إلی أین یتجه عالم الیوم؟ نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إلی أین یتجه عالم الیوم؟ - نسخه متنی

موسی الزعبی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الفصل الثامن

أوراق تراثية تربط الماضي بالحاضر

القرنان السادس والسابع للهجرة من أغنى العصور العربية بازدحام الحوادث وسرعة تواليها، وشدة تعقدها، وأحفلها بالمفاجآت، مثلهما مثل ظروفنا الحالية مع بداية القرن الخامس عشر الهجري.

ففي الحقبة الأولى -تبدو المملكة الإسلامية واسعة الرقعة، مترامية الأطراف -فسيحة الأرجاء شرقاً وغرباً (1). وهي على ازدحامها ممالك وإمارات تلوح أمام الناظر كقطرات من قبضة اليد، إذا قبضت عليها انداحت بقوة من بين الأصابع شرقاً وغرباً، وشمالاً، وجنوباً،... حسب المفاهيم الدارجة في ذلك العصر. كأن الوحدة غريبة عنها، وكأنها جُبلت على التفرد والانفصال والانعزال، وصار التمزق الإقليمي سمة يطبع تاريخنا العربي قديماً وحديثاً.

واليوم أيضاً، كل أزمة لها أجواؤها ولها أصواتها، ولها ألوانها رائحتها ومذاقها الذي يبقى في الحواس ويستعيدها حيَّة من مخزونات الذاكرة مهما تباعدت السنون. ينطبق ذلك على أزمات العالم الكبرى، كما ينطبق على أزمات العرب، ومنها ما أخذت الأمة العربية بالمفاجآت، ثم أفزعتها التداعيات ثم قسمتها الخلافات، ثم ساقتها الفتن إلى طرق وعرة ليس بينها درب أمان. بل اعتراف بالعجز واستسلام لليأس وتخبط في الظلام.

أمة مسلحة ولكن للاقتتال وليس للقتال، وأمة غاضبة لكنه الغضب بغير كبرياء وأمة حزينة وليس لديها وسيلة تعلو بها على أحزانها. هذا هو موقع أمتنا اليوم، لا تعرف في أي مكان هي، ولماذا، وإلى أين.

في تلك الأيام الغابرة، تلوح أمام الباحث صورة الدولة الإسلامية، إمارات مستقلة واهية البنيان وممالك كبيرة دّبَّتْ الشيخوخة في أوصالها،

فسقطت كالذبيحة بين شدقي الغازي الصليبي من الغرب، والقادم المغولي من الشرق (2). فسقطت كأوراق الخريف لا تجد من يغار عليها أو يحميها.

مطامع صليبية اتشحت برداء الدين، وأضمرت جشعها الاقتصادي، وظمأها التوسعي، فتوجهت بحقدها غارسة مخالبها في الأراضي العربية، زارعة الخراب والدمار أينما رَحَلَتْ وحيثما حَلَّت.

وتحفز مغولي للانقضاض على الفريسة الحبلى بالآلام والأوجاع، يدفعه ظمأ رمال الصحارى إلى مياه الغرب. وقد زحفت صحارى الشرق على خضرة الغرب، فصبغت أسوار إيران. ومآذن العراق، بلونها الأصفر البربري، مبدلة نهار الحضارة بظلام الجهل، مطفئة شعلة النور. مزيحة الستار عن واقع هَدَّتْهُ الانقسامات والفتن والأهواء.

/ 204