• عدد المراجعات :
  • 326
  • 9/26/2011
  • تاريخ :

سيرة الشهيد السيد علي أندرزگو

شهید اندرزگو

الشهيد السيد علي أندرزگو قام بدور مشهود في دفع عجلة الثورة الإسلامية للأمام.

فلقد كان مجاهداً لا يشق له غبار، واصل طريق النضال الدامي تحت راية ولي الأمر حتى النهاية دون أدنى ارتباط بالتنظيمات الملحدة والالتقاطية، وكان واحداً من حُداة ركب هذه الحركة الإلهية بلا مراء، وله دَيْن عظيم في عنق الشعب الإيراني المسلم.

كما كان قائداً عظيماً زلزل بأقدامه الراسخة واسمه المهيب عرش النظام الملكي الأجوف، وكان طالباً عالي الهمة من طلبة العلوم الدينية، وفدائياً مؤمناً، ومصداقاً بارزاً لقول أمير المؤمنين علي (عليه السلام) "في الأرض مجهولون، وفي السماء معروفون".

لقد كان أخاً فدائياً ومضحياً، ومرشداً حريصاً، ورفيق خندق شجاعاً ومقداماً للتنظيمات الإسلامية والمجاهدة، كما كان مقلداً مطيعاً للإمام وتابعاً صادقاً للقائد، وكان شهيداً ضحى بكل حياته على طريق الجهاد في سبيل الله، ومصداقاً حقيقياً للمهاجر إلى الله.

ولا شك أن رعايته التامة لقواعد التخفي وأصول التحفظ في سلوكه مع كافة أصدقائه وحتى مع أفراد أسرته، فضلاً عن استخدامه للعديد من الأسماء المستعارة لدى مواكبته وتعاونه مع التنظيمات المختلفة داخل وخارج البلاد تُعدّ كلها من الأدلة المهمة والأساسية على استحالة التاريخ الكامل لهذه الأسطورة المجاهدة.

كما يمكن إضافة أمور أخرى لهذه الأدلة ومن أبرزها فشل السافاك في اللحاق به والقبض عليه، ومن ثم اضطراره لتدريج التحليلات الخاطئة والناقصة والمتهافتة حول شخصيته الفذة. 

الميلاده المبارك

كان ميلاده في شهر رمضان المبارك عام 1316هــ ش (1357هــ ق) بينما المؤمنون متحلقون حول المائدة الإلهية ملبّين نداء "دعيتم إلى ضيافة الله" حيث كانت إيران والإسلام والمسلمون ولا سيما الشيعة يعانون أشد الضغوط في نطاق العداء السافر للإسلام والتدين الذي شنّه حكام ذلك الزمان مستهدفين علماء الشيعة الذين كانوا مشعل الهداية وحاملي لواء مجابهة الطواغيت على مر الزمان.

ففي تلك السنوات التي مثّلت مرحلة الاستبداد المطلق لرضا خان بهلوي كان الالتزام بأحكام الدين والقرآن سبباً للابتلاء بالمشاكل والمصائب المختلفة. كما كان ذلك أمراً بالغ الصعوبة بالنسبة للسيدات المؤمنات العفيفات اللائي فرض عليهن رضا خان قانون السفور.

وفي تلك الظروف كانت عائلة السيد أسد الله اندرزو [اندرزوّر] التي تعيش في حي من أحياء جنوب طهران تنتظر وليداً لها. وبعد طول انتظار جاء الوليد ليلة الثامن عشر من شهر رمضان المبارك، وفتح ابن آخر من سلالة آل رسول الله (ص) الطاهرة عيونه على العالم. ولأن الميلاد تزامن مع أيام شهادة أمير المؤمنين علي (ع) فقد أطلق على المولود اسم "علي".

نعم، فلقد خلّد المولود الذي طرق أبواب الدنيا في تلك الليلة اسم عائلة اندرزگو في تاريخ العالم بأسره وليس في تاريخ إيران وحسب. وهذا الابن لم يستخدم هذا الاسم على مدى أعوام متمادية بسبب لعبة الأقدار، وعاش في وحدة واغتراب، حتى لقد كان من المحذور والمتعذر عليه استخدام اسم "السيد علي" في داخله منزله.  

العائلة

كان والده السيد أسد الله يشتغل بالبناء في البداية، ثم ما لبث أن تحول إلى بيع الأمتعة المتفرقة في ميدان شوش بجنوب طهران، وكان يعاني شظف العيش بسبب ما ألمّ به من إفلاس، لقد كان هو وعائلته من المحبين الراسخين لأهل بيت العصمة والطهارة، وقد رُزق سبعة أبناء، أربعة من الذكور وثلاثاً من الإناث، وكان السيد علي آخر العنقود.  

الدراسة

لاحت علامات النبوغ على سيمائه منذ طفولته المباركة، وكانت تصرفاته دليلاً على ذكائه الوقاد الذي وهبه الله إياه. وكسائر أقرانه فقد التحق بالمدرسة في سن السابعة، وسجل اسمه في مدرسة "فَرّخي" الابتدائية الواقعة بالمنطقة التي يسكن بها. غير أنه ترك الدراسة بعد إنهاء المرحلة الابتدائية بسبب العوز والفقر الذي كانت تعاني منه عائلته، وتحول للعمل في (البازار) للمساعدة في تدبير أمور العائلة.

ولكن السيد علي الذي كان يعدّ نفسه لخوض ساحة جهاد واسعة بقدر اتساع إيران، وأداء رسالة كبرى، ولم يكن يرى في الدراسة التقليدية على ما كانت عليه في ذلك الزمان عاملاً مساعداً على ذلك، انضم إلى صفوف مسجد منطقته لدراسة العلوم الحوزوية، فتتلمذ على يدي عدد من الأساتذة من قبيل حجج الإسلام السيد البروجردي والميرزا علي الأصغر الهرندي، وتوفر في تلك الفترة على دراسة جامع المقدمات، وتحف العقول، ونهج البلاغة، والفقه والأصول، وسواها من العلوم الدينية. وبعدما واجه من ظروف في أعقاب الإعدام الثوري لحسن علي منصور، فإنه عاش فترة في مدينة قم، ثم توجه إلى النجف الأشرف، ثم عاد مرة أخرى لمواصلة الدراسة بالحوزة العلمية في قم. وفي تلك الفترة درس التفسير والأخلاق لدى آية الله المشكيني، وآية الله مكارم الشيرازي، كما درس القوانين واللمعة لدى آية الله الدوزدوزاني. ولكن السيد علي أندرزگو الذي كان يدرس في الحوزة العلمية في قم تحت اسم مستعار هو الشيخ عباس الطهراني لم يلبث أن اكتشف أمره بسبب ما كان يمارسه من نشاطات، فنزع لباسه الديني وتوجه إلى منطقة "چيدر" في طهران وأخذ في مواصلة دروسه الحوزوية في المدرسة التي كان قد أسسها حجة الإسلام السيد علي الأصغر الهاشمي وكأن القدر كان له بالمرصاد، فعاد إلى حياة الاغتراب، ثم ما لبث أن جاور حرم الإمام الرضا (ع) في مشهد بعد عدة سفرات شاقة إلى أفغانستان وغيرها.

وفي مشهد دأب الشهيد اندرزگو على حضور دروس المرحوم أديب النيشابوري الذي تتلمذ على يديه لمدة خمس سنوات كما تقول زوجة الشهيد، كما حضر دروس السيد الموسوي التي كان يلقيها في حسينية الاصفهانيين الكائنة في بازار "سرشور".

وتدل قائمة الكتب الخطية والقديمة التي ضبطها السافاك لدى الشهيد اندرزگو على دقته المتناهية وحبّه الجم للدراسة، حتى أن الكتب الكثيرة التي كان يشتريها مع انهماكه في النشاط الجهادي كانت مثار دهشة وتعجب بعض المرتبطين به. كما تميز الشهيد بحبه الشديد للشعر ولا سيما الأشعار الدينية، وأقبل كذلك على التدريس رغم انشغاله بالتبليغ والدراسة، حيث كان يدرس اللغة العربية لبعض الطلبة في مدرسة "چيدز" وكذلك في المساجد الواقعة في بازار "سرشور" في مشهد.  

أعماله

وكما ورد آنفاً، فإن الشهيد اندرزگو ترك الدراسة بعد إتمام المرحلة الابتدائية وفضّل العمل من أجل مد يد العون لوالده الذي كان يعاني الكثير في الحصول على لقمة العيش للعائلة، فذهب السيد علي للعمل لدي أخيه السيد حسن الذي كان يملك محلاً للنجارة في بازار طهران وواظب على ذلك لمدة عشر سنوات ولم يترك عمله كنجار إلاّ بعد التحاقه بالفرع العسكري للجمعيات المؤتلفة، واستمر في نشاطه الجهادي وعمله النضالي من أجل إسقاط نظام الشاه الجائر حتى آخر أيام حياته. غير أنه، ونظراً لارتباطه بالجماهير، كان عليه أن يتخذ له مهنة هدفاً للتمويه على نشاطاته، ومن هذه المهن والاشغال:

قارئ للشعائر الحسينية، وبائع للمسابح والأختامن وبائع لمواد العطارة، وممارسة الطب التقليدي، ومقاول للبناء، وبائع للسجاجيد، وما إلى ذلك.

ولقد وصلت تمويهاته في اشتغاله بالمهن المتعددة درجة استطاع بها حتى التمويه على أقربائه والمحيطين به، لدرجة أن أحد المرتبطين به تحدث عنه في لقاء مع مجلة "سروش" بعد انتصار الثورة الإسلامية على أنه من تجار البازار وبائع للشاي!  

الزواج

في البداية وفي أوائل عام 1343هــ ش، وفي الربيع السابع والعشرين من عمره، ذهب السيد علي إلى منزل الحاج رضا خواجه محمد علي ليخطب ابنته بناءً على توصية خاصة من الشهيد الحاج مهدي العراقي. وبعد إتمام مراسم الزواج، انتقلت الزوجة إلى بيت والد زوجها لبدء الحياة الزوجية. غير أن هذا الزواج لم يدم إلا لبعضة أشهر، فبعد تنفيذ خطة اغتيال حسن علي منصور اضطر الزوج للحياة في الخفاء، وتعرضت الزوجة ووالدها لأبشع أنواع الإهانات والاستجواب، وطالبتهما السلطات بتسليم الزوج أو الكشف عن مكان اختفائه، وكان الأقدار قد أبت إلا وأن تنتهي هذه الحياة الزوجية الجديدة، وكان على السيد علي أن يختار بين مواصلة طريق الجهاد مع رفقاء الدرب أو الإعلان عن نفسه والذهاب إلى مشنقة الاعدام.

ومن البديهي أن الزوجة لم تكن لتوافق على مغادرة زوجها لخندق الجهاد، وذلك لأنها هي الأخرى كانت قد نشأت في أكناف أسرة مجاهدة، ومع أن الافتراق كان أمراً عسيراً عليها إلا أنها رضخت لمشيئة القدر، وانتهى المطاف بالطلاق بدون أولاد. ولم تلبث الزوجة أن استلمت بقلب دامٍ ورقة الطلاق التي جاءتها في البريد.

ولما وجد السيد علي أندرزگو أن حياته تسير من السيء إلى الأسوá وكذلك حياة أفراد عائلته وأقربائه الذين تعرضوا بسببه إلى الملاحقة والاعتقال والمراقبة، فإن حجة الإسلام الموسوي إمام جماعة مسجد چيذر العلمية قد توسطا له بعد سبع سنوات من التخفي والتشرد وأرسلاه تحت اسم مستعار هو الشيخ عباس الطهراني إلى منزل السيد عزة الله سيل سپور لخطبة ابنته ولتكون له رفيق حياة لمواصلة طريق الجهاد. وكما تقول زوجة الشهيد اندرزگو، فإن السيد علي بعث بعدد من السيدات المؤمنات في منطقة چيذر إلى بيت شريكه المستقبل ليقمن بالحديث في شأن الخطبة والإعداد لمقدمات الزواج، حيث كان من التقاليد السائدة ضرورة ذهاب عائلة العريس إلى بيت العروس للقيام بهذه المهمة. ولم يلبث الزواج أن تم في بساطة ويسر وبلا ضجة ولا ضوضاء. وكانت ثمرة هذا الزواج أربعة أبناء ذكورهم: السيد مهدي، والسيد محمود، والسيد محسن، والسيد مرتضى.  


سيرة الشهيد  صياد الشيرازي 

صلاة الجماعة في السجن

سيرة الشهيد مصطفي شمران

الشهيد محمد علي رجائي

الشهيد محمد جواد باهنر

آية الله مطهري...القطب الثاني للثورة

سيد مرتضي آويني

طباعة

أرسل لصديق

التعلیقات(0)