• عدد المراجعات :
  • 4411
  • 12/18/2013
  • تاريخ :

لعن يزيد بن معاوية من منظار علماء السّنّة

يزيد

السۆال: ما هو استدلال العلماء الذين يجوزّون العن علي يزيد بن معاوية من اهل السّنّة ؟

الجواب: ذکر جدي[1] أبو الفرج في کتاب ( الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد) و قال: سألني سائل فقال ما تقول في يزيد بن معاوية؟ فقلت له يکفيه ما به؛ فقال اتجوز لعنه؟ فقلت قد أجاز العلماء الورعون منهم احمد بن حنبل فانه ذکر في حق يزيد ما يزيد على اللعنة.

قال جدي و أخبرنا أبو بکر محمد بن عبد الباقي البزاز، أنبأنا أبو اسحاق البرمکي، أنبأنا أبو بکر عبد العزيز بن جعفر، أنبأنا احمد بن محمد بن الخلال، حدثنا محمد بن علي، عن مهنا بن يحيى قال: سألت احمد بن حنبل عن يزيد بن معاوية فقال: هو الذي فعل ما فعل. قلت: ما فعل؟ قال: نهب المدينة. قلت: فنذکر عنه الحديث؟ قال: لا؛ و لا غرامة [2] لا ينبغي لاحد ان يکتب عنه الحديث.

و حکى جدي أبو الفرج، عن القاضي أبي يعلى بن الفراء في کتابه (المعتمد في الأصول) باسناده الى صالح بن احمد بن حنبل قال: قلت: لأبي ان قوما ينسبوننا الى توالي يزيد؟ فقال: يا بني و هل يتوالى يزيد أحد يۆمن باللّه. فقلت: فلم لا تلعنه؟ فقال: و ما رأيتني لعنت شيئا يا بني، لم لا تلعن من لعنه اللّه في کتابه؟ فقلت: و أين لعن اللّه يزيد في کتابه؟ فقال: في قوله تعالى‏:« فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَکُمْ أُولئِکَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى‏ أَبْصارَهُمْ‏ »[3] فهل يکون فساد اعظم من القتل‏[4] و في رواية: لما سأله صالح فقال: يا بني ما أقول في رجل لعنه اللّه في کتابه و ذکره.

قال جدي: و صنف القاضي أبو يعلى کتابا ذکر فيه بيان من يستحق اللعن، و ذکر منهم يزيد؛ و قال في الکتاب المذکور الممتنع من جواز لعن يزيد أما ان يکون غير عالم بذلک أو منافقا يريد أن يوهم بذلک، و ربما استفز[5] الجهال بقوله (ع): المۆمن لا يکون لعانا.

قال القاضي: و هذا[6] محمول على من لا يستحق اللعن،[7] فان قيل فقوله تعالى‏ «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ»[8]‏ نزلت في منافقي اليهود؛ فقد أجاب جدي عن هذا في الرد على المتعصب و قال: الجواب ان الذي نقل هذا مقاتل بن سليمان، ذکره في تفسيره، و قد اجمع عامة المحدثين على کذبه، کالبخاري و وکيع و الساجي و السدي و الرازي و النسائي و غيرهم، و قال فسرها احمد بانها في المسلمين فکيف يقبل قول احمد انها نزلت في المنافقين؛ فان قيل فقد قال النبي (ص) أول جيش يغزوا القسطنطينية[9] مغفور له، و يزيد أول من غزاها؛ قلنا: فقد قال النبي (ص): لعن اللّه من اخاف مدينتي؛ و الآخر ينسخ الاول.

قال احمد في المسند: حدثنا أنس بن عياض، حدثني يزيد بن حفصة عن عبد اللّه ابن عبد الرحمان بن أبي صعصعة، عن عطاء بن يسار، عن السايب بن خلاد، ان رسول اللّه (ص) قال: من اخاف أهل المدينة ظلما اخافه اللّه و عليه لعنة اللّه و الملائکة و الناس اجمعين لا يقبل اللّه منه يوم القيامة صرفا و لا عدلا.

و قال البخاري حدثنا حسين بن حريث أنبأنا أبو الفضل عن جعيدة، عن عائشة، قالت: سمعت سعدا يقول سمعت رسول اللّه (ص) يقول لا يکيد أهل المدينة إلا أن ماع کما يماع الملح في الماء.

و اخرجه مسلم أيضا بمعناه، و فيه لا يريد أهل المدينة احد بسوء إلا أذابه اللّه في النار ذوب الرصاص؛ و لا خلاف ان يزيد أخاف أهل المدينة و سبى أهلها و نهبها و اباحها و تسمى وقعة الحرة و سببه ما رواه الواقدي و ابن اسحاق و هشام بن محمد أن جماعة من أهل المدينة و فدوا على يزيد سنة اثنتين و ستين بعد ما قتل الحسين فرأوه يشرب الخمر و يلعب بالطنابير و الکلاب، فلما عادوا الى المدينة اظهروا سبه و خلعوه و طردوا عامله عثمان بن محمد بن أبي سفيان و قالوا قدمنا من عند رجل لا دين له، يسکر، و يدع الصلاة؛ و بايعوا عبد اللّه بن حنظلة الغسيل؛ و کان حنظلة يقول يا قوم و اللّه ما خرجنا على يزيد حتى خفنا ان نرمى بالحجارة من السماء رجل ينکح الامهات و البنات و الأخوات و يشرب الخمر و يدع الصلاة و يقتل أولاد النبيين، و اللّه لو يکون عندي احد من الناس لابلى اللّه فيه بلاءا حسنا، فبلغ الخبر الى يزيد، فبعث اليهم مسلم بن عقبة المري، في جيش کثيف من أهل الشام، فاباحها ثلاثا، و قتل ابن الغسيل و الاشراف، و اقام ثلاثا ينهب الاموال و يهتک الحريم.

قال ابن سعد و کان مروان بن الحکم يحرض مسلم بن عقبة على أهل المدينة، فبلغ يزيد، فشکر مروان و قربه و ادناه و وصله.

و ذکر المدايني في کتاب (الحرة) عن الزهري قال: کان القتلى يوم الحرة سبعمائة من وجوه الناس من قريش و الانصار و المهاجرين و وجوه الموالي؛ و اما من لم يعرف من عبد أو حر امرأة فعشرة آلاف و خاض الناس في الدماء حتى وصلت الدماء الى قبر رسول اللّه (ص) و امتلأت الروضة و المسجد قال مجاهد التجأ الناس الى حجرة رسول اللّه و منبره و السيف يعمل فيهم.

و کانت وقعة الحرة سنة ثلاث و ستين في ذي الحجة فکان بينها و بين موت يزيد ثلاثة اشهر ما امهله اللّه بل اخذه اخذ القوي و هي ظالمة و ظهرت فيه الآثار النبوية و الاشارات المحمدية.

و ذکر أبو الحسن المدايني عن أم الهيثم بنت يزيد قالت: رأيت امرأة من قريش تطوف بالبيت فعرض لها أسود فعانقته و قبلته فقلت لها ما هذا منک قالت هذا ابني من يوم الحرة وقع علّي أبوه فولدته.

و ذکر أيضا المدايني عن أبي قرة قال: قال هشام بن حسان ولدت الف امرأة بعد الحرة من غير زوج، و غير المدايني يقول عشرة آلاف امرأة.

و قال الشعبي: أليس قد رضي يزيد بذلک و أمر به و شکر مروان بن الحکم على فعله ثم سار مسلم بن عقبة من المدينة الى مکة فمات في الطريق فأوصى الى الحصين ابن نمير فضرب الکعبة بالمجانيق و هدمها و احرقها و جاء نعي يزيد لعنه اللّه في ربيع.

و قال جدي: ليس العجب من قتال ابن زياد الحسين و تسليطه عمر بن سعد على قتله و الشمر و حمل الرۆوس اليه و إنما العجب من خذلان يزيد و ضربه بالقضيب ثناياه و حمل آل رسول اللّه سبايا على أقتاب الجمال و عزمه على ان يدفع فاطمة بنت الحسين الى الرجل الذي طلبها و انشاده أبيات ابن الزبعرى: (ليت أشياخي ببدر شهدوا) و رده الرأس الى المدينة و قد ظنّ أنه تغيرت ريحه و ما کان مقصوده إلا الفضيحة و اظهار رايحة الرأس أفيجوز ان يفعل هذا بالخوارج اليس باجماع المسلمين ان الخوارج و البغاة يکفنون و يصلى عليهم و يدفنون؛ و کذا قول يزيد لي ان اسبيکم لما طلب الرجل فاطمة بنت الحسين قولا يقنع لقايله و فاعله باللعنة و لو لم يکن في قلبه احقاد جاهلية و اضغان بدرية لاحترم الرأس لما وصل اليه و لم يضربه بالقضيب و کفنه و دفنه و أحسن الى آل رسول اللّه. ...

قلت: و لما لعنه جدي أبو الفرج على المنبر ببغداد بحضرة الإمام الناصر و اکابر العلماء قام جماعة من الجفاة من مجلسه فذهبوا فقال جدي (ألا بعدا لمدين کما بعدت ثمود).

و حکى لي بعض اشياخنا عن ذلک اليوم: ان جماعة سألوا جدي عن يزيد فقال ما تقولون في رجل ولّي ثلاث سنين في السنة الأولى قتل الحسين في الثانية أخاف المدينة و اباحها و في الثالثة رمى الکعبة بالمجانيق و هدمها، فقالوا نلعن فقال فالعنوه.

و قال جدي في کتاب (الرد على المتعصب العنيد) قد جاء في الحديث: لعن من فعل ما لا يقارب عشر معشار فعل يزيد، و ذکر الأحاديث التي ذکرها البخاري، و مسلم في (الصحيحين) مثل حديث ابن مسعود عن النبي (ص) انه لعن الواشمات و المتوشمات، و حديث ابن عمر لعن اللّه الواشمة و المتوشمة و لعن اللّه المصورين، و حديث جابر لعن رسول اللّه (ص) اکل الربا و موکله، الحديث و حديث ابن عمر في مسند أحمد لعنت الخمر على عشرة وجوه الحديث، و أورد أخبارا کثيرة في هذا الباب هذه الأشياء دون فعل يزيد في قتله الحسين و اخوته و أهله و نهب المدينة و هدم الکعبة و ضربها بالمجانيق و اشعاره الدالة على فساد عقيدته و من رام الزيادة على هذا فليقف على کتابه المسمى (بالرد على المتعصب العنيد).[10]

مصادر:

[1] - جد سبط بن الجوزي .

[2] - لا و لا کرامة الخ.

[3] - محمّد :22-23.

[4] - من قتل الحسين (ع).

[5] - و ربما استغر الجهال الخ.

[6] - المۆمن لا يکون لعانا .

[7] - يعني: من المۆمنين اناس يستحقون العن.

[8] - محمّد :22-23.

[9] - و أما قوله (ص) أول جيش يغزو القسطنطينية فإنما عني أبو ايوب الأنصاري لأنه کان فيهم.

[10] - تذکرة الخواص، سبط بن الجوزي ، ص257-262.


أسباب ثورة الإمام الحسين ( عليه السلام )

في وجه كل من ظلم .. حسينٌ يبقى والقيم

سر عظمة وشموخ الحسين عليه السلام

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)