• عدد المراجعات :
  • 808
  • 1/9/2012
  • تاريخ :

ماذا نستلهم من شهادة الحسين عليه السلام؟

الإمام الحسين.. الشاهد والشهيد

إذا كانت الشهادات أوسمة رفيعة على صدور أصحابها، فإنّ وسام شهادة الإمام الحسين عليه السلام يعلوها جميعاً، ترى ما الذي نستفيده ونستلهمه ونستوحيه من معاني هذه الشهادة العظيمة؟

 إنّ من رام في حياته تحقيق أهداف سامية، وبلوغ نتائج عظيمة لابد له من بذل الجهود، وترويض النفس على الإيمان كي تتهيأ بذلك مقدمات بمستوى تلك الأهداف والنتائج السامية؛ فمن رام بلوغ القمم السامقة لابد أن يوجد في نفسه العزيمة والحيوية الكافيتين، وبدون ذلك لا يمكن تحقيق النتائج العظمى.

 والذي أريد تأكيده هنا فيما يتعلق بنا -نحن المسلمين- في جميع أنحاء العالم، هو إننا لا ينبغي أن نركز ونؤكد فقط على تلك اللحظات الأخيرة من حياة سيد الشهداء عليه السلام، فعلينا اليوم أن نفهم وندرك معاني حركة الإمام الحسين عليه السلام وحياته وأهدافه، ونعي معها تلك البصائر التي وضع ورسم خطوطها أبو عبد الله الحسين عليه السلام بدمه وجهاده ورسالته الثورية، فلابد لنا من التركيز على هذه البصائر وامتداداتها وأبعادها الواسعة. فنحن حينما نسأل الله وندعوه أن يرزقنا حسن العاقبة، ويوفقنا إلى عاقبة كعاقبة الحسين عليه السلام فعلينا أن نهتم بالبداية الحسنة، والبادرة الطيبة، وإلا فإن الهدف ليس سهل المنال كما قد يتصور البعض أحياناً.

تربية الجيل الحسيني

وبمعنى آخر: إذا أردنا أن نبني مجتمعاً حسيني السمة والمنهج والمسيرة، يتحدى الظلم، ويقارع الإرهاب، ويقاوم الاستبداد، ويقف متحدياً كل المؤامرات والدسائس الاستعمارية، فليس لنا طريق إلى ذلك غير أن نُنشئ ونربي جيلاً حسينياً من كل جوانبه، متسلحاً بمبادئ الرسالة والثقافة الحسينية، ومستلهماً منها.

فثقافة الحسين عليه السلام هي ثقافة القرآن، وثقافة أبيه وجده عليهما السلام، وهي تجسيد حي للثقافة التي تضمنها نهج الجهاد والرسالة والحياة.

 ونحن اليوم إذا وجدنا أن هناك في بلد ما نظاماً طاغوتياً متسلطاً، فلنعلم إن من المحال أن يكون هذا البلد قرآنياً، فلابد أن تكون قد حدثت قطيعة بين شعب هذا البلد وبين القرآن الذي تراه مصفوفاً على الرفوف يرقد عليه الغبار والتراب؛ وهذا الواقع المأساوي المرفوض ليس ببعيد عنا، أفلا يكفي أن يكون القرآن في متناول أيدينا وأسماعنا ثم بعد ذلك كله تجد ثقافاتنا بعيدة كل البعد عن ثقافة القرآن؟

 أفلا عدنا من جديد إلى ألف باء الإسلام، وإلى تلاوة آيات القرآن العظيم والعمل بها؟ فالذي يقود حركة الشعوب ونهضتها نحو التحرر والاستقلال والكرامة هو البصائر والرؤى والثقافات التاريخية العريقة التي بنت أمجاد الأمم والتي لا نراها غير البصائر والثقافات القرآنية.

بعد هذا كله دعونا نعود إلى البداية وننطلق منها ثانية، هلموا بنا نربي ونُنشئ أجيالنا وأطفالنا على تلك الرؤى والبصائر القرآنية؛ على نهج النبي الأكرم وأهل بيته وما رسموه لنا من خطوط في العمل والمواقف والسياسات.

إذن لابد لنا من أن ننهض نهضة قرآنية حسينية حقيقية تتجسد في واقع حياتنا المعاش، فعندما نتلو القرآن يجب أن نتلوه تلك التلاوة التي تحوّله إلى جزء من حياتنا وواقعنا. فالقرآن هو ما يجب أن نتخذه محوراً في حياتنا كمسلمين حقيقيين، ومؤمنين رساليين، وبذلك تتحول مجتمعاتنا إلى مجتمعات حسينية.

إذا كانت الشهادات أوسمة رفيعة على صدور أصحابها، فإنّ وسام شهادة الإمام الحسين عليه السلام يعلوها جميعاً.

الشعارات وحدها لا تكفي

إن العالم الإسلامي يعيش اليوم صحوة إسلامية، وهو مستعد اليوم للقيام بنهضة تغييرية كبيرة، فلابد أن يكثف علماء ومفكروا الأمة الإسلامية من جهودهم، ولابد أن يخططوا بكل ثقة وجدية وإخلاص، ويحشدوا طاقاتهم الفكرية في صياغة وبناء استراتيجيات ثقافية نهضوية ثابتة لهذه الأمة.

حتى تنجح الأمة في صياغة مجدها من جديد تحت ظل تعاليم القرآن، وشرائع الدين، ومناهج الرسول وأهل بيته عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام.

إننا لا نستطيع أن نستجدي نصراً، أو نسترد حقوقاً من خلال اتكالنا على منظمات دولية هنا وهناك..

وهل نتوقع خيراً وفرجاً يحققه لنا أولئك الذين فعلوا ما فعلوا بنا بالأمس القريب، أولئك الذين قتلونا وعذبونا، وأبعدونا عن ديارنا وأوطاننا، ومزقونا كل ممزق، ثم بعد ذلك كله نطلب العون ونستجدي المناصرة منهم؟!

 إنها سذاجة أن نفعل ذلك، وإنها لتعاسة نحن نعيش فيها عندما غدونا نتشبث بهؤلاء الشراذم فنهرب منهم إليهم، ونعوذ من غضبهم برحمتهم، وقد نسينا أن ربنا تعالى هو الأحق بالهرب منه إليه.

 فنحن لا ننال الحق إلى بوعينا وتخطيطنا الهادف وإستراتيجيتنا الحكيمة من خلال العمل من أجل إحداث تغيير حقيقي وجذري وشامل في الأمة، وذلك بالعودة لتلك الجذور والأصول الخيرة، كما أن المسيرة بحاجة إلى جهود وطاقات لا تنضب ولا تكل من الحركة المستمرة، والعطاء المتواصل.

اية الله محمد تقي المدرسي


الإمام الحسين عليه السلام وامتحان الاختيار

ساعة الصفرواختيار الطريق

دقائق ولحظات من ساعات التوديع

البعد التربوي لواقعة الطف

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)