• عدد المراجعات :
  • 2949
  • 12/19/2013
  • تاريخ :

سيادة التفكير العقلي هو منهج القرآن

فرقان

الإنجاز الحضاري للبشرية المتمثّل بهذه الثروة المتراكمة من العلوم والمعارف والفنون إنّما هو ثمرة لمعطيات سيادة التفكير العقلي الذي هو أدق تعبير للمنهج الذي بشّر به القرآن , هذا المنهج الذي تأسّس على نفي الجهل والضلال وكلّ ما من شأنه تزييف الوعي وإبعاد الإنسان عن الرشد والصواب .

احتلّ القرآن الكريم مكانة متميّزة في ترشيد مسار التفكير الإسلامي ، وبناء مقوّمات الحضارة الإسلاميّة ، وتوجيه التجربة التاريخيّة للاُمّة ، بدرجة لا يرقى إليها أي كتاب سماوي أو أرضي آخر في حياة البشرية . فالكتب السماوية الماضية كانت عرضة للضياع والتحريف ، وتراكم الشروح والتأويلات المضطربة المتناقضة ؛ ولذلك عجزت عن أداء وظيفتها في هداية البشرية وإخراجها من الظلمات إلى النور ، فلبثت مجتمعاتها في حالة سكون تكرّر ذاتها قروناً عديدة ، ولم تحقّق تلك المجتمعات أية خطوة إلى الأمام إلاّ بعد أنْ تحرّرت من سلطة النصوص المحرّفة ومفهوماتها التعطيلية .

بينما تجلّى أثر النص القرآني بوضوح في إعادة تشكيل العقل ، وإرساء أُسس منهجية قويمة للتفكير الصحيح . فبعد نزول القرآن استفاق وعي العقل , وأبصر العالم بمنظور بديل تبدّى فيه الإنسان والكون في صورة مغايرة للصورة الملتبسة التي ظلّ العقل أسيراً لها أحقاباً متمادية ، وأصبح هذا الوعي إطاراً لمنهج مختلف في معرفة العالم وصياغة الرۆى والمواقف المحدّدة إزاء مشكلاته وقضاياه . وعلى ضوء هذا الوعي أنجز الإنسان المسلم عناصر ومقوّمات حضارة عظمى قدّمت للبشرية عطاءً هائلاً في شتّى الميادين ، وأعادت للعقل المهمّة التي أناطها الله تعالى به .

فالإنجاز الحضاري للبشرية المتمثّل بهذه الثروة المتراكمة من العلوم والمعارف والفنون إنّما هو ثمرة لمعطيات سيادة التفكير العقلي الذي هو أدق تعبير للمنهج الذي بشّر به القرآن , هذا المنهج الذي تأسّس على نفي الجهل والضلال وكلّ ما من شأنه تزييف الوعي وإبعاد الإنسان عن الرشد والصواب .

وكانت حالات الازدهار والانحطاط في مسار الحضارة الإسلاميّة أجلى تعبير لمستوى تجسيد المنهج القرآني في التفكير ، فحين تلقّى الجيل الأوّل القرآن بصدق ، وتوثّقت وشائج ارتباطهم به ، استطاع اُولئك النفر القليل الذين كانوا مشتّتين في الجزيرة العربية من إحراز مكاسب وانتصارات ، لا يمكن أنْ تحقّقها أيّةُ اُمّة أخرى بنفس القدر من الإمكانات المادية والعسكرية ؛ فاكتسحوا الإمبراطوريات الكبرى في العالم وقتئذٍ ، وأمسى العالم من تخوم أوروبا إلى الصين في قبضتهم في سنوات معدودة .

فيما فقدَ المسلمون بعد قرون مساحات شاسعة من ديارهم ، واستحالوا إلى ركام مبعثر عُرف باسم ( الرجل المريض ) ؛ لمّا هجروا منهج القرآن في تفكيرهم ، وابتعدوا عنه في سلوكهم . وتلك سُنّة جارية ؛ فإنّه متى ما نهلتْ الاُمّة من معين القرآن وجسّدتْه في أفكارها وحياتها فإنّها تستلهم روح الهداية ، وتختزن فعالية حضارية متدفّقة ، بينما تتلاشى إمكانات نهوضها ، ويتبلّد وعيها , وتنضب فعاليّتها عندما تهجر القرآن .

اعداد: سيد مرتضى محمدي


شرائط التأويل الصحيح

معاني التاويل

الفرق بين التفسير والتاويل

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)