یوجین یونسکو نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

یوجین یونسکو - نسخه متنی

کلود ابستادو ؛ مترجم: قیـس خضور

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

2 - مسرح ضد المسرح:

مجادلات

لكي يستكشف الواقع ويعبّر عن العالم الذي يعيش فيه، لم يجد يونسكو في مسرح مابعد الحرب أشكالاً ملائمة تفي بالمرام. لم يشعر بميل إلى المسرح: كنتُ أقرأُ مؤلفات أدبية ودراسات. كنت أذهب إلى السينما برغبة وكنت أستمع من وقت لآخر للموسيقى. كنت أتردد على المعارض الفنية، لكنني لم أذهب إلى المسرح أبداً [....] لم أكن أشعر فيه بأية متعة، ولم أشارك فيه. تُعتبر مسرحية: المغنية الصلعاء، بطابعها الساخر إعلان حرب على مسرح الأربعينات.

لقد ذهب يونسكو أبعد من ذلك: بدا له أن الكلاسيكيين ضعفاء سقماء: موليير لا يعنيه، بحكاياته عن البخلاء والمنافقين والمخدوعين، كورناي، بكل صراحة، يسئمني، ربما لا نحبه (دون أن نؤمن به)، إلاّ من قبيل العادة [....] شيللر لا يطاق. مسرحيات ماريفو تافهة، كوميديات موسيه هزيلة، مسرحيات فيني غير صالحة للتمثيل. المآسي الدامية التي كتبها فيكتور هيجو تضحكنا حتى القهقهات. مهما قيل عن لابيش، هناك صعوبة في أن يضحك المرء من مسرحياته الكوميدية. دوماس الابن ذو نزعة عاطفية مضحكة في غادة الكاميليا. والآخرون! أوسكار وايلد؟ سهل. ابسن؟ ثقيل الظل. سترندبرغ؟ أخرق[....] جيرودو ولا يصل إلى الجمهور وكذلك مسرح كوكتو يبدو لنا سطحياً مزيفاً [....] بيراندللو تمّ تجاوزه.... يبقى إذن اسخيلوس وسوفوكليس وشكسبير وبعض المسرحيين الآخرين أصحاب التأثير على الجمهور. عبر القرون هناك عشرون كاتباً مسرحياً... ثلاثون في أحسن تقدير. هذا يدعو للاطمئنان!.

لم يتوقف يونسكو عند حدود هذا التجريح. إنه يبدي اعتراضاته ويبرر لعناته. يأخذ أولاً على المسرحيين نزوعهم البالي لتغليب وجهة النظر النفسية على ماعداها. لقد بُنيتْ الشخصيات الكلاسيكية على أسس ليس لها أية قيمة علمية: نظرية الأهواء، تضيف الرذائل والفضائل كما فعل موليير أو راسين تمَّ على أساس تبسيطي من وجهة التحليل النفسي. بيراندللو. الذي اعتمد على مفهوم الشخصية المفتتة، عبّر بطريقة غامضة ورديئة عمّا أوضحه العلم بشكل أفضل. لم يكن خطأ المسرح في محاولته الشرح والتوضيح، فليس في الإمكان إلاّ أن يكون مقتضباً في شروحاته إذ سرعان ما تسبقه تطوّرات علم النفس.

يدين يونسكو من ناحية أخرى فكرة العقدة لأنّها ستخضع حتماً إلى قوالب جامدة، كما أن قصص الحب التي تحتوي معاكسة أو خيانة، والتي تنطوي على تعقيدات، وإشكالات، وعلى تبادل في المواقف والأدوار، وعلى مفاجآت مسرحية، إنما تؤلف على الدوام، المخطط ذاته، ولا يمكن لها أن تأخذ منحى آخر، ذلك أن جميع العناصر في إطار الحب، من أجل أن تبدو مقبولة يجب أن تخضع إلى نهج موصوف بالمعقولية والمنطق مطابقة للواقع. وعلى العموم فإن العقدة تعبّر دائماً عن حلّ اللغز ولذلك استنتج شوبير أن المسرح كان دائماً وأبداً مسرحاً بوليسياً منذ سوفوكليس حتى مسرح البولفار مروراً بأعاجيب القرون الوسطى وتراجيديات القرن السابع عشر، وهي مسرح بوليسي راقٍ. لكن في هذا العام الذي تسيطر عليه قوى غير منطقية، تبدو العقدة مزّيفة وتفقد مغزاها كلّه.

يهاجم يونسكو الواقعية بشكل عام لأنّها تفضي في تحليلها للشخصيات إلى دراسة نفسية سطحية وتحرم الإنسان من بعده الأساسي وهو العمق. العقدة الواقعية تبقى على سطح الأشياء ولا تصل أبداً إلى ديناميكية الواقع الحقيقية. إن التمثيل الطبيعي لدى الممثلين غش فاضح، إنّه يدمّر الوهم ويعيق الحلم الذي يمدّ الواقع إلى مافوق الواقع. الديكور الواقعي ليس، في أفضل الحالات، سوى رسم خدّاع يعطي وهم الحقيقة. ثم يضيف يونسكو أنّه إذا ما نظرّنا إلى الواقعية بهذا الشكل ستكون واقعية متخلّفة، تخنق الخيال وهو وحده القادر على سبر المجهول. إنها لا تكتشف شيئاً وتخسر الواقع في نهاية المطاف. الأشكال المستخدمة ماهي إلاّ اتفاق مع تقليد وتقيّد بأعراف لا يؤمن بها أحد. إنّها تنهض على قواعد وعلى نظام من القيم، وعلى رؤية عن العالم صارت قديمة بالية،...، يفقد بها المسرح كل أهميته وكل معناه.

هذه الواقعية التحتية تدفع الأدب ليغدو مجرّد توضيح للفكر العلمي أو الفلسفي أو السياسي. ينطلق الكاتب من مذهب، والعمل الأدبي يؤكّد، يوضّح، ليشرح. إنه يستخدم الدراسات النظرية استخداماً مزدوجاً، وفي ذلك خرابه، بدلاً من الذهاب لمشاهدة التجسيد المسرحي لهذه السياسة أو تلك أفضّلُ قراءة جريدتي اليومية أو الاستماع لأحاديث مرشحي الحزب الذي أنتمي إليه.

ليس المسرح لغة الأفكار، عندما يقبل أن يكون مطيّة للأيديولوجيات لابدَّ أن يبسّطها. إنه يسهّلها بشكل خطير، يجعلها أولية، يحطّ من قدرها. يصبح المسرح ساذجاً، لكن بالمعنى الرديء للسذاجة؛ وكل مسرح إيديولوجي مُعرّض لخطر التحوّل إلى مسرح للتوجيه. ضمن هذه الحدود لا يكون الكاتب أكثر من مربٍّ، أو أسوأ من ذلك، يكون غوغائياً إذ يخدم الأيديولوجيات المنتصرة، وتحت شعارات الثورة، والتمرّد يخفي تبعية لا خطر منها.المسرح ذو الرسالة، كما يخيّل ليونسكو، هو الشكل الأكثر تعبيراً عن هذا الموقف الديماغوجي. إنه يدينه في مناظراته مع كينث تينان، وفي مقالاته ضد اوزبورن وميللر وسارتر، وفي الاتهامات التي كرّرها مراراً لبريخت؛ وفي الأفكار والتهكّمات والكاريكاتور التي رأينّاها في مسرحيات: ضحايا الواجب، ومسرحية الما، الماشي في الهواء، العطش والجوع.

هذا الهجوم الذي شنّه يونسكو، العنيف غالباً، الظالم أحياناً، المتناقض قصداً، يوضّح مايرفضه في المسرح، ويحدد الأشكال التي يودّ تدميرها، إنه الوجه الآخر لفنّه المسرحي.

/ 131