• عدد المراجعات :
  • 2706
  • 10/23/2012
  • تاريخ :

المرجعية الدينية والتحولات المعاصرة - القضية السياسية

اسلام

تطورات القضية السياسية في عالم اليوم، إذ كانت المسالة السياسية محدودة لانقسام العالم إلى عدة دوائر ومجتمعات منفصلة بعضها عن بعض، وكانت العلاقات بينها محدودة جدا والمداخلات كذلك،والارتباط بينها أما بالحرب أو بالهدنة المۆقتة. أما اليوم فقد تحول المجتمع الإنساني إلى عالم جديد متداخل في شۆونه السياسية والاقتصادية والثقافية يعتمد بعضه على بعض ولا يستغني بعضه عن بعض، عالم الأمم المتحدة والتعاون الدولي في مختلف المجالات، والعهود والمواثيق والقوانين الدولية الثنائية أو الجماعية، والتكتلات الإقليمية والدولية، والمداخلات والمۆامرات والنفوذ الدولي الواسع بسبب وجود هذا التشابك في العلاقات.

ثورة الاتصالات

تطور العلاقات والصلات الذي حول العالم إلى عالم جديد، وهو عالم الاتصالات والمعلومات من خلال القنوات الفضائية وشبكات الاتصال الدولية، السلكية واللاسلكية والكمبيوتر و((الانترنيت)) وسهولة التنقل والسفر، وملكية الأسهم، والشركات متعددة الجنسية، والتجارة الدولية، ونقل الأموال والبنوك العالمية، وتبادل الثقافات عن طريق الدراسة أو الكتب والمجلات والصحافة، والموسوعات والمعاجم،والترجمة وتعدد اللغات وما شابه ذلك، حتى صار العالم بأكمله يشبه المدينة الواحدة المكتظة بالسكان والمشكلات والمداخلات والتأثيرات المتبادلة من خلال هذه الارتباطات وتطوراتها الواسعة التي ألقت بظلالها الثقيلة على القضية السياسية والاقتصادية -أيضاً- وتشعباتها.

فمثلا، في السابق، لم يكن هناك تدخل من القوى الكبرى في شۆون بلادنا إلاّ بشكل محدود، مثل: الهيمنة على الثروات الرئيسية، أو الممرات الإستراتيجية، أو المناطق الحساسة، ومن طريق الحرب والقوة العسكرية المتوازنة نسبيا.

أما الآن، فان التدخل يحصل بصورة يومية وفي جميع تفاصيل حياتنا الاجتماعية وبمختلف الأساليب، حتى بلغ الحال إلى أن تدخل هذه القوى إلى بيوتنا وغرف نومنا وتتحدث إلى أولادنا ونسائنا وأوساطنا السياسية والاجتماعية والثقافية في كل وقت وساعة، وذلك لإيجاد تحولات ثقافية وحضارية وسياسية واقتصادية.

ولذلك، أصبحت القضية السياسية لها وضع جديد، لتمكن الحضارة الغربية من غزو الإنسان في عقر داره، بل حتى تنوعت في خطابها لبني الإنسان، فلو كان في البيت أسرة من خمسة أفراد فهناك خمسة خطابات في آن: واحد للطفل، خطاب تتحدث معه الحضارة الغربية، وللمراة خطاب، ولرب البيت خطاب، وللشاب خطاب، وللفتاة خطاب. وربما تتحدث مع جميع هۆلاء في كل يوم بخطابات متعددة. وهذه العملية هي ما يعبر عنها بالغزو الثقافي في محاولة الهيمنة على عقائدنا وثقافتنا وسلوكنا واقتصادنا وجميع شۆوننا من خلال معركة حضارية يديرها الغرب المادي ضد حضارتنا الإلهية النبوية.

إذن، فنحن نحتاج إلى ((قيادة مرجعية متفرغة)) والى مراجع متخصصين لإدارة هذه المعركة ومواجهة هذا الغزو، والى مراجع متخصصين في العقيدة والفكر الإسلاميين، وتقديم الحلول والأجوبة لجميع المسائل والأسئلة، والى مراجع متخصصين في إدارة عملية المواجهة التي هي أكثر تعقيدا من المواجهة العسكرية التي تشتمل على الهجوم والانسحاب والمناورة والالتفاف، والى متخصصين في فهم المجتمعات وظروفها وجميع هذه المفردات.

في الهجوم الثقافي نحتاج إلى مثل هذه الإدارة، بل قد نحتاج أحيانا إلى مراجع متخصصين في هذا البلد أو ذاك، للامساك بشۆون هذا البلد أو ذاك، وإدارته لاختلاف خصوصيات ذلك البلد عن هذا البلد.

ولعظم المسۆولية السياسية المنوطة بـ((المرجع)) وأهميتها أعطى أهل البيت (عليهم السلام) كل هذا الزخم والأهمية القصوى للولاية حتى ربطوا (عليهم السلام) نتائج جميع الأمور العقدية والعبادية وقبولها بالولاية، لأنها الحصن الواقي والسور الحصين الحافظ لها.

التطور في الأداء

التطور في أداء الأعمال وتنفيذها، فان هذا التطور في القضية السياسية وتداعياتها، وفي عالم الاتصالات والمعلومات، لازمه تطور آخر، وهو حلول المۆسسة والتخطيط العام السنوي والمرحلي، محل العمل الفردي والممارسة اليومية، فأصبح الفرد، في كثير من الأحيان، غير قادر على تحقيق الأهداف وحل المشكلات من دون الاستعانة بالأجهزة والعاملين عليها، ومن دون الارتباط بصورة مباشرة بالآخرين.

كما أصبح التخطيط للعمل القائم على حساب الإمكانات الفعلية والفرص المتاحة والأهداف المستقبلية وتقدير النشاطات والبرامج التي يمكن القيام بها، ضرورة من ضرورات العمل والوصول به إلى غاياته وأهدافه، ومواجهة النشاطات الأخرى المضادة أو المنافسة.

ولذا نشاهد في عالمنا المعاصر هذا التطور الكبير في وجود المۆسسات والشركات ومراكز البحث والتخطيط والتخصص والرجوع إليها أو الاعتماد عليها في مختلف النشاطات الكبيرة والصغيرة، حتى لا نكاد نجد نشاطا مهما كان صغيراً أم كبيراً، أو موضوعا مهما كان جزئيا أم عاماً، إلا وورائه خطة عمل وجماعة متخصصين.

 

السيد محمد باقر الحكيم


المرجعية الدينية والتحولات المعاصرة - الحوادث الجديدة

الدولة العادلة هي حق انساني

حقوق الإنسان في نظام الجمهوريه الإسلاميه

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)