الفصل الرابع
البناء الاَخلاقي
العقيدة تشكّل مرتكزاً متيناً للاَخلاق ، لاَنّها تخلق الواعز النفسي عند الاِنسان للتمسك بالقيم الاَخلاقية السامية ، على العكس من العقائد الوضعية
التي تساير شهوات الاِنسان ، وتنمّي بذور الاَنانية المغروسة في نفسه .
والاَخلاق تحظى بأهمية استثنائية في العقيدة الاِسلامية ، قال الرسول
الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم : « بُعثتُ لاتُمّم مكارم الاَخلاق » (1)
. وقال صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً :
«الخُلق الحسن نصف الدين ، وقيل له : ما أفضل ما أعطى المرىء المسلم
؟ قال : الخُلق الحسن » (2)
.
الاِسلام يربط بين الدين الحق والاَخلاق ، مثل هذه الرؤية تتوضح
خطوطها في أنّ الدين يحثُّ على الاَخلاق الحسنة ويقوم بتهذيب الطباع
ويجعل ذلك تكليفاً في عنق الفرد يستتبع الثواب أو العقاب ، وعليه فلم
يقدّم الدين توجهاته الاَخلاقية المثالية بصورة مجردة عن المسؤولية ،
وإنّما جعل الاَخلاق نصف الدين ، لاَن الدين اعتقاد وسلوك . والاَخلاق
تمثل الجانب السلوكي للفرد .
(1) كنز العمال 11 : 240 | 31969 .
(2) روضة الواعظين ، للفتال النيسابوري : 376 ـ منشورات الرضي ـ قم .