ارشاد فی معرفة حجج الله علی العباد جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ارشاد فی معرفة حجج الله علی العباد - جلد 2

اب‍ی‌ع‍ب‍دال‍ل‍ه‌ م‍ح‍م‍د ب‍ن‌ م‍ح‍م‍د ب‍ن‌ ال‍ن‍ع‍م‍ان‌ ال‍ع‍ک‍ب‍ری‌ ال‍ب‍غ‍دادی‌ ال‍ش‍ی‍خ‌ ال‍ف‍م‍ی‍د

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



* (باب 3) *
ذكر الامام بعد الحسن بن على (ع) و...


تاريخ
مولده، ودلايل امامته، ومبلغ سنه، ومدة خلافته،
ووقت وفاته وسببها، وموضع قبره، وعدد أوالاده،
ومختصر من أخباره والامام بعد الحسن بن على عليه
السلام اخوه الحسين بن علي عليه السلام ابن فاطمة
بنت رسول الله صلى الله عليه وآله بنص أبيه وجده
عليهما السلام عليه، ووصية أخيه الحسن عليه السلام
اليه.


كنيه
أبوعبدالله، ولد بالمدينة لخمس ليال خلون من شعبان
سنة أربع من الهجرة، وجائت به امه فاطمة عليهما
السلام إلى جده رسول الله صلى الله عليه وآله
فاستبشربه وسماه حسينا، وعق عنه كبشا وهو وأخوه
بشهادة الرسول صلى الله عليه وآله سيد اشباب أهل
الجنة، وبالاتفاق الذى لامرية فيه سبطانبى الرحمة،
وكان الحسن بن علي عليهما السلام يشبه بالنبى عليه
السلام من رأسه إلى صدره، والحسنين يشبه به من صدره
إلى رجليه، وكانا عليهما السلام حبيبى رسول الله من
بين جميع أهله وولده.]



[روى زاذان
عن سلمان رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله
عليه وآله يقول في الحسن والحسين عليهما السلام:
" اللهم انى احبهما فاحبهما واحب من احبهما ".


وقال: من
احب الحسن والحسين احببته، ومن احببته احبه الله،
ومن احبه الله ادخله الجنة ومن ابغضهما ابغضته، ومن
ابغضته ابغضه الله، ومن ابغضه الله ادخله النار.


وقال: ان
ابنى هذين ريحانتاى من الدنيا.


وروى زر بن
حبيش عن ابن مسعود قال: كان النبى صلى الله عليه
وآله يصلى، فجاء الحسن والحسين عليهما السلام فار
تدفاه، فلما رفع رأسه أخذهما أخذا رفيقا، فلما
عادعادا فلما انصرف أجلس هذا على فخذه الايمن وهذا
على فخذه الايسر، ثم قال: من أحبنى فليحب هذين.
وكانا عليهما السلام حجتى الله لنبيه صلى الله عليه
وآله في المباهلة، وحجتى الله بعد أبيهما أمير
المؤمنين عليه السلام على الامة في الدين والملة.]



[وروى محمد
بن أبى عمير عن رجاله عن أبى عبدالله عليه السلام
قال: قال الحسن عليهم السلام لاصحابه: ان لله
مدينتين احدا همافي المشرق والاخرى في المغرب،
فيهما خلق لله تعالى لم يهموا بمعصية له قط، والله
ما فيهما وما بينهما حجة لله على خلقه غيرى وغير أخى
الحسين عليه السلام.وجائت الرواية بمثل ذلك عن
الحسين بن علي عليهما السلام، انه قال لاصحاب ابن
زياد يوم الطف: مالكم تناصرون على؟ ام والله لئن
قتلمونى لتقتلن حجة الله عليكم، لا والله مابين
جابلقا وجابرسا ابن نبى احتج الله به عليكم غيرى،
يعنى بجا بلقا وجابرسا المدينتين اللتين ذكرهما
الحسن عليه السلام. وكان من برهان كمالهما عليهما
السلام وحجة اختصاص الله تعالى لهما بعد الذى
ذكرناه من مباهلة النبى صلى الله عليه وآله بهما،
بيعة رسول الله لهما ولم يبايع صبيا في ظاهر الحال
غير هما، ونزول الشرآن بايجاب ثواب الجنة لهما على
عملهما، مع ظاهر الطفولية فيهما، ولم ينزل بذلك في
مثلهما، قال الله تعالى في سورة هل أتى: " ويطعمون
الطعام على حبه مسكينا ويتيما واسيرا، انما نطعمكم
لوجه الله لا نريد]


هما هذا القول
مع أبيهما وامهما عليهما السلام، فتضمن الخبر
نطقهما في ذلك، وضميرهما الدالين على الآية
الباهرة فيهما، والحجة العظمى على الخلق بهما، كما
تضمن الخبرعن نطق المسيح عليه السلام في المهد،
وكان حجة لنبوته واختصاصه من الله بالكرامة الدالة
على محله عنده في الفضل ومكانه. وقد صرح رسول الله
صلى الله عليه وآله بالنص على امامته، وامامة أخيه
من قبله بقوله: ابناى هذان امامان قاما أو قعدا.
ودلت وصية الحسن عليه السلام اليه على امامته، كما
دلت وصية أمير المؤمنين عليه السلام إلى الحسن عليه
السلام على امامته، بحسب مادلت وصية رسول الله صلى
الله عليه وآله إلى أمير المؤمنين عليه السلام على
امامته من بعده.


فصل (1): وكانت
امامة الحسين عليه السلام بعد وفاة أخيه الحسن عليه
السلام بما قدمناه ثابتة، وطاعته لجميع]



[الخلق
لازمة، وان لم يدع إلى نفسه للتقية التى كان عليها،
والهدنة الحاصلة بينه وبين معاوية بن أبى سفيان،
والتزم الوفاء بها، وجرى في ذلك مجرى أبيه أمير
المؤمنين عليه السلام في ثبوت امامته بعد النبى صلى
الله عليه وآله مع الصموت، وامامة اخيه الحسن عليه
السلام بعد الهدنة مع الكف والسكوت، فكانوا في ذلك
على سنن نبى الله صلى الله عليه وآله وهو في الشعب
محصور، وعند خروجه من مكة مهاجرا مستخفيا في الغار
وهو من اعدائه مستور. فلما مات معاوية وانقضت مدة
الهدنة التى كانت تمنع الحسين عليه السلام من
الدعوة إلى نفسه، أظهر أمره بحسب الامكان، وأبان عن
حقه للجاهلين به حالا بعد حال، إلى ان اجتمع له في
الظاهر الانصار، فدعى عليه السلام إلى الجهاد وشمر
للقتال، وتوجه بولده وأهل بيته من حرم الله وحرم
رسول الله صلى الله عليه وآله نحو العراق،
للاستنصار بمن دعاه من شيعته على الاعداء، وقدم
أمامه ابن عمه مسلم بن عقيل رضى الله عنه وارضاه،
للدعوة إلى الله والبيعة على الجهاد، فبايعه أهل
الكوفة على]



[ذلك
وعاهدوه وضمنواله النصرة والنصيحة، ووثقواله في
ذلك وعاقدوه، ثم لم تطل المدة بهم حتى نكثوا بيعته،
وخذلوه واسلموه، فقتل بينهم ولم يمنعوه، وخرجوا
إلى حرب الحسين عليه السلام فحاصروه، ومنعوه
المسير إلى بلاد الله واضطروه إلى حيث لايجد ناصرا
ولا مهربا منهم، وحالوا بينه وبين ماء الفرات، حتى
تمكنوا منه فقتلوه، فمضى عليه السلام ظمآن مجاهدا
صابرا محتسبا مظلوما قد نكثت بيعته، واستحلت
حرمته، ولم يوف له بعهد، ولا رعيت فيه ذمة عقد،
شهيدا على ما مضى عليه أبوه وأخوه عليه السلام.


فصل (2): فمن
مختصر الاخبار التى جائت بسبب دعوته عليه السلام،
وما أخذه على الناس في الجهاد من بيعته، وذكر جملة
من امره في خروجه ومقتله: ما رواه الكلبى والمداينى
وغير هما من اصحاب السيرة.


قالوا: لما
مات الحسن عليه السلام تحركت الشيعة بالعراق،
وكتبوا إلى الحسين عليه السلام في خلع معاوية
والبيعة له، فامتنع عليهم، وذكر ان بينه وبين
معاوية عهدا وعقدا لايجوز له نقضه، حتى تمضى]



[المدة،
فاذا مات معاوية نظر في ذلك، فلما مات معاوية وذلك
للنصف من رجب سنة ستين من الهجرة، كتب يزيد إلى
الوليد بن عتبة بن أبى سفيان وكان على المدينة من
قبل معاوية ان يأخذ الحسين عليه السلام بالبيعة له،
ولا يرخص له في التأخر عن ذلك، فانفذ الوليد إلى
الحسين عليه السلام في الليل فاستدعاه فعرف الحسين
عليه السلام الذى أراد، فدعى جماعة من مواليه
فأمرهم بحمل السلاح وقال لهم: ان الوليد قد
استدعانى في هذا الوقت، ولست آمن أن يكلفنى فيه
أمرا لاأجيب اليه، وهو غير مأمون، فكونوا معى فاذا
دخلت اليه فاجلسوا على الباب، فان سمعتم صوتى قد
علافا دخلوا عليه لتمنعوه عنى.


فصار
الحسين عليه السلام إلى الوليد، فوجدعنده مروان بن
الحكم فنعى اليه الوليد معاوية فاسترجع الحسين
عليه السلام ثم قرأ عليه كتاب يزيد وما أمره فيه من
أخذ البيعة منه له، فقال الحسين عليه السلام: انى
لااراك تقنع ببيعتى ليزيد سرا حتى أبايعه جهرا
فيعرف ذلك الناس، فقال له الوليد: أجل فقال الحسين
عليه السلام: فتصبح وترى رأيك في ذلك، فقال له
الوليد: انصرف على اسم الله تعالى حتى تأتينا مع
جماعة الناس، فقال له مروان: والله لئن فارقك
الحسين الساعة ولم يبايع]



[لا قدرت
منه على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينكم وبينه،
احبس الرجل فلا يخرج من عندك حتى يبايع أو تضرب
عنقه؟ فوثب الحسين عليه السلام عند ذلك وقال: أنت
يابن الزرقاء تقتلنى أم هو؟ كذبت والله وأثمت، وخرج
يمشى ومعه مواليه حتى اتى منزله، فقال مروان
للوليد: عصيتنى لا والله لايمكنك مثلها من نفسه
أبدا، فقال له الوليد: ويح غيرك يا مروان، انك اخترت
لى التى فيها هلاك دينى، والله ما أحب ان لى ما طلعت
عليه الشمس وغربت عنه من مال الدنياو ملكها وانى
قتلت حسينا، سبحان الله ! أقتل حسينا لما أن قال: لا
أبايع، والله انى لا أظن ان امرء يحاسب بدم الحسين
خفيف الميزان عندالله يوم القيامة، فقال له مروان:
فاذا كان هذا رأيك فقد أصبت فيما صنعت، يقول هذا وهو
غير الحامد له على رأيه. فاقام الحسين عليه السلام
في منزله تلك الليلة وهى ليلة السبت لثلاث بقين من
رجب سنة ستين من الهجرة، واشتغل الوليد بن عتبة
بمراسلة ابن الزبير في البيعة ليزيد وامتناعه
عليهم، وخرج ابن الزبير من ليلته عن المدينة متوجها
إلى مكة، فلما أصبح الوليد سرح في أثره الرجال فبعث
راكبا من موالى بني امية في ثمانين راكبا فطلبوه
ولم يدر كوه فرجعوا، فلما كان آخر نهار يوم السبت
بعث]



[الرجال
إلى الحسين عليه السلام ليحضر فيبايع الوليد ليزيد
بن معاوية فقال لهم الحسين عليه السلام: اصبحوا ثم
ترون ونرى ! فكفوا تلك الليلة عنه ولم يلحوا عليه،
فخرج عليه السلام من تحت ليلته وهى ليلة الاحد
ليومين بقيا من رجب متوجها نحو مكة ومعه بنوه وبنوا
أخيه واخوته وجل أهل بيته إلا محمد بن الحنفية رحمة
الله عليه فانه لما علم عزمه على الخروج عن المدينة
لم يدر أين يتوجه، فقال له: يا أخي أنت أحب الناس الي
وأعزهم علي، ولست أدخر النصيحة لاحد من الخلق إلا
لك، وأنت أحق بها، تنح ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن
الامصار ما استطعت، ثم ابعث رسلك إلى الناس فادعهم
إلى نفسك، فان بايعك الناس وبا يعوالك حمدت الله
على ذلك، وان اجتمع الناس على غيرك لم ينقص الله
بذلك دينك ولا عقلك، ولا تذهب به مروتك ولا فضلك،
انى اخاف عليك أن تدخل مصرا من هذه الامصار فيختلف
الناس بينهم، فمنهم طائفة معك واخرى عليك، فيقتلون
فتكون لاول الاسنة غرضا، فاذا خير هذه الامة كلها
نفساوابا واما أضيعها دما واذلها اهلا؟ فقال له
الحسين عليه السلام: فاين أذهب يا أخى؟ قال: انزل
مكة فان اطمأنت بك الدار بها فسبيل ذلك، وان]



[بنت بك
لحقت بالرمال وشعف الجبال وخرجت من بلد إلى بلد حتى
تنظر إلى مايصير امر الناس اليه فانك أصوب ماتكون
رايا حين تستقبل الامر الستقبالا، فقال: يا أخى قد
نصحت وأشفقت وأرجوأن يكون رأيك سديدا موفقا.


فسار
الحسين عليه السلام إلى مكة وهو يقرأ: " فخرج منها
خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين "
ولزم الطريق الاعظم، فقال له أهل بيته: لو تنكبت
الطريق الاعظم كما فعل ابن الزبير كيلا يلحقك
الطلب؟ فقال: لا والله لا افارقة حتى يقضى الله ما
هو قاض. ولما دخل الحسين عليه السلام مكة كان دخوله
اياها ليلة الجمعة لثلاث مضين من شعبان دخلها وهو
يقرأ: " ولما توجه تلقآء مدين قال عسى ربى أن
يهديني سواء السبيل " ثم نزلها فاقبل اهلها
يختلفون اليه ومن كان بها من المعتمرين واهل
الافاق، وابن الزبير بها قدلزم جانب الكعبة وهو
قائم يصلي عندها ويطوف، ويأتي الحسين عليه السلام
فيمن يأنيه فيأتيه اليومين المتواليين ويأتيه بين
كل يومين مرة، وهو أثقل خلق الله على ابن الزبير، قد
عرف ان أهل الحجاز لايبا يعونه مادام الحسين عليه
السلام في البلد]



[وان
الحسين عليه السلام أطوع في الناس منه وأجل. وبلغ
اهل الكوفة هلاك معاوية (عليه الهاوية) فارجفوا
بيزيد وعرفوا خبر الحسين عليه السلام و امتناعه من
بيعته وما كان من امر ابن الزبير في ذلك وخروجهما
الي مكة، فاجتمعت الشيعة بالكوفة في منزل سليمان بن
صرد الخزاعى فذكروا هلاك معاوية فحمدوا الله
وأثنوا عليه، فقال سليمان بن صرد: ان معاوية قدهلك
وان حسينا قد تقبض على القوم ببيعته، وقد خرج لى مكة
وانتم شيعة أبيه، فان كنتم تعلمون انكم ناصروه
ومجاهدوا عدوه وتقتل أنفسنا دونه، فاكتبوا اليه
وأعلموه، وان خفتم الفشل والوهن فلا تغروا الرجل في
نفسه؟ قالوا: لابل نقاتل عدوه ونقتل أنفسنا دونه،
قال: فاكتبوا اليه، فكتبوا اليه: بسم الله الرحمن
الرحيم للحسين بن علي عليهما السلام من سليمان بن
صرد، والمسيب بن نجية، ورفاعة بن شداد البجلى،
وحبيب بن مظاهر، وشيعته المؤمنين والمسلمين من أهل
الكوفة، سلام عليك فانا نحمد اليك الله الذي لا اله
إلا هو، اما بعد فالحمدلله الذى قصم عدوك الجبار
العنيد، الذى انتزى على هذه الامة]



[فابتزها
أمرها وغصبها فيئها، وتأمر عليها بغير رضى منها، ثم
قتل خيارها واستبقى شرارها، وجعل مال الله دولة بين
جبابرتها واغنيائها فبعدا له كما بعدت ثمود، انه
ليس علينا امام فأقبل لعل الله أن يجمعنابك على
الحق، والنعمان بشير في قصر الامارة لسنا نجتمع معه
في جمعة ولا نخرج معه إلى عيد ولو قد بلغنا انك قد
أقبك الينا أخرجناه حتى نلحقه بالشام انشآءالله
تعالى. ثم سرحوا بالكتاب مع عبدالله بن مسمع
الهمدانى وعبدالله بن وال وأمروهما بالنجاء فخرجا
مسرعين حتى قدما على الحسين عليه السلام بمكة لعشر
مضين من شهر رمضان، ولبث أهل الكوفة يومين بعد تسر
يحهم بالكتاب، وأنفذوا قيس بن مسهر الصيداوى
وعبدالله وعبدالرحمن ابنا شداد الارحبى، وعمارة بن
عبدالله السلولى إلى الحسين عليه السلام، ومعهم
نحو مأة وخمسين صحيفة من الرجل والاثنين والا ربعة،
ثم لبثوا يومين آخرين وسر حوا اليه هانى بن هانى
السبيعى وسعيد بن عبدالله الحنفى، و كتبوا اليه:
بسم الله الرحمن الرحيم، للحسين بن علي عليهما
السلام من شيعته من المؤمنين والمسلمين امابعد فحي
هلا فإن الناس ينتظرونك لارأى لهم غيرك، فالعجل
العجل ثم العجل العجل، والسلام.]



[ثم كتب شبث
بن ربعى، وحجار بن ابجر، ويزيد بن الحارث بن رويم،
وعروة بن قيس، و عمروبن الحجاج الزبيدى، ومحمد بن
عمرو التيمى، اما بعد فقد اخضر الجنات وأينعت
الثمار فاذا شئت فاقبل على جندلك مجند، والسلام،
وتلاقت الرسل كلها عنده فقرأ الكتاب وسئل الرسل عن
الناس، ثم كتب مع هاني بن هانى وسعيد بن عبدالله
وكانا آخر الرسل: بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين
بن علي إلى الملاء من المؤمنين والمسلمين، اما بعد
فان هانيا وسعيدا قدما علي بكتبكم وكانا آخر من قدم
علي من رسلكم، وقد فهمت كل الذى اقتصصتم وذكرتم،
ومقالة جلكم انه ليس علينا امام فأقبل لعل الله أن
يجمعنا بك على الحق والهدى، وانى باعث اليكم أخى
وابن عمى وثقتى من أهل بيتى مسلم بن عقيل، فان كتب
إلى انه قد اجتمع رأى ملاءكم وذوي الحجى والفضل
منكم على مثل ما قدمت به رسلكم وقرأت في كتبكم فاني
أقدم اليكم وشيكا انشآء الله، فلعمرى ما الامام إلا
الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط الداين بدين الحق،
الحابس نفسه على ذات الله. والسلام.]



[ودعى
الحسين عليه السلام مسلم بن عقيل فسرحه مع قيس بن
مسهر الصيداوى وعمارة بن عبدالله السلولي،
وعبدالله وعبدالرحمن ابنا شداد الارحبى، وأمره
بالتقوى وكتمان أمره واللطف، فان رأى الناس
مجتمعين مستوثقين عجل اليه بذلك، فأقبل مسلم رحمه
الله حتى أتى المدينة فصلي في مسجد رسول الله صلى
الله عليه وآله وودع من أحب من أهله واستأجر دليلين
من قيس، فاقبلابه ينكبان الطريق فضلا وأصابهما عطش
شديد، فعجزا عن السير فأو ماله الي سنن الطريق بعد
أن لاح لهما ذلك، فسلك مسلم ذلك السنن ومات
الدليلان عطشا. فكتب مسلم بن عقيل رحمة الله عليه من
الموضع المعروف بالمضيق مع قيس بن مسهر: اما بعد
فانى اقبلت من المدينة مع دليلين، فجازا عن الطريق
فضلا واشتد عليهما العطش فلم يلبثا أن ماتا وأقبلنا
حتى انتهينا إلى الماء، فلم ننج إلا بحشاشة أنفسنا
وذلك الماء بمكان يدعى المضيق من بطن الخبت، وقد
تطيرت من توجهى هذا، فان رأيت أعفيتنى منه وبعثت
غيرى ! والسلام.]



[فكتب اليه
الحسين عليه السلام: اما بعد فقد خشيت أن لايكون
حملك علي الكتاب إلى في الاستعفاء من الوجه الذى
وجهتك له إلا الجبن فامض لوجهك الذى وجهتك فيه
والسلام، فلما قرأ مسلم الكتاب قال: اما هذافلست
أتخوفه على نفسى، فأقبل حتى مر بماء لطي فنزل ثم
ارتحل عنه، فاذا رجل يرمى الصيد فنظر اليه قدرمى
ظبيا حين أشرف له فصرعه، فقال مسلم بن عقيل: نقتل
عدونا انشآء الله تعالى، ثم أقبل حتى دخل الكوفة،
فنزل في دار المختار بن أبي عبيدة وهى التى تدعى
اليوم دار مسلم بن المسيب وأقبلت الشيعة تختلف
اليه، فما اجتمع اليه منهم جماعة قرء عليهم كتاب
الحسين عليه السلام وهم يبكون، وبايعه الناس حتى
بايعه منهم ثمانية عشر ألفا فكتب مسلم إلى الحسين
عليه السلام يخبره ببيعة ثمانية عشر ألفا ويأمره
بالقدوم، وجعلت الشيعة تختلف إلى مسلم بن عقيل (ره)
حتى علم بمكانه، فبلغ النعمان بن بشير ذلك وكان
واليا على الكوفة من قبل معاوية فأقره يزيد عليها،
فصعد المنبر فحمدالله وأثنى عليه ثم قال: اما بعد
فاتقوا الله عباد الله، ولا تسارعوا إلى الفتنه
والفرقة، فان فيها تهلك الرجال وتسفك الدماء،
وتغصب الاموال، انى لا اقاتل من لايقا تلنى ولا]



[آتى على من
لم يأت علي ولا انبه نائمكم ولا اتحرش بكم ولا آخذ
بالقرف ولا لظنة ولا التهمة و لكنكم ان أبديتم
صفحتكم لى ونكثتم بيعتكم وخالفتم امامكم فوالله
الذي لااله غيره لا ضربنكم بسيفى ما ثبت قائمه في
يدى ولو لم يكن لى منكم ناصر، اما اني ارجو أن كون من
يعرف الحق منكم أكثر ممن يرديه الباطل، فقام اليه
عبدالله بن مسلم بن ربيعة الحضرمى حليف بنى امية
فقال له: انه لايصلح ما ترى أيها الامير إلا الغشم،
وان هذا الذى أنت عليه فيما بينك وبين عدوك رأى
المستضعفين فقال له النعمان: لئن أكون من
المستضعفين في طاعة الله أحب إلى من أن أكون من
الاعزين في معصية الله ثم نزل. وخرج عبدالله بن مسلم
وكتب الي يزيد بن معاوية كتابا: اما بعدفان مسلم بن
عقيل قدقدم الكوفة وبايعته الشيعته للحسين بن علي
بن ابيطالب عليه السلام، فان يكن لك في الكوفة حاجة
فابعث اليها رجلا قويا ينفذ أمرك ويعمل مثل عملك في
عدوك، فان النعمان بن بشير رجل ضعيف أوهو يتضعف ثم
كتب اليه عمارة بن عقبة بنحو من كتابه، ثم كتب اليه
عمر بن سعد بن ابى وقاص مثل ذلك، فلما]



[وصلت
الكتب إلى يزيد داعى سر جون مولى معاوية فقال: ما
رأيك؟ ان حسينا قد نفذ إلى الكوفة مسلم بن عقيل
يبايع له، وقد بلغنى عن النعمان ضعف وقول سيئ، فمن
ترى ان استعمل على الكوفة؟ وكان يزيد عاتبا على
عبيد الله بن زياد، فقال له سرجون: أرأيت لو يشير لك
معاوية حيا ما كنت آخذا برأيه؟ قال: بلى، قال: فأخرج
سرجون عهد عبيد الله بن زياد على الكوفة وقال هذا
رأى معاوية، مات وقد أمر بهذا الكتاب فضم المصرين
إلى عبيدالله فقال له يزيد: أفعل، ابعث بعهد
عبيدالله بن زياد إليه، ثم دعى مسلم بن عمرو
الباهلى وكتب إلى عبيد الله معه: أما بعد فانه كتب
إلى شيعتى من أهل الكوفة يخبر وننى ان ابن عقيل فيها
يجمع الجموع ليشق عصا المسلمين فسرحين تقرأ كتابى
هذاحتى تأتى الكوفة فتطلب ابن عقيل طلب الخزرة حتى
تثقفه فتوثقه أو تقتله أو تنفيه والسلام، وسلم اليه
عهده على الكوفة فخرج مسلم بن عمرو حتى قدم على عبيد
الله بالبصرة، وأوصل إليه العهد والكتاب فأمر
عبيدالله بالجهاز من وقته والمسير والتهيؤ إلى
الكوفة من الغد، ثم خرج من البصرة فاستخلف اخاه
عثمان وأقبل إلى الكوفة ومعه مسلم بن عمر والباهلى]



[وشريك بن
الاعور الحارثى، وحشمه وأهل بيته حتى دخل الكوفة،
وعليه عمامة سودآء وهو متلثم والناس قد بلغهم اقبال
الحسين عليه السلام، فهم ينتظرون قدومه، فظنوا حين
رأوا عبيد الله انه الحسين عليه السلام، فاخذ لايمر
على جماعة من الناس إلا سلموا عليه وقالوا: مرحبا بك
يا بن رسول الله قدمت خير مقدم، فرأى من تباشرهم
بالحسين عليه السلام ماسائه فقال مسلم بن عمرو لما
اكثروا: تأخروا هذا الاميرعبيد الله بن زياد وسار
حتى وافي القصر بالليل ومعه جماعة قد إلتفوا به لا
يشكون انه الحسين عليه السلام، فاغلق النعمان بن
بشير عليه وعلى خاصته فناداه بعض من كان معه ليفتح
لهم الباب، فاطلع عليه النعمان وهو يظنه الحسين
عليه السلام فقال انشدك الله إلا تنحيت، والله
ماأنا بمسلم إليك أمانتى ومالى في قتالك من أرب
فجعل لا يكلمه، ثم انه دنى وتدلى النعمان من شرف
القصر فجعل يكلمه فقال: افتح لا فتحت فقد طال ليلك
وسمعها انسان خلفه، فنكص إلى القوم الذين اتبعوه من
أهل الكوفة على انه الحسين عليه السلامفقال: يا قوم
ابن مرجانة والذي لاإله غيره، ففتح له النعمان فدخل
وضربوا الباب في وجوه الناس وانفضوا.]



[فاصبح
فنادى في الناس الصلوة جامعة، فاجتمع الناس فخرج
اليهم فحمدالله واثنى عليه ثم قال: أما بعد فان امير
المؤمنين يزيد ولانى مصركم وثغركم وفيئكم وامرنى
بانصاف مظلومكم واعطاء محرومكم والاحسان إلى
سامعكم ومطيعكم، كالوالد البر وسوطى وسيفى على من
ترك أمرى وخالف عهدى، فليتق امرؤ على نفسه "
الصدق ينبى عنك لا الوعيد " ثم نزل واخذ العرفآء
والناس أخذا شديدا، فقال: اكتبو إلى العرفاء ومن
فيكم من طلبة أمير المؤمنين، ومن فيكم من أهل
الحرورية واهل الريب الذين شأنهم الخلاف والنفاق
والشقاق، فمن يجئ لنابهم فبرئ ومن لم يكتب لنا أحدا
فليضمن لنا من في عرافته أن لا يخالفنا منهم مخالف،
ولا يبغى علينا منهم باغ، فمن لم يفعل برئت منه
الذمة، وحلال لنادمه وماله، وايما عريف وجد في
عرافته من بغية أمير المؤمنين أحد لم يرفعه
اليناصلب على باب داره، وألغيت تلك العرافة من
العطآء. ولما سمع مسلم بن عقيل مجئ عبيد الله إلى
الكوفة ومقالته التي قالها وما اخذ به العرفاء
والناس، خرج من دار المختار حتى انتهى إلى دار هانى
بن عروة فدخلها، فأخدت الشيعة تخلف]



[إليه في
دار هانى على تستر واستخفاء من عبيدالله، وتواصوا
بالكتمان فدعى ابن زياد مولى له يقال له معقل، فقال
له: خذ ثلاثة آلاف درهم واطلب مسلم بن عقيل والتمس
أصحابه، فاذا ظفرت بواحد منهم أوجماعة فاعطهم هذه
الثلاثة آلاف درهم، وقل لهم: استعينوا بها على حرب
عدوكم وأعلمهم انك منهم، فانك لوأعطيتهم اياها لقد
اطمأنوا اليك ووثقوا، ولم يكتموك شيئا من أخبارهم،
ثم اغدعليهم ورح حتى تعرف مستقر مسلم بن عقيل وتدخل
عليه، ففعل ذلك وجآء حتى جلس إلى مسلم بن عوسجة
الاسدى في المسجد الاعظم، وهو يصلى فسمع قوما
يقولون: هذا يبايع للحسين عليه السلام، فجاء وجلس
إلى جنبه حتى فرغ من صلاته، ثم قال: يا عبدالله انى
امرء من أهل الشام أنعم الله على بحب أهل البيت وحب
من أحبهم وتباكاله، وقال: معى ثلاثة آلاف درهم أردت
بها لقاء رجل منهم، بلغنى انه قدم الكوفة رجل يبايع
لابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، فكنت أريد
لقائه فلم أجد أحدا يدلنى عليه، ولا أعرف مكانه
فانى لجالس في المسجد الآن اذ سمعت نفرامن المؤمنين
يقولون: هذا رجل له علم بأهل هذا البيت، وانى أتيتك
لتقبض منى هذا المال وتدخلنى على]



[صاحبك
فانى أخ من اخوانك وثقة عليك، وان شئت أخذت بيعتى له
قبل لقائه، فقال له ابن عوسجة أحمد الله على لقائك
اياى فقد سرنى ذلك، لتنال الذى تحب ولينصر الله بك
أهل بيت نبيه عليه وعليهم السلام، ولقد سائنى معرفة
الناس اياى بهذا الامر قبل أن يتم مخافة هذه
الطاغية وسطوته، قال له معقل: لا يكون إلا خيرا خذ
البيعة على فأخذ بيعته واخذ عليه المواثيق المغلظة
لينا صحن وليكتمن، فأعطاه من ذلك ما رضى به، ثم قال:
اختلف الي اياما في منزلى فانى طالب لك الاذن على
صاحبك، واخذ يختلف مع الناس فطلب له الاذن، فاذن له
فأخذ مسلم بن عقيل بيعته وأمر أبا ثمامة الصائدى
بقبض المال منه وهو الذي كان يقبض أموالهم وما يعين
به بعضهم بعضا، و يشترى لهم السلاح وكان بصيرا
وفارسا من فرسان العرب ووجوه الشيعة، وأقبل ذلك
الرجل يختلف اليهم فهواول داخل وآخر خارج، حتى فهم
ما احتاج اليه ابن زياد من أمرهم فكان يخبره به وقتا
فوقتا. وخاف هانى بن عروة عبيد الله على نفسه فانقطع
عن حضور مجلسه وتمارض، فقال ابن زياد]



[عبيدالله:
اتتك بحائن رجلاه، فلما دنى من ابن زياد وعنده شريح
القاضى التفت نحوه فقال:


- اريد
حبائه ويريد قتلى * عذيرك من خليلك من مراد -


وقد كان
اول ما قدم مكرما له ملطفا فقال له هانى: وما ذاك
ايها الامير؟ قال: ايه يا هانى بن عروة ماهذه الامور
التي تربص في دارك لامير المؤمنين وعامة المسلمين؟
جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك وجمعت له السلاح
والرجال في الدور حولك، وظننت ان ذلك يخفى على؟ قال:
ما فعلت ذلك وما مسلم عندى، قال: بلى قد فعلت، فلما
كثر ذلك بينهما وأبي هانى إلا مجاحدته ومناكرته،
دعى ابن زياد معقلا ذلك العين فجاء حتى وقف بين يديه
فقال له: أتعرف هذا؟ قال: نعم وعلم هانى عند ذلك انه
كان عينا عليهم، وانه قد أتاه باخبارهم، فاسقط في
يده ساعة ثم راجعه نفسه، فقال اسمع منى وصدق مقالتى
فوالله لاكذبت، والله مادعوته إلى منزلى ولا علمت
بشئ من أمره حتى جائنى يسئلنى النزول فاستحييت من
رده ودخلنى من ذلك ذمام فضيفته وآويته، وقد كان من
أمره]



[ما بلغك،
فان شئت ان أعطيك الآن موثقا مغلظا ألا أبغيك سوء
ولاغائلة ولآتينك حتى أضع يدى في يدك، وان شئت
أعطيتك رهينة تكون في يدك حتى آتيك وانطلق اليه
فآمره أن يخرج من دارى إلى حيث شاء من الارض فاخرج
من ذمامه وجواره؟ فقال له ابن زياد: والله لا
تفارقنى أبدا حتى تأتينى به قال: لا والله لاأجيئك
به أبدا، أجيئك بضيفى تقتله؟ قال: والله لتأتينى به
قال: لا والله لا آتيك به فلما كثر الكلام بينهما
قام مسلم بن عمرو الباهلى وليس بالكوفة شامى ولا
بصرى غيره، فقال: أصلح الله الامير خلنى واياه حتى
اكلمه، فقام فخلا به ناحية من ابن زياد وهما منه
بحيث يرا هما، فإذا رفعا أصواتهما سمع ما يقولان
فقال له مسلم: يا هاني انشدك الله أن تقتل نفسك وأن
تدخل البلاء في عشيرتك ! فوالله اني لانفس بك عن
القتل ان هذا الرجل ابن عم القوم، وليسوا قاتليه
ولا ضائريه، فارفعه اليهم فانه ليس عليك بذلك مخزاة
ولا منقصته، انما تدفعه إلى السلطان؟ فقال هانى:
والله ان علي في ذلك الخزى والعاران أدفع جارى
وضيفى وأناحى صحيح أسمع وأرى]



[شديد
الساعد كثير الاعوان، والله لولم أكن إلا واحدا ليس
لى ناصرلم أدفعه حتى أموت دونه، فأخذ يناشده وهو
يقول: والله لا أدفعه اليه أبدا، فسمع ابن زيادذلك
فقال: ادنوه منى فادنوه منه، فقال والله لتأتينى به
اولاضرين عنقك؟ فقال هانى: اذا والله لتكثر البارقة
حول دارك، فقال ابن زياد: والهفاه عليك بالبارقة
تخوفنى - وهو يظن أن عشيرته سيمنعونه -؟ ثم قال أدنوه
مني فادنى منه، فاعترض وجهه با لقضيب فلم يزل يضرب
به أنفه وجبينه وخده حتى كسر أنفه وسال الدماء على
وجهه ولحيته ونثرلحم جبينه وخده على لحيته حتى كسر
القضيب، وضرب هانى يده إلى قائم سيف شرطى وجاذبه
الرجل ومنعه، فقال عبيدالله: أحرورى ساير اليوم
قدحل لنا دمك، جروه فجروه فالقوه في بيت من بيوت
الدار وأغلقوا عليه بابه، فقال: اجعلوا عليه حرسا،
ففعل ذلك به، فقام اليه حسان بن اسماء، فقال: ارسل
عذر ساير اليوم امرتنا ان نجيئك بالرجل حتى اذا
جئناك به هشمت أنفه ووجهه وسيلت دمائه على لحيته؟
وزعمت انك تقتله؟ فقال له عبيدالله: وانك لها هنا !]



[فأمر به
فلهز وتعتع واجلس ناحية، فقال محمد بن الاشعث: قد
رضينا بما رأى الامير لنا كان أم علينا، انما
الامير مؤدب. وبلغ عمرو بن الحجاج ان هانيا قد قتل
فأقبل في مذحج حتى حاط بالقصر ومعه جمع عظيم ثم
نادى: انا عمرو بن الحجاج وهذه فرسان مذحج ووجوهها
لم نخلع طاعة ولم نفارق جماعة، وقد بلغهم ان صاحبهم
قتل، فاعظموا ذلك، فقيل لعبيدالله بن زياد: هذه
مذحج بالباب؟ فقال لشريح القاضى: ادخل على صاحبهم
فانظر إليه ثم اخرج وأعلمهم انه حى لم يقتل، فدخل
شريح فنظر اليه فقال هانى لما رأى شريحا: يالله يا
للمسلمين أهلكت عشيرتى اين أهل الدين أين أهل
المصر؟ والدماء تسيل على لحيته، اذسمع الزجة على
باب القصر فقال: انى لاظنها أصوات مذحج و شيعتى من
المسلمين، انه ان دخل علي عشرة نفر أنقذونى، فلما
سمع كلامه شريح خرج اليهم فقال لهم: ان الامير لما
بلغه مكانكم ومقالتكم في صاحبكم أمرنى بالدخول
إليه فأتيته فنظرت إليه، فأمرنى ان ألقاكم وأعرفكم
انه حى، وان الذي بلغكم من قتله باطل، فقال له عمرو
بن]



[الحجاج
واصحابه: اما اذا لم يقتل فالحمدلله ثم انصرفوا.


فخرج عبيد
الله بن زياد فصعد المنبر ومعه اشراف الناس وشرطه
وحشمه فقال: اما بعد ايها الناس فاعتصموا بطاعة
الله وطاعة ائمتكم ولا تفرقوا فتهلكوا وتذلوا
وتقتلوا وتجفوا و تحرموا أن اخاك من صدقك وقد أعذر
من أنذر ثم ذهب لينزل فمانزل عن المنبر حتى دخلت
النظارة المسجدمن قبل باب التمارين يشتدون
ويقولون: قدجاء مسلم بن عقيل، فدخل عبيدالله القصر
مسرعا وأغلق أبوا به فقال عبدالله بن حازم: انا
والله رسول ابن عقيل إلى القصر لانظر ما فعل هانى،
فلما ضرب وحبس ركبت فرسى فكنت أول الداخلين الدار
على مسلم بن عقيل بالخبر، فاذا نسوة لمراد مجتمعات
ينادين: يا عبرتاه ياثكلاه، فدخلت على مسلم فأخبرته
الخبر فأمرنى ان انادى في أصحابه وقد ملاء بهم
الدور حوله، فكانوا فيهاأربعة آلاف رجل فقال
لمناديه: ناد يا منصورامت، فناديت يا منصورامت،
فتنادى أهل الكوفة فاجتمعوا عليه فعقد مسلم رحمه
الله لرؤس الارباع على القبائل كندة ومذحج وتميم
واسد ومضر وهمدان وتداعى الناس واجتمعوا فما]



[لبثنا إلا
قليلا حتى امتلاء المسجد من الناس والسوق، وما زالو
ايتوثبون حتى المساء، فضاق بعبيدالله امره وكان
أكثر عمله أن يمسك باب القصر وليس معه في القصر الا
ثلاثون ر جلا من الشرط وعشرون رجلا من أشراف الناس
وأهل بيته وخاصته، وأقبل من نآى عنه من اشراف الناس
تأتونه من قبل الباب الذي يلى دار الروميين، وجعل
من في القصرمع ابن زياد يشرفون عليهم فينظرون إليهم
وهم يرمونهم بالحجارة ويشتمونهم ويفترون على عبيد
الله وعلى أبيه، فدعى ابن زياد كثير بن شهاب وأمره
أن يخرج فيمن أطاعه من مذحج فيسير في الكوفة ويخذل
الناس عن ابن عقيل ويخوفهم الحرب، ويحذرهم عقوبة
السلطان، وأمر محمدبن الاشعث ان يخرج فيمن أطاعه من
كندة وحضرموت فيرفع راية أمان لمن جائه من الناس،
وقال مثل ذلك للقعقاع الذهلى وشبث بن ربعى التميمى،
وحجار بن أبجر العجلى، وشمر بن ذى الجوشن العامرى،
وحبس باقى وجوه الناس عنده استيحاشا إليهم لقلة عدد
من معه من الناس، فخرج كثير بن شهاب يخذل الناس عن
مسلم، وخرج محمد بن الاشعث حتى وقف عند دور بنى
عمارة، وبعث ابن عقيل إلى محمد بن الاشعث]



[من المسجد
عبدالرحمن بن شريح الشبامى، فلما رأى ابن الاشعث
كثرة من اتاه تأخر عن مكانه. وجعل محمد بن الاشعث
وكثير بن شهاب والقعقاع بن شور الذهلى وشبث بن ربعى
يردون الناس عن اللحوق بمسلم ويخوفونهم السلطان،
حتى اجتمع إليهم عدد كثير من قومهم وغيرهم فصاروا
إلى ابن زياد من قبل دار الروميين ودخل القوم معهم
فقال له كثير بن شهاب: أصلح الله الامير معك في
القصر ناس كثير من أشراف الناس ومن شرطك واهل بيتك
وموالينا فاخرج بنا النيهم، فأبى عبيدالله وعقد
لشبث بن ربعى لواء فأخرجه وأقام الناس مع ابن عقيل
يكثرون حتى المساء وأمرهم شديد، فبعث عبيدالله إلى
الاشراف فجمعهم، ثم اشرفوا على الناس فمنوا أهل
الطاعة الزيادة والكرامة وخوفوا اهل المعصية
الحرمان والعقوبة، وأعلموهم وصول الجند من الشام
اليهم، وتكلم كثير بن شهاب حتى كادت الشمس أن تجب
فقال: ايها الناس ألحقوا بأهاليكم ولا تعجلوا الشر،
ولا تعرضوا أنفسكم للقتل، فان هذه جنود امير
المؤمنين يزيد قد اقبلت وقد اعطى الله الامير عهدا
لئن تممتم على حربه ولم تنصرفوا من عشيتكم ليحرمن
ذريتكم العطاء، و]



[يفرق
مقاتليكم في مغاربى الشام، وأن ياخذ البرئ منكم
بالسقيم، والشاهد با لغائب حتى لايبقى له بقية من
أهل المعصيته إلا اذاقها وبال ما جنت أيديها، وتكلم
الاشراف بنحو من ذلك، فلما سمع الناس مقالتهم أخذوا
يتفرقون، وكانت المرأة تأتى ابنها وأخاها فتقول:
إنصرف، الناس يكفونك ويجئ الرجل إلى ابنه واخيه
فيقول: غدا ياتيك أهل الشام فما تصنع بالحرب والشر؟
انصرف فيذهب به فينصرف فما زالوا يتفرقون حتى امسى
ابن عقيل وصلى المغرب وما معه إلا ثلاثون نفسا في
المسجد، فلما رآى انه قد أمسى وما معه إلا اولئك
النفرخرج من المسجد متوجها نحو أبواب كندة، فما بلغ
الابواب إلا ومعه منهم عشرة، ثم خرج من الباب فاذا
ليس معه انسان يدله فالتفت فاذا هولا يحس أحدا يدله
على الطريق ولا يدله على منزله ولا يواسيه بنفسه ان
عرض له عدو فمضى على وجهه متلددا في ازقة الكوفة لا
يدرى أين يذهب، حتى خرج إلى دور بنى جبلة من كندة،
فمشى حتى انتهى إلى باب امرأة يقال لها طوعة ام ولد،
كانت للاشعث بن قيس، فاعتقها فتزوجها أسيد الحضرمى
فولدت له بلالا، وكان بلال قد خرج مع الناس وامه
قائمة تنتظره،]



[فسلم
عليها ابن عقيل فردت عليه السلام، فقال لها: يا امة
الله اسقينى ماء فسقته وجلس وادخلت الاناء ثم خرجت،
فقالت: يا عبدالله ألم تشرب؟ قال: بلى، قالت: فاذهب
إلى أهلك فسكت ثم أعادت عليه مثل ذلك، فسكت، ثم قالت
له في الثالثة: سبحان الله يا عبدالله قم عافاك الله
إلى أهلك فانه لايصلح لك الجلوس على بابى، ولا أحله
لك، فقام وقال: يا امة الله مالى في هذا المصر منزل
ولا عشيرة، فهل لك في أجر ومعروف ولعلى مكافيك بعد
اليوم؟ قالت: يا عبدالله وما ذاك؟ قال: انا مسلم بن
عقيل كذبنى هؤلاء القوم وغرونى وأخر جونى، قالت:
أنت مسلم؟ قال: نعم، قالت: ادخل فدخل بيتا في دارها
غير البيت الذي تكون فيه، وفرشت له وعرضت عليه
العشاء فلم يتعش.


ولم يكن با
سرع من ان جآء ابنها فرآها تكثر الدخول في البيت
والخروج منه فقال لها: والله انه لتريبنى كثرة
دخولك هذا البيت منذ الليلة وخروجك منه، ان لك
لشأنا؟ قالت: يا بنى اله عن هذا، قال: والله
لتخبرينى، قالت: اقبل على شأنك ولا تسئلنى عن شئ،
فألح عليها فقالت: يا بنى لا تخبرن أحدا من الناس
بشئ مما أخبرك به؟ قال: نعم فاخذت عليه الايمان]



[فحلف لها
فأخبرته فاضطجع وسكت. ولما تفرق الناس عن مسلم بن
عقيل طال على ابن زياد وجعل لايسمع لاصحاب ابن عقيل
صوتا كما كان يسمع قبل ذلك، قال لاصحابه: اشرفوا
فانظر واهل ترون منهم أحدا؟ فاشرفوا فلم يروا أحدا
قال: فانظرو هم لعلهم تحت الظلال قد كمنوا لكم
فنزعوا تخاتج المسجد وجعلوا يحفضون بشعل النار في
ايديهم وينظرون فكانت أحيانا تضئ لهم وأحيانا
لاتضئ كما يريدون، فدلوا القناديل واطناب القصب
تشد بالحبال فيها النيران ثم تدلى حتى ينتهى إلى
الارض، ففعلوا ذلك في أقصى الظلال وأدناها وأوسطها
حتى فعل ذلك بالظلة التي فيها المنبر، فلما لم يروا
شيئا أعلموا ابن زياد بتفرق القوم، ففتح باب السدة
التي في المسجد ثم خرج فصعد المنبر وخرج أصحابه
معه، فأمرهم فجلسوا قبيل العتمة، وأمر عمرو بن نافع
فنادى: الا برئت الذمة من رجل من الشرط والعرفاء
والمناكب او المقاتلة صلى العتمة إلا في المسجد،
فلم يكن إلا ساعة حتى امتلاء المسجد من الناس، ثم
امر مناديه فاقام الصلوة واقام الحرس خلفه وأمرهم
بحراسته من أن يدخل عليه أحد]



[فقال له
ابن زياد بالقضيب في جنبه: قم فائتنى به الساعة،
فقام وبعث معه قومه لانه قد علم ان كل قوم يكرهون ان
يصاب فيهم مسلم بن عقيل، وبعث معه عبيد الله بن عباس
السلمى في سبعين رجلا من قيس، حتى أتوا الدار التي
فيها مسلم بن عقيل، فلما سمع وقع حوافر الخيل
وأصوات الرجال علم انه قد اتى فخرج إليهم بسيفه،
واقتحموا عليه الدار فشد عليهم، فضربهم بسيفه حتى
أخرجهم من الدار، ثم عادوا اليه فشد عليهم كذلك
فاختلف هو وبكربن حمران الاحمرى فضرب بكرفم مسلم
فقطع شفته العليا، واسرع السيف في السفلى، وفصلت له
ثنيتاه وضرب مسلم في رأسه ضربة منكرة وثناه باخرى
على حبل عاتقه كادت تطلع على جوفه، فلما رأوا ذلك
اشرفوا عليه من فوق البيت، فأخذوا يرمونه بالحجارة
ويلهبون النارفي أطنان القصب، ثم يلقونها عليه من
فوق البيت فلماراى ذلك خرج عليهم مصلتا بسيفه في
السكة فقال له محمد بن الاشعث: لك الامان لاتقتل
نفسك وهو يقائلهم ويقول:





  • 1 - اقسمتلا اقتل إلا حرا
    2 - ويجعلالبارد سخنا مرا
    * رد شعاع الشمس فاستقرا]



  • * إنى رأيت الموت شيئا نكرا
    * رد شعاع الشمس فاستقرا]
    * رد شعاع الشمس فاستقرا]







  • [3 - كل امرئيوما ملاق شرا
    * أخاف ان اكذب او اغرا



  • * أخاف ان اكذب او اغرا
    * أخاف ان اكذب او اغرا



فقال له
محمد بن الاشعث: انك لاتكذب ولاتغر فلا تجزع ان
القوم بنوعمك وليسوا بقاتليك ولا ضائريك، وكان قد
أثخن بالحجارة وعجز عن القتال، فانبهر وأسند ظهره
إلى جنب تلك الدار فاعاد ابن الاشعث عليه القول: لك
الامان، فقال: ءآمن أنا؟ قال: نعم، فقال للقوم
الذين معه: ألى الامان؟ قال القوم له: نعم إلا عبيد
الله بن العباس السلمى فانه قال: لا ناقة لى في هذا
ولا جمل وتنحى، فقال مسلم: اما لولم تؤمنونى ما وضعت
يدى في أيديكم، واتى ببغلة فحمل عليها فاجتمعوا
حوله وانتزعوا سيفه، فكأنه عند ذلك آيس من نفسه
ودمعت عيناه، ثم قال: هذا اول الغدر قال له محمد بن
الاشعث: أرجو ان لايكون عليك بأس، فقال: وما هو إلا
الرجاء اين امانكم؟ إنا لله وإنا إليه راجعون، وبكى
فقال له عبيدالله بن العباس السلمى: ان من يطلب مثل
الذى تطلب]



[اذا نزل به
مثل الذي نزل بك لم يبك؟ قال: انى والله ما لنفسى
بكيت ولا لها من القتل أرثى وأن كنت لم أحب لها طرفة
عين تلفا، ولكن أبكى لاهلى المقبلين إلى، أبكى
للحسين وآل الحسين عليه وعليهم السلام، ثم أقبل على
محمدبن الاشعث فقال: يا عبدالله انى أراك والله
ستعجز عن أمانى فهل عندك خير؟ تستطيع أن تبعث من
عندك رجلا على لسانى أن يبلغ حسينا، فانى لا اراه
إلا قد خرج اليكم مقبلا او هو خارج غدا وأهل بيته
ويقول: ان ابن عقيل بعثنى اليك وهواسير في ايدى
القوم لايرى انه يمسى حتى يقتل وهو يقول: ارجع فداك
أبى وامى بأهل بيتك ولا يغرك أهل الكوفة فانهم
أصحاب أبيك الذى كان يتمنى فراقهم بالموت أو القتل،
ان اهل الكوفة قد كذبوك وليس لكذوب رأى، فقال له ابن
اشعث: والله لافعلن ولا علمن ابن زياد انى قد آمنتك،
وأقبل ابن الاشعث بابن عقيل عليه السلام إلى باب
القصر فاستأذن، فاذن له، فدخل على ابن زياد فأخبره
خبر ابن]



[عقيل،
وضرب بكر اياه وما كان من امانه له فقال له عبيد
الله: وما أنت والامان؟ كأنا ارسلناك لتؤمنه انما
أرسلناك لتأتينا به، فسكت ابن الاشعت وانتهى بابن
عقيل إلى باب القصر وقد اشتد به العطش وعلى باب
القصر ناس جلوس ينتظرون الاذن، فيهم عمارة بن عقبة
بن ابى معيط، وعمرو بن حريث، ومسلم بن عمرو، وكثير
بن شهاب، واذاقلة باردة موضوعة على الباب، فقال
مسلم: اسقونى من هذا الماء، فقال مسلم بن عمرو:
أتراها ما أبردها والله لاتذوق منها قطرة أبدا حتى
تذوق الحميم في نار جهنم، فقال له ابن عقيل: ويلك من
أنت؟ قال: انا من عرف الحق اذأ نكرته، ونصح لامامه
اذ غششته، وأطاعه اذ خالفته، أنا مسلم بن عمرو
الباهلى، فقال له ابن عقيل: لامك الثكل ما أجفاك
وأفظك وأقسى قلبك، أنت يابن باهلة اولى بالحميم
والخلود في نار جهنم منى ثم جلس فتساند إلى حايط
وبعث عمرو بن حريث غلاما له فجائه بقلة عليها منديل
وقدح فصب فيه ماء وقال له: اشرب فاخذ كلما شرب
امتلاء القدح دما من فيه، فلا يقدر أن يشرب ففعل ذلك
مرة أو مرتين، فلما ذهب في الثالثة ليشرب سقطت
ثنيتاه في القدح، فقال: الحمدلله لو كان لى]



[من الرزق
المقسوم شربته، وخرج رسول ابن زياد فأمر بادخاله
اليه، فلما دخل لم يسلم عليه بالامرة، فقال له
الحرسى: ألا تسلم على الامير؟ فقال: ان كان يريد
قتلى فما سلامى عليه، وان كان لا يريد قتلى ليكثرن
سلامى عليه، فقال له ابن زياد: لعمرى لتقتلن؟ قال:
كذلك؟ قال: نعم، قال: فدعنى أوصى إلى بعض قومى ! قال:
افعل.


فنظر مسلم
إلى جلساء عبيد الله وفيهم عمربن سعدبن ابى وقاص،
فقال: يا عمر إن بينى و بينك قرابة ولى اليك حاجة،
وقد يجب لى عليك نجح حاجتى وهى سر فامتنع عمر أن
يسمع منه فقال له عبيدالله: لم تمتنع أن تنظر في
حاجة ابن عمك؟ فقال معه فجلس حيث ينظر اليهما ابن
زياد فقال له: ان على بالكوفة دينا استدنته منذ قدمت
الكوفة سبعمأة درهم، فبع سيفى ودرعى فاقضها عنى،
فاذا قتلت فاستوهب جثتى من ابن زياد فوارها وابعث
إلى الحسين عليه السلام من يرده، فانى قد كتبت اليه
أعلمه ان الناس معه ولا أراه إلا مقبلا، فقال عمر
لابن زياد: أتدرى ايها الامير]



[ما قال لى؟
انه ذكر كذا وكذا، فقال له ابن زياد: انه لايخونك
الامين، ولكن قد يؤتمن الخاين اما ماله فهو لك
ولسنا نمنعك أن تصنع به ما أحببت، واما جثته فانا
لانبالى اذا قتلناه ما صنع بها واما حسين فان هو لم
يردنا لم نرده.


ثم قال ابن
زياد: ايها يا بن عقيل أتيت الناس وهم جميع فشتت
بينهم، وفرقت كلمتهم وحملت بعضهم على بعض؟ قال: كلا
لست لذلك أتيت ولكن أهل المصر زعموا ان أباك قتل
خيار هم وسفك دمائهم وعمل فيهم أعمال كسرى وقيصر،
فاتينا هم لنأمر بالعدل وندعوا إلى حكم الكتاب فقال
له ابن زياد: وما أنت وذاك يا فاسق لم لم تعمل فيهم
بذاك اذ أنت بالمدينة تشرب الخمر؟ قال: أنا أشرب
الخمر ! أما والله ان الله يعلم انك غير صادق، وانك
قد قلت بغير علم، وانى لست كما ذكرت، وانك أحق بشرب
الخمر منى، واولى بها من يلغ في دماء المسلمين ولغا
فيقتل النفس التي حرم الله قتلها، ويسفك الدم
الحرام على الغصب والعداوة وسوء الظن، وهو يلهو
ويلعب]



[كان لم
يصنع شيئا فقال له ابن زياد: يا فاسق ان نفسك تمنيك
ما حال الله دونه ولم يرك الله له أهلا فقال مسلم:
فمن أهله اذا لم نكن نحن أهله؟ فقال ابن زياد: أمير
المؤمنين يزيدفقال مسلم: الحمد لله على كل حال،
رضينا بالله حكما بيننا وبينكم فقال له ابن زياد:
قتلنى الله ان لم أقتلك قتلة لم يقتلها أحد في
الاسلام من الناس، فقال له: اما انك أحق من أحدث في
الاسلام مالم يكن، وانك لا تدع سوء القتلة وقبح
المثلة وخبث السيرة ولؤم الغلبة لاحد، فاقبل ابن
زياد يشتمه ويشتم الحسين وعليا عليهما السلام
وعقيلا وأخذ مسلم لايكلمه.


ثم قال ابن
زياد: اصعدوا به فوق القصر واضربوا عنقه ثم اتبعوه
جسده، فقال مسلم: والله لو كان بينى وبينك قرابة ما
قتلتنى، فقال ابن زياد: اين هذا الذي ضرب ابن عقيل
رأسه بالسيف]



[فدعى بكر
بن حمران الاحمرى فقال له: اصعد فلتكن أنت الذي تضرب
عنقه، فصعد به وهو يكبر ويستغفر الله ويصلى على
رسوله ويقول: اللهم احكم بيننا وبين قوم غرونا
وكذبونا وخذلونا، و اشرفوا على موضع الحذائين
اليوم، فضربت عنقه واتبع جسده رأسه.


وقام محمد
بن الاشعث إلى عبيدالله بن زياد فكلمه في هانى بن
عروة فقال: انك قد عرفت منزلة هانى في المصر وبينه
في العشيرة، وقد علم قومه انى أنا وصاحبى سقناه
اليك، فانشدك الله لما وهبته لى، فانى أكره عداوة
المصر وأهله لى، فوعده أن يفعل، ثم بداله، فأمر
بهانى في الحال فقال: اخرجوه إلى السوق فاضربوا
عنقه، فاخرج هانى حتى انتهى به مكانا من السوق كان
يباع فيه الغنم، وهو مكتوف فجعل يقول: وامذ حجاه ولا
مذحج لى اليوم، يا مذ حجاه يا مذ حجاه ! واين مذحج !
فلما راى ان أحدا لاينصره جذب يده فنزعها من
الكتاف، ثم قال: اما من عصا أو]



[سكين أو
حجر أو عظم يحاجزبه رجل عن نفسه؟ فوثبوا اليه فشدوه
وثاقا ثم قيل له: مد عنقك فقال: ما أنا بها بسخى وما
أنا بمعينكم على نفسى، فضربه مولى لعبيدالله تركى
يقال له: رشيد بالسيف فلم يصنع شيئا فقال هانى: إلى
الله المعاد، اللهم إلى رحمتك ورضوانك، ثم ضربه
اخرى فقتله. وفي مسلم بن عقيل وهانى بن عروة رحمة
الله عليهما يقول عبدالله بن الزبير الاسدى:


1 - فان كنتلا تدرين ماالموت فانظرى
* إلى هانى في السوق وابن
قيل




  • 2 - إلى بطل قد هشم السيف وجهه
    3 - اصابهماأمر الامير فاصبحا
    4 - ترى جسدا قد غير الموت لونه
    5 - فتى هوأحيا من فتاة حيية
    * واقطع من ذى شفرتين صقيل]



  • * وآخر يهوى من طمار قتيل
    * احاديث من يسرى بكل سبيل
    * ونصح دم قد سال كل سبيل
    * واقطع من ذى شفرتين صقيل]
    * واقطع من ذى شفرتين صقيل]






  • [6 - أيركب اسماء الهما ليج آمنا
    7 - يطيف حواليه مراد وكلهم
    8 - فان أنتم لم تثأروا بأخيكم
    * فكونوا بغايا ارضيت بقليل



  • * وقد طلبته مذحج بذحول
    * على رقبة من سائل ومسول
    * فكونوا بغايا ارضيت بقليل
    * فكونوا بغايا ارضيت بقليل




ولما قتل
مسلم وهانى رحمة الله عليهما بعث عبيد الله بن زياد
برأسيهما مع هانى بن ابي حية الوادعى، والزبير بن
الاروح التميمى، إلى يزيد بن معاوية وأمر كاتبه أن
يكتب إلى يزيد بما كان من أمر مسلم وهانى، فكتب
الكاتب وهو عمرو بن نافع فأطال فيه وكان أول من أطال
في الكتب فلمانظر فيه عبيد الله كرهه فقال: ما هذا
التطويل وما هذا الفضول؟ اكتب: أما بعدفالحمد لله
الذي أخذ لامير المؤمنين حقه، وكفاه مؤنة عدوه،
أخبر أمير المؤمنين ان مسلم بن عقيل لجأ إلى دار
هانى بن عروة المرادى، وانى جعلت عليهما المراصد
والعيون ودسست اليهما الرجال وكدتهما حتى
استخرجتهما، وأمكن الله منهما، فقد متهما وضربت
أعناقهما وقد بعث اليك بر أسيهما مع هانى بن أبى حية
الوادعى والزبير بن الاروح التميمى، وهما من أهل
السمع]



[والطاعة
والنصيحة، فليسئلها أمير المؤمنين عما أحب من أمر
هما فان عند هما علما وصدقا و ورعا والسلام.


فكتب اليه
يزيد: اما بعد فانك لم تعدان كنت كما احب عملت عمل
الحازم، وصلت صولة الشجاع الرابط الجاش وقد اغنيت
وكفيت وصدقت ظنى بك ورأيى فيك، وقد دعوت رسوليك
فسألتهما وناجيتهما فوجدتهما في رأيهما وفضلهما
كما ذكرت، فاستوص بهما خيرا، وانه قد بلغنى ان
حسينا قد توجه إلى العراق فضع المناظر والمسالح
واحترس واحبس على الظنة واقتل على التهمة، واكتب
إلى فيما يحدث من خبر انشآء الله تعالى.


فصل (3): وكان
خروج مسلم بن عقيل رحمة الله عليه بالكوفة يوم
الثلثاء لثمان مضين من ذي الحجة سنة ستين، وقتله
(ره) يوم الاربعاء لتسع خلون منه يوم عرفة، وكان
توجه الحسين صلوات الله عليه من مكة إلى العراق في
يوم خروج مسلم بالكوفة وهو يوم التروية بعد مقامه
بمكة، بقية شعبان وشهر رمضان]



[وشوالا
وذا العقدة وثمان ليال خلون من ذى الحجة سنة ستين،
وكان قد اجتمع اليه عليه السلام مدة مقامه بمكة نفر
من اهل الحجاز، ونفر من اهل البصرة انضافوا إلى اهل
بيته ومواليه، ولما أراد الحسين عليه السلام
التوجه إلى العراق طاف بالبيت وسعى بين الصفا
والمروة، وأحل من احرامه وجعها عمرة، لانه لم يتمكن
من تمام الحج مخافة ان يقبض عليه بمكة فينفذبه إلى
يزيد بن معاوية، فخرج عليه السلام مبادرا باهله
وولده ومن انضم اليه من شيعته، ولم يكن خبر مسلم قد
بلغه لخروجه في يوم خروجه على ما ذكرناه.


فروى عن
الفرزدق الشاعر انه قال: حججت بأمى في سنة ستين،
فبينا انا أسوق بعيرها حين دخلت الحرم اذلقيت
الحسين بن على عليهما السلام، خارجا من مكة مع
أسيافه وأتراسه، فقلت: لمن هذا القطار؟ فقيل:
للحسين بن على عليهما السلام، فأتيته فسلمت عليه
وقلت له: أعطاك الله سؤلك وأملك فيما تحب بأبى انت
وامى يا بن رسول الله ما أعجلك عن الحج؟ فقال: لولم
أعجل لاخذت، ثم قال لى: من أنت؟ قلت: إمرؤ من العرب،
فلا والله ما فتشنى عن أكثر من ذلك، ثم قال لى:
أخبرنى عن الناس]



[خلفك؟
فقلت: الخبير سئلت، قلوب الناس معك وأسيا فهم عليك،
والقضاء ينزل من السمآء، والله يفعل ما يشاء ! فقال:
صدقت لله الامر، وكل يوم هو في شأن، ان نزل القضاء
بما نحب ونرضى فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان
على اداء الشكر، وان حال القضاء دون الرجاء، فلم
يبعدمن كان الحق نيته والتقوى سريرته، فقلت له: اجل
بلغك الله ما تحب وكفاك ما تحذر، وسألته عن أشياء من
نذور ومناسك فأخبرنى بها، وحرك راحلته وقال: السلام
عليك، ثم افترقنا.


وكان
الحسين بن على عليهما السلام لما خرج من مكة اعترضه
يحيى بن سعيد بن العاص ومعه جماعة أرسلهم عمرو بن
سعيد اليه، فقالوا له: انصرف إلى أين تذهب فأبى
عليهم ومضى، وتدافع الفريقان واضطربوا بالسياط
وامتنع الحسين وأصحابه منهم امتناعا قويا وسار حتى
اتى التنعيم فلقى غيرا قد اقبلت من اليمن، فاستأجر
من اهلها جمالا لرحله وأصحابه، وقال لاصحابنا: من
أحب أن ينطلق معنا إلى]



[العراق
وفيناه كرائه، وأحسنا صحبته، ومن أحب ان يفارقنا في
بعض الطريق أعطيناه كراه على قدر ما قطع من الطريق،
فمضى معه قوم وامتنع آخرون.


وألحقه
عبدالله بن جعفربا بنيه عون ومحمد، وكتب على
أيديهما اليه كتابا يقول فيه: اما بعد فانى اسئلك
بالله لما انصرفت حين تنظر في كتابى فانى مشفق عليك
من الوجه الذي توجهت له أن يكون فيه هلاكك واستيصال
أهل بيتك وان هلكت اليوم طفئ نور الارض فانك على
المهتدين ورجاء المؤمنين ولا تعجل بالمسير فانى في
أثر كتابى والسلام. وصار عبدالله إلى عمرو بن سعيد
فسئله أن يكتب للحسين امانا ويمنيه ليرجع عن وجهه،
فكتب اليه عمرو بن سعيد كتابا يمنيه فيه الصلة
ويؤمنه على نفسه، وانفذه مع أخيه يحيى بن سعيد،
فلحقه يحيى وعبدالله بن جعفر بعدى نفوذ إبينه ودفعا
اليه الكتاب وجهدا به في الرجوع، فقال: انى رأيت
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام
وأمرنى بما أنا ماض له، فقال له: فما تلك الرؤيا؟
قال: ما حدثت أحدابها]


/ 40