• عدد المراجعات :
  • 433
  • 10/9/2011
  • تاريخ :

الامام الرضا(ع)..مدرسة للعطاء والتضحية

الامام الرضا(ع)..مدرسة للعطاء والتضحية

يعيش العالم الاسلامي هذه الايام فرحة ذكرى مولد النور لعالم آل البيت عليهم السلام أجمعين، الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام الذي عرف ب"غريب طوس" والذي يصادف اليوم  11 ذي القعدة، بكل ما تعنيه الغربة لدى مولانا الامام الرضا(ع) ،أنها غربة النفس عن الأطهار والأخيار والمصطفين الأبرار عليهم ألاف التحية والسلام تلك  الغربة التي فرضت عليه فرضاً من قبل الخليفة العباسي المأمون،  الغربة والابتعاد عن خير الخلق كلهم جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

رغم ذلك فقد تألق نجم آل البيت عليهم السلام بعطائه وتضحياته  وتأثيره في كل الواقع الانساني العام والاسلامي خاصة ، حيث ملأ أبو الحسن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام وهو ثامن الأئمة الهداة ،الكون نوراً منذ اللحظة الأولى من ولادته المباركة وذلك يوم  11 ذي القعدة من سنة 148 وقيل سنة 153 للهجرة في المدينة المنورة حيث استمرت امامته 20 سنة  حتى استشهد في 17 صفر من سنة 203 للهجرة وعمره 55 سنة ، بعد ان دس له المأمون العباسي السم بيده ودُفِنَ بمدينة طوس (مشهد المقدسة الواقعة في شمال شرق ايران)..

وقد أشرقت الأرض بمولد الامام علي الرضا عليه السلام، فقد وُلد خَيرُ أهل الأرض، وأكثرهم عائدة على الاسلام. وَسَرَتْ موجاتٌ من السرور والفرح عند آل النبي صلى الله عليه وآله، وقد استقبل والده الامام الكاظم عليه السلام النبأ بهذا المولود المبارك وسماه باسم جده الامام أمير المؤمنين على عليه السلام تَبَرُّكاً وَتَيَمُّناً بهذا الاسم المبارك، والذي يرمز لأَعظَم شَخصيةٍ خُلِقَت فِي دنيا الاسلام بعد النبي صلى الله عليه وآله، والتي تَحلَّت بِجميع الفضائل.

واستمر هذا العطاء الفياض بالخير والبركة على المسلمين والعالم الاسلامي ينبع بعلمه وخلقه وحكمته البالغة ومواقفه الرسالية الجليلة ضد الطغيان والاستبداد والفساد السياسي والأخلاقي ورفع أركان الاسلام من جديد بعد أن حاول بني العباس القضاء على النور الامامي تحت يافطة ولاية العهد ولكن الله سبحانه وتعالى اراد أن يتم نوره باشعاع نور الامام علي الرضا(ع).

لقد كانت حياة الامام الرضا (ع) فاتحة مرحلة جديدة من حياة الشيعة حيث خرجت بصائرهم وأفكارهم من مرحلة الكتمان الى الظهور والاعلان، ولم يعد الشيعة من بعد ذلك العهد طائفة معارضة في مناطق خاصة، بل أصبحوا ظاهرين في كل بلاد، وكان (ع) بمثابة قرآن ناطق، في خُلقه وعلمه ومكرماته وكان (ع) يمثل هذا النور بكل وجوده، وكان قلبه يستضيء بنور الله عزوجل، فأحبه سبحانه وتعالى ونوّر قلبه بضياء المعرفة وألهمه من العلوم ما ألهمه، وجعله حجة بالغة على خلقه وهكذا أناب الامام الرضا (ع) إلى ربه فوهب البارئ له ما شاء من الكرامة والعلم، لقد زهد في الدنيا واستصغر شأنها، ورفض مغرياتها، فرفع الله عزوجل الحجاب بينه وبين الحقائق لأن حب الدنيا رأس كل خطيئة، وهو حجاب سميك بين الانسان وبين حقائق الخلق.

وأعظم الزهد زهده في الخلافة، بالطريقة التي عرضها عليه المأمون العباسي، فإن من الناس من يزهد في الدنيا طلباً لما هو أعظم من متاعها، حتى شهد له أعداؤه في شأن الخلافة. ما رأيت الملك ذليلاً مثل ذلك اليوم من خلال موقف الامام علي الرضا(ع) المشرفة.

وكان (ع) في قمة التواضع وحسن المعاشرة مع الناس، وقد فاضت من هذه النفس الكريمة تلك الأخلاق الحسنة، وكان عظيم الحلم والعفو، وسيرته تشهد بذلك وكتب التاريخ غنيةً بذلك.

لقد عاش الامام الرضا (ع) في عصر ازدهرت فيه الحضارة الاسلامية، وكثرت الترجمة لكتب اليونانيين والرومانيين وغيرهم، وازداد التشكيك في الأصول والعقائد من قبل الملاحدة وأحبار اليهود، وبطارقة النصارى، ومجسمة أهل الحديث. وفي تلك الأزمنة أتيحت له (ع) فرصة المناظرة مع المخالفين على اختلاف مذاهبهم، فظهر برهانه وعلا شأنه. ويقف على ذلك من اطلع على مناظراته واحتجاجاته مع هؤلاء (جمع الشيخ الطبرسي قسما من هذه الاحتجاجات في كتابه الاحتجاج 2: 170 - 237).

وكان الامام علي الرضا(ع) أفضل الناس في زمانه وأعلمهم وأتقاهم وأزهدهم وأعبدهم وأكرمهم وأحلمهم وأحسنهم أخلاقاً، وكان يجلس في حرم النبي (ص) في الروضة والعلماء في المسجد فاذا عسرت على أحد منهم مسألة أشاروا وبعثوا إليه بالمسائل فيجيب عنها وقد جمع له المأمون جماعة من الفقهاء في مجالس متعددة فيناظرهم ويغلبهم حتى أقر علماء زمانه له بالفضل.

كان والده الامام موسى بن جعفر (ع) يقول عنه لبنيه وأهل بيته: هذا عالم  آل محمد. وقد جمع بعض أصحابه 15 ألف مسألة من المسائل التي سئل عنها الرضا (ع) وأجاب عنها ولما وصل نيشابور( شمال شرق ايران) عندما اجبره المأمون العباسي الذهاب من الحجاز الى "مرو" (عاصمة خراسان آنذاك حيث سميت فيما بعد بمدينة مشهد المقدسة) التمس منه أهالي نيشابور أن يحدثهم فأخرج رأسه من الهودج الذي كان على ظهر الراحلة التي يركبها فقال عليه السلام:حدثني أبي موسى الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه على زين العابدين عن أبيه الحسين عن أبيه الحسين شهيد كربلاء ، عن أبيه علي بن أبي طالب ، أنّه قال: حدّثني حبيبي وقرّة عيني رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، عن جبرائيل أنّه قال: سمعت ربّ العزّة سبحانه يقول:" كلمة لا إله إلاّ الله حصني ، ومن قالها دخل حصني ، ومن دخل حصني أمن عذابي".

فلمّا مرّت الراحلة نادانا:" بشروطها وأنا من شروطها"، والمقصود بأنّه إمام من قبل الله عزّ وجل على العباد ، مفترض الطاعة عليهم – حديث السلسة الذهبية.

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)