• عدد المراجعات :
  • 2878
  • 7/1/2006
  • تاريخ :

الجنس .. بين الوسيلة والغاية

الجنس .. بين الوسيلة والغاية

يعتبر الجنس واحدا من الدوافع الفطرية لدى الفرد .. ويقصد بالدوافع الفطرية تلك الدوافع التي يكتسبها الفرد من بيئته عن طريق التعلم والتدريب، فهي استعدادات يولد الانسان مزودا بها، كالطفل المولود حديثا فانه يحس بثدي امه ما ان يلامس فمه فيبدأ بالامتصاص .. وتشمل هذه الدوافع الاكل والجنس وغيرها ..

يعتبر الجنس واحدا من الدوافع الفطرية لدى الفرد .. ويقصد بالدوافع الفطرية تلك الدوافع التي يكتسبها الفرد من بيئته عن طريق التعلم والتدريب، فهي استعدادات يولد الانسان مزودا بها، كالطفل المولود حديثا فانه يحس بثدي امه ما ان يلامس فمه فيبدأ بالامتصاص .. وتشمل هذه الدوافع الاكل والجنس وغيرها ..

ويسمى البعض هذه الدوافع ايضا بالدوافع الفسيولوجية ويعتبرها الدكتور عمارة من الحاجات الاولية للجنس -كما يرى عمارة-انها تمثل حاجة اولية فطرية لانها تساهم في حفظ النوع الانساني كما كان الطعام هو ايضا حاجة اولية فطرية يساهم في حفظ الذات البشرية .. غير ان د. البستاني لا يرى ان هذا الدافع لا يجد حاجة اولوية في قائمة النوع وهو يتناول الامر تبعا لامكانية تأجيل هذه الحاجة دون ان تترعب عليها اثار مهلكة كالموت مثلا كما في حالة الطعام مثلا .. على الرغم من اعترافه بان (

الدافع الجنسي يظل اشد الحاحا من سائر الدوافع البيولوجية في شتى انعكاساته على السلوك).

ورغم هذا الالحاح القوي لهذه الغريزة فانها ايضا تمتاز بكونها شاملة للنوع البشري كله وثابتة لا تختلف من فرد الى اخر.

ومحصلة الامر ان الغريزة الجنسية او الحاجة الى الجنس تعتبر حاجة اولية فطرية ذات اثر مهم في حفظ النوع الانساني كما انها - كغيرها من الحاجات - يجب اشباعها بالطرق السوية - وحتى لو تم تأجيل هذه الحاجة - كما يحصل لدى الكثيرين - من الذين يودون الزواج ولا يستطيعون – فانه لابد وان تكون هناك عوامل معينة على هذا التأجيل الذي يتطلب في النهاية اشباعا سليما.

واختلفت النظرات الى هذه الحاجة الانسانية التي كان لها دور فاعل وواضح في ادامة الوجود البشري على وجه الارض وفي تهيئة العوامل النفسية والروحية والذاتية في تكوين الاسر الرافدة للاجيال المتتابعة. الا ان هذا الاختلاف والتباين في النظر الى هذه الحاجة الانسانية ادخل البشر في امواج متلاطمة من الافكار المتضادة.

فهناك من يرى ان الجنس كله خطيئة وان الحياة لا تحلوا الا بالتخلي عن كل ممارسات جنسية وان كانت شرعية، والبعض الاخر يرى ان الحديث في الجنس من الامور الشائنة والمعيبة ومما لا يليق بالفرد المثالي، والاخرون يرون ان الحياة لا تستقيم دون اطلاق العنان لاشباع هذه الغريزة وبكل الوسائل السوية والشاذة بل والاهم من هذا انهم يلجأون السلوك الانساني بكامله الى الجنس والسلوك والدوافع الجنسية. وهذا الافراط هشم سائر الدوافع الانسانية الفاعلة في السلوك البشري.

ان الانسان لا يحقق ذاته بغير الاشباع الجنسي، وكل قيد من دين او اخلاق او مجتمع او تقاليد هو قيد باطل او مدمر لطاقة الانسان هو كبت غير مشروع

 

الجنس بين الوسيلة والغاية:

تبعا لاختلاف التصورات المطروحة حول الجنس يضيع البعض في تحديد موقع الجنس في الدور الحياتي. هل هو وسيلة ام غاية فلابد له من وسائل،وان كان وسيلة فلابد ان يؤدي الى غاية:

وللاسف فان التصورات الارضية التي طرحها فرويد وروج لها الكثير كانت تدور حول جعل الجنس غاية بل وهدفا من اهداف الحياة!! إذ يقول:

(

ان الانسان لا يحقق ذاته بغير الاشباع الجنسي، وكل قيد من دين او اخلاق او مجتمع او تقاليد هو قيد باطل او مدمر لطاقة الانسان هو كبت غير مشروع).

وبهذا يجعل هدف الانسان في الحياة هو هذا الاشباع الجنسي الذي يتجاوز ما يسميه قيدا فيطوق او يلغي اثر الدين والاخلاق في رسم معالم الدور الانساني في اشباع الحاجات.

واذ لاينكر احد ابدا ان الغريزة الجنسية هي من اقوى الغرائز الحاحا، بل والادهى من ذلك ان الطاقة الجنسية لها دور كبير في رسم السلوك وانتاج الفعل البشري، ولكن هذا الاطلاق الصارخ للشهوة او الاشباع -الهدفي- لهذه الحاجة في حالة غياب الدين والاخلاق، فان المجتمع سيتحول الى مجتمع بهيمي ليس فيه الا هذه النزعات الباحثة عن الاشباع متناسية لدور الفضائل والمثل والقيم الاخلاقية.

يقول الشيخ الغزالي: ان الشهوة اذا غلبت ولم تقاومها قوة التقوى جرت الى اقتحام الفواحش واليها اشار الحديث الشريف (الا تفعلوه تكن فتنة في الارض وفساد كبير).

وقد كتب جيمس رستون في مجلة اوروبية ان خطر الطاقة الجنسية قد تكون في نهاية الامر اكبر من خطر الطاقة الذرية .. وهذا ما اكده ايضا

الرسول الاكرم (ص) حينما قال وما تشيع الفاحشة في قوم الا عمهم الله بالبلاء .. وماساة اصحاب النظرة المادية الى الجنس انهم ينظرون اليه بمعزل عن الاخلاق والدين وبذلك يحطمون السور الواقي والصيانة الحافظة للمجتمع والفرد على حد سواء.

ان الحاجة الى الجنس حينما تتحول الى هدف يعدو خلفه الفرد فانه لايشبع ابدا لانه (

كماء البحر كلما شرب الانسان منه ازداد عطشا) وهو بالتالي يبدأ بالبحث عن وسائل احدث واكثر ابتكارا لتحقيق هذا الاشباع وهذا ماجر  الى الانحراف الجنسي بكل اشكاله وما شيوع الزواج المثلي في عصرنا الحالي الا صورة مأساوية لتصوير الجنس غاية مطلقة.

فالجنس -كباقي الحاجات الانسانية- هو وسيلة لغاية فنحن نأكل لنعيش وبالتالي نسعى لتحقيق اهدافنا وادوارنا وتحمل مسؤولياتنا في الخلافة الربانية في الارض والذي يعيش ليأكل يزداد جوعا وضياعا ولا يعرف له اهدافا سامية وبالتالي فهو اما خاسر او ضائع وكلاهما مرفوض.

وغاية اشباع هذه الحاجة الانسانية هو ادامة النسل البشري ولهذا جاءت الاحاديث تؤكد على كون الزوجة ولودا تحقق هذا الامر، كما ان له هدفا اخر في تقوية الرغبة لدى كل جنس الى الجنس الاخر والتي تكون محركا نحو اقامة علاقة زوجية شرعية وسليمة وايضا يساهم في تهيئة الاجواء العاطفية في المحيط الاسري والذي يؤثر على الاستقرار والسكن فيها، كما انه يؤثر على البناء العاطفي والنفسي السليم للطفل الذي هو تواصل لسلسلة البشرية.

يقول العلامة الطباطبائي رحمة الله: من المشهود ام في كل من الزوجين من الانسان، اعني الذكر والانثى اذا ادرك وصحت بنية ميلا غريزيا الى اخر، وليس ذلك مما يختص بالانسان بل نجده في عامة الحيوان ايضا).

من كل ذلك فالجنس اذا وسيلة لغايات سامية وهو لا يمكنه ان يكون غاية بحد ذاتها.

 

الاسلام والجنس:

الاسلام .. دين التوحيد يقنن الامور كلها بما يلائم احوالها ويؤطرها باطار اخلاقي ويضع لها الضوابط الاخلاقية التي تشكل عناصر الحماية للسلوك الانساني.

 

واذا كان الاشباع الجنسي هو ضرورة ملحة فاننا نقع والحال هذه بين امرين:

 

۱- الامر الاول ان يكون هذا الشباع بالطريق المشروع ينطلق من وجود نظرة صائبة وانسانية للعلاقة بين الجنسين وتحافظ على حقوق كل منهما ولا تسمح لاحد بالتجاوز على اخر.

۲- الامر الثاني حينما يغيب الاشباع السوي وهنا يلجأ الفرد الى طرق ووسائل الاشباع الشاذة او يصاب بالانحراف الجنسي.

 

ولكننا قلنا ان الاشباع الجنسي السوي كفيل بتصريف الطاقة الجنسية في الامر النافع كذلك في حين ان استخراج الطاقة واستنفاذها في طريق غير مشروع او شاذ يؤدي الى اهدارها والذي يعتبر احد اوجه الاسراف الذي تنهى عنه الشريعة.

وعلى هذا كانت وسائل الاشباع الصحيح محدودة تتمثل في الزواج وبالتالي ترفض كل العلاقات التي تقوم بين الجنسين خارج هذه العلاقة، ويذهب اخرون الى رفض هذا التحديد الاوحد –ويطالبون بفسح المجال اكثر على طريقة النهج الفرويدي الذي يتطلع الى الاشباع فقط دون البحث في اشكاله واثاره على الطرف الاخر .. وهذا هو الذي ساد عصرنا الاخير فجر الى مآس كثيرة كانت الاسرة والمرأة والرجل والاولاد ضحايا لهذا الطغيان الفاحش للاشباع الجنسي بعيدا عن كل ضابط، وهنا يتحول الفرد الى عبد ذليل لشهواته وتكون الشهوة هي السلطات الحاكمة.

الاشباع السوي لهذه الحاجة الملحة يحقق امنا نفسية للفرد وهناك فارق كبير حينما يدور الفرد في حلقة الاشباع المشروع الذي يجعله يشعر بالدعم الالهي (

فانكحوا ما طاب لكم من النساء) وبين الذي يجنح الى تحقيق اشباع مضر بطريق ملتو حيث يفتقد للامن والامان ويخشى من افتضاح امره (والزانية زالزاني فاجلدوا كل واحد منهما) ومن هنا كانت فوائد عديدة للزواج فهو يعين لاداء وظائف نفسية تتطلب الوصول الى السكينة والاطمئنان النفسي (ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها).

كما انه معين على اداء الوظائف التربوية التي تشمل التحصن وترقية النوع .. والتحصن هو الوصول الى مرحلة نسبية من الامكتفاء الجنسي مما يردع عن الحرام والابتعاد عن اساليب الانحراف وكذلك يسهم في ترقية النوع الانساني وهذه لاتقوم الا بالاهتمام بامر التربية والدين.

ومن هذا نستنتج ان الله تعالى جعل الغريزة الجنسية لدى المرأة والرجل بنحو قوي وتام ليندفع بعضهم الى البعض الاخر. وليشكلوا اسرة، وقد وجدت الاسرة مع خلق الانسان لتكون راسخة للعلاقة الصحيحة بين الجنسين.

كفاح حداد


قيمة الاصالة في حياة الشباب

تربية الشباب بين الاصالة والتجديد

الصديقة

خطوة خطوة مع المراهق .. نحو التغيير

مرحله شباب النبي

اختيار الصديق

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)