• عدد المراجعات :
  • 948
  • 11/5/2011
  • تاريخ :

الغدير و مثيرو الحرب

الغدير و مثيرو الحرب

لم يبادر الإمام أيّام خلافته بأيّة حرب ابتداء(1)، بل كانت كُلّ حروبه قد فُرضت عليه، وأوّلها حرب الجمل، والتي ما إن وضعت أوزارها وهُزم جندها حتى هرب الذين أشعلوا فتيلها واختبأوا في حجرات إحدى الدور في موضع من البصرة، فتوجّه أمير المۆمنين سلام الله عليه في كوكبة من جنوده إلى ذلك المحلّ حتى انتهى إلى الحجرة التي كانت فيها عائشة فعاتبها أولاً قائلاً لها:

أبهَذا أمَركِ اللهُ أو عَهَدَ بهِ إلَيكِ رسولُ الله صلَّى الله عليه وآله؟(2)

ثم أمرها بالتهيّۆ لإرجاعها إلى المدينة.

يروى أنّه سلام الله عليه قبل أن ينتهي إلى الحجرة التي كانت فيها عائشة تظاهرت نسوة المحاربين الذين خسروا المعركة وهتفن بشعارات في وجه الإمام مناديات: «هذا قاتل الأحبّة». وكذلك لما أراد الامام أن يهمّ بمغادرة المكان واصلن التظاهر والهتاف ضدّه بالشعار نفسه، حينها توقّف هنيئة ثم عاد وقال جملة واحدة فقط سكتن كلّهن على أثرها. لقد قال لهن:

لَو قَتَلتُ الأحبّةَ لَقَتَلتُ مَن في تلكََ الدَّار!وأومأ بيده إلى ثلاث حجر في الدار(12).

لو أنّ الغدير قد حكم الأمّة طيلة الثلاثين سنّة من عمر الإمام بعد الرسول صلى الله عليه وآله، لنعمنا بظلّها إلى الآن، ولما شهدنا كلَّ هذه الويلات والمحن منذ ذلك الحين حتى يومنا هذا وإلى أن يظهر أمر الله في خلقه

وتلك الحُجَر كان قد اختبأ فيها مشعلو الحرب. فبالرغم من أنّ عائشة قد ألّبت على الإمام حتى فرضت عليه الحرب، وبالرغم من أنّها ومن خرج معها قد خسروا الحرب وانهزموا وتلبّدوا، إلا أنّ الإمام اكتفى بعتابها فقط ثم أمر بعد ذلك بإرجاعها إلى المدينة، وأمر أن لا يتمّ تعقيب قادة الجيش المعادي فضلاً عن أن يعدمهم أو يسجنهم أو ينفيهم أو يحاكمهم!

إننا لم نعهد تعاملاً من هذا القبيل في تاريخ البشر، بل لم نعهده حتى في هذا اليوم خصوصاً في تلك الدول التي ترفع شعار الحرّية وحقوق الإنسان، فتجدهم ما إن ينتصروا في معاركهم الباطلة ويقبضوا على رۆوس الجهة المعادية حتى يسجنوهم أو يحيلوهم إلى محاكم خاصّة واصفيهم بمجرمي الحرب أو الخونة والمتآمرين وقد يعدمونهم.

نعم، لمثل هذا قلنا: لو أنّ الغدير قد حكم الأمّة طيلة الثلاثين سنّة من عمر الإمام بعد الرسول صلى الله عليه وآله، لنعمنا بظلّها إلى الآن، ولما شهدنا كلَّ هذه الويلات والمحن منذ ذلك الحين حتى يومنا هذا وإلى أن يظهر أمر الله في خلقه.

المصادر:

(1) روى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن حميد، عن عبد الرزاق، قال: وخطب علي رضوان الله تعالى عليه بخطب ذوات عدد، وذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وآله إياه بقتالهم، وقال: اعتقاد المسلم فيما بينه وبين الله تعالى أنّ أمير المۆمنين عليّاً عليه السلام كان محقّاً، مصيباً في قتال المنافقين والقاسطين والمارقين بأمر رسول الله صلى الله عليه وآله خلاف الخوارج. قال: وهذا مما يجب على المسلم معرفته واعتقاده. نظم درر السمطين للزرندي: ص117.

(2) راجع أمالي المفيد: ص14 مجلس3، ح8.

(3) انظر تفسير فرات الكوفي: ص111 ح113 الآية69 من سورة النساء.


فضل الغدير علي الحرّية اليوم 

  لو تحقّق الغدير 

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)