• عدد المراجعات :
  • 5643
  • 9/3/2006
  • تاريخ :

الكبائر من الذنوب ونتائجها

اختلف العلماء في تحديد مفهوم الذنوب، فمنهم قال لا صغيرة في الذنوب ومنهم قال هناك ذنوب صغائر وذنوب كبائر ومنهم مَن قال لا صغيرة مع الإصرار واختلفوا في عدد الكبائر.

وفي الصحيح عن أبي جعفر الثاني (ع) قال: سمعت أبي يقول: سمعت موسى بن جعفر (ع) يقول: دخل عمرو بن عبيد على أبي عبدالله (ع) فلما سلّم وجلس تلا هذه الآية: (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش) ثم أمسك، فقال له أبو عبدالله: ما أسكتك؟ قال: أحب أن أعرف الكبائر من كتاب الله، فقال: نعم يا عمرو أكبر الكبائر الإشراك بالله، يقول الله: (ومَن يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة) وبعده اليأس من روح الله لأن الله يقول: (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) ثم الأمن من مكر الله، إن الله يقول: (فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون).

ومنها عقوق الوالدين لأن الله جعل العاق جباراً شقياً وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق لأن الله يقول: (لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم).

وأكل مال اليتيم لأن الله يقول: (إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً).

والفرار من الزحف لأن الله يقول: (ومَن يولهم يومئذٍ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير).

وأكل الربا لأن الله يقول: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس).

والسحر لأن الله يقول: (لقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق).

والزنا لأن الله يقول: (ومَن يفعل ذلك يلق أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً).

واليمين الغموس الفاجرة لأن الله يقول: (الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة).

والغلول لأن الله يقول: (ومَن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة).

ومنع الزكاة المفروضة لأن الله يقول: (فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم).

وشهادة الزور وكتمان الشهادة لأن الله يقول: (ومَن يكتمها فإنه آثم قلبه).

وشرب الخمر لأن الله نهى عنها كما نهى عن عبادة الأوثان وترك الصلاة متعمداً أو شيئاً مما فرض الله لأن رسول الله (ص) قال: "مَن ترك الصلاة متعمداً فقد برأ من ذمة الله ورسوله". ونقض العهد وقطيعة الرحم لأن الله يقول: (أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار).

قال: فخرج عمرو وله صراخ من بكائه وهو يقول: هلك مَن قال برأيه ونازعكم في الفضل والعلم.

واختلف الصحابة والتابعون في عدد الكبائر من أربع إلى سبع إلى تسعٍ إلى إحدى عشرة فما فوق ذلك وقال أبو طالب المكي: الكبائر سبع عشرة جمعتها من جملة الأخبار وجملة ما اجتمع من أقوال الصحابة وهي:

أربعة في القلب: وهي الشرك بالله تعالى والإصرار على معصيته والقنوط من رحمته والأمن من مكره.

وأربعة في اللسان: وهي شهادة الزور وقتل المحصن واليمين الغموس وهي التي يحق بها باطلاً أو يبطل بها حقاً وقيل: هي التي يقتطع بها مال إمرئ مسلم باطلاً ولو سواك مَن أراك وسميت غموساً فاجرة لأنها تغمس صاحبها في النار والسحر وهو كل كلام يغير الانسان وسائر الأجسام عن موضوعات الخلقة.

وثلاثة في البطن وهي شرب الخمر والمسكر من كل شراب وأكل مال اليتيم ظلماً وأكل الربا وهو يعلم.

واثنتان في الفجر وهما الزنا واللواط.

واثنتان في اليدين وهما القتل والسرقة.

وواحدة في الرجلين وهي الفرار من الزحف.

وواحدة في جميع الجسد وهي عقوق الوالدين. قال وجملة عقوقهما أن يقسما عليه في حق فلا يبر قسمهما وأن يسألاه حاجة فلا يعطيهما وأن يسبّاه فيضربهما ويجوعان فلا يطعمهما.

وقد ورد في الخبر من الكبائر السبتان بالسبة واستطالة الرجل في عرض أخيه المسلم.

وقال أبو سعيد الخدري وغيره: أنكم لتعملون أعمالاً هي أدقُّ في أعينكم من الشعر كنا نعدها في عهد رسول الله من الكبائر.

وقالت طائفة: كل عمد كبيرة وكل ما نهى الله عنه فهو كبيرة.

روي عن ابن عباس انه سئل عن الكبائر أَسَبع هي؟ فقال: هي إلى سبعين.

وما ورد عن ذكر عدد الكبائر هو على سبيل التمثيل لا الحصر.

وللعلماء في تحديد الكبائر أقوال شتى وهي كالآتي:

أولاً: كل ما نهى الله عنه.

ثانياً: ما نص القرآن على تحريمه.

ثالثاً: ما وجب فيه عقوبة.

رابعاً: ما ورد فيه توعد بالعذاب بالنار يوم القيامة.

خامساً: الغضب من الله.

سادساً: ما وجب فيه لعنة يوم القيامة.

سابعاً: ما ورد فيه وعيد شديد.

ثامناً: ما وصف فاعله بالفسق.

وللذنوب علل وأسباب تظهر آثارها في حياة الفرد اليومية وقد ورد عن الإمام زين العابدين (ع) في تفسير بعض الذنوب وبيان عللها وأسبابها أنه قال: إن الذنوب التي تغير النعم البغي على الناس والزوال عن العادة في الخير واصطناع المعروف وكفران النعم وترك الشكر، قال الله تعالى: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الرعد/ 11.

والذنوب التي تورث الندم قتل النفس التي حرّم الله، قال الله تعالى في قصة قابيل حين قتل أخاه هابيل فعجز عن دفنه: (فأصبح من النادمين) المائدة/ 31.

وترك صلة الرحم حين يقدر وترك الصلاة حتى يخرج وقتها وترك الوصية وردّ المظالم ومنع الزكاة حتى يحضر الموت وينغلق اللسان.

والذنوب التي تزيل النعم عصيان العارف والتطاول على الناس والاستهزاء بهم والسخرية منهم.

والذنوب التي تدفع القسم إظهار الافتقار والنوم عن صلاة العتمة وصلاة الغداة واستحقار النعم وشكوى المعبود والزنا.

والذنوب التي تهتك العصم شرب الخمر ولعب القمار وتعاطي ما يضحك الناس واللغو والمزاح وذكر عيوب الناس ومجالسة أهل الريب.

والذنوب التي تنزل البلاء ترك إغاثة الملهوف وترك معاونة المظلوم وتضييع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

والذنوب التي تديل الأعداء المجاهرة بالظلم وإعلان الفجوز وإباحة المحضور وعصيان الأخيار والانقياد إلى الأشرار.

والذنوب التي تعجل الفناء قطيعة الرحم واليمين الفاجرة والأقوال الكاذبة والزنا وسد طرق المسلمين وادعاء الإمامة بغير حق.

والذنوب التي تقطع الرجاء اليأس من روح الله والقنوط من رحمة الله والثقة بغير الله والتكذيب بوعد الله.

والذنوب التي تظلم الهواء السحر والكهانة والإيمان بالنجوم والتكذيب بالقدر وعقوق الوالدين.

والذنوب التي تكشف الغطاء الاستدانة بغير نية الأداء والإسراف في النفقة والبخل عن الأهل والأولاد وذوي الأرحام وسوء الخلق وقلة الصبر واستعمال الضجر والكسل والاستهانة بأهل الدين.

والذنوب التي ترد الدعاء سوء النية وخبث السريرة والنفاق مع الإخوان وترك التصديق بالإجابة وتأخير الصلوات المفروضات حتى تذهب أوقاتها وقساوة القلوب على أهل الفقر والفاقة وظلم اليتيم والأرملة وانتهار السائل ورده بالليل.

الشيخ مجيد الصايغ

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)