• عدد المراجعات :
  • 1214
  • 11/8/2014
  • تاريخ :

العلامة الطباطبائي - العفاف في العيش

العلامة الطباطبائي

اعتمد العلامة الطباطبائي في تأمين نفقات حياته ونفقات عائلته على ريع مزرعة كان يملكها أبوه فى تبريز.

يقول العلامة: «منذ مئتين وسبعين سنة، والأرض الزراعية هذه ملك مطلق لآبائنا وأجدادنا، والريع الذى تدرّه زراعتها هو المصدر الوحيد لرزقنا».

وكان يمتنع عن استلام الحقوق الشرعية المخصّصة لطلّاب الحوزة العلمية فى النجف الأشرف، ويكتفى وأسرته بما يصله من عائدات ما ورثه عن أبيه، وقد أدّى ذلك إلى أن يكون وضعه المعيشى في مستوى يقلّ عن مستوى ما يتوافر للطالب العادي في حال انقطاع ما يأتيه من ريع الزراعة. فالطالب العاديّ حتى لو انقطعت به السبل ولم يأته شي‏ء من المدينة أو القرية، فهو يستفيد كحدّ أدنى من مال سهم الإمام الذي كان يرفض العلامة استلامه.

ولمّا هاجر إلى قم استأجر منزلاً لا تتجاوز مساحته عشرين متراً، يشتمل على غرفة واحدة مقسومة إلى ما يشبه غرفتين عبر نصب ستارة في وسطها، ولم يكن فيها مطبخ، ولذلك كانت تضطرّ زوجته للطبخ داخل الغرفة.

وظلّ يسكن حتى سنوات متأخّرة من حياته في منزل بائس مستأجر، كان مالكه لا يسمح للعلّامة الطباطبائي باستقبال الأصدقاء والضيوف فيه! غير أنّ العلامة لم يستطع أن ينتقل من هذا المنزل ويستأجر منزلاً آخر لعدم توافر المال اللازم لذلك، لأنّه ظلّ مديناً طيلة تلك الفترة، ومع كلّ ذلك استمرّ يواصل نشاطه العلمي في التدريس والبحث والتأليف بجدّية وحضور قلب تامّ، ولم يُبد توجّعاً أو شكوى من حاجة يوماً لأحد. بل كان يمتنع من استلام مساعدة من أيّ إنسان حتى لو كان ولده.

يقول ولده: «كنت أتمنّى أن يقبل أبي منّي شيئاً من المال، كنت أحياناً أضع بين يديه قبضة من الأوراق النقدية وأصرّ عليه أن يقبلها أو شيئاً منها، فكان يرفض رفضاً تامّاً».

يضيف: «حصل في آخر سنيّ عمره أن نصحه الأطبّاء أن يمضي الصيف في أجواء طيّبة، فأستأجرتُ بستاناً في دماوند (منطقة معتدلة في أطراف طهران) ودفعت إجارها سلفاً، عندما مضت على إقامة الوالد ثلاثة أيّام طلبني وسألني: كم يبلغ إجار البستان؟ أجبته: ليس الأمر مهمّاً. وعندها أصرّ وهو يقول: لابدّ أن أعرف حتى أرى هل أستطيع دفعه؟ أجبته: لقد دفعت الإجار سلفاً، قال: إمّا أن تأخذ منّي ما دفعته أو أغادر البستان. عندئذ اضطررت لأخذ ما دفعته منه».

ويقول أحد فضلاء الحوزة: «عرض أحد التجّار المحسنين شراء منزل للعلّامة الطباطبائي بواسطتي، فأخبرت العلّامة بذلك، فأجابني: هذا رجل صالح جزاه الله خيراً، إلّا أنّي أعتذر عن ذلك، لتوافر مبلغ لديّ من إرث والدي، ولا يمكن أن أتصرّف بسهم الإمام. فأعدتُ المبلغ لصاحبه، فقال التاجر المحسن: قل للعلّامة أنّ هذه هديّة وليست من سهم الإمام. فعدت للعلّامة مرّة أخرى وقلت له ذلك. فأجاب: لا حاجة لي بذلك. وأخبرتُ صاحب المبلغ، فقال: قل للعلّامة: تصرّف بهذا المبلغ حسبما تراه صلاحاً. فعدتُ إليه مرّة ثالثة وأخبرته بذلك. فأجاب معتذراً: لا أستطيع ذلك. فأرجعت المبلغ لصاحبه».

وبالرغم من أنّه امتلك منزلًا في السنوات الأخيرة من حياته في قم، إلّا أنّه لم يستعن بأحد في تهيئة ثمنه حتّى أولاده، وإنّما توافر لديه الثمن مما وصله أخيراً من عوائد مولّفاته وريع ما يطبع.

 

المصدر: الوارثون

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)