• عدد المراجعات :
  • 779
  • 7/3/2004
  • تاريخ :

أهداء فاطمة ( عليها السلام ) عقدها

فاطمه الزهراء

عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : صَلَّى بنا

رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صلاة العصر ، فلما انفـتل جلس في قـبلته والناس حوله . فبينما هم كذلك إذ أقبل إليه شيخ من مهاجرة العرب عليه سَمل – الثوب الخلق – قد تهلل و اخلق ، و هو لا يكاد يتمالك كبراً وضعفاً .

فأقبل على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، يستحثه الخبر فقال الشيخ : يا نبي الله ، أنا جائع الكبد فَأَطعِمنِي ، و عاري الجسد فَاكْسُنِي ، و فقير فَارْشِنِي – أحسن إليَّ – .

فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ما أجد لك شيئاً ، ولكنَّ الدالَّ على الخير كفاعله ، إنطلق إلى منزلِ من يحبّ اللهَ و رسولَهُ و يحبُّه اللهُ و رسولُهُ ، يؤثر الله على نفسه ، إنطلق إلى حجرة فاطمة ، وقال ( صلى الله عليه وآله ) : يا بلال ، قُمْ فَقِفْ به على منزل

فاطمة .

فانطلق الأعرابي مع بلال ، فلما وقف على باب فاطمة ( عليها السلام ) نادى بأعلى صوته : السَّلامُ عَليكُم يا

أهلَ بَيتِ النُّبُوَّة وَ مُختَلَفِ الملائكة ، وَ مَهبِطَ جَبرئيلَ الرُّوحِ الأَمينِ بِالتنزيلِ ، مِن عِندِ رَبِّ العَالَمِينَ.

­­­­­­­فقالت فاطمة ( عليها السلام ) : وعليك السلام ، فمن أنت يا هذا ؟

قال الأعرابي : شيخ من العرب ، أقبلتُ على أبيك سيد البشر ( صلى الله عليه وآله ) مهاجراً من شِقَّة .

و أنا يا بنتَ مُحمَّد ( صلى الله عليه وآله ) عاري الجسد ، جائع الكبد ، فواسيني يرحمك الله .

فعمدت فاطمة ( عليها السلام ) إلى جلد كبش كان ينام عليه

الحسن و الحسين فقالت : خذ هذا أيها الطارق ، فعسى الله أن يرتاح لك ما هو خير منه .

فقال الأعرابي : يا بنت مُحمَّد ( صلى الله عليه وآله ) ، شكوت إليك الجوعَ ، فناولتيني جلد كبش !! ، ما أنا صانع به مع ما أجد من الجوع .

فعمدت فاطمة ( عليها السلام ) ، لمَّا سمعت هذا من قوله إلى عقد كان في عنقها أَهْدَتْهُ لها فاطمة بنت عَمِّها

حمزة بن عبد المطلب ، فقطعته من عنقها ونبذته إلى الأعرابي فقالت : خُذهُ وبِعْهُ ، فعسى الله أن يعوضك به ما هو خير منه .

فأخذ الأعرابي العِقد ، و انطلق إلى مسجد رسول الله ، و كان ( صلى الله عليه وآله ) جالساً بين أصحابه .

فقال : يا رسول الله ، أعطتني فاطمة هذا العقد ، فقالت : بِعهُ فعسى الله أن يصنع لك .

فبكى النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، و قال : و كيف لا يصنع الله لك ، و قد أَعْطَتْكَهُ فاطمةَ بنت محمدٍ سيدة بنات آدم .

فقام

عمَّار بن ياسر فقال : يا رسول الله أتأذن لي بشراء هذا العِقد ؟

فقال ( صلى الله عليه وآله ) : إِشْتَرِه يا عمَّار ، فلو اشترك فيه الثـقلان ما عذَّبهم الله في النار .

فقال عمار : بِكَمْ العقد يا أعرابي ؟

قال : بشبعة من الخبز و اللحم ، وَ بُرْدَةٍ يمانيَّةٍ أَستُرُ بِها عورتي ، و أصلي فيها لربي ، و دينار يُبلِغُنِي إلى أهلي .

و كان عَمار قد باع سهمه الذي نفله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من خيبر ، فقال : لك عشرون ديناراً و مِائَتَا درهماً ، وَ بُردَةً يمانيَّةً ، و راحلتي تُبلِغُكَ أهلك ، و شبعك من خبز البرِّ و اللحم .

فقال الأعرابي : ما أسخاك بالمال أيها الرجل .

فانطلق به عمار ، فَوَفَّاه ما ضَمِنَ له ، ثم عاد الأعرابي إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .

فقال له ( صلى الله عليه وآله ) : أَشَبِعتَ ، وَ اكتَسِيتَ ؟

قال الأعرابي : نعم ، و استغنيتُ بأبي أنت و أمي .

فقال ( صلى الله عليه وآله ) : فاجزِ فاطمةَ بصنيعها .

فقال الأعرابي : اللَّهم إنك إِلَهٌ ما اسْتَحَدَّ ثَنَاكَ ، و لا إله لنا نعبدُه سواك ، و أنت رازقنا على كل الجهات ، اللَّهم أعطِ فاطمةَ ( عليها السلام ) مَا لا عينَ رَأَتْ ، و لا أذناً سَمِعَتْ .

فَأَمَّنَ النبي ( صلى الله عليه وآله ) على دعائه ، و أقبل على أًصحابه فقال : إن الله قد أعطى فاطمة في الدنيا ذلك ، فأنا أبوها ، و ما أحد من العالمين مثلي ، و

علي بَعلُها ، و لولا عليّاً ما كان لفاطمة كفوا أبداً ، و أعطاها الحسن و الحسين ، و ما للعالمين مثلهما سيدا شباب أسباط الأنبياء ، و سيدا شباب أهل الجنة – و كان بجانبه مقداد و عمار و سلمان – .

فقال ( صلى الله عليه وآله ) : وأ زيدكم ؟

قالوا : نعم يا رسول الله .

قال : أتاني جبرائيل ( عليه السلام ) ، و قال : أنها إذا هي قُبِضَتْ ، و دُفِنَتْ يسألها الملكان في قبرها : من ربُّك ؟

فتقول : الله ربي .

فيقولان : فمن نبيك ؟

فتقول : أبي ( صلى الله عليه وآله ) .

فيقولان : فمن وليك ؟

فتقول : هذا القائم على شفير قبري ، علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .

ثم قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ألا و أزيدكم من فضلها ؟

فقالوا : بلى ، يا رسول الله .

فقال ( صلى الله عليه وآله ) : إن الله قد وكَّل بها رعيلاً من الملائكة ، يحفظونها من بين يديها ، و من خلفها ، و عن يمينها ، و عن شمالها ، و هم معها في حياتها ، و عند قبرها ، و عند موتها ، يكثرون الصلاة عليها ، و على أبيها و بعلها و بنيها .

ثم قال ( صلى الله عليه وآله ) : فمن زارني بعد وفاتي ، فكأنما زارني في حياتي ، و من زار فاطمة فكأنما زارني ، و من زار علي بن أبي طالب فكأنما زار فاطمة ، و من زار الحسن و الحسين ، فكأنما زار علياً ، و من زار ذريتهما فكأنما زارهما .

فعمد عمار إلى العقـد ، فطيَّبَهُ بالمِسْك ، ولفَّه في بُردَةٍ يَمـانِيَّةٍ ، وك ان له عبدٌ اسمه ( سَهْم ) ، فابتاعه من ذلك السهم الذي أصابه بخيبر ، فدفع العقد إلى المملوك ، و قال له : خذ هذا العقد فادفعه إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، و أنت له .

فأخذ المملوك العقد فأتى به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، و أخبره بقول عمار .

فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : إنطلق إلى فاطمة فادفع إليها العقد ، و أنت لها .

فجاء المملوك بالعقد ، و أخبرها بقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فأخذت فاطمة ( عليها السلام ) العقد ، و اعتقت المملوك ، فضحك الغلام ( سَهم ) .

فقالت : ما يضحكك يا غلام ؟

فقال : أضحكني عِظَمُ بَرَكَةِ هَذا العِقْد ، أشبع جائعاً ، وَ كَسَى عرياناً ، و أغنى فقيراً ، وأَ عتَقَ عبداً ، وَ رَجِعَ إِلى رَبِّه .

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)