• عدد المراجعات :
  • 583
  • 12/27/2013
  • تاريخ :

المبادئ الفقهية والأصولية للإمام الخميني (رض)

امام

إن مبادئ الإمام الفقهية والأصولية هي إحدى العوامل الهامة المۆثرة على الفكر السياسي لسماحته. وبدون التعرف على مبادئه الفقهية والأصولية لا يمكننا التعرف على فكر الإمام السياسي. إن الفقه والفكر السياسي للإمام الخميني يستند على نظرته الفقهية والاصولية وهي بدورها متأثرة من النظرة العقلية للأصوليين.

فيمايلي نبذة عن اهم الخصائص الفكرية للفقهاء الاصوليين في المذهب الشيعي بما فيهم الإمام الخميني:

مبدأ بالحجة العقلية

يعتبر الأصوليون الشيعة إن إحدى مصادر التشريع بالاضافة إلى الكتاب والسنة والإجماع هو العقل. ويۆكد هۆلاء الفقهاء إن هناك علاقة لا انفصام فيها بين العقل والشرع وهما متلازمان. وعلى هذا الأساس فإن اي حكم يقرره العقل فإن الشرع ايضاً سيصدر نفس الحكم، واي قرار يحدده الشرع. فإن العقل ايضاً يصادق عليه. وفي الفقه الإسلامي فإن العقل بامكانه اصدار الأحكام وايضاً بامكانه استنباط الأحكام الشرعية أو تقييد الأحكام أو تخصيصها أو تعميمها.

وعلى الرغم من الايمان بالحجة العقلية بين الأصوليين، إلا إن هناك بعض الخلافات الجزئية بينهم. فالايمان بهذه الحجة يستوجب بعض الأمور مثل، فرض الاجتهاد (باب الاجتهاد يكون مفتوحاً)، والامتناع عن قبول بعض الروايات أو الأحاديث بدون تدقيق أو نقد، ومنع تقليد المجتهدين السابقين نظراً لتغيير الظروف المكانية والزمانية. بالاضافة إلى أن هذه الحجة بحد ذاتها جعلت الفقه الشيعي فقهاً حياً ومتطوراً مع ظرف الزمان والمكان بما فيها أفكار الإمام الخميني الفقهية.

مبدأ الاجتهاد ودور الظروف الزمانية والمكانية في الاجتهاد

وهذا هو أحد خصائص الفقهاء الاصوليين. وهذا المبدأ قد منح فقهاء الشيعة مجالات واسعة لمواجهة القضايا المستحدثة في عالمنا المعاصر. والاجتهاد هو القدرة العلمية على استنباط الأحكام الثانوية من الأحكام الأساسية للشرع. وكان الإمام الخميني يۆكد دوماً على ضرورة احياء مبدأ الاجتهاد لمواجهة المشاكل. وكان يعتقد بأن باب الاجتهاد لا يجب أن يقتصر على الحوزات العلمية وينبغي عليه أن يولي أهمية كبرى لعامل الزمان والمكان في استنباط الأحكام. وقد لعبت هذه النظرة دوراً هاماً في الفكر السياسي للإمام، حيث تمكن من خلالها معالجة الكثير من المشاكل التي عانت منها البلاد منذ الثورة.

القبول بمبدأ خضوع الأحكام الشرعية للمصالح العامة

إن الايمان بالمصالح العامة وخضوع الأحكام لها هو أمر بديهي يۆكده كافة الفقهاء الاصوليين الشيعة. حيث يعتقد هۆلاء الفقهاء ان كافة الأحكام الشرعية جاءت على أساس تحقيق المصالح ومكافحة المفاسد، ولا يمكن إصدار حكم يترتب عليه فساد أو لا توجد فيه مصلحة عامة. وفي الحقيقة فإن المصالح والمفاسد هي الأساس وراء إصدار الأحكام الشرعية. حيث يقول الشهيد مطهري بهذا الخصوص:

إن القوانين الإسلامية هي قوانين سمأوية وليست وضعية، أي إنها تصدر على أساس المصالح والمفاسد الموجودة في الحياة البشرية. ومن الخطأ ان نقول إن الله سبحانه وتعالى شرع القوانين وهو الذي يعلم أسرارها وأسبابها فقط. فالإسلام يۆكد ان هذه القوانين والأحكام قد جاءت على أساس تأمين المصالح وهذه المصالح قد ترتبط بالجسد أو الروح أو الاخلاق أو العلاقات الاجتماعية. اي ان الإسلام كشف عن اسرار وفلسفة الأحكام الصادرة. ولا ننسى في هذا المجال ان نۆكد ان هذه المصالح لا تكون مصالح فردية أو شخصية فقط وانما هي المصالح العامة.

على هذا الأساس، اذا كان العقل البشري يتفهم بعض هذه المصالح، فإن الإنسان بامكانه تغيير بعض الأحكام على أساس المصالح الموجودة. وقد تأكد ذلك في المجال السياسي لافكار الإمام الخميني.

مبدأ مرونة الأحكام حسب الظروف

يقسّم الأصوليون الشيعة الأحكام الى أولية وثانوية وأحكام حكومية. وهذا التقسيم يتيح مرونة خاصة للأحكام خلال مواجهتها للقضايا المختلفة. حيث يعتقد الاصوليون، ان الشارع المقدس حكيم وان كافة أحكامه تصدر على أساس تأمين المصالح البشرية ومكافحة المفاسد. فاي موضوع يحمل مصلحة للجميع يصبح واجباً، واي موضوع يحمل مفسدة ما فإن ه يصبح حراماً. وهذا النوع من الأحكام يطلق عليها الفقهاء اسم الأحكام الأولية الحقيقية. وفي حال حدوث ظروف طارئة ولم يتمكن المكلف من تطبيق هذه الأحكام الأولية، فإن الشارع المقدس وضع أحكاماً اخرى بهذا الخصوص يطلق عليها الفقهاء اسم الأحكام الثانوية الحقيقية.

على هذا الأساس يمكن الاستفادة من الأحكام الثانوية في بعض الحالات الخاصة مثل شروط العسر والجرح والاضطرار والضرر والعهود، وذلك بهدف المحافظة على النظام العام والمصالح العامة. وقد ترك الخيار للعقل لتحديد الشروط والظروف الخاصة، الامر الذي اتاح مرونة كبيرة في اصدار الأحكام في الحكومات الإسلامية.

الأحكام الحكومية هي الأحكام التي يضعها الحكام. وتحتل هذه الأحكام مكانة خاصة نظراً لانها صادرة عن حكومة إسلامية تستند الى شرعية الحاكم.

ان الأحكام الحكومية تعتبر أحكاماً الهية لان الشرع فوّض ولاية الحاكم على شۆون المجتمع، لذلك فإن حكامه تصبح واجبة التنفيذ، وان تجاهلها خطأ ويحمل الذنب. وعلى هذا الأساس فإن الأحكام الحكومية تستند الى الشارع عن طريق الوساطة. وبالتالي يصبح بالامكان تحقيق اهداف الحكومة الإسلامية في اطار المصالح العامة للمجتمع.

مبدأ الاحتمال (الشك)

يعتقد الكثير من الأصوليين ان هناك مواضيع لا يمكن اصدار أحكام شرعية قطعية بشأنها. في هذه الحالة يمكن اللجوء الى مبدأ الاحتمال. والعقل في هذه الحالة يسمح باستخدام هذا المبدأ في استنباط الأحكام. وهذا الامر يحصل عادة بالنسبة للمواضيع المستحدثة التي لا توجد بشأنها أحكام ثابتة في اي من مصادر التشريع أو قد يتأتى منها امور مستعصية على التطبيق أو قد تلحق الخلل بالنظام أو تثير مسألة العسر والحرج. لذلك يصدر الفقهاء أحكاماً يحتملون من وراءها قبول الله سبحانه وتعالى بها.

مبدأ القبول بآراء عقلاء القوم والاعراف والتقاليد في اصدار الأحكام الشرعية: ان سيرة عقلاء القوم أو الاعراف والتقاليد العامة، تحتل مكانة مميزة في ابواب الفقه فالاعراف والتقاليد تلعب دوراً هام في الكثير من المباحث الفقهية.

ويعتقد الإمام الخميني بهذا الخصوص، إذا كان الأئمة يعارضون المستجدات الجديدة لاعلنوا ذلك لانهم مطلعين على المستقبل والحاضر. على هذا الأساس فإن كافة المستجدات الموجودة في عصر الغيبة تكون بتأييد من الأئمة، الا تلك التي تعتبر مرفوضة. وهذا المبدأ يحتل موقعاً مميزاً لدى الفكر السياسي للإمام الخميني وبالتالي اصبح الكثير من الاعراف والتقاليد والامور المستجدة مقبولة ولا تمثل خلافاً للشرع.

مبدأ الاستفادة من التجارب والخبرات بشأن الامور التي لا يوجد فيها نص

في القضايا التي لا يوجد فيها نص الهي. فإن الاصوليون يرجعون الى مبدأ التجربة. ويتم استخدام هذا المبدأ في كافة ابواب الفقه. وهذا المبدأ يشتمل على: مبدأ البراءة ومبدأ الاحتياط ومبدأ التخيير، ومبدأ الاستصحاب.

مبدأ البراءة، يعني انه لا يوجد هناك حكم شرعي وبالتالي لسنا مكلفين بالعمل ومبدأ الاحتياط يعني ينبغي علينا ان نعمل بالامر بصورة محتاطة، فاذا كان هناك حكماً بهذا الامر فنكون قد عملنا به واذا لم يكن هناك حكماً فلا نكون قد خسرنا شيئاً. ومبدأ التخيير، يعني اننا مخيرين بان نختار احد الأمرين. ومبدأ الاستصحاب يعني ان الامر يبقى بحالته الأولية ولم يأت ما هو خلافه.

هذه المبادئ وخاصة مبدأ البراءة ويطلق عليها مبدأ الاباحة ايضاً ويعني ان كل عمل مجاز ما لم يأت حكماً آخراً من الشارع. وهذه المبادئ توفر مرونة مناسبة للاستنباط. وخاصة بالنسبة للقضايا الاجتماعية والسياسية المستحدثة.

موضوع الاباحة

حسب نظرة الفقهاء الاصوليون، فإن الكثير من اعمال الإنسان تقع في إحدى التقسيمات، الواجب والحرام والمستحب والمكروه. وكل فرد مكلّف ينبغي مراعاة ذلك. ولكن بالاضافة الى هذه التقسيمات هناك حالة يطلق عليها اسم الاباحة وهذه الحالة متروكة للعقل لكي يتخذ القرار بشأنها، ويطلق على هذه الحالة ايضاً اسم حالة ما لا نص فيه أو حالة الفراغ. وعلى هذا الأساس فإن الكثير من الامور تركت للافراد والعقلاء لكي يتخذوا قراراً بشأن هذه الحالات على ان لا تتعارض مع المصلحة والواقع. وقد أتاح هذا الموضوع مرونة جيدة للأحكام الشرعية في مواجهة تحديات الحضارة الجديدة.

اعداد: سيد مرتضى محمدي

 


ماذا يميزالثورة الإسلامية عن باقي الثورات في العالم؟

 

الإمام الخميني الشخصية والمنهج

حول فكرة الإمام الخميني: خطوط وملاحظات

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)