• عدد المراجعات :
  • 959
  • 2/21/2012
  • تاريخ :

رؤية السلفية للأنبياء

الوهابیة

عقيدتهم بالأنبياء، فهي الأخرى عجيبة وغريبة وإن جاءت بها الصحاح (1)،

ويعتبرون كل ما فيهما صحيحا والحق أنه لو جرد المسلم نفسه من رواسب التاريخ لوجد فيهما أحاديث بعيدة عن الإسلام. قال الذهبي عن بعض أحاديث صحيح البخاري " ولولا هيبة الصحيح لقلت إنها موضوعة ". وذهب ابن حزم إلى تكذيب بعض أحاديثه، فراجع تهذيب التهذيب 8 / 146.

إن كلام الذهبي السابق يدل على أنه قد ثبت لديه أن في صحيح البخاري أحاديث موضوعة ولكن هيبة الصحيح منعته من الحكم عليها بالوضع. مع أن الحكم لا يخضع لمكانة الشئ وهيبته! وقال جمال الدين الحنفي: من نظر في كتاب البخاري تزندق " شذرات الذهب.

لقد انتقد الحفاظ أحاديث في صحيح البخاري وضعفوا ثمانين رجلا من رجاله. ولكن هل يمكن التصديق بأن كل ما في الصحيحين صحيح؟ إن البخاري ومسلم غير معصومين، لذلك فاحتمال الخطأ وارد عليهما. إضافة إلى أن السنة النبوية معصومة، والشيخان غير معصومين. وغير المعصوم لا يحيط بالمعصوم والناقص لا يتحكم بالكامل.

إن كل من يطعن في الصحيحين فهو عند أهل السنة مبتدع، كافر... وهذا خلط ما بعده خلط!

فكأن البخاري ومسلم هما سنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)! إن الشيخين شئ وسنة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شئ آخر. نعم، إن من يطعن بسنة النبي الصحيحة: كافر، أما من يقول أن البخاري أخطأ في حكمه على هذا الحديث فلماذا يعد كافرا؟ وهذا القول يخطئ البخاري وليس انتقادا للسنة.

إن كل مسلم يحب تعلم سنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) وتطبيقها، ولكن من أين يأخذها؟ فهل أمرنا الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) باتباع الصحيحين والأخذ منهما؟!! لايوجد دليل على ذلك. فلقد أمرانا باتباع السنة ولكن لم يقولا: خذوها من الصحيحين، حتى نمتثل الأمر. فيجب أخذ السنة من المكان الذي أمرنا الله ورسوله الأخذ منه وهو ليس الصحيحين ولا بقية الصحاح. ولا يمكن القول: إن الله ورسوله لم يبينا الموضع الذي تؤخذ منه السنة لأن في ذلك اتهاما لله ورسوله بتفريق الأمة وتشتيت أمرها، فلقد نصت السنة نفسها على الموضع الذي تؤخذ منه، فيجب أخذ السنة من مكانها الصحيح واتباع قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أولى وإن خالفته الأمة بأسرها. وليس لدينا دليل على اعتماد الصحيحين، إلا الإجماع ولا إجماع خلاف النص. كما أن الإجماع المعتبر عند أهل الحديث هو إجماع الصحابة فقط، والصحيحان كتبا في القرن الثالث الهجري، فأين الإجماع المدعى؟

فتابعنا وسترى حال الأنبياء (عليهم السلام) عند أهل السنة. أخرج البخاري بالإسناد إلى أبي هريرة مرفوعا قال: " قال سليمان بن داود (عليهما السلام) لأطوفن الليلة بمائة امرأة، تلد كل امرأة غلاما يقاتل في سبيل الله. فقال له الملك: قل إن شاء الله. فلم يقل ونسي، فأطاف بهن، ولم تلد منهن إلا امرأة نصف إنسان، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لو قال إنشاء الله لم يحنث وكان أرجى لحاجته... " (2).

إن الطواف بمئة امرأة في ليلة واحدة غير معقول.

كما " إن القوة البشرية لتضعف عن الطواف بهن في ليلة واحدة مهما كان الإنسان قويا "، و " لا يجوز على نبي الله تعالى سليمان (عليه السلام) أن يترك التعليق على المشيئة، ولا سيما بعد تنبيه الملك إياه على ذلك، وما يمنعه من قول إن شاء الله، وهو من الدعاة إلى الله والأدلاء عليه؟! وإنما يتركها الغافلون عن الله (3)، الجاهلون بأن الامور كلها بيده، فما شاء منها كان وما لم يشأ لم يكن، وحاشا أنبياء الله عن غفلة الجاهلين " (4).

وأخرج البخاري عن قتادة قال: " حدثنا أنس بن مالك قال: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة. قال: قلت لأنس: أو كان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين

إن هذه الرواية تصور نبي الإسلام ذا الأخلاق العظيمة بذلك الرجل الجنسي الذي لا هم له سوى أن يدور على نسائه ليلا ونهارا. وحاشا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من هذا الافتراء.

" وهل لنا أن نسأل أنس بن مالك راوي هذه القصة، من أخبره بها؟... هل النبي هو الذي حدثه بذلك؟ فهل يليق بأحدنا أن يحدث الناس على مجامعته لزوجته؟ أم أن زوجات النبي هن اللاتي حدثنه بذلك؟ فهل يليق بالمرأة المسلمة أن تحكي للرجال عن جماع زوجها لها؟ أم أن أنسا هو الذي تجسس على النبي وتتبع خلواته مع زوجاته وتفرج عليه من ثقوب الأبواب؟ أستغفر الله من همزات الشيطان... "(5).

هذه الرواية وأمثالها هي التي فتحت الباب أمام أعداء الإسلام، من مستشرقين ونصارى، للنفوذ منها والطعن بنبي الإسلام وتصويره مع أنبياء الله بهذه الصور، وما الفضل في ذلك إلا للبخاري الذي أخرج هذه الروايات. إن الطعن في حديث أخرجه البخاري، أولى من الطعن بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وذلك واضح لكل من كانت عنده غيرة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

وأخرج البخاري عن حذيفة قال: " أتى النبي سباطة قوم فبال قائما ثم دعا بماء فجئته بماء فتوضأ " (6).

وفي رواية أخرى عن حذيفة قال: " رأيتني أنا والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نتماشى، فأتى سباطة قوم خلف حائط فقام كما يقوم أحدكم فبال، فانتبذت منه، فأشار إلي فجئته، فقمت عند عقبه حتى فرغ " (7).

وهذا الحديث، لا يتلاءم مع سيرة العظماء، فضلا عن سيد الأنبياء، فهو يصور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأبشع صورة، إذ يذهب إلى مزبلة أحد الناس ويبول قائما!. فتخيل - أخي المسلم الغيور على نبي الله - هذا المشهد.

إنني اتحدى كل من يؤمن بصحة هذا الحديث أن يفعل ما نسب الى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، هل يقبل أحد هذا الفعل لنفسه؟! إذن كيف نرضاه لسيد الخلق (صلى الله عليه وآله وسلم)؟! وكيف يبول النبي على سباطة قوم؟! - حاشاه - أليس هذا اعتداءا على حقوق الآخرين؟! ألا توجد للبيوت حرمة؟ وهل استأذن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أصحاب البيت وهو الداعي إلى الاستئذان؟!

وكيف يفعل ذلك - حاشاه - أمام حذيفة؟ ومن يدري فربما يمر الناس في أي لحظة، وماذا يكون الموقف لو خرجت إحدى النساء من ذلك البيت لترمي الفضلات ورأت النبي؟ ألم يفكر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه الأمور؟! مالكم كيف تحكمون؟!

ثم إن البول في الطريق ليس من العدالة، وهذا ماقاله الإمام السبكي، فقد قال في تعريف العدالة بأنها: " ملكة تمنع عن اقتراف الكبائر، وصغائر الخسة، كسرقة لقمة، والرذائل المباحة، كالبول في الطريق!! " (8).

وفي صحيح الجامع الصغير " كان - النبي - إذا أراد الحاجة أبعد " (9).

أجل، إن النبي إذا أراد الحاجة فإنه يبعد، لا أن يذهب بجانب البيوت ويبول على سباطات المسلمين!

قالت عائشة: " ما بال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قائما منذ أنزل عليه الفرقان " (10)، وفي صحيح الجامع الصغير: " كان - أي النبي - إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض " (11).

وهنا يصبح وصف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنه لم يكن يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض: أبلغ وصف في تصوير عظمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). وصدق الله إذ قال فيه: (وإنك لعلى خلق عظيم) (12).

" لقد كان النبي أشد حياء من العذراء في خدرها ".

ولأن النبي أشد حياء من العذراء في خدرها فلا يعقل أن يبول على سباطة قوم.

فهو (صلى الله عليه وآله وسلم) أشد حياء من العذراء! والمثير للاستغراب إن السباطة تكون عادة من بقايا الطعام فكيف يبول الرسول عليها؟!

وفي صحيح مسلم عن عائشة قالت: دخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجلان فكلماه بشئ لا أدري ما هو فأغضباه، فلعنهما وسبهما فلما خرجا قلت: يا رسول الله، من أصاب من الخير شيئا ما أصابه هذان؟ قال: وماذاك؟ قالت: قلت: لعنتهما وسببتهما.

قال: أوما علمت ما شارطت عليه ربي؟ قلت: اللهم إنما أنا بشر فاي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجرا " (13).

وهذا الحديث يستحيل أن يصح وهو يصور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنه لا يستطيع السيطرة على أعصابه ويحكم على الامور بعاطفته دون عقله فيلعن من لا يستحق ذلك. وأين هذا من قول الله فيه (وإنك لعلى خلق عظيم)؟ (14) والله أدرى برسوله من مسلم.

وقال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عن نفسه: " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " فإذا كان الرسول لعانا وسبابا فكيف يستقيم قوله هذا؟ فالمفترض بمن يكمل مكارم الأخلاق أن تكون أخلاقه كاملة، فالناقص لا يكمل من هو أكمل منه، والسب واللعن بغير حق ليس من مكارم الأخلاق في شئ.

ولقد كفانا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مؤونة الرد على هذه الرواية، أخرج مسلم في صحيحه " بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نهى أن يكون المسلم لعانا. وقيل له يا رسول الله: ادع على المشركين قال: " إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة " (15(.

_________________________

1 - كصحيحي البخاري ومسلم. إن هذين الكتابين يعتبران المرجع الرئيسي عند أهل السنة بعد القرآن

2 - صحيح البخاري: كتاب النكاح، باب قول الرجل لاطوفن الليلة على نسائي.

3 - راجع أبو هريرة، شرف الدين: ص 75.

4 - كتاب الغسل - باب إذا جامع ثم عاد ومن دار على نسائه في غسل واحد

5 - فأسألوا أهل الذكر، محمد التيجاني: ص 60.

6فتح الباري: 1 / 262، والسباطة المزبلة.

7 - المصدر السابق.

8 - جمع الجوامع 2 / 148.

2 - 2 / 851.9_

10 - مستدرك الحاكم: 1 / 181، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

4 - 2 / 852 ورواه أبو داود في سننه عن أنس وابن عمر ورواه الطبراني في الأوسط عن جابر.

11 - القلم: 4.

12 - صحيح الجامع الصغير 2 / 870.

13 - كتاب البر والصلة والآداب، باب من لعنه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو دعا عليه.

14 - القلم: 4.

15 - كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن لعن الدواب وغيرها.


نقض فتاوى الوهابية - تهديم القبور

الرد على الوهابية - زيارة القبور

الرد على الوهابية - في توحيدالله في العبادة

من هم الشيعة من خلال الروايات

اجماع الامة في رد الوهابية

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)