• عدد المراجعات :
  • 991
  • 1/20/2012
  • تاريخ :

أفضلية ارض كربلاء على الکعبة

أفضلية ارض كربلاء على الکعبة

امتازت أحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام بعد واقعة كربلاء بالسعة في تعريف الناس بشرافة هذه التربة المقدسة وبما تحمل من خصائص؛ والسبب في ذلك يعود للنقاط الآتية.

1. لاشتهار المكان بين الناس ومعرفتهم بسبب فاجعة مقتل أهل البيت عليهم السلام.

2. لتوجيه الناس إلى التحلي بالآداب واللياقة عند توجههم لزيارة صاحب التربة ومشرّفها الإمام الحسين بن علي عليهما السلام.

3. لنقل الجنبة المعرّفية عند أهل الإيمان من مرحلة العلم بحقيقة الشيء إلى مرحلة العمل.

فكان حملهم لهذه التربة كاشفاً عما توصلوا إليه من معرفة بها.

فتقديسهم لها، واستشفاؤهم بها، وسجودهم لله عليها؛ دافعهُ العلم بخصوصية هذه التربة؛ وهو ما أشارت إليه الأحاديث الشريفة الآتية:

عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال :

إن أرض الكعبة قالت :

من مثلي وقد بني بيت الله على ظهري يأتيني الناس من كل فج عميق فأوحى الله إليها أن كفي وقري ما فضل ما فضلت به فيما أعطيت أرض كربلاء إلا بمنزلة الإبرة غرست في البحر فحملت من ماء البحر ، ولو لا تربة كربلاء ما فضلتك ، ولولا من تضمنه أرض كربلاء ما خلقتك ولا خلقت البيت الذي به افتخرت فقري واستقري وكوني ذنبا " متواضعا " ذليلا " مهينا " غير مستنكف ولا مستكبر لأرض كربلاء وإلا سخت بك وهويت بك في نار جهنم (1).

تقديم تربة كربلاء بالخلق على تربة مكة  

روى الحر العاملي رحمه الله في الوسائل، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: (خلق الله كربلاء قبل أن يخلق الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام وقدسها وبارك عليها، فما زالت قبل أن يخلق الله الخلق مقدسة مباركة ولا تزال كذلك) (2)

وفي رواية ثانية :(حتى يجعلها الله أفضل أرض في الجنة، وأفضل منزل ومسكن يسكن الله فيه أولياءه في الجنة)(3) .

تفضيلها على أرض مكة وأنها حرم آمن  

عن علي بن الحسين عليهما السلام: (أتخذ الله أرض كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق ارض الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام وأنها إذا بدل الله الأرضين رفعها الله كما هي برمتها نورانية صافية فجعلت في أفضل روض من رياض الجنة، وأفضل مسكن في الجنة لا يسكنها إلا النبيون المرسلون).

عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ:( لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي زِيَارَةِ الْحُسَيْنِ عليه السلام مِنَ الْفَضْلِ لَمَاتُوا شَوْقاً وَ تَقَطَّعَتْ أَنْفُسُهُمْ عَلَيْهِ حَسَرَاتٍ قُلْتُ وَمَا فِيهِ قَالَ مَنْ زَارَهُ شَوْقاً إِلَيْهِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ حَجَّةٍ مُتَقَبَّلَةٍ وَأَلْفَ عُمْرَةٍ مَبْرُورَةٍ وَأَجْرَ أَلْفِ شَهِيدٍ مِنْ شُهَدَاءِ بَدْرٍ وَأَجْرَ أَلْفِ صَائِمٍ وَثَوَابَ أَلْفِ صَدَقَةٍ مَقْبُولَةٍ وَثَوَابَ أَلْفِ نَسَمَةٍ أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ وَلَمْ يَزَلْ مَحْفُوظاً الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثَوَابٌ جَزِيلٌ وَفِي آخِرِهِ أَنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ هَؤُلَاءِ زُوَّارُ الْحُسَيْنِ شَوْقاً إِلَيْهِ فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا تَمَنَّى يَوْمَئِذٍ أَنَّهُ كَانَ مِنْ زُوَّارِ الْحُسَيْنِ عليه السلام).

‏‌‌‌أو قال اَبَا عَبْدِ اللَّهِ الصادق عليه السلام:( إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَتَجَلَّى لِزُوَّارِ قَبْرِ الْحُسَيْنِ عليه السلام قَبْلَ أَهْلِ عَرَفَاتٍ (فَيَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِمْ) وَيَقْضِي حَوَائِجَهُمْ وَيَغْفِرُ ذُنُوبَهُمْ وَيُشَفِّعُهُمْ فِي مَسَائِلِهِمْ ثُمَّ يَثْنِي بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ بِهِم).‏

و في رواية اخري عن الصادق عليه السلام:

وَاللَّهِ لَوْ أَنِّي حَدَّثْتُكُمْ بِفَضْلِ زِيَارَتِهِ وَبِفَضْلِ قَبْرِهِ لَتَرَكْتُمُ الْحَجَّ رَأْساً وَمَا حَجَّ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَيْحَكَ أَ مَا تَعْلَمُ- أَنَّ اللَّهَ اتَّخَذَ بِفَضْلِ قَبْرِهِ‏ كَرْبَلَاءَ حَرَماً آمِناً مُبَارَكاً قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَ مَكَّةَ حَرَماً قَالَ ابْنُ أَبِي يَعْفُورٍ فَقُلْتُ لَهُ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَى النَّاسِ حِجَّ الْبَيْتِ وَلَمْ يَذْكُرْ زِيَارَةَ قَبْرِ الْحُسَيْنِ عليه السلام فَقَالَ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا شَيْ‏ءٌ جَعَلَهُ اللَّهُ هَكَذَا أَ مَا سَمِعْتَ قَوْلَ أَبِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام حَيْثُ يَقُولُ إِنَّ بَاطِنَ الْقَدَمِ أَحَقُّ بِالْمَسْحِ مِنْ ظَاهِرِ الْقَدَمِ وَلَكِنَّ اللَّهَ فَرَضَ هَذَا عَلَى الْعِبَادِ أَ وَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمَوْقِفَ لَوْ كَانَ فِي الْحَرَمِ كَانَ أَفْضَلَ لِأَجْلِ الْحَرَمِ وَلَكِنَّ اللَّهَ صَنَعَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَرَم‏(4).

الکعبة رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ

فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصادق عليه السلام:( إِنَّ مَنْ أَضَلَّهُ اللَّهُ وَأَعْمَى قَلْبَهُ اسْتَوْخَمَ الْحَقَّ وَلَمْ يَسْتَعْذِبْهُ وَصَارَ الشَّيْطَانُ وَلِيَّهُ وَرَبَّهُ وَقَرِينَهُ يُورِدُهُ مَنَاهِلَ الْهَلَكَةِ ثُمَّ لَا يُصْدِرُهُ وَهَذَا بَيْتٌ اسْتَعْبَدَ اللَّهُ بِهِ خَلْقَهُ لِيَخْتَبِرَ طَاعَتَهُمْ فِي إِتْيَانِهِ فَحَثَّهُمْ عَلَى تَعْظِيمِهِ وَزِيَارَتِهِ وَجَعَلَهُ مَحَلَّ أَنْبِيَائِهِ وَقِبْلَةً لِلْمُصَلِّينَ إِلَيْهِ فَهُوَ شُعْبَةٌ مِنْ رِضْوَانِهِ...) (5)

قَبْرِ الْحُسَيْنِ عليه السلام رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ

عن أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الصادق عليه السلام ُ: مَوْضِعُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ عليه السلام مُنْذُ يَوْمَ دُفِنَ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَقَالَ مَوْضِعُ قَبْرِ الْحُسَيْنِ عليه السلام تُرْعَةٌ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّة(6).

الحكمة في تفضيل أرض كربلاء على أرض مكة

عن أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الصادق عليه السلام: (ان الله تبارك وتعالى فضل الارضين والمياه بعضها على بعض فمنها ما تفاخرت ومنها ما بغت فما من ماء ولا أرض إلا عوقبت لتركها التواضع لله حتى سلط الله المشركين على الكعبة وأرسل إلى زمزم ماء مالحاً حتى فسد طعمه, وان أرض كربلاء وماء الفرات أول أرض وأول ماء قدس الله تبارك وتعالى وبارك الله عليهما، فقال لها: تكلمي بما فضلك الله تعالى فقد تفاخرت الأرض والمياه بعضها على بعض قالت: أنا أرض الله المقدسة المباركة الشفاء في تربتي ومائي ولا فخر بل خاضعة ذليلة لمن فعل بي ذلك ولا فخر على من دوني بل شكراً لله فاكرمها وزادها بتواضعها وشكرها لله بالحسين (عليه السلام) وأصحابه , ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: من تواضع لله رفعه الله ومن تكبر وضعه الله تعالى).

 للوقوف عند الحكمة في تفضيل أرض كربلاء على أرض مكة ينبغي أولاً معرفة عوامل الافتخار ودواعيه بمعنى:أن كربلاء ومكة ــ أعزهما الله ــ قد تضمنتا في ثراهما آثاراً تفضيلية كانت هي السبب في هذا التفضيل،

ولذا:سنقف بادئ بدء عند هذه الأسباب.

1. فأما مكة، فإن سبب افتخارها على بقية الأراضي هو: لوجود البيت الحرام، وقدوم الحجاج من كل فجّ عميق، وموضع قبلة المصلي في صلاته، وكلا الفرضين، ــ أي: الصلاة والحجّ ــ قد ارتبطا بالبيت الحرام ــ أعزه الله ــ.

2. أنها حرم آمن، وهذه الحرمة اكتسابية لا ذاتية، بمعنى أنها اكتُسِبتْ من خلال دعوة إبراهيم عليه السلام، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هََذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} (سورة البقرة، الآية: 126).

3. أن فيها مقام إبراهيم عليه السلام ولوجود هذا المقام اكتسبت أرض مكة ــ أعزها الله ــ هذا التفضيل والحرمة. قال تعالى: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} (سورة آل عمران، الآية: 97).

إذا كانت أرض مكة تفتخر على بقية الأراضي والبقاع بسبب بيت الله المحرم، ومقام إبراهيم عليه السلام فالفخر كل الفخر بمقيم البيت وذريته، أي: بإبراهيم وذريته يكون التفضيل لا بالأرض. وهذه حقيقة قرآنية لا تقبل الريب، قال تعالى: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ } (سورة إبراهيم، الآية: 37).

إن كربلاء هي البقعة المباركة بجانب شاطئ الوادي الأيمن  

ومن الأحاديث التي أظهرت الخصوصية المكانية لأرض كربلاء، حديث أخرجه الشيخ الطوسي والشيخ المفيد، والعاملي، والقمي، والنوري (رحمهم الله) وغيرهم.

في رواية قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام: «شاطئُ الوادي الأيمن الذي ذكره الله تعالى في القرآن هو الفراتُ، والبقعة المباركة هي كربلاء» (7)

وفي رواية: «والشجرة هي محمد صلى الله عليه وآله وسلم»(8)

المصادر:

1- وسائل الشيعة، باب استحباب التبرك بكربلاء، ج 10، ص 403.

2- التهذيب للطوسي رحمه الله: ج6، ص 72.

3- كامل الزيارات لابن قولوية رحمه الله: ص 450 ــ 451 .

4- القمي، ‌أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه

5- الكليني الرازي، أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق

6- الصدوق، ابوجعفر محمد بن علي بن الحسين.

7- التهذيب للطوسي رحمه الله، باب: فضل الكوفة، ج 6، ص38.

8- كامل الزيارات للقمي: ص 109، ط نشر الفقاهة.


الإمام الحسين عليه السلام وامتحان الاختيار

ساعة الصفرواختيار الطريق

دقائق ولحظات من ساعات التوديع

البعد التربوي لواقعة الطف

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)