• عدد المراجعات :
  • 2839
  • 2/22/2012
  • تاريخ :

هل يجوز غيبة تارك الصلاة و الفاسق

تغييروارادة التقدم في الحياة

الغيبة وهي «أن يذكر المؤمن بعيب في غَيبته ، سواء أكان بقصد الانتقاص أم لم يكن ، وسواء أكان العيب في بدنه ، أم في نسبه ،أم في خلقه ،أم في فعله ،أم في قوله ، أمِ في دينه ، أم في دنياه ،أم في غير ذلك ، مما يكون عيباً مستوراً عن الناس ، كما لا فرق في الذكر بين أن يكون بالقول ، أم بالفعل الحاكي عن وجود العيب .

وقد ذمّها الله عزَّ وجل في كتابه الكريم وصوّرها في صورة تقشعر منها النفوس والأبدان ، فقال جل وعلا (ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحبُّ أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه).

وقال رسول الله (صلي الله عليه و اله و سلم) : «إياكم والغيبة فإن الغيبة أشد من الزنا ، فإن الرجل قد يزني فيتوب إلى الله ، فيتوب الله عليه ، وصاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه». ولا يحسن بالمؤمن أن يستمع إلى غيبة أخيه المؤمن ، بل قد يظهر من الروايات عن النبي والأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام أنه : يجب على سامع الغيبة أن ينصر المغتاب ويرد عنه ، وأنه إذا لم يرد ، خذله الله تعالى في الدنيا والآخرة ، وأنه كان عليه كوزر من اغتاب .

مسوغات الغيبة

 لما عرفت أن الغيبة ذكر الغير بما يكرهه لو سمعه، فاعلم أن ذلك إنما يحرم إذا قصد به هتك عرضه، والتفكه به، أو إضحاك الناس منه. وأما إذا كان ذلك لغرض صحيح لا يمكن التوصل إليه إلا به، فلا يحرم.

والأغراض الصحيحة المرخصة له أمور:

الأول - التظلم عند من له رتبة الحكم وإحقاق الحقوق، كالقضاة والمفتين والسلاطين، فإن نسبة الظلم والسوء إلى الغير عندهم لاستيفاء الحق جائز، لقول النبي (صلي الله عليه و اله و سلم): " لصاحب الحق مقال "

الثاني - الاستعانة على رفع المنكر ورد المعاصي إلى الصلاح، وإنما يستباح بها ذكر مساءته بالقصد الصحيح لا بدونه.

الثالث - نصح المستشير في التزويج، وإيداع الأمانة، وأمثالهما.

كذلك جرح الشاهد والمفتي والقاضي إذا سئل عنهم، فله أن يذكر ما يعرفه من عدم العدالة والأهلية للافتاء والقضاء، بشرط صحة القصد واردة الهداية وعدم باعث حسد أو تلبيس من الشيطان، وكذلك توفي المسلمين من الشر والضرر أو سراية الفسق والبدعة، فإن من رأى عالما أو غيره من المؤمنين يتردد إلى ذي شر أو فاسق أو مبتدع، وخاف أن يتضرر ويتعدى إليه الفسق والبدعة بمصاحبته، يجوز له أن يكشف له ما يعرفه من شره وفسقه وبدعته، بشرط كون الباعث مجرد خوف وصول الشر والفساد أو سراية الفسق والبدعة إليه. قال رسول الله (صلي الله عليه و اله و سلم): " أترعوون عن ذكر الفاجر حتى لا يعرفه الناس؟ أذكروه بما فيه يحذره الناس ". ومن جملة ما يدخل في تحذير المسلمين وتوقيعهم من الشر والضرر، وإظهار عيب يعلمه في مبيع، وإن كره البايع، حفظا للمشتري من الضرر. مثل أن يشتري عبدا، وقد عرفه بالسرقة أو الفسق أو عيب آخر، أو فرسا، وقد عرفه بكونه مال الغير، فله أن يظهر ذلك، لاستلزام سكوته ضررا على المشتري.

الرابع - رد من ادعى نسبا ليس له.

الخامس - القدح في مقالة أو دعوى باطلة في الدين.

السادس - الشهادة على فاعل المحرم حسبة.

السابع - ضرورة التعريف، فإنه إذا كان أحد معروفا بلقب يعرب عن عيب، وتوقف تعريفه عليه، ولم يكن أثم في ذكره، بشرط عدم إمكان التعريف بعبارة أخرى، لفعل الرواة والعلماء في الأعصار والأمصار فإنهم يقولون: روى الأعمش والأعرج وغير ذلك، لأن الغالب صيرورته بحيث لا يكرهه صاحبه.

الثامن - كون المقول فيه مستحقا للاستخفاف، لتظاهره وتجاهره بفسق، كالظلم والزنا وشرب الخمر وغير ذلك، بشرط عدم التعدي عما يتظاهر به، إذ لو ذكره بغير ما يتظاهر به لكان آثما، وأما إذا ذكر منهمجرد ما يتجاهر به فلا إثم عليه، إذ صاحبه لا يستنكف من ذكره، وربما يتفاخر به ويقصد إظهاره. ومع قطع النظر عن ذلك، فالأخبار دالة عليه، كما تقدم جملة منها. وقال رسول الله (صلي الله عليه و اله و سلم): " من ألقى جلباب الحياء من وجهه فلا غيبة له ". وقال (صلي الله عليه و اله و سلم): " ليس لفاسق غيبة ".

والظاهر أن ذكر ما يتجاهر به من العيوب ليس غيبة، لا شرعا ولا لغة، لا أنه غيبة استثنى جوازها شرعا، قال الجوهري: " الغيبة أن يتكلم خلف إنسان مستور بما يغمه لو سمعه، فإن كان صدقا سمي غيبة، وإن كان كذبا سمي بهتانا ".

من طلب عثرات المؤمنين وعوراتهم

عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يواخي الرجل على الدين فيحصي عليه عثراته وزلاته ليعنفه بها يوما ما.

أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلي الله عليه و اله و سلم): يا معشر من أسلم بلسانه ولم يخلص الايمان إلى قلبه لا تذموا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم  فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله تعالى عورته يفضحه ولو في بيته.

عنه، عن علي بن النعمان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله.

 

المصدر:

جامع السعادات-ج 2 - ص 239

الکافي ج 2- ص 354


محاسبة النفس ومراقبتها

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)