امتد في القرن الثالث قال المرعشي : ((
يـمـم السادة تلك الارجا بعد ولاية العهد التي فوضها المامون الى الامام الرضا و كان للامام واحد و
عـشرون اخا آخر و وصل هؤلا الاخوة و بنو اعمامهم من السادة الحسينيين والحسنيين الى الري
والـعـراق [عـراق الـعجم ])) و اضاف ا نهم تفرقوافي جبال الديلم و طبرستان بعد ما بلغهم خبر
استشهاد الامام علي بن موسى الرضاـعليه السلام ((791)) .

و لابد ان يكون احد هؤلا الاخوة حمزة بن موسى بن جعفر ـ عليهم السلام ـ الذي كان قبره بالري
و عندما قدم السيد عبدالعظيم الى الري (منتصف القرن الثالث ) كان يزورذلك القبر ثم اصبح مزارا
للسنة والشيعة على الدوام ((792)) .

و كان السادة بعامة شيعة ـ سوا كانوا امامية او زيدية ـ غير ا نهم كانوا يعيشون التقية احيانا, و في
الوقت نفسه كانوا يدافعون عن فضائل اهل البيت ـ عليهم السلام و قال عبدالجليل الرازي : والعلوي
الصريح لا يكون الا اماميا شيعيا و الا فهو زيدي ((793)) .

و الدليل على ذلك شعر قوامي رازي في السيد فخر الدين العلوي الذي كان رئيس الشيعة بالري في
النصف الاول من القرن السادس فقد قال فيه و تعريبه :.

انـت رئيـس الـشـيـعة و انت سيد سادات العصر و الاقبال يغني الاعيان بجاهك (الدولة هنا بمعني
الاقبال و الطالع و الثروة ) ((794)) .

و كـان الـسـادة الـكثيرون الذين يعيشون في الري يتمتعون بحياة هادئة طبيعيا الا من كان منهم ذا
تفكير زيدي فانه يتعرض للمحن اذا ما راودته فكرة الثورة على النظام الحاكم .

و حـظي الـعلويون بسمعة طيبة في ارجا الري كافة كما كان الناس يحترمونهم و يوقرونهم كثيرا
لانـتسابهم الى رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه و آله و سلم بعبارة اخرى , كان الناس يرونهم ملاذا لهم
من جور العباسيين والامرا التابعين لهم .

و عـنـدمـا كان محمد بن اوس البلخي عامل سليمان بن عبداللّه بن طاهر يمارس الظلم والاضطهاد
بـحـق اهـل طـبرستان , لجا عدد من وجهائهم الى محمد بن ابراهيم احدالعلويين المقيمين بالري ,
فـارسلهم الى الحسن بن زيد و قبل هذا الرجل دعوتهم , فتوجه من الري لطبرستان , و وضع اللبنة
الاولى لسلالة العلويين بطبرستان و بسط سيطرته عليهاقرابة عشرين سنة , و احكم قبضته على
الري ايضا في فترات متقطعة (250 , 251 ,253 , 258 ه((795))).

و شـجـع هـذا الانـتـصـار سـائر الـعـلـويـيـن فـي مـخـتـلـف الـمـنـاطـق على التوجه الى
طـبـرسـتان ,والري ((796)) ثم قتل خليفة الحسن , وهو محمد بن زيد على يدالجيش الساماني ,
فـفـرنـاصـر الاطـروش الـى جيلان , ثم عاد الى طبرستان ثانية سنة 301 ه , و اهم خطوة قام
بهاالاطروش هي نشر الاسلام الشيعي في ربوع طبرستان , و مواصلة العلويين حكومتهم فيها.

و كـان لاتـصـال الـري بطبرستان تاثير متبادل على الري والمناطق الواقعة في اطرافهاكقصران
بـالـنـسـبة الى التشيع و لما كان العلويون الذين حكموا طبرستان من الزيدية , فان الافكار الشيعية
الزيدية كانت سائدة في المناطق الشمالية من الري , و في الري نفسهاو كان اتصال قم بالري من جهة
اخرى باعثا على ايجاد الافكار الشيعية الامامية .

و ذكر ابن طباطبا عددا كبيرا من الشخصيات العلوية و اسرهم الذين توطنوا الري و كان هو نفسه
عـلى قيد الحياة حتى اواخر القرن الخامس , و هؤلا الاشخاص كانوا في الري آنذاك و لكل واحد
مـنـهـم اسرته و بيته , و بعضهم كان ذا شهرة واسعة و يستبين لنا من المقارنة بين الاحصائية التي
ذكـرها ابن طباطبا للعلويين القاطنين في الري , و بين المعلومات التي نقلها عن بعض المدن الاخرى
كـثرة المهاجرين العلويين الى الري و تقع طبرستان قبل الري , و هي منطقة كبيرة نسبيا و قدم لنا
ابـن طـبـاطـبـا معلومات مفيدة عن العلويين من خلال ذكر اسمائهم و انسابهم والاماكن التي كانوا
يـسـكـنون فيها و قدومهم الى الري و تضم قائمتهم اكثر من خمسة و ستين علويا مشهورا و كان
بعضهم من السادة الحسنيين , والبعض الاخر من الحسينيين ((797)) .

و لنا حديث آخر عن علويي طبرستان سناتي عليه في الموضوعات القادمة .

امتداد التشيع بالري ايام البويهيين .

امتداد التشيع بالري ايام
البويهيين .


ان الـحـد الادنـى فـي هـذا الموضوع هو ان البويهيين كانوا حسنة من حسنات ظهورالعلويين في طـبـرسـتـان بـنحو غير مباشر, و ان كنا لا نجد معلما على تشيع خاص في حياتهم السياسية قبل
حكومتهم غير ما نقرا من ا نهم نهضوا في كل مكان من طبرستان و كانت هذه المنطقة شيعية .

و كـان عـمـاد الدولة مؤسس الحكومة البويهية و اخواه من اهالي الديلم و نشاوا في وسط اسلامي
شـيـعـي كان حصيلة جهود العلويين في تلك المناطق و قضوا فترة من عمرهم في خدمة ما كان بن
كـاكي , ثم انضووا تحت لوا مرداويج مؤسس حكومة آل زيارو نصب مرداويج عماد الدولة حاكما
على كرج ((798)) و عندما وصل الحسن الى الري ,ندم مرداويج على توليته الري , بيد ا نه كان
قد وصل كرج قبل القيام باي عمل فسيطر على كرج و اتخذ اجراات معينة لقمع بعض المتمردين من
((الـخـرم دينية )) الذين كانوا هناك و كانت كرج قبل ذلك تحت سيطرة ابي دلف و اسرته و هذا
الرجل كان محباللعلويين ((799)) .

و توجه عماد الدولة من كرج الى اصفهان , ثم تحرك منها الى شيراز بعد احتلال مؤقت لها, و اقام في
مدينة ارجان ثم اخضع شيراز لسيطرته و ظل فيها و مضى اخوه الاصغرمعز الدولة الى بغداد, و
جـعـل حـكـومـتها طوع عنانه اما اخوه الاخر ركن الدولة فقد انبرى الى توطيد اركان الحكومة
البويهية في ايران .

و استطاع ركن الدولة (م 366) ان يحتفظ بايران للبويهيين وسط الطامحين الكثيرين الى حكومتها
و اتـخذ من اصفهان , ثم من الري قاعدة لحكومته برهة من الزمان و كانت الري في ايام البويهيين من
اهـم مـراكـز اقتدارهم السياسي , كما كانت من الحواضر الثقافية المهمة في ايران و جا بعد ركن
الـدولـة نـجله مؤيد الدولة , ثم تلاه اخوه فخر الدولة الذي مسك زمام الحكومة البويهية في ايران
بـفضل الصاحب بن عباد الشيعي و مات الصاحب سنة 385 ه ثم مات فخر الدولة بعده سنة 387 ه
فـخـلـفـه ابـنه و لما كان صغير السن ,تسلمت امه سيده خاتون زمام الامور عدد سنين و كان ولده
مـجدالدولة حاكما على الري حتى سنة 421 ه التي اخرج فيها السلطان محمود الغزنوي الري من
قبضة البويهيين .

و هـكـذا كانت الحكومة البويهية التي امتدت ثمانين سنة في الري باعثا على بث التشيع في المدينة
بـقـوة نـظـرا الى الميول الشيعية للبويهيين و وزرائهم ((800)) كما كانت الاوضاع في المناطق
الاخرى الخاضعة لسيطرتهم على هذه الشاكلة .

و كان الصاحب بن عباد الوزير العالم والمقتدر للبويهيين شديد الحب لاهل بيت النبوة و قد خصص
مـا ينيف على نصف اشعاره في مدح اهل البيت ـ عليهم السلام ((801)) و غيرالجو الديني للري من
خـلال اقـصا مناوئي اهل البيت ـ عليهم السلام ـ و تقريب الشيعة والمعتزلة و تحدث المقدسي عن
حنابلة الري في القرن الرابع ((802)) , بيد ا ننا لم نجدلهم اثرا بعد ذلك , و هم الذين كانوا من اشد
اهـل السنة تطرفا في تعاملهم مع الشيعة , و لم يبق في الري من اهل السنة غير الشافعية والحنفية و
ثمة اختلاف يحوم حول مذهب البويهيين , فهل كانوا امامية او زيدية ؟ بيد ان الثابت هو وجود الميول
الشيعية القوية عندهم , الا ان دخولهم في السياسة ولد نوعا من التسامح لديهم .

و مـن آثـار الشيعة في العصر البويهي وجود المكتبات والمدارس الكثيرة التي دمر قسم منها على
يدالسلطان محمود الغزنوي الذي كان يتسم بتعصب خاص في تسننه و جبريته وعلى الرغم من هذا,
فان التشيع لم يضعف في الري قط كما سترون .

و من معالم التشيع في الري ايام البويهيين نضج طبقة من علما الشيعة و ادبائها الذين كان لهم دور في
الـحكومة , كما كانت لهم قدرة ملحوظة في تاليف الكتب العلمية و من هؤلا: ابو سعد الابي الذي كان
وزيـرا لـمـجـد الـدولـة البويهي مدة و توفي سنة 421 ه و كان من طلاب الشيخ الصدوق عليه
الـرحـمـة , و احـد الـوزرا الامـامـيـيـن فـي الـحـكومة البويهيية واهم اثر له هو كتابه القيم :
نـثـرالـدر ((803)) الـذي طبع اخيرا بمصر في ستة اجزا و يدل هذاالكتاب على عمق العقيدة
الـشـيعية لهذا الوزير, و تسامحه في الوقت نفسه كما ينبئ عن ادبه و مطالعته الواسعة و لعل كتابه
اول كـتـاب رتب الفهرس الموضوعي للايات القرآنية ,وهو ابتكار مهم للغاية في موضوعه و ذكر
المؤلف ائمة الشيعة واحدا تلو الاخر, و نقل عن كل منهم عددا من الروايات والذكريات ((804))
و ا لـف كـتـابـا فـي تـاريـخ الـري ايضا كان في متناول ايدي الناس بعده بقرون , اما اليوم فلا اثر
له ((805)) .

آل بابويه في الري .

آل بابويه في
الري .


ان وجود البيوتات الشيعية الاصيلة في الري التي كان اهلها من العلما جيلا بعد جيل هو احد البواعث على بروز التشيع و غلبته في هذه المدينة و كان آل بابويه من ارسخ هذه البيوتات الشيعية , عاشوا
بادئ امرهم في قم ثم انتقلوا منها الى الري و لعل اولهم هوعلي بن الحسين بن موسى بن بابويه الذي
كـان يـعـيـش فـي قم وهو والد الشيخ الصدوق كان في قم بيد ا نه كان يتردد على الري و نقل عن
الـشهيد الثاني ان له رسالة في مناظرة مع محمد بن مقاتل الرازي في الامامة انتهت بتشيع الاخير و
عـنوان هذه الرسالة : الكر والفر, وجمعها بعض تلاميذه ((806)) و كان نجله الشيخ الصدوق من
ارفـع محدثي الشيعة وعلمائهم منزلة في القرن الرابع توفي سنة 381 هـ و كان مقيما في الري , و
((وجه الطائفة ))في خراسان على حد تعبير النجاشي ((807)) .

و ذكر المرحوم رباني شيرازي شرحا لرحلاته في بداية كتاب معاني الاخبار ولد الشيخ الصدوق
فـي قم , و اقام في الري سنة 347 و اذن له ركن الدولة البويهي بالسفر الى مشهدسنة 352 , ثم
عاد الى الري و كانت له رحلات عديدة الى مناطق مختلفة استهدف منهاجمع الاحاديث و نشر اخبار
اهـل الـبيت عليهم السلام و فقه آل محمد ((808)) و من البين ان لال بابويه صلة حميمة بل بويه و
اهـدى الشيخ الصدوق كتاب عيون اخبار الرضا الى الصاحب بن عباد, و يعود ذلك الى ولا الصاحب
لاهل البيت ـ عليهم السلام , و تمسكه بولايتهم و اعتقاده بوجوب طاعتهم و قوله بامامتهم و احسانه
الى شيعتهم ((809)) .

و كان للشيخ الصدوق اخ هو الحسين بن علي ا لف كتابا في نفي التشبيه و اهداه الى الصاحب بن عباد
ايـضا ((810)) و كان آل بابويه معروفين حتى اواخر القرن السادس وآخرهم هو الشيخ منتجب
الـديـن صـاحـب الفهرست و آثار اخرى غيره و كان معروفا بابن بابويه ايضا و ذكر عددا من آل
بـابـويـه في فهرسته و اورد المرحوم رباني اسما اثنين وعشرين عالما من علما هذه الاسرة , و
معظمهم كان يسكن الري ((811)) و نقل الاستاذطارمي معلومات قيمة عن اربعة عشر شخصا من
الاشخاص المنسوبين الى آل بابويه ((812)) .

و مهما يكن من شي , فان وجود احد علما الشيعة الكبار و اسرته الوجيهة في الري ادى دورا عظيما
فـي تـشيع تلك المنطقة و لا جرم ان كل واحد من تلاميذه بذل جهودامهمة في تشييد صرح الفكر
الشيعي في هذه الديار والمناطق الواقعة في اطرافها.

و كانت في الري بيوتات اخرى من الشيعة ايضا سنذكرهم فيما بعد.

و لـديـنا علما مشهورون من الشيعة يتلقبون بلقب الرازي ايضا و ابرزهم ابو جعفر بن قبة الرازي
مؤلف كتاب الانصاف في الامامة , و المستثبت في الامامة و كان هذا الرجل يعيش في الري .

و جـمـلـة الـقول ا ننا ينبغي ان نعتبر قرب الري من قم احد البواعث على تشيعها, مع الاخذ بنظر
الاعتبار هجرة آل بابويه الى الري .

شيعة الري تحت ضغط الغزنويين في الري .

شيعة الري تحت ضغط الغزنويين
في الري .


لم يتيسر للبويهيين ان ينالوا رضا الحاكم العباسي , لا نهم ضعضعوا قاعدة الحكم العباسي من جهة , و عـرفوا بدعمهم المذهب الشيعي والعلويين على كره من العباسيين من جهة اخرى و كانت الحكومة
الـعـبـاسية تخطط للضغط على البويهيين باي وسيلة ممكنة و من الوسائل التي مارستها هي تسخير
الـحـكـومات القائمة في شرق ايران من اجل ذلك الغرض و عرفت تلك الحكومات بتعصبها للمذهب
الـسـنـي , فـاثـارت مشاكل مختلفة في طريق البويهيين و كانت الحكومة السامانية , ثم الغزنوية من
الحكومات المناوئة للمذهب الشيعي و اهم اجرا اتخذ ضد الري هو هجوم السلطان محمود الغزنوي
عـلـى هـذه الـمـديـنـة سـنـة 420 ه و قام السلطان المذكور بهجومه رغبة منه في تقديم خدمة
معينة للحاكم العباسي الذي كان مستا من البويهيين , والتشيع , و مذهب الاعتزال ـ الذي كانت له قدرة
فـي الـري بـعد الصاحب بن عباد يضاف الى ذلك , ان الغزنويين كانوا يحصلون على غنائم من خلال
احتلال منطقة جديدة .

و ذكر المؤرخون والسلطان نفسه ان الدافع الذي حركهم لمهاجمة الري هو قمع التشيع والاعتزال
و كان الشيعة يذكرون في الاراجيف السنية يومذاك على ا نهم قرامطة و باطنية , و هذان العنوانان
يرتبطان بالاسماعيلية اساسا و نقرا في الرسالة التي نقلهاالخواجه نظام الملك عن السلطان محمود ا
نه لم يقدم لاحتلال العراق [عراق العجم ] بل قدم لاصلاح الاوضاع الفاسدة في تلك المنطقة و كتب
في رسالته ـ ضمن اشارته الى التعارض القائم بين الاتراك الذين كانوا على المذهب السني , والديالمة
الـذيـن كـانـوايـعـتـنـقـون الـمـذهب الشيعي ـ قائلا : (( آثرت هذه المهمة على غزو الهند و
تـوجهت تلقاالعراق [عراق العجم ] و سلطت الجنود الاتراك , و كلهم من المسلمين الحنفية الاطهار,
على الديالمة و الزنادقة والباطنية لاقطع دابرهم فمنهم من قتل بسيوفهم , و منهم من اسر و حبس ,
و مـنـهـم مـن شرد في ارجا الارض و فوضت الاعمال الى سادة خراسان و متنفذيها, و هم اما من
الحنفية او الشافعية الاطهار, و كلاهما عدو الروافض والباطنية ,و صديق الاتراك ((813)) .

و فـي ضـؤ مـا نـقله ابن كثير فان السلطان الغزنوي اطلع الحاكم العباسي في رسالة بعثهااليه سنة
420 ه ا نه احل بطائفة من اهل الري كانوا من ((الباطنية )) و ((الروافض )) قتلا ذريعاو صلبا
شنيعا, و ا نه انتهب اموال رئيسهم و كانت الف الف دينار ((814)) .

و بـنـاا عـلى ما افاده ابن الاثير فان السلطان صلب اصحاب مجدالدولة الباطنية الذين كانوا يقضون
وقتهم في المطالعة , و اتلف كتب الفلسفة و نفى المعتزلة ايضا الى خراسان ((815)) .

و قال فرخي في شعر له و تعريبهما:.

اخـذت ملك الري من القرامطة , و اصبحت راغبا الان في ادا مناسك الحج و كل من عمل منهم بهواه ,
فان جزاه الصلب على اعواد المشانق ((816)) .

ان ما قام به السلطان الغزنوي المتعصب ذو الافق الضيق في اتلافه مكتبات الري جريمة من جرائمه
الـثقافية التي تمثل ضربة للكتب الشيعية والفلسفية , و لعل بعض الكتب قد اتلفت تماما و ليس لها نسخ
اخرى و من اهم مكتبات الري المكتبة الصاحبية التي تعود للصاحب بن عباد.

و قد احرق السلطان كتبها الكلامية والفلسفية ((817)) و كان الصاحب نفسه يقول : ان كتبها تحمل
على اربعمائة بعير او اكثر ((818)) .

و راى ابوالحسن البيهقي فهرس الكتب الموجودة في هذه المكتبة في عشرة اجزا ((819)) .

يـقـول مؤلف كتاب فضائح الروافض ـ و هوالكتاب الذي انتقده عبدالجليل الرازي غيرمدافع ـ في
تعامل السلطان محمود مع الشيعة : و ماذا حدث في عهد السلطان محمودالغزنوي من القتل والصلب ,
و تشويه سمعة علما الروافض , و تحطيم المنابر, و حظرالمجالس ((820)) ؟.

ان تـشدد السلطان الغزنوي على الشيعة لم يترك اثرا يذكر في الحد من تغلغلهم في الري , لا نهم ـ
مـضـافـا الـى كثرتهم الملحوظة هناك ـ كانوا من اصحاب الوجوه الجذابة المعروفة على الصعيد
الثقافي فلا يمكن القضا على هذا الكيان بهجوم عسكري مؤقت وهو ما اشار اليه عبدالجليل الرازي
ايـضـا في جوابه عن كلام مؤلف الفضائح قال :(( و لما هلك محمود, عاد علما الشيعة الى ما كانوا
عليه من اعمال بحضور شحنه و نوابه ((821)) )).

و لـم تـصمد الحكومة الغزنوية في الري فقد عاد علاالدولة بعد مدة و كان قد هرب من الري بعد
هجوم الغزنويين , و استولى على الري و اصفهان بعد كر و فر, و قبول للسلطة العامة للغزنويين , و
واصل الحكومة البويهية شبه الميتة عدد سنين .

و استطاعت حكومة جديدة ان تتسلم السلطة في الشرق ابان العقد الثالث والرابع من القرن الخامس و
بسطت سيطرتها على ايران ردحا من الزمن و هذه الحكومة هي الحكومة السلجوقية فقد جا طغرل
الـى الـري سـنـة 434 هـ , و اطاح ببقية البويهيين في بغداد سنة 447 ه و انهى حكومتهم التي
امتدت مائة و بضع سنين ((822)) .

شيعة الري في العصر السلجوقي .

شيعة الري في العصر
السلجوقي .


كـان مـلـوك الـسـلاجـقة و امراؤهم ينحازون نوعا ما الى التسنن الحنفي و الحكومة العباسية , و يناهضون التشيع كالغزنويين والسامانيين بيد ان مناهضتهم و ان كانت للاسماعيلية و الباطنية بشكل
مباشر, غير ان الشيعة الامامية لم يسلموا من هجماتهم و ضغوطهم و في الوقت نفسه كان التشيع قد
ضـرب بـجـرانه في منطقة الجبال , و تكيف مع الاوضاع الجديدة بسرعة , و استطاع ان ينمو نموا
لافتا للنظر حتى في العصر السلجوقي .

و نقرا في هذا العصر ان من دعائم النمو المذكور تغلغل الشيعة الامامية في الكيان الاداري للحكومة
الـسـلجوقية , ذلك التغلغل الذي تم بادراع التقية و اختدام المسوغات الشرعية الاخرى , فتمخض
بـنـتـائج مـهمة للشيعة و حصنهم امام امرا الاتراك كذلك يمكنناان نعتبر السادة العلويين و نقباهم
ركيزة من ركائز التشيع هناك بوصفهم شريحة اجتماعية وجيهة متنفذة .

و نلحظ ان من آثار الحكومة البويهية التي امتدت مائة سنة تربية جيل من شباب الشيعة على الصعيد
الاداري والـثـقـافـي , فقد تربى هؤلا في اجوا تلك الحكومة و استاثروا باغلب المناصب الادارية
المهمة و ان هذه الشريحة من الشيعة بوصفها شريحة مثقفة في المجتمع لا يمكن ان تقال على غرة و
لـو وقعت تحت ضغط التعصب السلجوقي في البداية , فان المجتمع والحكومة يظلا ن بحاجة اليها و
ان لـقب القمي , والتفرشي ,والفراهاني , والاوي ((823)) , والكاشاني , والبرقي معلم على حضور
اصحابها و تغلغلهم في الحكومة السلجوقية و نرى ان الشيعة الامامية كانوا سباقين في هذا الباب اذا
مـا قـيـسـوابـالـزيدية , لان الزيدية كانوا دعاة دار الامامة , اما الشيعة فقد حافظوا على اتصالهم
بـالـفـقـهـالـتـسوية شؤونهم المالية والقضائية , وكانوا ينتظرون ظهور الامام المهدي عجل اللّه
فـرجـه عـلـى صـعـيـد الـمطالبة بالحكومة من هذا المنطلق كانوا يحتفظون بسيطرتهم النسبية
على الاوضاع من خلال الدخول في الجهاز الاداري , و ذلك من اجل صيانة المجتمع الشيعي ,والدفاع
عن حقوق المظلومين ايضا و نلحظ نماذج من هذا التغلغل بين اصحاب الائمة عليهم السلام منذ عصر
الامـام الـبـاقـرـ عـليه السلام ـ و بعده , و كذلك نلحظها في الموقع الذي احتله علما الشيعة عبر
العصور المتنوعة و كان الامر على هذه الشاكلة في العصرالسلجوقي ايضا.

قـال مؤلف فضائح الروافض : كان ابو الفضل براوستاني , و بو سعد هندوي قمي من جباة الضرائب
فـي عـهـد بركياروق , و السلطان محمد و استولى المعممون من قم , و كاشان ,و آبه على الامور
باعمالهم و تصرفاتهم استيلا تاما ((824)) )).

و قال ايضا: و لم يعهدوا هذه القدرة في عصر من العصور الخالية , اذ تجراوا و كانوايتحدثون بمل
افواههم , و لا نجد مكانا للاتراك الا و يحكم فيه خمسة عشر رافضيا,و كان كتاب الدواوين كلهم
منهم , و وضعهم اليوم كوضعهم في عصر المقتدرالعباسي ((825)) .

و يـقـصد مؤلف الفضائح ان تغلغل الشيعة في اواخر العهد السلجوقي كان اكثر من العهود المتقدمة ,
بـيـنـمـا كانت تلحظ ضروب من التشدد والاضطهاد في زمن ملكشاه احدسلاطينهم و قال المؤلف
المذكور: اذا كان عند احد الامرا في عهد السلطان الماضي محمد ملكشاه مختار رافضي فانه يرشي
احـد علما السنة ليبلغ الاتراك ا نه ليس رافضيا,بل هو سني او حنفي و نجد في هذا العهد ان معظم
اربـاب الاتـراك و حجابهم و وبوابيهم وطهاتهم و فراشيهم هم من الرافضة , و يفتون على مذهب
الرفض , و يبتهجون بذلك من غير وجل و لا تقية ((826)) .

و بـلـغ هـذا التغلغل حدا ان الموظفين الاداريين , بل التنفيذيين كانوا من الرافضة و من الطبيعي ان
تـعـيـيـن هـؤلا لا يـمكن ان يكون بمعزل عن حضور الكوادر الادارية العالية في الحكومة , وهذه
الكوادر كانت شيعية بالضرورة و كان الشيعة في داخل الاجهزة الحكومية يتعاضدون و يتكاتفون و
ينبغي ان لا نغفل ان هذه الحقائق تصدق على الري التي كان يعيش فيها مؤلف الفضائح , و كذلك صاحب
النقض .

و قـال مؤلف الفضائح : ((اذا وقع رافضي في مازق , فانهم يتزرون و ينقذونه من ورطته اما اذا كان
المتورط حنفيا او شافعيا, فانهم يتعاضدون ضده , و ينهبون داره , وينتقمون من مذهبه ((827)) )).

لـقـد كـذب صـاحب النقض وجود هذا التشدد عند الشيعة في موقفهم من السنة و عندمانقل صاحب
فـضـائح الروافض قصة حول تعصب مجدالملك القمي , فان عبدالجليل مؤلف النقض رفضها, و ركز
على روح التسامح التي كان يحملها (انظر : الصفحات القادمة ).

و اذا ما عرفنا ان الشيعة قد تعرضت في مستهل العصر السلجوقي الى بعض الضغوط,فلا يمكن ان
نـقـبل ا نها تلقت ضربة موجعة بالري يومذاك و قد خفت هذه الضغوط على كرور الايام , يضاف الى
ذلك فرز الاسماعيلية من الامامية الى حدما وكان للامامية انفسهم دور مهم في هذا الفرز, بل كانوا
يـسـاهـمون في دحض الاسماعيلية , و خوض المناظرات العلمية معهم , و كتابة الردود ضدهم و
هـكـذا كـان رجـل مـثـل نـظـام الـمـلـك الـمـتـعصب لمذهبه الشافعي يحترم بعض الشخصيات
الشيعية ((828)) .

و اتـسم هذا الموضوع باهمية اكبر فيما يخص السادة و هكذا يحاول عبدالجليل الرازي ـ متغاضيا
عـن بـعـض الـتـصرفات الحادة التي كان يبديها ملوك السلاجقة حيال الشيعة ـ ان يستنتج من الادلة
القائمة ان تعاملهم مع الشيعة كان مناسبا في الجملة .

يـقـول صـاحب الفضائح : (( و في عصر كريم ملكشاهي ـ سقاه اللّه برحمته ـ كان نظام الملك ابو
علي الحسن بن علي اسحاق مطلعا على سر عقيدة هؤلا فاذلهم و امتهنهم جميعا و كل من ادعى بالعلم
مـنـهـم فـي الـري كـحـسـكـابـابـويـه ((829)) , و بوطالب بابويه ((830)) , و ابو المعالي
امـامتي ((831)) , و حيدر زيارتي مكي , و علي عالم , و بوتراب دوريستي ((832)) , و خواجه
ابـوالـمـعـالي نگارگر, و غيرهم من الرافضة السبابين , فانه امرباصعادهم على المنابر, و نزع
الـعمائم من رؤوسهم , و هتك حرمتهم , والاستخفاف بهم وكانوا يقولون لهم : انتم اعدا الدين , و انتم
الذين تلعنون اهل السابقة في الاسلام , وشعاركم شعار الملحدين , آمنوا اذا شئتم فكانوا يؤمنون , و
يبراون من مقالة الرفض .

و يـجيب عبدالجليل قائلا ((833)) : اما جواب ما نسبه الى عهد السلطان العادل ملكشاه السلجوقي
والـخـواجـه الـمنصف نظام الملك قدس اللّه روحهما, فاقول : انه كذب و افترا,لا نهما قد اكرما
السادات والشيعة بالعطايا والهدايا, و ذلك ما تنطق به خطوطهماو توقيعاتهما و هي ما زالت عندهم ,
و مـا فـتـاوا يـاخـذونـهـا و كـان احـتـرامـهم و توقيرهم و ترفيعهم اشيا ملموسة و ملحوظة
يـومذاك ((834)) و اما ما ذكره من بعض اعلام هذه الطائفة , فاقول : ان الخواجه نظام الملك كان
يـنـعـم عـلـيهم بعطايا كثيرة و صلات عظيمة و ان فرق المسلمين جميعها كانت تعرف علم شمس
الاسـلام حـسـكا بابويه و امانته و زهده وورعه كما كان بوطالب بابويه واعظا يعظ المسلمين و
يـذكـرهـم عـدد سـنـين , و امانته و فضله ظاهران باهران و اما ابوالمعالي امامتي العالم والمفتي
والـواعـظ والـمـقري , فان امتلاك نفسه و ضبطها كانا بارزين عليه و كذلك كان الخواجه بلحسن
معروفا و ذا شان و كان آباالخواجه علي عالم ـ رحمه اللّه ـ و اعمامه معروفين مشهورين و نجد
فـي هـذه الطائفة امثال الخواجه بوسعيد الذي كان عالما متدينا مفسرا و راويا للاخبار, والخواجه
الـفـقـيدعبدالرحمن النيسابوري ((835)) الذي لفت انظار عظام السلاطين والوزرا الى كتبه و
اقواله و قلمه و تصانيفه , فاجزلوا له العطا, و عظموا حرمته و هؤلا ليسوا من قوم يتطاول عليهم
شـخص مثل نظام الملك الذي اغدق عليهم العطا و رفق بهم كثيرا و كان ابوالمعالي نگارگر مؤمنا
معتقدا, و لم يعرف بالشتم واللعن [لعن الصحابة ] بحمداللّه .

و امـا الـخـواجـه بـوتراب دوريستي , فقد كان مشهورا في فنون العلم , و تصنيف الكتب و رواية
الاخبار الكثيرة , و يعتبر احد العلما الكبار في هذه الطائفة و كان نظام الملك يذهب كل اسبوعين الى
دوريست , و يسمع الاخبار من الخواجه جعفر و يعود مغمورابغاية فضله و عظمته وهذه الاسرة
معروفة بالعلم والعفة والامانة خلفا عن سلف , و كان الخواجه حسن والد بوتراب قد خدم نظام الملك
و صحبه , و له عليه دالة , و انشدشعرافي مدحه ((836)) .

و يـنـبغي ان نعلم ان نظام الملك كان شخصا متعصبا, و قد اسا القول في الرفض و الرافضة في كل
موضع من كتابه سياستنامه , و اكد التشدد عليهم و مع هذا, كان تغلغل الشيعة في زمانه قد بلغ درجة
بحيث انه الزم نفسه بالاقتراب منهم والتودد اليهم مااستطاع الى ذلك سبيلا, بخاصة , ا نه كان يسمع
الحديث من علما الشيعة المشهورين من منطلق فضل الصداقة والمودة , كما اشار عبدالجليل الى ذلك .

والـطـريف هو ا نه كمؤلف الفضائح كان يشكو من تغلغل المذهب العراقي , و فيه اشارة الى المذهب
الـشيعي في عراق العجم , بينما نبه على وجود التشدد اللازم في العصرالسلجوقي الاول للحيلولة
دون هـذا الـتـغلغل ((837)) و قال : لم يجرا احد من المجوس ,والنصارى , والروافض في عهد
مـحـمـود و مسعود [الغزنويين ] , و طغرل , و الب ارسلان على الظهور في الساحة او القدوم عند
الاتراك و كان المختارون الاتراك كافة يسيطرون على رؤسا خراسان و كان الكتاب الخراسانيون
الحنفيون والشافعيون من الاطهار,و ليسوا من الكتاب والعمال الذين يدينون بمذهب العراق السيئ , و
كانوا قد اجازوا لهم الاقتراب منهم , و لم يسمح الاتراك قط بتشغيل احد منهم و لا جرم ا نهم كانوا
يعيشون مبراين من كل عيب اما الان فقد بلغ الامر ان البلاط والديوان قد غصا بهم , و ورا كل تركي
مئتان منهم , يخططون ان لا يمر خراساني على هذا البلاط والديوان او يجد فيه خبزا ((838)) .

و ذكر نموذجا على تشدد الب ارسلان بالنسبة الى الروافض , و نص على ان شخصا لوقال في ذلك
الزمان : انا شاعي [شيعي ] , و من اهل قم او كاشان , او آبه , او الري , فانه يرفض ((839)) .

ثـم تـحدث كثيرا عن ذم الروافض و كمامر بنا سابقا, فان هذه الضروب من التشدد لم تترك تاثيرا
يذكر في تقليص نفوذ الشيعة , لان التشيع كان قد ضرب بجرانه في الري و توابعها.

تسامح الشيعة في تعاملهم مع المذهب السني .

تسامح الشيعة في تعاملهم مع المذهب
السني .


و دور ذلك في بقا شيعة الري .

لابـد لنا من الحديث هنا عن باعث مهم كان له دور عظيم في المحافظة على شيعة الري و ليس هذا
الـبـاعـث الا تسامح الشيعة في تعاملهم مع السنة المسيطرين المتعصبين ,ذلك التسامح الذي خفف من
الضغط على الشيعة و ينبغي الاقرار بالقاعدة الاتية فيمايخص الشيعة : اذا كان الشيعة يعيشون الى
جـانـب الـسـنة , فانهم يتواجهون ثقافيا,و يتعايشون تعايشا سلميا, و يتفادون الاصرار على مسائل
خاصة تثير نوعا من الحساسية و في مقابل ذلك , اذا كانوا يعيشون وحدهم فحسب , فانهم يبتعدون عن
الوضع المذكور و يمكن القول بنحو تقريبي ان الاصولية والاخبارية كانتا وليدتي هذين الوضعين الى
حدما.

و كانت الاوضاع السائدة في الري من الضرب الاول اذ ان الشيعة كانوا يعيشون في وسط يكثر فيه
الـسنة , و يعيش فيه عدد كبير من علمائهم و من الطبيعي ان الشيعة كانوايتعاملون و يتصرفون من
وحي التسامح , للسبب المتقدم , و قد يقوى ذلك التسامح بوصفه تقية .

/ 33