• عدد المراجعات :
  • 1320
  • 5/6/2012
  • تاريخ :

بصمة الايرانيين في الطب

رمز

يمکن القول ان المکانة الشريفة والمقام الرفيع للطبيب في المجتمعات الحالية، انما هو مدين للايرانيين الي حد بعيد. وبغض النظر عن بعض الاستثناءات، (فان الاطباء في کل من اليونان والروم کانوا قد عاشوا ظروفاً صعبة وغير ملائمة. اما طبقاً للوثائق التاريخية المتعلقة بايران، فان الاطباء فيها قد اعتبروا کمستشارين لدي الحکام الايرانيين. فأما الاطباء اليونانيون او البيزنطيون الذين کانوا يقعون في الاسر نتيجة الحروب المستمرة بين ايران واليونان من جهة وبين ايران والروم من جهة اخري، فانهم لم يعاملوا معاملة الاسري، بل کانوا معززين مکرمين، وفي احيان اخري قد وصل الحال بهم ان اضحوا من اکبر مساعدي الحاکم واقرب مستشاري الملک مما يمکن عدهم يده اليمني.

فاذا القينا نظرة علي تاريخ العلوم العقلية والطبية في القرون الاولي الاسلامية فاننا سنلحظ بصمات جامعة جندي شابور فيها.

فمن بين الاطباء نذکر: بوذرجمهر (531-578 م)، حيث ترجم حياته الي الالمانية (نئودور نولدکه)، وهذا بدوره ينبئ عن ان الطب ينبغي له ان يتمتع بالروح الاخلاقية وهو مما يقرره قانون زردشت)1.

کما ان هذا الفن قد ورد ذکره في الثقافة الاسلامية وفي بعض الروايات انه ملازم لعلم الديانة ومماثل لها2.

 علوم الطب عند الايرانيين

ان الطب في ايران القديمة قد بلغ مرحلة من التکامل والرقي مما شجع الطلاب والباحثين في سائر انحاء العالم الي القدوم اليها، ذلک ان الطب في ايران قد شق طريقه في تکامل ورقي ملفت للأنظار. والقفطي نفسه يکتب عن تلک الاهمية التي حظي بها الطب وعلومه في البلاد الايرانية، فيقول:(لقد افاد الايرانيون من طرائق حديثة في معالجة المرضي واسسوا القوانين الخاصة بالمداواة، مما جعل اساليبهم في العلاج انجع من معالجات اليونان والهنود واشتهر ذلک فيهم) و(ان کثيراً من جاليات الامم المختلفة الذين کانوا يتلقون العلوم والمعارف في جامعة جندي شابور في قسم الطب، کانوا يعودون الي بلادهم بعد الحصول علي لقب اطباء، ليقوموا بتدريس هذه المعارف والعلوم الطبية ويزاولون مهنة التداوي وعلاج المرضي، وبهذا الطريق انتشر الطب في ايران وانتقلت علومه الي سائر بقاع العالم)، وبذلک ايضاَ استفادة امم وشعوب الدنيا من معارف وخبرات الاطباء الايرانيين المتخصصة والمتطورة.

هذا، وان الطب اليوناني بروعته وبهائه، کما سبقت الاشارة اليه، قد استفاد من العلوم والمعارف الطبية الايرانية عن طريق ترجمة مصادرها، بالاضافة الي ان شابور الثاني قد استقدم عدداً من الاطباء اليونانيين لمزاولة مهنة التدريس في ايران، ومن هذه الجهة، وعن طريق التبادل في العلاقات، فقد اشتهر کلا من الطب اليوناني والطب الايراني وامتزجا ليصنعا نمطاً جديداً ويتخذا صورة اخري ذات روعة وبهاء باهر.

وهکذا، فان الابحاث المتقدمة هذه تلفت النظر الي سر رقي وتکامل وتطور الطب وعلومه في ايران. کما ان الاطباء الايرانيين کانوا قد استفادوا من الطرائق والاساليب العلمية المتيسرة لدي الشعوب الاخري ومزجوها بخبراتهم واکتشافاتهم وتجاربهم الخاصة في هذا المجال، لذا، وکما سبقت الاشارة اليه اکثر من مرة، فان القفطي يذکر ذلک فيقول: (ان طرائق المداواة والمعالجات المعهودة في ايران قد عرفت بأنها ذات المقام الارفع والاسمي من بين طرائق العلاج لدي اليونان والهنود).

المستشفيات

(ان شهرة مستشفي وجامعة العلوم الطبية (جندي شابور) قد شجعت الطلاب في المناطق المجاورة علي المجيئ الي ايران). و(لقد بلغت العلوم الطبية مبلغها من الشهرة مما کان بدوره باعثاً للطلاب من مختلف الاقاليم ومريدي العلوم والمعرفة علي المجيئ والسفر الي ايران کما هو عليه الامر الآن اذ ان اوروبا وامريکا هما محط انظار دراسي الطب في العصر الحاضر).

هذا وان مبني مستشفي وجامعة جندي شابور والذي تم انجاز بنائه ليفتتحه شابور الاول کي يتلبس بأعماله ويزاول مهامه، قد شرع في انشائه من قبله اردشير. ولقد اعلن شابور الاول بهذه المناسبة، افتتاح المبني المذکور، قائلاً: (ان سيوفنا فتحت البلاد واجتازت الحدود، واما علومنا وثقافتنا فستستقر في القلوب والعقول لتستنير بنورنا).

(ان اهم سمة وميزة في ذلک کله انها کانت دارا للعلم والمعرفة علي المستوي العالمي، في الوقت الذي کانت تسود العلاقات بين الامم التعصبات الدينية والقومية والعنصرية، لکن ومع هذا، فقد فتحت الجامعة ابوابها للعلماء والطلاب مع غض النظر عن ميولهم الدينية او المذهبية او العنصرية او القومية).

وقد ظهر من بين هذه المدارس والمؤسسات العلمية الايرانية عدد من العلماء العظام من امثال: (جورجيس بن بختيشوع، وابنه بختيشوع، ابو يزيد جهاربخت، وابنه عيسي، ماسويه، وابنه يوحنا، وشابور بن سهل،..)، حيث تعد مؤلفاتهم وکتاباتهم الاساس في علم الطب في ظل الثقافة الاسلامية والعربية.

علي کل حال وعلي اي نحو، فاذا القينا نظرة علي تاريخ العلوم العقلية والطبية في القرون الاولي الاسلامية فاننا سنلحظ بصمات جامعة جندي شابور فيها).

حتي ان کلمة (بيمارستان) هي ذات بروز واضح في التاريخ والثقافة العربيتين، حيث ان هذه الکلمة الفارسية لم تزل تُستعمل في التاريخ الطب العربي والثقافة العربية. وکلمة (بيمارستان) او (مارستان) بهذا اللفظ الفارسي، قد اقترنت بتاريخ العلوم عند العرب، وذلک ماثل في کتبهم التي ارّخوا لأنفسهم بها، وفي الکتب التي ارخت لهم من قبل غيرهم کذلک. وهذا التعبير عينه اطلق علي تلک المؤسسات التي انشأوها لهذا الغرض في کافة الولايات العربية، ولهذا السبب نراهم کتبوا مؤرخين لاحداث سنة 577 هجرية قمرية: (امر السلطان بفتح مارستان للمرضي والضعفاء). ووجدناهم يکتبون: (ان احمد بن طولون جعل في بيمارستانه بمصر الي جانب خزانة کتب کانت في احدي مجالس البيمارستان). (ومن عجائب ذلک، ان هذه الکلمة (بيمارستان) قد حفظت في المصادر العربية حتي عصرنا هذا وقد اعتدنا علي هذه اللفظة کلما طالعنا وقرأنا في تاريخ الثقافة الاسلامية، ومن ثم نجدهم يخبرون عن البيمارستان ب (دار الشفاء) او (مريض خانه).

وکذلک الاصطلاحات المتعلقة بأسماء الادوية او حتي الصيدليات، نجدها عينها وبلغتها الفارسية قد دونت في الکتب الطبية العربية، وهي لا تزال الي الآن متداولة ومستعملة، فمثلاً: نجد العرب قديماً قد اطلقوا علي (داروخانه = الصيدلية) اسم (شراب خانه). (وبسبب نفوذ اللغة الفارسية في اللغة العربية واستقرار الفاظها فيها في کافة الموارد والمسائل.. نجد کثيراً من الالفاظ الفارسية قد استعملت في الکلام العربي في کافة المواضيع العلمية والادبية والمسائل الاجتماعية والادارية وغيرها من المواضيع والمسائل).

المصادر:

1- فروغ مزديسني، کيخسرو وشاهرخ، طهران، 1340 ه.ق.

2- فرهنگ ايراني واثر جهاني آن (الثقافة الايرانية واثرها العالمي)، {لمحة عن..}، الدکتور ذبيح الله صفا، جامعة طهران، 1350 ه.ش.


الثقافة الايرانية فترة ما قبل الاسلام

ماذا استخدم المعمار الايراني في البناء ؟

الاسواق و القصور مظهرا من العبقريه الفنيه الايرانيه

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)