• عدد المراجعات :
  • 1445
  • 3/10/2012
  • تاريخ :

الرفق في كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم (2)

قلب

الله يعين على الرفق :

قالرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّ الله يحب الرفق ويعين عليه » (1).

في هذا الحديث المبارك يبين لنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الله مع كونه يحب الرفق ، فهو سبحانه يعين عليه ، فمن أراد التخلق بالرفق وسعى لاكتساب هذه الفضيلة فإنّ المد الاِلـهي يُقبل عليه ويقوّي فيه هذه العزيمة ، وهذا كقوله تعالى : ( إنَّهُم فِتيَةٌ آمَنُوا بِرَبِهِم وَزِدنَاهُم هُدىً ) (2) فبعد أن أقبلوا على الايمان زادهم الله هدىً ، فكذا الحال في اكتساب سجية الرفق ، فإنّ الله يعين الساعين إليها بأن يسهل لهم سبل الوصول إلى بغيتهم التكاملية هذه .

فإذا وجدنا أنفسنا غير متخلقين بهذه السجية الفاضلة فإنّ العيب فينا ،إذ لم نسع نحوها حتى تُقْبِل هي إلينا .

الرفق رأس الحكمة :

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « الرفق رأس الحكمة ، اللّهم من وليَ شيئاً من أمور أُمتي فرفق بهم ، فارفق به ، ومن شقق عليهم فاشقق عليه »(3).

الحكمة كما لا يخفى هي وضع الشيء في محله ، ولما كان الرفق هو من محامد الصفات التي يتصف بها الخالق المتعال وأنبياءه الكرام وذوي الحجى والالباب ، وبه يعالجون سقم الناس ، فهو الدواء المحكمة مراهمه، والبلسم الناجح شفاؤه ، ينفع مع الفرد في تطبيبه وتهذيبه ، ومع الاُمّة في تدبير أمرها وسَوْسها .

فالنبي الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن يعرّف الرفق بأنه رأس الحكمة ، يتوجه إلى ربه بالدعاء بالرفق لمن يرفق بمن وُليَّ عليه ، وبالمشقة على من يشق عليهم ، ولاشك أن دعوة المصطفى حبيب الله هي دعوة مستجابة حتماً ، وهي في الوقت نفسه كشف عن قانون وإرادة سماوية في المكافأة والمجازاة على الاَفعال .

 أفضل الصاحبين :

الصحبة في الله عمل ممدوح ، باركه الاِسلام كثيراً ، وحثّ عليه ، وبشّر أهله بالثواب الجزيل والمنزلة الرفيعة ، لكن بين المتصاحبين في الله تفاضل ، فأحدهما أرفع منزلةً وأعظم أجراً من أخيه ، فبأيّ مزيّة نال هذا التفضيل ؟

رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يكشف لنا عن سرِّ هذه المفاضلة ، فيقول : «ما اصطحب اثنان إلاّ كان أعظمهما أجراً وأحبّهما إلى الله عزَّ وجل : أرفقهما بصاحبه»(4) .

الرفق إذن هو الذي رفع أحد الصاحبين على أخيه درجةً ، وشرّفه بمنزلة من حبّ الله أعلى .

الزيادة والبركة:

إنّ الله تعالى ليجازي عباده على مكارم الاخلاق في الدنيا فيريهم ثمراتها ، كما يدّخر لهم ليوم لقائه ما هو أنمى وأبقى ، فما الذي يراه المتحلّي بالرفق في دنياه ؟اه ؟اه ؟

قال صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّ في الرفق الزيادة والبركة، ومن يُحرم الرفق يُحرم الخير »(5)

وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « ما زوي الرفق عن أهل بيت إلاّ زويَ عنهم الخير » (6).

وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « من كان رفيقاً في أمره نال ما يريد من الناس » (7).

وقال الاِمام الصادق عليه السلام : « أيّما أهل بيت اُعطوا حظّهم من الرفق فقد وسّع الله عليهم في الرزق ، والرفق في تقدير المعيشة خيرٌ من السعة في المال ، والرفق لا يعجز عنه شيء والتبذير لا يبقى معه شيء ، إنّ الله عزّ وجلّ رفيق يحبّ الرفق »(8).

 الرفق سور الايمان :

عن هشام بن أحمر ، قال : جرى بيني وبين رجل من القوم كلام ، فقال لي أبو الحسن عليه السلام : « ارفق بهم ، فإنّ كُفرَ أحدهم في غضبه ، ولا خير في من كان كفره في غضبه » (9).

وفي كلام بعض الصالحين : ما تكلّم الناس بكلمة صعبة ، إلاّ وإلى جانبها كلمة ألين منها تجري مجراها (10).

 الرفق في حقوق المؤمنين :

ركّز الاِسلام كثيراً عنايته بحقوق المؤمنين بعضهم على بعض ، حفظاً لكرامة الاِنسان المؤمن ، وصيانة للمجتمع ورصّاً لصفوفه ، قال تعالى : (والمؤمِنُونَ والمؤمِنَاتُ بَعضُهُم أولِياءُ بَعضٍ ) (11).

والرفق واحد من تلك الحقوق التي ينبغي حفظها ، وفي (رسالة الحقوق) التي أفاض بها الاِمام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام أكمل دستور يتناول شعب الحقوق وجوانبها وألوانها ، وفيها تجد للرفق حظّه المبرّز وهو يوزعه على أولى الفئات التي ينبغي أن يحفظ لها حقّها فيه ، ومنها: المسلمون عامّة :

قال عليه السلام : « وحقّ أهل ملّتك : إضمار السلامة ، والرحمة لهم ، والرفق بمسيئهم ، وتألّفهم ، واستصلاحهم ، وشكر محسنهم ، وكفّ الاَذى عنهم»(12).

المستنصح :

وقال عليه السلام : « وحق المستنصح : أن تؤدّي إليه النصيحة ، وليكن مذهبك الرحمة له والرفق به » (13).

 الزوجة :

وقال عليه السلام : « حقُّ الزوجة: أن تعلم أنّ الله عزّ وجلّ جعلها لك سكناً وأُنساً وتعلم أنّ ذلك نعمةً من الله عليك ، فتكرمها ، وترفق بها ، وإن كان حقك عليها أوجب فإنّ لها عليك أن ترحمها لاَنّها أسيرك ، وتطعمها وتسقيها وتكسوها ، وإذا جهلتْ عفوتَ عنها » (14) .

وفي الزوجة جاءت وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « رفقاً بالقوارير » (15).

الصغير :

وقال عليه السلام : « وحق الصغير : رحمته في تعليمه ، والعفو عنه ، والستر عليه ،والرفق به ، والمعونة له » (16).

وهكذا يزيّن الرفق أخلاق المرء وحياته ، بل أخلاق المجتمع كلّه ، ليسهم مع أخوانه من مكارم الاخلاق في بناء انسان متكامل ومجتمع متين متجانس يسوده الائتلاف والوئام، وتتجذّر فيه كلّ عناصر الصحة والقوّة والصلاح .

 

اعداد وتقديم: سيد مرتضى محمدي

القسم العربي – تبيان

 

(1) الكافي 2 : 120 | 12 باب الرفق .

(2) الكهف 18 : 13 .

(3) بحار الانوار 75 : 352 .

(4) الكافي 2 : 120 | 15 باب الرفق .

(5) الكافي 2 : 119 | 7 باب الرفق .

(6)الكافي 2 : 119 | 8 باب الرفق .

(7) الكافي 2 : 120 | 16 باب الرفق .

(8) الكافي 2 : 119 | 9 باب الرفق .

(9) الكافي 2 : 119 ـ 120 | 10 باب الرفق .

(10) إحياء علوم الدين 3 : 186 .

(11) التوبة 9 : 71 .

(12) شرح رسالة الحقوق ، للسيد حسن القبانچي 2 : 541 .

(13) رسالة الحقوق 2 : 387 حق المستنصح .

(14) المصدر السابق 1 : 517 حق الزوجة .

(15) مسند الحميدي : 1209 .

(1) رسالة الحقوق 2 : 455 حق الصغير .


الرفق في كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم (1)

الرفق بالحيوان في السنة (1)

الرفق بالحيوان في السنة (2)

ادفع بالَّتي هي أحسن من ايات الرفق

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)