• عدد المراجعات :
  • 1941
  • 5/29/2006
  • تاريخ :

مهمة فضائية للتعرف على أسرار «الغيوم المتوهجة»


تتأهب وكالة الطيران والفضاء الأميركية «ناسا» لإرسال قمر صناعي في أغرب مهمة علمية نهاية هذا العام، بهدف دراسة سلسلة من الغيوم المتوهجة بألوان زرقاء وفضية في الليل، أخذت تنتشر فوق العالم متألقة بأضواء غامضة خلال السنوات الاخيرة، يرجعها بعض العلماء الى ظاهرة الاحتباس الحراري في الارض. وستكون مهمة «ناسا» التي اطلق عليها اسم «دراسة طبقات الجو العليا والجليد في منطقة الميسوسفير»، ويرمز لها اختصارا بالحروف الانجليزيةAIM (أيم)، اول مهمة من نوعها ينفذها قمر صناعي لدراسة هذه الغيوم الغامضة التي تتوهج ليلا، والتي تتشكل في طبقات الجو العليا على ارتفاع 80 كلم عن سطح الارض، ويمكن رصد وهجها اما بعد الغروب مباشرة او قبل شروقها مباشرة.

وقال جيمس راسل، المشرف على مهمة «أيم» ان «توهج الغيوم يمكن رصده حتى بعد حلول الظلام، لأنها عالية جدا ولذلك تسقط عليها أشعة الشمس» المختفية خلف الافق. وكان راسل يتحدث في مؤتمر لاتحاد الجيوفيزياء الاميركي في بالتيمور بولاية ماريلاند الخميس الماضي.

وقد رصدت الغيوم المتوهجة اول مرة عام 1885 فوق المناطق القطبية، واعتقد العلماء حينذاك أن تفجر بركان «كاكاتو» قبل عامين من ذلك التاريخ، هو السبب في ظهورها. وقد شهدت الأعوام الاخيرة انتشارها نحو خطوط عرض 40 درجة، «كما أنها اصبحت أكثر لمعانا عن ذي قبل، ويزداد عددها من سنة لأخرى»، كما نقلت مجلة «نيوساينتست» العلمية البريطانية عن راسل.

ويعتقد عدد من العلماء ان سببها يعود الى النشاط الصناعي البشري، بينما تدعي فرضيات علمية اخرى، ان هذه الغيوم ربما هي التي تقود الى تزايد شدة ظاهرة الاحتباس الحراري في الارض. ويقول راسل انه «ولكي تتشكل الغيوم، ينبغي توافر ثلاثة شروط؛ وجود الدقائق التي تتشكل عليها قطرات الماء البارد، ووجود الماء نفسه، ودرجة الحرارة المتدنية». ويعتقد ان التلوث والتسخين الحراري مسؤولان عن اثنين من الشروط الثلاثة، اذ يزداد تشبع الجو بالمياه نتيجة توسع تربية الماشية وحرق وقود باطن الارض اللذين يزيدان من تدفق الميثان الى الهواء. ويتحلل الميثان بفضل أشعة الشمس الى الهيدروجين الذي يمكنه بدوره الاتحاد مع الاوكسجين لتكوين الماء. كما أن غازات الاحتباس الحراري مثل ثاني أوكسيد الكربون المتزايدة نسبتها بسبب حرق الوقود، تساعد على تبريد طبقات الجو العليا التي تتشكل فيها هذه الغيوم، ذلك لأن تركيز الغازات في تلك الطبقات ضئيل جدا، ولذلك لا يمكنها ان تحافظ على الحرارة فيها، مثلما هو الحال بالنسبة الى الطبقات القريبة من الارض. إلا ان العلماء لا يزالون حائرين في مصدر الدقائق التي تتحول الى «بذور» الغيوم المتوهجة التي تتشكل عادة في فصل الصيف عندما يكون القطب معرضا أكثر لأشعة الشمس. وتفترض إحدى النظريات أن الهواء الدافئ المرتفع من القطب، يمكنه حمل دقائق الغبار نحو أعالي الطبقات الجوية، وتتجمع قطرات المطر على هذه الدقائق وحولها. إلا ان هذا الغبار قد يكون آتيا من أعماق الكون، ولذلك فان هناك مصدرا دائما لدقائقه. وتهدف بعثة «أيم» لدراسة الغيوم بثلاثة نظم علمية؛ اولها نظام من اربع كاميرات سيتيح التقاط صور شاملة (بانورامية) للقطب والغيوم، أما النظام الثاني وهو نظام «الاستتار او الاحتجاب الشمسي المخصص لاختبارات الجليد» فسوف يدرس التركيب الكيميائي لدقائق الجليد والغيوم نفسها، برصد انواع الجزيئات مثل جزيئات الميثان، كما أنه سيدرس تغلغل اشعة الشمس عبر الغلاف الجوي بهدف قياس مدى تقليل الغبار لسطوع أشعتها.

النظام العلمي الثالث في مهمة «أيم» يسمى نظام «اختبار الغبار الكوني»؛ وهو عبارة عن شريحة بلاستيكية رقيقة جدا توضع على الطبقة الخارجية للقمر الصناعي، وتسجل كل «ضربة» للغبار الكوني الذي يصطدم به.

ويقول راسل انه ان «حدث وواصلت هذه الغيوم توسعها، فإنها ستغطي مناطق كبيرة من الأرض وتصبح مثل مظلة شفافة تمنع تغلغل أشعة الشمس الى الكرة الارضية، أي انها ستقلل من تأثير التسخين الحراري في الأرض». ومن المقرر أن يطلق قمر «أيم» الصناعي من قاعدة فاندنبرغ لسلاح الجو الأميركي في كاليفورنيا في ديسمبر (كانون الاول) المقبل في مدار قطبي.

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)