• عدد المراجعات :
  • 1004
  • 3/8/2012
  • تاريخ :

خفض الجناح في القران الكريم

افتتاح شانزدهمين نمايشگاه قرآن کريم

( واخفِضْ جَنَاحَكَ للمُؤمنِينَ :الحجر88) وخفض الجناح كناية عن اللين والرفق والتواضع (1).

أي ألِن لهم جانبك وارفق بهم ، والعرب تقول : فلان خافض الجناح إذا كان وقوراً حليماً.. والمعنى : تواضع للمؤمنين لكي يتبعك الناس في دينك (2) . والتعبير عن تلك المعاني بخفض الجناح تعبير تصويري يمثّل لطف الرعاية وحسن المعاملة ورقّة الجانب في صورة محسوسة على طريقة القرآن الفنية في التعبير .

وفي هذه الآية الكريمة تعبير آخر عن الرفق واللين واللطف واليسر ، التي يحرص القرآن المجيد على أن يتخلق بها حملته ومبلّغوا تعاليمه ، وقد خوطب بها الرسول الاَكرم صلى الله عليه وآله وسلم ـ وهو الذي يشهد له القرآن بقوله تعالى : ( وإنّك لعلى خُلُقٍ عظيم :القلم 4) وقوله سبحانه : ( لَقَد جَآءكُم رَسُولٌ مِّن أنفُسِكُم عَزِيزٌ عَلَيه مَا عَنِتُّم حَريصٌ عَلَيكُم بالمؤمنينَ رؤُوفٌ رَّحيمٌ :التوبة 128).

وهو الذي يقول لاَصحابه « إنّ أحبكم إليّ يوم القيامة وأقربكم مجلساً أحسنكم أخلاقاً ، الموطّئون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون » (3).

فإذا كان الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم قد خوطب بمثل هذا الخطاب ( واخفِضْ جَنَاحَكَ لِلمُؤمنِين) فمن باب أولى ان يقتدي المؤمن الرسالي بتلك الاخلاق العالية والتحلي بها ، تجسيداً لقوله تعالى : ( لَّقدْ كَانَ لَكُم في رَسُول اللهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ:الاحزاب 21).

وخفض الجناح في الآية المباركة وأن كان كناية عن التواضع والرفق واللين ، إلاّ أنه ينطوي على معاني أُخرى رفيعة تتدفق بالمودة والرأفة والتسامح ونظائر ذلك من مكارم الاَخلاق التي لو وجدت طريقها في نفوس المؤمنين وغرست في قلوبهم لمارسوا عملية الانفتاح على الآخرين بأتم وجه ، واقتطفوا ثمار سعيهم في إعلاء كلمة الحق ، برد الفعل المناسب من الانفتاح عليهم وقبول طرحهم .

وفي السياق ذاته يتقدّم هذا الخطاب الجميل خطابٌ آخر، له جَرسٌ آخر ووقع آخر، ذلك قوله تعالى : ( فاصفَحِ الصّفحَ الجَمِيلَ :الحجر 85). وهو العفومن غيرعتاب (4)!

وبعد.. فالقرآن الكريم أراد لنا عبور كل ذلك مع المؤمنين إلى بلوغ صفة التذلل لهم ( أذِلَّةٍ على المؤمِنين أعِزَّةٍ على الكَافِرينَ :المائدة 54) ، ومن هنا يعلم أن خفض الجناح يستلزم تلك الصفة الراقية التي يستشعر المؤمن من خلالها كرامته ، وتقوى بذلك شخصيته ، ولا ريب أنّه لا يغفل المؤمن سر التذلل له ، ويدرك جيداً أنّه وليد التزام الطرف الآخر برسالته لا خوفاً ولا طمعاً ، وعندها سيندفع الطرف الآخر إلى نفس المبادرة ، فتتم المعادلة ، ويتحقق التوازن في بناء شخصية المؤمن الرسالي على أتم وجه .

لكنّ ذلك إنّما هو وقف على المؤمنين المخلصين والطيبين المتواضعين ، فالتواضع لهؤلاء إنّما هو تواضع لله ، وعلى العكس من ذلك يكون الموقف إزاء الخونة والمفسدين والمنافقين والمتكبّرين ، فالتكبّر عليهم عبادة ، بل جهاد في سبيل الله (5).

 

اعداد وتقديم: سيد مرتضى محمدي

القسم العربي – تبيان

 

المصادر:

(1) تفسير الرازي 9 : 211 .

(2) مجمع البيان 6 : 447 .

(3) التفسير المبين : 292 .

(4) مجمع البيان 6 : 530 .

(5) اُنظر التفسير الكاشف 4 : 490 .


العفو صفة إنسانية

معالم العفو و المغفرة في القرآن الكريم

هل يجوز العفو عن المُسيء؟

اللين مطلوب حتى مع الأعداء

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)