اصالة الصحة - دراسات فی علم الأصول جلد 4

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

دراسات فی علم الأصول - جلد 4

السید علی الشاهرودی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




اءما التخصيص فتقريبه: ان النسبة بين دليل الاستصحاب
ودليل حجية كل من الامارات وان كانت عموما من وجه، لان
دليل الاستصحاب يعم ما اذا كان بخلافه امارة اءو لم يكن، كما
ان دليل اعتبار الامارة مطلقة من حيث قيام الاستصحاب
على خلافه وعدمه.

الا اءن هذه النسبة ثابتة بين دليل حجية
الامارات ودليل الاصل العملي مطلقا، وتقديمه عليها يستلزم
عدم بقاء مورد لها اصلا، اذ لامورد لقيام الامارة على حكم
الزامي الا وهو مورد لاصل عملي من براءة اءو استصحاب.

كماان
تقديم الاستصحاب عليها يستلزم تخصيصه باءفراد نادرة،
لجريان الاستصحاب في اغلب موارد قيامها على حكم الزامي،
لانه مسبوق بالعدم ولو اءزلا، وهذاالتخصيص مستهجن، فلا
يمكن الالتزام به، فلابد من تخصيص دليل الاستصحاب باءدلة
اعتبار الامارت.

وفيه: اءولا: ان اءخبار الاستصحاب آبية عن التخصيص، لان
المنع عن نقض اليقين بالشك ارشادي الى ما استقل به العقل
من عدم رفع اليد عن الامر المبرم، بغيرالمبرم وهو غير قابل
للتخصيص، خصوصا اذا كان الارشاد بهذا اللسان، اءي بقوله(ع)
«لاينبغي لك، اءو ليس ينبغي لك ان تنقض اليقين
بالشك»«166» فهذا يؤكدابائها عن التخصيص.

وثانيا: ان التخصيص يتوقف على بطلان الحكومة والورود، والا
فلا مجال للتخصيص اءصلا، وذلك لان التخصيص عبارة عن
رفع الحكم عن الموضوع، فهومتفرع على ثبوت الموضوع،
والورود اءو الحكومة ينفيان ثبوته، ومعه لامجال للتخصيص،
وستعرف تمامية الحكومة.

واءما الورود، فيقرب من وجوه ثلاثة، كلها تحمله من كلام
الاخوند في الكفاية:
الاول : ان اليقين في قوله «ولكن انقضه بيقين مثله»
طريقي، بمعنى اءنه اخذ بما اءنه طريق وحجة على الواقع، لا بما
هو صفة، وانما جي ء به دون غيره من الطرق لكونه اءظهر
افرادها، فالمراد به مطلق الطريق.

فيتعدى عنه الى غيره من الحجج.

فهو نظير اءن يقول المولى:
اكرم زيدا، وعلمنا باءن وجوب اكرامه ليس لخصوصيته، وانما هو
لكونه عالما، فيتعدى منه الى غيره من العلماء.

وفيه: انه وان اءمكن ثبوتا اءخذ اليقين في الدليل بما هو طريق،
فيتعدى، الا اءنه يحتمل اءخذه طريقيا لا موضوعيا، لكن لا بما
اءنه طريق تعبدي، بل بما انه صفة اءي اءقوى الطرق وكاشفيته
ذاتية، وظهور الدليل في مرحلة الاثبات يعين الثاني، اءي اخذه
طريقيا بما اءنه طريق خاص، والغاء الخصوصية يحتاج الى دليل.

الثاني : التمسك بصدر الاخبار كقوله (ع) «لاتنقض اليقين
بالشك» بدعوى: ان الممنوع وما تعلق به النهي هو نقض
اليقين بالشك، اءي رفع اليد عن اليقين لمجرداحتمال
الخلاف، فلا يعم موارد قيام الامارة على الخلاف، لان رفع اليد
عن اليقين فيها ليس نقضا لليقين بالشك، بل هو من نقض
اليقين بالحجة.

وهذا الوجه اءنسب مع ما في الكفاية.

وفيه: ان «لاتنقض اليقين بالشك» ليس ناظرا الى الدواعي،
وليس الممنوع عنه خصوص نقض اليقين بداعي الشك
وبسببه، والا لزم عدم صدقه فيما اذا رفع اليدعن اليقين بداعي
اجابة التماس مؤمن، اءو داعي آخر، ولم يكن لمجرد الشك،
مع وضوح فساده، بل النهي انما هو عن نقض اليقين بغير
اليقين مطلقا، كما يظهر من ذيل الاخبار كقوله (ع) «لكن
انقضه بيقين مثله».

وبالجملة المراد بالنهي عن نقض اليقين بالشك هو رفع اليد
عن اليقين في ظرف الشك باءي داع كان.

ويشهد له حصر
الامام (ع) ناقض اليقين باليقين في قوله (ع)«ولكن تنقضه
بيقين مثله» وغيره هو الشك، لانه خلاف اليقين، فلا يكون
ناقضالليقين.

الثالث : ان المراد باليقين وان كان خصوص الصفة الخاصة لا
مطلق الطرق، الا ان في مورد قيام الحجة على الخلاف يكون
نقض اليقين السابق باليقين بحجية الامارة،فيكون مصداقا
لنقض اليقين باليقين لا بالشك.

توضيحه: ان كل حجة لابد وان تنتهي الى اليقين، الذي
حجيته ذاتية،والالتسلسل، فالامارة وان لم تكن موجبة لليقين
بمؤداها، الا ان حجيتها متيقنة،والا لم يمكن الاجتزاء بها مؤمنا.

وعليه فالناقض لليقين السابق يكون هو اليقين بحجيتها.

وفيه: ان الناقض لليقين السابق لابد وان يكون اليقين المتعلق
بارتفاعه، لا اليقين بشي ء آخر اءجنبي عنه، فانه يستحيل ان
يكون ناقضا له.

وبالجملة اليقين بحجية الامارة وان كان ثابتا، الا ان حجية
الاستصحاب متيقنة،ولا وجه لرفع اليد عن احدى الحجتين
بالاخرى بلا مرجح.

فكل هذه الوجوه الثلاثة في تقريب الورود
فاسدة.

فالصحيح: ان الوجه في تقدم الامارات على الاستصحاب هو
الحكومة.

توضيحه:ان انتفاء الحكم العام عن بعض الافراد تارة:
يكون من جهة كون اءحد الدليلين رافعا عن الاخر بعض اءفراد
موضوعه، من دون اءن يكون نافيا لموضوعه، كقوله(ع) «نهى
النبي عن بيع الغرر»«167» بالنسبة الى قوله سبحانه (اءحل
اللّهالبيع)«168» وهذا هو التخصيص الشايع المتعارف حتى
قيل: ما من عام الا وقدخص.

واخرى: يكون انتفاء الحكم عن
فرد من جهة خروجه عن الموضوع تكوينا، من دون حاجة الى
التعبد، وهو التخصص.

وبينهما اءمران: اءحدهما الورود،والاخر
الحكومة.

وهما وسطان بين التخصيص الذي ليس ناظرا الى
نفي الموضوع اصلا، والتخصص الذي يكون انتفاء الموضوع فيه
تكوينيا من غير حاجة الى التعبد.

وتوضيح الفرق بينهما ان في موارد التعبد يتحقق اءمران:
اءحدهما: نفس التعبد، فانه يوجد بوجود تكويني خارجي،
ثانيهما: المتعبد به، فانه يثبت بثبوت تعبدي، وهذاهو الشاءن
في جميع الامور التعلقية، كالفرض والتنزيل ونحوه، فاذا تحقق
التنزيل في الخارج فنفس التنزيل يوجد بوجود تكويني، ويثبت
المنزل بوجود تنزيلي،وهكذا في الفرض.

وبين وجود التعبد
وثبوت المتعبد به وان كان ملازمة، الا انه يمكن الفرق بين
الحيثيتين، فان كان انتفاء موضوع الدليل الاخر من حيث
ثبوت نفس التعبد كان واردا عليه.

وان كان بلحاظ ثبوت
المتعبد به كان حاكماعليه.

والاول: كتقدم الامارات على الاصول العملية العقلية في
البراءة العقلية،والاشتغال والتخيير العقليين.

وذلك لان
موضوع قبح العقاب بلا بيان هو عدم البيان، وموضوع الاشتغال
العقلي احتمال الضرر، وموضوع التخيير التحير في
مقام اللابدية من الفعل والترك، وعدم امكان الجمع بينهما،
لاستلزامه اجتماع النقيضين،مع دوران الامر بين الوجوب
والحرمة، وعدم مرجح في البين.

فاذا تعبدنا الشارع بالفعل اءو
الترك مثلا، فبنفس التعبد يكون بيانا ومؤمنا من الضرر، ورافعا
للتحير،ومرجحا في مقام العمل.

والثاني: كتقدم الامارات على الاصول الشرعية من البراءة
والاستصحاب، فان موضوعها الشك، وهو ينتفي تعبدا بلحاظ
ثبوت مؤدى الامارة.

توضيحه: ان كل قضية، سواء كانت خبرية اءو انشائية لاتتكفل
اثبات موضوعها،بل مفادها ثبوت الحكم على الموضوعات
المفروضة، مثلا قوله: الخمر حرام لايثبت ان المايع المشكوك
خمر اءو ليس بخمر، وانما يثبت الحرمة على الخمرالواقعي، فاذا
كان هناك دليل آخر ينفي الموضوع، اءي ذاك التقدير تعبدا،
لايكون بينهما منافاة وتناقض اءصلا، لان مايثبته الدليل الاول
وهو الحكم لاينفيه هذا، وماينفيه هذا وهو الموضوع لم يكن
ذاك مثبتا له، كما في قوله تعالى (وحرم الربا)«169» وقوله
(ع) «لاربا بين الوالد والولد» فان الربا بين الزيادة وان
كانت موجودة بينهما وجدانا، الا اءن الشارع نفاها تعبدا.

وكذا
قوله (ع) «ليس على الامام سهو اذا حفظ عليه من
خلفه»«170» مع ادلة الشكوك الى غير ذلك.

وفي الموضوعات كما اذا اخبرت البينة بنجاسة اناء زيد،
واخبرت بينة اخرى بان هذاليس بانائه، فلا تهافت بين
البينتين، ولذا اذا حكم الامام (ع) بوجوب الصلاة عندطلوع
الفجر مثلا، فاخبرت البينة بعدم طلوع الفجر، لم تكن البينة
مخالفة لحكم الامام (ع).

فالميزان في الحكومة ان يكون الدليل
نافيا لموضوع الدليل الاخر تعبدابحيث لم يكن بينهما تهافت.

وعليه ففي مانحن فيه دليل الاستصحاب وهو لاتنقض اليقين
بالشك انما هو متكفل لحرمة النقض على تقدير تحقق موضوعه
اعني اليقين والشك، واءما اثبات الشك في مورد دون آخر فهو
خارج عن مدلوله، ولا يكون متكفلا له.

ودليل الامارة
ينفي الشك واحتمال الخلاف تعبدا في مورد قيام الامارة، فلا
تنافي بينهما، بل يكون دليل الامارة حاكما على دليل الاصل،
ورافعا لموضوعه تعبدا، وهذا من غير فرق بين كون الامارة
مخالفة في المؤدى مع الاستصحاب، اءو موافقة معه، لعدم بقاء
موضوع الاستصحاب معها.

فلا وجه لما في الكفاية من لزوم اعتبار الاستصحاب حينئذ مع
الامارة على طبقه«171».

والظاهر اءنه ناظر الى ماذكره الشيخ
في وجه حكومة الامارة على الاستصحاب من اءن الامارة تلغي
احتمال الخلاف«172» فكاءن صاحب الكفاية تخيل ان مراده
الغاء احتمال بقاء الحالة السابقة، فاشكل عليه باءنه عليه لابد
من العمل بالاستصحاب اذا كانت الامارة موافقة معه، لانها
حينئذ لا تلغي احتمال الخلاف.

وغفل عن اءن مراد الشيخ الغاء
الشك واحتمال مخالفة الامارة للواقع، وهذاثابت في الامارة
الموافقة مع الاستصحاب، والمخالفة له.

ثم انه ربما يتوهم ان الحكومة المذكورة انما تتم على المسلك
المعروف في الفرق بين الامارة والاصل من تقيد موضوع الاصل
بالجهل والشك، دون الامارة، فانهامطلقة تعم مورد الاصل،
فتكون حاكمة عليه.

ولا تتم على المختار من عدم الفرق بينهما
من هذه الجهة، وتقيد موضوع الامارة بالجهل اءيضا، لاستحالة
الاهمال،واستحالة شمول دليل حجيتها للعالم بالواقع اءو
اختصاصها به، فلا محالة تختص بالجاهل.

ولكنه توهم فاسد، وذلك لان اءدلة الامارة غالبا مطلقة من هذه
الجهة، الا قوله سبحانه وتعالى (فاسئلوا اءهل الذكر ان كنتم
لاتعلمون)«173» وانما قيدناها بحكم العقل باستحالة شمولها
للعالم، فلابد في التقييد من الاقتصار على مايستقل العقل بعدم
امكان حجية الامارة فيه، وهو ما اذا كان الانسان متيقنا وجدانا،
واءما في غيره ولو كان مورد الاستصحاب فاطلاق الادلة شاملة،
فالامارة تكون حجة ولوكانت مخالفة للاستصحاب.

واءما الاستصحاب فقد اخذ فيه الشك بقول مطلق في لسان
الدليل على ماهو ظاهراطلاقه، لا خصوص الشك الوجداني،
والشك بقول مطلق ينافيه اليقين التعبدي،فينتفي بدليل
الامارة، لانه ينفي الشك تعبدا، فلا يبقى معها الشك بقول
مطلق، الذي كان موضوعا للاستصحاب، فالحكومة ثابتة على
كلا المسلكين، وتمام الكلام في الحكومة موكول الى محله من
بحث التعادل والتراجيح.

والحاصل: الكلام في تعارض الاستصحاب مع الادلة يقع في
جهات:
الاولى : في تعارضه مع الامارات.

وقد عرفت تقدمها عليه
للحكومة، لاللورودولا بالتخصص، وذلك لارتفاع موضوع
الاستصحاب بقيام الامارة تعبدا.

وهذامن غير فرق بين
موافقتهما في المؤدى، ومخالفتهما.

وما في الكفاية من
توهم اختصاص الحكومة بصورة المخالفة ناش من تعبير الشيخ
في الرسائل، وهو فاسد،لان ملاك الحكومة وهو ارتفاع موضوع
الاستصحاب تعبدا ثابت في كلاالفرضين.

الثانية : في تعارض الاستصحاب مع سائر الاصول العملية من
البراءة والاحتياط والتخيير.

ولا اشكال في تقدمه عليها.

اءما
تقدمه على الاصول العملية العقلية، فهوبالورود، فانه بمجرد
جريان الاستصحاب ينتفي موضوع البراءة العقلية، وهو
عدم البيان، وموضوع الاحتياط العقلي كما في اطراف العلم
الاجمالي، وموضوع التخييرالعقلي وهو التحير كما في دوران
الامر بين المحذورين، فاذا جرى الاستصحاب في بعض
الاطراف انتفى ذلك كما تقدم تفصيله.

واءما تقدمه على الاصول الشرعية من حديث الرفع، والاحتياط
الشرعي لو قلنابه في مورد، اءو التخيير كذلك، فهو بالحكومة
بعين البيان المتقدم في تقدم الامارات على الاستصحاب، فان
الاستصحاب اءيضا امارة غايته في طول سائر الامارت،وحيث لا
امارة، وليست الامارات في عرض واحد كما تقدم، فبعين البيان
المزبوريتقدم الاستصحاب على الاصول الشرعية.

الثالثة : في تعارض الاستصحابين، وتعارضه مع بعض القواعد
الاخر.

اءما في تعارض الاستصحابين، فنقول مقدمة: ان التنافي بين
الدليلين، تارة: يكون في اءنفسهما مع قطع النظر عن عجز
المكلف عن امتثالهما، اءي في مقام الجعل،فيكونان
متعارضين، سواء كان تعارضهما بالذات، لاستلزام جعلهما
اجتماع النقيضين، اءو الضدين، كجعل الحكم بشي ء وعدمه، اءو
جعل وجوب شي ءوحرمته، اءو بالعرض كما في جعل الوجوب
للظهر اءو الجمعة، فانه يعلم اجمالابكذب اءحدهما مع عدم
التنافي بينهما ذاتا.

وفي مثله يرجع الى مرجحات باب التعارض.

واخرى: يكون التنافي بين الدليلين من جهة عجز المكلف عن
امتثال كلا الحكمين،كوجوب الصلاة والازالة، فانه لا مانع من
جعلهما الا من ناحية عدم قدرة المكلف على امتثالهما.

ولابد
فيه من الرجوع الى مرجحات باب التزاحم من الاهمية،
وكون احدهما ذا بدل، واءخذ القدرة فيه شرعا، الى غير ذلك.

وعليه فالاستصحابان المتنافيان اءيضا يجري فيهما القسمان.

فان تنافيهما قد يكون لعجز المكلف عن امتثال كلا التعبدين،
كما في استصحاب وجوب الصلاة والازالة المتزاحمين.

وتوهم: عدم جريان التزاحم ومرجحاته في الاستصحابين، لان
دليلهما واحد،ونسبته اليهما على حد سواء، فلا معنى للترجيح.

مدفوع: باءن التزاحم انما هو بين الحكمين، هو باهمية احد
المتيقنين، ولا عبرة باليقينين، ولا بالدليل الواحد، فكما ان
وجوب الازالة المتيقنة كانت اءهم من وجوب الصلاة في فرض
العلم به وجدانا، فكذلك اذا ثبتا بالتعبدالاستصحابي.

وبعبارة اخرى: دليل الاستصحاب وان كان واحدا الا انه
انحلالي، ينحل لبا الى احكام عديدة، فالاهم منهما يكون اءرجح،
فالتزاحم معقول في الاستصحابين اذا لم يتمكن المكلف من
امتثالهما.

واءما تعارض الاستصحابين وتنافيهما في مرحلة الجعل، فتارة:
يكون اءحد الشكين فيهما مسببا عن الشك في الاخر.

وليس
المراد السببية التكوينية، فان مجرد كون اءحد الشكين معلولا
عن الاخر ومسببا عنه لاينافي شمول الدليل لهما عرضا، فلاتتم
الحكومة، بل المراد بها السببية الشرعية، باءن يكون اءحد
المشكوكين اءثراشرعيا للاخر، اءي يكون اءحدهما موضوعا
والاخر حكمه، ففي مثله مع جريان الاصل السببي لايبقى
مجال للاصل المسببي، مثلا في القضايا الحقيقية كقوله:
الخمرحرام، اذا شك في خمرية مائع، فلا محالة يشك في
حرمته، الا اءن المشكوك الاول موضوع للمشكوك الثاني، فاذا
جرى استصحاب خمريته وتعبدنا الشارع بذلك لامحالة كانت
الصغرى محرزة تعبدا، فيترتب عليه حكمه، وليس فيه شك
بالتعبدالشرعي ليجري فيه الاصل.

وكذا في الثوب المتنجس
المغسول بماء مشكوك الطهارة، فان المستفاد من الادلة ان
الحكم بطهارة الثوب مترتب شرعا على غسله بماء طاهر، ولذا
يكون الشك في طهارة الماء سببا للشك في طهارة الثوب
المغسول به، الا ان غسل الثوب بالماء محرز بالوجدان، وكون
الماء طاهر محرز بالاصل والتعبد، فبضم الوجدان بالاصل يتم
الموضوع، ويترتب عليه حكمه، وهو طهارة المغسول تعبدا، فلا
يشك فيه ليكون موردا للاصل.

وعليه فاذا فرضنا اءن مورد اءحد الاستصحابين كان هو
الموضوع، ومورد الاخرحكمه، جرى الاستصحاب في الموضوع،
ولا مجال معه للاستصحاب في الحكم.

ثم انه ربما يتوهم ان الشك في حكم لحم الحيوان، والشك في
جواز الصلاة في اجزائه، يكون من هذا القبيل، فاذا جرى اصالة
الحل في اللحم اءو في الحيوان ترتب عليه حكمه، وهو جواز
الصلاة فيه.

وهو فاسد، وذلك لان اصالة الحل مفادها الترخيص الظاهري،
وجواز الصلاة في اجزاء الحيوان مترتب على حليته ذاتا وبطبعه.

كما ان عدم جواز الصلاة فيها اءيضامترتب على حرمة اءكله ذاتا
وفي طبعه، فاذا احل الحيوان المحرم لضرورة اءو تقية
اءومخمصة لم يجز في اجزائه الصلاة.

كذلك اذا حرم المحلل
بالعرض لنذر اءو ضرر اءوصوم ونحو ذلك.

وبالجملة فجواز الصلاة في اءجزاء الحيوان حكم مترتب على
حلية اءكله في نفسه لالعارض، ولو للترخيص الظاهري
المستفاد من الاصل.

نعم ربما تستفاد الحلية الذاتية الطبعية من الاصل المحرز
اءحيانا، كما اذا احتمل الجلل في حيوان، فان استصحاب عدم
الجلل يثبت حليته ذاتا فيترتب عليه جوازالصلاة في اجزائه،
وهذا بخلاف اصالة الحل كما هو ظاهر.

وبالجملة التنافي بين الاستصحابين قد يكون من باب
التعارض.

وقد يكون من باب التزاحم.

فانهما كما يجريان في
الاحكام الواقعية يجريان في الاحكام الظاهرية اءيضا.

وفي مورد
التعارض يرجع الى مرجحات باب المعارضة من اءقوائية
اءحدالدليلين.

وفي مورد التزاحم لايرجع الى ذلك، بل يرجع
الى مرجحات باب التزاحم من الاهمية ونحوها.

والسر في ذلك انه في فرض التعارض يكون التنافي في ثبوت
الحكمين المدلولين للدليلين لموضوع واحد اءو ما في حكمه،
كما اذا دل دليل على وجوب شي ء، ودليل آخر على حرمته اءو
عدم وجوبه، فان ثبوتهما معا مستلزم لاجتماع الضدين
اءوالنقيضين، وهو مستحيل، فالتنافي يكون بين نفس
الحكمين.

واءما في التزاحم فلاتنافي بين ثبوت الحكمين
والدليلين اصلا، وانما التنافي بين موضوعيهما، فان
القدرة ماءخوذة في موضوع كل من الحكمين، اما شرعا واما
عقلا، وصرف القدرة في كل منهما ينافي صرفها في الاخر،
فالتنافي يكون بين فعلية الموضوعين، فان فعلية كل منهما
يستلزم عدم فعلية الاخر، وانتفاء حكمه حينئذ يكون من باب
السالبة بانتفاءالموضوع، فلا مجال فيه للرجوع الى مرجحات
الدليل، كما كان في باب التعارض.

وتفصيل الكلام في ذلك
موكول الى محله.

وكيف كان اذا كان التنافي بين الاستصحابين من باب التزاحم
يرجع الى مرجحاته.

وان كان من باب التعارض، فان كان هناك
بينهما سببية شرعية لاتكوينية، فان ثبوت الحكم الظاهر بدليل
واحد للعلة والمعلول في عرض واحد كالحكم الواقعي ممكن،
والمراد بالسببية الشرعية كما تقدم كون اءحد المشكوكين
حكما شرعياللمشكوك الاخر، فحينئذ يكون الاصل السببي ولو
لم يكن محرزا حاكما على الاصل المسببي، كما في الثوب
المغسول بالماء المشكوك طهارته، فان اصالة الطهارة في الماء
يكون حاكما على استصحاب نجاسة الثوب وان لم تكن محرزا
ناظرة الى الواقع.

وذلك لان التعبد بطهارة الماء ظاهرا عبارة اخرى عن التعبد
بثاره، ومن آثاره طهارة المغسول به، فمعه لايبقى شك في
المغسول لتستصحب نجاسته.

وكذا في الاصل المحرز
كالاستصحاب.

نعم لابد في ذلك من كون المشكوك الثاني مترتبا على
المشكوك الاول، ولو بوجوده الظاهري.

واءما اذا كان مترتبا على
الحكم بوجوده الشاءني الطبعي، كجواز الصلاة في اجزاء مايؤكل
لحمه، فلا يترتب على الحلية الفعلية الثابتة باصالة الحل.

نعم قد تثبت الحلية الشاءنية بالاستصحاب كما في الجلل.

هذا
كله في فرض تحقق السببية الشرعية بين الاستصحابين.

واءما اذا لم يكن بينهما سببية، فان كان هناك حكم الزامي
معلوم بالاجمال كان جريان كلا الاستصحابين منافيا معه، كما
اذا علمنا بطرو النجاسة على اءحد الانائين المعلوم طهارتهما،
فان استصحاب الطهارة في كليهما مخالف للالزام المعلوم في
البين اجمالا اءي نجاسة احدهما، وفي هذا الفرض يسقطان معا،
لما تقدم من ان جريانهمامعا مستلزم للمخالفة القطعية، وفي
احد الطرفين معينا ترجيح بلا مرجح، وفي اءحدهما لا بعينه
مخيرا وان كان ممكنا الا انه يحتاج الى دليل آخر وهو
مفقود،فيسقطان معا.

واءما اذا لم يكن الزام معلوم بالاجمال ليخالفه جريان
الاستصحابين، كما اذا علم اجمالا بطروء الطهارة على اءحد
الانائين المعلوم نجاستهما، فانه ليس هناك حكم الزامي معلوم
بالاجمال يكون استصحاب النجاسة في كليهما منافيا له،
فليس في البين الا مخالفة التزامية، والعلم بمخالفة اءحد
الاصلين للواقع.

وفي هذا الفرض لو كان الاصلان غير محرزين لامانع من
جريانهما.

واءما ان كانامحرزين ففي جريانهما وعدمه خلاف.

ظاهر الكفاية«174» هو الجريان، ومنع الميرزا«175» تبعا
للشيخ«176» عن ذلك.

وتظهر الثمرة، بعد وجوب الاجتناب عن الطرفين على كلا
المسلكين للعلم الاجمالي، في ملاقي اءحد الطرفين، فانه على
مسلك الشيخ لايجب الاجتناب عنه،لانه ملاقي بعض اءطراف
الشبهة.

وعلى المسلك الاخر يجب، لانه ملاقي لما
حكم بنجاسته تعبدا.

فلابد من البحث في ان دليل الاستصحاب
هل يعم كلا الطرفين اءولا؟
وبالجملة مجرد العلم الاجمالي بمخالفة اءحد الاصلين للواقع
يمنع عن جريانهما اءم لا؟وقع الخلاف في ذلك بين الاعلام.

فذهب الشيخ وتبعه الميرزا الى الاول، والاخوندالى الثاني.

واستدل عليه الشيخ باجمال الدليل، فانه ان لاحظنا كلا من
الطرفين بخصوصه،كالاناء الشرقي مثلا اءو الاناء الغربي، يكون
مشكوك النجاسة بعد اليقين بنجاسته سابقا، ومقتضى اطلاق
صدر الادلة اءي قوله (ع) «لاتنقض اليقين بالشك»
جريان الاستصحاب.

وان لاحظنا العلم الاجمالي بانتقاض الحالة
السابقة في الجملة وطهارة احدهما، لابد من رفع اليد عن
الحالة السابقة، وعدم جريان الاستصحاب في واحد منهما،
لاطلاق ذيلها، وهو قوله (ع) «ولكن تنقضه بيقين مثله» فانه
يعم اليقين الاجمالي.

ولا يمكن الجمع بين الامرين، لان
السالبة الجزئية تناقض الموجبة الكلية، اءي جريان الاستصحاب
في كلا الطرفين يناقضه عدم جريانه في واحدمنهما، فيدور
الامر بينهما، وبما اءنه لامرجح لاحد الاطلاقين، يكون الدليل
مجملا،لايمكن الاخذ بشي ء منهما«177».

وفيه: اءولا : انه لا اجمال في الدليل، لظهور اليقين في ذيل
الحديث في اليقين التفصيلي، وذلك لان الناقض لكل يقين
لابد وان يكون اليقين المتعلق بما تعلق به اليقين السابق، لا
المتعلق بغيره، فظاهر قوله (انقضه بيقين مثله) هو اليقين
المتعلق بعين ماتعلق به اليقين الاول.

وفي محل الكلام اليقين الاجمالي لم يتعلق بما تعلق به اليقين
التفصيلي، فان اليقين التفصيلي كان متعلقا بنجاسة كل من
الانائين بخصوصه، ولم يتعلق به يقين على خلاف تلك الحالة،
وما تعلق به اليقين الاجمالي هو طهارة اءحدهما، فمتعلقه
ليس اناء خاص، ولو كان الطاهر الواقعي اءحدهما المعين عند
اللّه تعالى، فان العلم حقيقته الانكشاف، ولم ينكشف سوى
طهارة اءحد الانائين، فضلا عما لم يكن كذلك، بان كانا معا
طاهرين، فلا يمكن ان يكون اليقين الاجمالي بالطهارة ناقضا
لليقين التفصيلي بنجاسة كل منهما، فيعمه صدر الادلة دون
ذيلها.

وثانيا : لو تنزلنا عن ذلك، وبنينا على ان اطلاق اليقين يعم
الاجمالي، يرد عليه مافي الكفاية من ان دليل الاستصحاب غير
منحصر بما هو مشتمل على هذا الدليل، بل بعضها غير مشتمل
عليه، فيتمسك باطلاقها.

واجمال ماهو مقيد بالذيل
لايوجب رفع اليد عن اطلاق المطلق منهما، لان الاجمال معناه
عدم الدلالة على الاطلاق، لاالدلالة على عدمه، كما هو واضح.

فالمانع الاثباتي مفقود في المقام.

ولذا جعل الميرزا (قدس سره) المانع ثبوتيا، وحاصل ماذكره:
ان الاصول التي يعلم بمخالفة بعضها للواقع ان كانت غير
محرزة، باءن لم تكن ناظرة الى الواقع، بل كانت وظائف عملية
للشاك، كالاحتياط الشرعي في الاعراض والاموال مثلا، لامانع
من جريانها، فاذا علم اجمالا باءن احدى المراءتين محرم له،
ويجوز له النظر اليها،والاخرى اءجنبية، لا مانع من جريان
اصالة الاحتياط فيهما معا، اذ لامانع من ان يلزم الشارع ظاهرا
بترك مباح واقعي تحفظا على عدم وقوع المكلف في
الحرام الواقعي.

واءما ان كانت من الاصول المحرزة الناظرة الى
الواقع كالاستصحاب،فيستحيل جريانها مع العلم بمخالفة
بعضها للواقع، فكيف يعبد الشارع من يعلم وجدانا طهارة اءحد
الانائين باءنه عالم بنجاستهما تعبدا.

ونظيره مااذا قامت
امارة كالبينة على طهارة اءحدهما، فانه حينئذ لايمكن جريان
استصحاب النجاسة في كليهما، اذ لازمه ان يعتبره الشارع عالما
بالنجاسة وبالطهارة، وهو كما ترى.

ويرد عليه: اءولا: النقض بما اذا كان المكلف جنبا فصلى، ثم
شك في انه اغتسل قبلهااءو صلى جنبا، فانه يجري قاعدة الفراغ
في صلاته، ويحكم بصحتها، واستصحاب بقاء جنابته بالاضافة
الى سائر اعماله المشروطة بالطهارة، كاللبث في
المساجدومس المصحف ونحو ذلك، مع العلم بمخالفة اءحد
الاصلين المحرزين للواقع، فانه ان كانت صلاته مع الطهارة فقد
ارتفع حدثه، والا فصلاته فاسدة.

وثانيا : بالحل، وهو اءن مورد التعبد ان كان مجموع الطرفين اءو
الاطراف، كالتعبدبنجاسة كلا الانائين معا من حيث المجموع،
كان ذلك مستحيلا، لكونه مخالفا للعلم الوجداني.

الا ان
استحالته غير مختصة بما اذا كان التعبد بالاصل المحرز، بل
يستحيل ذلك ولو كان بالاصل غير المحرز، فيستحيل التعبد
بحرمة النظر الى مجموع المراءتين،المعلوم كون احداهما من
المحارم ولو باصالة الاحتياط، وذلك للعلم التفصيلي بمخالفتها
للواقع، فلا موضوع للاصل، اذ لاشك في حرمة مجموع الامرين.

ولايحتمل مطابقة الاصل الجاري فيه للواقع اصلا، ويعتبر في
جريانه احتمال مطابقته للواقع، والا فلا يتحقق موضوع الاصل
وهو الشك.

واءما ان كان مورد التبعد كل من الطرفين في نفسه، فلا مانع
منه، ولو كان بالاصل المحرز كالاستصحاب، لتمامية اركانه في
كل من الطرفين، وهو الشك في بقاء نجاسته.

والعلم الاجمالي
بطهارة اءحدهما لاينافي الاستصحاب فيهما، بل هو منشاء
الشك في بقاء نجاستهما كما هو ظاهر.

فلا فرق من هذه الجهة بين الاصول المحرزة وغير المحرزة.

ومن الغريب ان الشيخ والميرزا0 مع منعهما عن جريان الاصول
المحرزة في موردالعلم الاجمالى بانتقاض الحالة السابقة في
الجملة، التزموا بجريانها في المتلازمين من حيث الحكم مع
مخالفة مؤدى كل منهما مع الاخر«178»، كما فيما لو توضاء
بمايع مردد بين الماء والبول، فانهما ذهبا الى جريان استصحاب
طهارة الاعضاء وبقاءالحدث، مع ثبوت الملازمة بين طهارة
الاعضاء وارتفاع الحدث، وكذلك العكس،والى الان لم نفهم
الوجه في ذلك مع ان الملازمة ثابتة في كلا المقامين، اءي
موردالملازمة كالمثال وما نحن فيه، غاية الامر الملازمة فيما
نحن فيه تكون بالعرض، وفي المثال بالذات.

فالانصاف اءنه ليس لجريان الاصل في اطراف العلم الاجمالي
مانع اثباتي، ولاثبوتي ما لم يستلزم المخالفة العملية.

نعم اذا علم من الخارج ثبوت الملازمة بين الموردين حتى من
حيث الحكم الظاهري، لامجال لجريان الاصلين، كما في الماء
المتمم كرا اذا فرضنا عدم استفادة نجاسته مع دليل تنجس
الماء القليل ولا عاصميته من دليل عدم تحمل الكر
خبثا،ووصلت النوبة الى الاصل، لايمكن استصحاب نجاسة
المتمم بالفتح وطهارة المتمم، فيحكم بنجاسة الطرف
الاسفل وطهارة الطرف الاعلى مثلا، للاجماع على ان الماء
الواحد لايكون محكوما بحكمين مختلفين حتى ظاهرا.

تعارض الاستصحاب مع قاعدة الفراغ واصالة الصحة:

اصالة الصحة

تعارض الاستصحاب مع قاعدة الفراغ و


بقي الكلام في معارضة الاستصحاب مع قاعدة الفراغ واصالة
الصحة.

فان بناءالعقلاء جار على البناء على الصحة فيما اذا شك
بعد الفراغ عن العمل الصادر عن الملتفت في صحته وفساده.

واذا كان جاريا في فعل الغير عبر عنه باصالة الصحة.

وان كان
في فعل نفس الانسان عبر عنه بقاعدة التجاوز اءو الفراغ.

ويقع الكلام في وجه تقدمها على الاستصحاب، وهو اءنه بناء
على ماهو الظاهر من كون قاعدة الفراغ من الامارات الناظرة
الى الواقع، الكاشفة عن تمامية العمل الماءتي به واقعا، فان
الاخلال العمدي بشي ء مما اعتبر به خلف، اذ الشخص الملتفت
اذاشرع في عمل مركب بانيا على اتمامه لا يخل بشي ء من
اجزائه وشرائطه متعمدا.

والاخلال السهوي الناشي ء عن الغفلة
والاشتباه مدفوع باصالة عدم الغفلة،فظاهر الحال كاشف عن
تمامية العمل، وبناء العقلاء جار على ذلك.

كما ان ظاهرجملة
من الاخبار اءيضا ذلك، كقوله (ع) «قد ركع» وقوله (ع) «هو
حين يتوضاء اءذكرمنه حين مايشك».

وبناء على كون الاستصحاب من الاصول العملية فالوجه في
تقدمها عليه ظاهر،كتقدم سائر الامارات عليه.

واءما بناء على كونها اءيضا اصلا، اءو بناء على كون الاستصحاب
اءيضا من الامارات، غايته امارة ضعيفة في طول سائر الامارات،
فهل يكون تقدمها عليه بالحكومة، اءو بالتخصيص؟ ظاهر
الميرزا هو الاول«179»، بدعوى: ان دليل القاعدة يكون ناظرا
الى دليل الاستصحاب، فان ظاهرها الغاء الشك والبناء
على تحقق ماهو المعتبر في العمل واقعا، فلا يبقى معها شك
تعبدا ليجري فيه الاستصحاب.

وفيه: انه ان اراد بالحكومة كون دليل القاعدة بمدلوله اللفظ ي
ناظرا الى دليل الاستصحاب، بحيث لو لم يكن الدليل المحكوم
كان ورود الدليل الحاكم لغوا، كما في قوله (ع) «لا شك لكثير
الشك» فانه لو لم تكن اءدلة الشكوك والاثار المترتبة
عليهاكان صدوره لغوا بلا مورد، فثبوتها في المقام واضح
الفساد، بداهة انه لو لم يكن دليل الاستصحاب اءيضا كانت
قاعدة الاشتغال العقلي مقتضية لاعادة العمل المشكوك فيه لو
لم تثبت قاعدة الفراغ والتجاوز، فلا تكون لغوا بلا مورد،
فلابدواءن يكون تقدمها عليه بالتخصيص.

وذلك لان بعض روايات القاعدة واردة في خصوص مورد
الاستصحاب، كقوله(ع) «قد ركع»«180»، فانه مورد
لاستصحاب عدم الاتيان بالركوع، فهو مخصص لدليل
الاستصحاب لا محالة.

وبعضها وان كانت مطلقة كقوله (ع)
«مامضى من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا
فاءمضه»«181» وقوله (ع) «هوحين يتوضاء اءذكر»«182»
الا اءنها معارضة مع الاستصحاب غالبا الا في موردين:
اءحدهما : ما اذا لم يعين الحالة السابقة، كموارد توارد الحالتين،
مثلما ما اذا كان المكلف محدثا في زمان ومتطهرا في زمان،
واشتبها ثم صلى، وبعد الفراغ شك في انه حين الشروع هل كان
ملتفتا وصلى مع الطهارة اءو صلى محدثا؟ فانه لا مجال
لشي ءمن استصحاب الطهارة واستصحاب الحدث.

اما لمانع
ثبوتي كما ذهب اليه الميرزا.

اءو للتعارض لاجمال الدليل، كما
اخترناه، ففي مثله ليست القاعدة معارضة مع الاستصحاب.

الثاني: ما اذا كان الاستصحاب موافقا مع القاعدة، كموارد
الشك في تحقق المانع.

واءما في غيرهما، فدائما تكون القاعدة معارضة مع
الاستصحاب، فلامناص من تخصيص الاستصحاب بالقاعدة، لان
لاتختص بالموارد النادرة.

وقد بين في محله ان الدليلين وان
كانت النسبة بينهما عموما من وجه، الاانه اذا استلزم تقديم
اءحدهما على الاخر تخصيصه بالفرد النادر لابد من العكس،لان
لا يلزم المحذور.

هذا مضافا الى ما ذكرنا من ورود بعض الاخبار
في مورد المخالفة مع الاستصحاب، فانه اءيضا يؤكد تقديم
مطلقات قاعدة الفراغ على دليل الاستصحاب.

فالوجه في
التقديم على هذا هو التخصيص لاالحكومة.

تعارض الاستصحاب مع قاعدة اليد:

تعارض الاستصحاب مع قاعدة اليد


واءما تقديم قاعدة اليد على الاستصحاب فالوجه فيه: هو اءن
اليد من الامارات الناظرة الى الواقع، الذي لم يؤخذ الشك فيها
في لسان الدليل، وقامت السيرة على كونها كاشفة عن الملك،
كما اشير الى ذلك في قوله (ع) «لولاه لما قام
للمسلمين سوق»«183».

وعليه فهي في عرض سائر الامارات، ويكون تقدمها على
الاستصحاب كتقدم سائر الامارات عليه.

هذا مضافا الى اءنها
معارضة بالاستصحاب غالبا، بل دائما،فلو قدمنا دليل
الاستصحاب عليها لزم تخصيصها بالموارد النادرة، على ما
عرفت في وجه تخصيص دليل الاستصحاب بدليل قاعدة الفراغ.

نعم في بعض الموارد لاتجري قاعدة اليد في نفسها، فيرجع
فيها الى الاستصحاب، لامن جهة تقديمه عليها.

من تلك
الموارد ما اذا اءقر المنكر الذي يكون المال تحت يده باءن يده
مسبوق بيد المدعي، وان المال كان ملكا له فاشتراه منه مثلا،
فان اقراره للمدعي يوجب انقلاب الدعوى، فيكون المنكر مدعيا
وبالعكس، فلابد للمقر من اثبات انتقاله اليه، وليس يده حينئذ
امارة الملك.

ولم تثبت السيرة على اعتبارها.

كماليس للرواية
اطلاق يعمها، اذ لا يلزم من عدم حجية مثل هذا اليد اختلال
السوق،فلا تكون معتبرة.

ولذا يرجع الى الاستصحاب، ولولاه
لكان اللازم الرجوع الى دليل آخر.

ومن تلك الموارد ما اذا كان اليد مسبوقة بحالة سابقة، ولم تكن
مشكوكة كما اذا كان المال تحت يد شخص عدوانا اءو عاريه
مثلا، ثم ادعى اءنه ملكها، وان يده يدمالكي.

وقد ذكر الميرزا
(قدس سره) في وجه تقدم الاستصحاب على اليد في هذا
الفرض ماحاصله: ان الموضوع في قاعدة اليد مقيد، وهو اليد
المشكوكة الحال، ولا يعم غيرها، وبعبارة اخرى: الاستصحاب
يجري في الموضوع، وينتفي به موضوع قاعدة اليد.

وهو غير تام، لعدم تقيد موضوع قاعدة اليد بكونها مشكوكة
ليرتفع بالاستصحاب، بل الوجه ماذكرناه من عدم شمول دليل
اليد للمقام.

اءما السيرة فغير ثابتة.

واءما الرواية فليس لها اطلاق
كما عرفت.

فلعدم جريان قاعدة اليديرجع الى الاستصحاب،
ولولاه لكان المرجع دليلا اءو اصلا آخر.

تعارض الاستصحاب مع القرعة:

تعارض الاستصحاب مع القرعة


واءما معارضة الاستصحاب مع القرعة، فلا اشكال في تقدم
الاستصحاب عليها.

والسر في ذلك: ان موضوع اءكثر اخبار
القرعة عنوان المشكل والمشتبه.

وفي بعضهاوان اخذ عنوان
المجهول، الا اءنه اءيضا يحمل على ذلك، بقرينة تلك الاخبار.

وعنوان المشكل والمشتبه لايصدق الا في فرض التحير والجهل
بالشي ء واقعا، كما يظهر من موارد استعمال الفقهاء لهذا العنوان،
فانهم لايطلقون المشكل الا في مثل ذلك،والالكانت جميع
الفروع مشكلة، الا الموارد المقطوعة وهي قليلة.

فاذا كان المورد موردا للاستصحاب، لم يصدق عليه عنوان
المشتبه والمشكل، اذ لاتحير حينئذ.

ولما ذكرنا يتقدم اءضعف
الاصول على القرعة، كاصالة الاحتياط الشرعي فيما اذا علم
اجمالا باءن احدى المرئتين اءجنبية، فانه لايرجع في تعيينها
الى القرعة، بل يرجع الى اصالة الاحتياط.

وبالجملة مورد القرعة فرض التحير والجهل بالحكم الواقعي
والظاهري.

مثل مااذا وكل من له زوجات ثلاثة احدا في ان يزوج
له امراءة، فعقد الوكيل على امراءة،وهو اءيضا بنفسه عقد على
امراءة اخرى، فلم يعلم السابق منهما، ففي مثله يرجع
الى القرعة للتحير والجهل بالحكم الواقعي والظاهري.

وهكذا اذا
اءوصى بمال اءو وقف لعمل، وتردد بين اءمرين، فانه ليس في
البين اءصل يعين ذلك، فيصدق عليه عنوان المشكل والمشتبه،
ويعين بالقرعة.

وبما ذكرناه ظهر ان ماادعى من ورود مخصصات كثيرة على
دليل القرعة، بحيث لايمكن العمل بها الا في موارد الانجبار
بالعمل، فاسد، بل اكثر موارد عدم جريانهامن جهة عدم تحقق
موضوعها، وهو عنوان المشتبه والمشكل، فليس وجه
تقدم الاستصحاب عليها ذلك كما توهم، بل مابيناه.

وبالجملة لاريب في العمل بالقرعة في كل مورد ورد النص بها
بالخصوص، سواءكان هناك اءصل عملي يوافقها، اءو لم يكن.

واءما في غير الموارد المنصوصة التي يرجع فيه الى القرعة
بمقتضى عمومات الادلة، فلابد وان لايكون موردا لشي ء
من الاصول العملية من الاستصحاب والبراءة والاحتياط.

واءما
التخيير فقد ارجعناه الى البراءة عن التقيد بكل من
الخصوصيتين، باءن لايكون الشك في التكليف، فانه ان كان
مسبوقا بالحالة السابقة كان موردا للاستصحاب، والا كان موردا
للبراءة.

ولايكون الشك في المكلف به الذي هو مورد للاشتغال،
ولا من قبيل دوران الامربين المحذورين.

وذلك لعدم تحقق
موضوعها، وهو المشتبه والمجهول والمشكل الابذلك.

فينحصر
موردها بموارد الترافع، كما اذا كان مال تحت يد شخص،
وادعاه شخصان آخران، واعترف من بيده المال بعدم كونه له،
ولكنه لايدري لاي منهماهو، فانه لايعرف مالكه حينئذ لا واقعا
ولا ظاهرا، فيعين بالقرعة.

وما اذا تردد اءمرالمال الموصى به اءو
الوقف بين مصرفين، فانه ليس هناك اءصل يعين به
ذلك،فيصدق عليه المشكل والمشتبه، ويرجع فيه الى القرعة.

فظهر بما ذكرنا سر تقدم الاستصحاب، وكذا بقية الاصول
العملية على القرعة.

بقي شي ء، وهو اءنه ورد في بعض الاخبار ان القرعة سهم من
سهام اللّه، وظاهره اءنه يعين الواقع المعين المجهول، فينحصر
موردها بما اذا كان هناك واقع معين وكان مجهولا.

واءما اذا لم
يكن هناك تعين اصلا حتى في الواقع، كما اذا طلق الرجل
احدى زوجتيه بهذا العنوان، وبنينا على صحته، فانه ليس
للمطلقة واقعا تعين اصلاليعرف بالقرعة، الا اذا كان الرجوع الى
القرعة فيه منصوصا.

قاعدة الفراغ والتجاوز

قاعدة الفراغ و التجاوز


هل هى قاعدة.

التعدي منهل هما.

الفرق.

قاعدة التجاوز والفراغ
والكلام فيها يقع في جهات:
الجهة الاولى: كونها قاعدة الفرعية

الجهة الاولى: كونها قاعدة الفرعية


الجهة الاولى : في كونها من المسائل الاصولية اءو القواعد
الفرعية.

الميزان في كون المساءلة اصولية ان تكون نتيجتها
كبرى كلية، لو انضم اليها صغراها اءنتجت حكماكليا فرعيا الهيا.

والمساءلة الفرعية التي هي نتيجة المساءلة الاصولية بعد
ضم صغراها اليها، كبرى كلية لو انضم اليها صغراها اءنتجت
حكما جزئيا.

هذا هو الفرق بين المساءلة الاصولية والفرعية من الناحية
الاولى.

وهناك فرق بينهمامن ناحية ثانية، وهي ان المساءلة
الاصولية غير قابلة للالقاء الى المقلد، بل تطبيقهاعلى صغرياتها
يكون من وظائف المجتهد، بخلاف المساءلة الفرعية، حيث ان
تطبيقهاعلى صغرياتها يكون بيد المقلد، وتطبيق المجتهد لا
اءثر له، الا من باب حجية قوله،بناء على حجية الخبر الواحد في
الموضوعات.

اذا عرفت ذلك وضح لك ان قاعدة الفراغ تكون من المسائل
الفرعية من كلتاالناحيتين.

اءما من الناحية الاولى، فلانها حكم
كلي الهي، مستفاد من نتيجة المساءلة الاصولية، كحجية الخبر
والظواهر وغيرها، بعد ضم صغراها اليها، وهو عدم الاعتناء
بالشك اذا كان بعد الفراغ من العمل، لو انضم اليه صغراه انتج
حكماجزئيا، وهو عدم اعتناء الشخص الخاص بشكه الجزئي
الخارجي الذي حدث بعدالفراغ.

واءما من الناحية الثانية، فلان تطبيق هذه القاعدة، اءعني عدم
الاعتناء بالشك الحادث بعد الفراغ، يكون بيد المقلد دون
المجتهد كما هو ظاهر.

الجهة الثانية :عمومها لغير الصلاة والطهور

الجهة الثانية :عمومها لغير الصلاة والطهور


الجهة الثانية : ان بعض اءخبار القاعدة وان كان واردا في
خصوص الصلاة والطهور، الا اءنه يتعدى منهما الى سائر
المركبات لوجهين:
اءحدهما : عموم العلة في قوله (ع) «هو حين يتوضاء
اءذكر»«184» وهي اشارة الى اءمرارتكازي من ان من اشتغل
بعمل مركب يكون حين الاشتغال اءشد تحفظا على خصوصياته
مما بعد الفراغ، فانه شي ء للانسان غالبا.

ثانيهما : اطلاق بعض الاخبار، كقوله (ع) «اذا شككت في شي ء،
ودخلت في غيره،فليس شكك بشي ء»«185» وقوله (ع)
«انما الشك اذا كنت في شي ء لم تجزه»«186»فتجري
قاعدة الفراغ في جميع المركبات، ولا تختص بالبابين
المذكورين.

والحاصل: ان قاعدتي التجاوز والفراغ تكونان من القواعد
الفرعية، وليستا من المسائل الاصولية.

ثم هل هما من الاصول العملية، اءي وظائف مقررة للشاك في
مقام العمل، اءو اءنهمامن الامارات الناظرة الى الواقع؟ ظاهر
بعض الاخبار كقوله (ع) «انما الشك اذا كنت في شي ء لم
تجزه» وان كان هو الاول، الا ان ظاهر جلها هو الثاني، كقوله
(ع) «لانه حينما يتوضاء اءذكر منه حينما يشك» فالاظهر
اءنهما من الامارات، فان الملتفت اذاشرع في عمل مركب، فان
اخلاله بما اعتبر فيه لابد واءن يكون لاحد وجهين، اماالترك
العمدي، وهو خلف، واما الترك عن غفلة، وهو خلاف الاصل،
فان ظاهرحال من هو مشغول بالعمل الالتفات الى خصوصياته،
وبعد العمل نسي، فنفس هذا المعنى كاشف عن عدم الاخلال
وتمامية العمل.

الا انه لايترتب اءثر عملي على هذا البحث اءصلا، فان القاعدة
مقدمة على الاستصحاب والاشتغال قطعا، سواء كانت امارة اءو
اءصلا، على ماتقدم تفصيله.

وجميع الامارات تتقدم عليها، سواء
كانت اصلا اءو امارة اءيضا.

وربما يقال: بظهور الثمرة في ترتيب آثار لوازمها العقلية
وعدمه.

فعلى القول بكونهاامارة اذا جرت في الصلاة المشكوك
وقوعها مع الطهارة، وحكم باقترانها مع الطهارة، كان لازمها
عقلا ثبوت الطهارة حتى بالنسبة الى الاعمال اللاحقة،
فيجوزالشروع معها في صلاة اخرى.

وهذا بخلاف ما اذا قلنا
باءنها اصل عملي، فان مثبتاتها حينئذ لاتكون حجة.

وفيه: مابيناه في محله من ان حجية المثبتات لا تدور مدار
الامارية والاصلية،فكثير من الامارات لاتكون لوازمها حجة،
كاليد والظن في باب القبلة ونحو ذلك،بل تدور حجية
المثبتات مدار دليل الحجية، فان كان دليل الحجية دالا على
ترتيب آثار اللوازم اءيضا رتب، والا فلا.

والظاهر ان حجية المثبتات منحصرة بباب الاخبارات
والحكايات، لا لما ذكره الاخوند من ان الاخبار عن الملزوم
اخبار عن لازمه، فيعمه دليل حجية الخبر،فانه غير تام على
اطلاقه، لانه يتوقف على العلم بالملازمة، ولذا لايكون المنكر
لماعلم اخبار الامام به مكذبا للامام (ع) اذا لم يكن ملتفتا الى
الملازمة، وهو واضح، بل لقيام السيرة الممضاة شرعا على
ترتيب آثار لوازم الاخبار في باب الاقرار وغيره.

ومن الواضح
عدم قيام الدليل على ترتيب آثار لوازم القاعدة، اصلا كانت
اءوامارة، لان مفاد الاخبار عدم الاعتناء بالشك فيما مضى، لا
فيما لم ياءت.

فلا ثمرة لهذاالبحث.

اذا عرفت المقدمة نشرع في المقصود فنقول: لم يستشكل
اءحد في اءن قاعدة الفراغ عامة تجري في جميع ابواب العبادات
من الصلاة والطهارات والحج، بل في المعاملات بالمعنى
الاخص من العقود والايقاعات، بل في المعاملات بالمعنى
الاعم كالتطهير ونحوه، كما هو الحال في اصالة الصحة في فعل
الغير.

كما لم يستكشل ظاهرااءحد في عدم جريان قاعدة
التجاوز في الطهارات الثلاث، اما تخصيصا اءوتخصصا.

وانما الكلام في ان قاعدة التجاوز عامة تعم جميع اءبواب الفقه،
وقد خرج عن عمومها باب الوضوء بالنص الصريح الدال على
الاعتناء بالشك في الاثناء، واءلحق به الغسل والتيمم بالاجماع
اءو للمناط.

اءو انها مختصة بباب الصلاة، وخروج الطهارات
الثلاث يكون بالتخصص لا بالتخصيص؟ ظاهر كلام الشيخ
هوالاول.

ولكن الميرزا اصر على اختصاصها بباب الصلاة دون
غيرها«187»، فلا حاجة في اثبات عدم جريانها في الوضوء
بالتمسك بالنص، ولا في الحاق الغسل والتيمم به الى الاجماع
والعلم بالملاك.

وتحقيق الكلام في ذلك مبني على بيان ان قاعدة التجاوز
والفراغ قاعدتان، اءو اءنهماقاعدة واحدة، يعبر عنها تارة بقاعدة
الفراغ، واخرى بقاعدة التجاوز.

الجهة الثالثة: كونها قاعدة واحدة او قاعدتين

عدم اشتراط ذلك في قاعدة الفراغ

اشراط الدخول في الغيرفي قاعدة التجاوز

الجهة الثالثة: كونها قاعدة واحدة او
قاعدتين


الجهة الثالثة: في انهما قاعدتان اءو قاعدة واحدة.

قد يقال: باءنهما قاعدتان.

ويستدل على ذلك بوجوه:
الوجه الاول: ان المجعول في كل منهما مغاير للمجعول في
الاخر، فان التعبد في موردقاعدة التجاوز انما هو باءصل وجود
المشكوك بنحو مفاد كان التامة، وفي موردقاعدة الفراغ يكون
الوجود مفروغا عنه، والتعبد بصحته بنحو مفاد كان
الناقصة،اءي بالملزوم دون اللازم فلا يمكن الجمع بينهما
بدليل واحد.

وبعبارة اخرى: التعبد في مورد قاعدة الفراغ انما هو بالصحة،
ويكون وجود اءصل المشكوك مفروض الوجود، وبعد فرض
وجوده يعبدنا الشارع بصحته.

والمشكوك في مورد قاعدة
التجاوز مفروض العدم، ولذا يكون التعبد باءصل وجوده.

ومن
الظاهر ان فرض الوجود وفرض العدم متنافيان، لايمكن الجمع
بينهمافي دليل واحد.

واءجاب«188» عنه الشيخ (قدس سره) باءن المشكوك في
كلا الموردين هو الوجود بنحو مفادكان التامة، غايته انه في
قاعدة التجاوز هو وجود الجزء، وفي قاعدة الفراغ
وجودالمجموع المركب من حيث المجموع.

كما اءن التعبد
اءيضا في كلا الموردين متعلق باءصل الوجود بنحو مفاد كان
التامة، غايته في قاعدة الفراغ بوجود العمل
الصحيح.

فالمشكوك فيه والمجعول في كلتا القاعدتين شي ء
واحد.

واءورد عليه الميرزا«189» بوجهين:
اءحدهما :ان ارجاع قاعدة الفراغ الى الشك في وجود المركب
من حيث المجموع،وكون التعبد فيها بوجود العمل الصحيح
اءي الجامع للشرائط، خلاف ظاهر دليلها،كقوله (ع) «مامضى
من صلاتك وطهورك فذكرته تذكرا فاءمضه»«190» فان
ظاهره كون اءصل العمل مفروغا عنه، والتعبد انما هو بصحته.

بخلاف دليل قاعدة التجاوز،كقوله (ع) «اذا خرجت من شي ء
ودخلت في غيره فشكك ليس بشي ء» فانه ظاهرفي الشك في
اءصل وجود الشي ء، وان التعبد يتعلق باءصل وجوده وتحققه،
فارجاع الاول الى الثاني يكون من قبيل الاكل من القفا.

ثانيهما : اءنه في باب العبادات يترتب الاثر على التعبد بوجود
طبيعي العمل الماءموربه في الخارج، لان هم العقل فيها هو
تحصيل المؤمن من العقاب فرارا من الاشتغال اليقيني، وهو
يحصل بذلك، الا ان الاثر في باب المعاملات لايترتب على
ذلك، اءي على وجود طبيعي المعاملة خارجا، بل هو مترتب
على صحة المعاملة الشخصية الخاصة، فلا يكفي فيها التعبد
بوجودها خارجا.

فعلى ماذكره الشيخ لايترتب الاثرعلى قاعدة
الفراغ الا في باب العبادات دون المعاملات.



/ 20